• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعظم النعم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطورة التبرج
    رمزي صالح محمد
  •  
    خطبة: السعادة الزوجية
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: كيف نستحق النصر؟
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق المعلم
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    إجارة ما منفعته بذهاب أجزاءه مع بقاء أصله
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: يا شباب عليكم بالصديق الصالح
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    صفة الرزق والقوة والمتانة
    عبدالعزيز بن محمد السلمان
  •  
    من مائدة الحديث: الحث على العفو والتواضع
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تحريم التفكر في ذات الله جل وعلا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

مراقبة الله وتقواه (خطبة)

مراقبة الله وتقواه (خطبة)
خالد سعد الشهري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/7/2019 ميلادي - 11/11/1440 هجري

الزيارات: 130303

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مراقبة الله وتقواه


الْحَمْدُ لِلَّهِ غَافِرِ الزَّلَّاتِ وَمُقِيلِ الْعَثَرَاتِ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وَهُوَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ فِي الْوُجُودِ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى حَقَّ تُقَاتِهِ وَاسْتَشْعِرُوا دَائِمًا وَأَبَدًا مُرَاقَبَةَ اللَّهِ لَكُمْ، وَعَظِّمُوا اللَّهَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَة: 281].

 

عِبَادَ اللَّهِ، نَحْنُ فِي زَمَنٍ تَكَاثَرَتْ فِيهِ الْفِتَنُ، وَتَنَوَّعَتْ عَبْرَ وَسَائِلَ مُخْتَلِفَةٍ؛ مِنْ شَاشَاتٍ وَجَوَّالَاتٍ فِيهَا بَرَامِجُ مُتَجَدِّدَةٌ، مِنْ خِلَالِهَا قَدْ يَصِلُ الْوَاحِدُ إِلَى الْمُنْكَرِ وَهُوَ فِي قَعْرِ بَيْتِهِ دُونَ رَقِيبٍ وَلَا حَسِيبٍ، وَأَصْبَحَ الْعَاقِلُ لَا يَكَادُ يُصَدِّقُ مَا يَسْمَعُ وَيَرَى مِنْ مُنْكَرَاتٍ مُنْتَشِرَةٍ عَبْرَ هَذِهِ الْجَوَّالَاتِ الَّتِي بِيَدِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ، خُطْبَةُ الْيَوْمِ عَنْ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ وَتَقْوَاهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، وَكَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ وَاسْتِشْعَارِهِ دَوْمًا وَأَبَدًا، لَاسِيَّمَا وَأَنَّ التَّقْوَى أَعْظَمُ وَصِيَّةٍ لِلْعِبَادِ، وَخَيْرُ زَادٍ لِيَوْمِ الْمَعَادِ، وَهِيَ الْوَصِيَّةُ الْخَالِدَةُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأُمَّتِهِ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ...»، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يُوصِي بِهَا فِي خُطَبِهِ وَمَوَاعِظِهِ، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ، لَا يَزَالُ الْإِنْسَانُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يَقَعُ مِنْهُ الْخَطَأُ وَالصَّوَابُ، مَرَّةً يُحْسِنُ وَمَرَّةً يُسِيءُ، حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- فَيَجِدُ مَا عَمِلَ حَاضِرًا ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 49]، فَتُعْرَضُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَعْمَالُ فَلَا تَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهَا خَافِيَةٌ، وَفِي يَوْمِ الْحِسَابِ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، وَيَنْظُرُ مَا عَمِلَتْ يَمِينُهُ وَيُسْرَاهُ، فَتُخْرَجُ الْفَضَائِحُ وَتُبْلَى السَّرَائِرُ، وَيُفَاجَأُ كُلُّ عَامِلٍ بِمَا أَسَرَّ وَأَعْلَنَ ﴿ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ﴾ [الْقَمَر: 53].

 

وَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ يُبْرَزُ لِلنَّاسِ رِجَالٌ لَمْ يَكُنْ يُرَى مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا إِلَّا كُلُّ خَيْرٍ، لَهُمْ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ كَجِبَالِ تِهَامَةَ يَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا.. يَا اللَّهُ، مَا أَفْظَعَهَا مِنْ خَسَارَةٍ بَعْدَ التَّعَبِ وَالنَّصَبِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ تَذْهَبُ تِلْكَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَاتُ فَتَكُونُ هَبَاءً مَنْثُورًا.. فَمَا سَبَبُ ذَلِكَ يَا تُرَى؟ وَمَا هُوَ الذَّنْبُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ أَصْحَابُ تِلْكَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؟! اسْمَعُوا لِهَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ الَّذِي مِنْ خِلَالِهِ يَتَبَيَّنُ السَّبَبُ: عَنْ ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَبَاءً مَنْثُورًا»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا».

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِذَا كَانَ ثَوْبَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ- صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ سَمِعْتُمْ حَالَهُمْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَاذَا نَقُولُ عَنْ أَنْفُسِنَا؟! وَمَاذَا سَنَقُولُ وَالتَّقْصِيرُ قَدْ مَلَأَ حَيَاتَنَا؟! وَمَنْسُوبُ الْإِيمَانِ قَدْ قَلَّ فِي قُلُوبِنَا إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ؟ يَقُولُ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، فَيُجِيبُ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحُسْبَانِ، وَيُخْبِرُ -بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي- أَنَّهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَيْسَ هَذَا فَحَسْبُ، بَلْ لَهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ قِيَامِ لَيْلٍ وَصَدَقَةٍ وَصِيَامٍ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ، لَكِنَّهُمْ جَعَلُوا اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَهْوَنَ النَّاظِرِينَ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يُرَاقِبُوا اللَّهَ فِي الْخَلَوَاتِ، فَعَمِلُوا فِي الظَّاهِرِ مَا يُخَالِفُ الْبَاطِنَ... رَاقَبُوا النَّاسَ وَغَفَلُوا عَنْ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ، غَفَلُوا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الْمُجَادَلَة: 7].

 

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلَا تَقُلْ
خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقِيبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ يَغْفُلُ سَاعَةً
وَلَا أَنَّ مَا تُخْفِيهِ عَنْهُ يَغِيبُ
لَهَوْنَا عَنِ الْأَيَّامِ حَتَّى تَتَابَعَتْ
ذُنُوبٌ عَلَى آثَارِهِنَّ ذُنُوبُ
فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ مَا مَضَى
وَيَأْذَنُ فِي تَوْبَاتِنَا فَنَتُوبُ

 

عِبَادَ اللَّهِ: تَأَمَّلُوا مَعِي أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ...»، إِذَا نَظَرْنَا إِلَى هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ نَجِدُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمْ، وَالْوَصْفَ الَّذِي تَحَقَّقَ فِيهِمْ -عَلَى اخْتِلَافِ أَعْمَالِهِمْ-: هِيَ تَقْوَى اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَمُرَاقَبَتُهُ فِي خَلَوَاتِهِمْ.

 

فَتَأَمَّلُوا مَعِي أَحْوَالَهُمْ؛ مِنْهُمْ: رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ.. يَا تُرَى.. مَا الَّذِي جَعَلَهُ يَكُونُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ؟ إِلَّا مُرَاقَبَةُ اللَّهِ فَالنَّاسُ لَا يَرَوْنَهُ، وَلَا يَرَاهُ إِلَّا مَنْ شَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، وَمِنْهُمْ: رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ.. فَمَا أَجْمَلَ رَدَّهُ حِينَمَا قَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، فَاسْتَشْعَرَ عَظَمَةَ مَنْ يَرَاهُ فِي خَلْوَتِهِ، وَمِنْهُمْ: رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقَ يَمِينُهُ؛ هَذَا رَجُلٌ قَدْ رَاقَبَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَإِلَّا فَإِنَّ الْمَالَ شَيْءٌ مُحَبَّبٌ إِلَى النَّفْسِ، فَكَيْفَ بِهَذَا الَّذِي أَنْفَقَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَخْفَى صَدَقَتَهُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ، حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يُمْنَاهُ، وَمِنْهُمْ شَابٌّ نَشَأَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، مَعَ قُوَّةِ النَّوَازِعِ وَتَوَقُّدِ الْغَرَائِزِ، يَا تُرَى مَا الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مُرَاقَبَةُ اللَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ؟!

 

فَيَا عَبْدَ اللَّهِ: كُنْ مُحَاسِبًا لِنَفْسِكَ، وَتَذَكَّرْ نَظَرَ اللَّهِ إِلَيْكَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، وَلَا يَغُرَّنَّكَ ثَنَاءُ النَّاسِ عَلَيْكَ، فَإِنَّهُمْ يُرَاقِبُونَ ظَاهِرَكَ وَاللَّهُ يَعْلَمُ بَاطِنَكَ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ. أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُتَّقِينَ الصَّادِقِينَ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا تَقْوَاهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ...

 

وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية

أَحْمَدُ اللَّهَ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَأُثْنِي عَلَيْهِ الْخَيْرَ كُلَّهُ، لَهُ الْحَمْدُ وَالْأَمْرُ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ الْمُجْتَبَى وَرَسُولُهُ الْمُرْتَضَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى.

 

عِبَادَ اللَّهِ: التَّقْوَى أَمْرُهَا عَظِيمٌ، وَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَمْتَثِلَ مَعْنَاهَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، وَمِنْ مَعَانِي تَقْوَى اللَّهِ: أَنْ يَجْعَلَ الْمُؤْمِنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَذَابِ اللَّهِ وِقَايَةً؛ وَذَلِكَ بِفِعْلِ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي، وَأَنْ يَرَاهُ اللَّهُ حَيْثُ أَمَرَهُ، وَلَا يَرَاهُ حَيْثُ نَهَاهُ.

 

وَسَأَلَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ لَهُ: مَا التَّقْوَى؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَأَيْتَكَ لَوْ سَلَكْتَ وَادِيًا ذَا شَوْكٍ كَثِيرٍ مَاذَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: أُشَمِّرُ عَنْ ثِيَابِي وَأَحْتَرِزُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي الشَّوْكُ، فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: ذَاكَ التَّقْوَى! فَهِيَ تَشْمِيرٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَاحْتِرَازٌ مِنْ مَعْصِيَتِهِ...

 

خَلِّ الذُّنُوبَ صَغِيرَهَا
وَكَبِيرَهَا ذَاكَ التُّقَى
وَاصْنَعْ كَمَاشٍ فَوْقَ أَرْ
ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَا يَرَى
لَا تَحْقِرَنَّ صَغِيرَةً
إِنَّ الْجِبَالَ مِنَ الْحَصَى

 

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ- عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الْأَحْزَاب: 56]، وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: « مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ».





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصيام تدريب على مراقبة الله عز وجل
  • مراقبة الله عز وجل
  • مراقبة الله تعالى في السفر
  • تعويد الأطفال على مراقبة الله
  • مراقبة الله في حياتنا
  • مراقبة الله في السر والعلن
  • فوائد وثمرات مراقبة الله تعالى
  • مراقبة الله: حقيقتها، درجاتها، علاقتها بالإيمان، طرق تقوية ترسيخها
  • مراقبة الله في الخلوة (خطبة)
  • مراقبة الله (خطبة)
  • مراقبة الله تعالى (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: أهمية مراقبة الله في حياة الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شموع (111)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام والبيئة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضائل التقوى(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: السعادة الزوجية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف نستحق النصر؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: يا شباب عليكم بالصديق الصالح(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- عن الخطبة
أحمد سعد - مصر 12/11/2021 11:40 AM

جزاكم الله خيرا
عمل عظيم
جعله الله في ميزان حسناتك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/5/1447هـ - الساعة: 3:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب