• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    أمران من عقائد النصارى أبطلهما القرآن بسهولة ويسر ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    حجية خبر الآحاد (PDF)
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    الخرقي وكتابه: "المختصر في الفقه" (PDF)
    نورة بنت إبراهيم بن محمد التويجري
  •  
    وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    من أقوال السلف في البخل والشح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسباب البركة في الطعام
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    البراء بن عبدالله بن صالح القرعاوي
  •  
    بركة الرزق (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

خطبة: فأما اليتيم فلا تقهر

خطبة: فأما اليتيم فلا تقهر
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/11/2018 ميلادي - 2/3/1440 هجري

الزيارات: 25762

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴾

 

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: مِمَّا قَضَاهُ اللهُ وَقَدَّرَهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ، أَن يَنشَأَ أَبنَاءٌ وَبَنَاتٌ أَيتَامًا وَيَتِيمَاتٍ، ابتِلاءً وَاختِبَارًا لَهُم وَبِهِم، لِتَظهَرَ أَخلاقٌ رَضِيَّةٌ كَرِيمَةٌ، وَتُفضَحَ نُفُوسٌ شَحِيحَةٌ لَئِيمَةٌ، وَيَعظُمَ أَجرُ الرُّحَمَاءِ المُحسِنِينَ، وَيَشتَدَّ وِزرُ القُسَاةِ الظَّالِمِينَ. وَاليَتِيمُ في الشَّرعِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - هُوَ مَن مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ دُونَ البُلُوغِ، وَأَمَّا مَن بَلَغَ فَلا يُسَمَّى يَتِيمًا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "لا يُتمَ بَعدَ احتِلامٍ، وَلا يُتمَ عَلَى جَارِيَةٍ إِذَا هِيَ حَاضَت" رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَلأَمرٍ يُرِيدُهُ اللهُ - تَعَالى - فَقَد نَشَأَ نَبِيُّنا مُحَمَّدٌ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يَتِيمًا، غَيرَ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ بَلَغَ الكَمَالَ بِتَربِيَةِ رَبِّهِ لَهُ وَرِعَايَتِهِ وَعِنَايَتِهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴾ [الضحى: 6 - 8].

 

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لَقَد آوَاهُ اللهُ وَهَدَاهُ وَأَغنَاهُ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ بِحَاجَةٍ إلى مَسكَنٍ يَأوِي إِلَيهِ، وتَربِيَةٍ صَالِحَةٍ تَحفَظُ عَقلَهُ وَقَلبَهُ، وَمَالٍ يُنفَقُ مِنهُ عَلَيهِ؛ وَلِهَذَا نَجِدُ في كِتَابِ اللهِ العَظِيمِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ الكَرِيمِ الأَمرَ بِإِكرَامِ اليَتِيمِ وَالرِّفقِ بِهِ، وَالحَثَّ عَلَى كَفَالَتِهِ وَحِفظِ مَالِهِ، وَالنَّهيَ عَن قَهرِهِ وَزَجرِهِ وَإِهَانَتِهِ، أَو دَفعِهِ عَن حَقِّهِ وَأَكلِ مَالِهِ ظُلمًا وَعُدوَانًا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: "فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلا تَقهَرْ" وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 1 - 3] وَلأَنَّ هَذَا الطِّفلَ الَّذِي فَقَدَ أَبَاهُ، أَو فَقَدَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ كِلَيهِمَا، كَثِيرًا مَا يَكُونُ عُرضَةً لِلحَاجَةِ المَاسَّةِ وَالفَاقَةُ، وَغالبًا مَا يَعَضُّهُ الفَقرُ وتُهِينُهُ المَسكَنَةُ، بَل وَقَد يَتَعَرَّضُ لأَكلِ مَالِهِ وَإِهمَالِهِ، فَقَد عُنِيَتِ الشَّرِيعَةُ الإِسلامِيَّةُ عِنَايَةً عَظِيمَةً بِحُقُوقِ اليَتِيمِ المَالِيَّةِ، فَشَرَعَت لِلأَيتَامِ مَوَارِدَ كَثِيرَةً يَأخُذُونَ مِنهَا إِذَا كَانُوا في حَاجَةٍ، وَأَمَرَت بِالإِصلاحِ لَهُم إِن كَانُوا ذَوِي أَموَالٍ، وَحَرَّمَتِ الاعتِدَاءَ عَلَى أَموَالِهِم أَو قُربَانَهَا إِلاَّ بِخَيرٍ. أَمَّا مِن جِهَةِ المَوَارِدِ الَّتِي أُتِيحَت لِليَتَامَى، وَرَغَّبَ فِيهَا الشَّرعُ وَحَثَّ عَلَيهَا وَعَظَّمَ أَجرَ البَاذِلِينَ فِيهَا، فَهِيَ مُتَعَدِّدَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، مِنهَا الصَّدَقَةُ وَهِيَ أَوسَعُهَا وَأَعظَمُهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ﴾ [البقرة: 177] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 215] وَمِنهَا جَبرُ خَوَاطِرِهِم وَقُلُوبِهِم بِشَيءٍ مِنَ المِيرَاثِ إِن لم يَكُونُوا وَارِثِينَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8] وَمِنهَا الغَنَائِمُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى ﴾ [الأنفال: 41] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [الحشر: 7].

 

وَمِن أَعظَمِ أَعمَالِ البِرِّ وَالقُرُبَاتِ، وَأَجَلِّ أَسبَابِ المَغفِرَةِ وَكَسبِ الحَسَنَاتِ، وَأَوسَعِ أَبوَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ وَمُصَاحَبَةِ النَّبيِّ فِيهَا، وَهُوَ مِن أَيسَرِ أَسبَابِ إِصلاحِ القُلُوبِ، الإِحسَانُ إِلى اليَتَامَى وَرِعَايَتُهُم وَالعِنَايَةُ بِهِم وَكَفَالَتُهُم، قَالَ – جَلَّ وَعَلا -: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾ [البلد: 11 - 16] وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلًا شَكَا إلى رَسُولِ اللهِ قَسوَةَ قَلبِهِ، فَقَالَ لَه: "إِن أَرَدتَ تَليِينَ قَلبِكَ، فَأَطعِمِ المِسكِينَ، وَامسَحْ رَأسَ اليَتِيمِ" رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذَا" وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسطَى وَفَرَّجَ بَينَهُمَا شَيئًا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن ضَمَّ يَتِيمًا لَهُ أَو لِغَيرِهِ حَتَّى يُغنِيَهُ اللهُ عَنهُ وَجَبَت لَهُ الجَنَّةُ" رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَأَمَّا مِن جِهَةِ الإِصلاحِ لِليَتَامَى، فَقَد أَمَرَ اللهُ - تَعَالى - بِإِصلاحِ أَموَالِهِم، وَنَهَى عَن قُربَانِهَا إِلاَّ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [البقرة: 220] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ [الأنعام: 152].

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَقَد أَوجَبَ اللهُ - تَعَالى - عَلَى وَليِّ اليَتِيمِ أَن يُصلِحَ لَهُ، وَأَن يَبذُلَ الجُهدَ في تَنمِيَةِ مَالِهِ وَتَكثِيرِهِ وَحِفظِهِ، إِمَّا بِالتِّجَارَةِ فِيهِ، وَإِمَّا بِدَفعِهِ إِلى ثِقَةٍ يَتَّجِرُ فِيهِ وَلَو بِجُزءٍ مُشَاعٍ مَعلُومٍ مِنَ الرِّبحِ، وَأَمَّا تَصَرُّفُ وَليِّ اليَتِيمِ في مَالِ اليَتِيمِ في مَصلَحَتِهِ هُوَ وَقَضَاءِ حَاجَاتِهِ وَتَنمِيَةِ تِجَارَتِهِ وَنَحوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ ؛ لأَنَّهُ لَيسَ مِنَ الإِصلاحِ لِليَتِيمِ، وَلا مِن قُربَانِ مَالِهِ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - إِنَّ الوَاجِبَ عَلَى وَليِّ اليَتِيمِ أَن يَتَحَرَّى مَا هُوَ أَصلَحُ، وَاللهُ - سُبحَانَهُ - هُوَ الَّذِي يَعلَمُ المُفسِدَ مِنَ المُصلِحِ، وَيُجَازِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، إِن خَيرًا فَخَيرٌ، وَإِن شَرًّا فَشَرٌّ، وَمِن أَعظَمِ الذُّنُوبِ التَّفرِيطُ في أَموَالِ اليَتَامى وَالتَّسَبُّبُ في ضَيَاعِهَا ؛ سَوَاءٌ بِعَدَمِ حِفظِهَا، أَو بِعَدَمِ المُطَالَبَةِ بِهَا، أَو بِالاعتِدَاءِ عَلَيهَا وَأَكلِهَا، وَهُوَ مَا عُظِّمَ في الشَّرِيعَةِ أَمرُهُ وَخَطَرُهُ، وَجُعِلَ مِن أَشنَعِ الذُّنُوبِ وَأَكبَرِهَا، وَتُوُعِّدَ فَاعِلُهُ بِالعَذَابِ العَظِيمِ، قَالَ اللهُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 2] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10] وَفي البُخَارِيِّ وَمُسلِمٍ عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "اجتَنِبُوا السَّبعَ المُوبِقَاتِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: "الشِّركُ بِاللهِ، وَالسِّحرُ، وَقَتلُ النَّفسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحَقِّ، وَأَكلُ الرِّبَا، وَأَكلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحفِ، وَقَذفُ المُحصَنَاتِ المُؤمِنَاتِ الغَافِلاتِ" وَيَا لَهُ مِن ظُلمٍ عَظِيمٍ وَاعتِدَاءٍ قَبِيحٍ، حِينَمَا يَأكُلُ العَمُّ حَقَّ بَنِي أَخِيهِ اليَتَامَى، أَو يَستَولِي الأَخُ الأَكبَرُ عَلَى حَقِّ إِخوَتِهِ الصِّغَارِ بَعدَ مَوتِ أَبِيهِم، أَو يَحرِمُ أيًّا مِنهُم مَالَهُ وَخَاصَّةً البَنَاتِ الضَّعِيفَاتِ، وَاللهِ إِنَّ شَربَةَ مَاءٍ مِن أَموَالِ اليَتَامى بِغَيرِ حَقٍّ، لَهِيَ نَارٌ تَغلِي في بَطنِ شَارِبِهَا، وَإِنَّ لُقمَةَ خُبزٍ مِن أَموَالِ اليَتَامَى بِغَيرِ حَقٍّ، إِنَّهَا لَنَارٌ تَتَأَجَّجُ في بَطنِ آكِلِهَا، وَإِنَّ شَيئًا مِن مَالَ اليَتَامَى يَجحَدُهُ وَلِيُّهُم أَو يَخلِطُ بِهِ مَالَهُ، لَهُوَ سُحتٌ يَسحَقُ مَالَهُ وَيُذهِبُ بَرَكَتَهُ، وَحَرَجٌ تَضِيقُ بِهِ حَيَاتُهُ، وَإِثمٌ مُبِينٌ وَوِزرٌ ثَقِيلٌ يَقصِمُ ظَهرَهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيمِ وَالمَرأَةِ" رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَرحَمِ اليَتَامَى وَلْنُحسِنْ إِلَيهِم وَلْنَأخُذْ بِأَيدِيهِم، وَلْنَحذَرْ مِمَّا يُضَيِّقُ عَلَيهِم أَو يُوجِعُهُم أَو يَفجَعُهُم، وَمَن كَانَ عِندَهُ لِليَتَامَى أَموَالٌ فَلْيُحَافِظْ عَلَيهَا وَلْيَتَّقِ اللهَ فِيهَا، حَتَّى يَبلُغُوا النُّضجَ في أَبدَانِهِم وَالرُّشدَ في عُقُولِهِم، فَإِذَا بَلَغُوا ذَلِكَ فَلْيَدفَعْها إِلَيهِم غَيرَ مَنقُوصَةٍ، قَالَ – عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6].

♦   ♦   ♦

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَالُ اليَتِيمِ عَظِيمُ الحُرمَةِ، لِضَعفِهِ عَن أَن يَدفَعَ عَنهُ أَو يَحمِيَهِ، وَلِذَا نَهَى اللهُ - تَعَالى - عَنِ المُبَادَرَةِ بِأَكلِهِ قَبلَ بُلُوغِهِ مِن غَيرِ حَاجَةٍ ضَرُورِيَّةٍ، وَأَمَرَ مَن كَانَ غَنِيًّا أَن يَستَعِفَّ وَيَحتَسِبَ الأَجرَ في حِفظِهِ وَالإِنفَاقِ عَلَى اليَتِيمِ مِنهُ، وَلا يَأكُلَ مِنهُ شَيئًا، وَلَكِنَّ مِن رَحمَتِهِ - تَعَالى - وَتَيسِيرِهِ أَن أَذِنَ لِمَن كَانَ فَقِيرًا أَن يَأكُلَ مِن مَالِ اليَتِيمِ بِالمَعرُوفِ، أَيْ بِقَدرِ قِيَامِهِ عَلَى اليَتِيمِ، فَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي فَقِيرٌ لَيسَ لِي شَيءٌ وَلِي يَتِيمٌ، قَالَ: " كُلْ مِن مَالِ يَتِيمِكَ غَيرَ مُسرِفٍ وَلا مُبَاذِرٍ وَلا مُتَأَثٍّلٍ " رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَمَعنى قَولِهِ: "مُبَاذِرٍ " أَيْ مُسرِفٍ في المَالِ تَبذِيرًا لَهُ. وَقَولُهُ: "مُتَأَثٍّلٍ" أَيْ مُتَّخِذٍ مِنهُ أَصلَ مَالٍ لِلتِّجَارَةِ وَنَحوِهَا. أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّهُ لا يَجُوزُ أَخذُ شَيءٍ مِن مَالِ اليَتِيمِ إِلاَّ في حَالَينِ:

الأُولى: إِذَا كَانَ الوَليُّ يُنفِقُ مِن مَالِهِ هُوَ عَلَى اليَتِيمِ، وَهُوَ يَنوِي استِردَادَ هَذِهِ النَّفَقَةِ إِذَا احتَاجَ إِلَيهَا.

 

الثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَ الوَليُّ فَقِيرًا مُحَتاجًا إِلى المَالِ، وَعَلَيهِ في هَذِهِ الحَالِ أَن يَقصُرَ أَخذَهُ مِن مَالِ اليَتِيمِ عَلَى مَا يَكفِيهِ بِلا زِيَادَةٍ، وَلا يَجُوزُ لَهُ أَن يُوَسِّعَ عَلَى نَفسِهِ في النَّفَقَةِ مِن مَالِ اليَتِيمِ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - في أَموَالِ اليَتَامَى ؛ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ عَظِيمَةٌ وَحِملٌ ثَقِيلٌ قَد يَعجَزُ عَنهُ كَثِيرُونَ، فَمَن عَلِمَ مِن نَفسِهِ القُدرَةَ عَلَى حَملِهِ فَهُوَ بِأَجرِهِ وَعَلَى اللهِ ثَوَابُهُ، وَمَن عَلِمَ مِن نَفسِهِ ضَعفًا وَخَوَرًا فَلْيَحذَرْ، فَعَن أَبي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفسِي، لا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثنَينِ، وَلا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عزاء اليتيم
  • كبائر في حق اليتيم، والهدي النبوي في كفالة أيتام وأرامل الشهداء (خطبة)
  • شرح باب ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة
  • خطبة: {فأما اليتيم فلا تقهر}
  • المعنى العميق لقوله تعالى: {فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث}
  • { فأما اليتيم فلا تقهر }

مختارات من الشبكة

  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة الماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بر الوالدين (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • بركة الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف نتعامل مع الشخصية الغامضة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكفارات الثلاث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما تركتهن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/2/1447هـ - الساعة: 15:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب