• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

فضل لا إله إلا الله

فضل لا إله إلا الله
يوسف المطردي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/10/2017 ميلادي - 4/2/1439 هجري

الزيارات: 284154

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل لا إله إلا الله

 

الحمد لله الواحد القهار العزيز الغفار مقدر الأقدار ومصرف الأمور على ما يشاء ويختار ومكور الليل على النهار.

الواحد الأحد الفرد الصمد العليم الحكيم الذي أيقظ من خلقه من اصطفاه فأدخله في جملة الأخيار ووفق من اختار من عبيده فجعله من الأبرار.

وبصر من أحبه من خلقه للحقائق فزهدوا في هذه الدار فاجتهدوا في مرضاته والتأهب لدار القرار.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

التوحيد أول دعوة الرسل وأول منازل الطريق وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله تعالى، قال تعالى ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59] وقال هود لقومه ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59] وقال صالح لقومه ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59] وقال شعيب لقومه ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59] وقال تعالى ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36] فالتوحيد مفتاح دعوة الرسل ولهذا قال النبي صلى اله عليه وسلم لرسوله معاذ ابن جبل - رضي الله عنه - وقد بعثه إلى اليمن ((إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمِ الَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ )) والحديث رواه أحمد في مسنده والترمذي وأبو داود والنسائي في سننهم.

 

عباد الله ما قامت السماوات والأرض ولا صحت السنة والفرض ولا نجا أحد يوم العرض إلا بلا إله إلا الله ولا جردت سيوف الجهاد، ولا أرسلت الرسل إلى العباد، إلا ليعلموهم العمل بلا إله إلا الله.

إنها أعظم نعمة أنعم الله بها - عز وجل - على عباده؛ حيث هداهم إليها؛ ولهذا ذكرها في سورة النحل، التي هي سورة النِّعم، فقدمها على كل نعمة فقال: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].


وهي العروة الوثقى: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256].

قال القرطبي: (قَالَ مُجَاهِدٌ: الْعُرْوَةُ الْإِيمَانُ. وَقَالَ السدى: الإسلام. وقال ابن عباس وسعيد ابن جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهَذِهِ عِبَارَاتٌ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ. ثُمَّ قَالَ: (لَا انْفِصامَ لَها) قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، أَيْ لَا يُزِيلُ عَنْهُمُ اسْمَ الْإِيمَان حَتَّى يَكْفُرُوا)[1].


وهي العهد الذي ذكره الله - عز وجل - إذ يقول: ﴿ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [مريم: 87].

قال القرطبي: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْعَهْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: لَا يَشْفَعُ إِلَّا مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَتَبَرَّأَ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ لِلَّهِ وَلَا يَرْجُو إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى)[2].

وهي كلمة الحق كما في قوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86].


قال القرطبي: (الْمَعْنَى وَلَا يَمْلِكُ هَؤُلَاءِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَآمَنَ عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ: وَشَهَادَةُ الْحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)[3].

وهي كلمة التقوى التي ذكرها الله في قوله: ﴿ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [الفتح: 26].


قال القرطبي: ﴿ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ﴾ [الفتح: 26] قِيلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، وَالرَّبِيعِ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ زَيْدٍ. وَقَالَهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَزَادَ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ). وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَيْضًا هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا: هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. يَعْنِي أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُقِرُّوا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، فَخَصَّ اللَّهُ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ. و(كَلِمَةَ التَّقْوى) هِيَ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا مِنَ الشِّرْكِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا أَنَّ (كَلِمَةَ التَّقْوى) الْإِخْلَاصُ)[4].


وهي القول الثابت، قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27].

قال القرطبي: (قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ﴾ [إبراهيم: 27] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]، نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ، يُقَالُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ وَدِينِي دِينُ مُحَمَّدٍ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]. قلت: وَقَدْ جَاءَ هَكَذَا مَوْقُوفًا فِي بَعْضِ طُرُقِ مُسْلِمٍ عَنِ الْبَرَاءِ [أَنَّهُ] قَوْلُهُ، وَالصَّحِيحُ فِيهِ الرَّفْعُ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَكِتَابِ النَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِمْ، عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)[5].

 

وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلاً في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24].

قال القرطبي: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ الْمُؤْمِنُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ: الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ الْإِيمَانُ)[6].


وهي النجاة: كما في قول مؤمن آل فرعون ﴿ وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ﴾ [غافر: 41].

والنجاة هي لا إله إلا الله، ولا تكون النجاة إلا بها، قال الرازي في تفسيره: (يَعْنِي أَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْإِيمَانِ الَّذِي يُوجِبُ النَّجَاةَ وَتَدْعُونَنِي إِلَى الْكُفْرِ الَّذِي يُوجِبُ النَّارَ)[7].

وهي كلمة الاستقامة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾ [فصلت: 30].


قال القرطبي: (قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا رَبَّنَا اللَّهُ وَالْمَلَائِكَةُ بناته وهؤلاء شفعاؤنا عِنْدَ اللَّهِ، فَلَمْ يَسْتَقِيمُوا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَبُّنَا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَاسْتَقَامَ)[8].

وقال القرطبي: (وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ﴿ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾ [فصلت: 30] لَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا)[9].


وقال القرطبي: (وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَخْطُبُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾ [فصلت: 30] فَقَالَ: اسْتَقَامُوا وَاللَّهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ لِطَاعَتِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْغُوَا رَوَغَانَ الثَّعَالِبِ. وَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ثُمَّ أَخْلَصُوا الْعَمَلَ لِلَّهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ثُمَّ أَدَّوُا الْفَرَائِضَ. وَأَقْوَالُ التَّابِعِينَ بِمَعْنَاهَا. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَقَتَادَةُ: اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ. الْحَسَنُ: اسْتَقَامُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ فَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ وَاجْتَنَبُوا مَعْصِيَتَهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: اسْتَقَامُوا عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى مَاتُوا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَمِلُوا عَلَى وِفَاقِ مَا قَالُوا. وَقَالَ الرَّبِيعُ: أَعْرَضُوا عَمَّا سِوَى اللَّهِ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: زَهِدُوا فِي الْفَانِيَةِ وَرَغِبُوا فِي الْبَاقِيَةِ. وَقِيلَ: اسْتَقَامُوا إِسْرَارًا كَمَا اسْتَقَامُوا إِقْرَارًا. وَقِيلَ: اسْتَقَامُوا فِعْلًا كَمَا اسْتَقَامُوا قَوْلًا)[10].


وهي القول السديد: كما في قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70].

قال القرطبي: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ صَوَابًا، ..... وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: الْقَوْلُ السَّدَادُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُوَافِقُ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ. وَقِيلَ: هُوَ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ. وَقِيلَ: هُوَ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرِينَ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَسْدِيدِ السَّهْمِ لِيُصَابَ بِهِ الْغَرَضُ. وَالْقَوْلُ السَّدَادُ يَعُمُّ الْخَيْرَاتِ، فَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَغَيْرِ ذَلِكَ)[11].

وهي البرُّ: قال تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾ [البقرة:177].

 

وهي أعلى شعب الإيمان، روى مسلم في صحيحه بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ)).

 

أخي المسلم التوحيد حق الله عليك، فإذا أديت هذا الحق أدخلك المولى جنته، روى البخاري بسنده عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَالَ: (( يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ)) قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: ((يَا مُعَاذُ)) قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: ((يَا مُعَاذُ)) قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: ((هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟)) قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ((حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)) ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: ((يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ)) قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَقَالَ: ((هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ)) قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ((حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ)).

 

قال ابن عيينة - رحمه الله - ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أفضل من أن عرَّفَهُ لا إله إلا الله، وإن لاَ إله إلا الله لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا ولأجلها أعدت دار الثواب، ودار العقاب ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد.

كلمة التوحيد أفضل قول قاله الأنبياء، روى الإمام مالك في موطئه بسنده عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ)).

 

التوحيد وقول لا إله إلا الله سبب لمغفرة الذنوب، جاء في مسند الإمام أحمد بسنده عن يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، حَاضِرٌ يُصَدِّقُهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ((هَلْ فِيكُمْ غَرِيبٌ؟)) يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ. فَقُلْنَا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ. فَأَمَرَ بِغَلْقِ الْبَابِ، وَقَالَ: ((ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ، وَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)) فَرَفَعْنَا أَيْدِيَنَا سَاعَةً، ثُمَّ وَضَعَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ، اللهُمَّ بَعَثْتَنِي بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَأَمَرْتَنِي بِهَا، وَوَعَدْتَنِي عَلَيْهَا الْجَنَّةَ، وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ )) ثُمَّ قَالَ: (( أَبْشِرُوا، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَفَرَ لَكُمْ )).

 

وروى الطبراني في الكبير عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: جَاءَ شَابٌّ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَدَعْ سَيِّئَةً إِلَّا عَمِلَهَا، وَلَا خَطِيئَةً إِلَّا رَكِبَهَا، وَلَا أَشْرَفَ لَهُ سَهْمٌ فَمَا فَوْقَهُ إِلَّا اقْتَطَعَهُ بِيَمِينِهِ، وَمَنْ لَوْ قُسِّمَتْ خَطَايَاهُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَغَمَرَتْهُمْ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَسْلَمْتَ؟)) أَوْ: ((أَنْتَ مُسْلِمٌ؟)) قَالَ: أَمَّا أَنَا، فَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَالَ: ((اذْهَبْ، فَقَدْ بَدَّلَ اللهُ سَيِّئَاتِكَ حَسَنَاتٍ)) قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَغَدَرَاتِي وَفَجَرَاتِي؟ قَالَ: ((وَغَدَرَاتُكَ وَفَجَرَاتُكَ)) ثَلَاثًا فَوَلَّى الشَّابُّ، وَهُوَ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُهُ يُكَبِّرُ، حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، أَوْ خَفِيَ عَنِّي.

فِي إِسْنَادِهِ يَاسِينُ الزَّيَّاتُ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ.

 

بل إن (لا إله إلا الله) أفضل الحسنات وماحية للسيئات، روى الإمام احمد في مسنده بسنده عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. قَالَ: ((إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا)). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنَ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: ((هِيَ أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ)).

 

بل أقول لك أن كليم الله موسى – عليه السلام – سأل ربه أن يعلمه ذكرا يخصه به، فأمره أن يقول ( لا إله إلا الله )، وإليك الحديث، روى النسائي وغيره بسنده عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (( قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَذْكُرُكَ بِهِ وَأَدْعُوكَ بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ: كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُ هَذَا، قَالَ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، إِنَّمَا أُرِيدُ شَيْئًا تَخُصَّنِي بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى، لَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَعَامِرَهُنَّ غَيْرِي، وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي كَفَّةٍ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كَفَّةٍ مَالَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ )) والحديث ضعفه الألباني.

 

تكرار كلمة التوحيد في يومك تجعلك تظفر بأجر عظيم، فكأنك أعتقت عشر رقاب، وكتبت لك مائة حسنة، ومحيت عنك مائة سنة، روى مالك في موطئه بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ. وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)). والحديث أيضا رواه البخاري وغيره.


قال صاحب مرقاة المفاتيح: ( (مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ) أَيْ: مَعْبُودٌ بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ (إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ): حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ (لَا شَرِيكَ لَهُ) أَيْ: فِي صِفَاتِهِ (لَهُ الْمُلْكُ) أَيْ: مَلِكُ الْمَلَكُوتِ، وَمَلِكُ الْأَمْلَاكِ، وَمَلِكُ الْعِلْمِ، وَمَلِكُ الْقَنَاعَةِ وَأَمْثَالِهَا، يَعْنِي: بِتَصَرُّفِهِ وَتَقْرِيرِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَتَقْدِيرِهِ، مَلَكَ جَمِيعَ الْأُمُورِ، (وَلَهُ الْحَمْدُ) أَيِ: الثَّنَاءُ الْجَزِيلُ عَلَى وَجْهِ الْجَمِيلِ لَهُ تَعَالَى حَقِيقَةً وَغَيْرُهُ قَدْ يُحْمَدُ مَجَازًا وَصُورَةً (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ: شَاءَهُ وَأَرَادَهُ، أَوْ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ (قَدِيرٌ) أَيْ: بَالِغٌ فِي الْقُدْرَةِ كَامِلٌ فِي الْقُوَّةِ مُنَزَّهٌ عَنِ الْعَجْزِ وَالْفَتْرَةِ (فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ) أَيْ: مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً (كَانَتْ) أَيْ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَوِ التَّهْلِيلَةُ، وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ حَجَرٍ: كَانَ أَيْ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِآخِرِ الْحَدِيثِ: وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا. فَتُدَبَّرْ. (لَهُ) أَيْ: لِلْقَائِلِ بِهَا (عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ): بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى الْمَثَلِ أَيْ: ثَوَابُ عِتْقِ عَشْرِ رِقَابٍ وَهُوَ جَمْعُ رَقَبَةٍ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْعُنُقُ فَجُعِلَتْ كِنَايَةً عَنْ جَمِيعِ ذَاتِ الْإِنْسَانِ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِبَعْضِهِ أَيْ: يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ أَصْلِ ثَوَابِ الْعِتْقِ الْمَذْكُورِ (وَكُتِبَتْ) أَيْ: ثُبِتَتْ (لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ): بِالرَّفْعِ (وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ) أَيْ: أُزِيلَتْ (وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا) أَيْ: حِفْظًا وَمَنْعًا (وَمِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي قَالَهَا فِيهِ (حَتَّى يُمْسِيَ): وَظَاهِرُ التَّقَابُلِ أَنَّهُ إِذَا قَالَ فِي اللَّيْلِ كَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ لَيْلِهِ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِصَارًا مِنَ الرَّاوِي، أَوْ تَرْكٌ لِوُضُوحِ الْمُقَابَلَةِ وَتَخْصِيصُ النَّهَارِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ فِيهِ إِلَى الْحِفْظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا أَجْرُ الْمِائَةِ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَزَادَ الثَّوَابُ، وَهَذِهِ الْمِائَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً، لَكِنَّ الْفَضْلَ أَنْ تَكُونَ مُتَوَالِيَةً، وَأَنْ تَكُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِيَكُونَ حِرْزًا فِي جَمِيعِ نَهَارِهِ، (وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ) أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ (بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ) أَيْ: بِأَيِّ عَمَلٍ كَانَ مِنَ الْحَسَنَاتِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ أَكْثَرَ مِنَ الذِّكْرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مِنَ الْوَاضِحَاتِ فَلَا يَصْلُحُ فِي مَقَامِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَدْحِ (إِلَّا رَجُلٌ عَمَلَ أَكْثَرَ مِنْهُ): وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو عَوَانَةَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: جَعَلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّهْلِيلَ مَاحِيًا مِنَ السَّيِّئَاتِ مِقْدَارًا مَعْلُومًا، وَفِي حَدِيثِ التَّسْبِيحِ: جَعَلَ التَّسْبِيحَ مَاحِيًا لَهَا مِقْدَارَ زَبَدِ الْبَحْرِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّسْبِيحُ أَفْضَلَ، وَقَدْ قَالَ فِي حَدِيثِ التَّهْلِيلِ: وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، أَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إِنَّ التَّهْلِيلَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَفَضَلُ لِأَنَّ جَزَاءَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَحْوِ السَّيِّئَاتِ، وَعَلَى عِتْقِ عَشْرِ رِقَابٍ، وَعَلَى إِثْبَاتِ مِائَةِ حَسَنَةٍ، وَالْحِرْزِ مِنَ الشَّيْطَانِ)[12].


كلمة (لا إله إلا الله) سبب لتفريج الكربات، ولذا لما كان يونس - عليه السلام - في بطن الحوت، ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، استجاب الله له وفرج كربته.

وإذا نظرنا في السنة النبوية لوجدنا ذكرا فيه كلمة التوحيد يزيل الكرب، يزيل الغم، فقد روى البخاري في صحيحه بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: ((لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ)).

 

روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، عَلَيْهِ جُبَّةٌ سِيجَانٍ مَزْرُورَةٌ بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ وَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ قَالَ: يُرِيدُ أَنْ يَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ، وَيَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ، وَقَالَ: ((أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ)) ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ نُوحًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، قَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ)) قَالَ: قُلْتُ أَوْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذَا الشِّرْكُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: الْكِبْرُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا نَعْلَانِ حَسَنَتَانِ لَهُمَا شِرَاكَانِ حَسَنَانِ قَالَ: ((لَا)) قَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا؟ قَالَ: ((لَا)) قَالَ: الْكِبْرُ هُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا؟ قَالَ: ((لَا))، قَالَ: أَفَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا أَصْحَابٌ يَجْلِسُونَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: ((لَا)) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: ((سَفَهُ الْحَقِّ، وَغَمْصُ النَّاسِ)).

 

روى البخاري في صحيحه بسنده عن عبادة بن الصامت عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ)).


معنى الحديث:

(مَنْ تَعَارَّ): بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، أَيِ: انْتَبَهَ مِنَ النَّوْمِ، وَقِيلَ: تَقَلَّبَ فِي فِرَاشِهِ، (مِنَ اللَّيْلِ)، أَيْ: فِي اللَّيْلِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يُقَالُ: تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ: إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ مَعَ صَوْتٍ، واخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَعَارَّ، فَقَالَ قَوْمٌ: انْتَبَهَ، وَقَالَ قَوْمٌ: عَلِمَ، (فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، أَيْ: لَيْسَ فِي الْكَوْنِ غَيْرُهُ دَيَّارٌ (وَحْدَهُ)، أَيْ: مُنْفَرِدًا بِالذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالْآثَارِ وَغَيْرِهِ كَالْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ مِنْ أَثَرِ غُبَارِ الْأَغْيَارِ فِي أَعْيُنِ أَعْيَانِ الْمُوَحِّدِينَ الْأَبْرَارِ (لَا شَرِيكَ لَهُ): فِي الْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ (لَهُ الْمُلْكُ): بَاطِنًا وَظَاهِرًا (وَلَهُ الْحَمْدُ): أَوَّلًا وَآخِرًا ( وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ): دَخَلَ تَحْتَ مَشِيئَتِهِ وَتَعَلَّقَ بِإِرَادَتِهِ (قَدِيرٌ): تَامُّ الْقُدْرَةِ كَامِلُ الْإِرَادَةِ (وَسُبْحَانَ اللَّهِ): تَنْزِيهٌ لَهُ عَنْ صِفَاتِ النَّقْصِ وَزَوَالِ الْكَمَالِ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ): عَلَى صِفَتَيْهِ الْجَمَالِ وَالْجَلَالِ،

وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ قَدَّمَ التَّسْبِيحَ رَاعَى التَّرْتِيبَ، فَإِنَّ التَّصْفِيَةَ وَالتَّخْلِيَةَ تَتَقَدَّمُ عَادَةً عَلَى التَّجْلِيَةِ وَالتَّحْلِيَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَقْدِيمَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَلَى الْحَمْدُ لِلَّهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْعَكْسِ كَمَا فِي الْحِصْنِ لِلْجَزَرِيِّ أَيْضًا. (وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ): الْمَوْصُوفُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، الْمُنَزَّهُ عَنِ النَّقْصِ وَالزَّوَالِ (وَاللَّهُ أَكْبَرُ): مِنْ كُلِّ مَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ (وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ): فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، وَمَعْنَاهُ: لَا تَحَوُّلَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا قُوَّةَ عَلَى الطَّاعَةِ وَنَحْوِهَا إِلَّا بِعِصْمَتِهِ وَإِعَانَتِهِ وَبِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ. (ثُمَّ قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي): وَفِي نُسْخَةٍ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي (أَوْ قَالَ: ثُمَّ دَعَا): شَكَّ الرَّاوِي، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ فِي الْبُخَارِيِّ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا، قَالَ الشَّيْخُ: (أَوْ) لِلشَّكِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ، (اسْتُجِيبَ لَهُ)، أَيْ: مَا دَعَاهُ مِنْ خُصُوصِ الْمَغْفِرَةِ أَوْ مِنْ عُمُومِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْمُرَادُ بِهَا الِاسْتِجَابَةُ الْيَقِينِيَّةُ، لِأَنَّ الِاحْتِمَالِيَّةَ ثَابِتَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الدُّعَاءِ (فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى): قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَضَّأَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى قَوْلِهِ: دَعَا أَوْ عَلَى قَوْلِهِ: قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَالْمَعْنَى مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ النَّوْمِ فَقَالَ: كَيْتَ وَكَيْتَ ثُمَّ إِنْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ صَلَّى (قُبِلَتْ صَلَاتُهُ)[13].

 

وروى مسلم في صحيحه بسنده عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ)) قَالَ فَقُلْتُ: مَا أَجْوَدَ هَذِهِ فَإِذَا قَائِلٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَقُولُ: الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ قَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قَالَ: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ)).

 

واعلم أيضا أن صاحب التوحيد الخالص هو أسعد الناس بشفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم -، روى البخاري وغيره من طريق أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (( قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ )) رواه البخاري وأحمد وغيرهما.

 

كذلك التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج الكُرُبات في الدنيا وفي الآخرة:

قال جل وعلا ﴿ إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ﴾ [الأنبياء:101 - 103]الآية، هؤلاء الذين سبقت لهم من الله الحسنى، من هم؟ هم أهل التوحيد؛ أهل الإيمان بالله الحق، بتوحيد الله جل وعلا، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، وعمل صالحا، هؤلاء هم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، حالتهم بالآخرة لا يحزنهم الفزع الأكبر.

وأما في الدنيا ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل:97]، فلهم الحياة الطيبة وتفريج الكربات في الدنيا وفي الآخرة.


كذلك أخي التوحيد سبب لمغفرة الذنوب، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ (( ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ ابْنَ آدَمَ إِنْ تَلْقَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا لَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً بَعْدَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ إِنْ تُذْنِبْ حَتَّى يَبْلُغَ ذَنْبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ تَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرْ لَكَ وَلَا أُبَالِ )) رواه أحمد، وفي رواية الترمذي عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ:قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً)).


وروى ابن ماجه في سننه بسنده عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ: ((مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى قَلْبِ مُوقِنٍ، إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا)).

أهل (لا إله إلا الله) آمنون في قبورهم، روى الطبراني في الأوسط عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيْسَ عَلَى أَهْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْشَةٌ فِي قُبُورِهِمْ، وَلَا مَنْشَرِهِمْ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهُمْ يَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ، وَيَقُولُونَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ)).

 

وإليكم هذه الصورة التي نقلها لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ أخبرنا برجل من امته تنقذه كلمة التوحيد من بحر من الذنوب، روى ابن ماجه في سننه بسنده عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (( يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ تُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ فَيَقُولُ: لَا، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا، ثُمَّ يَقُولُ: أَلَكَ عُذْرٌ، أَلَكَ حَسَنَةٌ؟ فَيُهَابُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ، وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ، مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَة)) وعند الدعاء للطبراني تفسير لمضمون البطاقة وفيه (فَيُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ).

 

وروى أبو داود في سننه بسنده عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).

 

تذكير مهم:

كلمة التوحيد لها شروط لينال المسلم فضلها وخيرها، وهي:

• العلم بمعناها نفيًا وإثباتًا

• اليقين: وهو كمال العلم بها المنافي للشك والريب.

• الإخلاص المنافي للشرك.

• الصدق المنافي للكذب المانع من النفاق.

• المحبة لهذه الكلمة ولما دلت عليه والسرور بذلك.

• الانقياد بحقوقها.

• القبول المنافي للرد.

وأيضا عدم وجود ناقض من نواقض الإسلام.

 

الخاتمة:

فعلينا إخوتي وإخواتي أن نراجع أنفسنا، فهل حققنا التوحيد حقا؟ هل حقق التوحيد من استغاث بغير الله؟ هل حقق التوحيد من دعا غير الله؟ هل حقق التوحيد من كان يرائي بأعماله؟ هل حقق التوحيد من تعلق بالعبيد وترك الغني الحميد؟ هل حقق التوحيد من تحاكم إلى غير شرع الله؟ هل حقق التوحيد من ذهب إلى السحرة والكهنة والمشعوذين؟

 

أيها المسلم تذكر أن معنى (لا إله إلا الله) أنه لا معبود ولا مقصود ولا مرهوب ولا مرغوب بحق إلا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فوجب على المسلم أن يصرف عبادته إليه سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وأن يتوجه إليه، وأن يدعوه رغبة ورهبة، وألا يخاف إلا منه، ولا ينذر ولا يذبح إلا له، ولا يتقرب إلى غيره سُبحَانَهُ وَتَعَالى بما يخدش لا إله إلا الله محمد رسول الله.

معناها: أن الحياة تصرفها لا إله إلا الله، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

 

الموظف يعمل بلا إله إلا الله فيخلص في وظيفته، والتاجر يعمل بلا إله إلا الله فيتحرى الحلال، والإعلامي يعمل بلا إله إلا الله فلا يقول إلا الصدق، ولا يجعل من نفسه بوقا للكذب، والمسؤول يعمل بلا إله إلا الله فيخلص ويؤدي عمله بكل إخلاص وصدق، وهكذا كل مسلم في هذه الدنيا عليه إذا أراد الفلاح والنجاح فليعمل بلا إله إلا الله.

 

فمعنى لا إله إلا الله في حياة المسلم أن يكون معتقده، وأخلاقه، وعبادته وسلوكه، واتجاهاته وآماله كلها لوجه الله عز وجل، روى البغوي في شرح السنة عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ)).

نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعلنا من عباده الموحدين المخلصين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] تفسير القرطبي.

[2] تفسير القرطبي.

[3] تفسير القرطبي.

[4] تفسير القرطبي.

[5] تفسير القرطبي.

[6] تفسير القرطبي

[7] تفسير الرازي.

[8] تفسير القرطبي

[9] تفسير القرطبي.

[10] تفسير القرطبي.

[11] تفسير القرطبي.

[12] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح.

[13] بتصرف من مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل لا إله إلا الله
  • لا إله إلا الله (1)
  • لا إله إلا الله محرك الوعي الإسلامي
  • حضارة لا إله إلا الله....
  • معنى لا إله إلا الله وشروطها
  • المفهوم الصحيح لكلمة: لا إله إلا الله (1)
  • لا إله إلا الله .. طوق النجاة
  • فضائل لا إله إلا الله (خطبة)
  • ماذا تعني لا إله إلا الله؟
  • فضل لا إله إلا الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا إله إلا الله: منهج حياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وتغسيل الميت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل كلمة التوحيد لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل تعلم وتعليم شروط لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل كلمة التوحيد: لا إله إلا الله (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب