• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة

مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة
د. أحمد خضر حسنين الحسن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/1/2021 ميلادي - 12/6/1442 هجري

الزيارات: 41581

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة


تعرف الفضيلة لغة واصطلاحًا:

أما الفضيلة في اللغة، فهي مأخوذة من مادة فضل، قال في تاج العروس: وفي المفردات للراغب: الفضل: الزيادة على الاقتصاد، وذلك ضربان محمود؛ كفضل العلم والحلم ومذموم؛ كفضل الغضب على ما يجب أن يكون عليه، والفضل في المحمود أكثر استعمالًا، والفضول في المذموم، والفضل إذا استعمل بزيادة أحد الشيئين على الآخر، فعلى ثلاثة أضراب:

• فضل من حيث الجنس: (كفضل الأحياء على الجمادات).

 

• وفضل من حيث النوع: كفضل الإنسان على غيره من الحيوان.

 

• وفضل من حيث الذات: كفضل رجل على آخر.

 

فالأولان جوهريان لا سبيل للناقص منهما أن يزيل نقصه، وأن يستفيد الفضل كالفرس والحمار لا يمكنهما اكتساب فضيلة الإنسان، والثالث قد يكون عرضيًّا، فيوجد السبيل إلى اكتسابه، ومن هذا النحو التفضيل المذكور في قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [النحل: 71]؛ أي: في المكنة والمال والجاه والقوة، وكل عطية لا يلزم إعطاؤها لمن تعطى له، يقال لها فضل؛ نحو: ﴿ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النساء: 32]، وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [المائدة: 54]، متناول للأنواع الثلاثة من الفضائل)؛ انتهى.

 

والفضيلة: خلاف النقيصة، وهي الدرجة الرفيعة في الفضل، والاسم من ذلك الفاضلة والجمع الفواضل، وفضَّله على غيره تفضيلًا، مزَّاه؛ أي أثبت له مزية؛ أي: خِصلة تُميزه عن غيره، أو فضَّله: حكم له بالتفضيل أو صيَّره.

 

والتفاضل بين القوم: أن يكون بعضهم أفضل من بعض، وفاضلني ففَضَلْتُه أفضُله فضلًا: غالبني في الفضل، فغلبته به، وكنت أفضل منه، وتفضل عليه: تمزى ومنه قوله تعالى: ﴿ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ﴾ [المؤمنون: 24]؛ أي: يكون له الفضل عليكم في القدر والمنزلة، أو تفضل عليه: إذا تطول وأحسن، وأناله من فضله قال الشاعر:

متى زدتُ تقصيرًا تزدني تفضُّلًا    *** كأني بالتقصير أستوجبُ الفضلَا

 

والفضيلة اصطلاحًا: قال الشيرازي في كتابه الفضيلة: الفضيلة هي الحد الوسط بين الزيادة والنقصان، وهذان هما الرذيلة، وربما يكون قول نبي الأخلاق صلى الله عليه وسلم: خير الأمور أوسطها إشارة إلى هذا.

 

مفهوم الخصائص وما يتعلق بها:

تعريف الخصائص لغة: (خَصَّه بالشيء خصًّا وخَصُوصًا وخُصوصية، والفتح أفصح)[1]، وقيل: (واختصه أي: أفرده دون غيره)[2].

 

وقيل: (خصوصية الشيء: خاصيته، والخصيصة الصفة التي تُميز الشيء وتحدِّده، والجمع خصائص)[3].

 

فمن الملاحظ أن التعريف اللغوي للخصائص يدور حول: (الإفراد والفضل والتمييز)[4].

 

الخصائص اصطلاحًا:

هي الفضائل والأمور التي انفرد بها النبي صلى الله عليه وسلم، وامتاز بها إما عن إخوانه الأنبياء، وإما عن سائر البشر من أمته.

 

وقيل: هي ما اختص الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، وفضَّله به على سائر الأنبياء والرسل عليهم السلام[5].

 

السبيل إلى معرفة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم:

مما ينبغي التنبيه إليه الطرق التي تثبت بها خصائصه صلى الله عليه وسلم، فالناس انقسموا في ذلك طوائف كثيرة:

1- فمنهم الجافي.

 

2- ومنهم الغالي.

 

3- ومنهم المتوسط.

 

فمن الطوائف من خصَّ النبي صلى الله عليه وسلم بخصائص بمجرد الهوى، فنسبوا إليه خصائص هي من جنس خصائص الربوبية والألوهية، فقالوا: إنه مخلوق من نور الله، وإن الوجود كله مخلوق من نوره.

 

ومن الطوائف من منع النبي صلي الله عليه وسلم من بعض ما اخُتصَّ به، بل قدَّموا مشايخهم وأئمتهم عليه، فجعلوا لهم من الخصائص والفضائل ما فاقوا به خصائصه وفضائله صلى الله عليه وسلم.

 

والصحيح ما عليه علماؤنا من أهل السنة والجماعة، فينبغي أن يكون دليل التخصيص نصًّا من كتاب الله أو سنة صحيحة، ولا محل للاجتهاد، والقياس هنا كما نصَّ العلماء على ذلك؛ قال ابن الملقن تعقيبًا على استدلال بعضهم بحديث ضعيف لخاصية من الخصائص ما نصه: (فإن الذي ينبغي ولا يُعدل إلى غيره ألا تثبت خصوصية إلا بدليل صحيح)[6].

 

وقال أيضًا: (فإن الأقيسة لا مجال لها في ذلك - أي: التخصيص - وإنما المتبع فيه النصوص ومن لا نص فيه، فالاختيار في ذلك هجوم على غيب بلا فائدة)[7]، وقال النووي: (أنه لو فتح هذا الباب - أي: القول بالخصوصية – لم يبقَ وثوق بشيءٍ من ظواهر الشرع لاحتمال انحراف العادة في تلك القضية، مع أنه لو كان شيء من ذلك، لتوفرت الدواعي بنقله)[8].

 

وقال الجويني: (قال المحققون: ذكر الاختلاف في مسائل الخصائص خبط غير مفيد، فإنه لا يتعلق به حكم ناجز تمسُّ إليه حاجة، وإنما يجري الخلاف فيما لا نجد بُدًّا من إثبات حكم فيه، فإن الأقيسة لا مجال لها، والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص وما لا نصَّ فيه، فتقدير اختيار فيه هجوم على الغيب من غير فائدة)[9].

 

ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم قد حذَّر من التَّقوُّل عليه بغير علم؛ حيث قال: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)[10]، فكذا من نسب فعلًا إليه هو لم يفعله أو وصفه بوصف ليس فيه، فهو كاذب، ويشمله الوعيد الشديد المذكور في الحديث الآنف الذكر[11].

 

أما علاقة الفضائل بالخصائص:

قال العز بن عبدالسلام رحمه الله: (وهذه الخصائصُ تدلُّ على عُلُوّ مَرْتَبتِه على آدَم وغيرهِ، إذْ لا معنى للتفضيل إلَّا التخصيص بالمناقبِ والمراتب)؛ اهـ (بداية السُّول في تفضيل الرسول ص (22)، وقال أحد الباحثين:

من الملاحظ في اصطلاح الفقهاء وكُتَّاب السيرة أن الخصيصة تطلق على ثلاثة أمور:

أولها: المسائل التي انفرد بها النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم عن المسلمين، مثل الزيادة عن أربعة زوجات.

ثانيها: المسائل التي انفرد بها النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم عمن سبقه من الأنبياء مثل إباحة الغنائم.

ثالثها: ما خُصَّ به تشريفًا وتفضيلًا منه سبحانه وتعالى له، مثال عموم رسالته والشفاعة العظمى.

أما الفضائل: فقد يشترك معه فيها غيره بخلاف الخصائص.

وأما المناقب، فقد جاء في لسان العرب: (النَّقْبُ: الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان نَقَبه يَنْقُبه نَقْبًا، وشيءٌ نَقِيبٌ مَنْقُوب، قال أَبو ذؤَيب:

أَرِقْتُ لذِكْرِه مِنْ غيرِ نَوْبٍ   *** كَما يَهْتاجُ مَوْشِيٌّ نَقِيبُ


يعني بالمَوْشِيِّ يَراعةً، والنَّقِيبةُ النَّفْسُ، وقيل: الطَّبيعَة، وقيل: الخَليقةُ والنَّقِيبةُ يُمْنُ الفِعْل.

 

ويقال: ما لهم نَقِيبةٌ؛ أَي: نَفاذُ رَأْيٍ، ورجل مَيْمونُ النَّقِيبة مباركُ النَّفْسِ مُظَفَّرٌ بما يُحاوِلُ ... يقال: فلان مَيْمُونُ العَريكَة والنَّقِيبة والنَّقِيمة والطَّبِيعَةِ بمعنًى واحد، والمَنْقَبة: كَرَمُ الفِعْل، يقال: إِنه لكريمُ المَناقِبِ من النَّجَدَاتِ وغيرها، والمَنْقَبةُ ضِدُّ المَثْلَبَةِ)؛ اهـ.

 

فيقال مناقب الإنسان؛ أي: ما عرف به من الخصال الحميدة والأخلاق النبيلة.

 

وهي تكاد تكون مرادفة للفضائل، ولهذا جاء في سنن الترمذي: (كتاب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم).

 

وجاء في كتاب مشكاة المصابيح، كتاب المناقب والفضائل، قال الشارح: المناقب جمع المنقبة، وهي الشرف والفضيلة.

 

مفهوم البركة وما يتعلق بها:

البركة: هي النماء والزيادة، حسية كانت أو عقلية، وكثرة الخير ودوامه، يقال: باركه الله، وبارك فيه، وبارك عليه، وبارك له، قال ابن عاشور: "ولعل قولهم: (بارك فيه) إنما يتعلق به ما كانت البركة حاصلة للغير في زمنه أو مكانه، وأما: (باركه)، فيتعلق به ما كانت البركة صفة له، و(بارك عليه) جعل البركة متمكنة منه، (وبارك له) جعل أشياءَ مباركة لأجله؛ أي: بارك فيما له"، "والفعل منه: بارك، وهو متعد، ومنه: ﴿ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ﴾ [النمل: 8]، ويضمن معنى ما تعدَّى بعلى؛ لقوله: وبارك على محمد، وتبارك لازم"، "وهي في الأصل مأخوذة من برك البعير، وهو صدره، ومنه: برك البعير: إذا ألقى بركه على الأرض، واعتبر فيه معنى اللزوم، فقيل: بركاء الحرب وبركاؤها للمكان الذي يلزمه الأبطال، وسُمي محبس الماء بركة، كسدرة، ثم أطلقت على ثبوت الخير الإلهي في الشيء كثبوت الماء في البركة"، والتبريك الدعاء بذلك، والتبرك استدعاء البركة واستجلابها.

 

"وطلب البركة لا يخلو من أمرين:

الأول: أن يكون التبرك بأمر شرعي معلوم، مثل القرآن؛ قال الله تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ﴾ [الأنعام: 92]، فمن بركته هدايته للقلوب، وشفاؤه للصدور، وإصلاحه للنفوس، وتهذيبه للأخلاق، إلى غير ذلك من بركاته الكثيرة.

 

الثاني: أن يكون التبرك بأمر غير مشروع؛ كالتبرك بالأشجار والأحجار والقبور والقباب والبقاع، ونحو ذلك، فهذا كله من الشرك".

 

والله عز وجل هو خالق البركة، وهو الذي يبارك في الأشياء، والبركة المضافة لله تعالى نوعان؛ قال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد: "فصل البركة المضافة لله: وأما البركة فكذلك نوعان أيضًا: أحدهما: بركة هي فعله تبارك وتعالى، والفعل منها بارك، ويتعدى بنفسه تارة، وبأداة على تارة، وبأداة في تارة، والمفعول منها مبارك، وهو ما جعل كذلك، فكان مباركًا بجعله تعالى، والنوع الثاني: بركة تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة، والفعل منها تبارك، ولهذا لا يقال لغيره ذلك، ولا يصلح إلا له عز وجل، فهو سبحانه المبارك".

 

فيكون معنى قول تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ ﴾ [الفرقان: 1]، "تفاعل مطاوع بارك، وهو فعل لا يتصرف، ولم يستعمل في غيره تعالى، فلا يجيء منه مضارع، ولا اسم فاعل ولا مصدر، قال الطرماح:

تباركت لا معط لشيء منعته    *** وليس لما أعطيتَ يا رب مانعُ


ومعناه: تعاظم، وقيل: تبارك: تقدَّس، والقدس الطهارة، وقيل: تبارك ارتفع، حكى الأصمعي: تبارك عليكم، من قول عربي صعد رابية، فقال لأصحابه ذلك؛ أي: تعاليت وارتفعت، والمبارك المرتفع، ذكره البغوي، ومنه قول الشاعر:

إلى الجذع جذع النخلة المتبارك

 

وقيل: معناه ثبت ودام بما لم يزل ولا يزال، ذكره البغوي أيضًا، وقيل: تمجد، ففي هذه الأقوال تكون البركة صفة ذات، وقيل: معناه أن تجيء البركات من قبله، فالبركة كلها منه، وقيل: تبارك؛ أي: باسمه يبارك في كل شيء، وقيل: كثر خيرُه وإحسانه إلى خلقه، وقيل: اتسعت رأفته ورحمته بهم، وقيل: تزايد عن كل شيء، وتعالى عنه في صفاته وأفعاله، وقيل: تبارك؛ أي: البركة تُكتَسب وتُنال بذكره، وقال ابن عباس: جاء بكل بركة، وعلى هذا تكون صفة فعل، وقال الحسين بن الفضل: تبارك في ذاته، وبارك مَن شاء مِن خلقه، قال ابن القيم: "وهذا أحسن الأقوال، فتباركه سبحانه، وصف ذات له، وصفه فعل، كما قال الحسين بن الفضل... وقال ابن عطية: معناه عظُم وكثُرت بركاته، ولا يوصف بهذه اللفظة إلا الله سبحانه وتعالى، ولا تتصرف هذه اللفظة في لغة العرب لا يستعمل منها مضارع ولا أمر، قال: وعلة ذلك أن تبارك لما لم يوصف به غير الله، لم يقتض مستقبلًا؛ إذ الله سبحانه وتعالى قد تبارك في الأزل".

 

فيمَ تكون البركة؟

تكون البركة في الأمكنة والأزمنة والأشخاص، وكما قيل: إن لله خواصَّ في الأمكنة والأزمنة والأشخاص، فالله عز وجل قد يبارك في بعض الأمكنة، ويجعلها مباركة، فبارك سبحانه في المسجد الأقصى وما حوله، فقال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1]؛ قال الطبري: "وقوله: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}، يقول تعالى ذكره: الذي جعلنا حوله البركة لسكانه في معايشهم وأقواتهم وحروثهم وغروسهم؛ لأن البركة لا تفارقه، جعلنا الله تعالى في بركاته ونفعنا بشريف آياته"، وبارك سبحانه في أرض الشام؛ قال تعالى: ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 71]؛ قال الألوسي: "والمراد بهذه الأرض أرض الشام، وقيل: أرض مكة، وقيل: مصر، والصحيح الأول، ووصفها بعموم البركة؛ لأن أكثر الأنبياء عليهم السلام بعثوا فيها، وانتشرت في العالم شرائعهم التي هي مبادئ الكمالات والخيرات الدينية والدنيوية، ولم يقل: التي باركناها للمبالغة بجعلها محيطة بالبركة، وقيل: المراد بالبركات النعم الدنيوية من الخصب وغيره، والأول أظهر وأنسب بحال الأنبياء عليهم السلام"، وقال ابن عاشور: "و(حول) يدل على مكان قريب من مكان اسم ما أُضيف (حول) إليه، وكون البركة حوله كناية عن حصول البركة فيه بالأَولى؛ لأنها إذا حصلت حوله، فقد تجاوزت ما فيه، ففيه لطيفة التلازم، ولطيفة فحوى الخطاب، ولطيفة المبالغة بالتكثير.

 

وأسباب بركة المسجد الأقصى كثيرة كما أشارت إليه كلمة (حوله)؛ منها: أن واضعه إبراهيم عليه السلام، ومنها: ما لحقه من البركة بمن صلى به من الأنبياء من داود وسليمان، ومن بعدهما من أنبياء بني إسرائيل، ثم بحلول الرسول عيسى عليه السلام، وإعلانه الدعوة إلى الله فيه وفيما حوله، ومنها: بركة مَن دُفن حوله من الأنبياء، فقد ثبت أن قبري داود وسليمان حول المسجد الأقصى، وأعظم تلك البركات حلول النبي صلى الله عليه وسلم فيه ذلك الحلول الخارق للعادة، وصلاته فيه بالأنبياء كلهم"، وقال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ ﴾ [القصص: 30]، "وسبب البركة حدوث أمر ديني فيها، وهو تكليم الله إياه وإظهار المعجزات عليه"، ودعا صلى الله عليه وسلم للمدينة بالبركة، فقال: (اللهم اجعل بالمدينة ضِعْفَي ما جعلته بمكة من البركة)، وبارك سبحانه بعض الأزمنة، فجعلها مباركة كليلةِ القدر؛ قال عز وجل: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3]؛ يعني: الكتاب أنزلناه في ليلة القدر، وسُميت مباركة لما فيها من البركة، والمغفرة للمؤمنين.

 

وبارك سبحانه في بعض البشر، فجعل الأنبياء والمرسلين مباركين:

قال تعالى عن نوح: ﴿ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ ﴾ [هود: 48]؛ قال البغوي: {وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ} البركة ها هنا هي أن الله تعالى جعل ذريته هم الباقين إلى يوم القيامة، ﴿ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ ﴾؛ أي: على ذرية أمم ممن كان معك في السفينة، يعني على قرون تجيء من بعدك، من ذرية من معك، من ولدك وهم المؤمنون، قال محمد بن كعب القرظي: دخل فيه كل مؤمن إلى قيام الساعة".

 

وقال عن عيسى عليه السلام: ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ﴾ [مريم: 31]؛ قال الألوسي: "ومعنى إيتائه البركة على ما قيل: جعله مباركًا نفَّاعًا معلمًا للخير"، وقيل: "البركة التي جعلها الله لعيسى أنه كان معلمًا مؤدبًا حيثما توجَّه".

 

وكل مؤمن فيه من البركة بقدر إيمانه، و"البركة المنوطة ببني آدم، وهي البركة التي جعلها الله -جل وعلا - في المؤمنين من الناس، وعلى رأسهم سادة المؤمنين من الأنبياء والرسل، فهؤلاء بركتهم بركة ذاتية، يعني أن أجسامهم مباركة، فالله جل وعلا هو الذي جعل جسد آدم مباركًا، وغيره من الأنبياء كذلك، جعل أجسادهم جميعًا مباركة، بمعنى: أنه لو تبرك أحد من أقوامهم بأجسادهم، إما بالتمسح بها، أو بأخذ عرقها، أو التبرك ببعض أشعارهم، فهذا جائز؛ لأن الله جعل أجسادهم مباركة بركة متعدية.

 

وهكذا نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم مبارك، بل أعظم الأنبياء بركة على الناس، بل على الثقلين، بل على العوالم كلها؛ ذلك أن أجساد الأنبياء فيها بركة ذاتية ينتقل أثرها إلى غيرهم، وهذا مخصوص بالأنبياء والرسل، أما غيرهم فلم يرد دليلٌ على أن من أصحاب الأنبياء والرسل مَن بركتهم بركةٌ ذاتية، حتى أفضل هذه الأمة أبو بكر وعمر، فقد جاء بالتواتر القطعي أن الصحابة والتابعين والمخضرمين لم يكونوا يتبركون بأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، كما كانوا يتبركون بشعر النبي صلى الله عليه وسلم أو بوضوئه، أو بنخامته، أو بعرقه أو بملابسه؛ لأن بركة أبي بكر وعمر إنما هي بركة عمل، ليست بركة ذات تنتقل كما هي بركة النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم)، فدل هذا على أن في كل مسلم بركة، فهذه البركة التي أضيفت لكل مسلم، هي بركة عمل، هذه البركة راجعة إلى الإيمان، وإلى العلم، والدعوة، والعمل، وهذه البركة ليست بركة ذات، وإنما هي بركة عمل، ولا تنتقل من شخص إلى آخر، وعليه فيكون معنى التبرك بأهل الصلاح هو الاقتداء بهم في صلاحهم، والأخذ من علمهم والاستفادة منه وهكذا، ولا يجوز أن يتبرك بهم بمعنى أن يتمسح بهم، أو يتبرك بريقهم، ويكون التبرك شركًا أصغر إذا كان يتخذ هذا التبرك بنثر التراب عليه، أو إلصاق الجسم به، أو التبرك بعين ونحوها، أسبابًا لحصول البركة بدون اعتقاد أنها توصل وتقرِّب إلى الله، يعني أنه جعلها أسبابًا فقط، وأما إذا تمسح بها كما هي الحال الأولى وتمرغ والتصق بها، لتوصله إلى الله جل وعلا، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة".

 

والقرآن العظيم مبارك أعظم البركة، كثير البركة، حسًّا ومعنًى، لكثرة فوائده وعموم نفعه، أو كثير خيره، دائم منفعته، قال القشيري: مبارك دائم باق، لا ينسخه كتاب"، وقال الألوسي: "لما فيه من الخير الكثير؛ لأنه هداية ورحمة للعالمين، وفيه ما ينتظم به أمر المعاش والمعاد"، "والقرآن مبارك؛ لأنه يدل على الخير العظيم، فالبركة كائنة به، فكأن البركة جُعلت في ألفاظه، ولأن الله تعالى قد أودع فيه بركة لقارئه المشتغل به، بركة في الدنيا وفي الآخرة، ولأنه مشتمل على ما في العمل به كمال النفس وطهارتها بالمعارف النظرية ثم العملية، فكانت البركة ملازمة لقراءته وفَهمه.."، وأسماؤه سبحانه وتعالى مباركة، قوله تعالى: ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 78]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (تبارك اسمك، وتعالى جدك)، و"فيه قولان: أحدهما: أن ذكر (الاسم) صلة، والمعنى: تبارك ربُّك، والثاني: أنه أصل؛ قال ابن الأنباري: المعنى تفاعل من البركة؛ أي: البركة تُنال وتُكتسب بذكر اسمه"، فالله هو خالق البركة والذي تجيء منه البركة، قال عليه الصلاة والسلام: (البركة من الله).

 

وإذا باركَ الله في العمل امتدَّ أثرُه، وعظُم نفعُه وبِرُّه، وما باركَ الله الأعمالَ بمثلِ الإخلاصِ لله ومُتابعة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

قال ابن القيم رحمه الله: "وكلُّ شيءٍ لا يكونُ لله، فبركتُه منزوعةٌ، فإن الله تعالى هو الذي تباركَ وحده، والبركةُ كلُّها منه".

 

وفي الأثر الإلهي: «يقول الربُّ - تبارك وتعالى -: (إني إذا أُطِعتُ رضيتُ، وإذا رضيتُ باركتُ، وليس لبركتي نهاية)[12].



[1] القاموس المحيط ( 796).

[2] لسان العرب (7/ 24).

[3] المعجم الوسيط (1/ 237).

[4] خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء، الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم (24).

[5] نضرة النعيم من أخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (1/ 447).

[6] غاية السُّول (79).

[7] غاية السُّول (69).

[8] المجموع (5 / 253).

[9] روضة الطالب؛ للنووي (7/ 17).

[10] البخاري (107).

[11] مقال بعنون السبيل إلى معرفة الخصائص النبوية؛ للكاتب علي بن عبدالمنعم آل عِلاوة، شبكة الألوكة.

[12] أخرجه الإمام أحمد في "الزهد" بسندٍ صحيحٍ إلى وهب بن مُنبِّه؛ المصدر: منتديات تونيزيا لاند - من قسم: البرامج والكتب الإسلامية (بتصرف).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البركة
  • الخصائص العامة للإسلام
  • تعريف البركة
  • كثرة الاستعمال في كتاب الخصائص
  • تربية الأسرة على الفضائل الشرعية
  • البركة من الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • غنى النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المفهوم السياسي للأيديولوجيا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • ما معنى الفكر ؟(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • مفهوم الحرية في الإسلام ومفهومها في الفكر الغربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العالم الإسلامي: مفهوم واحد أم مفاهيم متعددة؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • مختصر بحث: بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي "مفهوم الأمن الفكري أنموذجا"(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي (مفهوم الأمن الفكري أنموذجا) (WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • مفهوم المفهوم والفرق بينه وبين المصطلح(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مفاهيم ضائعة (1) مفهوم الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المفهوم (مفهوم الموافقة والمخالفة في الفقه)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب