• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

الاتجار بالبشر: تأريخه، وصوره، وأضراره، وحكمه (خطبة)

الاتجار بالبشر: تأريخه، وصوره، وأضراره، وحكمه (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/10/2019 ميلادي - 9/2/1441 هجري

الزيارات: 24400

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاتِّجَارُ بالبَشَرِ

تأريخهُ، وصُوَرُه، وأضرارُه، وحُكْمه

 

الحمدُ للهِ الذي رَضِيَ الإسلامَ للمؤمنينَ ديناً، ونَصَبَ الأدلَّةَ على صحَّتهِ وبيَّنها تبييناً، وغَرَسَ التوحيدَ في قلوبهم فأثمرَت بإخلاصهِ فُنوناً، وأعانَهُم على طاعتهِ هدايةً منهُ وكَفَى بربِّكَ هادياً ومُعيناً، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له في رُبوبيَّته وإلهيَّتهِ، تعالَى وتقدَّسَ عن ذلكَ ﴿ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُهُ، أرسلَهُ بالحقِّ ﴿ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46]، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آله وأصحابهِ وسلَّمَ تسليماً كثيراً.


أما بعد:

فيا أيها الناسُ اتقوا اللهَ تعالى، واحذروا الظلمَ والجهْلَ وأدُّوا الأمانةَ التي حَمَلْتُمُوها، قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، ألا وإنَّ من أعظمِ الظُّلْمِ: الاتجارُ بالبَشَرِ، تلكَ التجارةُ النكراءِ التي بلغت قيمة التجارة السنوية فيها في الأعوام الأخيرة حوالي اثنين وثلاثين مليار دولارٍ، وهي تُعَدُّ ثالث أكبر تجارةٍ بعد تجارة المخدِّرات والسلاح، ويصلُ عددُ الأشخاصِ الذين يَتِمُّ الاتجارُ بهم حوالي ثلاثة ميلايين، وغالبيتهم من النساءِ والأطفالِ، ولذلك تُعدُّ هذه الظاهرة من أبرز التحديات التي تُواجه القرن الحالي.


أيها المسلمون:

إنَّ من حقِّ الإنسان أن يكون حُرَّاً فلا يُستَعبَد، حُرَّاً فلا يُتاجرُ به، حُرَّاً فلا تُسرَقُ أعضاؤُه ولا تُباعُ ولا تُشتَرى، حُرَّاً فلا يُنتَهَكُ عِرْضُه ولا مالُه، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].


ومن أروع القَصَصِ التي تُبيِّنُ حفظَ كرامةِ الإنسانِ، ما ذكره ابنُ كثيرٍ في البداية والنهاية في قصةِ إسلام: جَبَلَة بْن الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيّ مَلِكُ نَصَارَى الْعَرَبِ، قال ابن كثير: ( وَشَهِدَ الْحَجَّ مَعَ عُمَرَ.. فبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بالكَعْبَةِ إذ وَطِئَ إزارَهُ رَجُلٌ مِنْ بَني فَزَارَةَ فانْحَلَّ، فَرَفَعَ جَبَلَةُ يَدَهُ فَهَشَّمَ أَنْفَ ذلكَ الرَّجُلِ، ومِنَ الناسِ مَنْ يَقُولُ: إنهُ قَلَعَ عَيْنَهُ، فاسْتَعْدَى عليهِ الفَزَارِيُّ عُمَرَ، ومَعَهُ خَلْقٌ كثيرٌ مِنْ بَني فَزَارَةَ، فاسْتَحْضَرَهُ عُمَرُ، فاعْتَرَفَ جَبَلَةُ، فقالَ لَهُ عُمَرُ: أَقِدْهُ، فقالَ جَبَلَةُ: كيفَ وأنا مَلِكٌ وهُوَ سُوقَةٌ؟ فقالَ: إنَّ الإسلامَ جَمَعَكَ وإيَّاهُ، فلَسْتَ تَفْضُلُهُ إلاَّ بالتَّقْوَى، فقالَ جَبَلَةُ قدْ كُنْتُ أظُنُّ أنْ أكُونَ في الإسلامِ أَعَزَّ مِنِّي في الجاهليَّةِ، فقالَ عُمَرُ: دَعْ ذا عنكَ، فإنكَ إنْ لَمْ تُرْضِ الرَّجُلَ أقَدْتُهُ مِنْكَ، فقالَ: إذَنْ أَتَنَصَّر، فقالَ: إنْ تَنَصَّرْتَ ضَرَبْتُ عُنُقَكَ، فلَمَّا رأى الجِدَّ، قالَ: سأَنْظُرُ في أمْرِي هذهِ الليلَةَ، فانْصَرَفَ مِنْ عندِ عُمَرَ، فلَمَّا ادْلَهَمَّ الليلُ ركِبَ في قَوْمِهِ ومَنْ أطاعَهُ، فسَارَ إلى الشَّامِ، ثُمَّ دَخَلَ بلادَ الرُّومِ ) وماتَ مُرتداً مُتنصِّراً.


أيها المسلمون:

يُعتبر الاتجار بالبشر أحد أشكال الرِّق في العصر الحديث، وهو انتهاكٌ صارخ لحقوقِ الإنسانِ وحُرَّياته الأساسية، ومن صُوَرِهِ على سبيل المثال: الاتِّجار بالنِّساء والأطفال لأغراض الدَّعارة والاستغلال الجنسيِّ، وبيع الأعضاء البشريَّة، واستغلال العُمَّال والخادمات، وبيع الأطفال لِغَرض التبنِّي، واستغلال الأطفال في النِّزاعات المُسَلَّحة، واستغلال الأطفال والنساء في أعمال التسوُّل، والاستغلال السيِّئ للمهاجرين بصفة غير شرعيَّة.


وقد جاء الإسلام بتحريم وتجريم أشكال وظواهر الاتجار في البشر بصُوَرِهِ المختلفةِ، ومن ذلك:

أولاً: تحريم وتجريم بيع الأحرار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قالَ اللهُ تعالى: ثلاثةٌ أنا خَصْمُهُمْ يومَ القيامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرَّاً فأَكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجيراً فاسْتَوْفَى منهُ ولَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ " رواه البخاري.


ثانياً: تحريم وتجريم بيع أعضاء الإنسان: لم يُجز الإسلامُ للإنسان أن يبيع شيئاً من أعضاء جسمه، فضلاً عن الضغط عليه ترهيباً أو ترغيباً لأخذ هذه الأعضاء، وقد صَدَرَ عن الْمَجْمَع الفقهي بمنظمة المؤتمر الإسلامي بمكة المكرمة قرار جاء فيه:" لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحالٍ ما " انتهى.


ثالثاً: تحريم وتجريم الفاحشة والاستغلال الجنسيِّ للنساء وعمل اللواط بالرِّجال صغاراً وكباراً: فقد حرَّم الإسلام الزنا واللواط وجرَّم فاعله، فما بَالُكم بالمتكسِّبين به ومنه، قال تعالى:﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾، وقال تعالى:﴿ وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴾ [الأنبياء: 74]، وقال صلى الله عليه وسلم: " ملعونٌ مَنْ عَمِلَ بعَمَلِ قومٍ لُوطٍ " رواه أحمدُ وصحَّحهُ الألبانيُّ، ومِنْ هُنا سدَّت الشريعةُ الإسلاميةُ كُلَّ المنافذ المؤدية إلى الْمُتاجرة بأجساد النساء والأطفال، وذلك حينما طالبت المرأة بالحِجابِ والعِفَّة والاحتشام في الملبس، قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59]، وأمَرَتِ الرِّجالَ بغضِّ البَصَرِ، قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾ [النور: 30، 31]، وتُجرِّم الشريعةُ الزُّناةَ واللوطيين، وتُوقعُ بالزُّناةِ إذا ثبتت جريمتُهم بالرِّجم إن كانوا مُتزوِّجين، والجلد مائة والتغريب عاماً إنْ كانوا غير ذلك، وتُوقع القتل باللُّوطي، قال صلى الله عليه وسلم: " مَنْ وَجَدتُموه يعملُ عَمَلَ قومِ لُوطٍ فاقتلوا الفاعلَ والمفعُولَ به " رواه الترمذي وصحَّحه الألباني، أيْ إنْ كان المفعول به مُطاوعاً، عقوبات مُؤلِمةٍ رادعةٍ.


وفي النهي الْمُباشر عن استخدام النساء والأطفال في البِغَاء، نقرأ قول الله تعالى: ﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 33]، قال ابن كثير في تفسيره: " كانَ أهلُ الجاهليَّةِ إذا كانَ لأحَدِهِمْ أَمَةٌ، أرْسَلَهَا تَزْني، وجَعَلَ عليها ضَرِيبَةً يأْخُذُهَا منها كُلَّ وَقْتٍ، فلَمَّا جاءَ الإسلامُ نَهَى اللهُ عنْ ذلكَ " انتهى.


رابعاً: تحريم العمل القسري والخدمة قسْراً واستغلال العامل وخدم المنازل: فنصوص الشريعة الداعية إلى رعاية حق الأجير ورعاية الخدم، والترهيب من ظُلمهم نصوص كثيرة، ويكفي في الترهيب من تضييع حق الأجير، الحديث السابق، قوله صلى الله عليه وسلم: " قالَ اللهُ تعالى: ثلاثةٌ أنا خَصْمُهُمْ يومَ القيامةِ " وذكَرَ منهم: " ورَجُلٌ استَأْجَرَ أجيراً فاسْتَوْفَى منهُ ولَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ " رواه البخاري، ففي هذا الحديث تأكيد على رِعاية الأجير وعلى حُرمة ظُلْمه، فما بالكم بالاتجار به للسُّخرة واستغلال عمله.


خامساً: تحريم الاعتداء على الأطفال والمتاجرة بهم بهدف التبنِّي وغيره من الأفعال الشنيعة: فمعلومٌ لديكم أيها المسلمون حُرمة التبنِّي أصلاً في الإسلام، قال تعالى: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5]، والكثير يعلم الشواهد والحوادث التي تدل على اهتمام الإسلام بالطفلِ في كلِّ مراحل حياته: جنيناً، ورَضيعاً، وصبيَّاً، ويافعاً، ثم شابَّاً، إلى أن يصل إلى مرحلة الرُّجولة، بل اهتمَّ الإسلامُ بالطفلِ قبلَ أن يظهر إلى الحياة، فأعطاهُ حقَّاً وهو جنين في بطنِ أُمِّه، وجعل على الاعتداء عليه وقتله في بطن أُمِّه دية جنين، وجرَّمَ إجهاضَهُ بعد نفخ الرُّوحِ فيه، وهذا مالم تصل إليه كلُّ الاتفاقيات والإعلانات العالمية والمواثيق حتى اليوم.


فهل يَحمي الإسلامُ حُقوقهم أجنَّةً ثم يَسمحُ بالاعتداءِ عليهم أطفالاً بأيِّ صُورةٍ من صُوَرِ الاعتداءِ الجنسيِّ أو العمالة أو الاستغلال في النزاعات المسلحة؟ الأمرُ أبعدُ من المستحيل، فشريعةُ الإسلام شريعةٌ كاملةٌ صالحةٌ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41، 42].

♦♦♦♦♦

 

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ.


أمَّا بعدُ:

( فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ )، و (لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).


أيها المسلمون: هذا طَرَفٌ من حكم الإسلام في الاتجار بالبشر، وقد يقولُ قائلٌ: لِماذا لم يُحرِّم الإسلام الرِّق ويقضي عليه؟

الجواب: جاء الإسلام والرِّقُ نظامٌ عالَمِيٌّ، منذ اليونان فالرُّومان فالفرس فالعرب، فقام الإسلام بتضييق مصادر الرِّق ووسع مصارفه.


ففي تضييق المصادر: فقد كانوا يسترقون المرء في الحروب، وفيمن عجز عن سداد دينه، ومن افتقر باع أولاده أو أخذوا منه عُنوة واسترقوا ويُسترق اللقطاء، ويَأخذ قُطَّاعُ الطريق مَن سلبوهم عبيداً، فحرَّمَ الإسلام كل هذه المصادر ولم يُبحْ إلا استرقاق الحرب معاملة بالمثل، وحتى هؤلاء فيُمكِنُ لوليِّ الأمر أن يَفدي الأسرى أو يَمُنَّ عليهم أو يُبقيهم.


وأما توسيع المصارف: فقد أكثرَ الإسلامُ جدَّاً من طُرُق العِتق وتحرير العبيد، فجعلَ مَصْرِفاً من مصارف الزكاة في عتق الرقاب، وجعل عدداً من الكفارات الشرعية عِتقاً للرقاب، ككفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة القتل الخطأ، وحكم الإسلام بأن هزلَ الإنسان وتلفظه بعتق عبده، بأنه يعتق، قال ابنُ عبدِ البرِّ: " المعنى صحيحٌ عندَ العُلَمَاءِ لا أَعْلَمُهُ يَختلفُونَ فيهِ، وقَدْ رُوِيَ ذلكَ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وعبدِ اللهِ بنِ مسعُودٍ، وأبي الدَّرداءِ، كُلُّهُمْ قالَ: ثلاثٌ لا لَعِبَ فيهِنَّ ولا رُجُوعَ فيهِنَّ، واللعب فيهِنَّ جَادٌّ: النِّكَاحُ، والطَّلاقُ، والْعِتْقُ " انتهى، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ( مَنْ مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ ) رواه الترمذيُّ وصحَّحه الألباني، وبيَّن الإسلامُ فضلَ العِتْقِ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ( مَنْ أَعْتَقَ رقَبَةً مُسْلِمَةً أعْتَقَ اللهُ بكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِن النََّارِ حتَّى فَرْجَهُ بفَرْجِهِ ) رواه البخاريُّ ومسلم، وشَرَعَ الإسلامُ المكاتبة والتدبير، وحَمَى الإسلامُ الناسَ من الوُقوع في براثن الرِّقِّ بسياج التكافل الاجتماعي، وكلَّما وَرَدَ في القرآن حديثٌ عن الرِّقابِ اقترن بإعتاقها وتحريرها، وكُلَّما بَوَّبت كُتب الفقه الإسلامي لمبحث العبيد عنونته بباب العِتق، ولم تُعنونه بباب الرِّق، إلى غير ذلك من توسيع الإسلام لمصارفِ الرِّق، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جريمة الاتجار بالبشر
  • الإيجابيات والسلبيات في التقرير الأمريكي حول الاتجار بالبشر
  • الاتجار بالبشر مصير الروهنجيين الفارين
  • الاتجار بالبشر في القرن الحادي والعشرين

مختارات من الشبكة

  • من صور الاتجار بالبشر (1) هضم حقوق العمال واستغلالهم (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • دور شبكات الأمان الاجتماعية الإقليمية في مكافحة الاتجار بالبشر في إفريقيا: رؤية مستقبلية (WORD)(كتاب - مجتمع وإصلاح)
  • الاتجار بالبشر وتأثيراته على أفريقيا، ظلال قاتمة على التنمية المستدامة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ماليزيا: العثور على جثث لمسلمين ضحايا الاتجار بالبشر(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مالاوي: المسلمون يساهمون في جهود منع الاتجار بالبشر(مقالة - المسلمون في العالم)
  • منع الاتجار بالأشخاص(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ميانمار: الخارجية التايلاندية تعترف بتورط مسؤولين في الاتجار بالروهنجيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • القاعدة الفقهية: الضرر لا يزال بالضرر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الربا: تعريفه، وحكمه، وأضراره، وأنواعه(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • قاعدة: يتحمل الضرر الخاص لأجل دفع الضرر العام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب