• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

اسم الله الأعظم

اسم الله الأعظم
أ. د. وجيه يعقوب السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/2/2021 ميلادي - 20/6/1442 هجري

الزيارات: 41120

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(اسمُ الله الأعظم)


أسماءُ الله - تعالى - الحُسنى كلّها ذاتُ معانٍ عظيمة وحسنة بديعة، يجب تعظيمُها وإجلالها وتوقيرها؛ لأنّها تصف ذاتَ إلهٍ عظيم، وربّ رحمنٍ رحيم، جليل الشّأن، جميل الفِعال، وهو الحبيبُ إلى خلقه، القريب المجيبُ لكلّ سائل، ذو الطّوْل والإنْعام، المتجلّي على خلقه جميعًا- مؤمنهم وكافرهم- بالفضل والإحسان، إلّا أنّ هناك بعضَ الأسماء التي تدلّ معانيها على مزيدٍ من معاني الفضل والعظمة والكمال، وتأخذ بتلابيب الرّوح والقلب لتسبحَ في ملكوتِ ذي الجلال والإكرام، الواحدِ الأحد، الفرد الصّمد، الذي لم يلدْ ولم يولد، ولم يكنْ له كفوًا أحد، والله يختصُّ برحمتِه وفضله مَن يشاء، له الحكم كلّه، وله الأمرُ كله، فهو سبحانه قد فَضَّلَ وقتًا على وقت، وشخصًا على آخر، وشعيرةً على شعيرة، فجعل ليلةَ القدر خيرًا من ألف شهر، وجعل فضل نبيّه- صلواتُ ربّي وسلامه عليه- على سائر البشرِ كفضل القمرِ على أهل الأرض، ولذلك وقف العلماءُ طويلًا أمام اسمِ الله الأعظم، الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئِلَ به أعْطى كما جاء في الحديث الشريف؛ حرصًا منهم على التمسك بكلّ سببٍ ووسيلة تقرّبهم مِن موْلاهم، وتُدْنيهم من رحابه، وليس هناك أعظم من التقرّب إليه باسمه العظيم الأعظم والكبير الأكبر.

 

يُروى أنّ أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله، علّمني اسمَ الله الذي إذا دُعِي به أجاب، فقال لها صلّى الله عليه وسلّم: قومي فتوضّئي وادْخلي المسجد فصلي ركعتيْن، ثمّ ادْعي حتّى أسمع، ففعلتْ، فلمّا جلستْ للدّعاء، قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: اللّهم وفّقها، فقالت: اللّهم إنّي أسألك بجميع أسمائك الحسنى كلّها، ما علمْنا منها وما لم نعلم، وأسألك باسمك العظيم الأعظم، الكبيرِ الأكبر، والذي مَن دعاك به أجبتَه، ومَن سألك به أعطيتَه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: أصَبْتِه أصبْتِه. ووردَ في الخبر عن النبي- صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "اسمُ الله الأعظم في هاتين الآيتين:﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163]، وفاتحة آل عمران  ﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 1، 2]، كما رُوِيَ عن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- أنّه سمع رجلًا يدْعو ويقول: اللّهم إنّي أسألك بأنّي أشهدُ أنّك أنت الله، لا إله إلّا أنت، الأحدُ الصمد، الذي لم يلدْ ولم يولد، ولم يكنْ له كفوًا أحد، فقال: والذي نفسي بيدِه، لقد سألَ اللهَ تعالى باسمه الأعظم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعْطى. (انظر: الأسماء والصّفات للبيهقي، والمقصد الأسنى للغزالي).

 

ولا شكّ أنّ هذا يُظهر مدى تعظيمِ الصّحابة لربّهم، ويعكس شدّةَ حرصهم على إجابة دعائهم، متوسّلين إليه بأسمائه الحُسنى وصفاتِه العليا، وفي طليعتِها اسمُه العظيم الأعظم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سئل به تفضّل على خلقِه، وأفاضَ عليهم من جوده وإحسانه، وهو ذو الجودِ والإحسان، الذي عَمَّ فضُله الخلائقَ جميعًا.

 

وللعلماءِ اجتهاداتٌ لطيفةٌ حول اسمِ الله الأعظم، نذكرُها لتكونَ فاتحةَ خيرٍ وبدايةَ رضوانٍ من الله في مقدّمة هذا الكتاب، وعسى أن تكون مفتاحًا لكلّ دعاء وكلّ مناجاة.

 

ذكرَ الفخرُ الرّازي وجوهًا عديدة، منها: أنّه لا يُوجَد اسمٌ معلومٌ بعيْنه هو الاسمُ الأعظمُ، بل إنّ كلّ اسم يَذكر العبدُ به رَبَّه، وهو مُستَغرِقٌ في معرفة الله تعالى، ومنقطعُ الفكر والعقل عن كلّ ما سواه، فذلك هو الاسمُ الأعظم؛ فكلّ اسمٍ ذكرَ العبدُ ربَّه به عارفًا بعظمتِه وقدره، فذلك هو الاسمُ الأعظم، وعلى ذلك فإن كلّ أسمائه عظيمة، وسرَدَ الرازي بعضَ القصص والمواقف التي تؤكّد على هذا المعنى؛ ومن ذلك أنّ رجلًا طلب مِن الإمام جعفر الصّادق أنْ يُعَلِّمه اسمَ الله الأعظم، فطلبَ منه الصادقُ أن يغتسل ويتوضّأ حتّى يعلمه هذا الاسم، فلمّا شرع الرجل في الاغتسال ونزعَ ملابسَه، وكان الجوّ شديدَ البرودة، فلمّا أراد أن يخرج من الحمّام أمرَ الصّادق بعض أصحابِه أن يمنعوه من الخروج، فكان الرجلُ كلّما أراد أن يخرج منعَه الرجال، فتضرّع الرجلُ لهم كثيرًا، وناشدهم أنْ يتركوه ويُخَلُّوا سبيله لكنّهم رفضوا، فلمّا غلب على ظنّه أنّهم يريدون قتله وإهلاكه؛ تضرّع الرجل إلى الله- تعالى- ودعاه أن يخلّصه منهم، فما هي إلّا لحظاتٌ من دعائه وأنينِه حتّى أخرجوه من الماء وألْبَسوه الثّياب، فلمّا عادتْ له قوّتُه ذهب إلى الإمام الصّادق، وقال: الآن عَلِّمْني اسمَ الله الأعظم، فقال الصّادق: يا هذا، إنّك قد تعلّمتَ الاسمَ الأعظم ودعوتَ به وأجابك؛ فإنّ كلّ اسم من أسمائه تعالى يكون في غاية العظمة، إلّا أنّ الإنسان إذا ذكرَ اسمَ الله وكان قلبُه متعلّقًا بغيره لم ينتفعْ به، وإذا انقطع طمعُه من غير الله كان ذلك الاسمَ الأعظم، وأنتَ أيّها الرجل، لمّا غلب على ظنّك أنّ الرجال يريدون قتلك، لم يبقَ في قلبِك تعويلٌ إلّا على فضل الله، ففي هذه الحالة أيّ اسم ذكرته ودعوتَ به، فإنّ ذلك هو الاسم الأعظم.

 

وقريبٌ من تلك القصّة ما رُوِيَ عن موسى عليه السّلام، مِن أنّه اشتكى وجعَ أسنانه فأوحى الله إليه أن يضعَ عشبةً على ضِرْسه، فوضَعَها موسى ثمّ دعا ربّه، وأثنى عليه، فذهب عنه الألم، وبعد مدّة عاود الألمُ موسى، فوضعَ من تلقاء نفسه العشبةَ على أسنانه، فزادَ الوجعُ ولم يتوقّف كما حدث في المرّة السابقة، فناجى موسى ربَّه واستغاثَه قائلًا: إلهي، ألستَ أمرتني بوضْع هذه العشبة على أسناني، ودلَلْتني عليها حتّى يزول وجعي؟ فأوحى اللهُ تعالى إليه: يا موسى، أنا الشّافي، وأنا العافي، وأنا الضّار، وأنا النّافع، قصدتني الكرّةَ الأولى فأزلتُ مرضَك، والآن قصدتَ العشبةَ وما قصدْتني. وهذا يبيّن أنّ الإخلاص في الدّعاء، وصدقَ الالتجاء إلى الله، هو سرُّ إجابة الدّعاء، وسببٌ لتفريج الكرْب والبلاء، وأنّ الاسم الأعظمَ هو ما يملأ قلبَ الدّاعي به رغبة ورهبةً وجلالًا وتعظيمًا.

 

ويُروَى أنّ رجلًا سأل أحدَ الصّالحين عن اسم الله الأعظم، فقال له: اسمُ الله الأعظم ليس له حدٌّ محدود، ولكن فَرِّغْ قلبَك لوجْه الله، فإذا كنت كذلك فاذكرْ أيَّ اسم شئت. وضاع ولدٌ لامرأةٍ فذهبت للإمام الجنيد، تطلبُ منه الدّعاء بأن يردّه اللهُ لها سالمًا، فقال لها: اذْهبي واصْطبري، فمضتْ ثمّ عادت له ثانية، وهي تقول مثلَ ما قالته في المرّة الأولى، ولم يزد الجنيدُ على ما قاله في المرّة السّابقة، وبعد مدّةٍ وقد نفدَ صبرُ تلك المرأة، جاءت باكية، وقالت للجنيد: لقد عِيلَ صبْري، وما بَقِيَتْ لي طاقة؛ فادْعُ لي، فقال لها: إنْ كان الأمرُ على ما ذكرتِ فارْجعي إلى بيتك فستجدينَ ابنَك، فعادتِ المرأةُ إلى بيتها فوجدت ابنَها قد عاد كما أخبرَ الجنيدُ، فشكرتِ الله على عودته، وأرسلتْ للجنيد تشكرُه، فلمّا سُئِلَ الجنيد: بمَ عرفتَ ذلك؟ قال: من قوله تعالى: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النحل: 62]، وعلى هذا، فإنّه كلّما كان انقطاع القلبِ عن الخلق أتمّ؛ كان الاسمُ الذي يَذكر به العبدُ ربَّه - عزّ وجلّ - أعظم.

 

وقال آخرون: إنّ ذلك الاسمَ الأعظم اسمٌ مُحدّد ومُعيّن، لكنّه محجوب عن الخلق جميعًا، وغيرُ معلوم لأحد، وإنّما جُعِلَ الاسمُ الأعظمُ مكتومًا ليصيرَ ذلك سببًا لمواظبة الخلق على ذكر جميع الأسماء، وقد أخفى الله- تعالى- بعضَ الأمور ليكون ذلك أدْعَى للعبد أنْ يَجتهِد في طلبها والإكثار من العبادة والذكر؛ فقد أخفى اللهُ الصّلاةَ الوسطى، وأخفى ليلةَ القدر، وأخفى الاسمَ الأعظم، وأخفى ساعةَ الإجابة التي تكون في يوم الجمْعة، وأخفى وقتَ الموت، وأخفى غيرَ ذلك من الأمور ليبقى الناسُ في يقظةٍ واستعداد وهمّةٍ لا تفتر ولا تهمد.

 

سأل رجلٌ زيدَ بنَ ثابت عن الصّلاة الوسْطى فقال: حافظْ على الصّلوات كلّها تُصِبْها، وسأل رجلٌ الربيعَ بنَ خيثم عن الصّلاة الوسْطى، فقال له: يا ابنَ عمّ، الوسطى واحدةٌ منهنّ، فحافظْ على الكلّ تكنْ محافظًا على الوسطى، ثمّ سأل الربيعُ الرّجلَ: لو علمتَها بعينها أكنتَ محافظًا عليها ومضيّعًا لسائرهنّ؟ فقال السّائل: لا، قال الربيع: إذًا حافظْ عليهنّ جميعًا، فإنْ حافظتَ عليهنّ فقد حافظتَ على الوسطى. وهذا فهمٌ عَميق ودقيق لما ينبغي أنْ يكون عليه حالُ المسلم، فلا يقتصرُ على أدعيةٍ بعينها، أو يقف عند اسمٍ بعيْنه، وإنّما عليه أنْ يذكرَ اللهَ بكلّ أسمائه، ويُثني عليه الثناءَ الحَسن اللّائق بذاته سبحانه وتعالى.

 

وقال قائلون: إنّ الاسم الأعظم معلومٌ ومحدّد ومعروفٌ للخلق، لكنّهم اختلفوا في هذا الاسم، فقال بعضُهم: إنّ الاسمَ الأعظم هو (الله)؛ لأنّ هذا الاسمَ هو الأصلُ في الأسماء، حيث أضيفتْ كلُّ الأسماء إليه، كما أنّ هذا الاسم يجري مجْرى اسمِ العَلَم في حقّه سبحانه وتعالى، وهو يدلّ على كمال ذاته وصفاته وأفعاله، ولا تصحّ الشّهادتان ولا النّطق بهما دونَ ذكْره، قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [الأنعام: 91]، كما أنّ سائر الأسماء عند النّداء يسقط عنها الألفُ واللام، فتقول: يا رحمن يا رحيم، يا ودود يا مجيد، إلّا هذا الاسمُ الجليل فلا تسقط منه الألف واللام فتقول: يا الله، فدَلَّ ذلك على أنّه هو الاسمُ الأعظم، وأنّه أشرفُ الأسماء، إذْ لا يزول التّعريف عنه البتّة، كما أنّ هذا الاسم الجليل هو أوّلُ ما يَبتدئ به القرآنُ الكريمُ، سواء في البسملة أو في أوّل آيةٍ من آيات سورة الفاتحة، ويُذكَر في الأيْمان والعهود والمواثيق وفي الخُطَب، ولا يَتَسَمَّى به- ولا يَتَصِّف به- سوى الله وحده، يقول الزجّاج: احتجّ مَن يقول إنّ اسم الله الأعظم إمّا (الله) وإمّا (الرحمن) بقوله عزّ وجلّ: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ﴾ [الإسراء: 110].

 

ويقول الكرْماني في غرائب التّنزيل وعجائب التأويل: ويختصّ اسمُ (الله) تعالى بأشياء لا يشاركه فيها غيرُه من أسماءِ الله سبحانه، ولا مِن سائر الأسماء، أحدها: أنْ يُنادى بـ "يا"، والاسم إذا كان فيه الألف واللام يُنادى بيا أيّها، والثّاني: قطع أَلِفه في باب النّداء أيضًا، نحو: يا ألله بقطع الألف، والثّالث: زيادة الميم المشدّدة في آخر اللّهم عِوضًا عن ياء النّداء، والرّابع: إدخالُ التّاء عليه في القسم، نحو: تالله، ولا يجوز تالرّحمن ولا غيرُه، الخامس: أنْ يبقى بعدَ حذف الجار مجرورًا، وذلك في القسَم أيضًا تقول: الله ما فعلت كذا، والسّادس: تفخيم اللام إذا انْفتحَ ما قبله أو انْضَم، نحو: إنَّ الله، ويضربُ الله، ولا يجوز تفخيم اللام في شيء سوى الله إلّا شاذًّا. ويقطع الشّيخُ محمد عبده بأنّ الاسم الأعظم هو الله، حيث يقول في تفسير المنار: فمَن عرف الأسماء الحسنى، والصّفات العليا؛ عرف أنّ اسم الجلالة الأعظم (الله) يدلّ عليها كلّها، وعلى لوازمها الكماليّة، وعلى تنزّهه عن أضدادِها السّلبية، فدلّ هذا الاسم الأعلى على اتّصاف مسمّاه بجميع صفاتِ الكمال، وتنزّهه عن جميع النّقائص، فسبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلّا الله، واللهُ أكبر. (انظر: تفسير المنار للشيخ محمد عبده).

 

فإنْ سأل سائلٌ وقال: إنّ مِن شروط الاسْم الأعظم، أنّه إنْ دعا العبدُ به ربَّه أجابَه وأعطاه، ونحن ندعوه به, ونسأله؛ فلمْ نرَ الإجابةَ في أكثر الأوقات، قلْنا: إنّ للدعاء آدابًا وشرائطَ لا يُستجاب الدعاءُ إلّا بها، كما أنّ للصّلاة آدابًا وشرائطَ كذلك، فأوّلُ شرائطه إصلاحُ الباطن باللّقمة الحلال، وقد قيل: الدّعاءُ مفتاح السماء وأسنانُه اللّقمة الحلال، وآخرُ شرائطه الإخلاصُ وحضورُ القلب، كما قال الله تعالى: ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾، فإنّ حركة الإنسانِ باللّسان وصياحه من غير حضور القلب كولولةِ الواقف على الباب وصوت الحارس على السّطح، أمّا إذا كان حاضرًا فالقلبُ الحاضرُ والمستغرقُ في الله يشفع له، ويكون سببًا في إجابة الدّعاء. (انظر: روح البيان لإسماعيل حقي). ومهْما تكنْ حججُ هؤلاء وأدلّتُهم، فإنّ الجزم والقطع بأن اسم الله الأعظم هو الاسمُ الجليل (الله) يبقى مجرّدَ اجتهاداتٍ منهم، حيث لم يردْ بذلك نصٌّ قاطع ولا بيانٌ ناصع، ولذلك يظلّ اسمُ الله الأعظم سرًّا يختصّ الله به مَن يشاء مِن عباده، ويعلّمه مَن يشاء مِن خلقه، وعلى العبد أنْ يجتهد ويسعى لمعرفةِ هذا الاسم والدّعاءِ به، ولا يكون ذلك إلّا بتعظيم كلّ أسماء الله تعالى.

 

وقال آخرون: إنّ الاسمَ الأعظم هو (ذو الجلال والإكرام)، واستشهدوا على ذلك بقوله عليه الصّلاة والسّلام: "ألظوا بِيَا ذا الجلالِ والإكرام"، أي تعلّقوا بهذا الاسم، ولا تتركوه في دعائكم، وقد كان النبي- صلّى الله عليه وسلّم- في حروبِه وهمّه، وفي كلّ شأنه؛ يدعو ربَّه ويلتجئ إليه، ويدْعوه بهذا الاسم الجليل، ويلاحظ أنّ هذا الاسم الجليل جامعٌ لكلّ الصّفات المعتبرة في الإلهية، فقولنا: ذو الجلال والإكرام إشارةٌ إلى كوْنه قريبًا بعيدًا، وظاهرًا وباطنًا، ومتّصفًا بكلّ صفات الجلال والعظمة والجمال. وسوف نذكر خصائصَ هذا الاسم الجليل وفضْلَه عندَ وروده في مكانه في الكتابِ بإذن الله تعالى.

 

وذهب آخرون إلى أنّ الاسم الأعظم هو (الحيّ القيوم) لقوله - عليه الصّلاة والسّلام- لأُبَيِّ بن كعب: "ما أعظمُ آيةٍ في كتاب الله تعالى؟ فقال أُبَيُّ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، فقال: ليهنكَ العلمُ أبا المنذر"، ولأنّ هذين الاسميْن يدلّان على صفات العظمة والكبرياء والإلهيّة على ما لا يدلُّ عليه سائرُ الأسماء. وقال آخرون: هو (الرحمن الرحيم)، وهو (الودود ذو العرش المجيد)، وهو (الأحد الصمد)، وهو (الحنّان المنان)، وهو (مالك الملك)، وأنّه موجودٌ في كلمة التوحيد، وفي سورة الإخلاص، وفي الحروف المقطّعة، وغيرِ ذلك من الأقوال التي تدلّ على تحرّي العلماء والصّالحين، وسعيهم الصّادق لمعرفة الاسم الأعظم؛ ليتقرّبوا إلى الله- عزّ وجلّ- به.

 

رُوِيَ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سمع رجلًا يدعو ويقول: اللّهم إنّي أسألك بأنّي أشهد أنك أنتَ الله، لا إله إلّا أنت، الأحدُ الصمد، الذي لم يلدْ ولم يُولَد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال: والذي نفسي بيده، لقد سأل الله تعالى باسمِه الأعظم، الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئل به أعْطى. والأظهر أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ذكر هذا في معْرِض ترغيب النّاس وحثّهم على تدبّر معاني أسماء الله ودعائهم بها. (انظر: المقصد الأسنى للغزالي).

 

يقول الشيخ عبدُ الرحمن السّعدي رحمه الله: بعضُ الناس يظنّ أنّ الاسم الأعظم من أسماء الله الحسنى لا يعرفه إلّا مَن خَصّه الله بكرامةٍ خارقة للعادة، وهذا ظنّ خطأ، فإنّ الله- تبارك وتعالى- حثّنا على معرفة أسمائه وصفاته، وأثنى على مَن عرفها وتفقّه فيها، ودعا اللهَ بها دعاءَ عبادةٍ وتعبّدٍ، ودعاءَ مسألةٍ- ولا ريبَ أنّ الاسم الأعظم منها أولاها بهذا الأمر-؛ فإنّه تعالى هو الجوادُ المطلق الذي لا مُنتهى لجوده وكرمِه، وهو يحبّ الجودَ على عباده، ومِن أعظم ما جاد به عليهم تَعرُّفُه لهم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، فالصوابُ أنّ الأسماء الحسنى كلّها حُسنى، وكلُّ واحد منها عظيم، ولكنّ الاسمَ الأعظم منها كلّ اسمٍ مفرد أو مقرونٍ مع غيره إذا دلّ على جميع صفاته الذاتية والفعلية، أو دلّ على معاني جميع الصّفات مثل: الله، فإنه الاسم الجامع لمعاني الألوهية كلّها، وهي جميعُ أوصاف الكمال، ومثل الحميد، والمجيد، فإنّ الحميد الاسم الذي دلّ على جميع المحامدِ والكمالات لله تعالى، والمجيد الذي دلّ على أوصاف العظمة والجلال، ويَقْرُب من ذلك الجليل، والجميل، والغني، والكريم.

 

ومثل الحيّ القيوم، فإنّ الحي مَن له الحياة الكاملة العظيمة الجامعة لجميع معاني الذات، والقيوم الذي قامَ بنفسه، واستَغْنى عن جميع خلقِه، وقامَ بجميع الموجودات، فهو الاسمُ الذي تدخل فيه صفات الأفعال كلّها. ومثل اسمه العظيم الكبير الذي له جميعُ معاني العظمة والكبرياء في ذاته وأسمائه وصفاته، وله جميع معاني التّعظيم من خواصّ خلقه. ومثل قولك: يا ذا الجلال والإكرام، فإنّ الجلال صفات العظمة، والكبرياء، والكمالات المتنوّعة، والإكرام؛ استحقاقه على عباده غاية الحبّ وغاية الذلّ، وما أشبه ذلك. فعُلِم بذلك أنّ الاسمَ الأعظم اسمُ جنس، وهذا هو الذي تدلّ عليه الأدلة الشرعيّة والاشتقاق. (انظر: تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي). وهذا كلامٌ نفيس للغاية ينبغي أنْ يعلمه كلُّ مَن رام معرفة أسماء الله الحسنى، وكلّ مَن يسعَى لمعرفة اسم الله الأعظم.

 

على أنّه ينبغي أنْ يُعْلَمَ أنّ معرفةَ الاسم الأعظم على أهميتها لا تنفع وحدها، ما لم يصاحبها إيمانٌ ويقينٌ وإخلاص وصدقٌ وتجرّد في التوجّه إلى الله عزّ وجلّ؛ فقد ورد في سبب نزول هذه الآية الكريمة: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الأعراف: 175]، أنها نزلت في رجلٍ من بني إسرائيل يُقال له: بلعام بن باعوراء، كان يعلمُ اسمَ الله الأعظم، وكان يدعو به فيُجَاب دعاؤه، وكان لا يَسأل اللهَ شيئًا بهذا الاسم إلّا أعطاه ما سأل، وكان هذا الرجلُ على قدْرٍ من الصلاح والتّقوى والاستقامة، ولعلّ هذا هو سببُ استجابةِ دعائه، ثمّ رَشَاه قومُه وأغرَوْه بالمال والمنْصب والسلطان، فاستغلّ معرفته بهذا الاسم الأعْظم فيما لا يليقُ به، وخالف شريعةَ السماء، وأيّد الظّالمين والسفهاء، فنزع الله مِن قلبه هذه البركةَ وهذه الخاصيةَ، وختمَ له بسوء، وهل هناك أسوأُ عاقبةً وخاتمةً من رجلٍ آتاه الله العلمَ، وخصّه بمعرفة اسمِه الأعظم، ثمّ أغواه الشّيطانُ فانسلخ من دينِه، وماتَ على الكفر؟ نسأل الله العفو والعافية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من آثار الإيمان باسم الله تعالى العفو (2)
  • خطبة عن اسم الله الكبير
  • اسم الله الرقيب (خطبة)
  • بيان أن اسم الله الأعظم هو الله
  • خطبة اسم الله المهيمن عز وجل
  • القول الجلي في بيان اسم الله الولي (خطبة)
  • أهمية حفظ اسم الله الأعظم

مختارات من الشبكة

  • الله (اسم الله الأعظم)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة الاسم الأعظم(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الاسم الأعظم(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تلخيص كتاب: اسم الله الأعظم (PDF)(كتاب - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • اسم الله الأعظم: جمع ودراسة وتحليل للنصوص وأقوال العلماء الواردة في ذلك (PDF)(كتاب - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • اسم الله الأعظم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موارد ومصادر (الدر المنظم في الاسم الأعظم) للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اسم الله الأعظم (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اسم الله الأعظم ( مطوية )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الدر المنظم في الاسم الأعظم(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب