• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

الدعاء بـ(اللهم)

الدعاء بـ(اللهم)
زهراء بنت عبدالله

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/5/2020 ميلادي - 26/9/1441 هجري

الزيارات: 19108

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدعاء بـ(اللهم)


الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين، وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين، وسلام الله عليهم أجمعين.

 

أما بعد:

فمن الأعمال العظيمة التي يحبها ويرتضيها الله من عباده، الدعاء واللجوء إليه بالدوام والاستمرار والثبات، والتوسل اليه، سواء كان توسلًا بالألوهية بلفظ "اللهم"، أو توسلًا بالربوبية الذي فيه الاستعانة برب العالمين، فلكل واحد منهما خواص ومقامات، يستلزم معرفتها حسب السياق للدعاء بهما على أفضل وجه، ولا شك أن الله تعالى قريب من عباده، لطيف بهم، يجيب دعاءهم اذا دعوا، في أي وقت وعلى كل حال، إلا أن هناك أوقات وأحوالًا لها خصوصية قبول أكثر من غيرها؛ حيث يكون العبد فيه أقرب لإجابة دعائه، وفي هذا الحديث بيان بعضها، قال أبو أمامة رضي الله عنه: "قيل: يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، أيُّ الدُّعاءِ أسمَعُ"، أي: أيُّ وقتٍ للدُّعاءِ يَكونُ أقرَبَ إلى مُوافَقةِ استِجابةِ اللهِ وأَرْجى في الإجابةِ؟ "قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "جوفُ اللَّيلِ الآخِرُ"، أي: في وسَطِ النِّصفِ الآخِرِ مِن اللَّيلِ، "ودُبرَ الصَّلواتِ المكتوباتِ"؛ أي: الدُّعاءُ آخِرَ الصَّلَواتِ الفرائضِ، فقيل: الدُّبرُ في الصَّلاةِ هو آخِرُها بعدَ التَّشهُّدِ وقبلَ التَّسليمِ، وقيل: أي: بعدَ التَّسليمِ.

 

بينما دعوة الصائم في شهر رمضان لها خاصية فريدة، فهي أفضل الأحوال وأجوب الأوقات، فجاءت آية الدعاء وسط آيات الصيام في سورة البقرة؛ مما يدل على قرب الله سبحانه تعالى من الصائمين في هذا الشهر المبارك، بشرط الاستجابة له بالأيمان، لما فيه من منافع في دينهم ودنياهم، وليكونوا على رجاء من الدوام على إصابة المقاصد والاهتداء إلى طريق الرشاد، قوله: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، إن الله يحب أن يُسأل ويُرغب إليه في الحوائج، ويلح في سؤاله ودعائه، وأن يثني عليه بنعمه، وأن يشكره قبل السؤال، وأيضًا بعد الاستجابة، عسى الله أن يبلو العبد أن يشكر أو يكفر بعدها، فالدعاء هو عبادة وكذلك فيه اختبار، ولقد ذم الله الذي إن أصابته شدة، قلق لها وجزع منها، وأكثر الدعاء، واستغاث ربه عند القعود والقيام، لكي يزيلها الله عنه، وإذا فرَّج الله كربته، وأزال عنه الشدة، أعرض ونسِي ما كان فيه من الضر والبلاء، وترك حينها الشكر لربه: ﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 12]، فلنعلم أن الله هو السميع الذي يسمع نداء السائلين، وهو المجيب الذي يُجيب دعاء الداعيين، وهو العليم الذي يعلم حاجات المحتاجين، ويغضب الله على مَن لا يسأله، أو يترك سؤاله؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لم يسأل الله يغضب عليه"، ففي السؤال، اظهار الحاجة والفاقة التامة إلى الله تعالى في كل حال، وفيه كذلك اعتراف أنْ لا أحد يملك النفع والضرر إلا الله وحده لا شريك له؛ إذ قال الله تعالى مخاطبا للنبي: ﴿ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ﴾ [الجن: 21]، فعند الطلب، نبدأ بالثناء عليه، ونقدِّسه ونعظِّمه وننزِّهه، ثم نرغب الدعاء، وندعوه ابتهالًا ليلًا ونهارًا، تضرعًا وخفيةً، رغبًا ورهبًا، في السراء والضراء، جوًّا وبرًّا، سواء كنا سقماءَ أو معافيين، مفطرين أو صائمين، فالله حيي كريم، لا يخيب السائل، ويستحيي ألا يجيب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا"؛ رواه أبو داود وصححه الألباني، وندعوه دعاءً من قلب خاشع لرب العالمين؛ إذ إن الله لا يستجيب دعاءً مِن عبد قلبه غافل عن ذكر الرحمن الرحيم، ولا يقبل دعاءً ممن لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر عنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْأَشْهَلِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ، فَلا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ"، ويستحسن نداء الله بالأسماء الحسنى ما يناسب الحال، والمراد عند الرغبة إليه في الدعاء والطلب؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 110]، فمن كان يشكو قلة المال والرزق، يدعو مثلًا باسم الرزاق الوهاب، الغني أو الكريم، والمريض يدعو ربه باسم الرحيم، الشافي، أو المعافى، وهكذا... ولكن أن يكون دائمًا متيقنًا مطمئنًّا أن الله يستجيب، وإن لم يستجيب مثل ما دعا، فليعلم أن الله يستجيب خير ما دعا، وأن يحرص ألا يأتيه اليأس من رحمة الله، حتى لو ضاقت عليه الأرض بما رحُبت؛ إذ من أحسن الظن بربه يجد خيرًا كثيرًا، وكل من يرضي بقضاء الله، فله كل الرضا، ومن الناس من يدعو بالشر على نفسه، وعلى ممن حوله، دعاءً حاملًا للإثم والأذى والضر، كدعاء الهلاك واللعن والانتقام، ويدعو ويحسب نفسه يدعو خيرًا، لا صبر له على سرَّاء، ولا على ضرَّاء، فلو استجاب الله له في الشرِّ كما يستجاب له في الخير، هلك وخسِر ثم ندم، ولكن الله بفضله ورحمته قد لا يستجيب له؛ قال الله تعالى: ﴿ وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾ [الإسراء: 11]، وأحيانًا ندعو دعاءً باطنه شر ولكن ظاهره خير، فلا يستجاب من علام الغيوب، أو يستجاب أجلًا وليس عاجلًا؛ لأن الخير أنذاك في تأجيله، فهو جل وعلا أعلم بما يصلح العبد في دنياه وآخرته، ويبقى الداعي المخلص، محسن الظن بالله في كل حال من الأحوال، ومؤمنًا بالقدر خيره وشره، ويعلم أن الحكيم العليم لا يخيب من رجاه، قد يعجل له الإجابة لحكمة، وقد يؤجلها له لحكمة، ويدرك أن من ييئس من رحمة الله إلا الذي أخطأ سبيل الصواب، وترك قصد السبيل في ترك رجاء الله، فضل بذلك بعدها عن السبيل: ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56]، وَعَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلا للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْرًا لَهُ)؛ رواه مسلم، وهناك من يدعو ما يظنه خيرًا ينفعه، بل هو مضرة عليه في دينه، وربما كان في دنياه، فيستجيب الله له بغير ما دعا، ولكن يظن الداعي أنه شر، وقد ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ)[1]، وقوله تعالى: ﴿ ‏‏أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ‏ ﴾ ‏‏[‏آل عمران‏:‏ 165‏]، فإن أصاب العبد من نعمة‏، فحينذاك من الايمان والحكمة أن يشكر ربه ويحمَده على ما أنعم به عليه، وإن أصابه من سيئة‏ كفقر وذلٍّ وخوف ومرض أن يكثر من التوبة والاستغفار من الذنوب، فلعل تكون مصائبه سبب لتكفير خطاياه، أو تكون سبب لرفع درجاته؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صبَّره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه)؛ رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.

 

اللَّهُمَّ:

الدعاء باللهم هو الدعاء بلا إله إلا الله؛ أي: إن العبد يدعو الله الذي يطاع في أوامره، أي: إنك تدعو من يدعوك إلى الإيمان والإسلام والتقوى، وهذا من قمة الروعة؛ لأنك تدعو الحق بالحق، وفيه تذكير للعبد بالعهد؛ حيث إن الله يدعوك بالأوامر وأنت تدعوه بالطاعات، جاءت أدعية الأوامر بأسلوب النداء، مهمتها توصيل رسالة الله للعالمين، وتوضيح مقاصده التي ضمنها أحكامه وتشريعاته، وأكثر نداء ورد في القرآن هو نداء للذين آمنوا؛ حيث ورد في تسعة وثمانين موضعًا؛ منها: قوله تعالى: ﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، إن الدعاء باللهم هو الدعاء للذين آمنوا، الذين يؤمنون بلا إله إلا الله، والإيمان بلا إله إلا الله يستلزم الإيمان بمحمد رسول الله، والإيمان بمحمد يستلزم طاعته، ومتابعة هديه وسنته: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال:24]، أما الإيمان يكون بالإخلاص والعلم والعمل والتقوى، فكيف يعقل أن تجد من يدعو بدعاء اللهم، وهو لا يصلي، ولا يصوم، ولا يتقي الله، فمن الجهل والعصيان، ألا تستجيب دعاء لمن تدعوه، ومن الضلال أن ترجو كذلك بعدها أن يستجيب لك هو حين تدعوه، بينما أنت لا تستجيب له حين يدعوك، وهناك من لا يصلي وإن نصحه أحدٌ وحذَّره، دعا بـ"اللهم اهديني"، وقد جعل أوامر الله مسائلَ، وجعل الطاعة رجاءً، ونَسِي أن الدعاء باللهم للذين يطيعون الأوامر، وليس للذين يرجون الأوامر، فأراد بذلك أن يستعين بالله في حوائجه، دون طاعة الله في أوامره.

 

أيها العبد، إن الدعاء بالهداية في سورة الفاتحة: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾، والذي يدعو به المسلمين في كل ركعة في صلاتهم، جاء بعد الآية: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة:5]؛ أي: إن شروط استجابة الدعاء هو العبادة والاستعانة معًا، وأن الهداية التي أرادها الله لنا هنا هي هداية الطاعة والاستعانة، وليس هداية التمني.

 

أيها العبد، إن الذي قال: إن الله هو رب العالمين: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، هو نفسه الذي قال: إن ربكم الله: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54]، فكيف يستعان به بينما لا يطاع، وكيف يطاع بينما لا يستعان به.

 

أيها العبد، من شعائر الحج العظيمة، التلبية، والمسلم يداوم ولا يترك التلبية والاستجابة حتى يلقى الله عز وجل، ولَمَّا كانت التلبية لله هو توحيده وطاعته، جاءت التلبية بكلمة "اللهم" لِما فيه تعبير عن إقامة الطاعة لله؛ فعَنْ عبدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ تلبيةَ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: لبَّيكَ اللهمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ لا شريكَ لك لبَّيكَ؛ إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والمُلْك، لا شريكَ لك)).

 

الأدعية باللَّهُمَّ:

لو تتبَّعنا الأنبياء في أدعية القرآن، سنجدها أغلبها توسل بالربوبية عكس أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم التي وردت في السنة النبوية والسيرة النبوية والتي وصلت إلينا بالتواتر من جيل الصحابة إلى التابعين، وتابعي التابعين إلى يومنا هذا، وغالبًا ما يطبع عليها طابع التوسل بالألوهية وتتسم بقمة الخضوع والتذلل لله عز وجل، كما تحتوي على معاني بليغة ومضامين حكيمة، فوائدها كثيرة، ولها خواص مستقلة، جعلتها مميزة عن غيرها من الأدعية، من بين خواصها:

• أنها أدعية الخير: لأنها تجمع بين خيري الدنيا والآخرة؛ أي: تشمل كل مطلوب دنيوي يكون عونًا على طاعته، من عافية ورزق، وعلم نافع وعمل صالح، وتشمل كل مطلوب آخروي، من دخول الجنة، وتيسير الحساب، ونجاة من النار الذي يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا؛ كاجتناب المحارم والآثام، وأداء الواجبات، فكأنك تقول: يا ربِّ، أعني على أسباب الوقاية من النار بطاعتك وامتثال أوامرك، ﴿ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ﴾ِ [البقرة: 201]، وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي الدُّنْيَا عَافِيَةً وَفِي الْآخِرَةِ عَافِيَةً، وَقَالَ عَوْفٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: مَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَالْقُرْآنَ وَأَهْلًا وَمَالًا، فَقَدْ أُوتِيَ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَة حَسَنَةً، وَقَالَ الْحَسَنُ: فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً: الْعِلْمُ وَالْعِبَادَةُ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، الْجَنَّةُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَابْنُ حِبَّانَ: ﴿ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ﴾ رِزْقًا حَلَالًا وَعَمَلًا صَالِحًا، ﴿ وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ﴾ الْمَغْفِرَةُ وَالثَّوَابُ.

 

إن كل ما نراه خيرًا وهو يعيننا على الشر، فليس ذلك من الخير شيئًا، وكل ما نراه شرًّا وهو يعيننا على الخير، فليس ذلك من شر شيئًا، أما الخير الواضح الذي ظاهره خير وباطنه خير، فهو النعمة التي أنعمها الله بها على الناس، ألا وهي نعمة الإسلام، دين الله؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ﴾ [النحل: 53]؛ إذ تلك النعمة تمتد أثرها إلى الآخرة، بمعنى أن كل من تمسك بالكتاب والسنة علمًا وعملًا، فقد أصيب خيرًا وسيحظى خيرًا بإذن الله، ولو عرفنا الخير نجد أنه كل ما حَسُنَ مِن الأفعال والأقوال، وأدَّى إلى طاعة الله وإعانة الناس، وكل نعمة ينتفع بها العبد في دينه ودنياه، وترجع عليه بالنفع يوم الحساب، بينما الشر كل ما قَبُح مِن الأفعال والأقوال، وأدَّى إلى معصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ويرجع على العبد بالضرر والخسارة يوم الحساب، كما جاء واضحًا مفصلًا في الحديث النبوي، عن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رضي الله عنه قالَ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشر، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنا كُنا فِي جَاهِلِيةٍ وَشَر، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَر؟ قَالَ: « نَعَمْ »، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشر مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: « نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ »، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: « قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ»، قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَر؟ قَالَ: « نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَض بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ»، لا يوصف الله بالشر وإن كان خالقه؛ إذ إن الشر بيد فاعله، فكل أفعاله سبحانه وتعالى خير وحكمة، ليس فيها شر بإطلاق، ولا يقدرها إلا لحكمة، عرَفها مَن عرَفها، وجهِلها مَن جهِلها، قال ابن القيِّم رحمه الله: «وهو سبحانه خالق الخير والشرِّ، فالشرُّ في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله، وخلْقُه وفعلُه وقضاؤه وقدره خيرٌ كلُّه، ولهذا تَنَزَّه سبحانه عن الظلم الذي حقيقتُه وضعُ الشيء في غير موضعه كما تقدَّم، فلا يضع الأشياءَ إلا في مواضعها اللائقة بها، وذلك خيرٌ كلُّه، والشرُّ وضع الشيء في غير محلِّه، فإذا وُضع في محلِّه لم يكن شرًّا، فعُلم أنَّ الشرَّ ليس إليه»[2].

 

• أنها أدعية الطاعة؛ لأنها من الادعية التي أمر الله ورسوله المسلمين أن يدعون بها؛ لقد بعث الله الرسول بالهدى ودين الحق وأعطاه التفويض في أن يبيِّن للناس ما نُزِّل إليهم: ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44].

 

• إن بيان الرسول لكتاب الله هو السنة المحفوظة التي بين أيدينا، وتعد حجة على العباد؛ إذ جعلَ اللهُ تَعالى طاعة رسولِه طاعةً له، ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسولَ فقد أطَاعَ اللهَ ﴾ [النساء: 80]، وصى رسول الله باتباعِ سُنتهِ؛ حيثُ قال: "فعليكم بسُنتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ من بعدي، تمسكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذِ", وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: "جاءت ملائكة إلى النبي وهو نائمٌ، فقال بعضهم: إنه نائمٌ، وقال بعضهم: إن العين نائمة، والقلب يقظان، فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلًا، فاضربوا له مثلًا، فقالوا: مَثَلُه كمثل رجل بنى دارًا، وجعل فيه مأدبة، وبعث داعيًا، فمن أجاب الداعي دخل الدار، وأكل من المأدبة، ومن لم يُجِبْ الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا: أَوِّلوها يفقهها، فقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة، والداعي محمد، فمن أطاع محمدًا فقد أطاع الله، ومن عصى محمدًا، فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس"؛ (أخرجه البخاري)، فصل الرسول مجمل القرآن، وقيد مطلقه وشرح معانيه، ووضح أحكامه، وجاء أيضًا بأمور ليست مذكورة في الكتاب؛ كتحريم الجمع بين الزوجة وخالتها، وتحريم لحوم الحمر الأهلية، وتحديد كيفية الصلاة، وما اتصل بها من عدد الركعات، ولقد شملت السنة أيضًا الدعاء بجميع أشكاله من الاستغاثة والاستعاذة والاستغفار التي تعد بمثابة عبادة لله جل شأنه؛ لأن عليه الصلاة والسلام لا يخبر عن هواه، ولا عن نفسه، وإنما يخبر ما يوحي الله إليه من الأوامر والتشريع؛ كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم لما قال له عبدالله بن عمرو: هل أكتب يا رسول الله ما تقول؟ قال: "نعم اكتُب، فو الذي نفسي بيده، لا يخرج من هذا إلا حقًّا"، وقوله تعالى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [سورة النجم: 4]، وتنقسم أدعية الطاعة إلى:

1- دعاء الصلاة المأمور به، والذي دعا به الرسول بلفظ "اللهم": الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل العبادات وأجل القربات، فقد أمر الله تعالى الذين آمنوا أن يصلوا عليه، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على العمل بها، وبيَّن مضاعفة أجرها، وأوضح أنها سبب لمغفرة الذنوب، وقضاء الحاجات، فقال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ صَلى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ"؛ رواه النسائي (1297)، وصحَّحه الشيخ الألباني في "صحيح سنن النسائي"، وعلم الرسول المسلمين كيف يصلون عليه، مفتتحيين بلفظ "اللهم" في الصلاة؛ فعن موسى بن طلحة عن أبيه، قال: أتى رجل النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: سمعت الله يقول: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ...) الآية، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: "قلِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إبْرَاهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، وَبَارك عَلَى مُحَمَّد وَعَلى آلِ مُحَمد، كَمَا بَارَكتَ عَلَى إبْرَاهيمَ إنكَ حَمِيد مَجِيدٌ".


2- الدعاء المأمور، المتقرب به إلى الله وينقسم إلى:

1-2 الدعاء المأمور الذي جاء فيه كلمة اللهم: أمر الله الرسول أن يدعو بأدعية علَّمه إياها، وهي الأدعية التي جاءت في الآيات المفتتحة بـ"قل" التي تشمل تعظيم الله والتوكل عليه والشكر له، والتفويض إليه؛ إذ قال الله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [الزمر: 46]، وقوله: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

 

ولَما كانت من الأدعية المأمورة، عمل بها الرسول، وافتتحها كما جاءت في القرآن، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يدعونَّ بها، عن أبي هريرة أَنَّ أَبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ، رضي الله عنه، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِكَلمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ وإِذَا أَمْسَيتُ، قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرضِ عَالمَ الغَيْب وَالشَّهَادةِ، ربَّ كُلِّ شَيءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَن لاَ إِله إِلاَّ أَنتَ، أَعُوذُ بكَ منْ شَرِّ نَفسي وشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكهِ"، قَالَ: "قُلْها إِذا أَصْبحْتَ، وَإِذا أَمْسَيْتَ، وإِذا أَخذْتَ مَضْجِعَكَ؛ رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الصَّغِيرِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعاذٍ: (ألا أُعَلِّمُكَ دُعاءً تَدْعُو بِهِ لَوْ كانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ دَيْنًا لَأدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ، قُلْ يا مُعاذُ: اللَّهُمَّ مالِكَ المُلْكِ، تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشاءُ، وتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وتُعِزُّ مَن تَشاءُ، وتُذِلُّ مَن تَشاءُ، بِيَدِكَ الخَيْرُ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَحْمَنَ الدُّنْيا والآخِرَةِ ورَحِيمَهُما، تُعْطِيهِما مَن تَشاءُ، وتَمْنَعُ مِنهُما مَن تَشاءُ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِها عَنْ رَحْمَةِ مَن سِواكَ).


2.2 الدعاء المأمور الذي دعا به الرسول بلفظ اللهم:

أمر الله الرسول أن يحمد ربه وأن يستغفره، قوله: ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 3]، وخرَّج الإمام أحمد من رواية أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود عن أبيه، قال: لَمَّا نزلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [النصر: 1].

 

كان يُكثِر إذا قرأها وركع أن يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، إنك أنت التواب الرحيم؛ ثلاثًا، وقوله: ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199]، وقوله: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]، عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إِلَه إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَّ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلَّا أَنْتَ، منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَماتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ"؛ رواه البخاري.

 

3- الدعاء الممدوح الذي دعا به الرسول بلفظ اللهم:

مدح الله الذين يجمعون في الدعاء بين طلب الدنيا وطلب الأخرة: ﴿ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ﴾ِ [البقرة:201]، وهو أكثر دعاء كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، وأحرصت السنة بالترغيب في هذا الدعاء، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُالْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِالْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللَّهم ربَّنا، آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"[3]، وقد عمل به أنس، فكان إذا أراد أن يدعو بدعوة، دعا بهذا الدعاء، في حين ذم الله من لا يسأله إلا في أمر دنياه، وهو معرض عن أخراه، قوله: ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 200].

 

4- أمثلة الأدعية النبوية المستمدة من الآيات القرآنية، بلفظ اللهم:

﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17]، أخبر الله تعالى أنه مالك الضر والنفع، وأنه المتصرف في خلقه بما يشاء، لا من قبل لحكمه، ولا راد لقضائه، جاء في الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِما أَعْطَيْت، وَلَا معطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدِّ".

 

﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

تفسير ابن عثيمين: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا: أن الإنسان لا يملِك قلبه، ولهذا تسأل الله ألا يزيغ قلبك، فلا تغتر بنفسك أنك مؤمن، فكم من إنسان مؤمن زلَّ والعياذ بالله ولكن اسأل الله دائمًا أن يثبتك، وألا يزيغ قلبك، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِذَا شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ"، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ، وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ قَوْمًا، وَيَضَعُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"[4]، وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ؛ أي: هبة لا يمن بها علينا أحدٌ سواك، وهبة عظيمة؛ لأنها تأتي من عندك، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي بكر حين سأله أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته، قال: «قُلِ اللهُم إِني ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي»[5].

 

• ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور من الآية: 22]، حثَّ الله عباده على العفو والصفح وقبول الأعذار من الآخرين، ﴿ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [البقرة: 237]، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلةُ القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني".

 

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعَل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعَل الموت راحة لنا من كل شرٍّ.

 


[1] رواه أحمد في " المسند " (17/ 213)، وحسَّنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة، وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب"، وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (547).
[2] «شفاء العليل» لابن القيِّم (179).
[3] صحيح البخاري برقم (4522).
[4] أخرجه مسلم (2654/ 17) من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.
[5] حديث متفق عليه؛ البخاري (7387)، ومسلم (2705/ 48) من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدعاء بظهر الغيب
  • الدعاء بحسن الخاتمة
  • أحب دعاء إلى الله سبحانه (خطبة)
  • دعاء (تصميم)
  • دعاء الغضب
  • الدعاء باب الخير كله
  • الدعاء عند رؤية باكورة الثمر
  • بم يبدأ عند الدعاء؟
  • خطبة: الدعاء على الأولاد

مختارات من الشبكة

  • لماذا تتأخر إجابة الدعاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعاء فضائل وآداب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعاء المستجاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعد أذكار الصلاة يعمد كل فردا إلى الدعاء (الدعاء الجماعي في ادبار الصلاة)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • من أسباب إجابة الدعاء: الدعاء بأسماء الله الحسنى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحقيق الرجاء بمختار الدعاء: مختصر كتاب الدعاء للإمام الحافظ الطبراني - بدون حواشي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تحقيق الرجاء بمختار الدعاء: مختصر كتاب الدعاء للإمام الحافظ الطبراني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الدعاء عدة المؤمن: آداب الدعاء - أسباب وموانع الإجابة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رمضان المبادرة .. الدعاء الدعاء(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم الدعاء في الركوع(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب