• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الصلاة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الغني
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    فضل صيام شهر المحرم
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    عاشوراء بين السنة والبدعة (خطبة)
    عبدالكريم الخنيفر
  •  
    دعاء الاستخارة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    فضول الكلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    آداب المسجد (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الهجرة النبوية: انطلاقة حضارية لبناء الإنسان ...
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وكأين من نبي قاتل معه ربيون ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    خطبة: تربية الشباب على حسن الخلق
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإسلام منهج يقبل الآخر ويتعايش مع غير المسلمين
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    يا ابن آدم، لا تكن أقل فقها من السماوات والأرض ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حقوق البنات
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    لا تنشغل بحطام زائل
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    فقه يوم عاشوراء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أدوات الكتابة المستخدمة في الجمع الأول في العهد ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات
علامة باركود

الفرح بطاعة الله (خطبة)

الفرح بطاعة الله (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/6/2019 ميلادي - 20/10/1440 هجري

الزيارات: 49658

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفرح بطاعة الله

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ:


فاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَرَاقِبُوهُ؛ فَإِنَّ تَقْوَاهُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ، وَطَاعَتُهُ أَعْلَى نَسَبٍ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


إذَا المرءُ لمْ يَلبسْ ثيابًا مِنَ التُّقى
تقَلَّبَ عُريانًا وإنْ كانَ كاسيَا
وخَيرُ لِبَاسِ المَرءِ طَاعةُ ربِّه
ولا خَيرَ فيمَنْ باتَ للهِ عَاصيَا

 

أيهَا المؤمنونَ:

لَمَّا قدمَ خَراجُ العراقِ إلى عمرَ بنِ الخطابِ، خرجَ عمرُ ومولىً لَه، فَجَعَلَ عُمَرُ يَعُدُّ الْإِبِلَ، فَإِذَا هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» وَجَعَلَ مَوْلَاهُ يَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا وَاللهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: «كَذَبْتَ، لَيْسَ هُوَ هَذَا، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس: 58] يَقُولُ: بِالْهُدَى وَالسُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ، فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا، هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ، وَهَذَا مِمَّا يَجْمَعُونَ» رواه الطبرانيُّ وأبو نُعَيمٍ.


أيها المؤمنونَ:

إنَّ الفرحَ باللهِ تعالى وبطاعتِهِ مقامٌ عظيمٌ لا يَخلُصُ إليه إلاَّ الموفَّقونَ مِن عبادِ اللهِ تعالى، ممَّن أرادَ اللهُ جَلَّ وعلا سَعادَتَهُم في الدنيا والآخرةِ.


إنَّ الفرحَ الحقيقيَّ - يا عبادَ اللهِ - هو أنْ يفرَحَ المرءُ أنَّ اللهَ هداه إلى الإسلامِ، وأنَّ اللهَ أعانَه على صلاةِ الجماعةِ، وأنَّ اللهَ يسَّرَ له بِرَّ والديهِ وصلةَ أرحامِهِ، وأعانَه على فعلِ الخيرِ.


الفَرحُ الحقيقيُّ هو بطاعةِ اللهِ وبفضلِه، الفرحُ بمواسمِ العبادةِ، كقدومِ رمضانَ، والحجِّ، الفرحُ بيومِ عَرفةَ، الفرحُ بالأُضحِيةِ، الفرحُ بصيامِ سِتةٍ مِن شَوالَ، بصيامِ عَاشوراءَ، الفرحُ بخَتمِ القرآنِ، الفرحُ بالتوفيقِ للصدقةِ، الفرحُ بأداءِ العُمرةِ، والتآخِي في اللهِ والصبرِ على طاعةِ اللهِ، وهكذا سائرُ العباداتِ.


ينبغِي لكلِّ موفَّقٍ لطاعةِ اللهِ أن يَفرحَ بذلكَ، ويُسَرَّ بذلكَ، بل يجبُ عليه أنْ يَفرحَ بذلكَ ويَغتَبِطَ بهذا، ويَحمَدَ اللهَ على ذلك.


حُقَّ لكم -أيها المؤمنونَ- أنْ تفرحُوا؛ فمَن في الأرضِ عنده دِينٌ مِثلُ دِينِنَا؟ مَن في الأرضِ عندَه صيامٌ مثلُ صِيامِنَا؟ مَن في الأرضِ عنده صلاةٌ مثلُ صلاتِنَا؟ مَن في الأرضِ عنده دُعاءٌ مثلُ دُعائِنَا؟ مَن في الأرضِ عِندَه ذِكْرٌ مِثلُ ذِكرِنَا؟ نحنُ الأمةُ الوحيدةُ التي خلقَهَا اللهُ في هذا العالَمِ عندَها مثلُ هذا الشرعِ القويمِ.


معاشرَ المسلمينَ:

وهناكَ في السيرةِ والتاريخِ نَماذِجُ مباركةٌ لأمورٍ فَرِحَ بها المسلمونَ، وفي مُقدِّمتِهِمُ الرسولُ الكريمُ صلى اللهُ عليه وسلَّم، فكانَ إذَا فَرِحَ سُرَّ واستَنَارَ وَجهُهُ، حتى كأنَّه قِطعةُ قَمرٍ، لكنْ يَفرحُ بماذَا؟ كانَ يفرَحُ صلى اللهُ عليه وسلَّم بدخولِ الناسِ في الإسلامِ، يفرحُ بدخولِ نَاسٍ لهم مَكانةٌ في الدِّينِ لإعزازِ الدِّينِ، لَمَّا أَسلمَ عِكرمةُ بنُ أبي جهلٍ وقدِمَ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عامَ الفتحِ، لَمَّا رآهُ عليه الصلاةُ والسلامُ وثَبَ إليهِ فرحاً، وما عليهِ رِداءٌ حتى بَايعَهُ.


وحينَ مَرِضَ غلامٌ يهوديٌ وأتاه النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلَّم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ» فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ» رواه البخاريُّ.


كمَا كانَ صلى اللهُ عليه وسلَّم يفرَحُ إذا حصَل لبعضِ أصحابِهِ خَيرٌ، كما فَرِحَ بتوبةِ اللهِ على كَعبِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه فَرحاً شديداً حكَاه كَعبٌ فقالَ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُور. متفقٌ عليهِ.


وفَرحَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمبادرةِ الصحابةِ إلى طاعةِ اللهِ، لمَّا دعاهُم للتَّصدُّقِ وجاءَ واحدٌ بصُرَّةٍ كادت كفُّه تَعجَزُ عنها، بل قد عَجزَتْ، قَالَ الرَّاوِي: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ. رواهُ مسلمٌ.


ولقَد كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذلكَ، فهؤلاءِ الأنصارُ فرِحوا بمَقْدَمِ الحبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ. فقد وصفَ البراءُ بنُ عازبٍ رضي الله عنه هذا الفَرحَ بقولِهِ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ المَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه البخاريُّ.


ولمَّا فُتِحتْ مكةُ خَشِيَ الأنصارُ أنْ يُفارِقَهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى قومِهِ، فلما طَمْأَنَهُم بَعودتِهِ معهُم بكَوْا فرحاً بذلكَ، قالَ صلى الله عليه وسلم لهُم: "أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ فِي رِحَالِكُمْ؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، اللهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ" فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللهِ قِسْمًا وَحَظًّا..."، رواهُ أحمدُ.


وفرِحَ أبو هريرةَ رضي الله عنه بإسلامِ أُمِّهِ رضي الله عنها حينَ أَسلمتْ، يقولُ أبو هريرةَ: كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ» فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ، فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ، فَقَالَتْ: مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، قَالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَفَتَحَتِ الْبَابَ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا. رواه مسلمٌ.


وهذا أُبيُّ بنُ كعبٍ رضي الله عنه لما قال له النبيُّ عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا»، قَالَ: وَسَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَبَكَى أُبيٌّ رضي اللهُ عنه مِن شدةِ الفَرحِ. متفقٌ عليه.

طَفَحَ السُّرورُ علَيَّ حتَّى إننِي *** مِن عِظَمِ مَا قَد سَرَّنِي أَبكَانِي


هذا هو الفرحُ بطاعةِ الله، والأنسُ بعبادتهِ، وأما الفرحُ بالدنيا وما فيها من جاهٍ ومالٍ ونساءٍ وأولادٍ ومتاعٍ، فهو فرحٌ لا يصفو ولا يدومُ؛ فالعمر يفنى، فالجاهُ يزولُ، والمالُ يذهبُ، والمنصبُ فترةً ثم لا يعود، وتلك سنة الله -تعالى- في خلقه، أيامٌ يداولها بين الناس، ليعلم الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، نعم إنما هي منازل، فراحل ونازل، وهي بزينتها وبريقها ونعيمها إنما هي:

أحلامُ نومٍ أو كظل زائلٍ *** إن اللبيب بمثلها لا يخدع

 

نسألُ اللهَ تعالى أنْ يَرزقَنَا الفرحَ بهِ وبطاعتِه، وأنْ يملأَ قلوبَنَا أُنساً بهِ، وقُرباً مِنهُ، وزُلفَى إليهِ، ورِضاً بهِ وعَنه، وأنْ يُرضِيَنَا ويَرضَى عنَّا، إنه سميعٌ مجيبٌ.


وأقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، أعظَمَ للمتقينَ العاملينَ أُجورَهم، وشَرحَ بالهُدى والخيراتِ صُدورَهُم، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وفَّق عِبادَه للطاعاتِ وأَعانَ، وأَشهدُ أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبدُ اللهِ ورسولُه خيرُ مَن عَلَّمَ أحكامَ الدِّينِ وأَبانَ، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه أهلِ الهُدى والإيمانِ، وعلى التابعينَ لهُم بإيمانٍ وإحسانٍ ما تَعاقَبَ الزمانُ، وسلَّم تَسليمًا مزيداً.


أيها المؤمنُ:

وإذَا أَكرمَكَ اللهُ بهذا الدِّينِ العظيمِ، بالاستقامةِ على طاعتِهِ، وبأداءِ الصلاةِ والمحافظةِ عليها، والقيامِ بفرائضِ الإسلامِ وواجباتِ الدينِ، وأعانكَ على عملٍ صالحٍ لَمْ تكنْ تَقْوَى عليهِ مِن قَبل، ومَنَّ عليكَ بالحرصِ على أداءِ الحقوقِ – حقوقِ اللهِ وحقوقِ العبادِ –، والبُعدِ عن المحرماتِ.. إذَا مَنَّ اللهُ عليكَ بذلكَ كلِّهِ، فلْتفْرَحْ ولْتبتَهِجْ، وفَرَحُكَ بذلكَ عُبوديةٌ عظيمةٌ مِن عُبودياتِ القَلبِ، وإذَا وُجِدَ هذا النوعُ مِنَ الفرحِ في قلبِ المؤمنِ انْبسطَتْ نَفْسُهُ وزَادَ إِقبالُهُ على طاعةِ اللهِ وزَاد عَملاً بأوامرِ اللهِ وبُعداً عن نَواهِيَهُ تباركَ وتعالى.وهذا مِن إِكرامِ اللهِ لعبدِهِ، نَسألُ اللهَ المزيدَ مِن فضلِهِ وكرمِهِ.


هذَا، واذْكُروا -رحمكُم اللهُ- على الدوامِ أنَّ المولى المَلِكَ العَلامَ قَد أمركُم بالصلاةِ والسلامِ على خيرِ الأنامِ، فقالَ تعالى في أجلِّ الكلامِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهمَّ أَحينَا مؤمنينَ وتوفَّنا مسلمينَ وألحقنَا بالصالحينَ غير خزايا ولا مفتونينَ، تَقبَّلْ توبَتَنَا واغسلْ حَوبتَنَا واشفِ صُدورَنَا وطهِّرْ قُلوبَنَا وحَصِّنْ فروجَنَا وارْحمْ أَمواتَنا واشفِ مَرضَانَا، اللهمَّ اقْضِ ديونَنَا واهدِ ضَالَّنَا، يا أرحمَ الراحمينَ فرِّجْ عنِ المسلمينَ المستضعفينَ، اللهم إنَّ في بعضِ بِلادِ المسلمينَ مِنَ اللأوَاءِ مَا لا نَشكُوه إلا إليكَ ففَرِّجْ عنهم يا أرحمَ الراحمينَ، كُن معهُم ولا تكن عَليهِم، وانصُرهُم ولا تَنصُرْ عليهم، أَعِنْهُمْ ولا تُعِنْ عَليهِم.


اللهمَّ وَفقْ ولاةَ أمرِ المسلمينَ جميعا لما يُرضِيكَ، نسأَلُه أنْ ينصرَ بهم الحقَّ ويخذلَ بهم الباطلَ، وأن يجمعَ كلمتَهُم على التقوَى، كما نسأَلُه سبحانه أنْ يوفِّق ولاةَ أمرِنا في هذه البلادِ لكلِّ خيرٍ، وأنْ يُعينَهُم على كلِّ ما فيه رِضاهُ، وأنْ يَنصرَ بهم الحقَّ ويخذُلَ بهمُ الباطلَ، وأنْ يجعَلَهُم مِنَ الهُداةِ المهتدينَ إنَّه جل وعلا جَوَادٌ كَريمٌ.


اللهمَّ اجعلْ بلَدَنا هذا بلداً آمناً وسائرَ بلادِ المسلمينَ، اللهم اجعلهَا عَامرةً بذكرِكَ مُقيمَةً لشرعِكَ يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم انصرْ جنودَنا المرابطينَ على حدودِنَا وجميعَ رِجالِ أَمنِنَا والحمدُ للهِ أولاً وآخراً، وصلَّى اللهُ على النبيِّ الأمينِ وعلى آلِه وصحبِهِ أجمعينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خذ قسطًا من الفرح
  • الفرحة العظمى (قصة)
  • فقه الفرح في الكتاب والسنة
  • دموع الفرح
  • الله لا يحب الفرحين
  • الفرح الأكبر والأعظم
  • صانعو الفرحة
  • آيات عن الفرح
  • الفرح: حقيقته وأسبابه وأنواعه (خطبة)
  • شرح باب وجوب أمر أهله وأولاده بطاعة الله
  • الفرح بطاعة الله تعالى (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الفرح المؤقت والفرح الدائم وأسبابه(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة عيد الفطر 1442هـ الفرح بطاعة الله تعالى(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الفرح في الإسلام(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • فبذلك فليفرحوا (2/3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فبذلك فليفرحوا (1 /3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرح في الحياة وأحكامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرح بالطاعات وقول النبي صلى الله عليه وسلم: للصائم فرحتان(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الفرح بالطاعات وقول النبي صلى الله عليه وسلم : للصائم فرحتان...(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الفرح بالطاعات وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان"(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فبذلك فليفرحوا (3/3)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/1/1447هـ - الساعة: 14:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب