• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

الدعاء

الدعاء
يوسف المطردي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/11/2017 ميلادي - 15/2/1439 هجري

الزيارات: 11984

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدعاء

 

الحمد لله الشاملة رأفته، العامة رحمته، الذي جازى عباده عن ذكرهم بذكرهم فقال تعالى ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152]، ورغبهم في السؤال والدعاء بأمره فقال ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60] فأطمع المطيع والعاصي والداني والقاصي في الانبساط إلى حضرة جلاله برفع الحاجات والأماني بقوله ﴿ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، والصلاة على محمد سيد أنبيائه وعلى آله وأصحابه خيرة أصفيائه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

 

أيها المسلمون: لا تنال السعادة إلا بتوفيق الله - عز وجل - ومن أهم الأسباب التي تعينك على أن تنال توفيق الله لك، (الدعاء)، نعم أن تدعو مولاك ليوفقك لفعل الصالحات والإكثار من الطاعات، ويفرج عنك الكربات ويبعد عنك الضيق والأزمات، وتفوز بجنة عرضها الأرض والسماوات، بل إن من عظم أمر الدعاء أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختزل العبادة فيه، روى ابن ماجة في سننه بسنده عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ)) ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60])) والحديث رواه كذلك الترمذي وأبو داود وأحمد وغيرهم.

 

الدعاء من أعظم الطاعات، روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الدُّعَاءِ)).

 

الدعاء أمر الله به في كتابه، قال تعالى ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 55، 56].

 

﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ ﴾ [الأعراف: 55] أي: ادعوا الله، وقيل: العبادة، وذكر الله أمورا يجدر أن تكون مع الدعاء، وهي الخضوع والتذلل لله، وَمَعْنَى ﴿ وَخُفْيَةً ﴾ [الأعراف: 55] أي: سراً، وقد أثنى الله على زكرياء - عليه السلام - لأنه كان يدعو الله دعاءً خفيا، قال تعالى ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴾ [مريم: 3].

 

﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55] الاعتداء في الدعاء يكون بوجوه منها: الجهر والصيح الشديد، أو يدعو بأن يكون أفضل من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

﴿ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [الأعراف: 56] يدعو الإنسان خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه.


وجاء الأمر بالدعاء في سنة الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: ((يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ، إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ)).


وقد يَبتلِي الله عباده حتى يدعوه، قال تعالى ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 42، 43].


﴿ بِالْبَأْسَاءِ ﴾ [الأنعام: 42] بِالْمَصَائِبِ فِي الْأَمْوَالِ ﴿ وَالضَّرَّاءِ ﴾ [الأنعام: 42] فِي الْأَبَدَان، ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [الأنعام: 42] أي: يدعون ويستكينون.

﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ﴾ [الأنعام: 43] وهذا عتاب لهم على ترك الدعاء.


وقد جاء الأمر بالدعاء في آية أخرى، قال تعالى ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].


قال القرطبي: (رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)) ثُمَّ قَرَأَ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60] قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ. وَكَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ وَأَنَّ الْمَعْنَى: وَحِّدُونِي وَاعْبُدُونِي أَتَقَبَّلْ عِبَادَتَكُمْ وَأَغْفِرْ لَكُمْ. وَقِيلَ: هُوَ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَالسُّؤَالُ. قَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَع)) وَيُقَالُ الدُّعَاءُ: هُوَ تَرْكُ الذُّنُوبِ. وَحَكَى قَتَادَةُ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَالَ: أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ ثَلَاثًا لَمْ تُعْطَهُنَّ أُمَّةٌ قَبْلَهُمْ إِلَّا نَبِيٌّ: كَانَ إِذَا أُرْسِلَ نَبِيٌّ قِيلَ لَهُ أَنْتَ شَاهِدٌ عَلَى أُمَّتِكَ، وَقَالَ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: ﴿ لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143] وَكَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ: لَيْسَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: ﴿ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78] وَكَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ ادْعُنِي أَسْتَجِبْ لَكَ، وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60])[1]. (ا.هــ).


وأخبرنا الله أنه قريب يجيب من دعاه، قال تعالى ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].


قال القرطبي: (قَالَ الْحَسَنُ: سَبَبُهَا أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقَرِيبٌ رَبُّنَا فَنُنَاجِيهِ، أَمْ بَعِيدٌ فَنُنَادِيهِ؟ فَنَزَلَتْ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60] قَالَ قَوْمٌ: فِي أَيِّ سَاعَةٍ نَدْعُوهُ؟ فَنَزَلَتْ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 186] أَيْ بِالْإِجَابَةِ. وَقِيلَ بِالْعِلْمِ. وَقِيلَ: قَرِيبٌ مِنْ أَوْلِيَائِي بِالْإِفْضَالِ وَالْإِنْعَامِ..... قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: شُرُوطُ الدُّعَاءِ سَبْعَةٌ: أَوَّلُهَا التَّضَرُّعُ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَالْمُدَاوَمَةُ وَالْخُشُوعُ وَالْعُمُومُ وَأَكْلُ الْحَلَالِ. وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: إِنَّ لِلدُّعَاءِ أَرْكَانًا وَأَجْنِحَةً وَأَسْبَابًا وَأَوْقَاتًا، فَإِنْ وَافَقَ أَرْكَانَهُ قَوِيَ، وَإِنْ وَافَقَ أَجْنِحَتَهُ طَارَ فِي السَّمَاءِ، وَإِنْ وَافَقَ مَوَاقِيتَهُ فَازَ، وَإِنْ وَافَقَ أَسْبَابَهُ أَنْجَحَ. فَأَرْكَانُهُ حُضُورُ الْقَلْبِ وَالرَّأْفَةُ وَالِاسْتِكَانَةُ وَالْخُشُوعُ، وَأَجْنِحَتُهُ الصِّدْقُ، وَمَوَاقِيتُهُ الْأَسْحَارُ، وَأَسْبَابُهُ الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم، وَقِيلَ: شَرَائِطُهُ أَرْبَعٌ - أَوَّلُهَا حِفْظُ الْقَلْبِ عِنْدَ الْوَحْدَةِ، وَحِفْظُ اللِّسَانِ مَعَ الْخَلْقِ، وَحِفْظُ الْعَيْنِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ، وَحِفْظُ الْبَطْنِ مِنَ الْحَرَامِ)[2]. (ا.هــ).


ادع الله مهما كانت حالتك، قال سفيان بن عيينة لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه، فإن الله عز وجل أجاب دعاء شر الخلق إبليس لعنه الله إذ قال رب ﴿ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾ [ص: 79، 80].

 

فانظر رعاك الله إلى سعة فضل الله ورحمته، ندب إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة، وكان سفيان الثوري يقول: يا مَنْ أحبُّ عباده إليه مَنْ سأله فأكثر سؤاله، ويا من أبغض عباده إليه من لم يسأله، وليس كذلك غيرك يا رب.


وفي هذا المعنى يقول الشاعر:

اللهُ يَغْضبُ إن تركْتَ سُؤَالهُ ♦♦♦ وَبُنيُّ آدمَ حين يُسألُ يَغْضَبُ

 

وهذا الفضل العظيم ألا وهو التكفل بالإجابة ذكر في حديث قدسي جميل يذكر الله فيه أن المسلم ما عليه سوى الدعاء والإجابة ستأتيه من الله، روى البيهقي في شعب الإيمان بسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (( أَرْبَعُ خِصَالٍ: وَاحِدَةٌ لِي وَوَاحِدَةٌ لَكَ وَوَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَوَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبَادِي؛ فَأَمَّا الَّتِي لِي فَاعْبُدْنِي وَلا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا، وَأَمَّا الَّتِي لَكَ فَمَا عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ يُجْزِئُكَ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَمِنْكَ الدُّعَاءُ وَعَلَيَّ الإجَابَةُ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبَادِي، فَارْضَ لَهُمْ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ )) والحديث ضعفّه الألباني.


وانظر لمن المصلحة في الدعاء؟ لك أيها المسلم، ومع هذا ولعظيم فضل الله علينا جعله عبادة يتقرب بها إليه، بل وردت أحاديث تحذر من ترك الدعاء، بل كانت عقوبة تارك الدعاء غضب الله عليه، روى الإمام أحمد في مسنده عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ لَمْ يَدْعُ اللهَ، غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ)).

 

واعلم يا من تبتهل في دعائك إلى الله، أنك غانم في كل حالاتك، أنت بدعائك قد دخلت في تجارة رابحة دون أي احتمال للخسارة، وهذا فضل من الله ورحمته، روى البخاري في الأدب المفرد بسنده عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو، لَيْسَ بِإِثْمٍ وَلا بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ إِلاّ أَعْطَاهُ إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا)). قَالَ: إِذًا نُكْثِرُ! قَالَ: ((الله أكثر)) والحديث رواه البيهقي وابن عساكر وغيرهما وصححه الألباني.

 

وروى ابن ماجه في سننه عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ، فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا، - أَوْ قَالَ: خَائِبَتَيْنِ)).

يا ربِّ صفحَك يرجو كلُّ مُقترفٍ
فأنت أكرم من يعفو ومن صفحا
يا رب لا سببَ أرجو الخلاص به
إلا رجاءً ولطفاً منك إن نفحا
فما لجأتُ إلى ربي بمعضلة
إلا وجدت جناب اللطف منفسحا
ولا تَضايَقَ أمرٌ فاستجرتُ به
إلا تفرَّج باب الضيق وانفتحا


الدعاء سلاح عجيب، يفعل الأعاجيب، ينجيك من الضيق، ولهذا قال عنه نبينا الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - إنه سلاح المؤمن، روى الحاكم في مستدركه بسنده عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الدُّعَاءُ سِلاحُ الْمُؤْمِنِ، وَعِمَادُ الدِّينِ، وَنُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ)) والحديث صحّحه الحاكم وضعفه غيره.

أتهزأ بالدعاء وتزدريه
وما تدري بما صنع الدعاءُ
سهام الليل لا تخطي ولكن
لها أمد وللأمد انقضاءُ

 

ولتعلم أيها المسلم أن شأن الدعاء عظيم إذا أخلص المسلم في دعائه، فبدعوة واحدة أغرق الله الأرض، قال نوح - عليه السلام - ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ [القمر: 10] وهلك فرعون بدعوة موسى فقال موسى - عليه السلام - ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 88]، ووهب الله ما وهب لسليمان بغير حساب بسؤال ربه الوهاب.

 

الدعاء يرد القدر، روى ابن ماجه في سننه عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا)).


والدعاء أيها المسلم لك فيه أجر، ودعاؤك مستجاب فلا تستعجل الإجابة، لأن استعجال الإجابة يحرم الإجابة، روى مالك في موطئه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي)).

 

مواقف عظيمة للأنبياء والمرسلين والصالحين مع الدعاء:

دعاء موسى - عليه السلام - على فرعون، قال تعالى ﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 88، 89].

 

قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: دَعَا مُوسَى وَأَمَّنَ هَارُون، قال القرطبي: (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ جُرَيْجٍ: مَكَثَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْإِجَابَةِ أَرْبَعِينَ سنة ثم أهلكوا. وقيل: ﴿ فَاسْتَقِيمَا ﴾ [يونس: 89] أَيْ عَلَى الدُّعَاءِ، وَالِاسْتِقَامَةُ فِي الدُّعَاءِ تَرْكُ الِاسْتِعْجَالِ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَلَا يَسْقُطُ الِاسْتِعْجَالُ مِنَ الْقَلْبِ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ السَّكِينَةِ فِيهِ، وَلَا تَكُونُ تِلْكَ السَّكِينَةُ إِلَّا بِالرِّضَا الْحَسَنِ لِجَمِيعِ مَا يَبْدُو مِنَ الْغَيْبِ)[3]. (ا.هــ).

 

قوله تعالى ﴿ وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 89] قال الرازي: (لَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الْجَاهِلِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الدُّعَاءُ مُجَابًا كَانَ الْمَقْصُودُ حَاصِلًا فِي الْحَالِ، فَرُبَّمَا أَجَابَ اللَّه تَعَالَى دُعَاءَ إِنْسَانٍ فِي مَطْلُوبِهِ، إِلَّا أَنَّهُ إِنَّمَا يُوصِلُهُ إِلَيْهِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ، وَالِاسْتِعْجَالُ لا يَصْدُرُ إِلَّا مِنَ الْجُهَّالِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ [هُودٍ: 46])[4]. (ا.هــ).

 

وفي القرآن الكريم نجد قصة لقاء طالوت مع جالوت، قال تعالى ﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 250، 251].

 

دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - عند خروجه للطائف:

خرج النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الى ثقيف أهل الطائف وحده وقيل كان معه زيد بن حارثة فأقام بها شهرا يدعوهم فردوا قوله واستهزؤا به وسألهم أن يكتموا عليه اذ لم يقبلوا فلم يفعلوا وعند انصرافه عنهم أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون خلفه حتى اجتمع عليه الناس وألجؤه الى جنب حائط لعتبة وشيبة بنى ربيعة وكانا حينئذ هناك فلما اطمأن صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في ظله ورجع عنه عامة السفهاء دعا فقال: (اللهمّ إنّي أشكو إليك ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي، وهواني على النّاس يا أرحم الرّاحمين، أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهّمني[5]، أم إلى عدوّ ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، ولكنّ عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت له الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة [من] أن تنزل بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى[6] حتّى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلّا بك)[7].

 

دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر:

روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: ((اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْض))، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَة).

 

دعاء سعد بن أبي وقاص على من كذب عليه:

روى البخاري في صحيحه عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: شَكَا أَهْلُ الكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَزَلَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا، فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لاَ تُحْسِنُ تُصَلِّي، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ ((فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّي صَلاَةَ العِشَاءِ، فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ وَأُخِفُّ فِي الأُخْرَيَيْن))، قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا أَوْ رِجَالًا إِلَى الكُوفَةِ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الكُوفَةِ وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلَّا سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ قَالَ: أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لاَ يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَعْدِلُ فِي القَضِيَّةِ، قَالَ سَعْدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ بِثَلاَثٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالفِتَنِ، وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ، قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ.

 

دعاء سعيد بن زيد على من كذبت عليه:

روى مسلم في صحيحه عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ، ادَّعَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهَا، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئًا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا، طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ))، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: لَا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَالَ: (اللهُمَّ، إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَعَمِّ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا)، قَالَ: (فَمَا مَاتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، ثُمَّ بَيْنَا هِيَ تَمْشِي فِي أَرْضِهَا، إِذْ وَقَعَتْ فِي حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ).

 

قال الإمام محمد بن المنكدر رحمه الله قال: استسقى أهل الحرم في المدينة في ليلة من الليالي فلم يُسقَوْا، فاشتد عليهم الأمر بسبب القحط وقلة المطر وضاقت الأرض على الناس بما رحبت، قال فذهبت إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتعبَّد في مكان لي، قال: فبينما أنا جالس في منتصف الليل إذ دخل عليَّ رجلٌ أسود لم أعرفه، عليه صفرة ويعلوه إزار، يقول: فجلس يلتفت يمنة ويسرة حتى اطمأنَّ أن لا أحد في المسجد، رفع أكُفَّه إلى السماء وقال: يا رب إن أهل الحرم استسقوك فلم تُسْقِهم، يا رب إني أقسم عليك أن تنزل عليهم المطر، قال الإمام محمد: قلت هذا مجنون، كيف تجرَّأَ أن يقسم على الله جل وعلا ؟، قال: فما قام من مقامه حتى نزل علينا المطر.

 

روى مسلم في صحيحه بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالأبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأبَرَّهُ)).

 

لكن هناك سؤال يسأله كثير من الناس ألا وهو: ما بالنا ندعوا فلا يستجاب لنا؟

هذا السؤال سئل لإبراهيم بن أدهم العابد المعروف، مر إبراهيم بن أدهم الزاهد المعروف بسوق البصرة فاجتمع عليه الناس، فقالوا له: يا أبا إسحاق: ما لنا ندعو فلا يستجاب لنا؟ قال: لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء: عرفتم الله فلم تؤدوا حقه، وادعيتم أنكم تحبون رسول الله وتركتم سنته، وقرأتم القرآن فلم تعملوا به، وأكلتم نعمة الله ولم تؤدوا شكرها، وقلتم: إن الشيطان عدوكم ووافقتموه، وقلتم: إن النار حق ولم تهربوا منها، وقلتم: إن الجنة حق ولم تعملوا لها، وقلتم: إن الموت حق ولم تستعدوا له، وإذا انتبهتم من النوم اشتغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم، ودفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.

 

من هذه الإجابة الكافية الشافية يتضح لنا أيها الإخوة أننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا والتوبة والرجوع إلى الله حتى نقترب من الله ويستجاب دعاؤنا.

اللهم فرج كربتنا وأبعد الهموم والغموم عنا، ويسر أمورنا وكثر حسناتنا واصرف عنا كل سوء، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] (تفسير القرطبي - ج:15،ص:326،327).

[2] (تفسير القرطبي - ج:2،ص:308،311،312).

[3] (تفسير القرطبي - ج:8، ص:376).

[4] (تفسير الرازي - ج:17، ص:295).

[5] يتجهمني: يلقاني بالغلظة والوجه الكريه.

[6] العتبى: الاسترضاء بالرجوع عن الذنب.

[7] (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار - لمحمد بن عمر بن مبارك الحميري الحضرمي الشافعي، الشهير بـ «بَحْرَق» (المتوفى: 930هـ) - ج:1، ص:197).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رسالة مختصرة عن الدعاء
  • فضل الدعاء
  • الدعاء والذكر (4)
  • الدعاء وقت الرخاء وقبل البلاء
  • فضل الدعاء
  • الدعاء ببساطة (1)
  • من أسباب استجابة الدعاء
  • حديث: لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة
  • دعاء الغريق
  • حقيقة الدعاء
  • الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

مختارات من الشبكة

  • لماذا تتأخر إجابة الدعاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعاء فضائل وآداب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعاء المستجاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعد أذكار الصلاة يعمد كل فردا إلى الدعاء (الدعاء الجماعي في ادبار الصلاة)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • من أسباب إجابة الدعاء: الدعاء بأسماء الله الحسنى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحقيق الرجاء بمختار الدعاء: مختصر كتاب الدعاء للإمام الحافظ الطبراني - بدون حواشي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تحقيق الرجاء بمختار الدعاء: مختصر كتاب الدعاء للإمام الحافظ الطبراني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الدعاء عدة المؤمن: آداب الدعاء - أسباب وموانع الإجابة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رمضان المبادرة .. الدعاء الدعاء(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم الدعاء في الركوع(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب