• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تلخيص باب نواقض الوضوء من الشرح الممتع

تلخيص باب نواقض الوضوء من الشرح الممتع
سلطان بن سراي الشمري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/11/2018 ميلادي - 5/3/1440 هجري

الزيارات: 30361

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تلخيص باب نَواقِضِ الوُضُوءِ من الشرح الممتع


مقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله وعلى آله ومن والاه، ثم أما بعد:

هذا ملخص (باب نَواقِضِ الوُضُوءِ) من كتاب الطهارة (لشرح الممتع على زاد المستقنع)؛ للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله، وقد اقتصرت فيه على القول الراجح، أو ما يشير إليه الشيخ رحمه الله أنه الراجح، مع ذكر اختيار شيخ الإسلام أو أحد المذاهب الأربعة، إذا كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى ترجيحه، مع ذكر المتن وتوضيح ذلك إذا احتجنا لتوضيحه، ومع ذكر بعض المسائل والفوائد المكمِّلة للباب، وذِكْر استدراكات الشيخ رحمه الله على المتن، إن كان هناك استدراكات، وقد أنقل أحيانًا من مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد رحمه الله ترجيحًا أو تقريرًا أو توضيحًا مهمًّا لشرح.

 

وهذا الملخص يستعين به - إن شاء الله - الطالب المبتدئ، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي، مع العلم أنه تم - ولله الحمد - تلخيص كتاب الطهارة، وكتاب الصلاة، وكتاب الصيام، وكتاب الحج، وأني عازمٌ إن شاء الله على إتمام ما بدأت به.


نسأل الله الإعانه والتوفيق والسداد، وأن يكفينا شرَّ الصوارف، وأن يبارك الله لنا في أوقاتنا، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يكتب الأجر لكل من أسهم في إخراج هذا العمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.


ومن كان لديه اقتراحات أو ملاحظات فليراسلنا على هذا الإيميل:

bensrray@hotmail.com

سلطان بن سراي الشمري

♦♦♦♦♦

 

[بابُ نَواقِضِ الوُضُوءِ]

النَّواقض: جمعُ ناقض؛ لأن «ناقض» اسم فاعل لغير العاقل، وجمعُ اسمِ الفَاعل لغير العاقل على «فواعل».


والوُضُوء بالضَّمِّ: الطَّهارة التي يرتفع بها الحَدَث، وبالفتح: الماءُ الذي يُتَوَضَّأُ به؛ كما يُقال: طَهُور بالفتح: لما يُتَطَهَّرُ به، وبالضَّمِّ لنفس الفعل.


ونواقض الوُضُوء: مفسداتُه؛ أي: التي إِذا طرأت عليه أفسدته.


والنَّواقض نوعان:
الأول: مجمع عليه، وهو المستند إلى كتاب الله وسُنَّةِ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم.
الثاني: فيه خلافٌ، وهو المبنيُّ على اجتهادات أهل العلم رحمهم الله.
وعند النِّزاع يجب الردُّ إلى كتاب الله وسُنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم؛ [ص268].


قوله: (ينقضُ ما خَرَجَ من سَبيلٍ):

هذا هو النَّاقض الأوَّل من نواقض الوُضُوء.


فقوله: «ما خرج من سبيل» يشمل كلَّ خارج، و «من سبيل» مطلق يتناول القُبُل، والدُّبُر، وسُمِّيَ «سبيلًا»؛ لأنَّه طريق يخرج منه الخارج.


وقوله: «ما خرج» عام يشمل المعتاد وغير المعتاد؛ ويشمل الطَّاهر والنَّجس، فالمعتاد كالبول، والغائط، والرِّيح من الدُّبر؛ قال الله تعالى: ﴿ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ﴾ [المائدة: 6]، وفي حديث صفوان بن عَسَّال: «ولكن من بول، وغائط، ونوم»، وفي حديث أبي هريرة، وعبدالله بن زيد رضي الله عنهما: «لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا».

 

وغير المعتاد: كالرِّيح من القُبُل.

وهذه الرِّيح تخرج أحيانًا من فُروج النساء، ولا أظنُّها تخرج من الرِّجَال، اللهم إلا نادرًا جدًّا.
وتنقضُ الحصاةُ إِذا خرجت من القُبُل، أو الدُّبُر؛ لدخوله في قوله: «ينقض ما خرج من سبيل»

 

ويشمل الطَّاهر: كالمنيِّ.

والنَّجس: ما عداه من بولٍ، ومذي، ووَدْيٍ، ودَمٍ.


وهذا النَّاقض ثابت بالنَّصِّ والإِجماع، إِلا ما لم يكن معتادًا، ففيه الخلاف؛ [ص 268-270].

قوله: (وخَارجٌ مِنْ بَقيَّةِ البَدَنِ إِنْ كَان بَوْلًا، أو غَائِطًا):

فإِذا خرج بول، أو غائط من أيِّ مكان فهو ناقض، قلَّ أو كَثُرَ.


وقال بعض أهل العلم: إن كان المخرج من فوق المعدة فهو كالقيء، وإن كان من تحتها فهو كالغائط، وهذا اختيار ابن عقيل رحمه الله، وهذا قولٌ جيد، بدليل: أنه إِذا تقيَّأ من المعدة، فإنه لا ينتقض وضوؤه على القول الرَّاجح، أو ينتقض إِن كان كثيرًا على المشهور من المذهب.

 

ويُستثنى مما سبق مَنْ حَدَثُه دائمٌ، فإِنَّه لا ينتقضُ وضوؤهُ بخروجه؛ كَمَنْ به سلسُ بول، أو ريح، أو غائط، وله حال خاصَّةٌ في التطهُّر تأتي إن شاء الله.

 

وظاهر قوله: «إن كان بولًا، أو غائطًا»، أن الرِّيح لا تنقض إِذا خرجت من هذا المكان الذي فُتِحَ عوضًا عن المخرج، ولو كانت ذات رائحة كريهة، وهذا ما مشى عليه المؤلِّف، وهو المذهب؛ [ص270-271].

 

قوله: (أو كثيرًا نَجسًا غَيْرَهُما)

أي: أو كان كثيرًا نجسًا غير البول والغائط، فقيَّد المؤلِّفُ غير البول، والغائط بقيدين:

الأول: كونُه كثيرًا.
الثاني: أن يكون نجسًا.
ولم يقيِّد البولَ والغائط بالكثير النَّجس؛ لأن كليهما نجس، ولأنَّ قليلَهُما وكثيرَهُما ينقض الوُضُوء.


وقوله: «أو كثيرًا»، أطلق المؤلِّف الكثير، والقاعدة المعروفة: أنَّ ما أتى، ولم يُحدَّدْ بالشَّرع فمرجعُه إلى العُرف، فالكثير: بحسب عُرف النَّاس، فإن قالوا: هذا كثيرٌ، صار كثيرًا، وإن قالوا: هذا قليلٌ، صار قليلًا.


وقال بعض العلماء: إِن المعتبر عند كلِّ أحد بحسبه، فكلُّ من رأى أنَّه كثيرٌ صار كثيرًا، وكلُّ من رأى أنه قليلٌ صار قليلًا.
وهذا القول فيه نظر؛ والصَّحيح الأول: أن المعتبر ما اعتبره أوساط النَّاس، فما اعتبروه كثيرًا فهو كثير، وما اعتبروه قليلًا فهو قليل.


وقوله: «نجسًا غيرهُما»؛ نجسًا: احترازًا من الطَّاهر، فإِذا خرج من بقية البدن شيء طاهر، ولو كَثُرَ فإِنه غيرُ ناقض؛ كالعَرَق، واللُّعاب، ودمع العين.


وقوله: «غيرَهُما»؛ أي: غير البول والغائط، فدخل في هذا الدَّمُ، والقيءُ، ودَمُ الجروح، وماءُ الجروحِ وكلُّ ما يمكن أن يخرج مما ليس بطاهر.


فالمشهور من المذهب: أنَّه إذا كان كثيرًا إِما عُرفًا، أو كل إِنسان بحسب نفسه - على حسب الخلاف السابق - أنَّه ينقض الوُضُوء، وإن كان قليلًا لم ينقض.


والقول الثاني في المذهب: إلى أنَّ الخارج من غير السَّبيلين لا ينقض الوُضُوء قلَّ أو كثُر إلا البول والغائط، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية، وهذا هو القول الرَّاجح؛ [ص270-274].

 

قوله: (وَزَوَالُ العَقْلِ إِلَّا يَسِيرَ نَوْمٍ مِنْ قَاعِدٍ أوْ قَائِمٍ):

قوله: «وزوالُ العقلِ»، هذا هو النَّاقض الثَّالث من نواقض الوُضُوء، وزوال العقل على نوعين:
الأول: زواله بالكُلِّيَّة، وهو رفع العقل، وذلك بالجنون.
الثاني: تغطيته بسبب يوجب ذلك لمدَّة معيَّنة؛ كالنَّوم، والإِغماء، والسُّكْر، وما أشبه ذلك.
وزوال العقل بالجنون والإِغماء والسُّكْرِ هو في الحقيقة فَقْدٌ له، وعلى هذا فيسيرُها وكثيرُها ناقضٌ.

 

قوله: «إلا يسيرَ نوم من قاعدٍ أو قائمٍ»، اختلف العلماء رحمهم الله في النَّوم؛ هل هو ناقضٌ، أو مظنَّة النَّقض، على أقوالٍ، والصَّحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام: أنَّ النَّوم مظنَّة الحَدَث، فإِذا نام بحيث لو انتقض وضوؤه أحسَّ بنفسه، فإِن وضوءَه باقٍ، وإِذا نام بحيث لو أحدث لم يحسَّ بنفسه فقد انتقض وضوؤه؛ وبهذا القول تجتمع الأدلة؛ [ص275-276].

 

قوله: (وَمَسُّ ذَكَرٍ مُتَّصلٍ، أَوْ قُبُلٍ بظَهْرِ كَفِّه، أَوْ بَطْنِه):

قوله: «ومسُّ ذكر متَّصل»، هذا هو النَّاقض الرابع من نواقض الوُضُوء، والمسُّ لا بُدَّ أن يكون بدون حائلٍ؛ لأنَّه مع الحائل لا يُعَدُّ مسًّا.


وقوله: «ذكرٍ»؛ أي: أن الذي ينقض الوُضُوءَ مسُّ الذَّكرِ نفسِه، لا ما حوله.


وقوله: «متَّصلٍ» اشترط المؤلِّف أن يكون متَّصلًا؛ احترازًا من المنفصل، وأيضًا: لا بُدَّ أن يكون أصليًّا؛ احترازًا من الخُنْثى؛ لأن الخُنْثى ذِكرُه غيرُ أصليٍّ.

 

قوله: «أو قُبُلٍ»، القُبُل للمرأة، ويُشترَطُ أن يكونَ أصليًّا؛ ليخرج بذلك قُبُل الخُنْثى.


قوله: «بظهر كفِّه أو بطنه» متعلِّق بـ «مسَّ»؛ أي: لا بُدَّ أن يكون المسُّ بالكفِّ، سواء كان بحرفه، أو بطنه، أو ظهره.
ونصَّ المؤلِّف على ظهر الكفِّ؛ لأن بعض أهل العلم يقول: إنَّ المسَّ بظهر الكفِّ لا ينقض الوُضُوء؛ والمسُّ بغير الكَفِّ لا ينقض الوُضُوء؛ واليد عند الإِطلاق لا يُراد بها إلا الكَفُّ؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38]؛ أي: أكُفَّهُما.


واختلف العلماء رحمهم الله في مسِّ الذَّكر والقُبُل؛ هل ينقضُ الوُضُوءَ أم لا؟ على أقوال، والخلاصة: أن الإنسان إِذا مسَّ ذكره استُحِبَّ له الوُضُوءُ مطلقًا، سواء بشهوة أم بغير شهوة، وهو اختيار شيخ الإسلام، وإِذا مسَّه لشهوة؛ فالقول بالوجوب قويٌّ جدًّا؛ لكنِّي لا أجزم به، والاحتياط أن يتوضَّأ؛ [ص278-284].

 

قوله: (ولَمْسُهُمَا من خُنْثَى مُشْكِلٍ، وَلَمْسُ ذَكَرٍ ذَكَرَه، أَوْ أُنْثَى قُبُلَه لِشَهوةٍ فِيهِمَا):

قوله: «ولمسُهُما من خُنْثَى مُشْكِل»، لمسُهُما؛ أي: القُبُل والذَّكر، وقوله: «من خُنْثَى مُشْكِلٍ» هو الذي لا يُعلَم أذكرٌ هو أم أنثى؛ أي: إِذا مسَّ قُبُلَ الخُنثى وذَكَرَه انتقض وضوؤه؛ لأنه قد مسَّ فَرجًا أصليًّا؛ إِذ إِنَّ أحدَهما أصليٌّ قطعًا.

قوله: «ولَمسُ ذَكَرٍ ذَكَرَه»؛ أي: لمسُ الذَّكرِ ذَكَرَ الخُنْثَى لشهوة.

قوله: «أو أنثى قُبُلَه»؛ أي: لَمْسُ الأُنثى قُبُلَ الخُنْثى لشهوة.

قوله: «لشهوة فيهما»؛ أي: فيما إِذا مسَّ الذَّكرُ ذكرَ الخُنثى، أو الأنثى قُبُلَهُ.


والصُّور كما يلي:
1- مسُّ أحد فرجي الخُنثى المشكِل بدون شهوة، فإِنه لا ينقض مطلقًا، سواء كان اللامِسُ ذكرًا أم أنثى.

2- مسُّهُما جميعًا، فإِنه ينتقض الوُضُوء مطلقًا.

3- مسُّ أحد فرجي الخُنثى المشكِل بشهوة؛ فله أربع حالات:

حالتان ينتقض الوُضُوء فيهما، وهما:

1- أن يمسَّ الذَّكرُ ذَكَره.

2- أن تمسَّ الأنثى فرجه.


وحالتان لا ينتقضُ الوُضُوء فيهما وهما:
1- أن يمسَّ الذَّكرُ فرجه.
2- أن تمسَّ الأنثى ذَكَرَه؛ [ص284-286].

 

قوله: (وَمَسُّهُ امرأةً بشهوةٍ):

هذا هو النَّاقض الخامس من نواقض الوُضُوء.


والضَّمير في قوله: «ومسُّه» يعود على الرَّجُل؛ أي: مسُّ الرَّجل امرأة بشهوة؛ وظاهره العموم، وأنه لا فرق بين الصغير والكبير، والعاقل والمجنون، والحرِّ والعبد.


ولم يقيِّد المؤلِّف المسَّ بكونه بالكَفِّ فيكون عامًّا، فإِذا مسَّها بأيِّ موضع من جسمه بشهوة انتقض وضُوؤه.


والباء في قوله: «بشهوةٍ» للمصاحبة؛ أي: مصحوبًا بالشَّهوة.


وقوله: «امرأة»: المرأة هي البالغة؛ ولكن البلوغ هنا ليس بشرط، لكن قيَّده بعضُ العلماء ببلوغ سبع سنين، سواءٌ من اللامس أم الملموس، وفيه نظر؛ لأن الغالب فيمن كان له سبع سنوات أنَّه لا يدري عن هذه الأمور شيئًا؛ ولهذا قيَّده بعضُ العلماء بمن يطأ مثله، ومن تُوطأ مثلها؛ أي: تشتهي، والذي يطأ مثله من الرجال هو من له عشر سنوات، والتي تُوطأ مثلُها من النِّساء هي من تم لها تسعُ سنوات، فعلى هذا يكون الحُكْم معلَّقًا بمن هو محلُّ الشَّهوة، وهذا أصحُّ.

 

واختلف أهل العلم في هذا النَّاقض على أقوال:والرَّاجح: أن مسَّ المرأة، لا ينقضُ الوُضُوءَ مطلقًا إِلا إِذا خرج منه شيءٌ فيكون النَّقضُ بذلك الخارج؛ [ص286-291].

 

قوله: (أو تَمَسُّهُ بهَا):

ضمير المفعول في «تمسُّه» يعود على الرَّجل؛ أي: أو تمسُّ المرأة الرَّجلَ بشهوة، فينتقض وضوؤها.


والقول الرَّاجح أن مسَّ المرأة لا ينقضُ الوُضُوءَ مطلقًا ما لم يخرج منه شيءٌ؛ [ص292].

 

قوله: (ومَسُّ حَلْقَةِ دُبُرٍ):

هذا من النواقض، ولا يحتاج إلى أن يُخصَّ؛ لأنَّه داخل في عموم مسِّ الفَرْج، ولكن لما ذكر المؤلِّفُ «مسَّ الذَّكر» احتاج إلى أن يقول: «ومسُّ حلْقة دُبُرٍ»، ولو قال هناك: «مسُّ الفَرْج» لكان أعمَّ ولم يحتج إلى ذكر الدُّبر.


وعلى هذا فإنه ينتقضُ الوضوءُ بمسِّ حلْقة الدُّبُر، وهذا فرعٌ من حكم مسِّ الذَّكر فليُرجعْ إِليه لمعرفة الراجح في ذلك.

 

وقوله: «حلقة دُبُر» يخرج به ما لو مسَّ ما قَرُب منها؛ كالصفحتين، وهما: جانبا الدُّبُر، أو مسَّ العجيزة، أو الفخذ، أو الأُنْثيَينِ، فلا ينتقض الوُضُوء؛ [ص292-293].

 

قوله: (لا مَسَّ شَعْرٍ وَظُفُرٍ):

قوله: «لا مسَّ شَعْرٍ»؛ أي: لا ينقض مسُّ شعرٍ ممن ينقضُ مسُّه؛ كمس المرأة بشهوة على المذهب.

قوله: «وظُفُر»؛ يعني: لو مسَّ ظُفُر من ينقضُ الوُضُوءَ مسُّه لم ينقضْ وضوؤه؛ [ص293].

 

قوله: (وأَمْرَدٍ):

أي: لا ينقضُ الوُضُوءَ مَسُّ الأمرد، وهو من طرَّ شاربُه؛ أي: اخضَرَّ ولم تنبت لحيتُه؛ لأنه ليس محلًّا للشهوة، وهذا القول ضعيف جدًّا، إِذا قلنا بنقض الوُضُوء بمسِّ المرأة لشهوة؛ لأن من النَّاس - والعياذ بالله - من قَلَبَ اللَّهُ حِسَّه وفطرته، فأصبح يشتهي الذُّكور دون النِّساء، بل أشد.


وقوم لوط لما جاؤوا إِلى لوط قال: ﴿ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ﴾ [هود: 78]، فقالوا: ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ [هود: 79] يقصدون: الملائكة الذين أتوا في صورة شباب.


والصَّواب: أن مسَّ الأمرد كمسِّ الأُنثى سواء، حتى قال بعض العُلماء: إِنَّ النظر إلى الأمرد حرامٌ مطلقًا كالنظر إلى المرأة، فيجب عليه غَضُّ البصر.


وقال شيخ الإسلام: لا تجوز الخلوةُ بالأمرد، ولو بقصد التَّعليم؛ لأن الشَّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدَّم، وكم من أُناس كانوا قتلى لهذا الأمرد، فأصبحوا فريسةً للشَّيطان والأهواء، وهذه المسألة يجب الحذر منها.


ولهذا كان القول الرَّاجح أن عقوبةَ اللوطيِّ - فاعلًا كان أو مفعولًا به إذا كان راضيًا - القتلُ بكلِّ حالٍ إِذا كانا بالغينِ عاقلينِ، حتى وإن لم يكونا محصنين.


قال شيخ الإسلام رحمه الله: إِن الصَّحابةَ رضي الله عنهم أجمعوا على قتلِ الفاعلِ والمفعولِ به؛ لكن اختلفوا كيف يُقتَلُ.

 

والإِمام يقتله بما يردع عن هذه الفِعلة الخبيثة؛ لأنه لا يمكن التحرُّز منها إِطلاقًا، فالزِّنا يُتَحرَّز منه، فإِذا رأينا رجلًا معه امرأة غريبة، قلنا له: من هذه؟ أما الرَّجُلُ مع الرَّجُل فلا يمكن ذلك؛ [ص294-295].

 

قوله: (ولا مَعَ حَائِلٍ، ولا مَلْمُوسٍ بَدَنُه، وَلَوْ وُجِدَ منه شَهْوةٌ):

قوله: «ولا مع حائل»؛ أي: ولا ينقض مسٌّ مع حائل؛ لأنَّ حقيقة المسِّ الملامسةُ بدون حائل.


قوله: «ولا ملموسٍ بدنُه»؛ يعني: ولا ينتقضُ وضوءُ ملموسٍ بدنُه، فلو أن امرأة مسَّها رَجُلٌ بشهوةٍ، فلا ينتقض وضوؤها، وينتقض وضوءُ الرَّجُل.


قوله: «ولو وُجِدَ منه شهوة»؛ أي: ولو وُجِدَ من الملموس بدنُه شهوةٌ؛ فإِن وضوءَه لا ينتقضُ؛ وهذا غريبٌ: أنه لا ينتقضُ وضوءُ الملموس.


والقول الصَّحيح في هذه المسألة: أن الملموس إِذا وُجِدَ منه شهوةٌ انتقض وضوؤه؛ على القول بأنَّ اللامس ينتقض وضوؤه، وهو القياس.


قال الموفق رحمه الله: كل بشرتين حصل الحدثُ بمسِّ إحداهما؛ فإِن الطَّهارة تجبُ على اللامس والملموس؛ كالختانين فيه مُجَامَع ومُجَامِع، إِذا التقى الختانان بدون إِنزال منهما وجب الغُسْل عليهما جميعًا.


وهذا الذي قاله الموفق رحمه الله هو الصَّوابُ؛ لكنَّه مبنيٌّ على القول بأن مسَّ المرأة بشهوة ينقض الوُضُوء، وقد سبق أن الرَّاجح أنه لا ينقض إلا أن يخرج منه شيء؛ [ص296-297].

 

قوله: (وَيَنْقُضُ غَسْلُ مَيِّتٍ):

قوله: «وينقضُ غَسْلُ ميِّتٍ»، هذا هو النَّاقضُ السَّادسُ من نواقض الوضوء.


والغَسل بالفتح: بمعنى التغسيل، وبالضمِّ، المعنى الحاصل بالتغسيل، ومعنى: «ينقض غَسلُ ميِّت»؛ أي: تغسيل ميِّت، سواء غَسَل الميِّتَ كلَّه أو بعضَه.


وقوله: «ميِّت» يشمل الذَّكرَ والأنثى، والصَّغيرَ والكبيرَ، والحُرَّ والعبدَ، ولو من وراء حائل؛ لأن المؤلِّف يقول: «غسل» ولم يقل «مسُّ»، فلو وضع على يده خرقة، وأخذ يغسله انتقض وضوؤهُ مطلقًا، وهذا الذي مشى عليه المؤلِّفُ هو المذهبُ، وهو من مفردات مذهبِ أحمد؛ لأن الأئمة الثَّلاثة قالوا بخلاف ذلك؛ [ص297].

 

وسُئل فضيلة الشيخ في مجموع الفتاوى (ج 11، ص203): «هل تغسيل الميت ينقض الوضوء؟ فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله: تغسيل الميت لا ينقض الوضوء؛ وذلك أن النقض يحتاج إلى دليل شرعي يرتفع به الوضوء الثابت بدليل شرعي، ولا دليل على أن تغسيل الميت ينقض الوضوء؛ ولهذا يجب علينا أن نتحرَّى في مسألة نقض الوضوء، فلا نتجرَّأ على القول بأن هذا ناقض إلا إذا وجدنا دليلًا بيِّنًا يكون لنا حجة عند الله سبحانه وتعالى.

 

قوله: (وأكْلُ اللَّحْمِ خاصَّة من الجَزُور):
قوله: «وأكل اللَّحم خاصَّة من الجَزُورِ»؛ يعني: وينقض أكلُ اللَّحم خاصَّة من الجزور، وهذا هو النَّاقضُ السابعُ من نواقض الوُضُوء، وهو من مفردات مذهب أحمد رحمه الله.

 

وقوله: «وأكل اللحم» يشمل النِّيء والمطبوخ؛ لأنَّه كلَّه يُسمَّى لحمًا، وخرج بقوله: «أكلُ» ما لو مضغه ولم يبلعه، فإِنه لا ينتقض وضوؤه؛ لأنه لا يُقال لمن مضغ شيئًا ثم لفظه: إنه أكله.


وقوله: «خاصَّة» يعود إلى اللَّحم لا إلى الجزور؛ لأن قوله «الجزور» يُغني عن «خاصَّة»، وخرج بكلمة «خاصَّة» ما عدا اللحم؛ كالكرش، والكبد، والشَّحْم، والكلية، والأمعاء، وما أشبه ذلك.


والصَّحيحُ أنَّ أكل لحم الإِبل ناقضٌ للوُضُوء مطلقًا، سواءٌ كان هَبْرًا أم غيره؛ فإنه لا فرق بين الهَبْرِ وبقيَّة الأجزاء؛ وأما الوُضُوء من ألبان الإِبل، فالصَّحيح أنَّه مستحبٌّ وليس بواجب.

 

مسألة: الوُضُوء من مرقِ لحم الإِبل:
المذهب: أنه غير واجب، ولو ظهر طَعْمُ اللَّحْم؛ لأنه لم يأكل لحمًا.


وفيه وجه للأصحاب: أنه يجب الوُضُوء؛ لوجود الطعم في المرق، كما لو طبخنا لحم خنزير، فإِن مرقه حرام، وهذا تعليل قويٌّ جدًّا، فالأحوط أن يتوضَّأ، أما إِذا كان المرق في الطَّعام، ولم يظهر فيه أثره فإِنه لا يضرُّ؛ [ص298-307].

 

قوله: (وكُلُّ ما أَوْجَبَ غُسْلًا، أَوْجَبَ وُضُوءًا):

هذا هو النَّاقض الثَّامن من نواقض الوُضُوء، وبه تمَّت النَّواقضُ.


أي: وكلُّ الذي أوجب غسلًا أوجب وُضُوءًا، وهذا ضابط، ولا بُدَّ من معرفة موجبات الغسل حتى نعرف أن هذا الذي أوجب غسلًا أوجب وُضُوءًا، فيكون هذا إِحالة على باب، وسيأتي إن شاء الله.


فالحدث الأكبر يدخل فيه الحَدَث الأصغر.


مثال ذلك: خروجُ المنيِّ موجبٌ للغسل، وهو خارجٌ من السَّبيلين فيكون ناقضًا للوُضُوء بقاعدة: أن ما خرج من السَّبيلين فهو ناقض، وهذا الضَّابط في النَّفس منه شيء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ [المائدة: 6]، فأوجب الله في الجنابة الغسل فقط، ولم يوجب علينا غسلَ الأعضاء الأربعة، فما أوجب غُسْلًا لم يوجب إِلا الغُسْل، إلا إِن دَلَّ إِجماع على خلاف ذلك، أو دليل؛ ولهذا فالراجح: أن الجنب إِذا نوى رفع الحدث كفى، ولا حاجة إلى أنْ ينويَ رفع الحدث الأصغر؛ [ص308-309].

 

قوله: (إِلَّا الموتَ):
فالموت موجبٌ للغسل، ولا يوجب الوُضُوءَ بمعنى أنه لا يجب على الغاسل أن يوضِّئ الميِّت أولًا، فلو جاء رجل وغمس الميِّتَ في نهرٍ ناويًا تغسيله، ثم رفعه فإنه يُجزئ، وهذا من غرائب العلم، كيف ينفون وجوب الوُضُوء في تغسيل الميِّت مع أن الرَّسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ابدأن بميامنها، ومواضع الوُضُوء منها))، ونحن نوافق أن الموت موجبٌ للغسل، ولا يوجب الوُضُوء، لعدم الدَّليل الصريح على وجوب الوُضُوء، وإِن كان يحتمل أن الوُضُوء واجب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ومواضع الوُضُوء منها)).


فالظَّاهر أن موجبات الغُسْل لا توجب إِلا الغُسْل لعدم الدَّليل على إِيجاب الوُضُوء؛ [ص309-310].

 

قوله: (ومَنْ تَيَقَّنَ الطهارةَ وشَكَّ في الحَدَثِ، أَوْ بِالْعَكْسِ بَنَى على اليقينِ):
يعني: إِذا تيقَّن أنه طاهر، وشك في الحدث فإِنه يبني على اليقين، فالأصل الطهارة، وهذا عام في موجبات الغُسْل، أو الوُضُوء.


وقوله: «أو بالعكس»، يعني: أن من تَيَقَّنَ الحدثَ، وشكَّ في الطَّهارة، فالأصْل الحدث.


"والبناء على اليقين وطرحَ الشَّكِّ" قاعدة مهمَّة، دَلَّ عليها قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((إِذا شَكَّ أحدكم في صلاته، فليطرح الشَّكَّ، وليَبْنِ على ما استيقن))، ولها فروع كثيرة جدًّا في الطلاق والعقود وغيرهما من أبواب الفقه، فمتى أخذ بها الإنسان انحلَّت عنه إشكالات كثيرة، وزال عنه كثير من الوَساوس والشُّكوك، وهذا من بَرَكَةِ كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلم وحكمه.


وهو أيضًا من يُسْرِ الإِسلام، وأنه لا يريد من المسلمين الوُقوعَ في القلق والحيرة؛ [210-212].

 

قوله: (فإِن تَيَقَّنَهُما، وَجَهلَ السابقَ):

أي: تيقَّن أنه مرَّ عليه طهارةٌ وحَدَثٌ تَيَقَّنَهُمَا جميعًا، ولكن لا يدري أيُّهما الأول، فيُقال له: ما حالُكَ قَبْلَ هذا الوقت الذي تبيَّن لك أنَّكَ أحدثت وتَطَهَّرْتَ فيه؟

فإن قال: محدث، قلنا: أنت الآن متطهِّر، وإِن قال: متطهِّر، قلنا: أنت الآن محدث.

والتَّعليل: أنه تيقَّن زوال تلك الحال إلى ضِدِّها، وشَكَّ في بقائه، والأصل بقاؤه.


فإِن تيقَّن الطَّهارة والحَدَث، وجهل السَّابق منهما، وجهل حاله قَبْلَهُما، وَجَبَ عليه الوُضُوء؛ لأنه ليس هناك حال متيقَّنة ويُحَالُ الحكم عليها، وهذا هو المذهب.


وقال بعض العُلماء: إِنه يجب الوُضُوء مطلقًا.

والتَّعليل: أنَّه تيقَّن أنه حصل له حالان، وهذان الحالان مُتَضَادَّان ولا يدري أيُّهما الأسبق، فلا يدري أيُّهما الوارد على الآخر فيتساقطان، وقد تيقَّن زوال تلك الحال الأولى، فيجب عليه الوُضُوء احتياطًا كما لو جهل حاله قبلهما.


والقول بوجوب الوُضُوء أَحْوَطُ؛ لأنه متيقِّن أنه أَحْدَثَ وتَوَضَّأ، ولا يدري الأسبق منهما، وفيه احتمال أنه توضَّأ تجديدًا ثم أحدث، فصار يجب عليه الوُضُوء الآن، وإِذا كان هذا الاحتمال واردًا فلا يخرج من الشَّكِّ إِلا بالوُضُوءِ.


وهذا الوُضُوء إِنْ كان هو الواجب فقد قام به، وإِلا فهو سُنَّةٌ، والفقهاء رحمهم الله قالوا: إِذا قَوِيَ الشَّكُّ فإِنه يُسَنُّ الوُضُوء؛ لأجل أن يُؤَدِّي الطَّهارة بيقين.

والحاصل أن الصُّوَرَ أربع، وهي:
الأولى: أن يتيقَّن الطَّهارة ويَشُكَّ في الحَدَثِ.
الثانية: أن يتيقَّن الحَدَثَ ويشكَّ في الطَّهارة.
الثَّالثة: أن يَتَيَقَّنَهُمَا، ويجهلَ السَّابق منهما، وهو يعلم حاله قَبْلَهُمَا.
الرَّابعة: أن يَتَيَقَّنَهُمَا، ويجهلَ السَّابق منهما، وهو لا يعلم حاله قَبْلَهُمَا، وقد تبيَّن حكم كلِّ حالٍ من هذه الأحوال.


وبهذا التَّقسيم وأمثاله يتبيَّن دقَّة ملاحظة أهل العِلْمِ؛ وأنه لا تكاد مسألة تَطْرأُ على البال إِلَّا وذكروا لها حُكْمًا، وهذا من حِفْظِ الله تعالى للشَّريعة؛ [ص312-315].

 

قوله: (ويَحْرُمُ على المحدِثِ مسُّ المُصْحَفِ):
المصْحَفُ: ما كُتِبَ فيه القرآن سواء كان كاملًا، أو غير كامل، حتى ولو آية واحدة كُتِبَتْ في ورقة ولم يكن معها غيرها؛ فحكمها حكم المصحف، وكذا اللَّوح له حكم المصحف؛ إِلا أن الفقهاء استثنوا بعض الحالات.


وقوله: «المحدِث»؛ أي: حدثًا أصغر أو أكبر؛ لأن «أل» في المحدث اسم موصول فتشمل الأصغر والأكبر.


والحَدَثُ: وصف قائم بالبَدَن يمنع مِنْ فِعْلِ الصلاة ونحوها مما تُشترط له الطَّهارة.

والذي تَقَرَّرَ عندي أخيرًا: أنَّه لا يجوز مَسُّ المصْحَفِ إِلا بِوُضُوء.

 

والمشهور عند الحنابلة: أنه لا يجوز للصَّغير أن يَمَسَّ القرآن بلا وُضُوء، على وليِّه أن يُلزِمه به كما يلزمه بالوُضُوء للصَّلاة؛ لأنه فعل تُشترط لحِلِّه الطَّهارة، فلا بُدَّ من إِلزام وليِّه به، واستثنوا اللوح، فيجوز للصَّغير أن يَمَسَّه بِشَرْطِ ألَّا تقع يَدُهُ على الحروف؛ وهذا هو الأحوط، وعَلَّلَ بعضُهم ذلك بالمشقَّة، وعَلَّلَ آخرون بأنَّ هذه الكتابة ليست كالتي في المصحف؛ لأن التي في المصحف تُكْتَبُ للثُّبوت والاستمرار، أمَّا هذه فلا.

 

وأمَّا كُتُب التَّفسير فيجوز مَسُّها؛ لأنها تُعْتَبر تفسيرًا، والآيات التي فيها أقلُّ من التَّفسير الذي فيها، أما إِذا تساوى التَّفسير والقُرآن، فإِنَّه إِذا اجتمع مبيحٌ وحاظرٌ ولم يتميَّز أحدُهما بِرُجْحَانٍ، فإِنه يُغلَّب جانب الحظر فيُعْطى الحُكْمُ للقرآن.


وإن كان التَّفسير أكثر ولو بقليل أُعْطِيَ حُكْمَ التَّفسير؛ [ص315-323].

 

قوله: (والصَّلاةُ):

أي: تَحْرُمُ الصَّلاة على المحدِثِ، وذلك بالنَّصِّ من الكتاب والسُّنَّة والإِجماع؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾ [المائدة: 6]، ثم علَّلَ ذلك بأن المقصود التطهُّر لهذه الصَّلاة.


قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَقْبَلُ الله صلاةً بغير طُهُور))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة بغير طُهُور))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل الله صلاة أَحَدِكُمْ إِذا أَحْدَثَ حتى يتوضَّأ))؛ وعلى هذا فالطَّهارة شَرْطٌ لِصحَّةِ الصَّلاة وجَوازِها، فلا يَحِلُّ لأحَدٍ أن يُصَلِّيَ وهو مُحْدِثٌ، سواء كان حَدثًا أصغر أو أكبر، فإِن صلَّى وهو مُحْدِثٌ، فإِنْ كان هذا استهزاء منه، فهو كافر لاستهزائه، وإِنْ كان متهاونًا فقد اختلف العلماء رحمهم الله في تكفيره.


ومَذْهَبُ الأئمة الثَّلاثة: أنَّه لا يَكْفُر؛ لأنَّ هذه معصية، ولا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ أنْ يكونَ مُسْتَهزئًا؛ ولهذا قلنا: إِنْ صَلَّى بلا وُضُوء استهزاء فإِنَّه كافر، وإلا فلا، وهذا أقرب؛ لأنَّ الأَصْلَ بقاءُ الإِسلام، ولا يمكن أنْ نُخرِجه منه إلا بدليل؛ [ص323-324].

 

قوله: (والطَّوافُ):
أي: يَحْرُمَ على المُحْدِثِ الطَّوافُ بالبيتِ، سواء كان هذا الطَّواف نُسُكًا في حَجٍّ، أو عُمْرَةٍ أو تَطَوُّعًا، كما لو طَافَ في سَائِرِ الأيَّام، ولا شَكَّ أنَّ الأفضل أن يَطُوفَ بطهارة بالإِجماع، ولا أظنُّ أنَّ أحدًا قال: إِنَّ الطواف بطهارة وبغير طهارة سواء؛ لأنه من الذِّكرِ، ولِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم.


مسألة: إِذا اضطُرَّت الحائض إِلى الطَّواف:
على القول بأنَّ الطَّهارة من الحيض شَرْط فإنها لا تطوف؛ لأنها لو طافت لم يصحَّ طوافُها؛ لأنه شرط للصِّحَّة، وإن قلنا: لا تطوف لِتَحْرِيمِ المقَام عليها في المسجد الحرام، فإنها إِذا اضْطُرَّت جَازَ لها الْمُكثُ، وإِذا جاز الْمُكث جاز الطَّواف.


ولهذا اخْتَلَفَ العلماءُ في امرأةٍ حاضت ولم تَطُفْ للإِفاضَةِ، وكانت في قافِلَةٍ ولن ينتظروها، فهذه القوافل التي لا يمكن أن تنتظر، ولا يمكنُ للمرأة أن تَرْجِعَ إِذا سافرت؛ كما لو كانت في أقصى الهند أو أمريكا، فحينئذٍ إِما أن يُقَال: تكون مُحْصَرة فَتَتَحَلَّل بِدَمٍ، ولا يَتِمُّ حَجُّهَا؛ لأنَّها لمْ تَطُفْ، وهذا فيه صُعُوبَةٌ؛ لأنها حينئذٍ لم تُؤَدِّ الفريضةَ.


أو يقال: تذهب إلى بلدها وهي لم تَتَحَلَّل التَّحَلُّلَ الثَّاني، فلا يَحِلُّ لها أن تتزوَّج، ولا يحلُّ لمتزوَّجةٍ أن يَقْرَبَهَا زوجُها، وإِنْ مات عنها أو طَلَّقَهَا لا يحلُّ لها أن تتزوَّج؛ لأنها ما زالت في إِحرام، وهذا فيه مَشَقَّةٌ عظيمة.


أو يقال: تَبْقَى في مكَّة وهذا غير ممكن.
أو يُقال: تطوف للضَّرورة، وهذا اختيارُ شيخ الإسلام رحمه الله، وهو الصَّواب؛ لكنْ يجبُ عليها أن تَتَحَفَّظَ حتى لا ينْزل الدَّمُ إلى المسجد فيلوِّثه؛ [ص327-332].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تلخيص كتاب الصيام من الشرح الممتع
  • تلخيص باب المسح على الخفين من الشرح الممتع
  • مختصر كتاب المناسك من الشرح الممتع على زاد المستقنع
  • تلخيص باب فروض الوضوء وصفته من الشرح الممتع
  • تلخيص باب الحيض من الشرح الممتع
  • تلخيص باب المياه من الشرح الممتع
  • تلخيص باب الاستنجاء من الشرح الممتع
  • تلخيص باب المسح على الخفين من الشرح الممتع
  • نواقض الإيمان والإسلام
  • الشرح الميسر على الآجرومية

مختارات من الشبكة

  • تلخيص باب السواك وسنن الوضوء من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب الغسل من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب الآنية من الشرح الممتع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلخيص باب المسح على الخفين من كتاب الطهارة من الشرح الممتع (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تلخيص كتاب الصيام من الشرح الممتع (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تلخيص كتاب الحج من الشرح الممتع (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تلخيص كتاب الحج من الشرح الممتع(مقالة - ملفات خاصة)
  • تقييد وتلخيص لشرح الشيخ حسام لطفي الشافعي على شرح المحلي لمتن الورقات للإمام الجويني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جوامع كتاب جالينوس في المزاج على الشرح والتلخيص(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حاشية على حاشية الخطائي على الشرح المختصر على تلخيص المفتاح(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب