• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الحذر من عداوة الشيطان
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    حكم صيام عشر ذي الحجة
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    إمام دار الهجرة (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    يوم عرفة وطريق الفـلاح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    العشر مش مجرد أيام... هي فرص عمر
    محمد أبو عطية
  •  
    الدرس الثاني والعشرون: تعدد طرق الخير
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الموازنة بين الميثاق المأخوذ من الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أفضل أيام الدنيا: العشر المباركات (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    دلالة القرآن الكريم على أن الأنبياء عليهم السلام ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عظيم الأجر في الأيام العشر
    خميس النقيب
  •  
    فضل التبكير إلى الصلوات (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحب الأعمال في أحب الأيام (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدى مشروعية طاعة المعقود عليها للعاقد في طلب ...
    محمد عبدالرحمن صادق
  •  
    رحلة الروح إلى الله: تأملات في مناسك الحج
    محمد أبو عطية
  •  
    عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)
    خميس النقيب
  •  
    شعائر وبشائر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

عبودية الاعتراف بالذنب

عبودية الاعتراف بالذنب
فرحان العطار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/12/2020 ميلادي - 11/5/1442 هجري

الزيارات: 29581

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبودية الاعتراف بالذنب

 

ربما يتساءل البعض: هل الاعتراف عبودية؟


حيث يتبادر إلى الذهن سريعًا قضايا الحقوق والأموال والجرائم، التي يعتبر الإقرار والاعتراف فيها هو الأقوى؛ إذ هو مقدم على البيِّنات والشهود، فلا يحتاج بعده إلى بحث وتنقيب، ولا رأي وتعقيب، بيد أن اعتراف البشر للبشر قد يتوجس منه الكثير، بسبب ما يترتب عليه من تبعات وحقوق وأحكام، ربما ينوء بها كاهلُه، ويَعجِز مع عصبته في دفع تكاليفها الباهظة التي قد تجلب له فقر الدهر، وهو أحسن حالًا من آخر قد جلب عليه اعترافُه ذُلَّ الدهر وخِزيَه!


بعيدًا عن مشاحة البشر وتحاقُقهم، وديوانهم الذي سيفتح بكل ما فيه يوم العرض على الله، لا يترك الله منه شيئًا، سنتكلم هنا عن اعتراف آخر، له طبيعته وخصائصه ومميزاته وثمراته.


اعتراف تسقط به التبعات، وتتهاوى أمامه جبال الذنوب والسيئات، وينبثق معه النور الذي يبدد ما توارى في نفسه من حواجز اليأس وتراكم الظلمات.


اعتراف ينشرح معه الصدر، وتشمر معه السعادة عن ذراعيها، وتتحفَّز لتبدأ وتنطلق بعد غياب طال زمنه، فتطرق كل باب، وتتسلل مع كل عرق، وتُطل على مكامن النفس، وتفتش في زواياها لتمسح غبار السنين.


إن هذا الاعتراف هو بمنزلة ميلاد جديد، وحياة أخرى، وانتشال من أوحال إلى رياض، ومن حُفَر إلى قِمَم، ومن ضيق إلى باحات وساحات، يتخلص المرءمعهمن تأنيب الضمير، ويتحرر من تواريه عن عيون الخلق في الدهاليز والزوايا، ودسِّها في المستنقعات والأوحال، إلى تزكيتها وتطهيرها ونقائها ووضوحها، فأهل التوبة والطاعة تتلألأ أنوارهم، إذ هم المنارات والمعالم، يقصدهم الطالبون وأرباب الحاجات، كما كان أجواد العرب ينزلون الرُّبا وجواد الطرق حتى يقصدهم المحتاجون، ويوقدون النيران بالليل للطارقين، وأما اللئام فإنهم يُخفون أماكنهم كما يخشى صاحب الذنب اطلاع الناس على عوراته ومخازيه.


إن الاعتراف بالذنوب هو الخطوة الأولى لتعديل المسار، والتعبير عن التجهم في وجه الذنوب، وزجر النفس لتتعظ وترعوي، وشعلة لرؤية الطريق، ودَفعة لإيقاظ الحنين، وآهاتمن لوعة البعد والفراق، وأذان لجلب التفاؤل والأمل، وترطيب لجفاف الروح، وتليين لقسوة القلب، وصارخ ينادي: الرحيلَ الرحيل.


كان اعتراف أبينا آدم عليه السلام سببًا لفلاحه، وقَبول توبته ونجاته، فتأمَّل هذا الدعاء الذي يلامس القلب، ويرسم طريق الولاية والقُرب: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]؛ إذ يُعلمنا القرآنأدب الاعتراففي بداية صفحاته، ليَستصحبه قارئه إلى نهاية حياته؛إذفيه إفضاء الإنسان بما في نفسه إلى الله، وهويتحسس ثِقَل الخطيئة، وينوء بحَمْلها، قد أقضَّت راحة ضميره، وأوجعته سياطُ تأنيبها، فيَفزَع ليُهدئ اضطرابها، ويسكن احتماءها التي لا تكونبغير خلعة القرب، ومغفرة الذنب، ورضوان الربجل وعلا، فمن لم يسلك هذا الدرب، فليس ثمة إلا نار الغضب، على مَن تولَّى وهرَب، قد شدَّه الشيطان في رِبْقه، وأخلص له المخذول في رِقِّه ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يس: 60].


لذا ترى ابن تيمية رحمه الله ينبِّه على ضرورة استصحاب هذا الاعتراف، فيقول عند قوله تعالى: ﴿ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]: "فيه اعتراف بحقيقة حاله، وليس لأحد من العبادأن يبرئ نفسه عن هذا الوصف، لا سيما في مقام مناجاته لربه"؛ "مجموعالفتاوى" (10/ 254).


ويزيد ابن القيم رحمه الله بشارة عظيمة هي أن الرحمة لا تتخلفعمن كانت هذه حاله،فيقول:

"إن اعتراف العبد بذنبه حقيقةُ الاعتراف المتضمن لنسبة السوء والظلم واللوم إليه من كل وجه، ونسبة العدل والحمد والرحمة والكمال المطلق إلى ربه من كل وجهٍ، يستعطف ربه تبارك وتعالى عليه، ويستدعي رحمته له، وإذا أرادأن يرحم عبده ألقى ذلك في قلبه، ولا سيما إذا اقترن بذلك جزم العبد على ترك المعاودة لما يُسخط ربَّه عليه، وعلِم الله أن ذلك داخل في قلبه وسويدائه، فإنه لا تتخلف عنه الرحمة مع ذلك"؛ "حادي الأرواح" (ص ٣٨٢).


بعد هذه التنبيهات والبشارات، قِفْ وتأمَّل عند قوله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102].


هل شعرت ببردها وتغلغُلها في أعماق نفسك! هل صوت رنينها يهز مشاعرك ويَجذبك! هل أعمَلتْ هذه الآية شيئًا في قرار مصيرك وتغيير أولوياتك!


إن هذا هوما شعر به الإمام الكبير الأحنف بن قيس - رحمه الله -، حين تذكَّر قوله تعالى:﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ﴾ [الأنبياء: 10]، فقال: "علي بالمصحف لألتمس ذكري اليوم، حتى أعلم مع من أنا ومَن أُشبه! فنشر المصحف وبدأ يقرأ وينتقل من حال إلى حال، ومن قوم إلى قوم، فإذا مر على وصف المؤمنين وعباداتهم اعترف بالتقصير، وإذا مرَّ على النار وأهلها تعوَّذ وتبرأ منهم، فلم تستوقفه آية في القرآن إلا هذه الآية: ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّاللَّهَغَفُورٌ ﴾، وكأنه وقع على كنز عظيم، فقال: (اللهم هؤلاء)!


فلا نستغرب بعد هذا أن يختار أبو عثمان الحيري- رحمه الله -هذه الآية من بين دفتي المصحف ويقول أنها أرجى آية في القرآن.


انظر كيف تستوقفهم هذه الآية لعِظم ما تضمَّنته من تربية، وملامسة لواقع الكثير منا، ومطابقة له.


فالاعتراف أمر حتمي إن لم يكن في الدنيا، فسيكون في الآخرة، والاعتراف بالذنوب في الدنيا، إذا اقترن بالندم والإقلاع والعزم على عدم العودة، فإنه يعتبر علامة الفوز، وتشبث بجادة النجاة، وإلا كان الاعتراف هناك مقرونًا بالويل والحسرات، مصحوبًا بالاستغاثات والزفرات، ﴿ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [غافر: 11]، فاعترافهم حينئذ لا قيمة له، وإنما هو نتيجة حتمية بعد كشف الغطاء، وبحضور الشهود والبينات، لا يظلم ربك أحدًا؛ إذ لا يدخل النار أحد إلا بعد اعترافه بذنوبه وعصيانه، وإقراره باستحقاق العذاب وخسرانه، ﴿ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 11].


وفي صحيح البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَيِّدُ الاسْتِغْفَار أَنْ يَقُولَ العَبْدُ: اللَّهُم أَنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَى، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ، مَنْ قَالَهَا إِذَا أَصْبَحَ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ، ومن قالها إذا أمسى موقنًا بها فمات من ليلته، دخل الجنة".


فهذا حديث عظيم تضمَّن أفضل صِيغ الاستغفار، حتى سماه النبي صلى الله عليه وسلم بـ"سيد الاستغفار"، ولعل جملة من هذا الدعاء قد تضمنت أسراره، وجمعت معانيه وكنوزه، حتى إن ابن القيم- رحمه الله -إذا تعرَّض لشرح هذا الحديث، تجده يقف عند قوله صلى الله عليه وسلم: "أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي"، وكأنه يقول: هنا قف، فأنت في أعظم مواطن العبودية لله، حين تعترف بفضله وكماله ونعمائه، ثم تعترف بضَعفك وقلة حيلتك وفَقرك، وتَنفي عن نفسك كل ما قد تشعر به من عجب وكبر واحتقار للغير.


فقوله صلى الله عليه وسلم: (أبوء لك)، هذا هو عبودية الاعتراف، والتعبير عنها بهذا اللفظله دلالاته التربوية العظيمة، يوضِّحها ابن القيم رحمه الله بأنه: "يتضمن الإقرار والإنابة إلى الله بعبوديته، فإن المباءَة هي التي يبوء إليها الشخص - أي يرجع إليها رجوع استقرار - والمباءَة هي المستقر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَذِبَ علَيَّ مُتَعَمِدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه مِنَ النَّارِ"؛ أي: ليتَّخذ مقعده من النار مباءَة يلزمه ويستقر فيه، لا كالمنزل الذي ينزله ثم يرحل عنه، فالعبد يبوءُ إلى الله عز وجل بنعمته عليه، ويبوءُ بذنبه، ويرجع إليه بالاعتراف بهذا وبهذا رجوعَ مطمئنٍّ إلى ربه مُنيب إليه، ليس رجوع من أقبل عليه ثم أعرَض عنه، بل رجوع مَن لا يُعرض عن ربه، بل لا يزال مقبلًا"؛ "طريق الهجرتين" (ص ٩٥).

 

فعبودية الاعتراف تقوم على ركنيين:

أولًا: الاعتراف بما يتعلق بالله عز وجل من فضل وجلال وكمال، وأن له الملك والخلق والتدبير سبحانه وتعالى، فما من نعمة الا وهي من الله وحده، ولا توفيق إلى طاعة أو خير أو توبة من ذنب إلا مَحض فضله ومِنَّته وكرمه، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أبوء لك بنعمتك علي".


ثانيًا: ما يتعلق من جهة العبد والاعتراف بضَعفه وفقره وعجزه، وهذا ما تضمنه قوله صلى الله عليه وسلم: "وأبوء بذنبي".


فمَن استكمل هذين الركنيين، واستحضرهما في جميع أحواله، فهو السعيد الذي اكتملت سعادته، وتأدَّب بأدب العبودية، واستحضر أدب الدعاء، ولَبِسَ لأمة الحرب لصدِّ عاديات الفتن وكيد الأعداء، فقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - بان الاعتراف هو من آداب العبودية، وكذلك من آداب الدعاء؛ إذ يقول: "فتأمَّل قول موسى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دعائه: ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24]، وقول ذي النون في دعائه: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، وقول أبينا آدم: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، وفي الصحيحين أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله، علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، فقال: «قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم»، فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحاله والتوسل إلى ربه عز وجل بفضله وجوده، وأنه المنفرد بغفران الذنوب، ثم سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معًا، فهكذا أدب الدعاء وأدب العبودية"؛ "الوابل الصيب" (ص ٩١).


وكما أن الاعترافمن آدب العبودية والدعاء في علاقة المرء بربه، فهو سياج يحمي صاحبة من المزالق والمضلات؛ إذ نرى أقوامًا لا يأبهون بقدسية النص، فتستهويهم أفكار المنهزمين الذين يردون النصوص، أو يحرفون دلالاتها، أو يتعلقون بالأقوال الشاذة، ويتتبَّعون الرُّخَص، ويتنصلون من الأمر بحجة الخلاف، فمن كانت هذه حاله، فكيف يعترف بخطئه، ومن يقنعه بالتوبة، لنُدرك بعدها أهمية الاعتراف، ومركزيته في باب العبودية التي لا ينال شرفَهاإلا مَن سلَّمه الله من هذه المزالق التي تحرم العبد من لذة التسليم، والانقياد والخضوع لله عز وجل، والذل له، فإن في التسليم والاستسلام للنص لذة لا تَعدِلها لذةٌ، والمحروم مَن حُرِمَ رحيقَها ونعماءَها، وأي حياة لمن يعتبر الأمر والنهي عبئًا يجتهد لتخفيفه! وينقِّب عن الثغرات والمخارج هنا وهناك، ليظفر بتأويل أو شذوذ أو ربما زلة عالم، لتبرير تجاوز النص، غير آبهٍ ولا مكترث، فما أبعد هؤلاء وأمثالهم عن عبودية الاعتراف التي تقف عند حدود الوحي، فتؤمن وتذعن، وتنقاد وتستسلم، وإن وقع في مخالفة اعترف بخطئه وتجاوزه، وسأل الله المغفرة والعفو، فأين هؤلاء من أولئك؟!


فأكثِر من الاستعطاف والتذلل والافتقار، والاعتراف بالعجز والإقرار، فهذا هو الطريق الذي يسلكه الأكياس المتملقون لربهم عز وجل، والله يحب من عبده أن يتملق له، "فقل بلسان الحال والمقال: اللهم لا براءة لي من ذنب فأعتذِر، ولا قوة لي فأنتصر، ولكني مذنب مستغفر".


اللهم إنَّا نعترف ونقر بخطئنا وعجزنا، وجهلنا وظلمنا، فاجعل لنا حظًّا من قولك: "أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمَل ما شئت فقد غفرتُ لك"؛ أي: ما دام كلما أذنب تابَ مِن ذنبه، واستغفَر.


اللهم اجعل اعترافنا يهدِم اقترافنا، سبحانك اللهم لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاعتراف بالذنب مطلب شرعي
  • حال المؤمن إذا وقع في الذنب (خطبة)
  • عبودية الصحابة رضي الله عنهم
  • لا ذنب يتعاظم أن يغفره الله

مختارات من الشبكة

  • من أقسام العبودية: عبودية الاختيار والانقياد والطاعة والمحبة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • من أقسام العبودية: عبودية الغلبة والقهر والملك(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • عبودية القلب أس لعبودية الجوارح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبودية القلب أس لعبودية الجوارح ( عرض تقديمي )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عبودية عموم الخلق(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مخلوقات كثيرة ورد في عبوديتها لله نصوص صحيحة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مفهوم العبودية في اللغة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الذنوب الخمسة التي تقترن بالذنب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبودية خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مفهوم العبودية في الشرع(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وثناء
أبو محمد - المملكة العربية السعودية 13-09-2022 11:18 AM

مقطع يستحق الإشادة جزى الله الكاتب ونفع به… الاعتراف بالذنب مفتاح باب قبول التوبة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/12/1446هـ - الساعة: 18:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب