• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير الربع الأول من سورة الصافات

رامي حنفي محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/2/2018 ميلادي - 12/6/1439 هجري

الزيارات: 13246

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [*]

الربع الأول من سورة الصافات


• من الآية 1 إلى الآية 5: ﴿ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ﴾ (يُقسم الله تعالى بالملائكة التي تقف في عبادتها صفوفًا مُتراصّة)، ﴿ فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ﴾ (ويُقسم سبحانه بالملائكة التي تَزجر السحاب، يعني تسوقه إلى حيثُ أمَرَهم الله تعالى)، ﴿ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ (ويُقسم سبحانه بالملائكة التي تتلو ذكر الله وكلامه)، (واعلم أنّ الله تعالى يقسم بما يشاء مِن خلقه، أما المخلوق فلا يجوز له القَسَم إلا بالله، لأنّ الحلف بغير الله شِرك).


♦ ثم أخبر تعالى عن جواب القسم (وهو الشيء الذي يُقسِم الله عليه)، فقال: ﴿ إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴾: يعني إنّ مَعبودكم أيها الناس واحدٌ لا شريكَ له، وهو اللهُ ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ أي هو خالق ذلك كله ومُدَبِّر أمْره ﴿ وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴾: أي مُدَبِّر أمْر الشمس في مَشارقها ومَغاربها.

 

♦ ولَعَلّ اللهَ تعالى خَصّ مَشرق الشمس ومَغربها مِن بين سائر مُلكه، لأنه لا يجرؤ أحد أن يَدَّعي التحكم في ذلك، كما قال إبراهيم للنمرود: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ﴾، فلذلك لا يستحق العبادة إلا اللهُ العظيمُ القادر، ألاَ فأخلِصوا له العبادة والطاعة.

 

• من الآية 6 إلى الآية 10: ﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا ﴾ (وهي السماء القريبة من الأرض)، فقد زيّنَها الله للناظرينَ إليها ﴿ بِزِينَةٍ ﴾ هي ﴿ الْكَوَاكِبِ ﴾ أي هي النجوم، ﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴾ أي جَعَلنا النجوم حِفظاً للسماء مِن كل شيطان متمرِّد على أوامر الله تعالى (إذ يُرجَمون بالشُهُب - التي هي مِن جملة النجوم - إذا حاولوا الوصول إلى السماء)، فبذلك ﴿ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى ﴾ أي لا يستطيعون أن يصلوا إلى الملأ الأعلى ليَستمعوا إلى كلام الملائكة (حتى لا يَنقِلوا أخبار الغيب إلى أوليائهم من السَحَرة) ﴿ وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ﴾: أي تُرجَم الشياطين بالشُهُب المُحرِقة من كل جهة، وسبب ذلك الرجم: ﴿ دُحُورًا ﴾ أي طردًا لهم عن الاستماع ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴾ أي لهم عذابٌ دائم لا يفارقهم، وهو عذاب جهنم.

 

♦ ثم أخبَرَ سبحانه أنه بسبب هذه الشهب المترصدة لهم، لا يجرؤ أحدٌ منهم أن يَستمع إلى كلام الملائكة ﴿ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ ﴾ (وهي الكلمة التي يسمعها الشيطان بسرعة من كلام الملائكة، ثم يهرب بها)، ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾: يعني فهذا الشيطان يَتبعه شهابٌ مُضيء مُحرِق، (وربما أدركه الشهاب قبل أن يُلقي هذه الكلمة إلى شيطانٍ آخر، وربما ألقاها له بقَدَر الله تعالى قبل أن يَحرقه الشهاب، فيذهب بها الآخر إلى الساحر، فيُعطيها له بعد أن يكذب معها مائة كذبة، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم) (والحديث في الصحيحين).

 

• من الآية 11 إلى الآية 26: ﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ ﴾ أي اسأل - أيها الرسول - مُنكِري البعث: ﴿ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا ﴾ يعني: هل خَلْق أجسادهم وإعادتهم بعد موتهم أعظم أم خلق السماوات والأرض وما فيهما من سائر المخلوقات (كالملائكة والشمس والجبال وغيرهم)؟ والجواب معلوم، وهو أنّ هذه المخلوقات العظيمة أشد خلقاً منهم، فـ ﴿ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ ﴾: أي بدأنا خَلْق أبيهم آدم من طينٍ لزج يلتصق باليد، ثم خلقناهم - بالتناسل - من نطفة حقيرة، (فلِذلك لا يَصعُب علينا إعادة خَلْقهم مرة أخرى، لأننا خَلَقنا مَن هُم أعظم منهم)، ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾: أي عَجِبتَ أيها الرسول من إنكارهم للبعث (رغم وضوح الأدلة على ذلك)، ولكنهم لجَهْلهم وعَجْزهم لا يستطيعون أن يدفعوا هذه الأدلة القوية إلا بالسُخرية والاستهزاء، ﴿ وَإِذَا ذُكِّرُوا ﴾ بمَواعظ القرآن ودلائل التوحيد والبعث: ﴿ لَا يَذْكُرُونَ ﴾ أي لا يَنتفعون بهذه التذكرة ولا يَتدبَّرونها ﴿ وَإِذَا رَأَوْا آَيَةً ﴾ أي مُعجزة دالَّة على نُبُوَّتك، أو رأوا حُجّة من حُجَج القرآن تُقرّر البعث، إذا هم ﴿ يَسْتَسْخِرُونَ ﴾ أي يَسخرون منها ويستهزئون ﴿ وَقَالُوا ﴾ - مُستكبرين عن الانقياد للحق -: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ أي ما هذا الذي جئتَ به يا محمد إلا سحرٌ ظاهر،وقالوا: ﴿ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ أي مبعوثونَ من قبورنا أحياءً، بعد أن تَحَلَّلتْ عظامنا في تراب الأرض؟! ﴿ أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ﴾: يعني أو يُبعَث آباؤنا الذين مضوا مِن قبلنا؟!، ﴿ قُلْ ﴾ لهم أيها الرسول: ﴿ نَعَمْ ﴾ سوف تُبعثون أحياءً ﴿ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ ﴾ يعني أذلاء صاغرونَ وقتَ بَعْثكم، مستسلمونَ لحُكم الله فيكم.

 

♦ واعلموا أنّ أمْر البعث يسيرٌ جداً على اللهِ تعالى ﴿ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ أي نفخة واحدة: ﴿ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ ﴾: يعني فإذا هم قائمونَ مِن قبورهم ينظرون إلى أهوال القيامة، ﴿ وَقَالُوا ﴾ عندما قاموا مِن قبورهم: ﴿ يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾ أي هذا يوم الحساب والجزاء، فيقال لهم: ﴿ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ﴾ أي يوم القضاء ﴿ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾، ويومئذٍ يقول الله للملائكة: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ ﴾: أي اجمَعُوا الذين أشركوا وأمثالهم من أهل الضلال وقُرَناءهم من الشياطين ﴿ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴾: يعني: واجمَعوا معهم آلهتهم التي كانوا يعبدونها ﴿ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ (مِمَّن رَضِيَ بعبادتهم له)، لأن عيسى عليه السلام والملائكة لم يكونوا راضينَ عن عبادة المشركين لهم ﴿ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴾ أي سُوقوهم جميعاً إلى طريق جهنم ﴿ وَقِفُوهُمْ ﴾ أي احبسوهم قبل أن يصلوا إلى جهنم، فـ ﴿ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾ أي مسؤولونَ عمَّا صَدَرَ منهم في الدنيا (سؤال تقرير وإنكار وافتضاح)، ويُقال لهم توبيخًا وتعجيزاً: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ﴾: أي ما لكم لا يَنصر بعضكم بعضًا كما كنتم في الدنيا؟ ﴿ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ﴾ أي مستسلمونَ لأمر الله وحُكمه، لا يستطيعونَ نَصْر أنفسهم.


• من الآية 27 إلى الآية 32: ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴾: يعني أقبل بعض الكفار على بعضٍ يَتلاومون ويتجادلون، فـ ﴿ قَالُوا ﴾ أي قال الأتْباع لرؤسائهم في الضلال: ﴿ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ﴾ أي كنتم تصدوننا بقوة عن اتِّباع الدين الحق، وتُنَفِّروننا من الشريعة، وتُزَيّنون لنا الضلال، فـ ﴿ قَالُوا ﴾ أي قال الرؤساء للتابعين: ﴿ بَلْ ﴾: يعني ليس الأمر كما تزعمون، ولكنكم ﴿ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ أي ما كنتم مؤمنينَ فكَفَّرناكم، ولا صالحينَ فأفسدناكم، ولكنّ قلوبكم كانت قابلة للكفر والعصيان ﴿ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ﴾: أي ما كان لنا عليكم مِن حُجِّةٍ أو قوَّة، فنَصُدّكم بها عن الإيمان ﴿ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ ﴾: أي كنتم قومًا متجاوزينَ الحد في الظلم والفساد واتِّباع الهوى، ﴿ فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ﴾ أي وَجَبَ علينا وعيد ربنا بالعذاب، و ﴿ إِنَّا لَذَائِقُونَ ﴾: أي سوف نذوق العذاب نحن وأنتم (بما قدمناه من العمل السيئ)،فلا تلومونا ولوموا أنفسكم، فإننا وَجَدناكم مُتمَسّكينَ بالشِرك راغبينَ في الضلال ﴿ فَأَغْوَيْنَاكُمْ ﴾: أي دَعَوناكم إلى الضلالة فاستجبتم لنا، ﴿ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ﴾: أي كنا ضالين من قبلكم (فهَلَكْنا بسبب ضَلالنا، وأهلكناكم معنا).

 

• من الآية 33 إلى الآية 49: ﴿ فَإِنَّهُمْ ﴾ أي الأتْباع والمَتبوعين ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ أي يوم القيامة ﴿ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾ (كما اشتركوا في الدنيا في معصية الله) ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴾ (الذين فضَّلوا معصية الله على طاعته)، فنذيقهم العذاب الأليم، وسبب ذلك: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ ﴾: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ أي لا يستحق العبادة إلا الله، فاتركوا عبادة مَن سواه: ﴿ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ عن الانقياد لهذه الكلمة، ويستكبرون على مَن جاء بها، ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ فيما بينهم: ﴿ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ﴾: يعني أنترك عبادة آلهتنا لأجل قول شاعر مجنون؟ (يَعنون بذلك محمداً صلى الله عليه وسلم)، وقد كذَبوا، فليس محمد كما وصفوه ﴿ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ ﴾ وهو القرآن والتوحيد ﴿ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ فيما أخبروا به عن التوحيد والبعث، ﴿ إِنَّكُمْ ﴾ أيها المُكَذِبون المستهزئون ﴿ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ﴾في نار جهنم ﴿ وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ من الشرك والمعاصي ﴿ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴾ فإنهم ناجونَ من هذا العذاب، ويُجزَونَ بأكثر مما كانوا يعملون (إذ الحسنة بعشر أمثالها إلى ما شاء الله من الزيادة)، فضلاً من ربهم ورحمة.

 

♦ واعلم أنّ المُخلَصين هُم الذين أخلصوا عبادتهم لله وحده، وخَلَّصهم ربهم من السُوء والفَحشاء، فـ ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ ﴾ في الجنة ﴿ رِزْقٌ مَعْلُومٌ ﴾ أي معلومٌ أنه لا ينقطع (إذ يأكلونه بُكرَةً وعَشِيّاً)، وهو: ﴿ فَوَاكِهُ ﴾ (والمقصود هنا: الطعام والشراب الذي يُتفَكَّه به، أي يُتلَذَّذ به)، إذ كل طعامهم وشرابهم في الجنة يكون للتلذذ فقط، وليس لدفع الجوع عنهم حفاظاً على حياتهم، ﴿ وَهُمْ مُكْرَمُونَ ﴾ بإكرام الله لهم بأصناف المُتَع والشهوات ﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾، يَجلسونَ مُتَّكئين ﴿ عَلَى سُرُرٍ ﴾ مُزيَّنة، تحت الظلال المُمْتَدٌّة، (والسُرُر جمع سرير)، ﴿ مُتَقَابِلِينَ ﴾: أي تتقابل وجوههم في حُبّ، يَجمعهم مَجلس واحد، يَتسامرونَ فيه على السُرُر، و ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ﴾: أي يدور عليهم خَدَمٌ معهم كؤوس مِن خمر، يأتون بها مِن عيون جارية في الجنة (كعيون الماء الجارية على الأرض) ﴿ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ﴾: يعني هذه الخمر بيضاء في لونها، لذيذة في شُربها، ﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ ﴾ أي ليس فيها أذى للجسم ولا للعقل (كالصداع وألم البطن) ﴿ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ﴾: أي لا يُسكَرون بسببها، فهي لا تَذهب بعقولهم كخمر الدنيا (وقد شَّبه سبحانه العقل الذي يَذهب بسبب الخمر، بالدم الذي يَنزِف من الجريح).

 

﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ﴾ أي عندهم في مجالسهم نساءٌ لا تنظر إحداهنّ إلى غير زوجها، ولا يَنظر زوجها إلى غيرها (مِن شدة حُسنها وجمالها)، ﴿ عِينٌ ﴾ أي واسعات الأعين ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ﴾: يعني كأنهن بَيْض مستور لم تمسه الأيدي، (وهذا وَصفٌ لنساء الجنة - سواء النساء المؤمنات أو الحور العين - وأنهنّ بِيض الأجسام (بياضاً كبَياض بيض النعام الذي هو أبيض مُختلَط بصفرة).

 

• من الآية 50 إلى الآية 61: ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴾ يعني أقبَلَ بعض أصحاب الجنة على بعضٍ يَتساءلونَ عن أحوالهم في الدنيا، وعمَّا كانوا يُعانونَ فيها، وعمَّا أنعم الله به عليهم في الجنة (وهذا مِن تَمام الأُنس والسعادة)، فـ ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ ﴾: ﴿ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴾ أي كان لي في الدنيا صاحبٌ يُلازمني، وكان ﴿ يَقُولُ ﴾ لي: ﴿ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ﴾: يعني كيف تصدِّق بالبعث بعد الموت؟! ﴿ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾ أي نُبعث أحياءً من قبورنا ونُحاسَب ونُجازَى على أعمالنا؟!، ثم ﴿ قَالَ ﴾ هذا المؤمن لأصحابه في الجنة: ﴿ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ﴾ يعني: هل تنظرون معي على أهل النار لنرى مصير ذلك القرين؟ ﴿ فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴾: أي رأى صاحبه المُنكِر للبعث في وسط النار، فـ ﴿ قَالَ ﴾ له: ﴿ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ﴾ يعني: والله لقد قاربتَ أن تُهلكني لو كنتُ أطعتُكَ في إنكار البعث، ﴿ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي ﴾ (بهدايتي إلى الإيمان وتثبيتي عليه): ﴿ لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ أي من المُحضَرين معك في العذاب.

 

♦ ولذلك ينبغي للعبد - عندما يقرأ قوله تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ - أن يستشعر أنّ الله هو الذي أنعم الله على أهل الجنة بالهداية والتوفيق والإعانة والتثبيت، والنجاة من الفتن والذنوب، وأنه هو الذي حَبَّبَ إليهم الطاعات، وَكَرَّهَ إليهم المعاصي، فبذلك يرجو من ربه هذه النعمة التي ينجو بها من عذابه، ويَتنعم بها في جنته.


♦ ثم يقول هذا المؤمن لأصحابه في الجنة: ﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ﴾؟ يعني: أحقًا أننا مُخلَّدون في هذا النعيم، فما نحن بميتينَ ﴿ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى ﴾ في الدنيا ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ بعد دخولنا الجنة؟ ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾،ثم قال تعالى: ﴿ لِمِثْلِ هَذَا ﴾ النعيم الدائم، والفرحة الكاملة، والفوز العظيم: ﴿ فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾ بكثرة الصالحات واجتناب السيئات.

 

♦ وقد كان أحد السلف يقول: (مَن طلب الراحة: ترَكَ الراحة)، يعني مَن طلب الراحة في الجنة: ترَكَ الراحة في الدنيا واجتهد في عبادة ربه.

 

• من الآية 62 إلى الآية 74: ﴿ أَذَلِكَ ﴾ الذي سَبَقَ وَصْفه مِن نعيم الجنة ﴿ خَيْرٌ نُزُلًا ﴾ يعني خيرٌ ضيافةً وعطاءً من الله ﴿ أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ﴾ (طعامُ أهل النار)، التي هي غاية الحرارة مع غاية المرارة؟، ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ﴾ أي افتَتَنَ بها الكافرون في الدنيا، حيثُ قالوا مُستنكرين: (إنّ صاحبكم يُنَبّئكم أنّ في النار شجرة، مع أن النار تأكل الشجر)، ثم وَصَفَها الله تعالى بقوله: ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ﴾ أي تَنبت في قعر جهنم، ﴿ طَلْعُهَا ﴾ أي: ثمرها القبيح - في بشاعة منظره - ﴿ كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ ﴿ فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا ﴾ في النار ﴿ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ﴾: يعني إنهم بعد الأكل منها يَعطشون، فيشربون شرابًا قبيحًا مخلوطاً بماءٍ شديد الغليان، وقوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا) أي يَنزل هذا الشراب - في أمعاءهم - فوق الزقوم (إذ يشربونه بعد أكْل الزقوم)، ﴿ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ﴾: يعني إنّ مَرَدَّهم بعد هذا الطعام المُرّ والشراب الحار إلى عذاب النار.

 

﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ﴾: أي وجدوا آباءهم في الدنيا على الشرك والضلال ﴿ فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ﴾ أي: فسارَعوا إلى متابعتهم على ضلالهم دونَ وَعْيٍ أو تدبُّر، ﴿ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ ﴾: أي ضَلَّ عن الحق - قبل مُشرِكي مكة - أكثر الأمم السابقة ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ ﴾ أي أرسلنا في تلك الأمم رُسُلاً أنذروهم بالعذاب فكفروا بهم ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴾: أي فتأمل -أيها الرسول - كيف كان مصير القوم الذين أنذرهم رسولهم بعذاب الله فكذَّبوه؟ فقد عُذِّبوا، وصاروا للناس عبرة ﴿ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴾ فأولئك يُنَجِّيهم ربهم من هذا المصير.



[*] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة.

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نفحات قرآنية .. في سورة الصافات
  • آيات من سورة الصافات بتفسير الزركشي
  • تفسير سورة الصافات للناشئين (الآيات 1 - 76)
  • تفسير سورة الصافات للناشئين (الآيات 77 - 102)
  • تفسير سورة الصافات للناشئين (الآيات 103 - 182)
  • تفسير الربع الأخير من سورة الصافات
  • تفسير الربع الأول من سورة ص
  • مقاصد سورة الصافات

مختارات من الشبكة

  • تفسير ربع: يسألونك عن الخمر والميسر (الربع الرابع عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: واذكروا الله في أيام معدودات (الربع الثالث عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الأهلة (الربع الثاني عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب (الربع الحادي عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: إن الصفا والمروة من شعائر الله (الربع العاشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: سيقول السفهاء من الناس (الربع التاسع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم (الربع الثامن من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ما ننسخ من آية أو ننسها (الربع السابع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ولقد جاءكم موسى بالبينات (الربع السادس من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم (الربع الخامس من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب