• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

شكر اليدين (خطبة)

شكر اليدين (خطبة)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/12/2018 ميلادي - 22/4/1440 هجري

الزيارات: 23321

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شُكرُ اليدين [1]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71]، أما بعد:


فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الناس، نحمد الله تعالى على أنْ خلقنا فأتقن خلقنا، وصوّرنا فأحسن صورنا، وخلق لنا أعضاء بديعة نستعين بها في إقامة عبادتنا، وفي إصلاح عيشنا، ونعتمد على سلامتها في تسيير شؤون حياتنا، وفي الوصول إلى أسباب راحتنا وسعادتنا.


ومن تلك الأعضاء التي أكرمنا الله بها: اليدان، فما أعظم نعمة الخالق على الإنسان بهذا العضو؛ إذ كم يصل به إلى مصالح يبتغيها، ويدفع به أضراراً يخشاها.


تأمل - أيها الإنسان - في يديك وانظر ما أجملَ خلقهما وأحسنَ تركيبها! فقد خلقهما الله تعالى متساويتين، وجعلهما ممتدتين، مزودتين بعشرة أصابع، في كل يدٍ خمسةٌ منها، وهي الإبهام والسبابة والوسطى الخِنْصِر والبِنْصِر. وكل أصبع من الأصابع الخمسة له خلقة وشكل يخالف به سائر الأصابع.


وجعل سبحانه وتعالى اليدين أيضًا لينتين قويتين جميلتين، قابلتين للحركات المختلفة. وثبّت تعالى خلقهما في مكان مناسب من الجسم. وزوّدهما بأسباب الحياة والبقاء مدة حياة الإنسان ما لم يتعرضا لداء أو اعتداء.


عباد الله، لقد خلق الله تعالى في كل يد للإنسان ما به حياتها وسهولة الانتفاع بها، ففي كل يد كفٌّ بها راحةٌ وأصابع وسلاميات، وفيها رسغ وساعد ومرفق وعضد وعظام وأعصاب ودماء. ومن فضل الله تعالى على الإنسان في يديه: أن جعلهما قادرتين على الإمساك والإطلاق، وتحسس الأشياء، حتى صارتا للأعمى بديلاً عن النظر في تمييز المحسوسات، وللأصم والأبكم لسانًا يعبر عن كثير من الكلمات بما تشكله الكف والذراع من حركات.


وتأمل -أيها الإنسان- في إبهامك تجد فيها آية من آيات الله تعالى الدالة على قدرته العظيمة، تلك الآية هي وجود البصمة فيها التي بها يتميز كل شخص عن غيره من بني آدم.


أيها الفضلاء، إن لليد شأنًا عظيمًا في الإسلام؛ ففي القرآن الكريم نجد آيات متعددة تنسب جميع كسب جوارح العبد إلى يده، قال تعالى: ﴿ وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 7]، وقال: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]. ويبين الكتاب العزيز أن الأيدي ستشهد على أصحابها يوم القيامة بما يكانوا يعملون في الدنيا، قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس:65].


وفي حديث أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فضحك فقال: (هل تدرون مما أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيختم على فيه فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام قال: فيقول: بعداً لكن وسحقًا فعنكن كنت أناضل)[2].


وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في كل يد نصف الدية وفي كلتيهما الدية كاملة، وفي كل أصبع عشر من الإبل كما في حديث عمرو بن حزم[3].


أيها الأحباب الكرام، انظروا إلى هذه الحياة وما فيها من أبنية مشيدة، وأشياء مصنوعة، وخدمات حياتية متعددة، ومصالح دنيوية متنوعة، أليست من نتاج نعمة الله على الإنسان باليدين، فلو لم تخلق هذه النعمة هل كنا سنصل إلى هذه المنافع؟


وانظروا أيضًا في بيعنا وشرائنا، وتواصلنا وتعاملنا، وتعلمنا وتعليمنا، ألم تكن اليدان وسيلة إلى بلوغنا ما نريد من تلك المعاملات؟

ولكن ما أكثرَ غفلتنا عن نعمة اليدين، وشكر الله عليهما!


فمن أراد معرفة عظم هذه المنة فليتفكر في المنافع التي ينالها بسبب يديه، ولينظر إلى من فقد يديه أو إحداهما- ببتر أو جَرح أو شلل أو مرض-كم يعاني من المشقة في الوصول إلى ما يصل إليه صحيحُ اليدين.


ألا فلنشكر الله تعالى على نعمة اليدين باستخدامهما فيما يرضيه، قبل أن نقف بين يدي الله تعالى فتشهد علينا أيدينا بما جنت من الأعمال السيئة، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24].


ومن شكر الله تعالى على نعمة اليدين: استعمالهما في الأعمال التي يحب الله عملها، وكفهما عن الأفعال التي يكره الله فعلها.


أيها المسلمون، إن لليدين عبادات وأعمالاً صالحة كثيرة، فمن ذلك: الطهارة وبعض أعمال الصلاة، فباليدين يطهر العبد نفسه فيصير نظيفًا نقيًا، ويتوضأ ويستاك، فيقف بين يدي ربه للصلاة فيرفعهما مكبراً، ويضمهما إلى صدره قائمًا، ويعتمد عليهما راكعًا وساجداً، ويضعهما على فخذيه أثناء التشهد، ويرفع سبابة يمينه متشهداً.


وباليد يعطي المسلم زكاته وصدقته فيحسن إلى المحتاجين والمعوزين، عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)[4].


وباليدين يجاهد المسلم في سبيل الله تعالى أعداءَ الدين فيرفع راية الإسلام ويعز المسلمين. قال تعالى: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 14].


وبأصابع اليدين يذكر المؤمن ربه تعالى ويثني عليه مسبحًا مكبراً مهللاً حامداً محوقلاً محسبلاً. عن يسيرة رضي الله عنها وكانت من المهاجرات قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسؤولات مستنطقات، ولا تغفلن فَتُنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ)[5].


وباليدين يعين الإنسان والديه ويقوم بخدمتهما، وبهما يأخذ بيد الأعمى والعاجز، وبهما يمسح رأس اليتيم فيغسل عن وجهه دمعة اليتم، ويرسم على شفتيه ابتسامة السعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم)[6].


وباليدين يرفع المرء الدعاء إلى الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين)[7].


وباليدين يعمل الإنسان ويكتسب أسباب المعيشة، فعن المقدام رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( ما أكل أحد طعامًا قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده)[8].


والمسلم بيمينه يأكل ويشرب ويعطي ويأخذ، ويصافح الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليأكل أحدكم بيمينه ويشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، ويعطي بشماله)[9]. وعن أنس بن مالك، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من مسلمين التقيا، فأخذ أحدهما بيد صاحبه، إلا كان حقًا على الله أن يحضر دعاءهما[10]، ولا يفرق بين أيديهما حتى يغفر لهما)[11].


أيها الإخوة الفضلاء، إن من عرف اللهَ تعالى وعرف عظم نعمته عليه باليدين استعملهما فيما يحبه المنعم عليه بهما، غير أن هناك من لم يكن كذلك حينما صرف قدرتهما فيما يغضب الله تعالى من الأعمال المتعدية على حق الخالق وعلى حق المخلوقين.


فمن سيئات اليدين: التعدي على الأبرياء من الخلق بقتل أو جرح أو ضرب؛ لأن هذا نوع من الظلم وقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرمًا، وهذا التصرف الضار بالناس ليس من صفات المسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)[12]. فأين هذا المعتدي من الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في سلامة يديه من ظلم الخلق؟ عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل)[13]. وعن أبي مسعود الأنصاري قال: كنت أضرب غلامًا لي، فسمعت من خلفي صوتًا: ( اعلم أبا مسعود، للهُ أقدر عليك منك عليه)، فالتفتُ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله فقال: ( أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار)[14].


أفلا يتذكر من ظلم بيده الناس القصاصَ منه يوم القيامة بين يدي الحكم العدل؟

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ضرب سوطًا ظلمًا اقتص منه يوم القيامة)[15].


ومن سيئات اليدين: الاعتداء ظلمًا على أموال الناس وممتلكاتهم بحرابة أو سرقة أو نهب أو سلب أو اختلاس أو خيانة أو رشوة أو تدليس أو تطفيف، أو نحو ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)[16]. وقد جاء من الوعيد ما فيه زجر لكل معتدٍ بقوة يده على حق غيره، فمن أيقن به كفَّ عن ذلك الظلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، قالوا: وإن كان شيئًا يسيراً يا رسول الله، فقال: وإن كان قضيباً من أراك)[17].


حتى في وقت الشدائد والمجاعات يجب على المسلم أن يمسك يده عن المال الحرام، ويصبر على الحلال ولو قل حتى يفرج الله عنه، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وأردفني خلفه وقال: (يا أبا ذر، أرأيت إن أصاب الناسَ جوعٌ شديد لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك كيف تصنع؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: تعفف، يا أبا ذر)[18].


ومن سيئات اليدين: لطم الخدود، وتمزيق الثياب عند المصيبة؛ كموت حبيب أو قريب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)[19].


ومن سيئات اليدين: مصافحة النساء اللاتي لا يحل للمسلم مصافحتهن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يطعن في رأس أحدكم بِمِخْيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)[20].


وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه و سلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية: ﴿ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ﴾ [الممتحنة:12]. قالت: وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها[21]. ولفظ مسلم: (وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: ( قد بايعتكن ) كلاماً).


ومن سيئات اليدين: تكفف الناس وسؤالهم أموالهم تكثراً وكسلاً عن العمل، وليس عن ضرورة ملحة لا يجد لكشفها غير التكفف. فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مُزعةُ لحم)[22].


وقال صلى الله عليه وسلم: (من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر)[23].


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، والعليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة)[24].


ومن سيئات اليدين: الكتابة بالطعن في الله تعالى أو رسوله أو دينه أو المحرِّفة لكتابه أو تشريعه، قال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ [البقرة: 79].


أو الكتابات المسيئة إلى عباد الله الأبرياء بالتهم والسب، أو المسطّرة للشبهات التي تكدر العقول والنفوس، أو الشهوات التي تفسد القلوب والسلوك.


وستشهد البنان على ما خطت من حروف العصيان على صاحبها يوم المعاد، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24].


أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

أيها المسلمون، إن اليدين حينما تخرجان عن شرع الله تعالى، فتقعان في المعاصي اليدوية فإن الشريعة قد جعلت زاجرين لهما عن تلك الذنوب: زاجراً في الدنيا، وزاجراً في الآخرة.


فأما زاجر الدنيا فهو على قسمين: زاجر بالحد، وزاجر بالتعزير.


فأما زاجر الحد، فإن هناك خطايا يدوية جعل فيها الشارع الحكيم حدوداً شرعية تأديبًا للعاصي، وتحذيراً لغيره أن يفعل مثل فعله، ومن هذه الحدود: حد السرقة وحد الحرابة، فحد السرقة المستوفية لشروط القطع يكون بقطع اليد من الرسغ كما قال تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38] ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39]. وأما حد الحرابة فيكون بقطع الأيدي والأرجل من خلاف: يد يمنى برجل يسرى، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33] ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 34]. وهذان الحدان يزجران المحدود عن المعاودة، ويزجران غيره عن المقارفة.


وأما زاجر التعزير، فهناك ذنوب تجنيها اليدان لكن لم يرد في الشريعة فيها حد معلوم، وإنما ورد فيها تعزير والتعزير هو: "عقوبة مشروعة على معصية أو جناية لا حد فيها، ولا كفارة"[25]. وهذه العقوبة التعزيرية يقدرها القاضي؛ فقد تكون بحبس أو عقوبة مالية على الجاني أو غير ذلك مما يراه القاضي من وسائل التأديب، ومن تلك الذنوب المتعلقة باليدين: الغصب والنهب والاختلاس.


أيها الأحباب الفضلاء، وأما زاجر الآخرة فهو ذلك الوعيد الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المتعدي بيده ينتظره عقاب شديد يوم القيامة، كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)[26].


وقوله صلى الله عليه وسلم: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)[27].


أيها الأحباب الفضلاء، هذا نداء لكل من لم يحفظ يديه في إطار الحق، بل جعلها في ممتدة في بوتقة الباطل؛ أن يرجع إلى الله تعالى ويتوب إليه، ويعمق في قلبه شعور الخوف من ربه تعالى حتى يحجزه عن التعدي بيده، فابن آدم المقتول منعه من قتل أخيه خوفُ الله تعالى كما قال عز وجل عنه: ﴿ لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة: 28].


وليكثر هذا المرء من الأعمال الصالحة المكفرة للذنوب بعد التوبة إلى الله، ومن تلك الأعمال الماحية للخطايا: الوضوء، وكثرته تستلزم كثرة التنفل بالصلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء)[28].


هذا وصلوا وسلموا على خير البرية...



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في: 21/ 4/ 1440ه، 28/ 12/ 2018م.

[2] رواه مسلم.

[3] رواه النسائي، وهو صحيح.

[4] متفق عليه.

[5] رواه الترمذي وأبو داود، وهو حسن.

[6] رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

[7] رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وهو صحيح.

[8] رواه البخاري.

[9] رواه ابن ماجه، وهو صحيح.

[10] أي: يستجيب دعاءهما.

[11] رواه أحمد، وهو صحيح.

[12] رواه أحمد، وهو صحيح.

[13] رواه مسلم.

[14] رواه مسلم.

[15] رواه البزار والطبراني بإسناد حسن.

[16] رواه أبو داود، وهو صحيح.

[17] رواه مسلم.

[18] رواه أحمد وابن حبان والحاكم، وإسناده صحيح على شرط مسلم.

[19] متفق عليه.

[20] رواه الطبراني والبيهقي ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح.

[21] متفق عليه.

[22] متفق عليه.

[23] رواه مسلم.

[24] متفق عليه.

[25] الفقه الإسلامي وأدلته (7/ 514).

[26] رواه البخاري.

[27] رواه مسلم.

[28] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اليوم العالمي لغسل اليدين
  • رفع اليدين أثناء الدعاء
  • عمل اليدين ( قصيدة للأطفال )
  • غسل اليدين قبل الوضوء لصلاة الفجر
  • وضع اليدين على الركبتين
  • رفع اليدين قبل الركوع
  • رفع اليدين في الصلاة
  • مواضع رفع اليدين في الصلاة

مختارات من الشبكة

  • فضل الشكر وجزاء الشاكرين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم وشكر الله على نعمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسالة للحسن بن وهب (255هـ) في الشكر ووصية صاحبه(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكر الله على نعمة الأمن (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة: شكر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن شكر الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكر المنعم والحذر من والمخاطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكر النعم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكر الله العملي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب