• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

دروس من الوحي

دروس من الوحي
الشيخ محمد شريف الزيبق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2019 ميلادي - 25/3/1441 هجري

الزيارات: 5946

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دروس من الوحي

 

صدر أخيرًا عن الدار السعودية للنشر هذا الكتاب، الذي يعتبر حلقة من حلقات الأدب الإسلامي، الذي يمتاز بطريقة عرضه وأسلوبه، وهو عبارة عن محاورات إذاعية في ضوء الكتاب والسنة النبوية.

 

وللأستاذ المجذوب جولات موفقه في كتابة القصة، فقد صدرت له عدة قصص ناجحة، مثل: "بطل إلى النار"، "قصص من الصميم"، "صور من حياتنا"، "قصص من مجتمعنا"، "فارس غرناطة".. وقصص أخرى. ويأتي أخيرًا هذا الكتاب "دروس من الوحي" صدى لتلك الجلوات الروحية حين كان يخلو بكتاب الله، أو الحديث النبوي بوعي وتفتح، فتنقدح في قلبه انطباعات تطل به على آفاق من السعادة والغبطة والجمال، لا سبيل إلى استيفاء وصفها، ولا سبيل إلى تناسيها..كما يقول في المقدمة.

 

والموضوعات التي عالجها في هذا الكتاب أو (الدروس) مختارة من القضايا الإسلامية الراهنة التي لها أثرها العميق في حياة المسلمين، مثل: التوحيد الخالص - الإيمان باليوم الآخر - الرضا بالقضاء والقدر - أثر العبادات في تقويم السلوك... وقد عمل على ربط هذه الموضوعات بواقع المسلمين في تحليل دقيق عميق.

 

كما ناقش كثيرًا من المشكلات الخطيرة التي واجهت الأمة الإسلامية، ففند الدعوات القومية في فصلي (الشرف الباذخ) (وسوف تسألون)، وتصدى لبحث الصراع بين الإيمان والكفر في (مكر الليل والنهار)، و(حزب الله)، ودحض الإسرائيليات المدسوسة في كتب التفسير في (قصة الغرانيق)، و(لابد من الصراحة). وفي هذا الفصل الأخير بحث قصة زينب رضي الله عنها وزواج النبي منها، إلى غير ذلك من الموضوعات الهامة.

 

وقد اتخذ لهذا الكتاب أسلوب الحوار بين (الشيخ) و(التلميذ) فوفق إلى أبعد حدود التوفيق، وكتاب الله العظيم قد اشتمل في كثير من سوره على أنماط من الحوار الرائع. والطريقة الحوارية إلى ما فيها من تشويق، طريقة مفيدة في تبسيط المعاني وتقريبها إلى الأفهام، ولذلك اختارها الحكماء والمجيدون من الكتاب، ولا يحسنها إلا من أوتي طاقة فنية عظيمة كالأستاذ المجذوب، الذي له القدم الراسخة في مختلف ميادين الأدب من شعر ونثر وقصص.

 

وقد تناول المؤلف في فصل عنوانه: (حي على الصلاة) معارك المسلمين مع الشيوعية والصليبية، داعيًا إلى استعادة روح الصلاة الخاشعة، فبها يعيدون شخصيتهم، ويحسنون التصرف بطاقاتهم.. وروح الصلاة تتمثل في المساواة والقضاء على التفاوت الذي تخلفه تعقيدات المدنية بين أصناف الناس وطبقاتهم، مما يسميه التقدميون (الصراع الطبقي).. ويقول: «الصلاة هي الكفيلة بمحو ذلك القلق وإذابة ذلك التوتر بما تتيحة للمصلى بين ساعة وساعة من فرص التأمل الهادئ والمناجاة الخاشعة للخالق.. حيث يتلاقى المختلفون من البشر كل منهم بجانب الآخر، وقد تفتت من بينهم الحواجز، وتماست المناكب، وتلاقت الجباه على الأرض، تسبح مانح الحياة، وقد عاودها اليقين بوحدة المنبت والشعور بالحاجة إلى رحمة الله.. ».

 

وفي الحديث عن أسرار الصلاة يعرب المؤلف عن تجربة من تجاربه الروحية، حيث يجد في الصلاة علاجًا للشرايين المرهقة تحت أثقال التفكير، فبالوضوء تبرد حرارة الأعصاب، وبالصلاة تخفف من ضغط الإرهاق.. وكأنه بهذا يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «"أرحنا بها يا بلال». وفي فصل آخر عنوانه: (جليس الله) يتناول بالبحث أثر البيئة في توجيه الأفراد حيث يقول: «فنحن نتأثر بالأستاذ والصديق والكتاب والجو والطعام والكساء ونوع الحياة، كل أولئك يترك في حياتنا انطباعاته العميقة، التي يتعذر علينا التحرر منها بغير الحصانة العقلية التي تحسن النقد..»، وينتهي إلى المقارنة بين إنسان يألف جو المقاهي، وما فيها من لغو وعبث وفضول وثرثرة لا خير فيها سوى تبديد ساعات العمر.. وبين إنسان آخر أخذ نفسه بملازمة المساجد، فقلبه معلق بها، لا يطمئن إلا حين يعود إليها.. الأول يعيش حياته بروح (المقاهي) صلته بأهله وبالناس صورة مجسمة من صلته برفاق ذلك الجو العابث المحتال، والآخر إنسان يعامل أهله ومجتمعه بروح المسجد الذي عوده الهدوء والوقار وخفض الصوت واستحضار جلال الله من خلال كتابه أثناء مناجاته والرفق بإخوانه المصلين، واستشعار حقهم عليه وواجبه إزاءهم.. ذلك أثر الاعتكاف الجزئي في حياة رواد المساجد لأداء الصلوات الخمس فكيف بآثار الاعتكاف الكلي الذي يستغرق الشهر كله أو ثلثه في مصاحبة الله: «إذا شئت أن أخاطب ربي صليت له، وإذا شئت أن يخاطبني قرأت كتابه».

 

وفي فصل (نماذج مشوهة) يبحث موضوع الصد عن سبيل الله من خلال آيات سورة هود تقارن بين فريقين: الكافرين الذين يصدون عن سبيل الله، والمؤمنين الذين عملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم ﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [هود: 24]، وإليك بعض هذا الحوار البديع:

الشيخ: وقد رأيت ألوانا من هذا المنع في موقف قريش من دعوة محمد صلى الله عليه وسلم.

التلميذ: أجل رأيت سياط التعذيب تنصب على ياسر وسمية وبلال وزنيرة وإخوتهم من المؤمنات والمؤمنين.

 

الشيخ: ولعلك لم تنس بعد تلك الألوان الأخرى من المنع تتجلى في دعاية أبي لهب وأبي جهل والنضر بن الحارث الذي حاول صرف الناس عن كتاب الله إلى أساطير الأمم! ‍‍‍‍‍

التلميذ: ذلك الغوي الذي روى الله في القرآن قوله الوقح: ﴿ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 93].

 

الشيخ: هو نفسه. أتذكر موقف قريش من الأعشى الشاعر يوم قدم مكة راغبًا في الإسلام أنزل الله؟

التلميذ: ذلك الذي يقول عن ناقته وهو يمدح رسول الله:

فآليت لا أرثي لها من كلالة
ولا من حفي حتى تزور محمدا
نبي يرى ما لاترون، وذكره
أغار لعمري في البلاد وانجدا

 

الشيخ: ذاكرة مسعفة، فهل تذكر كيف صدته قريش عن الإسلام؟

التلميذ: لا أستطيع نسيان تلك الوسيلة الخسيسة، التي عمد إليها بعض المشركين يوم ذاك، إذ اعترضوا طريق الشاعر يحاولون تنفيره من الإسلام، بذكر ما يحرمه من الفجور والشرور.

 

الشيخ: ردوه عن بغيته أخيرا؟

التلميذ: قالوا له: «ولكن محمدا يحرم الخمر.. »، فأوجس المسكين خيفة.. وقال: «أما هذه فوالله إن في النفس منها لعلالات، وإني منصرف فأتروى عامي هذا، ثم آتيه فأسلم.. » الخ

 

هذا الحوار الذي يعدد نماذج من الصد عن سبيل الله، كالحيل النفسية أو(الدعاية الفكرية السيكولوجية) التي تعتبر أشد الوسائل الإبليسية أثرًا في القلوب الهشة والعقول الغضة، إذ سرعان ما تستهويها ببهرج القول.. إنها نماذج مشوهة، كثيرًا ما نصطدم بها في حياتنا اليومية!..ومن الصد عن سبيل الله تحويل المجتمع إلى سجن كبير، يفرض على سجنائه ألا يقرأوا إلا ما يكتبه سجانهم، ولا يأكلوا إلا ما يقدمه لهم، ولا يتحركوا إلا في الاتجاه الذي يحدده لهم!..واستمع معي إلى هذا الحوار الرائع:

التلميذ: والغريب في أمر هذا السجان وزمرته أنهم لا يكتمون ما يريدون!. فهم يعلنون في كل مناسبة أنهم يستهدفون تفكيك بنية المجتمع لإعادة بنائه على طريقتهم.

 

الشيخ: طريقتهم الإبليسية التي يسمونها (العلمية) مبالغة في التضليل!

التلميذ: يا للحصار الجهنمي!.

 

الشيخ: وهم لا يكتفون من سجنائهم بالسكوت حتى يكرهوهم على الهتاف بحياتهم، وتمجيد جهودهم في سلخهم عن مقوماتهم، والويل للذين يستنكفون عن الخضوع لهذا التخطيط الرهيب!!

التلميذ: مهما يكن هذا الويل فهو أهون من قبول الهوان والكفر.

 

الشيخ: يبدوا لي أنك لم تسمع حتى الآن بالمحاكمات المزيفة ولا بالتهم المزورة، والإقرارات المأخوذة تحت وقع السياط ونفخ الأحشاء ولذع الكهرباء!

التلميذ: سمعتها.. ولكني لم استطع تصديقها.

 

الشيخ: من حقك أن تكذبها يا بني.. لأنك لا تعرف حقيقة أصحابها.

التلميذ: وهل تبلغ القسوة بإنسان إلى هذا الحد؟

 

الشيخ: هؤلاء يا بني انسلخوا من إنسانيتهم، منذ كفروا بلقاء ربهم، وبذلك كانوا على أتم الاستعداد لكل كبيرة تحقق شهواتهم!

التلميذ: لا أكاد أفهم مرادك.

 

الشيخ: فتذكر أن إنكار البعث أهم الأسباب في فقدان الشعور بالمسؤولية، لأن الكافر بلقاء الله لا يستطيع أن يتصور أن وراء هذه الدنيا حسابًا على أي تصرف!.

التلميذ: الآن فهمت معنى قوله تعالى في وصفة ذلك الفريق: ﴿ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [هود: 19]!

 

الشيخ: فضم إلى فهمك الجديد أيضا ملاحظة تكرار الضمير في هذا التعبير، ثم سل نفسك عن مدلوله الخ..

وفي قصة الغرانيق لا يتردد الكاتب في القطع بأنها أكذوبة دسها أعداء الإسلام للإساءة إلى مقام صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام. وكيف ينطق الوحي أو النبي صلى الله عليه وسلم بمدح الأصنام التي ما بعث إلا لهدمها، فيقول في اللات والعرى ومناة الثالثة الأخرى: «تلك الغرانيق العلى، وإن شفا عتهن لترتجى»، كما تزعم تلك الرواية المدسوسة أيضا أنه تكلم بذلك في نادي قومه، فرضوا بما تكلم به، فلما أمسى أتاه جبريل فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين قال جبريل عليه السلام: «ما جئتك بهاتين!». فما زال مغمومًا حتى نزل عليه قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِه.. ﴾ الخ [الحج: 52]. وفي الحوار التالي يدلل المؤلف على بطلان هذه الرواية:

التلميذ: إني إنكرها كلها، إنني أجد فيها إساءة إلى مقام صاحب الرسالة.

 

الشيخ: وما حجتك في ذلك؟

التلميذ: معارضتها للآيات التي تؤكد عصمة الرسول من كيد الشيطان وحسبنا منها قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الحجر: 42].

 

الشيخ: بخ، بخ!. هذا يا بني إدراك الفطرة الصافية، فأضف إليه ما قرره جهابذة الحديث من قدماء العلماء ومحدثيهم أن القصة باطلة موضوعة.

التلميذ: باطلة موضوعة؟!

 

الشيخ: بل إن ابن خزيمة صاحب "الجامع الصحيح" المعروف يقول: «إنها من وضع الزنادقة!». (وبعد أن يشير المؤلف إلى أن بعض متأخري المفسرين ينقلون الروايات عن المتقدمين دون مناقشة أو تحقيق يعود فيقول):

التلميذ: ثق يا بني أن مثل هذا السؤال قد تردد في أفواه الجميع سواء من صدَّق القصة ومن كذَّبها.. ولكن الوهم إنما جاء المصدقين من براعة الحبكة في تأليف القصة وطرق روايتها!

التلميذ: زدني إيضاحًا من فضلك.

 

الشيخ: لقد رأى هؤلاء الفضلاء ضعف القصة من حيث المضمون ولمسوا ضعفها من حيث الرواية، ولكنهم وجدوا طرقها متعددة فلم يجرؤوا على ردها!

التلميذ: حقا إنه لموقف حرج!

 

الشيخ: غير أنه حرج موهم.. فهي من حيث المضمون متعددة الصور إلى حد التعارض الصريح، كما رأيت ومن حيث السند ليس في طرقها ما يسمو على مستوى الإرسال والضعف أو الجهالة كما يؤكد المحققون.

 

ويختتم المؤلف بحثه ببيان معنى الآيات موضحًا أن الأمنية كالأملية وزنا ومعنى، وهي ما يمليه القارئ أو المتكلم على سواه. فالله سبحانه يخبرنا أن الشيطان لا يكف عن محاولاته لإفساد رسالات الأنبياء فإذا ما بلَّغوا وحي ربهم على أتم وجه، جاء الشيطان يزين للناس تحريف المعاني الإلهية بزيادة أونقصان ولكن الله برحمته يهيئ للحق رجالًا يُجْلونه أبدًا.. ثم يبين الله سبحانه لنا الحكمة من إتاحة الفرصة لمحاولات الشيطان، إذ يجعل ذلك بمثابة امتحان يقيم به الحجة على دعاة الفساد، ويشد عزائم المؤمنين في الاعتصام بالحق..».

 

وكذلك يفعل في رد قصة زينب في فصل (لابد من الصراحة) مقررًا أن مدخل القصة في تفسير الخازن يحمل بنفسه طابع الافتعال.. فهو يعرض المواجهة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وزينب على الطريقة المعروفة في قصص الحب!.. إنسان عادي يرى إنسانة في مظهر مغر، وفي غيبة زوجها، فيقع في هواها!.. ثم يتعرض الرسول صلوات الله وسلامه عليه - في زعم الرواية - إلى صراع نفسي، إذ يحاول كتمان هواه خشية كلام الناس!.. فلا يستطيع إلى ذلك سبيلا.. لأن الله قد قضى بإظهاره!

 

وبعد أن يشير المؤلف إلى نقد المحققين للخبر، وحكم ابن كثير بعدم صحته، يوضح الحقيقة الناصعة وهي أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنعم الله عليه بالإسلام وأنعم عليه النبي بالحرية، لما تزوج زينب كرهته، فلما استيأس منها ومن إمكان استمرار الحياة الزوجية معها أراد أن يطلقها رغم الحاح النبي عليه "أمسك عليك زوجك.." فلما طلقها فرض الله على رسوله الزواج منها ليهدم بذلك عرفًا جاهليًّا كان يقضي باعتبار المتبني ابنًا شرعيًّا تحرم مطلقته على متبنيه لأنها في نظرهم زوجة ابنه: ﴿ لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 37]، والذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه هو علمه بما قدر الله له من زواجها، إذ كان ربه قد أوحى إليه بذلك، وهذا ما تؤكده أوثق مصادر السنة..الخ

 

ويصور المؤلف حكم الطواغيت، الذين يفسدون ضمائر العامة بعد إفساد معاني الكلمات، فيسمون الظلم عدلًا، والباطل حقًا، والكفر تقدمية، والدعوة إلى الإسلام خيانة ورجعية (راجع: مكر الليل والنهار) ويعرض الإخوة الإسلامية في المجتمع الذي أقامه الإسلام، بعد تقويض الروابط الجاهلية، التي تعتبر القرابة الدموية هي ركيزة المجتمع، منددًا بالمنحرفين عن أخوة الإسلام إلى الدعوات العصبية والمذاهب المستوردة التي تفتت القوى وتمزق الأرحام.. جاهلية جديدة يدفعون إليها شعوبهم في الطريق المعاكس تماما لأخوة الإسلام.. (راجع حزب الله)

 

وللتنديد بالدعوات القومية فصول عدة في الكتاب وعلى الخصوص (وسوف تسألون) و(الشرف الباذخ)، تناول بالبحث قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ.. ﴾ [الأنبياء: 10]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ ﴾ [الزخرف: 44] فبين أن الله سبحانه أنزل كتابه رحمة للعالمين، وهدى للناس أجمعين، ولكنه خص العرب هنا بالخطاب تشريفًا لهم باصطفائهم لتبليغه إلى العالم.. وهي الوظيفة التي حولتهم من قبائل مفككه متطاحنة مغمورة إلى أمة رائدة معلمة تحتل أبرز صفحة في تاريخ الدنيا.. وفي الآية الثانية بشرى وإنذار.. أما البشرى ففي كون هذه الرسالة شرفًا لمحمد صلى الله عليه وسلم ولقومه، وأما الإنذار ففي تذكيرهم بمسؤلية الدعوة والحفاظ عليها والتزام سبيلها، وتهديدهم بالحساب على كل تقصير في شأنها.

 

وينتهي إلى القول: « لقد سقطت فلسطين في أيدي الصليبية من قبل فلم ينقذها سوى الإسلام، ووحد الإسلام العرب، فلم تمزق وحدتهم إلا الدعوات الدخيلة التي وفدت من وراء جزيرتهم، وهذا يعني ألا مجد ولا حرية ولا وحدة للعرب إلا بالاستمساك بالإسلام.. »، ولولا خشية التطويل لنقلت لك الحوار الجميل بتمامه.

 

وإليك قطعة من (الشرف الباذخ):

الشيخ: وقد وصفهم الله بالأميين ليذكرنا بقدرته التي كونت من خامات الجاهلية الجهلاء خير أمة أخرجت للناس!.

التلميذ: يا لها من معجزة كبيرة!

 

الشيخ: بل قل يا له من شرف باذخ، أن يعهد الله بأمانته العظمى إلى هذه القبائل الضالة المتناحرة فيخرجها من الظلمات إلى النور ويبوأها عرش القيادة العالمية!

التلميذ: يا له.. من شرف باذخ!..

 

الشيخ: يا بني.. إنه الشرف الذي تقرأه في قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ ﴾ [الأنبياء: 10].

التلميذ: وأي ذكر للعرب أفخر من أن يقترن اسمهم برسالة الإسلام!

 

الشيخ والآن نتذكر أن هذا الإسلام دعوة الله، لا يملكها أحد ولا تحتكرها أمة.. أخرج الله بها العرب من قوقعة العصبية إلى رحاب الإنسانية.. فهم أحق بشرفها ماداموا في خدمتها، فإذا تخلوا عنها كان كل آخذ بها أحق بذلك الشرف منهم.

 

التلميذ: كأني بالشيخ الفاضل يردد قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: « نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما نبتغ العزة بغيره أذلنا الله».

 

الشيخ: رضي الله عن الفاروق.. إنه حين أرسل كلمته كان ينظر إلى هذه الحقيقة الضخمة بنور الله.. فاسأل ربك من هذا النور يا بني.

التلميذ: اللهم إني أسألك لي ولشيخي من هذا النور ما يعيننا على فهم وحيك.

 

الشيخ: اللهم آمين.. وفي ظل هذا النور ستدرك يا بني معنى: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الجمعة: 3].

التلميذ: كنت على وشك أن أسألك عن هؤلاء الآخرين.

 

الشيخ: إنهم يا بني جميع الأفراد والأقوام الذين كتب الله لهم الهداية إلى هذا النور.. منذ الصدر الأول حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

التلميذ: وهكذا يجمع الله العرب والعجم على أخوة الإسلام، فلا يبقى لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى.. الموضوعات التي عالجها المؤلف ببراعته وفنه، فأنا أكتفي بما اقتبسته تاركًا للقارئ الكريم أن يظفر بمتعته الكاملة حين يخلو إلى (دروس من الوحي) وسيشاركني الرأي بأن المؤلف كثيرًا ما يخدع القارئ عن نفسه، ببراعته وحواره البديع، الذي يمسك بأنفاسه، ويغريه بمتابعة القراءة، ظنا منه أنه يقرأ قصة تمثيلية مسلية.. ولكنه لا يلبث أن يدرك أنه وقع في شبكة عالم متبحر، ومفكر عميق التفكير، وداعية إلى الله على بصيرة، وإذا هو يفيد علمًا، وترشف روحه من منابع الوحي في الكتاب والسنة، وما أكثر ما يجد القارئ نفسه مع المؤلف أمام بحوث علمية عميقة، ولكنها مبسطة، فينال من المتعة الفكرية والروحية أوفى نصيب.

 

ولغة الكتاب من السهل الممتنع تمتاز ببلاغتها وإشراق عبارتها ووضوح فكرتها، ومن هنا كان لنا أن نقول من غير تردد: «إن الكتاب يرتفع بالشادين ويلبي رغبة الخاصة من طلاب العلم المتطلعين إلى الثقافة الإسلامية الأصيلة، وهو مرجع هام ونمط رفيع من الأدب الإسلامي الحديث».

 

المصدر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، العدد 1 - 1423 هـ / 2002 م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القراءة أساس تقدم الأمم.. وبها بدأ الوحي
  • تميز الإنسان بالوحي
  • محمد صلى الله عليه وسلم والوحي
  • شبهة إنكار الوحي
  • الوحي وخطاب العقل
  • إضاءات للاستمداد الصحيح من الوحي
  • قصة الوحي الخاتم
  • أثر الإيمان والوحي في سلوك المؤمن
  • روح العالم رجال أشرق بهم العالم بنور الوحي لأحمد الطويان

مختارات من الشبكة

  • تعظيم الله: درس من دروس رمضان 1445 هـ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الثامن عشر: التعبير الحقيقي والتعبير الخيالي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة الدرس السابع عشر: الإيجاز والإطناب في الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس القيادة: 39 درسا لتعلم قيادة السيارة (جير عادي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دروس في النقد والبلاغة الدرس السادس عشر: الإيجاز والإطناب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الخامس عشر: مقدمة في الإيجاز والإطناب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الرابع عشر: التقديم والتأخير في الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الثالث عشر: التقديم والتأخير(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة الدرس الثاني عشر: النهي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دروس في النقد والبلاغة: الدرس الحادي عشر: الأمر(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب