• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تلخيص باب الغسل من الشرح الممتع

تلخيص باب الغسل من الشرح الممتع
سلطان بن سراي الشمري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/4/2019 ميلادي - 8/8/1440 هجري

الزيارات: 25875

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تلخيص باب الغسل من الشرح الممتع

 

مقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله، وعلى آله ومن ولاه، ثم أما بعد:

هذا ملخص (بابُ الغسل) من كتاب الطهارة من (الشرح الممتع على زاد المستقنع)؛ للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله، وقد اقتصرت فيه على القول الراجح، أو ما يشير إليه الشيخ رحمه الله أنه الراجح، مع ذكر اختيار شيخ الإسلام أو أحد المذاهب الأربعة إذا كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى ترجيحه، مع ذكر المتن وتوضيح ذلك إذا احتجنا لتوضيحه، ومع ذكر بعض المسائل والفوائد المكمِّلة للباب، وذِكْر استدراكات الشيخ رحمه الله على المتن إن كان هناك استدراكات، وقد أنقل أحيانًا من مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد رحمه الله ترجيج أو تقرير أو توضيح مهم لشرح.

 

وهذا الملخص يستعين به - إن شاء الله - الطالب المبتدئ، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي، مع العلم أنه تم - ولله الحمد - تلخيص كتاب الصلاة، والصيام، والحج، وأني عازمٌ إن شاء الله على إتمام ما بدأت به.

 

نسأل لله الإعانة والتوفيق والسداد، وأن يكفينا شر الصوارف، وأن يبارك لنا في أوقاتنا، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يكتب الأجر لكل من أسهم في إخراج هذا العمل،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

ومن كان لديه اقتراحات أو ملاحظات فليراسلنا على هذا الإيميل:

bensrray@hotmail.com

سلطان بن سراي الشمري

♦♦♦♦♦

 

بابُ الغُسْلِ

قوله: (وموجِبُهُ خروجُ المنيِّ دفقًا بِلذَّةٍ):
أي: باب ما يوجبه، وصِفَتُهُ، فالباب جَامِعٌ للأمرين.
قوله: «ومُوجِبُهُ» بالكَسْرِ؛ أي: الشيء الذي يوجب الغُسْل، يقال: موجب بِكَسْرِ الجيم وفَتْحِهَا.
فبالكسر: هو الذي يُوجبُ غيره.
وبالفتح: هو الذي وَجَبَ بغيره؛ [ص333].

 

قوله: (خروجُ المنيِّ دفقًا بِلذَّةٍ، لا بِدُونِهما مِنْ غيرِ نائِمٍ وإِن انْتَقَل، ولَمْ يخرج، اغْتَسل لَه، فإِن خَرَجَ بَعْده لم يُعِدْه).

قوله: «خروج المنيِّ دفقًا بلذَّةٍ»، هذا هو الموجِبُ الأوَّل، وجمهور أهل العلم: يشترطون لوُجُوبِ الغُسل بخروجه أن يكون دفقًا بلذَّة.

 

وقال بعضُ العلماء: بلذَّةٍ، وحَذَفَ «دفقًا»، وقال: إِنَّه متى كان بلذَّة فلا بُدَّ أنْ يكونَ دفقًا، وذِكْرُ الدَّفقِ أَوْلى لموافقةِ قوله: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ﴾ [الطارق: 5، 6]، فإِذا خرجَ مِنْ غيرِ لذَّةٍ مِنْ يقظانَ، فإِنَّه لا يُوجِبُ الغُسْلَ على ما قاله المؤلِّفُ، وهو الصَّحيح.
قوله: «لا بدونهما»، الضَّميرُ يعودُ على الدَّفْقِ، واللَّذَّةِ.
قوله: «من غير نائم»؛ أي: من اليَقْظَان، فإذا خَرَجَ مِنَ اليقظان بلا لذَّةٍ، ولا دَفْقٍ، فإِنه لا غُسْلَ عليه.


وعُلم منه أنَّه إِنْ خرجَ مِنْ نائم وَجَبَ الغُسْلُ مطلقًا، سواء كان على هذا الوصف أم لمْ يكن؛ لأنَّ النَّائِم قد لا يُحِسُّ به، وهذا يَقَعُ كثيرًا أنَّ الإِنسان إِذا استيقظ وجدَ الأثرَ، ولم يشعرْ باحتلامٍ؛ فإِذا استيقظَ الأنسان ووجد بَللًا فلا يخلو من ثلاث حالات:

الأولى: أن يتيقَّنَ أنَّه مُوجِبٌ للغُسْل، يعني أنَّه مَنِيٌّ، وفي هذه الحال يجبُ عليه أنْ يغتسلَ سواء ذَكَرَ احتلامًا أم لم يذكر.

 

الثانية: أنْ يتيقَّنَ أنَّه ليسَ بِمِنِيٍّ، وفي هذه الحال لا يجب الغُسْل، لكنْ يجب عليه أنْ يَغْسِلَ ما أصابه؛ لأن حُكْمَهُ حُكمُ البولِ.

 

الثالثة: أنْ يجهلَ هل هو مَنيٌّ أم لا؟ فإِن وُجِدَ ما يُحَالُ عليه الحُكْم بِكَوْنِهِ منيًّا، أو مذيًا أُحِيلَ الحكم عليه، وإِنْ لم يوجد فالأصل الطَّهارة، وعدم وجوب الغُسْل، وكيفيَّة إِحالةِ الحُكْمِ أَنْ يُقال: إِنْ ذَكَرَ أنَّه احتلم فإِننا نجعله منيًّا، وإِنْ لم يَرَ شيئًا في منامه، وقد سبقَ نومَهُ تفكيرٌ في الجِمَاعِ جعلناه مَذيًا؛ لأنَّه يخرج بعد التَّفكيرِ في الجِمَاعِ دونَ إِحساس، وإِنْ لَمْ يَسْبِقْه تفكير ففيه قَوْلان للعلماء:

 

قيل: يجبُ أن يغتسلَ احتياطًا، وقيل: لا يجب، «.. وهو الصحيح؛ لأن الأصل براءة الذمة»؛ (مجموع الفتاوى للشيخ محمد: ج11 ص221).

 

قوله: «وإِن انْتَقَل ولَمْ يخرج اغْتَسل لَه،»؛ أي: المنيُّ، يعني: أَحَسَّ بانتقاله لكنه لَمْ يَخْرُجْ، فإِنَّه يغتسل؛ لأن الماء بَاعَدَ محلَّهُ، فَصَدَقَ عليه أنه جُنُبٌ؛ لأن أصل الجَنَابَةِ من البُعْدِ.
وهل يُمكن أنْ يَنتقلَ بلا خُرُوج؟ نعم يمكن، وذلك بأن تَفْتُرَ شهوتُه بَعْدَ انتقاله بسببٍ من الأسباب، فلا يخرج المنيُّ.

 

وقال بعض العلماء: لا غُسْلَ بالانتقال، وهذا اختيار شيخِ الإسلام وهو الصَّواب.

 

قوله: « فإِن خَرَجَ بَعْده لم يُعِدْه»؛ أي: إِذا اغْتَسَلَ لهذا الذي انتقل ثُمَّ خرجَ مع الحركةِ، فإِنَّه لا يُعِيدُ الغُسْلَ، لكنْ لَوْ خَرَجَ منيٌّ جديدٌ لشهوةٍ طارِئة، فإِنَّه يَجِبُ عليه الغُسْل بهذا السَّبب الثَّاني.[ص333-337].

 

قوله: (وتَغْييبُ حَشَفَةٍ أصليَّةٍ في فَرْجٍ أصليٍّ،قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا، وَلَو من بَهِيمَةٍ، أو مَيْتٍ).
قوله: «وتَغْييبُ حَشَفَةٍ أصليَّةٍ»، هذا الموجِبُ الثَّاني من مُوجِبَات الغُسل.
وتَغْييبُ الشَّيءِ في الشَّيءِ معناه: أنْ يختفيَ فيه.


وقوله: «أصليَّة» يُحْتَرز بذلك عن حَشَفَةِ الخُنْثَى المُشْكِل، فإِنها لا تُعتبر حَشَفَةً أصليَّة، فلو غَيَّبَهَا في فَرْجٍ أصليٍّ أو غير أصليٍّ، فلا غُسْلَ عليهما.
والخُنْثى المُشْكِل: مَنْ لا يُعْلَمُ أذَكَرٌ هو أم أُنثى.

 

قوله: « في فَرْجٍ أصليٍّ،» احترازًا منْ فرجِ الخُنثى المُشْكِل، فإِنه لا يُعْتبرُ تَغْييبُ الحَشَفَةِ فيه موجبًا للغُسْل؛ لأنَّ ذلك ليس بفَرْجٍ.
فإِذا غَيَّبَ الإِنسانُ حَشفَتَهُ في فَرْجٍ أصليٍّ، وجبَ عليه الغُسْلُ أنزلَ أم لم يُنْزِلْ.

 

وهذا يَخْفَى على كثير منَ النَّاس، فتجد الزَّوجين يحصُلُ منْهما هذا الشَّيء، ولا يغتسلان، ولا سيَّما إِذا كانا صغيرَين ولم يتعلَّما، وهذا بناءً على ظنِّهم عدم وجوب الغُسْل إِلا بالإِنزال، وهذا خطأ.


قوله: «قُبُلًا كان أو دُبُرًا»، وَطْءُ الدُّبُرِ حرام للزَّوج، وغيره من باب أَوْلَى، وهذا من باب التَّمثيل فقط، وقد سبَق أنَّ الفقهاء رحمهم الله يمثِّلون بالشَّيء بِقَطْع النَّظر عن حِلِّهِ، أو حُرْمَتِهِ، ويُعرف حُكْمه من محلٍّ آخر.

 

قوله: «ولو من بَهِيمَةٍ أو مَيْتٍ»، لو: إِشارة خِلاف، فَمِنْ أهل العلم من قال: يُشترط لِوُجُوبِ الغُسْلِ بالجِمَاعَ أنْ يكون في فَرْجٍ من آدميٍّ حيٍّ، وعلى هذا الرَّأي لو أولجَ بفَرجِ امرأة ميْتة مع أنَّه يَحْرُم، فعليه الغُسْل، ولو أَوْلَجَ في بهيمة فعليه الغُسْل.

 

وهل يُشْتَرط عدم وجود الحائل؟

قال بعض العلماء: إنْ كان الحائلُ رقيقًا بحيث تَكْمُل به اللَّذَّةُ وجب الغُسْلُ، وإن لم يكن رقيقًا فإِنه لا يجب الغُسْل، وهذا أقرب، والأَولَى والأحوط أن يغتسل؛ [ص338-340].

 

قوله: ( وإِسْلامُ كافرٍ).

هذا هو الموجِبُ الثَّالث من موجِبَات الغُسْل، وهو إِسلام الكافر، وإذا أسلم الكافر وجب عليه الغُسْل سواء كان أصليًّا، أو مرتدًّا.

فالأصليُّ: من كان من أول حياته على غَيْرِ دِينِ الإِسلام كاليهوديِّ والنَّصْرانيِّ والبوذيِّ، وما أشبه ذلك.

 

والمرتدُّ: من كان على دين الإِسلام ثم ارتدَّ عنه، نسأل الله السَّلامة، والدَّليل على وجوب الغُسْل بذلك:

1- حديث قَيس بن عاصم أنَّه لمَّا أسلم أَمَره النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماءٍ وسِدْر، والأَصْلُ في الأمر الوُجوب.

 

2- أنه طَهَّر باطنه من نَجَسِ الشِّرْك، فَمِنَ الحِكْمَةِ أن يُطَهِّرَ ظاهره بالغُسْلِ.
وقال بعض العلماء: لا يَجِب الغُسْل بذلك، واستدلَّ على ذلك بأنه لم يَرِدْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أمر عامٌّ مثل: مَنْ أسلم فَلْيَغْتَسِلْ، وقد نقول: إنَّ القول الأوَّل أقوى وهو وُجوب الغُسْل. [ص 340-341].

 

قوله: ( وموت ).

هذا هو الموجِب الرابع من موجبَات الغُسْل؛ أي: إِذا مات المسلم وجب على المسلمين غَسْلُه

 

وهل يشمل السَّقط؟

فيه تفصيل: إِن نُفِخت فيه الرُّوح غُسِّل، وكُفِّنَ، وصُلِّيَ عليه، وإِن لم تُنْفَخ فيه الرُّوح فلا، وتُنْفَخُ الرُّوح فيه إِذا تَمَّ له أربعة أشْهُرٍ؛ [ص343].

 

قوله: ( وحيض ).

هو الموجِبُ الخامس من موجبات الغُسْل، فإِذا حاضت المرأة وَجَبَ عليها الغُسْلُ، وانقطاع الحيض شَرْطٌ، فلو اغتسلتْ قَبل أن تَطْهُرَ لم يصحَّ، إِذ مِنْ شرط صِحَّة الاغتسال الطَّهارة.

 

والدَّليل على وجوب الغُسْل من الحيض حديث فاطمة بنت أبي حُبيش أنها كانت تُستحاض، فأمَرها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تجلس عادتها، ثم تغتسل وتُصلِّي، والأصل في الأمر الوجوب، ويشير إلى مُطْلَقِ الفعل قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ... ﴾ [البقرة: 222]؛ أي: اغْتَسَلْنَ، فهذا دليل على أن التَّطَهُّرَ من الحَيض أمرٌ مشهور بين الناس؛ [ص344].

 

قوله: ( ونِفَاسٌ، لا وِلادةٌ عاريةٌ عَنْ دمٍ).

هذا هو الموجِبُ السَّادس من موجبات الغُسْلِ.

 

والنِّفَاسُ: الدَّمُ الخارج مع الولادة أو بعدها، أو قَبْلها بيومين، أو ثلاثة، ومعه طَلْقٌ.
أما الدَّمُ الذي في وسط الحَمْلِ، أو في آخر الحَمْلِ ولكن بدون طَلْقٍ، فليس بشيء، فتصلِّي وتصوم، ولا يَحْرُمُ عليها شيء مما يحرم على النُّفساء، وقد أجمعَ العلماء على وجوب الغُسْلِ بالنِّفَاسِ كالحيض.

 

قوله: «لا وِلادةٌ عاريةٌ عن دَمٍ» لا: عاطفة، تدلُّ على النفي؛ أي: ليست الولادةُ العاريةُ عن الدَّمِ موجِبَةً للغُسْل، فلو أن امرأة ولَدت، ولم يخرج منها دم فلا غُسْل عليها؛ لأنَّ النِّفَاس هو الدَّمُ، ولا دَمَ هنا، وهذا نادر جدًّا؛ [ص344-345].

 

قوله: ( ومَنْ لَزِمَه الغُسْلُ حَرُمَ عليه قِراءةُ القُرْآنِ ).

أيُّ إِنسان لَزِمَهُ الغُسْل سواء كان ذكرًا أم أنثى، ويلزَمُ الغُسْل بواحد من الموجِبات السِّتة السَّابقة، فمن لَزِمَهُ الغُسْل حرم عليه الصَّلاة، والطَّواف، ومَسُّ المصْحَفِ؛ لأن المؤلِّف سبق أن قال: «ويَحْرُمُ على المحدِثِ...» إلخ.

 

ويَحْرُمُ عليه أيضًا: قراءة القرآن، واللبْثُ في المسجد، وهذان يختصَّان بمن لَزِمَهُ الغُسْل.


وقوله: «حَرُمَ عليه قِراءةُ القُرآنِ»؛ أي: حتى يغتسل، وإن توضَّأ ولم يغتسل، فالتَّحريم لا يزال باقيًا.


وقوله: «قراءة القرآن» المراد أن يقرأ آية فصاعدًا، سواء كان ذلك من المصْحَفِ، أم عن ظَهْرِ قَلْبٍ، لكن إِن كانت الآية طويلة فإِنَّ بعضها كالآية الكاملة.


وقوله: «قراءة القرآن»؛ أي: لا قراءة ذِكْرٍ يوافق القرآن، ولم يَقْصِد التِّلاوة؛ فإِنَّه لا بأس به كما لو قال: بسم الله الرحمن الرحيم، أو الحمد لله رب العالمين، ولم يقصد التِّلاوة.


وأما بالنِّسبة للحائض، فإِنَّها مِمَّنْ يلزمه الغُسْل، وعلى هذا فجُمهور أهل العِلْمِ أنَّه لا يجوز لها أنْ تقرأَ القرآن، لكنْ لها أن تذكُرَ الله بما يوافق القرآن.


وقال شيخُ الإسلام رحمه الله: إِنه ليس في مَنْعِ الحائض من قراءة القرآن نُصوص صريحة صحيحة، وإذا كان كذلك فلها أن تقرأ القرآن.

 

فإن قيل: ألا يُمكِن أن تُقَاسَ على الجُنُبِ بجامع لُزُوم الغُسْلِ لكلٍّ منهما بسبب الخارج؟
أُجِيب: أنَّه قياس مع الفارق؛ لأنَّ الجُنُبَ باختياره أن يُزيل هذا المانع بالاغتسال، وأمَّا الحائضُ فليس باختيارها أن تزيل هذا المانع، وأيضًا: فإِن الحائض مُدَّتها تطول غالبًا، والجُنُب مدَّته لا تطول؛ لأنه سوف تأتيه الصَّلاة، ويُلْزم بالاغتسال.

 

والنُّفساء من باب أَوْلى أنْ يُرخَّص لها؛ لأنَّ مُدَّتها أطول من مُدَّة الحائض، وما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله مَذْهبٌ قويٌّ، ولو قال قائل: ما دام العلماء مختلفين، وفي المسألة أحاديث ضعيفة، فلماذا لا نجعل المسألة معلَّقة بالحاجة، فإِذا احتاجتْ إلى القِراءة كالأَوْراد، أو تَعاهُد ما حَفِظَتْهُ حتى لا تنسى، أو تحتاج إِلى تعليم أولادها، أو البنات في المدارس، فيُباح لها ذلك، وأما مع عدم الحاجة، فتأخذ بالأَحْوَطِ، وهي لن تُحْرَم بقيَّة الذِّكْرِ، فلو ذهب ذاهب إِلى هذا لكان مذهبًا قويًّا.

 

أما إسلام الكافر، فالكافر ممن يَلْزَمُه الغُسْل، فلو أَسْلَمَ وأراد القراءة مُنِعَ حتى يَغتسل.
والدَّليل على ذلك: القياس على الجُنُبِ.
وهذا فيه نَظَرٌ قوي جدًّا؛ لأن العلماء أجمعوا على وجوب الغُسْل على الجُنُبِ بخلاف الكافر، فهو مختلَف في وجوبه عليه كما سبق، ولا يُقاس المُختلَفُ فيه على المتَّفَقِ عليه؛ [ص345-350].

 

قوله: (ويَعْبُرُ المسجدَ لحاجةٍ،وَلاَ يَلْبثُ فيه بِغَيْر وُضُوءٍ).
قوله: «ويَعْبُرُ المسجد لحاجة»؛ أي: يَمرُّ به عند الحاجة، وهذا يفيد مَنْعَه من المُكْثِ في المسجد، ولذلك لو قال: ويَحْرُم عليه المُكْثُ في المسجد، ثم استثنى العُبور كان أوضح؛
أي: يَحْرُم على من لَزِمَهُ الغُسْل اللُّبْثُ في المسجد؛ أي: الإقامة فيه ولو مدَّة قصيرة، والدَّليل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ [النساء: 43]؛ يعني: ولا تقربوها جُنُبًا إِلا عابري سبيل.

 

فإِن عَبَر المسجد فلا بأس به، وأمَّا أن يَمْكُثَ فيه فلا.

 

وقوله: «لحاجة»، والحاجة متنوِّعة، فقد يريد الدُّخول من باب، والخروج من آخر حتى لا يُشاهَد، وقد يفعل ذلك لكونه أخْصَرَ لطريقه، وقد يَعْبُره لينظر هل فيه محتاج فيؤويه أو يتصدَّق عليه، أو هل فيه حَلَقَةُ عِلْمٍ فيغتسل ثم يرجع إليها.

 

وأفادنا رحمه الله بقوله: «لحاجة» أنه لا يجوز له أن يَعْبُرَ لغير حاجة.
وظاهر الآية الكريمة: ﴿ إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ العموم؛ فَيَعْبُره لحاجة، أو غيرها، وهو المذهب إلا أن الإِمام أحمد رحمه الله كَرِه أن يُتَّخَذ المسجد طريقًا إلا لحاجة، وهذا له وجه؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ أنَّ هذه المساجد بُنِيَتْ للذِّكر والصَّلاة والقراءة، فاتخاذها طريقًا خِلافُ ما بُنِيَتْ له إِلا إِذا كانت حاجة.

 

قوله: «ولا يَلْبَثُ فيهِ بغَيْر وُضُوء».

فإِن توضَّأ جاز المُكْثُ، والدَّليل أن الصَّحابة رضي الله عنهم كانوا إِذا تَوضَّؤوا من الجنابة مكثوا في المسجد، فكان الواحد منهم ينام في المسجد، فإذا احْتَلَمَ ذهب فتوضَّأ ثم عاد، وهذا دليل على أنه جائز؛ لأن ما فُعِلَ في عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم ولم يُنكره، فهو جائز إِن كان من الأفعال غير التَّعَبُّديَّة، وإن كان من الأفعال التَّعَبُّديَّة، فهو دليل على أن الإِنسان يُؤْجَر عليه؛ [ص350-352].

 

قوله: ( ومَنْ غَسَّلَ مَيْتًا،أوْ أفاقَ من جُنُونٍ، أو إِغماءٍبلا حُلْمٍ سُنَّ له الغُسْلُ ).

قوله: «ومَنْ غَسَّلَ ميتًا»، هذا شروع في بيان الأَغْسال المسْتَحَبَّة فمنها: الاغتسال من تغسيل الميتِ، فإِذا غَسَّل الإِنسان ميتًا، سُنَّ له الغُسْل، وهذا القول الذي مشى عليه المؤلِّف هو القول الوسط والأقرب.

 

قوله: «أو أفاقَ مِنْ جُنُونٍ، أو إِغماءٍ»، هذا هو الثَّاني والثَّالث من الأغْسال المستحبَّة.
والجنون: زوال العقل، ومنه الصَّرَعُ، فإِنَّه نوع من الجُنُون.
والإغماء: التَّغطية، ومنه الغَيْم الذي يُغطِّي السَّماء.
فالإِغماء: تغطية العقل، وليس زواله، وله أسباب متعدِّدة؛ منها: شِدَّة المَرضِ كما حَصَلَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإِنه في مَرَضِه أُغْمِيَ عليه ثم أفاق.

 

وهل هذا مشروع تعبُّدًا، أو مشروع لتقوية البَدَنِ؟

يحتمل كلا الأمرين، والفقهاء رحمهم الله قالوا: إِنه على سبيل التعبُّد، ولهذا قالوا: يُسَنُّ أن يَغْتَسِلَ، وأمَّا بالنِّسبة للجنون، فإِنهم قاسوه على الإِغماء، قالوا: فإِذا شُرِعَ للإِغماء، فالجنون من باب أَوْلَى؛ لأنه أَشَدُّ.

 

قوله: «بلا حُلْمٍ سُنَّ له الغُسْلُ»؛ أي: بلا إِنزال، فإِن أنزلَ حال الإِغماء وَجَبَ عليه الغُسْل كالنَّائم إذا احتلم؛ [ص353-356].

 

قوله: (والغُسْلُ الكاملُ: أَنْ يَنْويثُمَّ يُسَمِّيَ، ويَغْسِلَ يَديه ثلاثًا، وما لَوَّثَه، ويَتَوَضَّأ، ويَحْثِيَ على رأسِهِ ثلاثًا تُروِّيه،ويَعُمَّ بدنَه غُسْلًا ثلاثًا،وَيَدْلُكَهُ، ويَتَيَامن، ويغسل قَدَمَيْه مَكَانًا آخَر).
قوله: «والغُسْلُ الكاملُ...»، الغُسْل له صفتان:

الأولى: صفة إجزاء.

الثانية: صفة كمال.

 

كما أنَّ للوُضُوء صفتين، صفة إجزاء، وصفة كمال، وكذلك الصَّلاةُ والحجُّ.
والضَّابط: أن ما اشتَمَل على الواجب فقط فهو صفة إِجزاء، وما اشتمل على الواجب والمسْنُون، فهو صفة كمال.

 

قوله: «أن ينويَ» والنِّيَّة لغةً: القصد.

وفي الاصطلاح: عَزْمُ القلب على فعل الشَّيء عَزْمًا جازمًا، سواء كان عبادة، أم معاملة، أم عادة، ومحلُّها القلب، ولا تعلُّق لها باللِّسان، ولا يُشْرَع له أن يتكلَّم بما نَوَى عند فِعْلِ العبادة، فإن قيل: لماذا لا يُقال: يُشْرَع أن يتكلَّم بما نَوَى لِيُوافق القلبُ اللسانَ، وذلك عند فِعْلِ العبادة؟


فالجواب: أنه خِلاف السُّنَّةِ، ولهذا لا يُسَنُّ النُّطْق بها لا سِرًّا ولا جهرًا، والنَّيةُ شَرْط في صِحَّة جميع العبادات لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّات، وإِنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى».
والنِّيَّة نيَّتان:

الأولى: نِيَّة العمل، ويتكلَّم عليها الفقهاء رحمهم الله أنها هي المصحِّحة للعمل.


الثانية: نِيَّة المعمول له، وهذه يتكلَّم عليها أهل التَّوحيد، وأرباب السُّلوك؛ لأنها تتعلَّق بالإخلاص.


قوله: «ثُمَّ يُسَمِّيَ»؛ أي: بعد النِّيَّة، والتسميَة على المذهب واجبة كالوُضُوء وليس فيها نَصٌّ، ولكنَّهم قالوا: وَجَبَتْ في الوُضُوء فالغُسْلُ من باب أولى؛ لأنَّه طهارة أكبر، والصَّحيح أنها ليست بواجبة لا في الوُضُوء، ولا في الغُسْل.

 

قوله: «ويغسل يديه ثلاثًا»، هذا سُنَّة، واليدان: الكفَّان؛ لأنَّ اليَدَ إِذا أُطْلقتْ فهي الكَفُّ.

 

قوله: «وما لَوَّثَه»؛ أي: يغسل ما لَوَّثَه من أَثَرِ الجنابة، وفي حديث ميمونة رضي الله عنها أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم عند غَسْلِهِ ما لوَّثه، ضَرَبَ بيَده الأرض، أو الحائط مرَّتين، أو ثلاثًا.


والذي يَظْهَر لي من حديث ميمونة أن الماء كان قليلًا، ولذلك احتاج صلى الله عليه وسلم أن يضربَ الحائط بيده مرَّتين أو ثلاثًا؛ ليكون أسرع في إزالة ما لوَّثه، وَغَسَلَ رجليه في مكان آخر.


قوله: «ويتوضَّأ»؛ أي: يتوضَّأ وُضُوءه للصَّلاة، وكلام المؤلِّف يدلُّ على أنَّه يتوضَّأ وضُوءًا كاملًا.

قوله: «ويحثي على رأسه ثلاثًا»، ظاهره أنه يحثي الماء على جميع الرَّأس ثلاثًا.

قوله: «تُروِّيه»؛ أي: تصل إِلى أُصُوله بحيث لا يكون الماء قليلًا.

 

وفي حديث عائشة رضي الله عنها: «ثم يخلِّل بيده شَعْره حتى إذا ظَنَّ أنه قد أروى بَشَرَتَهُ أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسَل سائر جَسَده»، وظاهره أن يصب عليه الماء أولًا ويخلِّله، ثم يفيض عليه بَعْدَ ذلك ثلاث مرات.

 

وقال بعض العلماء: إِن قولها: «ثلاث مرَّات» لا يَعُمُّ جميع الرَّأس، بل مَرَّة للجَّانب الأيمن، ومرَّة للأيسر، ومرَّة للوَسَطِ.

 

قوله: «ويَعُمَّ بدنَه غسلًا»، بدليل حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما: «ثم أفاض الماء على سائر جسده».

 

قوله: «ثلاثًا»، وهذا بالقياس على الوُضُوء؛ لأنه يُشْرَع فيه التَّثليث، وهذا هو المشهور من المذْهَب.
واختار شيخ الإِسلام وجماعة من العلماء أنه لا تثليث في غَسْلِ البَدَنِ لعدم صحَّته عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلا يُشْرَع.

 

قوله: «ويَدْلُكَه»؛ أي: يمرُّ يده عليه، وشُرع الدَّلك ليتيقَّن وصول الماء إلى جميع البَدَنِ.

قوله: «ويَتَيَامن»؛ أي: يبدأ بالجانب الأيمن.

قوله: «ويغسل قَدَميْه مكانًا آخر»؛ أي: عندما ينتهي من الغسْل يغسل قَدَميْه في مكان آخر غير المكان الأول.

 

وظاهر كلام المؤلِّف أنه سُنَّة مطْلَقًا، ولو كان المحلُّ نظيفًا كما في حمَّاماتنا الآن.
والظَّاهر لي أنه يَغْسل قَدَمَيْه في مكان آخر عند الحاجة كما لو كانت الأرض طِينًا؛ لأنَّه لو لم يغسلهما لتلوَّثت رِجْلاه بالطِّين؛ [ص356-361].

 

قوله: (والمجزئُأن يَنْوِيَ، ويُسَمِّيَ، ويَعُمَّ بَدَنَهُ بالغُسْلِ مَرَّةًوَيَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ، وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ،فإِن أَسْبَغَ بأَقَلَّ، أو نوى بغُسْلِه الحَدَثيْن أَجْزَأَ).

قوله: «والمجزئ»؛ أي: الذي تبرأُ به الذِّمَّة.

والإِجزاء: سُقوط الطَّلب بالفِعل، فإذا قيل: أَجْزأتْ صلاته؛ أي: سقطتْ مطالبته بها لِفِعْله إِيَّاها، وكذلك يقال في بقيَّة العبادات.

 

قوله: «أن ينويَ ويُسمِّيَ»، سبق الكلام على النِّيَّة والتَّسمية.

 

قوله: «ويعمَّ بدنه بالغُسْل مرَّةً»، لم يذكر المضمضة والاستنشاق؛ لأن في وُجوبهما في الغسل خِلافًا، فَمِنْ أهل العِلْم من قال: لا يَصحُّ الغُسْل إِلا بهما كالوُضُوء.


وقيل: يصحُّ بدونهما، والصَّواب: القول الأول؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6]، وهذا يَشْمُل البَدَنَ كُلَّه، وداخل الأنْفِ والفَمِ من البَدَنِ الذي يجب تطهيره.

 

وقوله: «ويَعُمَّ بَدَنَهُ»، يشمل حتى ما تحت الشَّعر الكثيف، فيجب غَسْل ما تحته بخِلافِ الوُضُوء، فلا يجب غَسْل ما تحته.

 

والشَّعر الكثيف: هو الذي لا تُرى مِنْ ورائه البَشَرة.
قال أهلُ العِلْمِ: والشَّعر بالنسبة لتطهيره وما تحته ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما يجب تطهير ظاهره وباطنه بكلِّ حال، وهذا في الغُسْل الواجب.
الثاني: ما يجب تطهير ظاهره وباطنه إِنْ كان خفيفًا، وتطهير ظاهره إِن كان كثيفًا، وهذا في الوُضُوء.
الثالث: ما لا يجب تطهير باطنه سواء كان كثيفًا، أم خفيفًا، وهذا في التَّيَمُّم.
والغُسْلَ المجزئ أن ينويَ، ثم يسمِّيَ، ثم يعمَّ بدَنَه بالغُسل مرَّة واحدة مع المضمضة والاستنشاق.
ولو أن رَجُلًا عليه جنابة، فنوى الغُسْل، ثم انغمس في بِرْكة مثلًا، ثم خرج، فهذا الغُسْل مجزئ بِشَرط أنْ يتمضمض ويستنشق.

 

ولو أنَّه أراد الوُضُوء بعد أن انغمس فلا يجزئ إِلا إِن خَرَج مرتبًا؛ لأن التَّرتيب فرْضٌ على المذهب.

 

وظاهرُ كلام المؤلِّف رحمه الله أنَّ الموالاة ليست شرطًا في الغُسل، فلو غسل بعض بدنه ثم أتمَّهُ بعد زمن طويل عُرفًا صَحَّ غُسله، وهذا هو المذهب.
وقيل: إِن الموالاة شرطٌ، وهو رواية عن الإِمام أحمد، وقيل: وجه للأصحاب.

 

وهذا - أعني كون الموالاة شرطًا - أصَحُّ؛ لأن الغُسل عبادة واحدة، فلزم أن ينبني بعضُه على بعض بالموالاة، لكن لو فرَّقه لعُذْرٍ، لانقضاء الماء في أثناء الغسل مثلًا؛ ثم حصَّله بعد ذلك لم تلزمه إِعادة ما غسَّله أولًا، بل يُكمل الباقي.

 

وقوله: «وَيَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ، وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ» والمُدُّ: رُبْعُ الصَّاع.
والصَّاع النبويُّ: أقلُّ من الصَّاع العُرْفِي عندنا بالخُمْس وخُمْس الخُمْس، فالصَّاع النبويُّ مثلًا زِنته ثمانون ريالًا فرنسيًا، وصاعنا العُرْفي مائة ريال، وأربع ريالات.
فيأخذ إِناء يَسَعُ أربعة أخماس الصَّاع العُرْفِي، ويغتسل به، هذه هي السُّنَّة، لِئَلا يُسرِف في الماء، فإِن أسبغ بأقلَّ جاز.

 

فإن قيل: نحن الآن نتوضَّأ مِن الصَّنابير، فمقياس الماء لا ينضبط؟
فيقال: لا تَزِدْ على المشروع في غَسْل الأعضاء في الوُضوء، فلا تَزِدْ على ثلاث، ولا تزد في الغُسْل على مرَّة، على القول بِعَدَم الثلاث، وبهذا يحصُل الاعتدال.

 

قوله: «فإن أسْبَغ بأقلَّ»؛ أي: إِن أسْبَغَ بأقلَّ مِنَ المدِّ في الوُضُوء، ومِن الصَّاع في الغُسْل أَجْزأَ؛ لأنَّ التَّقدير بالمدِّ والصَّاع على سبيل الأفضليَّة.
لكنْ يُشترط ألا يكون مَسْحًا، فإِن كان مَسْحًا فلا يُجزئ.
والفرق بين الغُسْل والمسح: أن الغُسْل يتقاطر منه الماء ويجري، والمسح لا يتقاطر منه الماء.

 

قوله: «أو نوى بغُسْلِه الحَدَثَيْن أَجْزَأ»، النيَّة لها أربع حالات:
الأولى: أن ينوي رفع الحَدَثَيْن جميعًا فيرتفعان.

 

الثانية: أن ينويَ رفع الحَدَثِ الأكبر فقط، ويَسْكت عن الأصغر، فظاهر كلام المؤلِّف أنَّه يرتفع الأكبر، ولا يرتفع الأصغر، واختار شيخ الإسلام أنه يرتفع الحَدَثَان جميعًا، وهذا هو الصَّحيح.


الثالثة: أن ينويَ استباحة ما لا يُباح إِلاَّ بالوُضُوء، أو ارتفاع الحَدَثَيْن جميعًا كالصَّلاة، فإِذا نوى الغُسْلَ للصلاة، ولم ينوِ رَفْع الحَدَثِ، ارتفع عنه الحَدَثَان؛ لأنَّ مِنْ لازم نيَّة الصَّلاة أن يرتفع الحَدَثَان؛ لأنَّ الصَّلاة لا تَصِحُّ إِلا بارتفاع الحَدَثَيْن.


الرابعة: أن ينوي استباحة ما يُباح بالغُسْل فقط، دون الوُضُوء كقراءة القرآن، أو المُكْثِ في المسجد.
فلو اغتسل لقراءة القرآن فقط، ولم يَنوِ رَفْعَ الحَدَثِ أو الحَدَثَيْن فيرتفع حَدَثُه الأكبر فقط، فإِن أراد الصَّلاة، أو مَسَّ المصحفِ، فلا بُدَّ من الوُضُوء.


ولكن واقع النَّاس اليوم، نجدُ أنَّ أكثرهم يغتسلون من الجَنَابة من أَجْلِ رَفْعِ الحَدَثَ الأكبر، أو الصَّلاة، وعلى هذا فيرتفع الحَدَثَان؛ [ص361-367].

 

قوله: ( ويُسنُّ لجُنُبٍ غَسْلُ فَرْجِهِ، والوُضُوءُ لأكْلٍ، ونَوْمٍ، ومُعَاوَدةِ وَطْءٍ).

قوله: «ويُسنُّ لجُنُبٍ غَسْلُ فَرجِهِ، والوُضُوءُ لأكلٍ»، وُضوء الجُنُبِ للأكل ليس بواجب بالإِجماع؛ لكنَّه مستَحَبٌّ، والدَّليل حديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إِذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جُنُبٌ، توضَّأ وضوءه للصَّلاة.

 

قوله: «ونومٍ»؛ أي: يُسْتَحَبُّ للجُنُب إِذا أراد النَّوم أن يتوضَّأ.

واستُدلَّ لذلك بحديث عمر رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أَيَرْقُد أحدُنا وهو جُنُب؟ قال: «نعم، إِذا توضَّأ أحدُكم فلْيَرْقُد وهو جُنُب»، وفي لفظ: «توضَّأ واغسلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ»، وهذا الدَّليل يقتضي الوُجوب؛ لأنَّه قال: «نعم إِذا توضَّأ»، وتعليق المباح على شَرْط يدلُّ على أنَّه لا يُباح إِلا به، وعليه يكون وُضُوء الجُنُب عند النوم واجبًا، ولكن المشهور عند الفقهاء والأئمَّة المتبوعين أنَّ هذا على سبيل الاستحباب، واستدلُّوا لذلك بحديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «كان ينامُ وهو جُنُبٌ من غير أن يمسَّ ماءً»، قالوا: فَتَرْكُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم للوُضُوء في هذه الحال بيان للجَواز، وأن الأمر ليس للوُجوب، وهذه قاعدة صحيحة معتَبَرة، خلافًا لمن قال: إِن فِعْلَه لا يُعارض قولَه، بل يؤخذ بالقول فلا يدلُّ فِعلُه على الجواز.

 

قوله: «ومُعَاوَدَةِ وَطْءٍ»؛ أي: يُسَنُّ للجُنُبِ أن يتوضَّأ إِذا أراد أن يُجَامع مرَّة أُخرى، والدَّليل على ذلك ما ثَبتَ في «صحيح مسلم» أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر مَنْ جَامَع أهلَه، ثم أراد أن يعود أن يتوضَّأ بينهما وُضُوءًا.

 

والأصل في الأَمْر الوُجُوب، لكن أخرج هذا الأَمر على الوُجُوب ما رواه الحاكم: «.. إِنه أَنْشَطُ للعَوْدِ».

 

فَدلَّ هذا أنَّ الوُضُوء ليس عبادة حتى نُلْزِم النَّاسَ به، ولكنْ من باب التَّنْشيط، فيكون الأَمْرُ هنا للإِرشاد، وليس للوجوب؛ [ص368-372].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • (باب الغسل وحكم الجنب) من بلوغ المرام
  • الغسل للمحرم من عمدة الأحكام (الحديث الأول)
  • الشرح الميسر على الآجرمية

مختارات من الشبكة

  • تلخيص باب المسح على الخفين من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب السواك وسنن الوضوء من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب الاستنجاء من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب الآنية من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب المياه من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب الحيض من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب نواقض الوضوء من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب فروض الوضوء وصفته من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب المسح على الخفين من كتاب الطهارة من الشرح الممتع (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تلخيص باب المسح على الخفين من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب