• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

فساد الأخلاق يدمر الحضارة

محمد رزوك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2017 ميلادي - 22/12/1438 هجري

الزيارات: 54288

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فساد الأخلاق يدمر الحضارة

 

ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻟﻐﺔ: ‏(ﺟﻤﻊ ﺧُﻠُﻖ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ)[1]، وﺍﺻﻄﻼﺣًﺎ ‏هي ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺗﺘﺮﺟَﻢ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎﻝ؛ ﺃﻱ: إﻥ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻟﻬﺎ ﺟﺎﻧﺒﺎﻥ؛ ‏ﺟﺎﻧﺐ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺎﻃﻨﻲ، ﻭﺟﺎﻧﺐ ﺳﻠﻮﻛﻲ ﻇﺎﻫﺮﻱ[2]، ﻓﺎﻟﺴﺠﺎﻳﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺒﺎع، ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﺮﺟﻢ إلى هﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﺎع.

ﻣﻮﺕ ﺍلأﻣﻢ ﻗﺪ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﺧﺘﻔﺎﺀﻫﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، وقد يعني أنها على الرغم من وجودها على ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، فإنها ﺑﻼ ﻭﺯﻥ ﻭﻻ ﺗﺄﺛﻴﺮ، ﻭﻻ ﺩﻭﺭ ﻓﺎﻋﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻭﺳﻂ ﺍلأﻣﻢ ﺍلأﺧﺮﻯ ﻭﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﻬﺎ.

 

عوامل انهيار الحضارات:

إن قيام الحضارات أو انهيارها عبر التاريخ يدعو إلى التفكير في الأسباب ودراسة العوامل والمقومات التي تجعل حضارةً ما تزدهر أو تموت، وفي هذا الإطار ظهرت مجموعة من النظريات عبر التاريخ نذكر منها ما يلي:

نظرية اﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ:

يرى ابن خلدون أن الأمم أو الدول لها دورة حياة مثل الإنسان؛ ﺃﻱ: ﺗﻮﻟﺪ ﻭﻳﻘﻮﻯ ﻋﻮﺩﻫﺎ، ﻭﺗﺸﺘﺪ ﻭﺗﻬﺮﻡ، ﺛﻢ ﺗﻤﻮﺕ، وتصوُّره يتضمَّن خمسة أطوار:

ﺍﻟﻄﻮﺭ ﺍلأﻭﻝ: ﻃﻮﺭ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻭﺍﻟﻨﺸﺄﺓ.

ﺍﻟﻄﻮﺭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﻃﻮﺭ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻻﺳﺘﺌﺜﺎﺭ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ.

ﺍﻟﻄﻮﺭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻃﻮﺭ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻭﺍﻟﺪﻋﺔ ﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻠﻚ.

ﺍﻟﻄﻮﺭ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﻃﻮﺭ ﺍﻟﺨﻨﻮﻉ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻟﻠﺴﺎﺑﻘﻴﻦ. ‏

ﺍﻟﻄﻮﺭ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ: ﻫﻮ ﺍلإﺳﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﺘﺒﺬﻳﺮ ﻭﺍﺻﻄﻨﺎﻉ ﻗﺮﻧﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻭإﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺻﺤﻴﻦ.


ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﻮﻳﻨﺒﻲ:

وتعرف باسم "نظرية التحدِّي والاستجابة"؛ فالحضارة حسب هذه النظرية تقوم وتزدهر ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﻣﺤﺪﺩﺓ؛ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﻣﺎﺩﻳﺔ أﻭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، فإن وصلت الحضارة إلى مرحلةٍ تَعجِز فيها عن الاستجابة لهذه التحدِّيات، تكون قد دخلت طور الانهيار.

لكن المهمَّ في هذه النظرية أن هذا العجز عن الاستجابة الذي تصل إليه الحضارة، سببه الأساسي حسب "توينبي" هو فِقدان الحضارة لقوَّتها الأخلاقية والقيم الرُّوحية؛ أي: انهيار القيم الأخلاقية والدينية.

 

ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻳﻘﺴﻢ توينبي ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ إﻟﻰ ﺧﻤﺲ ﻣﺮﺍﺣﻞ:

• ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﻭﺍﻟﻨﺸﺄﺓ.

• ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍلاﺯﺩﻫﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ.

• ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺠﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺍلإﺑﺪﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ.

• ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﻧﺤﻼﻝ ﻭﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍلأﺧﻼﻗﻲ.

• مرﺣﻠﺔ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻭﺍﻻﻧﻬﻴﺎﺭ.

 

ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻭﻳﻞ ﺩﻳﻮﺭﺍﻧﺖ:

حسب رأيه فالحضارة تقوم بالضرورة على مقومات محددة وﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪ، ومن هذه المقومات ﻳﻤﻜﻦ أﻥ ﻳﺪﻣﺮ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻭﻳﻘﻮﺩ إﻟﻰ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭﻫﺎ، وهذه المقومات هي:

• وﺟﻮﺩ ﻧﻈﺎﻡ ﺳﻴﺎﺳﻲ.

• ﻭﺟﻮﺩ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ؛ ﻛﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﻭﺗﻔﺎﻋﻞ ﻋﻘﻠﻲ ﻭﺛﻘﺎﻓﻲ.

• ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻗﻴﻤﻴﺔ ﻭأﺧﻼﻗﻴﺔ ﻣﺘﻌﺎﺭﻑ ﻭﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻛﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻮﺟﻬًﺎ ﻭﻫﺎﺩﻳًﺎ ﻭﺣﺎﻓﺰًا

• ﻭﺟﻮﺩ ﺩﻳﻦ أﻭ ﻋﻘﻴﺪﺓ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ.

• ﻭﺟﻮﺩ ﻧﻈﺎﻡ ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺍلأﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ.

 

الأخلاق والحضارة:

من خلال هذه النظريات نجد أن عامل الأخلاق له تأثير في قيام الحضارة أو اندحارها، ولله دَرُّ الشاعر حين قال:

ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻣﺎ ﺑﻘﻴﺖ ♦♦♦ فإن ﻫﻤُ ﺫﻫﺒﺖ ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ ﺫﻫﺒﻮﺍ

 

ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ ﺇﻟﻰ أﻥ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻑ ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ، ﻭﺫﻛﺮ ﺃﻥ ﺭﻗﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﺘﻮﺍﻓﺮ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻭ ﺭﻗﻲ العقل، ﺑﻞ ﺑﺘﻮﺍﻓﺮ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ، والشيء نفسه ذهب إليه الفيلسوف "ﻏﻮﺳﺘﺎﻑ ﻟﻮﺑﻮﻥ"؛ حيث إنه يقول: ﺇﻥ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﻣﻢ ﺑﺎﻷﺧﻼﻕ ﻭﺣﺪﻫﺎ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻳﺆﺳﺲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ، ﻭﺧﻂ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻭ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪًّﺍ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺬﻭﻯ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﻤﻮﺕ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﻣﺘﻘﺪﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﻧﻮﺍﺡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ[3].

 

والتاريخ أكبر شاهد على أن تدهور الأخلاق كان له دور كبير في سقوط الحضارات، وأقرب مثال لنا هو ضياع الأندلس الذي قال فيه ﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ: "ﺇﺫﺍ ﺗﺄﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻧﻘﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ، ﺣﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﻤﺬﻣﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻧﺘﺤﺎﻝ ﺍﻟﺮﺫﺍﺋﻞ، ﻭﺳﻠﻮﻙ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ﻭﺃﺩﻯ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺿﻴﺎﻋﻪ"، ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16].

 

هذه هي قيمة الأخلاق، فالمسلمون تخلَّفوا عندما نسوا خُلُق الإسلام، واختزلوا دينهم في الشعائر فقط، وفرَّطوا في جانب مهمٍّ من رسالة الإسلام، ألا وهي الأخلاق التي هي جزء مهمٌّ من العبادة التعامليَّة التي كانت سببًا في فتح أقطار مهمَّة من العالم، فقط عن طريق التجار الذين تميَّزوا بالأخلاق الحميدة في معاملاتهم، وما سقطنا إلا عندما سقطنا في مستنقع المنكر، وهذا ما استنتجه " ﻛﻮﻧﺪﻱ" وهو أحد ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ؛ حيث قال "ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻫﻮﻭﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺴﻮﺍ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺅﻭﺍ ﺑﻬﺎ، ﻭﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﻣﺘﻘﻠﺐ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺡ ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺳﺎﻝ ﺑﺎﻟﺸﻬﻮﺍﺕ".

 

ﺇﻥ ﺍﻷﺧﻼﻕ الفاضلة هي أهم ما تتفوَّق ﺑﻪ ﺍﻷﻣﻢ وتعلو به ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﺗﻌﻜﺲ ﺣﻀﺎﺭة الأمة، ﻭﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ تسمو ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﻌﻠﻮ ﺣﻀﺎﺭﺗﻬﺎ، ﻭﺗجذب ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ إليها، ﻭﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗندحر ﺃﺧﻼﻗﻬﺎ ﻭﺗﻀﻴﻊ قيم الفضيلة فيها، تهوي ﺣﻀﺎﺭﺗﻬﺎ ﻭﺗﺬﻫﺐ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻢ، ﻭﻛﻢ ﺳﺎﺩﺕ ﺃممٌ رغم شركها أو كفرها بالله، ﻭﻋﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﺘﻤﺴﻜﻬﺎ ﺑﻤﺤﺎﺳﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻛﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﺣﻔﻆ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻛﻢ ﺫﻟﺖ ﺃﻣﺔ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻭﺿﺎﻋﺖ ﻭﻗﻬﺮﺕ ﺑﺘﻀﻴﻴﻌﻬﺎ ﻟﺘﻠﻜﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ؛ حيث انتشر فيها ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻐﺶ.

 

مشكلة الأخلاق تبدأ من الأفراد فالأسرة فالمجتمع، وهي لَبِنة أساسية في بناء الإنسان قبل بناء الحضارة هذا الإنسان منذ ولادته يتشرَّب الأخلاق مِن محيطه الذي يجب تصفيته وتطهيره، وحمايته من التلُّوث بالمجاري التي تفتك بهذه اللبنة من إعلامٍ يحرص على نشر ثقافة الانحلال، وتغييب الفضيلة ونشر ثقافة مادية أساسها الغاية تبرِّر الوسيلة، وبرامج تعليمية فارغة لا تليق بمن يريد أن يبني حضارة تقود العالم، ومن العديد من المحسوبين على المثقفين وهم بيادق لمنظمات ليس من مصالحها أن نَنهض.

 

فيا أخي الكريم وأختي الكريمة، يا من يبكي على أمجاد الأجداد، ويرغب في عودة العزَّة، ويحترق من أجل إزالة مرارة الإذلال، استثمر في ميدان الأخلاق فهو في متناولك، لكن ليس الأمر باليسير؛ فأي رسالة فضيلة ستلقى استهجان القريب قبل البعيد، ولتنسى قول حبيبك صلى الله عليه وسلم: ((ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻟﻴﺪﺭﻙ ﺑﺤﺴﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ))؛ (ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ).



[1] ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ، ﻣﺎﺩﺓ: ﺧﻠﻖ.

[2] ﻋﻠﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ؛ ﺃ ﺩ. ﻣﻘﺪﺍﺩ ﻳﻠﺠﻦ، ﻁ 2، ﻧﺸﺮ ﺩﺍﺭ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜﺘﺐ، ﻁ ﺩﺍﺭﺍﻟﻔﻜﺮ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﺹ 34.

[3] مجلة البحوث الإسلامية، فساد السلوك من مراحل سقوط الحضارات، الجزء رقم 2.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأخلاق وبقاء الحضارات
  • عظمة الأخلاق
  • إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
  • الأخلاق والسلوك عند أهل السنة
  • الفكر الأخلاقي والدراسات المعاصرة
  • أزمة السلوك والأخلاق
  • تدريس الأخلاق ضرورة
  • ظاهرة الكبسلة والانحلال الأخلاقي
  • من قواعد الأخلاق (خطبة)
  • الأخلاق في الإسلام (1)

مختارات من الشبكة

  • بشاعة الفساد وقول الله تعالى: (والله لا يحب الفساد)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الفساد الإداري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفساد وحش متعدد الرؤوس(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • تطور منهج التوثيق في الحضارة الإسلامية وواقع التوثيق في الحضارة الحديثة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحضارة الإسلامية ظلت الحضارة الأولى عالميًا لأكثر من عشرة قرون(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • منهج السنة النبوية في محاربة الفساد الإداري (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر آية الأخلاق: 70 هداية قرآنية مستنبطة من آية الأخلاق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بذور الأخلاق للناشئين – 30 خلقا من أجمل وأروع الأخلاق التي يربى عليها الناشئة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حصن الأخلاق: جملة من الأخلاق الواردة في القرآن والسنة (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • حول مفهوم الحضارة(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب