• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

سلام من الله على خديجة (خطبة)

سلام من الله على خديجة (خطبة)
محمد أحمد المطاع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/1/2019 ميلادي - 1/5/1440 هجري

الزيارات: 136040

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلام من الله على خديجة


الخطبة الأولى

الحمد لله حمد الشاكرين، ولك الحمد حمد الطيبين، والحمد لله في كل وقت وحين، الحمد لله حمدًا على كل النعم، والحمد لله على حمد النعم، والحمد لله حمدًا يليق بربِّ النعم، فيا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلالك، وعظيم سلطانك، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى، لك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وما شئت من شيء من بعد، حمدًا لا حدَّ له، ولا منتهى، يا من سجد لك سواد الليل، وضوء النهار، والفلك الدوار، والبحر الزخار، والنجم السهار، وكل شيء عندك بمقدار، اللهم صلِّ على سيدنا محمد في الأولين، وصلِّ عليه في الآخرين، وصل عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وصلِّ عليه في كل وقت وأوان وحين.

 

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله.

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وطاعته ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد أيها الفضلاء:

 

روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتَتْ، معها إناء فيه إدام، أو طعام، أو شراب، فإذا هي أتتك، فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنِّي، وبشِّرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه، ولا نصب"[1].

 

يا ألله، بيتٌ في الجنة من قصب، لا صخب فيه، ولا نصب، بيت في الجنة، وفوق هذا من قصب لا صخب فيه، ولا نصب!

القصب: الدُّرُّ المجوف؛ وهو يعني: قصب اللؤلؤ، والصخب: الأصوات المختلطة، والجلبة.

 

والنصب: التعب، وفي نفي الصخب والنصب عن هذا البيت وجهان: أحدهما أن النصب لا بد في كل بيت من تعب في إصلاحه، وصخب بين سكَّانه، فأخبر أن قصور الجنة على خلاف ذلك، والثاني: أنها لما تعبت في تربية الأولاد ناسب هذا ضمان الراحة.

 

وسألت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها وأرضاها - أباها، قالت: قلت: يا رسول الله، أين أُمِّي خديجة؟ قال: ((في بيت من قصب))، قلت: أمن هذا القصب؟ قال: ((لا؛ من القصب المنظوم بالدُّرِّ، واللؤلؤ، والياقوت))، وهنا في لفظ القصب مناسبة؛ لكونها أحرزت قصب السبق لمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها، وقال: ببيت، ولم يقل: بقصر، وفي هذا دلالة على أنها لما كانت ربة بيت قبل المبعث، ثم صارت ربة بيت في الإسلام منفردة به، فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم بيت إسلام إلا بيتها، وهي فضيلة ما شاركها فيها غيرُها، وجزاء الفعل يذكر غالبًا بلفظه، وإن كان أشرف منه قصدًا؛ فلهذا جاء الحديث بلفظ البيت دون ذكر القصر.

 

((لا صخب فيه))؛ أي: لا صياح؛ إذ ما من بيت في الدنيا يجتمع فيه أهله إلا وفيه صياح وجلبة.

((ولا نصب)): ولا تعب؛ لأن قصور الجنة ليس فيها شيء من ذلك.

 

ومناسبة نفي هاتين الصفتين أنه عليه الصلاة والسلام لما دعا إلى الإيمان أجابت خديجة طوعًا، فلم تحوجه إلى رفع صوت، ولا منازعة، ولا تعب في ذلك؛ بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهوَّنت عليه كل عسير، فناسب أن يكون منزلها الذي بشَّرها به ربُّها بالصفة المقابلة لذلك.

 

إنها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية الأسدية، وهي من أفضل نساء الأمة؛ قال الذهبي رحمه الله: "كانت عاقلة جليلة، دينة مصونة، كريمة من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويفضِّلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها".

 

ولم يُعلَم أن الله جل وعلا أرسل سلامًا إلى امرأة إلا لـخديجة بنت خويلد، وهذه المنقبة لو عرفت مقدار عظمة الله، لعرفت مقدار عظمتها، وذلك أن يبعث الله بسلام منه إلى امرأة تمشي على قدميها بين الناس، فلما قال لها النبي هذا، وأبلغها سلام الله عليها، ماذا قالت؟ انظر إلى فقهها رضي الله عنها، قالت: إن الله هو السلام، وعليك وعلى جبريل السلام.

 

ولم تقل: وعلى الله السلام، مع أن الصحابة لما هاجروا إلى المدينة، وفرضت الصلاة؛ كانوا يقولون: السلام على الله، السلام على جبريل، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله هو السلام، ولا ينبغي أن يقال: السلام على الله، فعلَّمهم صلى الله عليه وسلم ما يقولون، وهذه من مناقبها رضي الله عنها وأرضاها، وهاتان خصيصتان من الله جل وعلا.

 

إنها خديجة خير النساء، ((خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة))[2]، فعليهما من الله السلام.

 

أيها الإخوة المؤمنون:

قد يعجب الإنسان من هذه المقامات الرفيعة التي نالتها خديجة رضي الله عنها، فبماذا استحقَّت خديجة هذه المكانة، وهذا الفضل والتكريم الإلهي؟

يُحدِّد صلى الله عليه وسلم بعضًا من الأسباب التي جعلت خديجة في هذه المكانة، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار، فذكرها ذات يوم فاحتملتني الغيرة، فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن، قالت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضبًا أسقطت من جلدي (أي ندمت)، وقلت في نفسي: اللهم إنك إن أذهبت غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني لم أعد أذكرها بسوء ما بقيت، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت، قال: ((كيف قلت؟! والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت مني الولد إذ حرمتموه))، قالت: فغدا عليَّ بها وراح شهرًا.

 

وقال أيضًا: ((إني رُزقت حبها))[3]، وذكر عليه الصلاة والسلام النساء الكاملات، فقال: ((كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام))[4].

 

لو أننا قلَّبنا صفحات التاريخ، ورجعنا إلى بداية دعوة الإسلام حينما كانت رضي الله عنها دعمًا للنبي عليه الصلاة والسلام، وصاحبة موقف عظيم، وثابت؛ آزرت به زوجها صلى الله عليه وسلم، وهدَّأت من روعه، وخفَّفت عنه ما يجد، وكانت خديجة وزيرةَ صِدْقٍ، ولا خفاء في مساعدتها النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيتها له عندما بدأ الوحي إليه، وشفقتها عليه؛ فصلَّى الله عليه ورضي عنها.

 

من مواقفها العظيمة رضي الله عنها: ما رواه البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: "أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤْيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم قال في آخر الحديث: فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: ((زمِّلوني زمِّلوني))، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر، وقال: ((لقد خشيت على نفسي))، وهنا كان دور المرأة صاحبة العقل الرزين، والبصيرة الثاقبة، حيث قالت لزوجها المرعوب: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا"، ثم بدأت تُعدِّد خصاله، ومحامده: "إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"[5].

 

اسمعْنَ يا نساء اليوم أمهات، وزوجات؛ اسمعن إلى موقف هذه المرأة العظيمة، المرأة الصالحة، انظرْنَ إلى موقف خديجة مع زوجها حين أتاها مرعوبًا وقفت موقف الطبيب، ولم تسمح أن يدخلها ريبةٌ في زوجها، لا كما يفعلنه نساء اليوم إذا أتاها زوجها، ويلك ماذا صنعت؟! ما المصيبة التي قد أتيت بها؟! ومن هذا الكلام الذي يزعزع الثقة، ويزيد من هم المهموم!

 

"كلا والله ما يخزيك الله أبدًا"، كلمات راسخة في التاريخ تعد من أكثر مصادر الإلهام بالنسبة لكثير من النساء ربات البيوت على مدار التاريخ، ومدرسة للزوجات لتعرف النساء من بعدها كيفية التعامل مع الزوج.

 

هذه المرأة أول بذرة في البيت النبوي، وأول امرأة جمعها مع النبي صلى الله عليه وسلم سقفٌ واحدٌ، والله عز وجل إذا أراد أن يصطنع أحدًا لأمر عظيم هيَّأ له الأسباب التي ينال بها ذلك الأمر العظيم.

 

أيها المؤمنون:

إن في سيرة نساء الصحابة - نساء النبي أولًا، وبناته ثانيًا، ونساء الصحابة أخيرًا - أنموذجًا يُحتذى به؛ فالمرأة كما الرجل لا شيء أبلغ في حياتها من القدوة الصالحة، فليحرص كل مسلم على اختيار قدواته، وأن يغرس في نفسه ونفس من يعولهم الاقتداء بمثل هذه القدوات النيِّرة، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

أيها المؤمنون، إننا حين نقول: "أُمُّنا خديجة" تعجز الكلمات عن وصف هذه المرأة حتى أنه ما سمع مسلم اسم هذه المرأة إلا وشعر أنها فعلًا أمٌّ حقيقية له، إنها فلتة في تاريخ النساء، بصمة نسائية لا تعادلها بصمة، ولا نستطيع القول إنها امرأة كسائر النساء حتى بعد وفاتها رضي الله عنها، إنها كانت لرسول الله الحبيبة، والزوجة، والعون، والمستشار، فلقد كان للسيدة خديجة رضي الله عنها فضل ومكانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حياتها وبعد مماتها؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من ذكرها، ومن الثناء عليها؛ بل ويصرِّح بحبِّه لها عليه الصلاة والسلام، فيقول: ((إني قد رُزِقْتُ حُبَّها))، ولشدة حب النبي لها حتى بعد وفاتها كانت السيدة عائشة تقول: ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ما غرت على خديجة، وما رأيتها.

 

ومن مظاهر حبه لها أنها بعد وفاتها رضي الله عنها لم تمت من قلب حبيبنا عليه الصلاة والسلام؛ بل عاش بعدها، وكان على ذكر دائم لها، وهذا دليل على مقدار الحب الذي كان بينهما، حتى بعد أن رحلت من دنيانا.

 

إن وجود كينونة أم المؤمنين خديجة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن قبل النبوة فحسب ولا بعد نزول النبوة فحسب؛ بل حتى وبعد أن رحلت عن دنياه عليه الصلاة والسلام.

 

إننا حين نتكلم عن أي من زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم كأزواج له، لا نغفل مقام الزوج الكريم، فهو ذو العناية الربانية، والصنعة الإلهية؛ فقد قال الله له: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور: 48].

 

إن حياة خديجة رضي الله عنها مع رسول الله حياة فريدة، فقد عاشت معه في مكة إلى العام العاشر من البعثة تحميه وتواسيه، وتقف بجواره، فإنها كانت عونًا مع زوجها، وكانت نعم الزوجة؛ صدَّقته وواسته، ووقفت بجواره، فكم من العواصف التي مرت على النبي صلى الله عليه وسلم بداية الدعوة؛ لكن بثبات دعائم البيت، ووقوف هذه المرأة بجواره، ومساندته بمالها وكل ما تستطيعه، تمكَّن بفضل من الله من تجاوز تلك العقبات.

 

إن الحديث عن هذه المرأة المؤمنة رضي الله عنها حديث يجب أن تسمعه كل امرأة اليوم، وأن تسمعه كل نسائنا، وزوجاتنا، وبناتنا، وأخواتنا كي تكتسب المهارة المطلوبة في التعامل في البيت كأمٍّ وبنت، وزوجة حتى تتحقَّق السعادة المجتمعية، وحتى تستطيع المرأة أن تكتسب أمورًا في حياتها وتعاملها مع زوجها، وتكسب الفهم الصحيح، والتعامل السليم، والعقل الحكيم، فخديجة لم تكن في حياة رسول الله إلا سعادة، وسندًا، وحضنًا دافئًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يقع منها بعد زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا كمال الحكمة، وكمال رجاحة العقل، فكوني أيتها المؤمنة مقتديةً بمثل هؤلاء العظيمات اللائي سطَّرْنَ للتاريخ أسمى وأرقى صور التعامل في الأسرة والحياة الزوجية، ولتجعلي من هذه المرأة قدوةً ومدرسةً لكِ، فأعظم القدوات هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو القدوة المطلقة.

 

ومن ثَمَّ يأتي بعده في المرتبة الثانية الصحابة رضي الله عنهم ونساء الصحابة، فهذه القدوة الواقعية المثالية الكاملة من كل ناحية.

 

فرضي الله عنها وأرضاها، وجعل الجنة متقلبها ومثواها، وهكذا فلتكن النساء أو لا يكن، لا كما تكون عليه بعض نساء عصرنا وما أكثرهن! ترد الصاع صاعين، والكلمة كلمتين، وترد المليح بالقبيح، والحسنة بالسيئة، تكفر العشير، ولا ترضى باليسير، ترد الموجود، وتتكلف المفقود، وهذا من عجائب الدهر.

 

أيها المؤمنون:

هذه نقاط في سيرة هذه الجليلة رضي الله عنها أم المؤمنين وأولى المؤمنات من النساء خديجة بنت خويلد، والكلام عنها وعن فضلها يطول، وأما عن وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها، فإنه لما تاقت روح السيدة خديجة رضي الله عنها إلى بارئها، وكان ذلك قبل هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات؛ أي: بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين في شهر رمضان، وقيل: بثمانٍ، وقيل: بسبع، وأقامت معه خمسًا وعشرين سنة، ودُفنت بالحجون، ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله بنفسه في حفرتها، وأدخلها القبر بيده، ويُذكر بالسير عام الحزن؛ لشدة حزن النبي صلى الله عليه وسلم على فراق زوجته الوفية خديجة، رضي الله عن أم المؤمنين خديجة، وجزاها عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ورضي الله عنها وعن آل بيت رسول الله، وأصحاب رسول الله أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

الدعاء...



[1] صحيح البخاري (3820).

[2] صحيح البخاري (3815).

[3] صحيح ابن حبان مخرجًا (7006).

[4] صحيح البخاري (3411).

[5] صحيح البخاري (3).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خديجة بنت خويلد المفترى عليها
  • أم المؤمنين خديجة في مؤتمر الضرار
  • علاقة عائشة بخديجة رضي الله عنهما
  • أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
  • أم المؤمنين خديجة بنت خويلد
  • من منا مثل خديجة؟!
  • السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها

مختارات من الشبكة

  • أيها الأنام أفشوا السلام تدخلوا دار السلام بسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلام محمد وسلام المسيح عليهما السلام(مقالة - ملفات خاصة)
  • السلام في ليلة السلام (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • من أفشى السلام وأطاب الكلام ، دخل الجنة بسلام ( خطبة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تشجير نسب الأنبياء عليهم السلام من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • السلام استسلام للقدوس السلام(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • عيسى ابن مريم عليه السلام (5) رفع عيسى عليه السلام إلى السماء(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة داود عليه السلام (3) وفاة داود عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة داود عليه السلام (2) أخبار داود عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة موسى عليه السلام (12) وفاة موسى عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب