• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة الملك كاملة

تفسير سورة الملك كاملة
رامي حنفي محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/2/2021 ميلادي - 2/7/1442 هجري

الزيارات: 58352

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

تفسير سورة الملك كاملة


من الآية 1 إلى الآية 4: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾: أي كَثُرَتْ خيرات الله تعالى على خَلْقه، وعَظُمَتْ قدرته ومُلكه، فهو الذي بيده مُلك الدنيا والآخرة والتصرف فيهما، وأمْره وقضاؤه نافذان فيهما ﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ لا يُعجزه شيء، (وفي الآية إثباتُ اليَدّ لله سبحانه وتعالى، كما يليق بجلاله وكماله وعظمته، مِن غير أن نُشَبِّه يد الله تعالى بيَد المخلوق، لأنه سبحانه ليس كمثله شيء، ولا يُشبِه أحداً مِن خَلْقه، وكل ما دارَ ببالك فاللهُ تعالى بخِلاف ذلك)، وهو سبحانه ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ﴾ (فكُلّ حَيٍّ يَعيش بالحياة التي خلقها الله، وكل مَيّت يموت بالموت الذي خلقه الله)، (ولَعَلّ اللهَ تعالى قدَّمَ ذِكر الموت على الحياة، لأن الموت هو أكبر واعظ للإنسان)، وقد قدَّرَ سبحانه ذلك ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ أي لِيَختبركم أيُّكُم أتقنُ له في الطاعةً وأحسنُ في العمل الصالح (وهو كلّ ما كانَ خالصًا للهِ تعالى، وموافقًا لِمَا كان عليه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم)، ﴿ وَهُوَ ﴾ سبحانه ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ الذي لا يَمنعه مانع مِمَّا أراد، القادرُ على الانتقام ممن أشرك به وعصاه، ومع ذلك فهو ﴿ الْغَفُورُ ﴾ لكل مَن تاب إليه وطَلَبَ رضاه، (ولو تيَقَّنَ العُصاة والمُشرِكونَ بهذا، ما أصَرُّوا على ضَلالهم، ولَسارَعوا بالتوبة إلى ربهم).

 

♦ وهو سبحانه ﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا ﴾ أي خَلَقَ سبع سماوات متناسقة، بعضها فوق بعض (واعلم أن مَعنى كلمة (طباق) أي طبقة فوق طبقة، بحيثُ لا تلمس أحدهما الأخرى)، ﴿ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ﴾ أي لا ترى - أيها الناظر في مُلك الله - خللاً في خَلْق الرحمن (بل كل شيءٍ قد وُضِعَ في مَوضعه المناسب له)، ﴿ فَارْجِعِ الْبَصَرَ ﴾ يعني: فأعِد النظر إلى السماء: ﴿ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ﴾؟! يعني هل ترى فيها مِن شقوق؟!﴿ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ﴾ أي: ثم أعِد النظر مرة بعد مرة: ﴿ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا ﴾ أي يَرجع إليك البصر ذليلاً لا يرى نقصًا في خَلْق الله تعالى، ﴿ وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ يعني: والبصر قد تعب من كثرة النظر، ويَئِسَ مِن أن يجد خللاً في خَلْق المَلِك القدير جَلَّ وعَلا.

 

الآية 5: ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا ﴾ (وهي السماء القريبة من الأرض)، فقد زيّنَها الله للناظرينَ إليها ﴿ بِمَصَابِيحَ ﴾ (وهي النجوم المضيئة)، ﴿ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ﴾ أي جَعَلنا النجوم حِفظاً للسماء مِن الشياطين (إذ كانوا يُرجَمونَ بالشُهُب - التي هي من جُملة النجوم - إذا حاولوا الوصول إلى السماء ليَعلموا شيئاً من الغيب الذي تتحدث به الملائكة، حتى يَنقِلوه إلى أوليائهم من السَحَرة)، ﴿ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِير ﴾ أي أعددنا للشياطين عذاب النار المُستعِرة (أي الموقدة)، إذ يدخلونها في الآخرة، ليُعانوا مِن شدة حَرّها.


من الآية 6 إلى الآية 11: ﴿ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ﴾ يعني: وللجاحدين (الذين جَحَدوا توحيد خالقهم واستحقاقه وحده للعبادة)، أولئك لهم عذاب جهنم ﴿ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ أي: وقَبُحَ ذلك المَرجع الذي صاروا إليه (وهو جهنم)،﴿ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا ﴾ يعني إذا ألقَتهم الملائكة في جهنم: ﴿ سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا ﴾ أي سمعوا لها صوتًا فظيعاً ﴿ وَهِيَ تَفُورُ ﴾أي تغلي غليانًا شديدًا،﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ﴾: أي تكاد جهنم تتمزق مِن شدة غيظها على الكافرينَ والمُصِرّين على المعاصي، غضباً لربها سبحانه وتعالى، وهذا جندي واحد فقط من جنود الله تعالى (ما أعظمك يارب!)، ﴿ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ ﴾ أي كلما أُلقِيَ فيها جماعة من الناس: ﴿ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا ﴾ (وهم الملائكةُ الغِلاظ الشِداد المُكَلَّفون بتعذيبهم في النار)، فسألوهم - على سبيل التأنيب -: ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾؟! يعني ألم يأتكم في الدنيا رسولٌ يُحَذركم هذا العذاب الذي أنتم فيه؟!، فـ﴿ قَالُوا ﴾ - مُعترفينَ بذنبهم -: ﴿ بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ ﴾ أي جاءنا رسولٌ مِن عند الله وحَذَّرَنا، ﴿ فَكَذَّبْنَا ﴾ به، ﴿ وَقُلْنَا ﴾ له - عندما جاءنا بالآيات من عند الله -: ﴿ مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾ يعني: ما نَزَّل الله على أحدٍ من البشر شيئًا، وقلنا: ﴿ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴾ يعني ما أنتم - أيها الرُسُل - إلا في ضلالٍ بعيد عن الحق والصواب،﴿ وَقَالُوا ﴾ - نادمينَ مُتحسرين -: ﴿ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ﴾: يعني لو كنا نسمع سماع مَن يطلب الحق، أو نفكر فيما يدعونا إليه الرُسُل: ﴿ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ أي ما كنا في جُملة أهل النار الموقدة،﴿ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ ﴾ الذي استحقوا به عذاب النار (ولكنْ حينَ لا ينفع الندم)، ﴿ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ أي بُعدًا لأهل النار عن رحمة الله تعالى.

 

الآية 12: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ﴾ يعني: إنّ الذين يخافون أن يَعصوا ربهم - وهم غائبون عن أعين الناس، ولا يراهم أحدٌ إلا الله - أولئك ﴿ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ﴾ لذنوبهم، ﴿ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ وهو الجنة.

 

من الآية 13 إلى الآية 18: ﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ﴾ يعني: وأخفوا قولكم - أيها الناس - سراً فيما بينكم، أو تكَلَّموا به بصوت مرتفع، فهما عند الله سواء (لأنه سبحانه يتساوى عنده السر والعلانية) ﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ أي عليمٌ بكل ما تُخفِيهِ الصدور من النِيَّات والخواطر (فكيف تَخفى عليه أقوالكم وأعمالكم؟!)﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ﴾؟! يعني كيف لا يَعلم سبحانه خَلْقه وشؤونهم، وهو الذي خَلَقَهم وخَلَقَ قلوبهم التي في صدورهم؟!، ﴿ وَهُوَ اللَّطِيفُ ﴾ أي الرفيق بعباده (مؤمنهم وكافرهم، طائعهم وعاصِيهم)، بدليل أنهم يعصونه وهو يرزقهم ولا يُعَجِّل لهم العقوبة، ﴿ الْخَبِيرُ ﴾ بأعمالهم وبما يُصلِحهم، فـ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ﴾ أي جَعَلها مُسَخَّرةً لكم - رغم ضخامتها واتساعها - وجعلها مُمَهَّدةً لتمشوا فوقها وتستقروا عليها، ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ﴾ أي امشوا في نواحيها وجوانبها، ﴿ وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ (الذي يُخرجه سبحانه لكم مِن هذه الأرض)، وهذا يُعَلِّمنا الأخذ بالأسباب والسعي في طلب الرزق، إذ لم يقل سبحانه: (كلوا من رزقه) فقط، ولكنه قال: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ)، ﴿ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ يعني:وإليه وحده أمْر إحيائكم من قبوركم للحساب والجزاء (فإنّ هذا يسيرٌ على الله تعالى، إذ هو الذي ابتدأ خلْقكم، وهو القادرُ على إعادتكم أحياءً بعد موتكم)، فتذَكَّروا هذا حتى لا تركَنوا إلى الدنيا وتنسوا الآخرة، (وفي الآية دليل على قدرة الله تعالى وعنايته بمصالح خلقه، وأنه وحده الذي يَستحق أن يَعبدوه).

 

♦ ثم أخبَر اللهُ عباده أنّ الذي سَخَّرَ لهم الأرضَ لمنافعهم، قادرٌ على أن يَنزع ذلك التسخير ويُسَلِّطها عليهم، إذا عصوا أمْره ولم يشكروا نعمه، فقال:﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ﴾؟ يعني هل أمِنتم - أيها العُصاة - اللهَ الذي فوق السماء أن يَخسف بكم الأرض كما فعل بقارون؟ ﴿ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾ يعني فإذا هي تتحرك بكم بشدة - وأنتم بداخلها - حتى تهلكوا؟﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ﴾؟ يعني أم أمِنتم اللهَ الذي فوق السماء أن يُمْطِركم بحجارةٍ من السماء فتقتلكم؟، ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ يعني فستعلمون حينئذٍ كيف كانَ عاقبة تحذيري لكم (ولكنْ حين لا يَنفعكم ذلك العلم)، (وفي الآية إثبات صفة العُلُوّ لله تعالى، كما يليق بجلاله وكماله وعظمته، فهو سبحانه على عرشه، فوق جميع خلقه)،﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ أي الذين مِن قبل كفار "مكة" - كقوم نوح وعاد وثمود - فقد كَذَّبوا رُسُلهم ﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾؟! يعني فكيف كان إنكاري على تكذيبهم؟، وكيف كان تغييري للنعم التي سَخَّرتُها لهم؟ (والاستفهام للتقرير) أي كان إنكاري عليهم عظيماً بالعذاب والهلاك، (وفي الآية تصبير للرسول صلى الله عليه وسلم على ما يَلقاهُ من أنواع التكذيب والعِناد والجحود مِن قومه).

 

الآية 19: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ ﴾؟! يعني أغَفِل هؤلاء المُشرِكون عن قدرة الله ورحمته، فلم يَنظروا إلى الطير فوقهم وهم باسطاتٌ أجنحتها عند طيرانها في الهواء ﴿ وَيَقْبِضْنَ ﴾ يعني: ويَضمُمنَ أجنحتها إلى جُنوبها (دونَ أن ترفرف بها)، فمَن يُمسِكها إذاً حتى لا تقع؟! ﴿ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ﴾: أي ما يَحفظها من الوقوع عندئذٍ إلا الرحمن (الذي وسعتْ رحمته كل شيء، والذي يَستحق العبادة وحده) ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾ إذ يَرى سبحانه جميع مخلوقاته ويُدَبِّر أمورهم (سواء الطائر في السماء، أو الغائص في الماء، أو الماشي في ظُلمة الصحراء).

 

الآية 20: ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ ﴾؟! يعني: بل مَن هذا الذي هو مُعِينٌ لكم - في زعْمكم أيها الكافرون - ليُنقذكم من الرحمن إنْ أراد بكم سُوءًا؟! أو: مَن الذي ينصركم على أعدائكم غير الرحمن؟! لا أحد، ﴿ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ﴾أي: ما الكافرون - في زَعْمهم هذا - إلا في خِداعٍ وضلال من الشيطان، إذ قال لهم: (إنّ آلهتكم تشفع لكم عند ربكم وتُقَرِّبكم إليه)، وهذا باطلٌ لا دليلَ عليه.

 

الآية 21: ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ﴾؟! يعني: بل مَن هذا الذي يَرزقكم - من السماء أو الأرض أو البحر - إنْ أمسَكَ الله رزقه ومَنَعَه عنكم؟! لا أحد، ﴿ بَلْ ﴾ إنهم لم يتأثروا بتك المواعظ والعِبَر، ولكنهم ﴿ لَجُّوا ﴾ أي استمروا في طغيانهم وضَلالهم ﴿ فِي عُتُوٍّ ﴾ أي في مُعاندةٍ واستكبار ﴿ وَنُفُورٍ ﴾ أي تباعد عن الحق، لا يريدون سَماعه (لأنه لا يتوافق مع شهواتهم الرخيصة).

 

الآية 22: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى ﴾ يعني أفمَن يَمشي مُنَكِّساً رأسه (تائهاً، لا يدري أين يذهب)، فهل هذا أشد استقامةً وأكثر هدايةً ﴿ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾؟!يعني أم الذي يمشي معتدلاً مستقيماً على طريق واضح لا اعوجاج فيه؟!، (وهذا المَثَل قد ضربه الله تعالى للكافر (الذي يمشي في ظلمات الجهل والضلال والتقليد الأعمى بغير دليل)، والمؤمن الذي هو على بصيرةٍ وحُجَّةٍ مِن أمْر دينه، فيمشي في نور العلم والإيمان والاطمئنان بذِكر الله وتوحيده).

 

الآية 23، والآية 24: ﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول - مُذَكِّراً لهؤلاء المُشرِكين بنعم ربهم عليهم -: ﴿ هُوَ ﴾ سبحانه ﴿ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ ﴾ من العدم، ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ ﴾نعمة ﴿ السَّمْعَ ﴾ التي يُميَّز بها بين الأصوات، ﴿ وَالْأَبْصَارَ ﴾ التي يُميَّز بها بين الألوان والأشخاص وجميع الأشياء، ﴿ وَالْأَفْئِدَةَ ﴾ أي القلوب (والمقصود بها نعمة العقل) التي يُميَّز بها بين الخير والشر والنافع والضار، ومع ذلك فـ﴿ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ ربكم على ما أنعم به عليكم (بل تعبدون معه غيره مِن سائر خلقه)،﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ هُوَ ﴾سبحانه ﴿ الَّذِي ذَرَأَكُمْ ﴾ أي خَلَقكم ﴿ فِي الْأَرْضِ ﴾ ونَشَرَكم في أنحائها،﴿ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ بعد موتكم، فتُجمَعون إليه وحده للحساب والجزاء، (إذ القادرُ على خَلْقكم في هذه الأرض: قادرٌ على خَلْقكم في أرضٍ أخرى بعد موتكم).

 

الآية 25، والآية 26، والآية 27: ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾؟ أي: متى يتحقق هذا الحشر والعذاب الذي تَعِدُنا به يا محمد، إن كنت صادقاً أنت ومَن اتَّبعك؟، ﴿ قُلْ ﴾ لهم أيها الرسول:﴿ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾: يعني إنما العلم بوقت قيام الساعة عند الله وحده،﴿ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ ﴾ أي مُخَوِّفٌ لكم من عذاب الله إنْ أشركتم به وعصيتموه، ﴿ مُبِينٌ ﴾ أي أُوَضِّح لكم ما أُرسِلتُ به إليكم.

 

♦ وقد جاءهم العذاب الموعود يوم القيامة﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً ﴾ يعني فلمّا رأوا العذابَ قريبًا منهم يوم القيامة: ﴿ سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ يعني أساءَ الله وجوههم، فتغيّرتْ بالسواد والحزن والكآبة ﴿ وَقِيلَ ﴾ لهم - تأنيباً -: ﴿ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ﴾: يعني هذا هو العذاب الذي كنتم تطلبون تعجيله لكم في الدنيا، (ولَعَلّ اللهَ تعالى عَبَّرَ عن مَجيئ القيامة بصيغة الماضي - مع أنها لم تأتِ بعد - لتأكيد وقوعها في عِلمه سبحانه).

 

♦ ولَعَلَّ الله تعالى قال:(سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)، ولم يقل: (سِيئَتْ وجوههم)، لذمهم بصفة الكفر، التي هي سبب هلاكهم.

 

الآية 28: ﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول لهؤلاء المُشرِكين: ﴿ أَرَأَيْتُمْ ﴾ يعني أخبِروني: ﴿ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ ﴾: يعني إن أماتني الله ومَن معي من المؤمنين كما تتمنون ﴿ أَوْ رَحِمَنَا ﴾ فأخَّرَ آجالنا، وعافانا مِن عذابه، ﴿ فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾: يعنيفمَن هذا الذي يحميكم، ويمنعكم من عذاب الله الأليم، بعدما أشركتم به في عبادته، وكفرتم بآياته الواضحة، واستحققتم عذابه؟! لا أحد، إذاً فبماذا تنتفعون بموتنا وهلاكنا؟!

 

الآية 29: ﴿ قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ ﴾ أي قل لهم أيها الرسول: الذي يَرحمنا وينجينا من عذابه هو الرحمن الذي يدعوكم إلى عبادته وحده، والتقرب إليه بما شَرَع، فقد ﴿ آَمَنَّا بِهِ ﴾ أي صدَّقنا به وعملنا بشرعه، ﴿ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾: يعني عليه وحده اعتمدنا في كل أمورنا، ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾: أي فسوف تعلمون إذا نزل العذاب بكم: أيُّ الفريقين منا ومنكم في بُعْدٍ واضح عن طريق الله المستقيم؟

 

الآية 30: ﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا ﴾: يعني أخبِروني إن صارَ ماؤكم الذي تشربون منه غائراً - أي ذاهبًا في الأرض - لا تصلون إليه بأي وسيلة: ﴿ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾؟! يعني فمَن غيرُ الله تعالى يستطيع أن يأتيكم بماءٍ جارٍ على وجه الأرض ظاهر للعيون؟! لا أحد (إذاً فاعبدوا الله وحده ولا تشركوا به، فإنه سبحانه الخالق الرازق القادر، المُستحِق وحده للعبادة، وأما غيره فلم يَخلق شيئاً ولم يُنعِم بشيء).

 

♦ وفي خِتام سورة المُلك، نحب أن نَذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنّ سورةً من القرآن، ثلاثون آية، شفعتْ لرجل حتى غُفِرَ له، وهي "تبارك الذي بيده الملك") (انظر حديث رقم: 2091 في صحيح الجامع) (وفي رواية أنها خاصمتْ - أي دافعَت - عن صاحبها حتى أدخلته الجنة) (وصاحبها هو المُلازم لقراءتها بتدبر واعتبار).



[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

- واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأوامر العملية في القرآن: من سورة الملك إلى المدثر
  • إعراب سورة الملك
  • ما فسره الإمام الزركشي من سورة الملك
  • تفسير سورة الملك كاملة

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مختصر تفسير سورة الملك من تفسير الطبري (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • معاني أسماء الله الحسنى: {العظيم، الملك، المالك، المليك، مالك الملك}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الآية 8 من سورة الأنعام: (وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ..)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التسمية بقاضي القضاة، ملك الأملاك، ملك الملوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تفسير قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء.....}.(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الجزء الثاني من سورة الملك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الجزء الأول من سورة الملك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تفسير سورة الملك(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب