• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: الرشد أعظم مطلب
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    تفسير: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الدرس التاسع والعشرون فضل ذكر الله
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها ووجوب قص الشارب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وبشر الصابرين..
    إلهام الحازمي
  •  
    أشنع جريمة في التاريخ كله
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تحريم الاستعاذة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    البخل سبب في قطع البركة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    نعمة الأولاد (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    خطبة (المسيخ الدجال)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وقفات تربوية مع سورة العاديات
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    من أسباب الثراء الخفية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    قبسات من علوم القرآن (1)
    قاسم عاشور
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

سمات منهج الشيخ ابن العربي في تفسير آيات الصيام والحج

سمات منهج الشيخ ابن العربي في تفسير آيات الصيام والحج
محمد طاهر عبدالظاهر الأفغاني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/1/2018 ميلادي - 28/4/1439 هجري

الزيارات: 14208

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سمات منهج ابن العربي في تفسير آيات الصيام والحج


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وبعد:

تفسير آيات الأحكام للشيخ الجليل ابن العربي من أهمِّ التفاسير في هذا الباب، ولديه منهج فريد في عرضه لتفسير آيات الأحكام.

 

ودراسة تفسير الشيخ والبحث في منهجه لا يخلو من الأهمية لدى الباحثين؛ لأن الوقوف على سمات المنهج يساعد الباحثين ويدفعهم إلى تقدُّم في فهم الدقيق والعميق من أسرار التنزيل وخاصة في آيات الأحكام.

 

وها هي أمامك بعض سمات منهج الشيخ في آيات الصيام والحج، وإن كان استيعاب جميع سماته أمرًا في غاية الصعوبة بصفة خاصة للباحثين في بادئهم، لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ومنها:

1 – تعريف الشيخ للمصطلحات الشرعية، مثلًا:

عرف الشيخ الصوم بحسب اللغة، حيث يقول:

(وَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةً عَنْ الْإِمْسَاكِ الْمُطْلَقِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ غَيْرَهُ). (1 / 106).

 

وعرف الحج لغة واصطلاحًا، حيث يقول:

(الْحَجُّ: وَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَصْدِ، وَخَصَّهُ الشَّرْعُ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَبِمَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ). (1/ 169).

 

وعرف العمرة في اللغة والاصطلاح، حيث يقول:

(الْعُمْرَةُ: وَهِيَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَارَةِ، وَهِيَ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ زِيَارَةِ الْبَيْتِ). (1/ 169).

 

وعرف المسافر والسفر في اللغة والاصطلاح، حيث يقول:

(الْمُسَافِرُ: وَالسَّفَرُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الِانْكِشَافِ وَالْخُرُوجِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ؛ وَهُوَ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ خُرُوجٍ يَتَكَلَّفُ فِيهِ مُؤْنَةً). (1/ 111).

 

واستعانته بعلم اللغة والاشتقاق في تقريب المفاهيم الشرعية:

كما تقدم في تعريفه للمصطلحات الشرعية.

 

2 – تعرضه لتفسير آيات الأحكام فقط لا غيرها:

كما قال في بداية تفسير سورة البقرة: (سُورَة الْبَقَرَةِ وَفِيهَا تِسْعُونَ آيَةً).

 

وحسب ترتيبه للآيات في تفسيره تكون آيات الصيام (35) الخامسة والثلاثون من سورة البقرة، ثم يفرع منها مسائل ويقول: (فِيهَا سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً).

وتكون آيات الحج والعمرة (45) الخامسة والأربعون من سورة البقرة، ثم يفرع منها مسائل ويقول: (فِيهَا اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً).

 

يتعرض لتفسير الآيات المترابطة معًا؛ حيث يأخذ آياتٍ متعددة إذا كانت في موضوع واحد، ثم يفسر الآيات، ويستنبط منها الأحكام بحسب الكلمات أو الجمل، كما هو واضح في تفسيره.

 

3 – ذكره لأقوال مختلفة تفسيرية في تفسر الآيات ثم يقوم بالترجيح:

يذكر أقوالًا مختلفة في تفسير الآيات، ثم يرد بعض الأقوال بالدليل، ويقوم بالترجيح بينها، ويذكر وجه الترجيح؛ كما يقول في تفسير قوله تعالي:

(﴿ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ [البقرة: 183]: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ. وَقِيلَ: هُمْ النَّصَارَى. وَقِيلَ: هُمْ جَمِيعُ النَّاسِ. وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَخِيرُ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا بِإِمْسَاكِ اللِّسَانِ عَنْ الْكَلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَرْعِنَا؛ فَصَارَ ظَاهِرُ الْقَوْلِ رَاجِعًا إلَى النَّصَارَى لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ الْأَدْنَوْنَ إلَيْنَا.الثَّانِي: أَنَّ الصَّوْمَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ كَانَ إذَا نَامَ الرَّجُلُ لَمْ يُفْطِرْ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِصَوْمِهِمْ). (1 / 106).

وكذا يقول في تفسير قوله تعالى: (قَوْله تَعَالَى ﴿ وَأَتِمُّوا ﴾ [البقرة: 196] فِيهِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ...). (1/167، 168).

 

4 – يجمع بين الأقوال التفسيرية المختلفة عندما يمكن الجمع:

كما قال في تفسير قوله تعالى: (﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ فِعْلَهُ.

الثَّانِي: لَعَلَّكُمْ تَضْعُفُونَ فَتَتَّقُونَ؛ فَإِنَّهُ كُلَّمَا قَلَّ الْأَكْلُ ضَعُفَتْ الشَّهْوَةُ، وَكُلَّمَا ضَعُفَتْ الشَّهْوَةُ قَلَّتْ الْمَعَاصِي.

الثَّالِثُ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ مَا فَعَلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.

رُوِيَ أَنَّ النَّصَارَى بَدَّلَتْهُ إلَى الزَّمَانِ الْمُعْتَدِلِ، وَزَادَتْ فِيهِ كَفَّارَةُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ؛ وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ، وَمُرَادَةٌ بِالْآيَةِ، إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ [حَقِيقَةٌ، وَالثَّانِي مَجَازٌ حَسَنٌ، وَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي مَعْصِيَةٌ]، وَالثَّالِثُ كُفْرٌ). (1 / 108).

 

5 – الترجيح بين الروايات التي تفسر القرآن:

رجح الشيخ بين الروايات التي تتعارض مع بعضها البعض في تفسير الآية، حيث يقوم بالترجيح بين الروايات بحسب القوة والضعف، كما تعرض لهذا الترجيح في تفسير قوله تعالى: (﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 184] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ رَمَضَانُ، لَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَقَدْ أَبْعَدَ؛ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الصِّحَّةِ). (1 / 109).

 

6 – تعرضه لروعة البيان للآيات عند تفسيره لها:

كما أشار إلي ذلك بقوله في تفسير قوله تعالى: (﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184] قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذَا الْقَوْلُ مِنْ لَطِيفِ الْفَصَاحَةِ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ: فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ ﴾ [البقرة: 196] تَقْدِيرُهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ. وَقَدْ عُزِيَ إلَى قَوْمٍ: إنْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ قَضَاهُ، صَامَهُ أَوْ أَفْطَرَهُ، وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا ضُعَفَاءُ الْأَعَاجِمِ؛ فَإِنَّ جَزَالَةَ الْقَوْلِ وَقُوَّةَ الْفَصَاحَةِ تَقْتَضِي: فَأَفْطَرَ). (1 / 112).

 

7 – تعرُّضه للقراءات في تفسيره للآيات:

قد يتعرض لذكر القراءات صحيحها وشاذِّها، ثم يرجِّح القراءة الصحيحة على الشاذة إيذانًا بأن الأحكام لا تبتنى على القراءات الشاذة، كما يقول في تفسير قوله تعالى:

(﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ قِرَاءَاتٌ وَتَأْوِيلَاتٌ وَاخْتِلَافَاتٌ وَهِيَ بَيْضَةُ الْعُقْرِ.قُرِئَ يُطِيقُونَهُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ، وَقُرِئَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْيَاءِ وَتَشْدِيدِهِمَا، وَقُرِئَ كَذَلِكَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ، لَكِنَّ الْأُولَى مَضْمُومَةٌ، وَقُرِئَ يَطُوقُونَهُ، وَالْقِرَاءَةُ هِيَ الْقِرَاءَةُ الْأُولَى، وَمَا وَرَاءَهَا وَإِنْ رُوِيَ وَأُسْنِدَ فَهِيَ شَوَاذٌّ، وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا أَصْلٌ). (1 / 113).

 

عندما يمكن استنباط الحكم من قراءة لا يرى حاجة للجوء إلي قراءات أخرى، وإيذانه بأن القراءات ليست تابعة للمذهب والحكم، بل المذهب والحكم تابع لها كما أشار في تفسير قوله تعالى:

(قَوْلُهُ: ﴿ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ﴾ [البقرة: 196] رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: (وَالْعُمْرَةُ) بِالرَّفْعِ لِلْهَاءِ، وَحَكَى قَوْمٌ أَنَّهُ إنَّمَا فَرَّ مِنْ فَرْضِ الْعُمْرَةِ؛ وَهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِرَاءَةَ يَنْبَنِي عَلَيْهَا الْمَذْهَبُ، وَلَا يُقْرَأُ بِحُكْمِ الْمَذْهَبِ.

الثَّانِي: أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ النَّصْبَ لَا يَقْتَضِي ابْتِدَاءَ الْفَرْضِ، فَلَا مَعْنَى لِقِرَاءَةِ الرَّفْعِ إلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ: يُقْرَأُ بِكُلِّ لُغَةٍ). (1/ 170).

 

8 – بيانه لناسخ القرآن ومنسوخه:

حيث يذكر الآية المنسوخة ويفسرها، ثم يذكر الآية الناسخة لها، كما في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، حيث يقول:

(وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ، وَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا فَلَا صَوْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا وَلَزِمَهُ الصَّوْمُ، وَأَرَادَ تَرْكَهُ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ، ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185] مُطْلَقًا).

 

9 – استخدامه منهج الفنقلة في تبيين معاني الآيات:

يفترض سؤالًا ثم يجيب عليه وحديثًا يقال لهذا المنهج: منهج الفنلقة، والشيخ استخدم هذا المنهج في تبيين الجوانب المغلقة في الموضوعات وحل عقدها، حيث يقول:

(فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُقَالُ: الْفَرْضُ خَيْرٌ مِنْ التَّطَوُّعِ، وَلَا يَسْتَوِيَانِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ، وَحُكْمُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي أَصْلِ التَّخْيِيرِ، ثُمَّ يَتَفَاضَلَا فِيهِ؟

 

قُلْنَا: الصَّوْمُ خَيْرٌ مِنْ الْفِطْرِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، فَصَارَ فِيهِ وَصْفٌ مِنْ النَّفْلِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: تَقْدِيمُهُ أَوْ فِعْلُهُ خَيْرٌ مِنْ الْإِطْعَامِ). (1 / 114).

 

وأيضاً يقول:

(إنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ ﴾ [البقرة: 187] الْفَجْرَ وَيَتَأَخَّرُ الْبَيَانُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؟ وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ حَتَّى يَقَعَ الْخَطَأُ عَنْ الْمَقْصُودِ لَا يَجُوزُ.

 

فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْبَيَانَ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُدْرِكُهُ جَمِيعُ النَّاسِ؛ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ مَكْشُوفًا فِي دَرَجَةٍ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ إلَّا عَدِيٌّ وَحْدَهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَنِّفْ عَدِيًّا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيَانَ فِيهِ جَلِيًّا). (1 / 134).

 

10 – تعرضه للأقوال الفقهية المختلفة وترجيحه بين الآراء:

قد يرجح مذهبه، ويفنِّد آراء الآخرين عندما يجد لمذهبه دليلًا قويًّا، كما رحج وصرح بصحة رأي مذهبه بقوله:

(الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: الْحِلَاقُ نُسُكٌ مَقْصُودٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ إلْقَاءُ تَفَثٍ، وَمَا قُلْنَاهُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَهُ وَرَتَّبَهُ عَلَى نُسُكٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ فِي الصَّحِيحِ مَمْدُوحٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ)). قِيلَ: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ)). قِيلَ: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ)). قِيلَ: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَ((الْمُقَصِّرِينَ)).). (1/ 172).

 

وقد يرجح رأي غير علماء مذهبه إذا رآه صوابًا، كما رجح في تفسير قَوْله تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ﴾ [البقرة: 196]:

(هَذِهِ آيَةٌ مُشْكِلَةٌ عُضْلَةٌ مِنْ الْعُضْلِ، فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: مُنِعْتُمْ بِأَيِّ عُذْرٍ كَانَ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. الثَّانِي: [مُنِعْتُمْ] بِالْعَدُوِّ خَاصَّةً؛ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ، وَالشَّافِعِيُّ؛ وَهُوَ اخْتِيَارُ عُلَمَائِنَا، وَرَأْيُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَمُحَصِّلِيهَا عَلَى أَنَّ أُحْصِرَ عُرِّضَ لِلْمَرَضِ، وَحُصِرَ نَزَلَ بِهِ الْحَصْرُ... وَحَقِيقَةُ الْمَنْعِ عِنْدَنَا الْعَجْزُ الَّذِي يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْفِعْلُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، وَاَلَّذِي يَصِحُّ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمَمْنُوعِ بِعُذْرٍ). (1 / 170، 171).

 

وقد يرجح رأيًا يوافق فيه إمام مذهبه ومن وافقه ويترك رأي علماء مذهبه، كما رجح في مسألة الصوم في السفر:

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: الصَّوْمُ خَيْرٌ مِنْ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْفِطْرُ أَفْضَلُ، وَلِعُلَمَائِنَا مِثْلُهُ، وَلَهُمْ قَوْلٌ ثَالِثٌ: إنَّ الْفِطْرَ فِي الْغَزْوِ أَفْضَلُ؛ وَتَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ)). وَصَحَّ أَنَّهُ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَعَلَّقَ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ الْفِطْرَ فِي الْغَزْوِ أَفْضَلُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((إنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا)). وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184]). (1 / 114، 115).

 

وقد يرجح رأي علماء مذهبه، ويفند آراء الآخرين، كما في مسألة (جعل الهدي نسكًا) حيث يقول:

(قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُجْزِئُ [الطَّعَامِ] فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. وَقِيلَ: لَا يَخْتَصُّ مِنْهَا بِمَكَّةَ إلَّا الْهَدْيُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الطَّعَامُ كَالْهَدْيِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْهَدْيِ لِمَسَاكِينِ مَكَّةَ؛ فَالطَّعَامُ الَّذِي هُوَ عِوَضُهُ كَذَلِكَ. وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَيَخْتَصُّ بِمَكَّةَ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي فَيَأْتِي بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَأَمَّا الْهَدْيُ فَإِنَّمَا جَاءَ الْقُرْآنُ فِيهِ بِلَفْظِ النُّسُكِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَذْبَحَ حَيْثُ شَاءَ؛ فَإِنَّ لَفْظَ النُّسُكِ عَامٌّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَثَرِ: ((مَنْ وُلِدَ لَهُ فَأَحَبَّ أَنْ يُنْسَكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ)). وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: ((أَوْ اُنْسُكْ بِشَاةٍ))، فَحُمِلَ هَذَا اللَّفْظُ هَاهُنَا وَهُوَ الْهَدْيُ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا النُّسُكَ هَدْيًا جَعَلَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ نُسُكًا، وَالنُّسُكُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ هَدْيًا). (1/ 177، 178).

 

11 – تعرضه لأسباب النزول في تفسير الآيات:

يتعرض لسبب النزول في تفسير الآيات، ويتعدد في ذكره عندما يجد روايات مختلفة في سبب نزول الآية، كما ذكر في تفسير قوله تعالى:

(﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ... ﴾ [البقرة: 187] فِيهَا تِسْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا:

رَوَى الْأَئِمَّةُ: الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْبَرَاءِ: (أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا إذَا حَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَأَنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الْإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنِّي أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ، وَكَانَ يَعْمَلُ يَوْمَهُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَدْ نَامَ قَالَتْ: خَيْبَةً لَك؛ فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

 

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ نَحْوَهُ، (وَأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجَعَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَمَرَ عِنْدَهُ لَيْلَةً، فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ نَامَتْ فَأَرَادَهَا فَقَالَتْ: قَدْ نِمْتُ، فَقَالَ: مَا نِمْت، ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا، وَصَنَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِثْلَهُ. فَغَدَا عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَعْتَذِرُ إلَى اللَّهِ وَإِلَيْك؟ فَإِنَّ نَفْسِي زَيَّنَتْ لِي مُوَاقَعَةَ أَهْلِي، فَهَلْ تَجِدُ لِي مِنْ رُخْصَةٍ؟ فَقَالَ لَهُ: ((لَمْ تَكُنْ بِذَلِكَ حَقِيقًا يَا عُمَرُ))، فَلَمَّا بَلَغَ بَيْتَهُ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَأَنْبَأَهُ بِعُذْرِهِ فِي آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ).

 

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ قَالَ: (جَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَرَادَ أَهْلَهُ، فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ نِمْت: فَظَنَّ أَنَّهَا تَعْتَلُّ، فَأَتَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ). (1/ 126، 127).

 

وقد يذكر رواية واحدة في سبب النزول الآية عندما لا يجد فيه رواية أخرى، كما ذكر في سبب نزول هذه الآية: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ ﴾ [البقرة: 196] بقوله:

 

(هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: (مَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لِي وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ مِنْ رَأْسِي فَقَالَ: ((أَيُؤْذِيك هَوَامُّك؟)) قُلْت: نَعَمْ. فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ وَلَمْ يَأْمُرْ غَيْرَهُ)، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْآيَةَ). (1/ 176، 177).

 

وقد يذكر في السببية رواية تتعلق بسبب النزول في الآية، ثم يذكر رواية أخرى تتعلق وتتشابه في السببية، ومعنى ذلك أنها داخلة في هذا الباب، ليس معناها أنها رواية مستقلة في السببية، كما ذكر هذه الروايات في تفسير قوله تعالى:

(﴿ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]: رَوَى الْأَئِمَّةُ بِأَجْمَعِهِمْ: (قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَمَدْت إلَى عِقَالَيْنِ لِي أَسْوَدَ وَأَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، وَجَعَلْت أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ إلَيْهِمَا فَلَا يَسْتَبِينُ لِي فَعَمَدْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت ذَلِكَ، فَقَالَ: ((إنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ))، وَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى: ﴿ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187].

 

وَرَوَى الْأَئِمَّةُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَمْنَعَنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سُحُورِكُمْ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، لِيُرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا - وَصَوَّبَ يَدَهُ وَرَفَعَهَا - حَتَّى يَقُولَ: هَكَذَا - وَضَرَبَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ)). (1/ 130).

 

ويرى العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما أشار في ذكره لسبب النزول هذه الآية: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ﴾ [البقرة: 196]:

(وَقَدْ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ، فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، حِينَ صَدَّ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَكَّةَ، وَمَا كَانُوا حَبَسُوهُ وَلَكِنْ حَبَسُوا الْبَيْتَ وَمَنَعُوهُ... وَاَلَّذِي يَصِحُّ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمَمْنُوعِ بِعُذْرٍ، وَأَنَّ لَفْظَهَا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ). (1/171).

 

وكذلك اعتبر عموم اللفظ لا خصوص السبب في سبب نزول قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ ﴾ [البقرة: 196]؛ حيث صرح بعد ذكر سبب نزولها بقوله:

(فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَرِيضًا وَاحْتَاجَ إلَى فِعْلِ مَحْظُورٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ فَعَلَهُ وَافْتَدَى، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ) (1 / 177).

 

12 – إثباته قوة الروايات الواردة في سبب النزول بدلالة السياق:

كما أثبت ذلك في الروايات الواردة في سبب نزول الآية: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ... ﴾ [البقرة: 187] بقوله: (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: 187]، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ رِوَايَةِ عُمَرَ وَكَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَلِمَ الْخِيَانَةَ، وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مَا عَلِمَ مَوْجُودًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ صِرْمَةَ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَتَقْدِيرُهُ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَرَخَّصَ لَكُمْ). (1 / 128).

 

وكذا رجح بدليل: (قَوْله تَعَالَى: ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 187] قَدْ أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ الْآيَةِ جِمَاعُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَا جُوعُ قَيْسٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّبَبُ جُوعَ قَيْسٍ لَقَالَ: فَالْآنَ كُلُوا، ابْتَدَأَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ الَّذِي نَزَلَتْ الْآيَةُ لِأَجْلِهِ). (1/ 129).

 

13 – الجمع بين الروايات المختلفة في سبب النزول وذلك بدلالة السياق:

كما أنه يقسم فقرات الآية للاستشهاد بسبب النزول للجمع بين الروايات المختلفة بقوله في تفسير هذه الآية: (قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ﴾ [البقرة: 187]: هَذَا جَوَابُ نَازِلَةِ قَيْسِ بْنِ صِرْمَةَ، وَالْأَوَّلُ جَوَابُ نَازِلَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ وَبَدَأَ بِنَازِلَةِ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ فَهُوَ الْمُقَدَّمُ).

 

14 – تعرضه لنقول علماء الزهد في تفسير آيات الأحكام:

يتعرض للموضوعات التي تتعلق بالأخلاق وينقل عن علماء الزهد، كما نقل في تفسير قوله تعالى: ﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 54]:

(... قَدْ تَابَ عَلَيْنَا رَبُّنَا هَاهُنَا بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَبُولُهُ تَوْبَةَ مَنْ اخْتَانَ نَفْسَهُ.وَالثَّانِي: تَخْفِيفُ مَا ثَقُلَ... قَالَ عُلَمَاءُ الزُّهْدِ: وَكَذَا فَلْتَكُنْ الْعِنَايَةُ وَشَرَفُ الْمَنْزِلَةِ، خَانَ نَفْسَهُ عُمَرُ فَجَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرِيعَةً، وَخَفَّفَ لِأَجْلِهِ عَنْ الْأُمَّةِ فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ). (1 / 129).

 

15 – تعرضه للموضوعات العقدية في تفسيره لآيات الأحكام:

يتعرض للموضوعات العقدية والرد على الفرق وذلك من خلال تفسيره للآيات، كما أشار في تفسير قوله تعالى:

(﴿ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]: الْأَعْمَالُ كُلُّهَا لِلَّهِ، خَلْقٌ وَتَقْدِيرٌ، وَعِلْمٌ وَإِرَادَةٌ، وَمَصْدَرٌ وَمَوْرِدٌ، وَتَصْرِيفٌ وَتَكْلِيفٌ). (1/170).

 

16 – تعرضه للمطلق والمقيد في تفسيره للآيات:

قد يذكر هذه المصطلحات ويرد على من استخدم هذه المصطلحات، وطبقها في غير موضوعها كما يقول في موضوع الصيام في قوله تعالى: ﴿ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ ﴾ [البقرة: 196]:

 

(قَالَ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ: هُوَ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ. قَالُوا: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الصِّيَامَ هَاهُنَا مُطْلَقًا، وَقَيَّدَهُ فِي التَّمَتُّعِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ. قُلْنَا: هَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إلَّا بِدَلِيلٍ فِي نَازِلَةٍ وَاحِدَةٍ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ؛ وَهَاتَانِ نَازِلَتَانِ.

الثَّانِي: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَدْرَ الصِّيَامِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ). (1/177).

 

هذه هي بعض سمات منهج الشيخ ابن العربي في تفسيره لآيات الصيام والحج.

(وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ابن العربي: القاضي الفقيه والرحالة الأديب
  • مصادر التفسير الفقهي عند ابن العربي
  • أسماء متشابهة: ابن العربي
  • نظم للألفاظ التي على وزن تفعال بكسر التاء من كلام الإمام ابن العربي في "أحكام القرآن"
  • دليل الصيام والحج
  • أحكام آيات الصيام (سورة البقرة: 183-187)
  • فوائد وحكم وأحكام في آيات الصيام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • سمات الأصالة في المنهج العلمي للإمام السيوطي(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • سمات التيسير ورفع الحرج في الحج: الاستطاعة البدنية(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • سمات المسلم الإيجابي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سمات المذهب الحنبلي(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • سمات الإنعام والانتقام الدنيويين في القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أبرز سمات وخصائص أهل السنة والجماعة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • سمات دولة النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أبرز سمات أهل السنة والجماعة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • منظومة سمات طالب العلم(كتاب - آفاق الشريعة)
  • سمات القرآنيين(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/1/1447هـ - الساعة: 11:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب