• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الطهارة وما يتعلق بها
علامة باركود

يسألونك عن الوضوء (خطبة)

عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/11/2019 ميلادي - 27/3/1441 هجري

الزيارات: 17338

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يسألونك عن الوضوء [1]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها المسلمون، هناك عبادة عظيمة نؤديها كل يوم في البيوت وفي المساجد وغيرها، ويجب علينا أن نقوم بها إذا جئنا إلى هذا المكان الطاهر، ووقفنا للصلاة بين يدي الملك العظيم تبارك وتعالى.


هذه العبادة فيها أجور وفيرة، وثمرات نافعة وبدنية كثيرة، شرعها الله تعالى في أول الإسلام في مكة، وأنزل في المدينة في صفتها آية قرآنية فاذة.


هذه العبادة قد يشق الإتيان بها في فصل الشتاء وعند المرض؛ فلذلك ضاعف الشارع الحكيم الثواب لمن أحسنها وأكملها عند وجود المشقة فيها.


هذه العبادة من أتى بها وأتقنها، سمت روحه، وأشرقت نفسه، وانشرح صدره، وحسن وجهه، ولان جسده، وامتلأ نشاطًا وتألقًا وحيوية.

فلعلكم قد عرفتموها، وبهذه الأوصاف قد علمتموها.

إنها عبادة الوضوء، الذي اختير له هذا الاسم الجميل؛ لِما يصبغ صاحبه بصبغة الوضاءة والجمال الظاهر والباطن.


لهذا فإن حديثنا اليوم بعون الله تعالى عن عبادة الوضوء لبيان آدابها وأحكامها؛ لعظيم حاجة كل مسلم إلى معرفة ذلك، ولجهل بعض الناس ما يتعلق بتلك العبادة من معلومات وكيفيات صحيحة.


عباد الله، إن الوضوء له أهمية كبيرة وفضلٌ عظيمٌ في الإسلام؛ ومما يدل على ذلك:

أولًا: أن الله تعالى شرعه في مكة قبل الهجرة، وقد كان رسول الله يصلي قبل فرض الصلوات الخمس قطعًا، ولم يصلِّ قط إلا بوضوء[2].


ثانيًا: أن الوضوء هو مفتاح الصلاة، وشرط من شروط صحتها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مفتاح الصلاة الوضوء))[3]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يقبل الله صلاة بغير طُهُورٍ))[4].


ثالثًا: أن الوضوء عبادة شُرعت - وجوبًا أو استحبابًا - لعبادات وأحوال أخرى؛ فشُرع الوضوء للصلاة، وللطواف حول البيت الحرام، واستُحبَّ لحملِ الجنازة، وعقب المباشرة بين الزوجين لمن أراد العَود أو النوم.


قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام))[5]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من غسَّل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ))[6].


أيها الأحباب الكرام، إنكم لو تأملتم في عبادة الوضوء، لوجدتم أن لها فوائد عديدة، وآثارًا حسنة كثيرة؛ فالوضوء عملية تنظيف يومية للقلوب وللأرواح والنفوس، فبه يصفو القلب، وتسمو الروح، وتُصقل النفس.


وهذا تنظيف معنوي، وأما التنظيف الحسي فإن الوضوء يطهر أعضاء البدن الظاهرة، فيزيل عنها الأوساخ والجراثيم، وقد ثبت في الطب أن أجزاء الجسم "تتعرض طوال اليوم لعدد مهول من الميكروبات تعد بالملايين في كل سنتيمتر مكعب من الهواء، وهي دائمًا في حالة هجوم على الجسم الإنساني من خلال الجلد في المناطق المكشوفة منه، وعند الوضوء تفاجأ هذه الميكروبات بحالة كسح شاملة لها من فوق سطح الجلد، خاصة مع التدليك الجيد وإسباغ الوضوء، وهو هدي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وبذلك لا يبقى بعد الوضوء أي أثر من أدران أو جراثيم على الجسم، إلا ما شاء الله" [7].


ومن فوائد الوضوء: ما فيه من الثواب الجزيل الذي أخبر عنه رسول الله؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قَطْرِ الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب)) [8].


فيا خسارة الذين لا يقربون الصلاة حينما فوتوا على أنفسهم فوائد الوضوء الروحية والنفسية والبدنية، وحُرِموا أجوره العظيمة الأخروية!


أيها المسلمون، إذا أراد المسلم أن يتوضأ، فعليه أن يتوضأ في مكان ليس فيه نجاسة؛ خشية ارتداد النجاسة على ثيابه أو بدنه، فيقول: بسم الله، ويغسل كفيه، ثم يتمضمض ويستنشق ويستنثر بأن يدخل الماء إلى فمه وأنفه ثم يخرجه منهما، ويبالغ في ذلك إلا أن يكون صائمًا.


ثم يغسل وجهه معمِّمًا إياه بالماء من شحمة الأذن اليمنى إلى شحمة الأذن اليسرى، ومن أعلى الجبهة إلى أسفل الذقن، ومن كان ذا لحية كَثَّةٍ فيخلِّلها، ومن كانت لحيته خفيفة فيغسل ظاهرها.


ثم يغسل يديه إلى المرفقين، ويبدأ بغسل اليد اليمنى ثم اليسرى، ومن كان على أظافره شمع أو شحم أو دهن أو دهان، أو على أظافر المرأة طلاء الزينة - فعلى الجميع إزالة ذلك؛ حتى يصل الماء إلى العضو الواجب غسله.


ثم يمسح المتوضئ بيديه رأسه، فيقبل بهما ويدبر، فيعمم رأسه بالمسح مرة واحدة، ومن كان على رأسه عمامة ساترة وثابتة، جاز له المسح عليها أو مسحها مع مسح الناصية.


ثم يأخذ المتوضئ ماءً جديدًا فيمسح أذنيه ظاهرهما بإبهاميه، وباطنهما بسبابتيه.

ثم يغسل بعد ذلك رجليه إلى كعبيه، ويُستحبُّ إيصال الماء إلى ساقيه، ويبدأ بالرجل اليمنى قبل اليسرى، وليحرص على تخليل الأصابع؛ حتى يصل الماء إلى كل موضع في القدمين.


ومن كان على قدميه ساتر طاهر من جورب أو خف، ولَبِسه على طهارة، فله ألَّا ينزعه بل يمسح على ظاهره كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يصلي به، ويجوز للمقيم أن يمسح يومًا وليلة على هذه السواتر، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها من غير أن ينزعها إلا إذا حصل حدث أكبر.


والواجب في أعضاء الوضوء - ما عدا الرأس - الغسل مرة واحدة، ومن غسلها مرتين أو ثلاثًا فمستحبٌّ ذلك، ولا يجوز تجاوز ما يُغسَل إلى أربع مرات، ولا الزيادة على المرة الواحدة في مسح الرأس.


ويجب أن يكون الوضوء في هذه الأعضاء مرتبًا على الكيفية السابقة - ابتداء من غسل الوجه واختتامًا بغسل الرجلين - لأن رسول الله توضأ كذلك، ولأن الله تعالى ذكر ذلك الترتيب في آية الوضوء؛ فقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6].


فإذا أكمل المسلم الوضوء، دعا بهذا الدعاء الوارد عن رسول الله: ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)) [9]، أو: ((سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)) [10].


فإذا تم وضوء المتوضئ على هذه الكيفية، فقد أتى بشروط صحة الوضوء ومستحباته، وصحَّ له أن يصليَ بذلك الوضوء ما شاء من الصلوات، ولو الصلوات الخمس كلها، إلا إذا حصل منه مبطل من مبطلات الوضوء.


ولا يَنقض ذلك الوضوءَ إلا خروجُ شيء من أحد السبيلين، أو مسُّهما أو مسُّ أحدهما، أو نومُ المتوضئ نومًا ثقيلًا، أو الإتيانُ بشيء يوجب الغسل.


وأما لمس الرجل المرأة فإنه لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج من قُبُل المتوضئ شيء من أثر ذلك اللمس.

ويستحب للمسلم الآتي المسجدَ للصلاة أن يتوضأ في بيته ثم يخرج إلى الصلاة؛ لما في ذلك من الأجر العظيم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الرجل في جماعة تُضعَّف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يُخرجه إلا الصلاة - لم يخطُ خطوة إلا رُفعت له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تَزَلِ الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صلِّ عليه اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة)) [11].


أيها الفضلاء، هناك أخطاء يقع فيها بعض المتوضئين، بعضها تقصير في كمال الوضوء أو صحته، وبعضها لم يرد عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وبعضها مخالف لهديه عليه الصلاة والسلام في الوضوء.


فمن تلك الأخطاء: ترك تعميم أعضاء الوضوء بالماء؛ ما يؤدي إلى ترك بعض المواضع لم يصبها الماء في تلك الأعضاء؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((أن رجلًا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع، فأحسن وضوءك، فرجع، ثم صلى)) [12].


وعند أحمد وأبي داود بسند صحيح: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي وفى ظهر قدمه لَمعة قَدرَ الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة)).


ومما قد يغفل عنه بعض المتوضئين: عدم تعميم الوجه بالماء بأن تترك بعض جوانبه مما يلي الأذنين أو مقدم شعر الرأس، وعدم إيصال الماء عند غسل اليدين إلى المرفقين، وترك بعض المواضع على الكعبين من دون غسل؛ فعن عبدالله بن عمرو قال: ((رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجَّل قوم عند العصر فتوضؤوا وهم عِجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلٌ للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء)) [13].


ومن أخطاء بعض المتوضئين: الجهرُ بالنية، والدعاءُ أثناء غسل أعضاء الوضوء، ومسحُ الرقبة، وهذا كله لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوئه.


ومن أخطاء بعض المتوضئين: الإسراف في استعمال الماء في الوضوء، خاصة إذا كان الوضوء في المساجد، وهذا عمل منهي عنه، وهذا عمل لم يعهده السلف السابقون؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور)) [14]، و"الاعتداء في الطهور: أن يسرف في الماء، بأن يكثر صَبَّه، أو يزيد في الأعداد" [15].

فنسأل الله تعالى أن يبصِّرنا بديننا، وأن يصلح عباداتنا وأعمالنا.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

أيها المسلمون، هناك مسائل في الوضوء يسأل بعض الناس عنها، فيقول: كيف يتوضأ من على بعض أعضاء وضوئه جبيرة أو عصابة طبية؟

وماذا يفعل من به سلس في البول إذا أراد الوضوء؟

وكيف يصنع من لديه شك في صحة وضوئه؟

وماذا يفعل من يتضرر باستعمال الماء، أو يفقد الماء الذي يتوضأ به؟

وماذا يفعل المريض الذي يعجز عن الوضوء؟

وهل الرُّعاف ينقض الوضوءَ أو لا؟


فنقول: من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة أو رباط طبي، فعليه أن يتوضأ في الأعضاء السليمة ويمسح فوق العضو أو الموضع الذي عليه الضماد ويصلي، فإن كان المسح يضر العضو السقيم ترك ذلك، وتوضأ بقية الأعضاء [16].


وأما من بُليَ بسلس بول وقد استشفى فلم يُشفَ، فعليه إذا حضرت الصلاة أن يغسل المحل الذي أصابه البول من بدنه أو ثيابه غسلًا جيدًا، ثم يعصب على فرجه بخرقة أو نحوها مما يمنع تسرب البول، ثم يتوضأ للصلاة، ولا يضره ما خرج من البول بعد ذلك؛ إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها [17].


وأما من شك في حصول ناقض بعد تمام الوضوء المتيقن، فعليه أن يطرح الشك ولا يعيد الوضوء، إلا إذا حصل منه يقين بالحدث؛ فقد جاء في الصحيحين: ((أنه شُكيَ النبي صلى الله عليه وسلم الرجلَ يُخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا))، أما إذا صار الشك إلى عادة في كل وضوء، فهو وسوسة تحتاج إلى طبيب نفسي.


وأما من كان به مرض يضره الوضوء، أو كان في مكان لم يجد فيه ماءً وقد بحث عنه ما أمكنه فلم يظفر به - فإن الله قد شرع له التيمم، وهو أن يضرب بكفيه على تراب ذي غبار ضربة واحدة فيمسح وجهه وكفيه مرة واحدة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]، وأما من كان عاجزًا عن الوضوء بنفسه؛ لكبره أو لمرض به أو لإصابة في يديه - فليستعن بغيره ليوضئه [18].


أما الرعاف: فالراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يبطل الوضوء، فمن أصابه ذلك، فعليه أن يسارع إلى قطعه ويصلي بوضوئه، ولا يلزمه إعادة الوضوء [19].


فيا عباد الله، لقد عرفنا أهمية الوضوء وفوائده، فعلينا أن نحافظ على هذه العبادة على الكيفية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن نحرص على إتقانه خاصة في أيام البرد التي نعيشها هذه الأيام؛ لما في ذلك من الأجر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط) [20].


وعلينا أن نعلِّم أهالينا وأولادنا ومن نعرفهم الصفةَ الصحيحة للوضوء، وأن نسأل أهل العلم عما نجهل من هذه العبادة؛ لكي نعبد الله تعالى على علم وبصيرة، وحتى لا تكون في وضوئنا وسائر عباداتنا مخالفاتٌ شرعية.


نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

هذا وصلوا وسلموا على خير البرية.



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في: 25/ 3/ 1441 هـ، 22/ 11/ 2019 م.

[2] شرح النووي على مسلم (3/ 102)، الموسوعة الفقهية الكويتية (43/ 317).

[3] رواه أحمد، وهو حسن، وفي رواية عنده وعند بعض أهل السنن: ((مفتاح الصلاة الطهور)).

[4] رواه مسلم.

[5] رواه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وهو صحيح.

[6] رواه أبو داود وغيره، وهو صحيح.

[7] أسباب الشفاء من الأسقام والأهواء (ص: 40)، وينظر: كنوز في الرقية والطب النبوي (ص: 440).

[8] رواه مسلم.

[9] رواه مسلم وأحمد.

[10] رواه النسائي والحاكم، وهو صحيح.

[11] متفق عليه.

[12] رواه مسلم.

[13] متفق عليه، واللفظ لمسلم.

[14] رواه أحمد وأبو داود، وهو حسن.

[15] شرح أبي داود للعيني (1/ 266).

[16] الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/ 245).

[17] فتاوى الشبكة الإسلامية (2/ 2318).

[18] المغني (1/ 138).

[19] فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة (2/ 4377).

[20] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كيفية الوضوء
  • فوائد الوضوء والمسح على الخفين والتيمم
  • فضل الوضوء والتيمم وصفتهما
  • نواقض الوضوء

مختارات من الشبكة

  • الاستهلال في سورة الأنفال: السؤال والجواب ( يسألونك )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يسألونك عن العشر: فضل الأيام العشر من ذي الحجة(مقالة - ملفات خاصة)
  • يسألونك عن شعبان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { يسألونك ماذا ينفقون... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {يسألونك ماذا ينفقون...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج....}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب