• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

قصة ذي القرنين

قصة ذي القرنين
محمد لطفي الدرعمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/12/2017 ميلادي - 2/4/1439 هجري

الزيارات: 68494

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة ذي القرنين


الحمدُ للهِ جلَّ في عليائِه، نحمدُه سبحانَه على جزيلِ عطائِه، ونشكرُه على إفضالِه ونَعمائِه، وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ خاتَمِ أنبيائِه، وعلى آله وصَحْبه وجميعِ نسائِه؛ فإنهم خِيرةُ أوليائِه، وعلى مَن اقتفى أثرَه واهتدى بهَدْيه إلى يوم لقائِه، وبعد:

فهذه قصةُ الرجلِ الصالح (ذي القَرْنين) رضي الله عنه، اختصرتُها مِن (البداية والنهاية)؛ للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى[1]، مُكتفيًا ببيانِ ما اشتَمَل عليه القرآنُ الكريم مِن ذكر أمرِه، وشَرْحِ ابنِ كثير للآيات، مع حذفِ ما لا يصحُّ ولا دليلَ عليه، ولا طائلَ مِن ذكرِه.

 

وابتدأتُ قصتَه بذكرِ موضعِها مِن القرآن الكريم كاملةً، ثم ذكرتُ قولَ ابنِ كثير رحمه الله مِن تاريخه بلفظِه، معقبًا بذكر زياداتٍ مِن تفسيرِه، مع الاختصارِ غيرِ المُخِلِّ، وللهِ الحمدُ والمنَّة.

 

قال الله تعالى:

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا * كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 84 - 98].

 

قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله:

1- ذكر اللهُ تعالى ذا القرنينِ هذا، وأثنى عليه بالعدلِ، وأنه بلغ المشارق والمغارب، ومَلَك الأقاليم، وقهَر أهلها، وسار فيهم بالمَعْدَلةِ التامَّة[2]، والسلطانِ المُؤيَّد المُظفَّر المَنْصور القاهر المُقْسِط، والصحيحُ أنه كان مَلِكًا مِن المُلُوكِ العادلين، وقيل: كان نبيًّا![3].

 

2- وكان الخَضِرُ عليه السلام على مُقدَّمِة جيشه، وكان عنده بمنزلة المُشاوِر، الذي هو مِن المَلِك بمنزلة الوزيرِ في إصلاحِ الناس اليوم[4].

 

3- وقد ذُكِر أن ذا القرنينِ أسلَم على يدَي إبراهيمَ الخليلِ عليه السلام، وطاف معه بالكعبة المُكرَّمة هو وإسماعيل، عليه السلام[5].

 

4- وسُمِّي ذا القرنينِ؛ لأنه بلغ قرنَيِ الشمسِ غربًا وشرقًا، ومَلَك ما بينَهما مِن الأرضِ، وهذا أشبهُ مِن غيره، وهو قولُ الزُّهري[6].

 

5- وليس هو الإسكندرَ الأكبرَ ذا القرنينِ، المَقْدُوني اليُوناني المِصْري، بانِي إسكندرية، الذي يُؤرِّخُ الرومُ بأيَّامِهِ، بل كان [المقدونيُّ] مُتأخرًا عن الأولِ [الصالحِ] بدهرٍ طويلٍ، وكان هذا [المقدونيُّ] قبلَ المسيحِ عليه السلام بنحوٍ مِن ثلاثمائة سنةٍ، وكان أرسطاطاليس الفيلسوفُ وزيرَه، وهو الذي قتل دارا بنَ دارا، وأذلَّ ملوك الفرس، وأوطأ أرضهم.

 

• قال: (وإنما نبَّهنا عليه؛ لأن كثيرًا مِن الناسِ يعتقد أنهما واحدٌ، وأن المذكورَ في القرآنِ هو الذي كان أرسطاطاليسُ وزيرَه، فيقع بسببِ ذلك خطأٌ كبير، وفساد عَرِيض طويل كثير؛ فإن الأولَ كان عبدًا مؤمنًا صالحًا، وملكًا عادلًا، وكان وزيرَه الخَضِرُ...، وأما الثاني [المقدونيُّ]، فكان مُشركًا، وكان وزيرُه فيلسوفًا، وقد كان بين زمانَيْهما أزيدُ مِن أَلْفَي سنةٍ، فأين هذا مِن هذا؟! لا يستويانِ ولا يَشتبهانِ)[7].

 

6- قوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ﴾ [الكهف: 83]:

كان سببُه أن قريشًا سألوا اليهودَ عن شيءٍ يمتَحِنُون به عِلمَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا لهم: سَلُوه عن رجلٍ طوَّافٍ في الأرض، وعن فتيةٍ خرَجوا لا يُدْرَى ما فعَلوا[8]!

 

فأنزل الله تعالى قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين؛ ولهذا قال: ﴿ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ [الكهف: 83]؛ أي: مِن خبره وشأنه.

 

﴿ ذِكْرًا ﴾؛ أي: خبرًا نافعًا كافيًا في تعريف أمره وشرح حاله.

فقال: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 84]؛ أي: وسَّعنا مملكتَه في البلاد، وأعطَيْناه من آلاتِ المملكة ما يستعينُ به على تحصيلِ ما يحاوله من المهمَّات العظيمة والمقاصد الجسيمة[9].

 

• ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾ يَعُمُّ كلَّ سببٍ يتوصَّل به إلى نَيْل مقصودِه في المملكة وغيرها؛ فإنه كان يأخذ مِن كل إقليمٍ من الأمتعة والمطاعم والزادِ ما يكفيه ويُعِينه على أهل الإقليم الآخر.

 

7- وقوله: ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 85]؛ أي: طريقًا.

﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسَ ﴾ [الكهف: 86]؛ يعني مِن الأرض، انتهى إلى حيث لا يمكنُ أحدًا أن يُجاوِزَه، ووقف على حافَةِ البحرِ[10]...، وعنده شاهَدَ مَغِيبَ الشمس - فيما رآه بالنسبة إلى مشاهدته - ﴿ تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ﴾ [الكهف: 86]، والمراد بها البحرُ في نظره، فإنَّ مَن كان في البحر أو على ساحله يرى الشمس كأنها تطلُعُ مِن البحر وتغرُبُ فيه؛ ولهذا قال: ﴿ وَجَدَهَا ﴾،؛أي: في نظره، ولم يَقُلْ: فإذا هي تغرُبُ في عَيْنٍ حَمِئَةٍ.

 

• تنبيه: مَن زعم مِن القُصَّاص أن ذا القرنين جاوز مَغرِبَ الشمس، وصار يمشي بجيوشِه في ظُلُمات مُدَدًا طويلة، فقد أخطأ وأبعَدَ النُّجْعَة، وقال ما يخالف العقلَ والنقل.

 

8- ذكر تعالى أنه حكَّمه في أهل تلك الناحية ﴿ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 86، 87]؛ أي: فيجتمع عليه عذابُ الدنيا والآخرة، وبدأ بعذابِ الدنيا؛ لأنه أزجرُ عند الكافر.

 

﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴾ [الكهف: 88]؛ فبدأ بالأهم وهو ثواب الآخرة، وعطف عليه الإحسان منه إليه، وهذا هو العدل والعلم والإيمان.

 

• قال في التفسير (5/ 193):

"معنى هذا: أن الله تعالى مكَّنه منهم، وحكَّمه فيهم، وأظفَره بهم، وخيَّره إن شاء قتل وسَبَى، وإن شاء منَّ أو فدى، فعُرِف عدلُه وإيمانه، فيما أبداه عدله وبيانه، في قوله: {أَمَّا مَنْ ظَلَمَ}؛ أي: مَن استمرَّ على كفره وشركه بربِّه ﴿ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ﴾".

 

9- قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 89]؛ أي: سَلَك طريقًا راجعًا مِن المَغرِب إلى المَشرِق...، ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ﴾ [الكهف: 90]؛ أي: ليس لهم بيوتٌ ولا أكنانٌ يستَتِرون بها من حرِّ الشمسِ.

 

10- قال الله تعالى: ﴿ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ﴾ [الكهف: 91]؛ أي: ونحن نعلَمُ ما هو عليه، ونحفَظُه، ونكلَؤُه بحراستِنا في مَسِيرِه ذلك كلِّه مِن مغاربِ الأرض إلى مشارقِها.

 

11- قولُه تعالى: ﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ﴾ [الكهف: 92، 93]؛ يعني غُتْمًا [عَجَمًا][11]...، فذكروا له أن هاتينِ القبيلتينِ قد تعدَّوا عليهم، وأفسَدوا في بلادهم، وقطَعُوا السُّبُل عليهم.

 

وبذَلوا له حِملًا - وهو الخَرَاج - على أن يُقِيم بينَهم حاجزًا يمنعُهم مِن الوصول إليهم، فامتنع مِن أَخْذِ الخَراج؛ اكتفاءً بما أعطاه الله تعالى مِن الأموال الجَزِيلة، ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾ [الكهف: 95].

 

• قال في التفسير (5/ 196): "فقال ذو القرنين بعفَّة وديانةٍ وصلاحٍ وقصدٍ للخير: ﴿ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾؛ أي: إن الذي أعطاني الله مِن المُلْك والتمكين خيرٌ لي مِن الذي تجمعونه، كما قال سليمانُ عليه السلام: ﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ﴾ [النمل: 36]، وهكذا قال ذو القرنينِ: الذي أنا فيه خيرٌ مِن الذي تبذُلُونَه، ولكن ساعِدُوني ﴿ بِقُوَّةٍ ﴾؛ أي: بعَمَلِكم وآلات البناء، ﴿ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾، والزُّبُر: جَمْعُ زُبْرَة، وهي القطعةُ منه".

 

• ثم طلب منهم أن يجمَعُوا له رِجالًا وآلاتٍ ليَبْني بينهم وبينهم سدًّا، وهو الرَّدْمُ بين الجبلينِ، وكانوا لا يستطيعون الخروجَ إليهم إلا مِن بينهما، وبقيةُ ذلك بحارٌ مُغرِقَةٌ، وجِبالٌ شاهِقةٌ، فبَنَاهُ - كما قال تعالى - مِن الحديدِ والقِطْر، وهو النُّحاس المُذاب، فجَعَل بدلَ اللَّبِنِ حديدًا، وبدلَ الطِّينِ نُحاسًا؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ﴾ [الكهف: 97]؛ أي: يعلُوا عليه بسلالمَ ولا غيرِها، ﴿ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾؛ أي: بمعاولَ ولا فُؤوسٍ ولا غيرِها.

• فقابَلَ الأسهلَ بالأسهلِ، والأشدَّ بالأشدِّ.

 

• قال في التفسير (5/ 197): "ولما كان الظهورُ عليه أسهلَ مِن نَقْبِه، قابل كُلًّا بما يُناسِبه، فقال: ﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾، وهذا دليلٌ على أنهم لم يَقْدِروا على نَقْبِه، ولا على شيء منه".

 

12- ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ﴾  [الكهف: 98]؛ أي: قدَّر اللهُ تعالى وجودَه ليكونَ رحمةً منه بعبادِه أن يمنعَ بسببِه عدوانَ هؤلاءِ القومِ على مَن جاوَرَهم في تلك المَحِلَّة.

 

• ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي ﴾ [الكهف: 98]؛ أي: الوقتُ الذي قدَّر خروجَهم على الناسِ في آخر الزمانِ ﴿ جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾؛ أي: مُساويًا للأرضِ، ولا بدَّ مِن كونِ هذا؛ ولهذا قال: ﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾.

 

• كما قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ﴾ [الأنبياء: 96، 97]؛ ولذا قال ها هنا: ﴿ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ﴾ [الكهف: 99]؛ يعني: يومَ فتح السدِّ على الصحيح، ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴾ [الكهف: 99].

 

وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وآله وصحبِه والتابعين

والحمدُ للهِ أولًا وآخرًا

 


[1] ينظر: البداية والنهاية (2/ 535 - 551) ط/ دار هَجَر، وتفسير ابن كثير (5/ 188 - 200) ط/ دار طَيْبة.

[2] "عدَل على القومِ مَعْدَلَةً (بكسر الدال وفتحها)"؛ المصباح المنير (2/ 396).

[3] قال ابن كثير في البداية والنهاية (2/ 542): "وقد كان نبيًّا على ما قرَّرْناه قبل هذا"!

قلتُ: بل الذي قرَّره أنه عبدٌ صالحٌ ومَلِكٌ عادل، وقد ذكر كونه نبيًّا بصيغة التمريض والتضعيف بقوله: "وقيل"! والصوابُ أنه ليس نبيًّا؛ إذ ليس ثَمَّ دليلٌ على ذلك؛ كَوَحْيٍ من الله تعالى له، أو نبوَّة، أو رسالةٍ، أو نحو ذلك.

[4] قال ابن كثير في البداية والنهاية (2/ 179): "قال ابنُ جريرٍ: والصحيح أنه كان في زمن أفريدون، واستمرَّ حيًّا إلى أن أدركه موسى عليه السلام".

وقد قال الطبري (1/ 376) - ط/ دار المعارف، مصر -: "فهذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن السلف من أهل العلم - تُنبئ عن أن الخَضِر كان قبل موسى عليه السلام وفي أيامه...، وإنما قدَّمنا ذكرَه وذكرَ خبرِه؛ لأنه كان في عهدِ أفريدون فيما قيل، وإن كان قد أدرك - على هذه الأخبارِ التي ذكرتُ - مِن أمرِه وأمر موسى وفتاه".

[5] ينظر: تاريخ الطبري (1/ 365).

[6] وينظر كذلك: تفسير ابن كثير (5/ 190).

[7] وينظر كذلك: تفسير ابن كثير (5/ 189).

[8] ينظر: دلائل النبوة للبيهقي (2/ 270)، ط/ دار الكتب العلمية، سنة 1405 هـ، وكتاب دلائل النبوة؛ لقوام السُّنة ص216، ط/ دار طيبة - الرياض، ط/ 1، سنة 1409، وتفسير الطبري (17/ 593).

[9] قال في التفسير (5/ 189): وقولُه: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ ﴾؛ أي: أعطيناه مُلكًا عظيمًا مُتمكِّنًا، فيه له مِن جميع ما يُؤتى الملوك؛ من التمكين والجنود، وآلات الحرب والحِصارات؛ ولهذا ملَكَ المشارق والمغارب من الأرض، ودانت له البلاد، وخضعَتْ له ملوك العباد، وخدمته الأمم، من العرب والعجم".

[10] حافَة [على وزن حَارَة] بتخفيف الفاء، قال في المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 157): "حافَةُ كل شيء ناحيتُه، والأصل حَوَفَةٌ؛ مثل: قَصَبَةٍ، فانقلبتِ الواو ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، والجمع حَافَاتٌ".

[11] قال في مختار الصحاح: (الغُتْمَةُ) العُجْمَة، و(الأَغْتَم) الذي لا يُفصِح شيئًا، والجمع (غُتْمٌ)، ورجلٌ (غُتْمِيٌّ)، وقال في التفسير (5/ 195): "لاستعجامِ كلامهم وبُعْدهم عن الناس".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لفتات من قصة ذي القرنين
  • دراسة سردية لقصة ذي القرنين
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قصة ذي القرنين
  • قصة ذي القرنين والمنهج القرآني في استعمار البلدان
  • قصة ذي القرنين

مختارات من الشبكة

  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصص فيها عبرة وعظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص لخصائص القصة الشعرية إلى عصر الدول المتتابعة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • خصائص القصة الشعرية في النصف الأول من القرن التاسع عشر(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • فوائد القصص في المجال الإعلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دروس وفوائد من قصة سيدنا شعيب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أربعين ساعة بين الأمواج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن قصة نبي الله سليمان والنملة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب