• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة الحشر كاملة

تفسير سورة الحشر كاملة
رامي حنفي محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2020 ميلادي - 22/3/1442 هجري

الزيارات: 49909

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

تفسير سورة الحشر


الآية 1: ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾: أي نزَّهَ اللهَ تعالى - عن كل نَقصٍ وعَيب - جميع ما في السماوات والأرض من مخلوقاته، (إذ مَعنى كلمة (سبحان الله) أنك تَنفي عن اللهِ تعالى كل ما لا يَليقُ به)، ﴿ وَهُوَ ﴾ سبحانه ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ الذي لا يَمنعه شيءٌ مِن فِعل ما يريد ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ الذي يضع الأشياء في مَواضعها.

 

الآية 2: ﴿ هُوَ ﴾ سبحانه ﴿ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ أي أخرج الجاحدينَ بنُبُوّة محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ (وهم يهود بني النَضير)، إذ أخرجهم سبحانه ﴿ مِنْ دِيَارِهِمْ ﴾ - التي كانت حول "المدينة" - ﴿ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ﴾ أي لأول حَشْرٍ لهم، (والحَشر هو جَمْع الناس في مكان واحد)، والمقصود به هنا: حَشْر يَهود جزيرة العرب إلى أرضٍ غيرها (أي جَمْعهم للخروج إلى أرضٍ أخرى)، وقد كان ذلك أول خروج لهم من جزيرة العرب، ولذلك سَمَّاه الله تعالى (أول الحشر) أي الخروج الأول، وأما الخروج الثاني لهم فكانَ مِن خَيبر إلى الشام.

 

♦ واعلم أن اللام التي في قوله تعالى: (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) تُسَمَّى (لام التوقيت)، أي: أخرَجَهم سبحانه من ديارهم ليبدأ أول حشر وخروجٍ لهم، فهي كقوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) أي ابتداءً من وقت تَحَرُّك الشمس عن وسط السماء (وهو وقت الظهر)، وكقوله تعالى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أي: لأول عِدتهنّ (وهو الطُهر الذي لم تُمَسّ فيه).

 

﴿ مَا ظَنَنْتُمْ ﴾ - أيها المسلمون - ﴿ أَنْ يَخْرُجُوا ﴾ من ديارهم بهذا الذل والهَوان (بسبب قوة حصونهم)، ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ ﴾ يعني: وظن اليهود أنّ حصونهم مانعةٌ لهم من عذاب الله، وأنها لا يَقدر عليها أحد، ﴿ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ﴾ أي مِن حيث لم يَخطر لهم ببال ﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ﴾ يعني ألقى في قلوبهم الخوف والفزع الشديد، فصاروا ﴿ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾: أي اتّعِظوا يا أصحاب البصائر السليمة والعقول الراجحة بما حدث لهم، فلا تَعصوا ربكم.

 

♦ واعلم أنّ قوله تعالى: (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)، هو مِثل قول العرب: (أتَى عليه الدهر) أى: أهلَكَه وأفناه، وكما يقولون أيضاً: (لقد أُتِيَ فلانٌ مِن مَأمنه) أى نَزَلَ به الهلاك، أمّا إتيانُ اللهِ تعالى يوم القيامة فيكونُ إتيانًا حقيقيًّا بذاته على النحو اللائق بجلاله وكماله، ففي صحيح مُسلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال - وهو يتحدث عن يوم القيامة -: (حتى إذا لم يَبْقَ إلاَّ مَن كان يَعْبُدُ اللَّهَ تعالى مِن بَرٍّ وفاجر: أتاهم رَبُّ العالمين سبحانه وتعالى في أدنَى صورةٍ مِن التي رأوهُ فيها) (إلى آخر الحديث).

 

الآية 3، والآية 4: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ ﴾ يعني: ولولا أنّ اللهَ تعالى قضى على هؤلاء اليهود بالخروج مِن ديارهم ﴿ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا ﴾ بالقتل والأسر وغير ذلك، ﴿ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ﴾ ﴿ ذَلِكَ ﴾ - الذي أصابهم في الدنيا وما يَنتظرهم في الآخرة - ﴿ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ أي بسبب مُخالفتهم لأمر الله ورسوله، ﴿ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ ﴾ يعني: ومَن يُخالف أوامر الله تعالى ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾.


الآية 5: ﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ﴾ يعني: ما قطعتم أيها المؤمنون مِن نخلةٍ في أرض يهود بني النَضير ﴿ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا ﴾: يعني أو تركتموها قائمةً على ساقها، مِن غير أن تتعرضوا لها: ﴿ فَبِإِذْنِ اللَّهِ ﴾: يعني فكُلّ ذلك كان بإذن الله وأمْره، فلا إثم عليكم فيه ﴿ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ﴾يعني: وليُذلَّ بذلك اليهود الخارجين عن طاعته، حيث سَلَّطكم على قطع نخيلهم وتحريقها.

 

الآية 6: ﴿ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ ﴾ يعني: والمال الذي رَدَّه الله على رسوله - أي أعطاه له - من أموال بني النَضير: ﴿ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ﴾: يعني فلم تركبوا لتحصيله - أيها المؤمنون - خيلاً ولا إبلاً، ولم تعانوا مَشَقة من أجل الحصول عليه ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ﴾ مِن أعدائه، فيَستسلموا لهم بغير قتال (مِثلما سَلَّطَ رسوله محمداً على يهود بني النَضير ففتح بلادهم، بعد أن نقضوا عهدهم معه وتآمَروا على قتله)، ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ لا يُعجزه شيء، (واعلم أن الفَيء هو ما أُخِذ من أموال الكفار مِن غير قتال، وقد وَضَّح سبحانه كيفية تقسيمه في الآية التالية).

 

الآية 7، والآية 8: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾: يعني إنّ هذا الفيء - الذي أعطاه الله لرسوله من أموال مُشرِكي أهل القرى، مِن غير قتال أو مشقةٍ منكم أيها المؤمنون -: ﴿ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ يعني فإنّ هذا الفَيء يُقسَّم كالآتي: (الجُزء الأول لله وللرسول، وذلك بأن يُجعَل في مصالح المسلمين العامة، ويُنفَق منه أيضاً على الكعبة وسائر المساجد، والجُزء الثاني لأقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم وبنو عبد المُطَّلِب (فقد جُعِل لهم ذلك الجزء من الفَيء مكان الصدقة، لأن الصدقة لا تَحِلُّ لهم)، والجُزء الثالث لليتامى (وهم الأطفال الذين مات آباؤهم وهم صِغار، لم يبلغوا بعد)، والرابع للمساكين (وهم أهل الاحتياج والفقر)، والخامس لابن السبيل (وهو المسافر الغريب الذي فَقَدَ ماله - أو نَفَذ ماله - واحتاجَ للنفقة).

 

♦ وقد قضى اللهُ بتلك القِسمة ﴿ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً ﴾ أي حتى لا يكون المال مِلكًا متداولاً ﴿ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ (ويُحرَم منه الفقراء)، ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾ يعني: وما أعطاكم الرسول مِن مال، أو شَرَع لكم مِن شرع، فاقبلوه، ﴿ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ يعني: وما نهاكم عن أَخْذه أو فِعْله فانتهوا عنه، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ بامتثال أوامره وترْك نواهيه وطاعة رسوله ﴿ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ لمن عصاه وخالَفَ أمْره ونَهْيه، (واعلم أن هذه الآية أصل في وجوب العمل بالسُنّة: قولاً أو فِعلاً أو تقريرًا).

 

♦ وكذلك يُعطَى مِن هذا الفَيء ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ﴾ أي الذين اضطرهم كفار "مكة" إلى الخروج من ديارهم وأموالهم (بسبب إيذائهم لهم والتضييق عليهم)، فهاجَروا إلى "المدينة" وهم ﴿ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ﴾: أي يطلبون من الله أن يتفضل عليهم بالرزق في الدنيا والرضوان في الآخرة ﴿ وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ بالجهاد في سبيل الله ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ الذين صَدَقوا في إيمانهم، حيث تركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا لينصروا اللهَ ورسوله.

 

الآية 9: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ ﴾ يعني: والأنصار الذين سكنوا "المدينة"، وأسكَنَ اللهُ الإيمانَفي قلوبهم بعدما أحبوه واختاروه على الكفر، ﴿ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ أي مِن قبل هجرة المهاجرين إليهم ﴿ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ﴾ أي يحبون المهاجرين، ويُعطونهم من أموالهم ﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ﴾ يعني: ولا يجد الأنصار في أنفسهم حَسَدًا للمهاجرين على ما أعطاهم اللهُ من مال الفَيء وغيره، ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ يعني: ويُقَدِّمون المهاجرينَ والفقراء على أنفسهم ﴿ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ يعني حتى ولو كان بهم فقرٌ واحتياج لهذا المال أو هذا الطعام الذي يعطونه لإخوانهم، ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ﴾ يعني: ومَن يَسلَم من البخل، فيُعطي ما زادَ عن حاجته لإخوانه المحتاجين: ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾أي الفائزون في الدنيا والآخرة، (واعلم أن الشح هو البخل، غير أن الشُحّ يُطلَق على حِرص النفس على حقوقها وقلة التسامح فيها، ويرى ابن القيم رحمه الله أنَّ الشُحّ هو شدة الحِرص على الشيء، والمبالَغة في طلبه، والتعب في تحصيله، وأما البخل فهو مَنْع إنفاقه بعد الحصول عليه، فهو شَحِيحٌ قبل الحصول على الشيء، بخيلٌ بعد الحصول عليه).

 

الآية 10: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ يعني: وأما المؤمنون الذين جاؤوا من بعد الأنصار والمهاجرين، فإنهم ﴿ يَقُولُونَ ﴾: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ﴾ وهم المهاجرون والأنصار﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا ﴾ أي حقدًا وغيظاً ﴿ لِلَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ (بل اجعلنا نحبهم بسبب حُبّهم لك ولرسولك)﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ ﴾ بعبادك، ﴿ رَحِيمٌ ﴾ بالمؤمنين، فاستجِب دعائنا برحمتك، ووَفِّقنا إلى أداء حقوقك ومَحبة عبادك المؤمنين (وفي الآية دليل على أنه ينبغي للمسلم ألاّ يَحمل في قلبه شحناء لأخيه، وأن يَذكر سَلَفَه الصالح بخير، وأن يُحِبّ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدعو اللهَ أن يَرضى عنهم).

 

من الآية 11 إلى الآية 17: ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾ وهم المنافقون الذين ﴿ يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ أي قالوا ليهود بني النَضير الكفار: ﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ ﴾: يعني لئن أخرجكم محمد ومَن معه مِن منازلكم: ﴿ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ ﴾من المدينة ﴿ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا ﴾ أي لا نطيع أحداً طَلَبَ منا خِذْلانكم أو ترْك الخروج معكم، ﴿ وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ ﴾ يعني: ولئن قاتلوكم لَنُعِينكم عليهم بالرجال والسلاح ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ ﴾ أي المنافقين ﴿ لَكَاذِبُونَ ﴾ فيما وَعَدوا به يهود بني النَضير، فـ﴿ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ ﴾: يعني لئن أُخرِج اليهود من "المدينة" لا يَخرج المنافقون معهم، ﴿ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ ﴾ لأنهم جُبناء، ﴿ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ ﴾ يعني: ولئن قاتلوا معهم - على سبيل الفرض - ﴿ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ﴾: أي سوف يَفِرّون مُنهزمين من المؤمنين ﴿ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ أي: ثم لا يَنصرهم الله تعالى، بل يَخذلهم ويُذِلُّهم.

 

﴿ لَأَنْتُمْ ﴾ أيها المؤمنون ﴿ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ﴾ يعني إنّ خوف هؤلاء المنافقين منكم أعظم وأشد في صدورهم مِن خوفهم من الله تعالى، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ أي بسبب أنهم لا يَفهمون صفات الله تعالى، ولا يَعلمون عظمته وقدرته، ولا يتصورون شدة عذابه.

 

♦ ثم أخبر سبحانه عن بعض صفات اليهود والمنافقين قائلاً: ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا ﴾أي اليهود والمنافقون﴿ إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ ﴾ بالأسوار والخنادق ﴿ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ﴾: يعني أو مِن خلف الجُدران، ﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ﴾: أي عداوتهم فيما بينهم شديدة، ﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾ أي تظن أنهم مجتمعون على كلمة واحدة، ولكنّ قلوبهم متفرقة، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ (إذ لو كانوا يعقلون: لاَجتمعوا على الحق بعد ما عرفوه، وما حدث لهم هذا التفرق).

 

♦ مَثَل هؤلاء اليهود فيما أصابهم من العقوبة ﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ﴾ أي كمَثَل كفار قريش يوم "بدر"، ويهود بني قَيْنُقاع، فقد ﴿ ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ ﴾: أي ذاقوا سُوء عاقبة كُفرهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ في نار جهنم، ومَثَل هؤلاء المنافقين في تحريض اليهود على القتال ووَعْدهم لهم بأنْ يَنصروهم على الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ ﴾: أي كمَثَل الشيطان حين زَيَّنَ للإنسان الكفر ودعاه إليه، ﴿ فَلَمَّا كَفَرَ ﴾ ذلك الإنسان ﴿ قَالَ ﴾ له الشيطان: ﴿ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ﴾ومِن كُفرك ﴿ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ ﴿ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا ﴾ أي كان مصير الشيطان والإنسان الذي أطاعه في الكُفر ﴿ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ﴾﴿ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴾ يعني: وذلك جزاء المُعتدينَ، المتجاوزينَ لحدود الله.

 

الآية 18، والآية 19: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أي خافوا اللهَ واحذروا عقابه، ﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ يعني: ولْتتدبر كل نفس ما قَدَّمَت من الأعمال ليوم القيامة (ألاَ فحاسِبوا أنفسكم أيها المؤمنون قبل أن تُحاسَبوا، وسارِعوا بالتوبة الصادقة التي يُبَدّل الله بها سيئاتكم حسنات، وأكثِروا مِن َحْمد الله على نعمه عليكم، وأكثِروا من الاستغفار على ذنوبكم)، كما كان يُكثِر النبي صلى الله عليه وسلم - قبل موته - مِن قول: (سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه)، عِلماً بأن (سبحان الله وبحمده) تعادل في المعنى (سبحان الله والحمد لله)، وقد كان أحد السلف دائماً يقول: (الحمد لله أستغفر الله)، فقال له أحد جُلَسائِه: (ألاَ تُحسِنُ غيرَ هذا؟)، فقال له: (بل أُحسِنُ الكثير، ولكنني رأيتُني أتقلبُ بين نعمةٍ وذنب)، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ في كل أفعالكم وأقوالكم ﴿ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ ﴾ أي تركوا أداء حقوق الله التي أوجبها عليهم ﴿ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ يعني فلذلك أنساهم حظوظ أنفسهم من الأعمال الصالحة التي تنجيهم من العذاب يوم القيامة، و﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ أي الخارجونَ عن طاعة الله ورسوله.

 

الآية 20: ﴿ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ المُعَذَّبون ﴿ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ﴾ المُنعَّمون، ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ بكل مطلوبٍ ومحبوب، الناجونَ من كل خوفٍ ومكروه.

 

الآية 21: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ ﴾ من الجبال، ففَهِمَ ما فيه مِن وَعدٍ ووعيد: ﴿ لَرَأَيْتَهُ ﴾ - رغم قوته وضخامته -: ﴿ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ أي خاضعًا ذليلاً متشققًا لشدة خوفه من الله تعالى، ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ﴾ ونوَضِّحها لهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ في قدرة الله وعَظَمته، (وفي الآية حَثٌّ على تدَبُّر القرآن، وتفَهُّم مَعانيه، والعمل به).

 

الآية 22: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ أي الذي لا معبود بحق إلا هو ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾: أي عالم السر والعَلانية، ﴿ هُوَ الرَّحْمَنُ ﴾ الذي وَسِعَت رحمته كل شيء، ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ بعباده المؤمنين.

 

الآية 23: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ أي الذي لا يَستحق العبادة غيره، ﴿ الْمَلِكُ ﴾ أي المالك لجميع الأشياء، المتصرف فيها بلا شريك، وهو ﴿ الْقُدُّوسُ ﴾ أي المُنزَّه عن كل ما لا يليق به، وهو ﴿ السَّلَامُ ﴾ أي ذو السلامة مِن كل نقص، الذي يُفيض السلام على مَن شاء مِن عباده، وهو ﴿ الْمُؤْمِنُ ﴾ أي المُصَدِّق رُسُله وأنبياءه بالآيات والمعجزات، ليُثبت للناس صِدق ما أرسلهم به، وهو سبحانه ﴿ الْمُهَيْمِنُ ﴾ أي الرقيب على أعمال خَلقه، المُسَيطر على كَوْنه، فلا يَخرج شيءٌ عن إرادته وإذنه، وهو ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ الذي لا يُغلَب، ﴿ الْجَبَّارُ ﴾ الذي قَهَرَ جميع العباد، وخضع له سائر الكون، وهو ﴿ الْمُتَكَبِّرُ ﴾ الذي له الكبرياء والعَظَمة ﴿ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي تَنَزَّهَ الله وتعاظَمَ عن شِرك هؤلاء المُشرِكين (الذين يُساوونَ الخالق العظيم بالمخلوق العاجز الضعيف، ويعبدونه معه).

 

الآية 24: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ ﴾ أي المُوجِد لكل المخلوقات من العدم، ﴿ الْبَارِئُ ﴾ أيالمُبدِع في خَلْقه، ﴿ الْمُصَوِّرُ ﴾ الذي يُصَوِّر أشكال المخلوقات ويُنشئها على هيئاتٍ مختلفة، ﴿ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ والصفات العُلَى، ﴿ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ ﴾ في انتقامه مِن أعدائه، ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ في تدبيره لأوليائه.



[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

- واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الذاريات كاملة
  • تفسير سورة الطور كاملة
  • تفسير سورة القمر كاملة
  • تفسير سورة الرحمن كاملة
  • تفسير سورة الواقعة كاملة
  • تفسير سورة الحديد كاملة
  • تفسير سورة المجادلة كاملة
  • تفسير سورة الطلاق كاملة

مختارات من الشبكة

  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سورة الحشر كاملة(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سورة المفصل ( 33 ) تفسير سورة الماعون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 32 ) تفسير سورة الكوثر ( إن شانئك هو الأبتر - الجزء الرابع )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 31 ) تفسير سورة الكوثر ( فصل لربك وانحر - الجزء الثالث )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 30 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الثاني )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 29 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الأول )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 28 ) تفسير سورة الكافرون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب