• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

بين قصتي يوسف وموسى عليهما السلام (قراءة تدبرية)

بين قصتي يوسف وموسى عليهما السلام (قراءة تدبرية)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/4/2019 ميلادي - 17/8/1440 هجري

الزيارات: 117083

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بين قصتي يوسف وموسى عليهما السلام

(قراءة تدبرية)[1]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:


فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها المسلمون، إن قراءة القرآن المبنيَّةَ على التأمل والتدبر والفهم والوعي هي التي تصنع القارئ المنتفع بكلام الله تعالى، وتجعل حبَّه للقرآن عظيمًا، وتلذُّذه به كبيرًا، وتمنحه كثرة التردُّد على آياته، وحبَّ البحث فيها، ومعرفة ما تُكِنُّه من المعارف والهدايات والأعمال.


إن من القِصص المؤثرة التي ذكرها القرآن الكريم: قصة الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف عليه السلام، التي انفردت عن سائر قِصص القرآن بمزايا كثيرة؛ منها: التفصيل في أحداثها، وخلوص سورة كاملة في شأنها، حتى لم تذكر معها قصة سواها.


وفي مجال القَصص القرآني نجد من أنبياء بني إسرائيل الذين كثُر حديث القرآن عنهم: نبي الله موسى عليه السلام، فهو أكثر نبي فصَّل القرآن قصتَه، وذكر أحواله المختلفة، وتناول جوانب متعددة من حياته الأسرية، وحياته الدعوية، ومن يتأمل في قصة يوسف وقصة موسى- خاصة الجوانب التي ذكرت من قصة موسى في سورة القصص- يلاحظ وجُوهًا متقاربة، وأحوالًا متشابهة.


إن نبي الله يوسف عليه السلام هو ابن يعقوب الملقب بإسرائيل عليه السلام، وكان ليعقوب اثنا عشر ابنًا، نشأت عنهم اثنتا عشرة قبيلة من بني إسرائيل، فجاء موسى بن عمران من نسل أحد أبناء يعقوب، وهو لاوي بن يعقوب عليه السلام، وكان بين موسى ويعقوب آباء، كان يعقوب هو الجد الرابع أو الخامس لموسى، كما ذكر بعض أهل العلم[2].


عباد الله، تبدأ القصة - في حديثنا عن المقارنة بين القصتين - بالإلقاء لكلا النبيَّيْنِ الكريمين؛ فيوسف أُلقي في الجب - يعني: البئر- وموسى أُلقي في اليمِّ- يعني: نهر النيل- وقد ألقت يوسف في الجُبِّ أيدٍ تريد أن تتخلَّص منه، وألقت موسى في اليمِّ يدٌ تريد أن تُخلِّصَه، فأيدي الإلقاء في الجُبِّ أيدٍ كارهة ليوسف، وهي أيدي إخوته الذين حسدوه لمزيد حبِّ أبيهم له، فأرادوا الخلاص منه بهذا الفعل الشائن؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ [يوسف: 10]، ثم قال: ﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [يوسف: 15]، وأما يد إلقاء موسى في اليمِّ فهي يدٌ مُحِبَّة، رحيمة حانية، أرادَتْ أن تُخلِّصه من أيدي جنود فرعون الذين يسعون وراء مواليد بني إسرائيل من الذكور لقتلهم؛ لأن فرعون قد أُخبِر عن طريق بعض الكهنة -كما قيل- بأن زوال مُلْكِه سيكون على يد غلام من بني إسرائيل؛ فألهمَ اللهُ أمَّ موسى أن ترضعه حتى يشبع، ثم تُلقيه في اليمِّ، ففعلت ذلك عن ثقة بالله تعالى، وتصديق بوعده الذي لا يتخلَّف بردِّه إليها حيًّا؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7]، وبعد الإلقاء في الجُبِّ واليمِّ جاء الإنقاذ لهما إلى بَرِّ الأمان؛ فيوسف عليه السلام أنقذَتْه أيدٍ تجارية، فباعَتْه بثمنٍ بخسٍ دراهمَ معدودة، حتى وصل إلى عزيز مصر، فعاش في قصره رقيقًا؛ قال تعالى عن يوسف: ﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ * وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ * وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 19 - 21]، وأما موسى فوصل إلى أيدي علية القوم؛ وهم آل فرعون الذين يقتلون الأطفال؛ ولكنهم لما كانوا جنودًا مأمورين لم يستعجلوا في قتل موسى حتى تصدُر إليهم الأوامر بذلك من قِبَل فرعون؛ فلذلك حملوا موسى إلى قصر فرعون، فلما رآه فرعون وزوجته تبايَنَتْ نظرتُهما إليه؛ فأما فرعون فقد أراد التخلُّص منه على طريقته المعهودة من أجل غايته المقصودة، وأمَّا زوجته فإنها حينما لم يكن لها ولدٌ؛ فقد تملَّكَتْها عاطفةُ الأمومة، فطلبت إبقاءه وتربيته في قصرها؛ رجاء أن يكون قُرَّةَ عينٍ لهما، فنفَّذ فرعون طلب زوجته، فأبقى موسى حيًّا؛ قال تعالى: ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 8، 9].


ونلاحظ في هذا الفصل من فصول حياتي هذين النبيَّيْنِ الكريمَينِ أمورًا:

الأول: أنهما كليهما من أولاد يعقوب.

الثاني: أن كليهما فُقِد عن أسرته.

الثالث: أن كليهما ناله الإلقاء في الماء.

الرابع: أن كليهما لم يدم طويلًا في الماء بل أُنْقِذ منه.

الخامس: أن كليهما وصل إلى قصر في مصر؛ فيوسف استقرَّ في قصر عزيز مصر، وموسى استقرَّ في قصر ملك مصر فرعون.


السادس: أن كلَّ مُستقبِلٍ مكرِمٌ لكلٍّ منهما في ذينك القصرين؛ رجاء نفعه أو اتخاذه ولدًا، فقد نطق العزيز وامرأة فرعون بجملة متفقة؛ قال تعالى عن العزيز: ﴿ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [يوسف: 21]، وقال عن امرأة فرعون: ﴿ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [القصص: 9].


أيها المسلمون، ومما اشترك فيه يوسف وموسى عليهما السلام: حزن الوالدين الشديد على فَقْدِهما؛ فيوسف قد احتال إخوته على أبيهم لأخْذِه للعب معهم، وهم عازمون على التخلُّص منه، فألقوه في الجُبِّ، ثم عادوا إلى أبيهم، فأخبروه الخبر الكاذب بهلاك يوسف بين براثن الذئب ومخالبه، فأدخلوا على أبيهم يعقوب بذلك حزنًا عميقًا، استمرَّ معه سنين عددًا، حتى ذهب بَصَرُ يعقوب من شدة الحزن والبكاء على يوسف؛ قال تعالى: ﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 16 - 18]، وقال تعالى أيضًا بعد فَقْدِ بنيامين في مصر: ﴿ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ * وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 81 - 84].


وأما أُمُّ موسى فقد حزنت على فراقه حزنًا كبيرًا، حتى أصبح قلبها فارغًا من شواغل الدنيا إلا من ذكر موسى، ومن شدة وَجْدِها عليه وشوقها إليه، وقد قاربت أن تخبر أن لها ولدًا مفقودًا؛ ولكن الله ربط على قلبها فلم تُبِحْ بسرِّها؛ قال تعالى: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [القصص: 10].


أيها الأحباب الكرام، ومما اشترك فيه هذان النبيَّان الكريمان أن الله قد وعد والديهما بنجاة ولَدَيهما، وعودتهما إليهما سالمينِ، وكانا على يقين من حياتهما بعد فقدهما؛ ولذلك أرسلا أولادهما للبحث عنهما؛ قال تعالى عن يعقوب: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 86-87]، وقال عن أم موسى: ﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7]، وقال أيضًا: ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 11].


أما أخت موسى، فعادَتْ بالخبر سريعًا إلى أمِّها حينما وجدته في قصر فرعون، وأما إخوة يوسف فلم يرجعوا بخبره إلى أبيه، إلا بعد سنوات عقب رحلة تجارية قاموا بها من الشام إلى مصر، حصلت فيها بعض الأحداث.


إخواني الفضلاء، إن من الملاحظ في هذا الفصل من القصتَينِ أن الله تعالى قد جعل سببين مختلفين لعودة يوسف وموسى لأسرتيهما؛ فأما سبب عودة يوسف إلى أبيه، فهو الرحلة التجارية لإخوة يوسف، التي تخللتها أحداث منها: أخذ يوسف لأخيه بنيامين محتجزًا مكرمًا لديه حتى يصل به إلى أبيه يعقوب بعد أن عرَفَ أن أصحاب القافلة هم إخوته، وبعد محاورةٍ وأحوالٍ جَرَتْ بين يوسف وإخوته في مصر، عاد يوسف إلى أبيه الأسيف عليه، فاجتمع به في مصر؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ * قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ * قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ * وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ﴾ [يوسف: 88 - 94].


وأما سبب عودة موسى إلى أمِّه فهو حاجته للارتضاع؛ إذ لم يقبَل ثديَ امرأةٍ غير ثدي أُمِّه، وكان ذلك بقدرة الله تعالى وحكمته ورحمته بأمِّ موسى؛ فقال تعالى: ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 12، 13].


والملاحظ في هذا الفصل من القصتَينِ أيضًا: أن القرآن الكريم وصف حال عودة يوسف، وفصَّل فيها، بخلاف قصة عودة موسى، ولعل من أسباب ذلك: طول مدة فَقْدِ يوسف، وأثر ذلك في يعقوب وصحَّته، وأما موسى فقد بقي مدة يسيرة، ثم عاد إلى أُمِّه، فيعقوب عليه السلام فرح فرحًا عظيمًا بحياة يوسف ومعرفة مكان وجوده، فرجع إليه بَصَرُه بعد عَماه؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 96 - 98].


أيها الإخوة الفضلاء، ومما اشترك فيه النبيَّانِ الكريمانِ: أن كليهما وصل إلى بيت مُلْك، وإلى يد امرأة؛ فأما يوسف فعاش في ذلك البيت مولًى؛ لكنه لقي من صاحبه الإكرام والإنعام، غير أن نعمته لم تسلم من كدر في آخر عهده بذلك البيت؛ إذ ابتُلي بامرأة العزيز؛ حيث راوَدَتْه عن نفسه، ثم آل أمره بسبب تمنُّعه عنها إلى دخول السجن؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]، ثم قال: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، إلى أن قال: ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ﴾ [يوسف: 35]، وأما موسى فعاش في قصر فرعون كما يعيش أبناء الكبراء في نعمة وعناية، ولقي من امرأة فرعون الاحتفال والحفاوة والحب والحنان والخير الكثير؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 9].


أيها الأحباب الفضلاء، لقد وصف الله تعالى كلا الرسولين الكريمين بآيةٍ واحدةٍ متفقة الألفاظ وهي قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 22]، إلا أنه زاد في وصف موسى لفظ: "واستوى"، فقال: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [القصص: 14]، والسبب: أن موسى أُوحي إليه في سِنِّ الأربعين من عمره، وهي سِنُّ كمال القوة، وأما يوسف فأُوحي إليه قبل ذلك، كما قيل؛ ولذلك لما زاد موسى بالسن والقوة زيد في وصفه بقوله: "واستوى"، وقيل في سبب الزيادة بوصف الاستواء: أن موسى ورد في الأحاديث وصفه بكمال القوة البدنية، وطول القامة؛ فلهذا زيد وصفه بالاستواء لذلك السبب[3] والله أعلم.


أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أيها المسلمون، ومما اشترك فيه النبيَّانِ الكريمانِ يوسف وموسى عليهما السلام: التنعُّم الكبير، والبلاء الكثير؛ فيوسف مرَّتْ حيَّاته بطورين: طور البلاء والرق، وطور التنعُّم والعِزِّ؛ ففي الطور الأول: ابتُلي بعداوة إخوته حتى أُلقي في الجُبِّ، وابتُلي ببيعه حتى صار رقيقًا في بيت العزيز، وابتُلي بمراودة امرأة العزيز؛ مما أدَّى به ذلك إلى دخول السجن، ولبثه فيه سنوات، وبعد هذا كله جاء الطور الثاني؛ وهو طور التنعُّم والعِزِّ، وسيأتي في نهاية القصة.


وموسى كذلك مرَّ بطورين مخالفين لطوري يوسف، فقد ابتدأتْ حياتُه بالتنعُّم والعِزِّ في بيت فرعون، ثم جاء الطور الثاني: طور البلاء، فقد ابتُلي بقتل القبطي من غير عمد؛ انتصارًا لرجل من بني إسرائيل، حتى آل الأمر إلى تآمُر الملأ عليه من أجل قتله، فخرج عن مصر إلى مدين، فاستقرَّ فيها ثماني سنوات أو عشرًا، بعيدًا عن أهله وبلده؛ قال تعالى: ﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾ [القصص: 15]، ثم قال تعالى: ﴿ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ * فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ * وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 18 - 21].


عباد الله، وأما النهاية لقصتي هذين النبيين الكريمين، فهي أنه قد صار كلٌّ منهما في مهمة عامة كانت هي خاتمة فصول قصته؛ فيوسف عليه السلام خرج من السجن إلى الجاه العريض، والعز المنيف، والتمكين في أرض مصر، بعد مرور فصول من الابتلاء عليه؛ حيث صار على خزائن مصر، فجاءت الحاجة بأهله من الشام حتى اجتمعوا إليه في مصر، وخرُّوا له سُجَّدًا، وبذلك تحقَّقَتْ رؤياه، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ * وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 99 - 101].


وأما موسى عليه السلام فقد رجع من مدين إلى مصر رسولًا من الله إلى فرعون وقومه، فدعاهم إلى دين الله، فأبى فرعون قبول دعوته، فخرج موسى ببني إسرائيل من مصر، فتبعهم فرعون وجنوده، فأهلك اللهُ فرعون ومَنْ معه في اليمِّ، ونجَّى موسى وبني إسرائيل، فسار بهم في صحراء سيناء في طريقه إلى بيت المقدس، إذ كان قد طلب منهم أن يدخلوا الأرض المقدَّسة، ويقاتلوا الجبَّارين فيها، لكنَّ بني إسرائيل أبوا عليه ذلك، فضرب عليهم التيه في سيناء أربعين سنة، وفي تلك المدة مات موسى عليه السلام، وهذه النهاية من قصة كليم الله تناولَتْها آياتٌ كثيرةٌ من القرآن العظيم في سورة القصص وغيرها.


أيها المسلمون، في هاتين القصتَينِ تجلَّى الحبُّ والبغض، والأُلْفة والعداوة، والإحسان والإساءة، والقُرْب والبُعْد، وظهر في القصتَينِ: حنان الأبوَّة والأمومة وحزنهما، ونفع الأُخوَّة وضرُّها.


وصُوِّر في القصتين: الحزن والفرح في أحوال مختلفة؛ حزنُ الفَقْد والفِراق، وفرح العودة والتلاقي، وحزن البلاء، وفرح النجاة منه، وحزن العداوة، وفرح إذابتها.


أحبابنا الفضلاء، من هذه المقارنة بين هاتين القصتَينِ نتعلَّم:

أن الابتلاء عنصر ملازم للحياة الإنسانية، غير أن الله تعالى يبسط على الصالحين من عباده أجنحة لطفه وعنايته، ويُسخِّر لهم من عباده مَنْ يُخفِّفُون عنهم شدَّة وَطْأته.


ونتعلم من هاتين القصتَينِ: أن الفرج يعقب الشدَّة، طالت الشدَّة أم قصرت، وأن المحن تخفي في طواياها المنح، ورُبَّ أمرٍ أحزن أوَّلُه، أفرَح آخِرُه.


ونتعلم من هاتين القصتَينِ: أن الثقة بالله تعالى، وحسن الظن به طريق إلى المطالب الحميدة، والخروج من المآزق الشديدة.


ونتعلم من هاتين القصتين: أن مفارقة الولد لوالديه تحزنهما حزنًا شديدًا، وهذا يستدعي كمال بِرِّ الأولاد بالوالدين، وحسن رعايتهما، والقيام بحقِّهما.


ونتعلم من هاتين القصتَينِ: أن الأخت قد تنفع أخاها، والأخ قد يضُرُّ أخاه في جوِّ العداوة والحسد.


ونتعلم من هاتين القصتين: أن اختيار الله لعبده خيرٌ من اختيار العبد لنفسه، والموقف الصحيح في ذلك: أن يرضى المسلم بما قدره الله عليه، ويحسن الظن بالله، ويثق بحسن بلائه، فمن فعل ذلك، خفَّ بلاؤه، وقلَّ عناؤه، وقرب فرجُه، وتيسَّر مخرجُه، وأُجِرَ على مصائبه، وسما في مناقبه.


هذا وصلوا وسلموا على من أُمِرْتم بالصلاة والسلام عليه.



[1] ألقيت في جامع ابن الأمير الصنعاني: 14 /8 /1440ه، 19 /4 /2019م.

[2] الإتقان في علوم القرآن (4/ 73).

[3] ينظر: أسرار التكرار في القرآن (ص: 111)، والتحرير والتنوير (20 /28).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • طلب العلم وآدابه من قصة موسى والعبد الصالح
  • قصة يوسف عليه السلام
  • دروس وعبر من قصة يوسف عليه السلام
  • تدبر تغنم
  • دروس تربوية من قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

مختارات من الشبكة

  • تفسير سورة القصص: قصة الصراع بين الخير والشر أو الصراع بين الحق والباطل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المصاهرة بين موسى وشعيب عليهما السلام بين النفي والإثبات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيني وبين فتاة علاقة عاطفية وعرف أهلها ما بيننا(استشارة - الاستشارات)
  • قصة موسى عليه السلام مع فرعون بين القرآن والتوراة – دراسة مقارنة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • قصص الأنبياء: قصة موسى وهارون عليهما السلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصة موسى عليه السلام (13) ما ورد من صفات موسى(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب