• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نهاية عام وبداية عام (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    التواصل العلمي الموضوعي بين الصحابة: عائشة وأبو ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    راحة القلب في ترك ما لا يعنيك
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإلحاد
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإسلام يدعو إلى العدل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من مائدة التفسير سورة قريش
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    عناية النبي - صلى الله عليه وسلم- بحفظ القرآن ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: فوائد الأذكار لأولادنا
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    إمامة الطفل بالكبار
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة عن مشروع الحياة

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/2/2018 ميلادي - 30/5/1439 هجري

الزيارات: 68017

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن مشروع الحياة

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ، فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَهِي وَصِيَّةُ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ وَرَكَّبَ فِي صُدُورِهِمُ الْهِمَمَ وَجعلَ في نُفُوسِهِمْ حُبَّ الْغَايَاتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ عَلَتْ هِمَّتُهُ، وَسَمَتْ لِلسَّمَاءِ نَفْسُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ هِمَّتَهُ فِي الطِّينِ وَالْحَضِيضِ؛ فَهُوَ يَعِيشُ بِلاَ غَايَةٍ وَيَحْيَا بَلَا هَدَفٍ، يَعِيشُ مُشَتَّتًا وَيشِيبُ مُحَطَّمًا إلاَّ مِنَ الْكَسَلِ وَالْفُتُورِ..

 

أَمَّا الأَوَّلُ فَنَفْسُهُ لَا تَتَحَمَّلُ هِمَّتَهُ، وَجَسَدُهُ يُجَاهِدُ لِتَحْقِيقِ غَايَاتِهِ.. هَدَفُهُ وَاضِحٌ، وَغَايَتُهُ بَيِّنَةٌ، تِلْكُمُ النُّفُوسُ لَا تَسْتَرِيحُ إلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا تَسْكُنُ إلَّا فِي الْجَنَّةِ.

 

وَلو تَسَاءَلْنَا أيُّها الإِخوةُ... إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَسْعَى عَامَّةُ النَّاسِ، وَفِيمَ يَنْشَغِلُونَ، وبِمَ يَفْرَحُونَ وَعلامَ يَحْزَنُونَ، وإلامَ يَنْصَرِفُونَ، وَمَا الَّذِي يَهُمُّهُمْ ويُطْرِبُهُمْ، وَمَا الَّذِي يُرْضِيهِمْ ويُغْضِبُهُمْ؟؟ لَنْ نَجِدَ سِوَى جَوَابٍ وَاحِدٍ، إِنَّهَا الدُّنْيا، أَكْبَرُ الْهَمِّ وَمَبْلَغُ الْعِلْمِ، وَمُنْتَهى الْقَصْدِ، وَمَعْقَدُ الآمَالِ.. فَهَذَا يَرَى سَعَادَتَهُ وَخَيْرَهُ فِي الْمَالِ؛ فَيَعْكِفُ عَلَى جَمْعِ الدِّرْهَمِ وَالدِّينارِ، وَيُضَحِّي مِنْ أَجْلِهِ بِرَاحَتِهِ وَصِحَّتِهِ بَلْ وَبِدِينِهِ..

 

وَهَذَا يَرَى سَعَادَتَهُ وَرَاحَتَهُ فِي امْرَأَتِهِ وأَولادِهِ، فَيَسْعَى إِلَيهمْ وَيُضَحِّي مِنْ أَجْلِهمْ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ وَلَوْ مِنْ دِينِهِ وعُقوقِ وَالِدَيْهِ.. وَهَذَا يَسْعَى إِلَى مَرْكَزٍ مَرْمُوقٍ، ويَرَى فِيهِ قِمَّةَ الْمَجْدِ وَالسَّعَادَةِ فَيُضْحِي مِنْ أَجْلِهِ بِاسْتِقامَتِهِ وَقِيَمِهِ وَدِينِهِ.. وَبَعْدَ نِهَايَةِ الْمَطَافِ، يَتَيَقَّنُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ أَنَّ عِزَّ الطَّاعَةِ، وَمَجْدُ الاِسْتِقامَةِ هوَ كُلُّ شَيْءٍ، وَلَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ.

 

لقَدْ حَذَّرَ اللهُ تعَالى مِنَ الرُّكُونِ إلى الْهِمَّةِ الدَّنِيَّةِ والأَهدَافِ الرَّدِيَّةِ فقالَ جلَّ شَأنُهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38].

 

وقالَ تعَالى فِيمنْ رَضِيَ بالدُّنيَا غَايةً وهَدفًا، ورَكَنَ إلى نَعِيمِهَا مُطمَئِنًّا قالَ سُبحانَه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس: 7، 8]، ثُمَّ مَدَحَ اللهُ بَعدَهَا عِبادَهُ المؤمِنِينَ فقالَ سُبحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 9، 10].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. لَقَدْ عَاشَ الأنبِياءُ وَالرُّسُلُ -صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ- عَاشُوا حَيَاتَهُمْ وَكَرَّسُوهَا لِهَدَفٍ وَاحِدٍ، هُوَ أعْظَمُ الأَهْدَافِ وَأَشْرَفُ الْغَايَاتِ، وَهُوَ الدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَأَلاَّ يَعْبُدَ النَّاسُ رَبًّا سِوَاهُ. فَمِنْهُمْ مَنْ شُتِمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضُرِبَ، وَمِنْهُمْ مِنْ أُخْرِجَ، حَتَّى وَصَلَ الْحالُ إِلَى أَنْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ، وَمَا صَدَّهُمْ ذَلِكَ وَلَا أَضْعَفَ مِنْ عَزِيمَتِهِمْ وَلَا فَلَّ مِنْ قُوَّتِهِمْ؛ لِأَنَّهُم أَصْحَابُ رايَةٍ يُرِيدُونَ رَفْعَهَا، وَرِسَالَةٍ عَزَمُوا عَلَى تَوْصِيلِهَا -وَقَدْ فَعَلُوا-، فَمَا مِنْ أُمَّةٍ إلَّا جَاءَهَا نَذِيرٌ، وَمَا مِنْ أُمَّةٍ إلَّا اسْتَجَابَ لَهُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا..

 

وَهَذَا نَبِيُّنَا - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَنْ نَزَلَ عَلَيهِ الْوَحْيُ وَهِمَّتُهُ لَا تَعْرِفُ الكَلَّ وَلَا الْمَلَّ فِي سَبيلِ تَحْقِيقِ غَايَتِهِ، لَمْ تَنْجَحْ مَعَهُ الْمُسَاوَمَاتُ وَلَمْ تُغْرِهِ الدُّنْيا وَلَا الشَّهَوَاتُ، فَتَرَاهُ بِالنَّهَارِ قَائِدًا وَمُعَلِّمًا وَدَاعِيًا، وَبِالْلَّيْلِ قَائِمًا ومُنَاجِيًا وعَابِدًا.....

 

لَقَدْ بَنَى لِلْمُسْلِمِينَ دَوْلَةً عَظِيمةً فِي فَتْرَةٍ وَجِيزةٍ؛ إِذْ لَمْ يَحْفَظِ التَّارِيخُ أَنَّ أحَدًا شَيَّدَ دَوْلَةً فِي بِضْعٍ وعِشْرِينَ سَنَةً بَلْ أَقَلَّ، فَعَلَيهِ صَلَّى اللهُ مَا قَلَمٌ جَرَى ... وجَلاَ الدَّيَاجِي نُورُهُ الْمُتَبَسِّمُ.

 

وَكَذَلِكَ كَانَ الصَّحَابَةُ -يا عِبَادَ اللَّهِ- إِلَى مَمَاتِهِمْ يَسْعَوْنَ لِغَايَةٍ وَاحِدَةٍ، هِيَ إِعْلاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ وَنَشْرِ دِينِهِ، كَانُوا فِي عِلْمٍ وَدَعْوَةٍ وَجِهَادٍ، لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْوَقْتِ مَا يُضَيِّعُونَهُ في المنتَزهَاتِ والاستِرَاحَاتِ والمَلاهِي؛ إِذْ فِي تَضْيِيعِ الْوَقْتِ تَضْيِيعٌ لِغَايَتِهِمْ وَهَدَفِهِمْ، كَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لَا يَجِدُ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ، وَلَا مِنَ الثِّيابِ مِا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانُوا مُلُوكَ الدُّنْيا وعُمَّارَ الْجَنَّةِ.. فَتَحُوا الْأَمْصَارَ وَشَيَّدُوهَا، وَأَذَلُّوا دُوَلَ الْكُفْرِ وَأَرْكَعُوهَا، وَلَعَلَّ مَوَاقِفَ الصَّحَابَةِ الْكِرامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مَعَ الْقَائِدِ (رُسْتُمَ) قَائِدِ جُيوشِ كِسْرَى يُلَخِّصُ لَنَا عُلُوَّ هِمَّتِهِمْ وَنُبْلَ غَايَتِهِمْ؛ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ -رحمهَ اللهُ- أَنَّه فِي مَعْرَكَةِ الْقادِسِيَّةِ بَعَثَ رُسْتُمُ إِلَى سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِرَجُلٍ عَاقِلٍ عَالِمٍ يُكَلِّمُهُ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ جَعَلَ رُسْتُمُ يَقُولُ لَهُ: إِنَّكُمْ جِيرَانُنَا وَكُنَّا نُحْسِنُ إِلَيْكُمْ وَنَكُفُّ الْأَذَى عَنْكُمْ، فَارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ وَلَا نَمْنَعُ تُجَّارَكُمْ مِنَ الدُّخُولِ إِلَى بِلَادِنَا. فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ: إِنَّا لَيْسَ طَلَبُنَا الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا هَمُّنَا وَطَلَبُنَا الْآخِرَةُ، وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا بِدِينٍ هوَ دِينُ الْحَقِّ لَا يَرْغَبُ عَنْهُ أَحَدٌ إِلَّا ذَلَّ، وَلَا يَعْتَصِمُ بِهِ إِلَّا عَزَّ.

 

ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ سَعْدٌ رَسُولًا آخَرَ بِطَلَبِهِ، وَهُوَ رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رُسْتُمُ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فَقَالَ رِبْعِيٌّ: اللَّهُ ابْتَعَثْنَا لِنُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سِعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الْأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الْإِسْلَامِ، فَأَرْسَلَنَا بِدِينِهِ إِلَى خَلْقِهِ لِنَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ، فَمَنْ قَبِلَ ذَلِكَ قَبِلْنَا مِنْهُ وَرَجَعْنَا عَنْهُ، وَمَنْ أَبَى قَاتَلْنَاهُ أَبَدًا حَتَّى نُفْضِيَ إِلَى مَوْعُودِ اللَّهِ. قَالُوا: وَمَا مَوْعُودُ اللَّهِ؟ قَالَ: الْجَنَّةُ لِمَنْ مَاتَ عَلَى قِتَالِ مَنْ أَبَى، وَالظَّفَرُ لِمَنْ بَقِيَ.

 

وذَاكَ رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشَابُّ الصَغِيرُ، لَكِنَّ هِمَّتَهُ هِمَّةُ الأُسُودِ وغَايَتَهُ غَايَةُ العُظَمَاءِ؛ يَقولُ رضي اللهُ عنه: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: «سَلْ» فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: «أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟» قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» رواهُ مُسلِمٌ. لَمْ يَسأَلْهُ دُنيَا ولا زَوجَةً ولا مَتَاعًا ولا مالاً، وإنَّمَا عَلَتْ نَفسُهُ للجَنَّةِ وَحَسْبُ.

 

تِلكَ هِيَ -يَا عبادَ اللهِ- هِمَّتُهُمْ، وتِلكَ هِيَ غَايَتُهُمْ، ولِمِثْلِ هذَا فلْتَكُنِ الْحَيَاةُ، وعلَى مِثْلِ هذَا فلْتَكُنِ الْهِمَمُ والْغَايَاتُ.. نَسأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنَا هِمَّةً عَالِيَةً، وأنْ يُوَفِّقَنَا للْغَايَاتِ الشَّرِيفَةِ، إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ والقَادِرُ عَليهِ.. والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَهُ الْحَمْدُ الْحَسَنُ وَالثَّناءُ الْجَمِيلُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا...

 

أمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْكِرَامُ... هلا فَكَّرَ كُلٌّ مِنَّا: مَا هِيَ غَايَتَهُ وهَدَفَهُ في الْحَيَاةِ؟ هَلاَّ سَأَلْنَا أَنفُسَنَا مَا هِيَ آثَارُنَا الَّتِي تَرَكْنَهَا علَى أَرْضِنَا وفِي مُجتَمَعِنَا، بلْ في بُيُوتِنَا؟؟ هلاَّ تَفَكَّرْنَا في نَتائِجِ سَنواتِ أَعمَارِنَا الماضِيةِ وماذَا قَدَّمنَا لحَياتِنَا الحَقِيقِيَّةِ؟.

 

واعْلَمُوا -يا رَعاكُمُ اللهُ- أنَّ تَرْبِيَتَكم لأَبنَائِكم وبَنَاتِكم هَدَفٌ سَدِيدٌ، والسَّعْي في نَشْرِ الْخَيرِ، وتَعلِيمِ النَّاسِ دِينَهُمْ، أَو قَضَاءِ حَوائِجِ المسلِمِينَ أوِ الإِحسَانِ إِليهِمْ وإدخَالِ السُّرورِ عَلَيهِمْ، والامر بالمَعرُوفِ والنهي عَنِ المُنكَرِ، أوِ التَّقَرُّبُ إلى اللهِ بالطَّاعاتِ، واتِّبَاعُ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الأَهْدَافِ والغَايَاتِ الْقَويمَةِ الَّتِي يَجِبُ عَلينَا أنْ نَسْعَى لِتَحْقِيقِهَا، وأَنْ تعلوا هممنا وغَايَتَنَا لنيلها بإذنِ ربنا تعالى.

 

أَلاَ فَلْنُشَمِّرْ -يَا عِبادَ اللهِ- ولْيَكُنْ لنَا هَدَفٌ وَاضحٌ وغَايةٌ جَليلةٌ في هذه الحَيَاةِ.. قد آنَ أنْ نَجعَلَ حَياتَنَا مَليئَةً بالأهدافِ والغَاياتِ الشَّريفَةِ، لِنُصبِحَ ونُمسِي في تَحقِيقِهَا، ولِنَسعَى وراءَ إِنجَازِهَا، حتى إذا حَانَ الوَداعُ -وداعُ هذه الدُّنيا- وَجدْنَا مِنَ الأعمالِ مَا يُشَرِّفُنَا عِندَ رَبِّنَا، وجَدنَا مِنَ الأعمالِ مَا يُقرِّبُنَا إليهِ سُبحَانَهُ.

 

نَسْأَلُ اللهَ أنْ يوفِّقَنَا لما يحبُّ ويرضَى، ونسأَلُه دَوامَ التَّوفيقِ في الآخرةِ والأُولى.. إنَّه حَسبُنا ونعمَ الوكيلُ.

 

ثمَّ صَلَّوا وسَلِّموا رحِمَكُمُ اللهُ عَلَى النِّعْمَةِ المُهْدَاةِ، والرَّحْمَةِ المُسْداةِ، مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ كَمَا أَمَرَكُمْ ربُّكمْ جَلَّ في عُلاهُ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56]

 

اللهمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وعلَى آلهِ وصحْبِهِ أَجْمَعِينَ اللهمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَراتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وأَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَتَرْحَمَنَا، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنَا إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونِينَ....

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.

اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلامَ وأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والدِّينِ، وَمَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ.

اللهمَّ وَفِّقْ ولي أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بناصيته لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، واجْعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ.

اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي مَشَارِقِ الأَرضِ ومَغَارِبِهَا، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْحَبِيبِ الْمُصْطَفَى والنَّبِيِّ الْمُجْتَبَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ الوَرَى... وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشروع العمر

مختارات من الشبكة

  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أنواع الخطب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة حجة الوداع والدروس المستفادة منها (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة سلسلة خطب الدار الآخرة (13)(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 15:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب