• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تبديد الخوف من المستقبل المجهول (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    عظة مع انقضاء العام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العلي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من فوائد الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن محمدا رسول الله صلى الله ...
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (16)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    مناجاة
    دحان القباتلي
  •  
    قاعدة الخراج بالضمان (PDF)
    عمر عبدالكريم التويجري
  •  
    خاطرة: ((شر الناس منزلة عند الله))
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة السيرة: بدء الوحي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    همسة حاضر في ذكرى غائب
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    واو الحال وواو المصاحبة في ميزان التعريف
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    خطبة: أهمية طلب العلم في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

تأملات في اسمه تعالى الواسع

تأملات في اسمه تعالى الواسع
أ. د. وجيه يعقوب السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/12/2019 ميلادي - 27/4/1441 هجري

الزيارات: 16691

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تأملات في اسمه تعالى (الواسع)

 

سبحان ربي الغني المغني، سبحان ربي (الواسع) العليم، سبحان ربي ذي الجلال والإكرام، مالك الملك، عظيم الجاه واسع السلطان، تبارك اسمُه وتعالى جَدُّه ولا إله غيره، وسِع كرسيُّه السموات والأرض، لا يحيط بعلمه ولا بذاته ولا بملكه أحدٌ من خلقه، وقد أحاط هو بكل شيء علمًا، والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، يعطي من يشاء فيغنيه، ويُعَلِّم من يشاء فيصير فقيهًا حكيمًا، سبحانه لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، فإذا كان بعض خلقه - بفضله سبحانه - يُوصَف بأنه عريض الثراء، عظيم الجاه، وواسع العلم والمعرفة، فكيف بملكه وجاهه وعزه وسلطانه وعلمه وغناه؟ لذلك نجد هذا الاسم الجليل يعبر عن كمال صفاته وأفعاله وتمامها، فلا تخلو صفة من صفاته، ولا فعل من أفعاله من أن تضاف إلى هذا الاسم الجليل للتعبير عن هذا الكمال، فتقول: واسع المغفرة، واسع العلم، واسع الكرم، وهكذا.

 

والواسع مشتق من السعة، والسعة تضاف مرة إلى العلم إذا اتسع وأحاط بالمعلومات الكثيرة، وتضاف أخرى إلى الإحسان وبسط النعم، وكيفما قُدِّر وعلى أي شيء نزل، فالواسع باللفظ المطلق هو الله سبحانه وتعالى؛ لأنه إن نُظِرَ إلى علمه فلا يمكن تصوره، وتنفد البحار لو كانت مدادًا لكلماته، وإن نُظِرَ إلى إحسانه ونعمه فلا نهاية لمقدوراته، فهو واسع في علمه فلا يَجهَل، وواسع في قدرته فلا يَعجَل، لا حدود لغناه، ولا تُعَدُّ عطاياه، إفضاله شامل، ونَواله كامل، وهو واسع الصفات والنعوت، واسع العظمة والسلطان والملكوت، وواسع الفضل والإحسان والجود، ما وصف نفسه بهذا الوصف إلا ليُكثِر العباد من سؤاله، ويطلبوا الغِنى والقوة منه وحده دون سواه.

 

ما للعباد عليه حق واجب
كلا ولا سعيَ لديه ضائعُ
إن عُذِّبُوا فبعدله أو نُعِّمُوا
فبفضله وهو الكريم الواسعُ

 

وقد ورد اسمه تعالى (الواسع) في القرآن الكريم تسع مرات، اقترن في سبع منها باسمه تعالى العليم، ولعل في هذا ما يشير إلى أن الله سبحانه يعطي من فضله الواسع من يشاء عن كمال العلم بمن يستحق هذا العطاء، سواء أكان هذا العطاء رحمة، أو مغفرة، أو مُلكًا، أو مالًا، أو علمًا، أو أي نوع من أنواع العطاء، وعطاؤه سبحانه - فضلًا عن كونه عن كمال العلم - فهو مع كمال الحكمة، وسعة المغفرة، وفي هذا نجد أن اسمه (الواسع) سبحانه جاء مضافًا إلى المغفرة مرة واحدة في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [النجم: 32]، وجاء مقترنًا باسمه الحكيم مرة واحدة كذلك في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130]؛ [انظر: مفهوم الأسماء والصفات لسعد بن عبدالرحمن ندا].

 

ولا شك أن إدراك العبد لمعنى هذا الاسم الجليل بصورة صحيحة، والعيش في ظلاله والتخلق به، يحبب إليه البذل والعطاء والكرم ونبذ البخل والشح؛ لأن الله تعالى (الواسع) كثير العطاء، سيخلفه فيما ينفق وسيعوضه ويزيده من فضله وكرمه، فخزائنه لا تنفد، وجوده لا ينقطع، وعطاياه لا تتوقف؛ فهو القائل: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، فكل نعمة تزيد بالشكر والثناء والرضا عن الله، وهو القائل جَلَّ وعلا: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261]، ويلاحظ أن الآية الكريمة قد جمعت بين اسمه تعالى (الواسع) واسمه تعالى (العليم)؛ وذلك لإبراز كرم الله ومضاعفته التي لا حدود لهما، فإنه واسع العطاء واسع الغِنى واسع الفضل، على أن سعة عطائه لا تقتضي أن يحصل عليها كلُّ مُنْفِق، فهو وحده الذي يعلم من تصلح له هذه المضاعفة، ومن لا يستحقها ولا هو أهل لها، فإن كرمه وفضله لا يناقض حكمته، بل يضع فضله في موضعه لسعته ورحمته، ويمنعه من ليس من أهله بحكمته وعلمه.

 

ويُرْوَى أن هذه الآية نزلت في عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما؛ ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الخروج إلى غزوة تبوك، حَثَّ الناس على الإنفاق في سبيل الله، وكان الجيش يومئذٍ بحاجة إلى الجهاز، فجاءه عبدالرحمن بن عوف بأربعة آلاف، وقال عثمان بن عفان: "عليَّ جهاز من لا جهاز له"، فجهَّز الجيش بألف بعير بأقتابها وأحلاسها، وقيل: إنه جاء بألف دينار ذهبًا، فصبَّها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلِّبُها في حجره ويقول: ((ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم))؛ [انظر: أسباب النزول للواحدي]، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم أجمعين يتسابقون في البذل والعطاء والإنفاق في سبيل الله؛ لإيمانهم بأن الله تعالى خزائنه لا تنفد، وعطاؤه لا ينقطع، وليس المال ولا الجاه هو أعظم ما يُعطى ويُمنح، ولكن الإيمان والسكينة والرضا والثبات على الحق، بل إن ما يزويه ويمنعه عن عباده هو عين الإحسان والفضل والكرم، فمكانة المرء وقربه من ربه تكون على قدر بعده عن الدنيا وشواغلها.

 

وقد سلطت الآيات الكريمة الضوء على الأسباب التي تدعو كثيرًا من الناس إلى الشح والإمساك، وتجعلهم لا يبادرون إلى الإنفاق في سبيل الله، ورَدَّتْ ذلك إلى ضعف يقينهم وقلة إيمانهم بأن الله تعالى يُخْلِفهم ويضاعف لهم؛ ومن ثم حرصت تلك الآيات على إبراز هذه الصفة العظيمة لله عز وجل؛ وهي سعة عطائه وفضله وجوده، حتى يحفز ذلك الناس على البذل وعدم الإمساك والتقتير؛ قال تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]، وقد قَدَّمَ اسم الشيطان مسندًا إليه؛ لأن تقديمه مُؤْذِن بذمِّ الحكم الذي سيق له الكلام وشؤمه؛ لتحذير المسلمين من هذا الحكم، وقد شَبَّهَ إلقاء الشيطان في نفوسهم توقع الفقر بوعد منه بحصوله لا محالة، ووجهُ الشبه ما في الوعد من معنى التحقق، والفحشاء هي كل أمر قبيح ومستبشع، وهذا ارتقاء في التحذير من الخواطر الشيطانية التي تدعو إلى الأفعال الذميمة، فوعْدُ الشيطان ليس سوى تخويف الناس من الفقر ليقبضوا أيديهم، وأما وعد الله تعالى فهو الوعد الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو الواسع العليم الجواد الكريم؛ [انظر: التحرير والتنوير].

 

ويجسد هذا الاسم الجليل صفات القدرة والعظمة والمجد والسلطان، حتى يعرف العبد قدر ربه وسعة ملكه؛ فيحذر معصيته ويرجو رحمته، ومن يتأمل قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 115]، يجد الآية صريحة في أنه أينما ولَّى العبد من حضر أو سفر، في صلاة أو غير صلاة - فثَمَّ وجه الله، ويدل سياق الآية على أن المقصود منها بيان عظمة الرب تعالى وسعته، وأنه أكبر من كل شيء وأعظم منه، وأنه محيط بالعالم العلوي والسفلي، فذكر في أول الآية إحاطة ملكه في قوله: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ﴾، فنبهنا بذلك على ملكه لما بينهما، ثم ذكر عظمته سبحانه، وأنه أكبر وأعظم من كل شيء، فأينما وَلَّى العبد وجهه فثَمَّ وجه الله، ثم ختم باسمين دالَّين على العظمة والإحاطة؛ فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾، فذكر اسمه الواسع عقيب قوله: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ كالتفسير والبيان والتقرير له؛ [انظر: الأسماء والصفات للبيهقي].

 

ولكي ندرك حقيقة هذا الاسم الجليل ومعناه، فلننظر في هذا الكون الشاسع ولنتأمل بديع خلقه، وما أودعه الله من أرزاق وأقوات تَسَعُ خلقه جميعًا، وهي تدل على عظيم إحسانه وجميل مننه وعطائه، ساعتها سندرك أنه وحده هو الجدير بالالتجاء إليه، والفرار من كل شيء إلا منه؛ قال تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ * وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذاريات: 47 - 50]، فإذا كانت السماء بهذا الاتساع، وقد بنيناها بقوة غالبة وقدرة كاملة، وزيناها بالنجوم، والأرض فرشناها ومهدناها، وجعلنا فيها من سبل العيش ما يكفل لكل مخلوق أن يعيش في راحة وسَعَةٍ، فلا مناص من الفرار والرجوع إلى خالق الكون ومدبر الأمر، الذي وسِعَ كرسيه السماوات والأرض، وأحاط بكل شيء علمًا وقدرة، فإذا كان الأمر على هذا النحو، فلتهربوا إلى الله الذي هذه شؤونه بالإيمان والطاعة؛ كي تنجوا من عقابه وتفوزوا بثوابه، ولعل في الأمر بالإيمان وملازمة الطاعة بلفظ (الفرار) تنبيهًا على أن وراء الناس عقابًا يجب أن يفروا منه ويتوَقَّوْه بشتى السبل.

 

وربما تعكس آية الكرسي هذا المعنى بصورة أوضح؛ لذلك تعد أعظم آيات القرآن الكريم؛ يقول تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]، وآية الكرسيِّ هي أعظم آية في القرآن الكريم، وتشير الأحاديث إلى أن الكرسي مخلوق عظيم، والعرش أعظم منه، والمستفاد من ذلك كله الإشارة إلى عظيم قدرته؛ إذ لا يؤوده حفظ هذا الأمر العظيم، ولا يعييه على سعته وعِظمِهِ.

 

وحظ العبد من هذا الاسم الجليل وثمرة إيمانه به: أن يُعَظِّم ربَّه في قلبه وفي كل تصرفاته، فلا يتصرف تصرفًا لا يليق بذاته، فمن علم أنه تعالى هو الواسع رحمة وعلمًا وقدرة، جمع بين الخشية والرجاء، فكان بالخوف والرجاء في عموم أوقاته وأحواله، فقد بيَّن الله ذلك في كثير من آياته؛ فرحمته وسعت كل شيء وهو شديد العقاب، وهو الغفور الرحيم وعذابه الجد بالكفار ملحِق، وما دام الله يعطي العبد ويوسع عليه ويحسن إليه، فعلى العبد أن يوسع على العباد، وأن يعطيَهم على قدر كرم الله تعالى له، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الأجودين وأكرم الأكرمين، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ولم يكن عطاؤه مالًا أو طعامًا أو لباسًا فحسب، ولكنه كان دائم البِشْرِ والحفاوة بمن يقدُم عليه، وكان لا يضيق بضيوفه، بل يلقاهم ويستمع إليهم حتى لو أطالوا ومكثوا عنده وقتًا طويلًا، صلوات ربي وسلامه عليه.

 

وما أعظم قوله تعالى، وما أرجاه للعبد مهما كان ذنبه! فهو إلى جانب عفوه تعالى ومغفرته لا يساوي شيئًا؛ يقول تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: 31، 32]، فالمؤمن تطيب نفسه وتهدأ روحه، حين يقف على حقيقة معنى اسمه تعالى الواسع، فقد وسِعَ العصاة بتوبته، ووسِعَ المذنبين بعفوه ورحمته؛ قال ابن عباس: "معناه: إلا ما ألموا به من المعاصي الفلتة والسقطة دون دوام، ثم يتوبون منه"، وهذا التأويل يقتضي الرفق بالناس في إدخالهم في الوعد بالحسنى؛ إذ الغالب في المؤمنين مواقعة المعاصي.

 

ورحمة الله قريب من المحسنين والصالحين والمستغفرين والتائبين، فهي رحمةٌ مشروطةٌ وليست مطلقةً، فالكافر الذي يصرُّ على كفره، والظَّالم الذي لا ينتهي عن ظلمه - ليسوا مشمولين برحمة الله تعالى؛ لأنَّهم أصروا واستكبروا فاستحقوا العقاب والطرد؛ قال تعالى: ﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156]، وقوله سبحانه: ﴿ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ﴾، يحتمل أن يريد بالعذاب الرجفة التي نزلت بالقوم، ثم أخبر سبحانه عن رحمته، ويحتمل وهو الأظهر: أن الكلام قصد به الخبر عن عذابه وعن رحمته، وتصريف ذلك في خليقته كما يشاء سبحانه، ويندرج في عموم العذاب أصحابَ الرجفة، وقوله سبحانه: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾؛ قال بعض العلماء: هو عموم في الرحمة، وخصوص في قوله: ﴿ كُلَّ شَيْءٍ ﴾، والمراد: مَنْ قد سبق في علم الله أن يرحمهم، وقوله سبحانه: ﴿ فَسَأَكْتُبُهَا ﴾؛ [انظر: الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي].

 

وأكثر الناس إدراكًا لهذه الحقيقة هم المؤمنون به حقًّا وصدقًا؛ ولذلك لا يصيبهم اليأس ولا يقنطون من رحمة الله أبدا، وكيف ييأسون وربهم واسع المغفرة؟ وهو القائل: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، فهم لا يقنطون ولا يُقَنِّطُون الناس من رحمة الله تعالى، بل يدعون دومًا للناس بالخير والهداية، كما أمرهم ربهم الغفور الرحيم واسع العفو عظيم المغفرة؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7]، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا، وقد توقفنا عند عدد منها في اسم الله تعالى (الغفور).

 

اللهمَّ يا غني يا مغنٍ يا مجيب يا واسع، وسِّع علينا من فضلك وجودك وكرمك، وأغننا بحلالك عن حرامك، وعلِّمنا ما ينفعنا، واصرفنا عما يلهينا عنك، زدنا في العلم والعمل، وارزقنا الإخلاص والصدق في القول والعمل، واجعلنا ممن استهداك فهديته، وممن دعاك فأجبته، وممن سألك فأعطيته، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك فيه، يا واسع السلطان يا عظيم الشأن، ارحم ضعفنا ولا تكِلْنا لأنفسنا طرفة عين، يا واسع الرَّحمة والمغفرة ارحمنا واغفر لنا ذنوبنا، وارزقنا قبل الموت توبة وإنابة، وبعد الموت راحة وغفرانًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تأملات في قواعد التفسير
  • تأملات في سورة العاديات
  • تأملات في وصايا لقمان
  • تأملات في خلق الله
  • تأملات في الصيام
  • تأملات في اسمه تعالى المجيب
  • تأملات في اسم الله تعالى الخالق
  • تأملات في اسمه تعالى المصور
  • تأملات في اسمه تعالى الضار النافع
  • تأملات في كلمة فطر أو الفطرة

مختارات من الشبكة

  • تأملات في اسمه تعالى الوكيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في اسمه تعالى الرحمن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات حول اسمه تعالى المؤمن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في أسماء الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في اسمي الله تعالى القوي والمتين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في اسم الله الكافي(مادة مرئية - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • تأملات إيمانية في اسم الودود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في اسم الله اللطيف(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تأملات في اسم الله العليم(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • اقرأ باسم ربك الذي خلق (تأملات تربوية)(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/12/1446هـ - الساعة: 17:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب