• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
  •  
    الخواطر والأفكار والخيالات وآثارها في القلب
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    طائر طار فحدثنا... بين فوضى التلقي وأصول طلب
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    محبة القرآن من علامات الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (10)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    نبذة عن روايات ورواة صحيح البخاري
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم والذين جاؤوا من ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    الحج المبرور
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

التماس السعد في فضل الوفاء بالعهد (خطبة)

التماس السعد في فضل الوفاء بالعهد (خطبة)
أبو زيد السيد عبد السلام رزق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/1/2019 ميلادي - 19/5/1440 هجري

الزيارات: 17051

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التماس السعد في فضل الوفاء بالعهد

 

إن الوفاء خصلة كريمة من خصال الإسلام، وشعبة عظيمةٌ من شُعبِ الإيمان، إنه خُلق الكرام، به يسعد الفرد في الدنيا والآخرة، وبه يعيش المجتمع في أمن وأمان فالحقوق محفوظة والأعراض مصونة والحب والتراحم يسود بين أفراد المجتمع وبه ينال المسلم رضا ربه ويهنأ بدخول جنته، والوفاء صفة من صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون قال رب العالمين: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]، وقال في علامات الصادقين المتَّقين في سورة البقرة: ﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

 

معنى الوفاء لغةً: الوفاءُ ضد الغَدْر يقال وَفَى بعهده وأَوْفَى إذا أتمه ولم ينقض حفظه.

 

معنى الوفاء اصطلاحًا: الوفاء: حفظ للعهود والوعود، وأداء للأمانات، واعتراف بالجميل، وصيانة للمودة والمحبة. عن الأصمعي قال: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده فانظر إلى حنينه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه وبكائه على ما مضى من زمانه.

 

ثانيًا: الوفاء في السنة النبوية:

ضمن النبي صلى الله عليه وسلم الجنة للأوفياء فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَأَضْمَنُ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) مسند الإمام أحمد (5 / 323) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (4 / 1470 )، مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلاَ ينقضه أخرج البيهقي عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ وَكَانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلاَدِهِمْ حَتَّى إِذَا انْقَضَى الْعَهْدُ غَزَاهُمْ فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَفَاءٌ لاَ غَدْرَ فَنَظَرُوا فَإِذَا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:« مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلاَ يَشُدَّ عُقْدَةً وَلاَ يَحُلَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ». فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ) صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (3 / 6480) السلسلة الصحيحة (2357). (ومعنى قوله ينبذ إليهم على سواء، أي: يعلمهم أنَّه يريد أنَّ يغزوهم، وأنَّ الصلح الذي كان بينهم قد ارتفع، فيكون الفريقان في ذلك على السواء). ونقض الوفاء بالعهد خصلة من خصال النفاق فَعَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: ((أَربَعٌ مَنْ كُنَّ فيهِ كانَ مُنافِقاً خالِصاً، وَمَنْ كانَ فِيهِ خصْلَةٌ مِنْهُنَّ كانَ فِيهِ خِصلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حَتَّى يَدَعَها: إِذا اؤتِمنَ خَانَ، وإِذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإِذا عاهَدَ غَدَرَ، وإِذا خَاصَمَ فَجَرَ)) متفق عليه، وفِي رِوايَةِ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ: ((آيَةُ المُنافِقِ ثَلاَثٌ، إِذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإِذا وَعَدَ أَخلَفَ، وإِذا اؤتِمنَ خَانَ) زاد في رواية لمسلم: ((وإن صام وصلَّى، وزَعَم أنه مسْلِم))؛ (رياض الصالحين للنووي - ج1/ ص 388). ولقد وصف الله إسماعيل عليه السلام بقوله: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ﴾ [مريم: 54]. وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن جزاء الغدر والخيانة الفضيحة يوم القيامة، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ أن رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال « إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ فَقِيلَ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ » صحيح مسلم (5 / 4627) قال النووي: (معناه لكل غادر علامة يشهر بها في الناس؛ لأنَّ موضوع اللواء الشهرة مكانَ الرئيس علامة له، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة لغدرة الغادر؛ لتشهيره بذلك) وقال القرطبي: (هذا خطاب منه للعرب بنحو ما كانت تفعل؛ لأنهم كانوا يرفعون للوفاء راية بيضاء، وللغدر راية سوداء؛ ليلوموا الغادر ويذموه، فاقتضى الحديث وقوع مثل ذلك للغادر؛ ليشتهر بصفته في القيامة فيذمه أهل الموقف)، وبين النبي صلى الله أن خيار الناس من عرف بالوفاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ خِيارَ عِبادِ الله المُوَفُّونَ المُطَيَّبُونَ) قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: (2062) في صحيح الجامع.

 

وفاء النبي صلى الله عليه وسلم:

كان صلى الله عليه وسلم خير البرية أقصاها وأدناها، وهو أبر بني الدنيا وأوفاها، وما وُجِدَ على الأرض أنقى سيرة وسريرة، وأوفى بوعد وعهدٍ منه صلى الله عليه وسلم. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ، أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ: سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ - أي النبي صلى الله عليه وسلم - فَزَعَمْتَ: «أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ، وَالصِّدْقِ، وَالعَفَافِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ»، قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ.


خَيْرُ البَرِيَّةِ أَقْصَاهَا وَأَدْنَاهَا
وَهْوَ أَبَرُّ بَنِي الدُّنْيَا وَأَوْفَاهَا
أَتَى بِهِ اللَّهُ مَبْعُوثًا وَأُمَّتُهُ
عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَأَنْجَاهَا
وَأَبْدَلَ الخَلْقَ رُشْدًا مِنْ ضَلالَتِهِمْ
وَفَلَّ بِالسَّيْفِ لَمَّا عَزَّ عُزَّاهَا

 

وفاؤه صلى الله عليه وسلم في قضاء دينه، عن عبد الله بن أبي ربيعة الصحابي رضي اللّه عنه قال: استقرضَ النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم منِّيَ أربعين ألفاً، فجاءَه مال فدفعَه إليَّ وقال: " بارَكَ اللَّهُ لَكَ في أهْلِكَ ومَالِكَ، إنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الحَمْدُ والأداءُ) تحقيق الألباني: صحيح، ابن ماجة (2424 )، الإرواء (2424 ).

 

أما وفاؤه صلى الله عليه وسلم مع أعدائه، فعن حُذَيْفَة بْنُ الْيَمَانِ قَالَ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلاَّ أَنِّى خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِى - حُسَيْلٌ - قَالَ فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا فَقُلْنَا مَا نُرِيدُهُ مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ. فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ «انْصَرِفَا نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ». صحيح مسلم (5 / 4740).

 

وفاؤه صلى الله عليه وسلم مع الْمُطْعِم بن عَدِيٍّ: حين رجع من الطائف حزينًا مهمومًا بسبب إعراض أهلها عن دعوته، وما ألحقوه به من أذىً، لم يشأ أن يدخل مكة كما غادرها، إنما فضل أن يدخل في جوار بعض رجالها، فقبل المطعم بن عدي أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في جواره، فجمع قبيلته ولبسوا دروعهم وأخذوا سلاحهم وأعلن المطعم أن محمدًا في جواره، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم الحرم وطاف بالكعبة، وصلى ركعتين، ثم هاجر وكون دولة في المدينة، وهزم المشركين في بدر ووقع في الأسر عدد لا بأس به من المشركين، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ) صحيح البخاري (4 / 3139 ).

 

وفاؤه صلى الله عليه وسلم مع خديجه وأصدقائها: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (( مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَمَا رَأَيْتُهَا قَطُّ لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِي فِي خَلائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ، وفي لفظ (ثُمَّ يُهْدِي فِي خُلَّتِهَا مِنْهَا)، وفي لفظ (وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيَتَتَبَّعُ بِهَا صَدَائِقَ خَدِيجَةَ فَيُهْدِيهَا لَهُنَّ) (البخاري 3534، مسلم 4463 ). وَلِلْبُخَارِيِّ فِي الأَدَب الْمُفْرَد بسند صحيح مِنْ حَدِيث أَنَس قال: (( كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِالشَّيْءِ يَقُول: اِذْهَبُوا بِهِ إِلَى فُلانَة فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيقَة لِخَدِيجَة) وعند أَحْمَد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ، قَالَتْ: فَغِرْتُ يَوْمًا فَقُلْتُ: مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا، حَمْرَاءَ الشِّدْقِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلادَ النِّسَاءِ ). وجَاءَتْ عَجُوزٌ إِلى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فأَحسَنَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- استِقبالَها، فَقالَ لَها: كَيفَ أَنتُم؟ كَيفَ حَالُكُم؟ كَيفَ كُنْتُم بَعْدَنا؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ بأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسولَ اللهِ، فَلَّما خَرَجَتْ، قُلْتُ: يَا رَسولَ اللهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ العَجُوزِ هَذا الإِقبَالَ؟ فَقالَ: يا عائشَةُ إِنَّها كَانَتْ مِنْ صَواحِبِ خَديجَةَ، وإِنَّها كَانَت تَأتِينا زَمانَ خَديجةَ، وإِنَّ حُسْنَ العَهْدِ مِنَ الإِيمانِ.

 

وفاؤه صلى الله عليه وسلم مع أخته من الرضاعة الشيماء بنت الحارث: تأتيه أخته من الرضاعة وقد ابتعدت عنه ما يقارب أربعين سنة، فتأتيه وهو لا يعرفها وهي لا تعرفه، مرت سنوات وسنوات، وأيام، وأعوام، وتسمع وهي في بادية بني سعد في الطائف بانتصاره، فتأتي لتسلم على أخيها من الرضاع وهو تحت سدرة عليه الصلاة والسلام، والناس بسيوفهم بين يديه، وهو يوزع الغنائم بين العرب، فتستأذن، فيقول لها الصحابة: من أنت؟ فتقول: أنا أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أنا الشيماء بنت الحارث أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية، فيخبرون الرسول عليه الصلاة والسلام فيتذكر القربى والوشيجة والعلاقة، التي أنزلها الله من السماء، ويقوم لها ليلقاها بعد طول المدة، وبعد الوحشة والغربة.

 

الخطبة الثانية

أما بعد: أيها الكرام إن للوفاء صوراً عديدة، منها:

الوفاء بالعهد الذي بين العبد وربه: والوفاء مع الله يكون بطاعته، وعبادته، وتوحيده ومن الوفاء مع الله الوفاء بطاعته وأداء فرائضه ففي الصحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ»، ومن الوفاء مع الله ما صححه الألباني عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي عَهْدِهِ فَمَنْ قَتَلَهُ طَلَبَهُ اللَّهُ حَتَّى يَكُبَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ)، قال في النهاية: خفرت الرجل: أجرته وحفظته. وأخفرت الرجل: إذا نقضت عهده وذمامه، أي في عهده وأمانه في الدنيا والآخرة، ومن الوفاء مع الله الوفاء بالنذر، وهو أن يلتزم الإنسان بفعل طاعة لله سبحانه. ومن صفات أهل الجنة أنهم يوفون بالنذر، يقول تعالى: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾ [الإنسان: 7]. ويشترط أن يكون النذر في خير، أما إن كان غير ذلك فلا وفاء فيه -: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ».

 

الوفاء في سداد الدين: اهتمَّ الإسلام بالدَّيْن؛ لأنَّ أمره عظيم، وشأنه جسيم، وقد أكَّد النبي صلى الله عليه وسلم على قضاء الدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدَّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها، أتلفه الله)).

 

الوفاء بإعطاء الأجير أجره: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ » قال الألباني: صحيح. وعَنْ أَبِي هُريرةَ أَيضاً -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (قَالَ اللهُ تَعالَى: ثَلاثَةٌ أَنا خَصْمُهم يَوْمَ القِيامَةِ: رَجَلٌ أَعطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجَلٌ باعَ حُرّاً فَأَكَلَ ثَمنَهُ، ورَجُلٌ استأَجَرَ أَجيراً فَاستَوفَى مِنهُ العَملَ ولَمْ يُوفِهِ أَجرَهُ).

 

الوفاء بشروط عقد النكاح: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ».

 

وفاء العامل بعمله: وذلك بأن يعمل العامل، ويعطي العمل حقه باستيفائه خاليًا من الغش والتدليس، فعن عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي كُلَيْبٍ أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ أَبِيهِ جَنَازَةً شَهِدَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا غُلَامٌ أَعْقِلُ وَأَفْهَمُ، فَانْتَهَى بِالْجَنَازَةِ إِلَى الْقَبْرِ وَلَمْ يُمْكِنُ لَهَا، قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سَوُّوا لَحْدَ هَذَا " حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ سُنَّةٌ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: " أَمَا إِنَّ هَذَا لَا يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَلَا يَضُرُّهُ، وَلَكِنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنَ الْعَامِلِ إِذَا عَمِلَ أَنْ يُحْسِنَ" صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3 / 1113).

 

وفاء الرجل لأبيه بأن يصل أهل وده بعد موته: عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلَةِ وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأْسَهُ فَبَيْنَا هُوَ يَوْمًا عَلَى ذَلِكَ الْحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ أَلَسْتَ ابْنَ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ قَالَ بَلَى. فَأَعْطَاهُ الْحِمَارَ وَقَالَ ارْكَبْ هَذَا وَالْعِمَامَةَ - قَالَ - اشْدُدْ بِهَا رَأْسَكَ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ أَعْطَيْتَ هَذَا الأَعْرَابِيَّ حِمَارًا كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيْهِ وَعِمَامَةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأْسَكَ. فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّىَ ». وَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ) صحيح مسلم (8 / 6679).

 

الوفاء بالكيل والميزان: فالمسلم يفي بالوزن، فلا ينقصه، لأن الله -تعالى- قال: (﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85]، وقال صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا".

 

الوفاء بالعقود والعهود: فالإسلام يأمر ويوصي باحترام العقود وتنفيذ الشروط التي تم الاتفاق عليها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم» [البخاري].

الدعاء...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوفاء بالوعد
  • الوفاء بالوعد من صفات المؤمنين
  • الوفاء بالعهد من القرآن والسنة
  • الوفاء بالعهد والميثاق
  • الوفاء للشيوخ والعلماء
  • آيات عن الوفاء بالعهد
  • صفحات من ديوان الوفاء النبوي
  • بيع الوفاء
  • آيات عن الوفاء بالعقود والعهود
  • خطبة عن الوفاء بالعهد
  • خطبة: الوفاء من خصال الشرفاء الأتقياء

مختارات من الشبكة

  • التماس الرضا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التماس رضا الله ورضوانه في طاعته واجتناب عصيانه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التماس ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • التماس رضا الله وإن سخط الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إسبانيا: التماس بإنشاء مقابر إسلامية إضافية في "ثاراجوثا"(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الالتماس في منكرات الأعراس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التماسك النصي بين القدماء والمحدثين وعلاقته بعلم التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب