• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: ماذا بعد الحج
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير: (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الستر فريضة لا فضيحة (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إطعام الطعام من خصال أهل الجنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    صفة الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    محمد نور حكي علي
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

اللهم آمنا في أوطاننا (خطبة)

 اللهم آمنا في أوطاننا (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/7/2018 ميلادي - 2/11/1439 هجري

الزيارات: 27997

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اللهم آمنا في أوطاننا

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الأَمنُ في الأَوطَانِ وَالعَافِيَةُ في الأَبدَانِ، مَعَ تَوَفُّرِ لُقمَةِ العَيشِ الهَنِيَّةِ، كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُهِمُّ الإِنسَانَ أَيَّ إِنسَانٍ، وَلِتَحقِيقِهِ تَتَطَلَّعُ المُجتَمَعَاتُ وَتَتَسَابَقُ البُلدَانُ، بَل إِنَّ تِلكَ الثَّلاثَ هِيَ قِوامُ الحَيَاةِ، وَإِذَا اجتَمَعَت لأَفرَادِ مُجتَمَعٍ مَا، فَلا فَرقَ في الحَقِيقَةِ بَينَ غَنِيِّهِم وَالفَقِيرِ، وَلا فَضلَ لِعَزِيزٍ مِنهُم عَلَى حَقِيرٍ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَلْيَعبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيتِ الَّذِي أَطعَمَهُم مِن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ ﴾. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن أَصبَحَ مِنكُم آمِنًا في سِربِهِ، مُعَافًى في جَسَدِهِ، عِندَهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَت لَهُ الدُّنيَا بِحَذَافِيرِهَا" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمَعَ أَهمِيَّةِ تِلكُمُ الثَّلاثِ مُجتِمَعَةً، فَإِنَّا لَو أَرَدنَا تَرتِيبَهَا بَدءًا بِالأَهَمِّ، فَإِنَّ الأَمنَ سَيَكُونُ لَدَى كُلِّ عَاقِلٍ هُوَ أَهَمَّهَا، وَأَولاهَا بِأَن يُسعَى إِلَيهِ قَبلَ غَيرِهِ، إِذْ بِغَيرِ الأَمنِ لا يَهنَأُ عَيشٌ وَلا يُستَسَاغُ غِذاءِ ولا يُستَلَذُّ طَعَامٌ، وَلا يَرتَاحُ إِنسَانٌ في نَومٍ وَلا تَكمُلُ لَهُ عَافِيَةٌ.

 

وَإِذَا كَانَتِ المُجتَمَعَاتُ تَحرِصُ عَلَى استِتَابِ أَمنِهَا لِتَهنَأَ بِعَيشِهَا الدُّنيَوِيِّ، وَتَتَمَتَّعَ في حَيَاتِهَا الَّتِي لا تَتَجَاوَزُ أَكلاً وَشُربًا وَشَهَوَاتٍ عَاجِلَةً وَمَتَاعًا قَلِيلاً، فَإِنَّ الأَمنَ في بِلادِ الإِسلامِ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَيَشمَلُ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنهُ وَأَعلَى وَأَغلَى، فَفِي ظِلِّ الأَمنِ في بِلادِ الإِسلامِ، تُحفَظُ النُّفُوسُ وَتُصَانُ الأَعرَاضُ، وَيُؤمَنُ عَلَى الأَموَالُ وَتَأمَنُ السُّبُلُ، وَتُنَفَّذُ الحُدُودُ الشَّرعِيَّةُ وَيُرفَعُ الأَذَانُ، وَتُقامُ الصَّلَوَاتُ في جَمَاعَةٍ وَتُشهَدُ الجُمَعُ، وَتُعمَرُ المَسَاجِدُ بِالطَّاعَةِ وَالذِّكرِ، وَيُعَلَّمُ العِلمُ وَتَقُومُ الدَّعوَةُ إِلى اللهِ، وَيُرفَعُ عَلَمُ الجِهَادِ في سَبِيلِهِ، وَيَفشُو المَعرُوفُ وَيَقِلُّ المُنكَرُ، وَيَحصُلُ الاستِقرَارُ النَّفسِيُّ وَالاطمِئنَانُ الاجتِمَاعِيُّ، وَيَتَحَابُّ النَّاسُ في اللهِ وَيَتَعَاوَنُونَ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، وَتَنمُو الثَّرَوَاتُ وَتَكثُرُ الخَيرَاتُ.

 

وَإِذَا كَانَتِ المُجتَمَعَاتُ مُتَّفِقَةً عَلَى أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ يَستَهدِفُ زَعزَعَةَ الأَمنِ وَيُرَوَّعُ فِيهِ الآمِنُونَ هُوَ عَمَلٌ إِجرَامِيٌّ، فَإِنَّ حُصُولَ أَيِّ عَمَلٍ مِن هَذَا الجِنسِ في بَلَدٍ مُسلِمٍ، هُوَ ذَنبٌ كَبِيرٌ وَجُرمٌ خَطِيرٌ، وَمُخَالَفَةٌ سَافِرَةٌ لأَحكَامِ الشَّرعِ وَخَرقٌ لَهَا، فَكَيفَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ في بَلَدٍ تَرتَفِعُ فِيهِ رَايَةُ الدِّينِ وَالدَّعوَةِ، وَيُحكَمُ فِيهِ بِالشَّرِيعَةِ وَالسُّنَّةِ؟!


إِنَّهُ لَمِن أَعظَمِ المُنكَرِ وَأَكبَرِ الضَّلالِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَا يَحصُلُ في هَذَا البَلَدِ المُبَارَكِ بَينَ حِينٍ وَآخَرَ عَلَى أَيدِي فِئَةٍ ضَالَّةٍ مَارِقَةٍ، خَرَجَت عَنِ الطَّاعَةِ وَفَارَقَتِ الجَمَاعَةَ، فَأَقدَمَت عَلَى أَقبَحِ الإِجرَامِ وَاقتَحَمَت كَبَائِرَ الآثَامِ، وَصَارَ أَهوَنَ مَا لَدَيهِم أَن يُزهِقُوا الأَنفُسَ المَعصُومَةَ، أَو يُتلِفُوا أَموَالَ المُسلِمِينَ المُحتَرَمَةَ، أَو يَعتَدُوا عَلَى مُقَدَّرَاتِ البَلَدِ بِغَيرِ وَجهِ حَقٍّ، أَو يَتَمَرَّدُوا عَلَى رِجَالِ الأَمنِ وَيَتَقَصَّدُوهُم، أَو يُرَوِّعُوا الآمِنِينَ وَيَحمِلُوا السِّلاحَ عَلَى المُسلِمِينَ، يَأتُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَو بَعضَهُ، وَكَأَنَّهُم لم يَقرَؤُوا كِتَابَ اللهِ وَلم يَطَّلِعُوا عَلَى سُنَّةِ رَسُولِهِ، حَيثُ قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَمَن يَقتُلْ مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ مِن أَجلِ ذَلِكَ كَتَبنَا عَلَى بَنِي إِسرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أَو فَسَادٍ فِي الأَرضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ - في وَصفِ عِبَادِ الرَّحمَنِ: ﴿ وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ ﴾ وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ قُل تَعَالَوا أَتلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلاَّ تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا وَلا تَقتُلُوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيَّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ ﴾ وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "لَن يَزَالَ المُؤمِنُ فِي فُسحَةٍ مِن دِينِهِ مَا لَم يُصِب دَمًا حَرَامًا" رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " كُلُّ ذَنبٍ عَسَى اللهُ أَن يَغفِرَهُ إِلاَّ الرجُلَ يَمُوتُ مُشرِكًا أَو يَقتُلُ مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن قَتَلَ مُؤمِنًا فَاغتَبَطَ بِقَتلِهِ لم يَقبَلِ اللهُ مِنهُ صَرفًا وَلا عَدلاً" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "كُلُّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أَن يُرَوِّعَ مُسلِمًا" رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن أَشَارَ إِلى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ المَلائِكَةَ تَلعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. هَذَا في حَملِ السِّلاحِ وَالإِشَارَةِ بِهِ، فَكَيفَ بِمَنِ استَعمَلَهُ في إِزهَاقِ النُّفُوسِ المَعصُومَةِ ؟! قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن حَمَلَ السِّلاحَ فَلَيسَ مِنَّا" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

هَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - غَيضٌ مِن فَيضٍ مِنَ النُّصُوصِ الشَّرعِيَّةِ، الَّتِي تُبَيِّنُ عِظَمَ أَمرِ النُّفُوسِ المَعصُومَةِ، وَقَدرَ الأَموَالِ المُحتَرَمَةِ، وَفَدَاحَةَ القَتلِ وَالتَّخرِيبِ وَالتَّروِيعِ، وَتَدُلُّ بِمَجمُوعِهَا عَلَى عِظَمِ شَأنِ الأَمنِ، وَوُجُوبِ مَا يَضمَنُ حِفظَهُ وَحِمَايَةَ سِيَاجِهِ، لَكِنَّ مَن شَقَّ عَصَا الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الجَمَاعَةَ، وَبُلِيَ بِتَكفِيرِ المُسلِمِينَ دُونَ بُرهَانٍ، لا يُهِمُّهُ بَعدَ ذَلِكَ مَا يُقدِمُ عَلَيهِ مِنَ الجَرَائِمِ وَالمُوبِقَاتِ.

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَن طُمِسَت بَصِيرَتُهُ وَعَمِيَ قَلبُهُ، فَإِنَّهُ يُزَيَّنُ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ، وَيَرَاهُ حَسَنًا وَلَو كَانَ غَايَةً في القُبحِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعيُهُم في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُم يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعًا ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: "أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهدِي مَن يَشَاءُ فَلا تَذهَب نَفسُكَ عَلَيهِم حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصنَعُونَ" وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمِن النَّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَيُشهِدُ اللهَ عَلَى مَا في قَلبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى في الأَرضِ لِيُفسِدَ فِيهَا وَيُهلِكَ الحَرثَ وَالنَّسلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتهُ العِزَّةُ بِالإِثمِ فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئسَ المِهَادُ * وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشرِي نَفسَهُ ابتِغَاءَ مَرضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادخُلُوا في السِّلمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلتُم مِن بَعدِ مَا جَاءَتكُمُ البَيِّنَاتُ فَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ اللَّهُمَّ آمِنَّا في الأَوطَانِ، وَبَارِكْ لَنَا في السُّنَّةِ وَالقُرآنِ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، السَّمعُ وَالطَّاعَةُ لِوُلاةِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ في غَيرِ مَعصِيَةٍ، عَقِيدَةٌ يَرتَضِيهَا المُسلِمُ وَيَرتَدِيهُا، امتِثَالاً لأَمرِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَلَيسَت عِندَهُ مَجَالاً لِلمُسَاوَمَاتِ، أَو عُرضَةً لِلتَّذَبذُبِ مِن حَالٍ إِلى حَالٍ، أَوِ التَّبَدُّلِ مِن زَمَنٍ إِلى آخَرَ، تَبَعًا لِمَا يُعطَاهُ مِن حُطَامِ الدُّنيَا أَو يُمنَعُهُ مِن شَهَوَاتِهَا، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "السَّمعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المَرءِ المُسلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لم يُؤمَرْ بِمَعصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعصِيَةٍ فَلا سَمعَ وَلا طَاعَةَ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَإِنَّهُ مَهمَا بَدَا لِلمَرءِ أَنَّ ثَمَّةَ مَا يَستَلزِمُ الإِنكَارَ في مُجتَمَعِهِ لِكَونِهِ مُخَالِفًا لِمَا يَرَاهُ حَقًّا، فَإِنَّ النُّصحَ وَالإِصلاحَ لا يَكُونُ بِالفَسَادِ وَالإِفسَادِ، وَالأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَتَغيِيرَ المُنكَرِ لا يَكُونُ بِإِيذَاءِ المُؤمِنِينَ أَو سَفكِ دِمَاءِ المُسلِمِينَ، وَالوَلاءَ لِلمُؤمِنِينَ وَالبَرَاءَ مِنَ الكَافِرِينَ، لا يَكُونُ بِالتَّجَاوُزِ في تَكفِيرِ مُعَيِّنٍ ثم الاعتِدَاءِ عَلَيهِ أو عَلَى مُعَاهَدٍ، أَو بِنَقضِ عَهدٍ وَخَيَانَةِ مِيثَاقٍ، قَالَ - تَعَالى -: "﴿ إِنَّ اللهَ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدِينَ ﴾" وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾.

 

وَإِنَّ رِجَالَ الأَمنِ في هَذَا البَلَدِ وَهُم يَحفَظُونَ الأَمنَ وَيَرعَونَهُ، وَيَسهَرُونَ لِلذَّبِّ عَنِ الحُرُمَاتِ وَالذَّودِ عَنِ المُقَدَّسَاتِ، وَيَحرُسُونَ الدِّيَارَ وَيَحمُونَ الذّمَارَ، وَيَمنَعُونَ التَّعَدِّيَ وَيَحُولُونَ بَينَ النَّاسِ وَبَينَ التَّظَالُمِ، إِنَّهُم وَهَذِهِ أَعمَالُهُم لَعَلَى خَيرٍ عَظِيمٍ، وَإِنَّ قَصدَهُم بِالاعتِدَاءِ عَلَيهِم وَإِزهَاقِ أَروَاحِهِم، لَهُوَ في حَقِيقَتِهِ مِنَ الإِفسَادِ، بَل هُوَ تَنفِيذٌ لِمُخَطَّطَاتٍ تَرسُمُهَا أَيدِي الكُفرِ، وَتَحِيكُهَا أَصَابِعُ الغَدرِ، وَتَدعَمُهَا دُوَلُ الإِلحَادِ وَتَنظِيمَاتُ الإِفسَادِ، وَوَاللهِ إِنَّهُ لا يَستَفِيدُ مِنهَا إِلاَّ الأَعدَاءُ الحَاقِدُونَ وَالمُنَافِقُونَ المُتَرَبِّصُونَ، وَأَمَّا الإِسلامُ وَالمُسلِمُونَ، فَلا يُتَوَقَّعُ أَن يَنَالُوا عِزًّا وَلا يُحرِزُوا نَصرًا مِن كُلِّ عَمَلٍ يُفَرِّقُ جَمَاعَتَهُم، وَتَعُودُ فِيهِ رِمَاحُهُم إِلى صُدُورِ إِخوَانِهِم، أَو يَطعُنُ بِهِ بَعضُهُم في ظَهرِ بَعضٍ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَنتَبِهْ لِمُخَطَّطَاتِ الأَعدَاءِ، وَلْنَحرِصْ عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ جَمعٌ لِلكَلِمَةِ وَتَقرِيبٌ لِلآرَاءِ وَحِفظٌ لِلجَمَاعَةِ وَحِمَايَةٌ لِلأَمنِ، وَأَهَمُّ ذَلِكُم الإِيمَانُ بِاللهِ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ ؛ فَهُوَ أَعظَمُ مَا يُحفَظُ بِهِ الأَمنُ وَيَحصُلُ بِهِ الاطمِئنَانُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم في الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدُونَنِي لا يُشرِكُونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ ﴾.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حب الوطن
  • حب الوطن في كلمات
  • الجنة ذلكم الوطن الجميل
  • واجبنا نحو الوطن
  • التربية الإسلامية وحب الوطن
  • محبة الوطن في الإسلام (خطبة)
  • الشوق إلى الوطن الحبيب
  • اللهم أطعمت وأسقيت وأغنيت وأقنيت
  • اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أدعية الاستسقاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الأدعية والأعمال التي يستحب فعلها عند نزول المطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللهم آمنا وثبتنا على الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح أحاديث الطهارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ولا يقلل من شأنهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن قول الداعي: اللهم اغفر لي إن شئت فإن الله لا مستكره له(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 14:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب