• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات
علامة باركود

ترجمة العبادات إلى سلوك

د. أحمد بن حمد البوعلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/4/2018 ميلادي - 23/7/1439 هجري

الزيارات: 28498

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ترجمة العبادات إلى سلوك

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [1].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [2].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [3].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ ـ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ

الإنسان هو المخلوق المكلف بالعبادة، وهي علة وجودنا، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [4].

فعند التمعن في أحاديث السنة النبوية والآيات القرآنية، نجد أن العبادات والشعائر الدينية دائما تردفها المعاملات، كما يقول عز وجل في كتابه الكريم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [5]، فهنا نجد أن العبادة وفعل الخير شرطان متلازمان من أجل فلاح المسلم، كما أن حسن المعاملة دليل على صحة الشعائر الدينية التي يقوم بها العبد، لأن هذه الأخيرة إذا لم تهذب أخلاق المسلم فهي دليل على أنها مجرد عادات واجبات يؤديها دون خشوع وفارغة من مضمونها الروحي.

 

ففي هذا الإطار، يعتبر علماء الدين أن جل العبادات التي جاء بها الدين الإسلامي، تحمل في مضمونها مجموعة من القيم والمبادئ التي يجب على المسلم أن يترجمها إلى سلوكيات ومعاملات في حياته اليومية، ولا شك أن التزام المسلم بإقامة الصلاة في أوقاتها وصيام رمضان وأداء الزكاة والحج والعمرة وسائر العبادات الشعائرية التي كلّف الله تعالى بها عباده المؤمنين فيه من الجهد ومخالفة أهواء وشهوات النفس التي تميل إلى الدعة والراحة والتهرب من التكاليف ما لا يمكن أن يجادل فيه مسلم عاقل، إلا أن العبادة الأصعب - حسب واقع حال المسلمين المشاهد - هو ترجمة أثر هذه العبادات إلى واقع في سلوك حسن بمختلف شؤون حياة المسلمين اليومية، وإظهار النتائج والثمار المرجوة من تلك العبادات في معاملاتهم وقضائهم ومجتمعهم، وتجسيد مقاصد الشريعة الإسلامية المكنوزة في الفرائض الشعائرية واقعا وسلوكا على أرض الواقع المعاش.

 

إن كثرة التجاوزات والمخالفات التي يتم رصدها بشكل ضخم ورهيب فيما يتعلق بجانب العبادات التعاملية بين المسلمين إن صح التعبير كالغيبة، والنميمة، والكذب، وإخلاف الموعد ونقض العهود، وأكل أموال الناس بالباطل، ومماطلة المدين، والغش، وممارسة البغي والظلم على الغير، والتدخل فيما لا يعني، والهمز واللمز والقذف والسخرية والتجسس والبهتان و... الخ، تشير بشكل واضح إلى وجود خلل في كيفية أداء كثير من المسلمين للعبادات الشعائرية المفروضة، وعدم فهم صحيح لروح ومقاصد الشريعة الغراء من تلك الفرائض، أدى بدوره إلى ظهور ذلك الانفصال الخطير بين إقامة الصلاة وثمارها المرجوة المنصوص عليها في كتاب الله تعالى بقوله: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [6] وبروز تلكم القطيعة الغريبة بين صيام رمضان و النتيجة المقصودة منه في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [7]. الانفصال الحاد بين قوله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»[8] وبين واقع الناس في البيع والشراء وفِي المعاملات.

 

إن ذلك الفصل الغريب الذي أحدثه بعض المسلمين بين العبادة الشعائرية المفروضة ونتائجها وثمارها المرجوة في السلوك والتصرفات اليومية مع الناس، والشكاوى المتزايدة التي لا تكاد تتوقف أو تنقطع من وجود بون شاسع بين بعض المصلين من المسلمين وسلوكهم في ميدان التعامل بالدرهم والدينار الذي من المفترض أن يكون موافقا لشرع الله لا مخالفا له، ومسافة هائلة بين بعض المعروفين بصيام التطوع فضلا عن الفريضة وبين حسن الخلق الذي جعله الله ملازما للمؤمنين الصادقين.

 

كل ذلك مما دفعني للتأكيد على أن العبادة الأصعب هي تلك التي يدلل بها المسلم على حسن فهمه لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل وحسن أدائه والتزامه بما كلفه الله تعالى به من فرائض وواجبات، من خلال ظهور أثر تلك العبادات والفرائض على سلوكه وتصرفاته مع غيره من عباد الله، بدءا بأسرته وأرحامه، وصولا إلى جيرانه وأهل حيه وبلدته، وانتهاء بمجتمعه وعموم المسلمين والناس أجمعين.

 

كثيرة هي الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم التي تؤكد على ذلك التلازم المطلوب بين أداء فرائض الله الشعائرية وبين حسن الخلق وحسن معاملة الآخرين في البيت والسوق والمجتمع، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [9].

 

وقال تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [10]. وفي الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )[11]

 

ولعل الحديث الآتي يغني في هذا المقام، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟) قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلاَتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَ يَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ )[12]

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الحمد اللَّهِ الذي سبحت الكائنات بحمده، وعنت الوجوه لعظمته ومجده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.

 

عباد الله:

العبادة أيها الإخوة الأكارم طاعة طوعية، لو أنها قسرية لما كانت عبادة، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [13].

 

الإيمان القسري لا يسعد إطلاقاً، لابد من أن تأتي الله طائعاً، لابد من أن تأتيه محباً، لابد من أن تأتيه بمبادرة منك، لابد من أن تكون المحبوبية سر علاقتك بالله عز وجل، لو شاء الله عز وجل لآمن من في الأرض جميعاً ولكن هذا الإيمان لا يسعد خلقه، الله عز وجل يريدهم أن يأتوا إليه بمحض اختيارهم بمبادرة منه.

فالعبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، ما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، وما عبد الله من أحبه ولم يطعه.

تعصي الإله وأنت تُظهر حبه
ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته
إن المحب لمن يحب يطيع [14]

 

إن للعبادة أثر كبير في بناء الشباب جسمانياً ونفسياً وأخلاقياً واجتماعياً، فهي تدريب عملي على الإخلاص والإتقان والإجادة والتميز، فالعبادة شعور دائم بوجود الله وإيقاظ مستمر للضمير والوجدان، وللعبادة آثار وقائية، وأخرى علاجية؛ تتمثّل في إنقاذ المتعبِّد من التعقيد واليأس والشعور بالذنب وتفاهة الذات، لأن وقوف الإنسان بين يدي الله تعالى، واسـتمرار العلاقة به؛ يشـعره بقربه من مالك الوجود، وحبِّه له، وعطفه عليه، كما يشعره بقيمته الإنسانية، وعلو قدره.

 

فالصلاة التي هي أهم الأركان في الإسلام بعد توحيد الله تعالى نجد أنها من أعظم وسائل تزكية النفوس، قال تعالى ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [15]

 

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ، قَالَ: وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، قَالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللهِ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، أَوْ قَالَ: حَدَّكَ.[16]

 

فكأن حقيقة الصلاة أنها تزكية للنفس وتطهير لها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة، لذا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن يتخذ من العبادات فرصة للتدريب على السلوكيات الطيبة، فلقد كان صلى الله عليه وسلم يحرص على أن تكون صفوف الصلاة منتظمة وأن يقف المسلمون في الصلاة متكاتفين متساوين وأن يلين كل واحد لأخيه ولا يتركوا بينهم فرجة للشيطان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فَإِنَّمَا تَصُفُّونَ بِصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا فِى أَيْدِى إِخْوَانِكُمْ وَلاَ تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ.[17] وطبيعي أن ذلك التدريب على النظام والتلاحم والتواصل لا يكون داخل الصلاة أو داخل المسجد وفقط بل لا بد أن يمتد أثره خارج الصلاة وفي العلاقات والمعاملات.

 

نعم.. ليس هناك إنسان على وجه الأرض منزه عن الوقوع في الأخطاء أو معصوم عن ارتكاب الذنوب والمعاصي، والمسلم المصلي الملتزم بعبادات الله الشعائرية إنسان كباقي البشر معرض للزلل والوقوع فيما لا يرضي الله في بعض معاملاته مع الناس، إلا أن ذلك يبقى سلوكا عرضيا سرعان ما يرجع عنه ويتوب ويستغفر ولا يستمر فيه أو يصرّ عليه.

 

حلّ هذه المعضلة المستعصية والمشكلة المزمنة ليس بترك بعض المسلمين – وللأسف الشديد – لعباداتهم الشعائرية لعدم موافقتها لسلوكهم التعاملي المخالف لشرع الله هربا من النقد أو الذم كما يتوهمون ويظنون، بل يكمن الحل بالثبات على أداء العبادة الشعائرية و مجاهدة النفس على حسن إقامتها كما أمر الله وكما فعل رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى تؤتي ثمارها الطيبة المرجوة منها في نهاية المطاف على أرض الواقع بحسن السلوك التعاملي.

 

من هنا نلاحظ أن الإسلام دين سلوك ومعاملات، لا تستقيم شعائر المتعبد إلا بحسن أخلاقه وطيب معاملته، بل أن الرسول جعلها من شروط كمال الإيمان كما جاء في حديثه الكريم "

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»". [18]

وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً



[1] سورة آل عمران:102.

[2] سورة النساء:1.

[3] سورة الأحزاب:71.

[4] سورة الذاريات:56.

[5] سورة الحج:77.

[6] سورة العنكبوت:45.

[7] سورة البقرة:183.

[8] صحيح مسلم (1/ 99)

[9] سورة البقرة:264.

[10] سورة البقرة:197.

[11] صحيح البخاري برقم/1903

[12] صححه ابن حبان والترمذي برقم/2418

[13] سورة يونس:99.

[14] الإمام الشافعي .

[15] سورة العنكبوت:45.

[16] أخرجه البُخَارِي 8/206(6823) و"مسلم" 8/102 (7106).

[17] أخرجه أحمد 2/97(5724) و"أبو داود" 666 و"النَّسائي" 2/93، وفي "الكبرى" 895 و"ابن خزيمة" 1549 .

[18] صحيح البخاري (8/ 11)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أقسام العبادات
  • من فقه العبادات: الهبة والرقبى والعمرى والعرايا والعرية والمنيحة
  • مفاتيح العبادات

مختارات من الشبكة

  • ضوابط ترجمة معاني القرآن الكريم للغة أخرى (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الوسائل التكنولوجية الحديثة والترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة في الوطن العربي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • توجهات في الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حدائق الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أساسيات الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الترجمة والصحافة في النهضة الحديثة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الترجمة الإعلامية والترجمة الأدبية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كيفية الترجمة للراوي ترجمة علمية دقيقة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ترجمة السيرة النبوية إنجاز متميز لجائزة خادم الحرمين العالمية للترجمة ورد حضاري على المسيئين(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب