• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: لذة الصبر

خطبة: لذة الصبر
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/11/2019 ميلادي - 23/3/1441 هجري

الزيارات: 19146

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لذَّة الصبر

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأفضل الهدي هدي محمد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وشرُّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.


أيها المسلمون، إن كثيرًا من الناس قد يتجاوزون حدود الحق؛ للحصول على اللذة، فمنهم من يجد لذته في الشهرة وبُعْد الصيت؛ فيسلك لأجلها آفاق الخطيئة، ولا يُبالي ما دامت ستوصله إلى غايته، ومنهم من يرومها في تعاطي مُذهبات العقول ومفسداته، ومنهم من يبتغيها من الاستطالة على الأعراض ونهش الحرمات، ومنهم، ومنهم...إلخ، فهل حقًّا وجد هؤلاء لذة حقيقية؟ إنهم قد وجدوا لذة؛ لكنها موهومة مزعومة، شابتها الأكدار والمنغِّصات وعِظَم التبعات: خوف وذل، عار وفضيحة، حد وعقوبة، واكتئاب قد يقود إلى الانتحار، فأين يجد الإنسان الصالح اللذة الحقيقية؛ لأنها مطلب من مطالب الفطرة؟

 

يقول الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، في هذه الآية الكريمة وأمثالها من نصوص الشريعة إرشاد فائق إلى رياض اللذة ومعاهدها الحقيقية.

 

إن اللذة التي ينبغي أن يتسابق إليها المتسابقون، ويتنافس في نيلها المتنافسون هي طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله الكريم عليه الصلاة وأتم التسليم، فإذا نيلت هذه اللذة، طابت بها الحياة والتذَّ معها كل مباح؛ يقول ابن تيمية رحمه الله: "لقد كنت في حال أقول فيها: إن كان أهل الجنة في الجنة في مثل هذه الحال، إنهم لفي عيش طيب، وقال آخر: إنه ليمرُّ على القلب أوقات يرقص منها طربًا، وقال الآخر: لأهْلُ الليل في ليلهم ألذُّ من أهل اللهو في لهوهم"، ومن أعظم صور اللذة في الطاعات: التلذُّذ بطاعة الصبر.

 

عباد الله، قال ربنا تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 1، 2].

 

تبين هذه الآية الكريمة أن الحياة الدنيا التي يعقبها الموت أن أهلها خلقوا فيها للابتلاء والاختبار، والمفلحون في هذا الامتحان قليل، والخاسرون فيه كثير، ولم يكن فلاح المفلحين إلا بصبر ومصابرة، وثبات ومجاهدة، فطريق الحق ليس مفروشًا بالزهر والريحان والبُسُط الحمراء الأنيقة؛ بل هو طريق محفوف بالمكاره والعقبات الكأداء التي لا يتجاوزها إلا أولو العزم القائم والإيمان الصادق.

 

فالجنة دار نعيم مقيم لا يُنال إلا بعمل جادٍّ في سبيل الحق، وانتصار على المعوقات الحائلة بين العبد وبين الوصول إلى تلك الغاية المنشودة؛ قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142]؛ ولكن الحياة مع هذه المكاره الملازمة تصبح حياة لذيذة؛ لأن المؤمن ينتظر جزاء ذلك عند الرب تبارك وتعالى، فرضاه في رضا مولاه، ومن وصل إلى هذه الحال، وجد في الصبر حلاوة عظيمة.

 

أيها المسلمون، إن الدين الإسلامي مبني على الصبر في الأفعال والتروك والأقدار، فالعمل الصالح يحتاج نفسًا صبورًا على القيام به وإتمامه والاستمرار عليه، وهذا التكليف يصعُب على النفوس التي اعتادت الانفلات وتلبية رغبات الهوى؛ لكن نفس المؤمن تؤثر طاعة الله تعالى على طاعة أهوائها.

 

إن عبادة الله سبحانه وتعالى لن تقام إلا بتصبير للنفس على أدائها وإحسانها؛ قال تعالى في عبادة الجهاد في سبيله: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]، وقال في عبادة الصلاة: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]، وقال في عبادة العفَّة بالفروج: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النساء: 25].

 

والصبر على العبادة - معشر المسلمين - ليس في حال واحدة؛ بل يكون في ثلاث أحوال:

الأولى: صبر قبل العبادة بجعلها خالصة لوجه الله، بعيدة عن الأعراض الدنيوية.

والثانية: صبر أثناء العبادة بفعلها؛ كما جاء في الشرع وقتًا وقدرًا وعددًا وصفة.

والثالثة: صبر بعد العبادة بالحفاظ على جعلها على الإخلاص من غير أن يطرأ عليها تباهٍ أو تفاخُرٌ أو مَنٌّ.

 

فإذا عمل المؤمن العبادة وصبر عليها هذا الصبر، وجد لها طعمًا رائقًا، وعاش في ظلها سعيدًا مطمئنًا، ناعم البال، مستريح الحال، وهذا من علامات الإيمان وأمارات القبول.

 

قال ابن القيم: وسمِعْتُ شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه يقول: "إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحًا فاتهمه؛ فإن الرب تعالى شكور؛ يعني: أنه لا بد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك، فعمله مدخول".

 

أيها الإخوة الكرام، أما الصبر على ترك معصية الله فما أعظمه من صبر! وما أشدَّه من حبس للنفس! وما أقل حظَّها منه!

إن الإنسان يعيش في عراك مستمر مع نزغات الشيطان ونزوات النفس الأمَّارة بالسوء أمام إغراءات الفتن والشهوات ودعواتها الملحَّة.

 

وهذا النوع من الصبر قد يفوق الصبر على الطاعة؛ لأن فعل بعض الطاعات قد تصاحبه رغبة طبيعية كأن يكون الإنسان محبًّا للخير والعطف والإحسان إلى الآخرين.

 

أما تصبير النفس على ترك المعصية وهي تواقَّة إليها، فهو صبر شديد؛ لكن المؤمن يُعان على هذه الشدة إذا كان ترك المعصية من أجل الله تعالى.

 

ومن أمارات صعوبة ترك المعصية: أن المعاصي تتوزَّع على جوارح الإنسان؛ إذ لكل جارحة منها مطالب من الذنوب.

فما أحسن قلبًا صبَّرَه صاحبه على ترك كل اعتقاد باطل وشُبْهة منحرفة، وصبَّرَه على هَجْر الحقد والشحناء، وملأه بالمحبَّة والإخاء!

 

وما أجمل عقلًا منع عنه صاحبه ورود الأفكار المضلة والآراء السامة، وأناره بمصابيح الهدى والعلم النافع! وما أكثر الأفكار المذمومة هذه الأيام! وما أسرع وصولها إلى الأذهان وتأثيرها فيها!

 

فمنجاة العقل بعد الحماية والتنقية أن يُحلَّى بالتدبُّر والتفكُّر، ويصبر على قبول الحق من أي لسان جاء، ومن أي مصدر ورد، ما دام من الحق، وألَّا يُعار لمن يحشوه بالتيه والضلال.

 

وما أطيب لسانًا حينما يحبسه صاحبه على قول الخير وترك التفوُّه بالشرِّ! وما أحسن سمعًا أصمَّه صاحبه عن سماع الباطل وفتحه لقبول الحق! وما أجمل بصرًا حجبه المسلم عن رؤية الحرام وصَبَّره على الغض وترك حُبِّ التطلُّع إلى ما لا يحل النظر إليه!

 

وأكرم بيد مسلم كفَّها عن البطش في الظلم والانطلاق في تناول المحظورات! وأنعم برِجْل وقفت عند حدود المباح، ولم تتحرك خُطاها إلى تراب الحرام!

 

فكيف سيعيش مسلم منع تسريح هذه الجوارح في مراعي الهوى وطاعة الشيطان؟!

إنه سيحيا حياة طيبة لما انتصر على نفسه فخطمها وأمسك عنانها عن الجموح في محارم الله، وسيذوق على صبره هذا لذَّات مستمرة أعظم مما لو نال تلك المحرَّمات.

 

قال بعض السلف: "من حفظ بصره أورثه الله نورًا في بصيرته"، وقال بعضهم: "من غضَّ بصرَه لله، أورثه حلاوة يجدها في قلبه إلى يوم يلقاه".

 

وقال ابن القيم رحمه الله: "اللذة والتنعُّم بالعبادة؛ إنما تحصل بالمصابرة والتعب أولًا، فإذا صبر عليها وصدق في صبره أفضى به الى هذه اللذَّة، قال أبو زيد: سقت نفسي إلى الله، وهي تبكي فما زلت أسوقُها حتى انساقَتْ إليه وهي تضحك".

 

هذه هي الحياة السعيدة في ظلال الصبر على طاعة الله والصبر على هجران معاصيه، قال ابن المبارك:

رأيت الذنوب تميت القلو
ب وقد يورث الذلَّ إدمانها
وترك الذنوب حياة القلو
ب وخير لنفسك عصيانها

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الواحد الأحد، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصَحْبه، أما بعد:

أيها المسلمون، النوع الثالث من أنواع الصبر: الصبر على الأقدار المؤلمة النازلة على الإنسان:

فالإنسان في هذه الحياة عرضة لتغيُّر الأحوال وتقلُّب الأطوار، ولأن طاقات الإنسان ووسائل علمه محدودة، فقد يرى النعمة نقمة، والنقمة نعمة، والسرور شرورًا، والشرور سرورًا، غير أن المؤمن ينظر إلى الحياة بمنظار شرعي مضيء فيرى الحقائق على ما هي عليه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له)) [1].

 

والبلاء بالمكاره عندما ينزل على المؤمن يواجهه بالصبر والرضا، حتى ينقلب ألم المصيبة إلى فرحة، وكرهها إلى محبة، والضيق بها إلى سعة في ظلها؛ لأنه يوقن أنها فعل الودود الرحيم العليم الحكيم، وأن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه، وأن المضرَّات أبواب المسرَّات، والمواجع مصاعد الارتقاء إلى العلياء، وأن طلائع الشقاء من أول لمحة هي مفاتيح السعادة إذا وصلت وصادفت قلبًا راضيًا؛

 

قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 156، 157]، ويرى المؤمن الصابر الراضي أن هذه الآلام تفتح له من أبواب الخير ما لا يخطر بباله، لو لم يكن له فيها إلا رفع المنزلة والدرجة عند الله وكثرة أجره وثوابه على صبره عليها، لكفى؛ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة، في جسده وأهله وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)) [2]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)) [3].

 

فالمؤمن إذا استحضر هذه الأحوال، وعمل بما أمره الله به، صار في عيش طيب ولذة ممتدة، فاتسعت له الحياة بعد أن اتسع قلبه وانشرح صدره، وهذ ثواب عاجل لكل صابر وراضٍ بقضاء الله وقدره؛ قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]، قرئ (يهدأ) بالهمز: يهدأ من الهدوء، قال علقمة رحمه الله عند هذه الآية: "هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم".

 

ثم صلوا وسلموا على خير البشرية.



[1] رواه مسلم.

[2] رواه الترمذي، وهو حسن.

[3] رواه الترمذي وابن ماجه، وهو حسن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لذة المناجاة
  • لذة القرآن
  • لذة العلم
  • لذة النظر
  • لذة الإحسان

مختارات من الشبكة

  • رمضان شهر الصبر (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • أنواع الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل الصبر في السنة النبوية المباركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصبر في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رمضان شهر الصبر (4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وبشر الصابرين: أنواع الصبر - ما يهون المصائب - ثمرات الصبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حياة المؤمن بين صبر وشكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان شهر الصبر (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • أهمية الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الصبر خلق الأنبياء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب