• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

الأنوار الساطعة في تفسير سورة الواقعة

الأنوار الساطعة في تفسير سورة الواقعة
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/9/2017 ميلادي - 15/12/1438 هجري

الزيارات: 30090

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأنوار الساطعة في تفسير سورة الواقعة

 

سورة الواقعة سورة مكية، مقصودها التأكيد على قضية البعث والحساب، وقد عرضت هذه الحقيقة من أربعة جوانب:

1- وصفت أحداث يوم القيامة.

2- حددت مصير كل فريق من الناس.

3- ذكرت أربعة أدلة شاهدة بوقوع البعث.

4- صورت مشاهد الاحتضار، وقيامة ساعة كل عبد.

 

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها في صلاة الفجر؛ كما عند أحمد من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن أبا بكر الصديق، قال: يا رسول الله، قد شبتَ، فقال: "شيبتني (هود) و(الواقعة) و(المرسلات) و(عم يتساءلون) و(إذا الشمس كورت)"، أخرجه الترمذي.

 

ولم يصح في فضل هذه السورة حديث، وما ورد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا"، وكان ابن مسعود يأمر بناته يقرأن بها في كل ليلة، رواه البيهقي في شعب الإيمان، من طريق أبي شجاع عن أبي طيبة عنه، وأبو شجاع وأبو طيبة مجهولان، وفي الحديث اضطراب أيضًا؛ لذا ضعفه أحمد وأبو حاتم وابنه والدارقطني والبيهقي وغيرهم.

 

الجانب الأول: من السورة في وصف أحداث يوم القيامة: للأرض، والجبال، والناس:

﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴾ (1)

أي تذكر وقت وقوع الواقعة، والواقعة اسمٌ من أسماء يوم القيامة، سُميت بذلك:

1- لتحقق وقوعها؛ فهي واقعة لا محالة.

2- ولقرب وقوعها.

3- ولكثرة ما يقع فيها من الشدائد.

 

﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ (2)

فإذا أراد الله وقوعها:

1- لم يستطع أحدٌ دفعها وردها؛ كما قال تعالى: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ﴾ [الشورى: 47] [الشورى: 47]، وقال: ﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴾ [المعارج: 1، 2].

2- وعند وقوعها لن يجرأ على أن يكذب بها أحد ممن كان ينكرها؛ فلا يقع عند وقوعها تكذيب.

 

﴿ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ﴾ (3)

فإذا وقعت:

1- خفضت أعداء الله إلى أسفل سافلين في الجحيم، وإن كانوا في الدنيا أعزاء.

2- ورفعت أولياء الله إلى أعلى عليين في النعيم المقيم، وإن كانوا في الدنيا وضعاء.

 

﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ﴾ (4)

وعندها تحدث المشاهد المرعبة للكائنات الأرضية، فأما الأرض المستقرة التي يعيش عليها الناس، فتأمل مشهدها:

1- ترتجف وتُزلزل، فترتج بما فيها رجًا عنيفًا.

2- ثم تحمل مع الجبال، فتدك دكة واحدة شديدة، ﴿ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الحاقة: 14].

3- تم تدكدك الأرض دكاً دكا، فتسوى وتصبح كالبساط لا ارتفاع فيها ولا انخفاض؛ كما قال تعالى: ﴿ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴾ [طه: 106، 107].

4- ثم تمهد وتمد مدّ الأديم، ﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ﴾ [الانشقاق: 3].

 

5- فتلقي ما في بطنها من الأموات، وتتخلى عنهم من شدة هول ذاك اليوم، ﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ [الانشقاق: 4]، ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة: 2 - 5].

6- ويقبض الله تعالى الأرض، ﴿ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الزمر: 67]، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟.

7- ثم تبدل الأرض غير الأرض، ويبرز الناس لله الواحد القهار.

وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ﴾ [إبراهيم: 48]، فأين يكون الناس يومئذٍ؟ يا رسول الله، فقال: "على الصراط"، وفي حديث ثوبان رضي الله عنه، قال: "هم في الظلمة، دون الجسر"، أخرجهما مسلم.

 

﴿ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ﴾ (5)

وأما مشهد الجبال:

1- فإنها تزال من أصولها، ويُذهب بها، قال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ﴾ [الكهف: 47].

2- ثم تسير، فتمر مرّ السحاب، ﴿ وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ﴾ [الطور: 10].

3- ثم تنسف على مشهد من الناس، ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴾ [طه: 105].

4- فتُبس وتُفتت كالدقيق، وتصبح ككثيب مهيل، كرملٍ ناعم تحرك أسفله فانهال عليك من أعلاه.

5- وتتناثر بعد صلابتها كالعهن المنفوش؛ أيّ الصوف المصبوغ ألواناً إذا نُفش.

6- ثم يُذهبها الله تعالى حتى تصبح لا أثر لها، قال تعالى: ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾ [النبأ: 20].

 

﴿ فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ﴾ (6)

وتصير كالغبار، يسطع مع الضوء، ثم يذهب كلا شيء منتشرًا متفرقًا بنفسه؛ من غير حاجة إلى هواء يفرّقه.

فإذا كان هذا أثر وقوع الواقعة على الجبال الصلاب والأرض الشاسعة؛ فكيف بحال الناس، الذين قامت القيامة لأجل محاسبتهم!.

 

﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴾ (7)

وعندها يفترق الناس ثلاثة فرق، اثنان في الجنة، وواحد في النار، ذكر الله تفاصيل جزائهم في أول السورة، وتفاصيل أحوالهم وقت الاحتضار في آخرها:

 

﴿ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴾ (8)

أما الذين يكونون يوم القيامة عن يمين عرش الله، ويأخذون صحائف أعمالهم باليمين، يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، فتعجب من حالهم وجزائهم؛ لأنهم أهلٌ لئن تسأل عنهم، فهم في نهاية السعادة وحسن الحال.

 

﴿ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴾ (9)

وأما الذين يكونون يوم القيامة عن شمال عرش الله، ويأخذون صحائف أعمالهم بالشمال، يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، فتعجب من حالهم وجزائهم؛ لأنهم أهل لئن تسأل عنهم، فهم في نهاية الشؤم وسوء الحال.

 

﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴾ (10)

وأما الصنف الثالث: فالسابقون هم السابقون، المسابقون في الدنيا إلى فعل الخيرات هم المسابقون في الآخرة إلى دخول الجنات، والسابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله، صدقوا الله فصدقهم؛ كما قال تعالى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الحديد: 21].


الجانب الثاني: من السورة في ذكر مصير كل فريق يوم القيامة: من السابقين، وأصحاب اليمين، وأصحاب الشمال:

﴿ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ (11)

هؤلاء السابقون:

1- هم المقربون إلى جزيل ثواب الله، وعظيم كرامته.

2- وهم المقربون الذين قربت درجاتهم، وأعليت مراتبهم عند الله.

 

﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ (12)

مساكنهم بساتين وقصور تنعم فيها أبدانهم وأرواحهم، وتنعم فيها ظواهرهم وبواطنهم، ينعمون فيها بأنعم أنواع الطعام واللباس والراحة والسرور.

 

﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴾ (13)

هؤلاء المقربون جماعة لا يحصر عددها من الأمم الماضية، ومن أول هذه الأمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم في المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة".

 

﴿ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ (14)

وأعداد قليلة من آخر هذه الأمة، وإن كانت هذه الأمة بمجموع من يدخل الجنة من السابقين وأصحاب اليمين هم أكثر أهل الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة"، فكبرنا، فقال: "أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة"، فكبرنا، فقال: "أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة"، فكبرنا، فقال: "ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود"، متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، بل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب، وفي رواية: "مع كلِّ ألْفٍ سَبْعونَ ألفاً، وزادَني ثلاث حَثَياتٍ"، اللهم فاجعلنا منهم.

 

ثم جعلت الآيات تذكر نعيم السابقين من المقربين، وبدأت بذكر ما أعدّ الله لهم من وسائل الراحة والنعيم:

﴿ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ﴾ (15)

فتجدهم فوق السرر المنسوجة بالذهب، والمشبكة بالدر والياقوت وغيرهما من الجواهر الثمينة، قد صفت بأشكال هندسية زخرفية بديعة، قال ربي: ﴿ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ﴾ [الغاشية: 15]؛ أي متآكي ووسائد، وألوانها خضر بهيجة، ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ﴾ [الرحمن: 76]؛ فإن سألت ماذا يفعلون فوق هذه الأسرة؟:

 

﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴾ (16)

فالجواب: هم على هيئة المتكئ عليها في طمأنينة وراحة واستقرار، الذي يتسامر مع من حوله بطيب الحديث، ومن العجيب أن وجوه بعضهم إلى بعض، ليس أحد وراء أحد؛ لحسن أدبهم، وتقابل قلوبهم.

فإن سألت فمن الذي يخدمهم، وهم في منتهى الراحة وتبادل الأحاديث.

 

﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ﴾ (17)

فالجواب: يطوف عليهم من يخدمهم من صبيان صغار؛ في جمالهم وخفة وسرعة حركتهم كأنهم اللؤلؤ المنثور ﴿ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ﴾ [الإنسان: 19]؛ فإن سألت: أليسوا يكبرون، ويُتحرج منهم إن دخلوا وهم مع أزواجهم؟، جاءك الجواب: بل هم مخلدون على حالتهم هذه في الصغر، لا يكبرون ولا يتغيرون.

 

فإن قلت: فبأيّ شيء يطوفون عليهم؟، جاءك الجواب:

﴿ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ﴾ (18)

بأواني الشراب المنوّعة:

1- ما بين أكواب لا آذان لها ولا خراطيم، وأباريق تبرق من قوة لمعانها وصفائها، لها آذان وخراطيم، إن أراد أن يسقي نفسه صب من الأباريق في الأكواب.

2- وكؤوس عندهم مصبوب فيها طيب الشراب؛ بحسب مزاجهم وكيفهم، ﴿ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ﴾ [الإنسان: 16].

 

فإن سألت: فأيّ شيء صُب فيها، جاءك الجواب: صب فيها الخمر ذي اللذة المنعشة، والشدة المطربة، يُمد لهم من عين جارية صافية، لا تنضب، ولا يتكلف في عصرها، بل تنبع كما ينبع الماء.

وهي فوق ذلك منوعة النكهات منها ما هو ﴿ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴾ [الإنسان: 5]، ومنها ﴿ كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا ﴾ [الإنسان: 17]، ومنها ما هو أعلى من ذلك؛ لعباد الله المقربين: ﴿ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ﴾ [المطففين: 27].

فإن سألت أليست الخمر في الدنيا مضرة، ذات أربع آفات؛ من سكرٍ، وصداعٍ، وقيءٍ، وبولٍ؟.

 

﴿ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ﴾ (19)

جاءك الجواب: أن خمر الجنة، ليس فيها شيء من هذه الآفات المنفّرة عنها في الدنيا، ﴿ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ﴾ [الصافات: 46]:

1- فليست مما يصيب شاربها بالصداع.

2- وليست مما يذهب عقله عنه، ويستنزفه.

3- بل إذا فرغ من شربها خرجت من فمه رائحة المسك، قال ربي: ﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ ﴾[المطففين: 26].

 

فإن سألت عن الطعام وقد عرفت الشراب، فأنواع شهية:

﴿ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ﴾ (20)

1- الصنف الأول: الفواكه المنوعة، يتخيرون منها ما لذّ وطاب، فهذا يأكلونه، والآخر يعصرونه، والثالث والرابع يخلطون بعضه على بعض، هذا حلو، وهذا حامض، وذاك بينهما في طعم لذيذ، ومن عجيب ثمار الجنة أن الثمرة الواحدة لها طعوم، كلما ذاق منها أكلة وجد طعمًا أجمل مما ذاقه من قبل، وصدق ربي: ﴿ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ﴾ [البقرة: 25].

 

﴿ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ (21)

2- والصنف الثاني: اللحوم الطريّة، من لحوم طير ناعمة، أعناقها كأمثال أعناق الإبل، ناعمة في فم آكلها، يأكلونها بحسب اشتهائهم لنوعها، وبحسب اشتهائهم لطريقة طبخها، فهذه مشوية، والأخرى محماة على الحجارة، والثالثة مطبوخ بعضها على بعض، أو حُشي بعضها ببعض.

 

﴿ وَحُورٌ عِينٌ ﴾ (22)

فإذا تحدثوا وتسامروا، ثم شربوا وطربوا، ثم أكلوا وتتلذذوا، كان لهم من معاشرة النساء أجمل ما يتنعمون به، من نساء لهن من الجمال ما يحار الطرف في حسنهن، لو نظرت في عيونهن لأدركت جميل خلقهن، عيون واسعة سوداء، ممتلئة جمالًا وحسنًا، وحسن العين في الأنثى من أعظم الأدلة على حسنها وجمالها، ومع جمال عينها، لكنها لا تنظر إلا إلى زوجها؛ من شدة حيائها: ﴿ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴾ [الصافات: 48].

وهم مع أزواجهم على الأرائك، ﴿ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴾ [يس: 56]، والأريكة تزيد على السرير بأنها مغطاة بالحُجل، وهي أقمشة جميلة تستر من دخل فيها.

 

﴿ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾ (23)

أما ألوانهن:

1- فصفاء وبريق كصفاء وبريق اللؤلؤ الطريّ.

2- المصون في الصدف عما قد يدنسه؛ من أيدٍ تمسه، أو غبار يقع عليه.

3- في لون ورقة البيضة، بل أشد، ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ﴾ [الصافات: 49].

4- ومن جمال كونها مكنونة أنها محبوسة في خيمتها لا تخرج منها، ﴿ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ﴾ [الرحمن: 72].

 

﴿ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (24)

كل ذلك النعيم في المتآكي، وطيب الحديث، والخدمة، وحسن الشراب، والطعام، والتفكه، والنساء من كريم جزاء الله لهم على حسن أعمالهم في الدنيا؛ فجزاهم سبحانه بالإحسان إحسانًا، ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17].

 

فإن سألت: فهل يجدون في الجنة ما يُنغِص عليهم هذا النعيم؟:

﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ﴾ (25)

جاءك الجواب: قد سلمت الجنة من المنغصات، فلا يجدون ولا يسمعون ما يكدر خواطرهم من كلامٍ باطل، لا نفع فيه، أو كلامٍ قبيحٍ يجلب الإثم ويوقع المضرة، بل لا يقول بعضهم لبعض: أثمتَ؛ لأنهم لا يتكلمون بما فيه إثم، فإن قلت: فما حديثهم إذًا؟:

 

﴿ إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ (26)

جاءك الجواب: كلام في قمة التهذيب والروعة والفائدة، سالمٌ من كل لغو وإثم؛ لأنها دار الطيبين، فلا يصدر منهم إلا أطيب كلامٍ، وأسلمه من كل السوء؛ ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]، فعيشهم كله سلام بدار السلام، يسلم بعضهم على بعض؛ حتى تحاياهم السلام، قال ربي: ﴿ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ﴾ [إبراهيم: 23]، وتسلم عليهم الملائكة، ويسلهم عليهم ربهم السلام.

قال البقاعي في نظم الدرر (19 /206): "ولما أتمّ سبحانه القسم الأول... وذكر في جزائه مما لأصحاب المدن ما لا يمكنهم الوصول إليه، عطف عليه الثاني الذي هو دونه... وذكر في جزائهم من جنس ما لأهل البوادي أنهى ما يتصورونه ويتمنونه".

 

﴿ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ﴾ (27)

أصحاب اليمين هم أصحاب الميمنة المذكورون قبل، وهم في منزلة دون المقربين، فأيّ شيءٍ أصحاب اليمين؟ وما حالهم؟ وكيف سيكون جزاؤهم؟ فسّر ذلك، فقال سبحانه:

 

﴿ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴾ (28)

سدر الدنيا كثير الشوك، قليل الثمر، فإن سألت: فكيف يكون ذلك في الجنة، وكل ما في الجنة عظيم النفع، لا أذى فيه؟، جاءك الجواب أن سدر الجنة منضود؛ أيّ:

1- لا شوك فيه، بل هو منزوع الشوك

2- قد جعل الله مكان كل شوكةٍ ثمرة.

3- يفتق من كل ثمرة اثنان وسبعون لونًا من الطعام؛ لا يشبه لونٌ لونًا آخر.

 

روى ابن أبي الدنيا بإسنادٍ حسنه الألباني عن سليم بن عامر قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: إن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم، قال: أقبل أعرابي يومًا، فقال: يا رسول الله! ذكر الله في الجنة شجرة مؤذية، وما كنتُ أرى أن في الجنة شجرةً تؤذي صاحبها! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما هي؟ "، قال: السدر؛ فإن له شوكًا مؤذيًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس الله يقول: ﴿ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴾ [الواقعة: 28]، خضد الله شوكه، فجعل مكان كل شوكة ثمرة؛ فإنها لتنبت ثمرًا، تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونًا من طعام، ما فيها لون يشبه الآخر".

 

ومن أشجار السدر في الجنة: شجرة اسمها سدرة المنتهى:

1- نبقها وثمرها مثل قلال هجر.

2- وورقها مثل آذان الفيلة، لكن تكاد الورقة تغطي هذه الأمة.

3- ويغشاها ألوانٌ عظيمة، قال نبينا صلى الله عليه وسلم: "لا أدري ما هي"، قال تعالى: ﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 16، 17].

4- قال عليه الصلاة والسلام: "فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت، فما أحدٌ من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها".

قال البقاعي في نظم الدرر (19/207): "ولما ذكر ما يطلع في الجبال والأماكن المعطشة والرمال أتبعه ما لا يطلع إلا على المياه؛ دلالةً على أن أماكنهم في غاية السهولة والريّ".

 

﴿ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ﴾ (29)

وهو في الدنيا شجر عظيم كثير الشوك، يعرفه أهل الحجاز، فإن سألت: فكيف يكون ذلك في الجنة، وكل ما في الجنة عظيم النفع، لا أذى فيه؟، جاءك الجواب أنه منضود؛ أيّ:

1- معدّ للتناول؛ بلا كدّ ولا مشقة.

2- ومتراكم الثمر، مصفوف، يتراكب بعضه على بعض، على ترتيب هو في غاية الإعجاب.

3- فصار موقرًا بالثمر، قد أثقل لذلك أصله، وستر ساقه.

4- وله ثمرٌ أحلى من العسل؛ قاله ابن عباس رضي الله عنه.

 

قال مجاهد: يُذّكر بذلك قريشًا؛ لأنهم كانوا يعجبون من وجّ وظلاله؛ من طلح وسدر، تفسير ابن كثير، (7/526)، قال ابن كثير: "وإذا كان السدر الذي في الدنيا لا يثمر إلا ثمرة ضعيفة؛ وهو النبق، وشوكه كثير، والطلح الذي لا يراد منه في الدنيا إلا الظل يكونان في الجنة في غاية من كثرة الثمار وحسنها، حتى إن الثمرة الواحدة منها تتفتق عن سبعين نوعاً من الطعوم والألوان، التي لا يشبه بعضها بعضاً، فما ظنك بثمار الأشجار، التي تكون في الدنيا حسنة الثمار؛ كالتفاح والنخل والعنب وغير ذلك! وما ظنك بأنواع الرياحين والأزاهير! وبالجملة فإن فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، نسأل الله منها من فضله".

 

﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾ (30)

و"الظل الممدود شجرة في الجنة، يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها"، رواه الشيخان.

ووصف ابن عباس رضي الله عنه - بسند حسّنه ابن كثير - الظل المدود، فقال:

1- شجرة في الجنة على ساق.

2- ظلها قدر ما يسير الراكب في نواحيها مائة عام.

3- يخرج إليها أهل الجنة، فيتحدثون في ظلها.

4- فيشتهي بعضهم، ويذكر لهو الدنيا، فيرسل الله ريحًا من الجنة؛ فتُحرك تلك الشجرة بكل لهوٍ في الدنيا.

قال ابن عباس ويرسل ربنا
ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتًا تلذ لمسمع الإ
نسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي
بلذاذة الأوتار والعيدان
نزه سماعك إن أردت سماع ذي
اك الغناء عن هذه الألحان
حب الكتاب وحب ألحان الغنا
في قلب عبدٍ ليس يجتمعان

 

فإن سألت: هل في الجنة ظل؟، وليس فيها شمس؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا ﴾ [الإنسان: 13]، جاءك الجواب:

أن فيها ظلاً ظليلاً، بل ظل دائهم، ممدود؛ فسبحان الله، قال ابن مسعود: "الجنة سجسج، كما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس".

 

﴿ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ﴾ (31)

ومن بين تلك الأشجار: العيون السارحة، والمياه المتدفقة، والأنهار التي تجري في غير أخدود إلى منازلهم وحدائقهم.

فإن سألت هل تجري باللبن والخمر والماء والعسل دون أخدود!، جاءك الجواب: أنها لا تشق أخاديد في أرض الجنة، بل تنسكب وتجري بإذن الله، أما نهر الكوثر؛ نهر نبينا صلى الله عليه وسلم، فله علامة بارزة ومميزة، قال عليه الصلاة والسلام: "حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف"، وفي رواية: "قباب الدر المجوف"، رواهما البخاري.

 

﴿ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ﴾ (32)

ويطعمون أنواعًا كثيرة من الفاكهة؛ عنقود منها أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذه، فقال: "لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا"، يقول: "ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه".

 

فإن سألت: فكيف تأتي الفاكهة المتنوعة، وليس في الجنة صيف ولا شتاء؟، جاءك الجواب:

﴿ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ (33)

1- هي لا تمتنع على من أرادها شتاءً ولا صيفًا، بل ولا في أيّ وقت، ولا على أيّ صفة يريدها، أعدّها الله تعالى لمن أرادها؛ لا يحول بينه وبينها حائل.

2- ثم هي أيضًا: لا تنقطع، بل أكلها دائم مستمر أبدًا، مهما طلبوا وجدوا.

3- قال قتادة: لا يمنعهم من تناولها عود، ولا شوك، ولا بعد.

4- قريبة منهم، دانية مذللة لهم، هي التي تأتي إليهم، وليس هم الذين يأتونها، قال ربي: (متكئين على فرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان)، (وذللت قطوفها تذليلاً).

فيلذها في الأكل عند منالها
وتلذها من قبله العينان
يا طيب هاتيك الثمار وغرسها
في المسك ذاب الترب للبستان
وكذلك الماء الذي يُسقى به
يا طيب ذاك الوِرد للظمآن
وإذا تناولت الثمار أتت نظي
رتها فحلت دونها بمكان

 

ثم انتقلت الآيات بعد ذكر تمتعهم بلذيذ الطعام والشراب لتتحدث عن استمتاعهم بلذات معاشرة الأزواج:

﴿ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ (34)

فهم على فرشٍ:

1- رفيعة القدر؛ لجمالها وفخامة خلقها.

2- وعالية مرتفعة؛ لكثرة الحشو فيها، ولتراكم بعضها على بعض، قد رُفعت على الأسرة، ورُفع بعضها فوق بعض.

3- وفوق ذلك كله نساؤهم، رفيعات القدر في الحسن والجمال.

 

﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً ﴾ (35)

فأما نساء أهل الجنة:

1- فقد أبدعهن الله جل وعلا في خلقٍ لم يسبق له وجود في الحسن والجمال؛ في جميل عيونهن ووجوههن وصدورهن وخصورهن، وكم هي المناظر الجميلة التي أوجزها الله تعالى في قوله بنون العظمة: (إنا أنشأناهن إنشاءً)!.

والشمس تجري في محاسن وجهها
والليل تحت ذوائب الأغصان
حمرٌ الخدود ثغورهن لآلئ
سود العيون فواتر الأجفان
والبرقُ يبدو حين يبسم ثغرها
فيضيء سقف القصر بالجدران
لله لاثم ذلك الثغر الذي
في لثمه إدراك كل أمان
ريانة الأعطاف من ماء الشبا
ب فغصنها بالماء ذو جريان
كالزبد لينًا في نعومة ملمس
أصداف درٍ دورت بوزان

 

﴿ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴾ (36)

1- ثم جعلهن سبحانه جميعهن أبكارًا؛ من خُلقت ابتداءً من الحور، أو استئنافًا من الزوجات المؤمنات.

وقد أتت النبي صلى الله عليه وسلم عجوز، فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: "يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز"، قال: فولت تبكي، قال: "أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴾ [الواقعة: 35، 36]، أخرجه عبد بن حميد وغيره.

 

2- وبكارتهن دائمة لا تتغير ولا تنقص؛ لأن الجنة لا نقص فيها.

3- ويُعطى الرجل من أهل الجنة قوة مائة رجل؛ في الأكل والشرب والشهوة والجماع، كما أخرجه الطبراني من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه.

4- ويصل في اليوم إلى مائة عذراء؛ كما أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة، وصححه الألباني.

5- فهو مشغول بافتضاض الأبكار، قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴾ [يس: 55]؛ أيُّ شغلٍ في الجنة؟ ﴿ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴾ [يس: 56].

 

فإن سألت عن دلالهن، جاءك الجواب:

﴿ عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ (37)

1- فهن عربًا؛ متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة والظرافة والملاحة، وحسن الكلام والهيئة.

2- مع عشقٍ لأزواجهن، وحسن تبعل ودلال؛ من تمايل وغناء وتغنجٍ عند الجماع.

فلله تلك اللمسات والغمزات والحركات، ولله تلك المداعبات والقبلات والأحضان!.

3- وهن أترابًا؛ في سنّ واحدة، ثلاث وثلاثين سنة في نهاية سن الشباب وغايته.

4- متواخيات في أخلاقهن، يلعبن معًا، ليس بينهن تباغض ولا تحاسد؛ كضرائر الدنيا.

 

قال ابن سعدي: "إن تكلمت سلبت العقول، وود السامع أن كلامها لا ينقضي، خصوصًا عند غنائهن بتلك الأصوات الرخيمة والنغمات المطربة، وإن نظر إلى أدبها وسمتها ودلها ملأت قلب بعلها فرحًا وسرورًا، وإن برزت من محل إلى آخر امتلأ ذلك الموضع منها ريحًا طيبًا ونورًا".

فلمن هذا النعيم كله؛ من أشجار وبساتين واسعة، وفواكه يانعة، ونساء رائعة؟.

 

﴿ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ (38)

خلقهن الله لأصحاب اليمين، وجعلهن الله أترابًا في سن أصحاب اليمين؛ لما كان الاتفاق في السن أدعى إلى المحبة ومزيد الألفة.

وأصحاب اليمين من أقبلوا على الطاعات وشوقًا لرضا الله سبقوها، وإلى الساعات وفي مرضاة الله اغتنموها، وإلى الموبقات وخوفًا من الله اجتنبوها.

 

فإن سألت هل هم كثير؟؛ جاءك الجواب:

﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴾ (39) ﴿ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ (40)

هم جموعٌ كثيرة لا يحصر عددها من الأمم الماضية، ومن أول هذه الأمة، وهم كذلك جماعة كثيرة لا يحصر عددها من آخر هذه الأمة؛ جعلنا الله من أهل جنته.

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها ♦♦♦ إلا التي كان قبل الموت بانيها

 

﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ﴾ (41)

أما أصحاب الجهة التي تتشاءم العرب بها فهم أصحاب النار، والأعمال المشؤومة، وقد بلغوا حالاً من الشؤم جدير بأن يسأل عنها.

 

ثم فسَّر ذلك، فقال:

﴿ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ﴾ (42)

وسائل الراحة من الحرّ في الدنيا ثلاثة، فالإنسان منا إذا وجد شيئًا من الحر: إما أن يتجه إلى الهواء البارد ليُبرِد عليه، أو إلى الماء البارد ليغتسل فيه، أو إلى الظل البارد ليخفف عنه، وليس في النار أيّ وسيلة من وسائل التبريد:

• إن نظرت للهواء فهو سموم، أحر ما يكون، يدخل في مسامعهم فيكويها، وفي مناخرهم فيشويها.

• وإن جئت إلى الماء فهو حميم، بلغ أقصى درجة في شدة الحرارة، حرارته تذيب الصخور، وفي الوجوه تفور.

 

﴿ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ﴾ (43)

• وإن جئت للظل، وفي جهنم ظل، لكن شتان بينه وبين الظل الممدود في الجنة:

‌أ- لونه أسود؛ من يحموم كالفحم المحترق.

وفي فتح القدير للشوكاني (5/184): "قال الضحاك: النار سوداء، وأهلها سود، وكل ما فيها أسود".

‌ب- وشكله وصفه الله بقوله: ﴿ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ﴾ [المرسلات: 29، 30]، تخرج قصبة من أسفلك، ثم تترفع ثلاثة فروع مخيفة مفزعة من فوقك، فهل تقي أحدًا من حرّ؟.

 

﴿ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ (44)

ج‌- ليس ببارد الهبوب، ولا كريم المنظر، قال الله تعالى: ﴿ لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ﴾ [المرسلات: 31]، لا يدفع حرًا، ولا ينجي من لهب النار.

 

ثم ذكر تعالى استحقاقهم لذلك، فقد كانوا يصنعون ثلاثة أشياء:

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ﴾ (45)

أي: كانوا في الدار الدنيا:

أ‌- منعمين مقبلين على لذات أنفسهم، لا يتعظون بما جاءتهم به الرسل، مترفين ومنعمين بما لا يحل لهم.

 

﴿ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ﴾ (46)

ب‌- وكانوا مع هذا الترف يفعلون الذنوب الكبار، ولا يتوبون منها؛ من شركٍ بالله، وكفرٍ به، وآثامٍ عظام.

 

﴿ وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ (47)

ج- وكانوا ينكرون البعث، فيقسمون بالله استبعادًا لوقوعه: والله إننا إذا متنا، وصرنا عظامًا ثم ترابًا لن نبعث، ولا يمكن أن نبعث!، والرسل يَكذبون، والدليل:

 

﴿ أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ﴾ (48)

هؤلاء آباؤنا الذين ماتوا من مئات السنين قد بليت عظامهم مع لحومهم لم يرجعوا للدنيا، فكيف سنرجع نحن!.

 

﴿ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ﴾ (49) ﴿ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾ (50)

فأجابهم الله بثلاث حقائق:

الحقيقة الأولى: أخبرهم يا محمد أن الأولين والآخرين من بني آدم سيُجمعون إلى عرصات القيامة، لا نغادر منهم أحدًا، كما قال: ﴿ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ [هود: 103 - 105]، تفسير ابن كثير (7/538)، فلهم موعدٌ في مكان وزمان محدد، لا يتقدم ولا يتأخر.

 

﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ﴾ (51)

والحقيقة الثانية: أنكم يا من ضللتم الهدى، وكذبتم برسولنا، وما جاء به:

 

﴿ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ﴾ (52)

ستأكلون من شجرة:

1- تنبت في أصل النار، مع أن النار عادةً تلتهم الأشجار، لكنها تخرج في أصل جهنم، ثم ترتفع سيقانها، ثم تمتد فروعها في جميع أرجاء النار العظيمة.

2- اسمها مرعب شجرة الزقوم، فما بالك بشكلها:

3- ﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الصافات: 65]، مع أن الأشجار في العادة منظرها مبهج، وخصوصًا الأزهار والثمار، أما هذه إذا رأيت ثمرها كأنك رأيت رأس شيطان، فإذا كان اسمها وشكلها مخيفين جدًا فأسأل الله أن لا يذيقك طعمها؛ لأن طعمها خبيث جداً، ولن تنبت من أصل الجحيم إلا شجرة خبيثة:

4- أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرب لنا طعم الزقوم، فقال عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي بسند جيد: "لو أن قطرة من الزقّوم قطرت على أهل الدنيا لأفسدت عليهم معايشهم"، قطرة واحدة تفسد وتنتن كل الطعام الذي في الدنيا، نعوذ بالله، قال صلى الله عليه وسلم: "فكيف بمن هي طعامهم"!.

 

﴿ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ (53)

وإلى أيّ درجة يأكلون منها:

5- الأفظع أنهم يأكلونها - مع هذا المنظر المخيف، ومع هذا الطعم الخبيث - من شدة الجوع الذي يعذبهم الله به يأكلونها، قال الله: ﴿ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ [الصافات: 66] لا يأكل مثل الميتة للضرورة، بل يأكل منها حتى يملأ بطنه، فإذا وصل الزقوم بطنه، اسمع ماذا يحدث:

6- ﴿ إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ﴾ [الدخان: 43 - 46] تغلي بطنه كما يغلي الزيت الحار، يا الله سلمنا؛ يعني ضريع وناشب في الحلق، وحميم ومقطّع للأمعاء، وزقّوم يغلي في البطون حتى يذيقهم ربك عذابه، نسأل الله السلامة.

 

﴿ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ ﴾ (54)

والحقيقة الثالثة: أنكم بعد هذا الأكل الكثير ستشربون شربًا كثيرًا من ماء حميم، بلغ غاية الحرارة والغليان، بمجرد ما يرفعه إلى فمه تسقط فروة وجهه فيه، ماء مخصص لتعذيب الأمعاء، هذه المسالك الدقيقة ذات الشعيرات الرقيقة تتقطع قطعًا، قال ربي: (وسقوا ماءً حميمًا فقطع أمعاءهم).

 

﴿ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ﴾(55)

وإلى أيّ درجة تشربون: تشربون كما تشرب الإبل العطاش، المريضة بمرضٍ يجعلها لا تروى أبدًا حتى تموت، وكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبدًا.

 

﴿ هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ﴾ (56)

هذا الذي وصفنا لكم هو ضيافتكم عند ربكم يوم حسابكم، وإذا كانت هذه هي كرامتكم أول قدومكم يوم الجزاء، فما ظنكم بما يأتي بعد!، وقارن بين هذا وبين قوله تعالى في شأن الذين آمنوا به، وصدقوا رسله وكتبه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 107، 108].

إنه يوم عظيم، يوم الواقعة، يومٌ حال العباد فيه بين حالٍ رافعة، وحالٍ خافضة، نسأل الله أن يعاملنا بكرمه وإحسانه.

 

الجانب الثالث من السورة في تأكيد قضية البعث: بذكر أربعة أدلة شاهدة بوقوع البعث، مبكتة للمنكرين له، ملزمة لهم الحجة:

﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ ﴾ (57)

ألم تعترفوا أن الله تعالى هو الذي ابتدأ خلقكم، فكيف لا تصدقون أن الله تعالى هو الذي سيعيدكم ويبعثكم، وما البعث إلا تبديل صورة بالية بصورة حيّة، وأنتم ترون أمثاله من التبديل، وما هو أعظم منه وأبلغ.

ثم ذكر سبحانه على ذلك أربعة أدلة؛ من مألوف حياتهم، ومعروف تجاربهم اليومية، بعيدة عن التعقيد وصعوبة التصور، دارت حول خلقهم، وطعامهم، وشرابهم، ومنافعهم اليومية.

 

الدليل الحسي الأول: هو دليل التناسل، وكيف أنبت سبحانه حيًا من ميت!

﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ﴾ (58)

أخبرونا ألم تروا ببصركم وبصائركم أنكم تريقون النطفة البالية في الأرحام، ولا يتعدى دوركم أبعد من ذلك.

 

﴿ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾ (59)

ثم الله تعالى يصورها إلى خلايا دم، ثم خلايا لحم، ثم خلايا عظم، ثم خلايا جلد، ثم خلايا أعصاب، ثم خلايا حواس، ثم خلايا غدد متخصصة في وظائف دقيقة، فهل أنتم الذين خلقتم الإنسان في أحسن تقويم أم الله الذي تفرد بخلقه!.

 

﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾ (60)

ثم جعل الله لهذه الحياة نهاية، كتبها عليكم جميعًا، الصغير تظنون أنه يحيا فيموت، والمريض تظنون أنه يموت فيحيا، "فقصرنا عمر هذا، وربما كان في الأوج من قوة البدن وصحة المزاج، فلو اجتمع الخلق كلهم على إطالة عمره ما قدروا أن يؤخروه لحظة، وأطلنا عمر هذا، وقد يكون في الحضيض من ضعف البدن واضطراب المزاج، لو تمالؤوا على تقصيره طرفة عين لعجزوا"، نظم الدرر (19/221).

 

وما يستطيع أحد منكم أن يهرب من قدره وأجله، ولا يعجز الله أو يغلبه، بل نحن القادرون:

﴿ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (61)

أن نأتي بخلق مثلكم بعدكم، ونجعلكم في حياة لا تعلمون ما فيها من تغير الصفات والأحوال.

 

﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ (62)

فهلا تذكرتم أن الذي خلق النشأة المبتدأة:

أ‌- الترابية لأبيكم آدم.

ب‌- واللحمية لأمكم حواء.

ت‌- والنطفية لكم.

بقادر على خلق النشأة المعادة، كما قال سبحانه: ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 79].

فالذي حوّلكم من صور بالية إلى أحياء قادر على أن يعيدكم بعد أن بليتم، فأيّ غرابة في النشأة الأخرى، وهذه هي النشأة الأولى!.

 

الدليل الحسي الثاني: دليل إلقاء الحب والحرث في الأرض، بعد أن ذكر سبحانه إلقاء المني والحرث في الأرحام؛ وكيف أنبت سبحانه حيًا من ميت!.

﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ﴾ (63)

أخبرونا ألم تروا ببصركم وبصائركم أنكم ألقيتم البذرة البالية في الأرض، بعد شقها، ولا يتعدى دوركم أبعد من ذلك.

 

﴿ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ (64)

ثم الله تعالى أخرج من هذه الحبة عودًا، فورقًا، فسنابل بحبٍ حصيد، ومن النواة ساقًا، فجذوعًا سامقة، فتمرًا بثمر نضيج، فهل أنتم الذين زرعتم هذا في اختلاف صورةٍ وطعم أم الله الذي تفرد بزرعه وإنباته!.

 

﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾ (65)

ثم لولا حفظ الله له، وإبقائه لكم ليبس قبل استوائه واستحصاده، فصرتم تتعجبون من عدم نباته، وتندمون على هلاكه، ويزول فرحكم وسروركم وتفكهكم، فتقولون:

 

﴿ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ﴾ (66)

إنا غرمنا وخسرنا خسارة كبيرة، وأصابتنا مصيبة وجائحة.

 

ثم تعرفون بعد ذلك من أين أتيتم، وبأيّ سبب دهيتم، فتقولون:

﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾ (67)

بل نحن الذين حرمنا الله من نعمته؛ بسبب معاصينا.

فالذي حوّل زرعكم من بذر بالٍ إلى زرعٍ أخضر ينمو ويُنبِت، قادر على أن يعيدكم بعد أن بليتم، فأيّ غرابة في حياتكم الأخرى، وهذه هي حياتكم الأولى!.

 

الدليل الحسي الثالث: دليل ماء الشرب، بعد أن ذكر سبحانه نعمته عليهم بالطعام ذكرّهم بنعمته عليهم بالشراب العذب، وكيف جمع سبحانه في الماء بين العذوبة والملوحة:

﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ﴾ (68)

أخبرونا ألم تروا ببصركم وبصائركم أنكم تشربون ماءً، هو أصل حياتكم، ولا يتعدى دوركم أبعد من أن تشربوه.

 

﴿ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾ (69)

ثم الله هو الذي خلقه من عناصره، وأنزله من سحابه البيض، وأجراه في فوق الأرض وتحتها ماء عذبًا، فهل أنتم الذين أنزلتموه ماءً رقراقًا، فيه حياتكم، أم الله الذي تفرد بخلقه وإنزاله!.

 

﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ (70)

ثم لولا حفظ الله له، وإبقائه لكم لصار مرًا ملحًا، لا يصلح لشرب ولا لزرع، لا يبرد عطشاً ولا ينبت نبتاً، فهلا شكرتم نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عذباً زلالاً!.

فالذي أنزل من مزنٍ تجري كالهواء ماءً عذبًا فيه الحياة، قادر على أن يعيدكم بعد أن بليتم، فأيّ غرابة في قدرته الأخرى، وهذه هي قدرته الأولى!.

 

الدليل الحسي الرابع: دليل النار، بعد أن ذكر سبحانه أنه أنبت من الماء شجرًا ذكر أنه أخرج من الشجر نارًا سبحانه، فكيف جمع بين الماء والنار في الشجر!.

﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ﴾ (71)

أخبرونا ألم تروا ببصركم وبصائركم أنكم تستخرجون من الشجر الأخضر نارًا توقدونها إذا حككتم غصنًا بآخر، ولا يتعدى دوركم أبعد من ذلك.

 

﴿ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ﴾ (72)

ثم الله هو الذي خلق شجرًا، وأودع فيه بجوار الماء نارًا، وشبّ منهما شررًا، أوقدتم منه نارًا، فهل أنتم الذين خلقتم شجره، وأخرجتم ناره الذي به منافعكم، أم الله الذي تفرد بإنشائه وإخراجه!.

 

﴿ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ﴾ (73)

ثم لولا حفظ الله لكم لأحرقتكم، لكن الله تعالى جعل فيها منافع لكم؛ للمسافرين المرتحلين منكم، ولكل المستنفعين منكم بها؛ في طبخهم، وخبزهم، واستضاءتهم، وتدفئهم.

قال ابن سعدي مبيّنًا سبب تخصيص المسافرين بالذكر: "ولعل السبب في ذلك؛ لأن الدنيا كلها دار سفر، والعبد من حين ولد فهو مسافر إلى ربه، فهذه النار، جعلها الله متاعًا للمسافرين في هذه الدار، وتذكرة لهم بدار القرار".

 

فهلا تذكرتم بهذه النار النار الكبرى التي أنذركم الله بطشتها، وحذركم من عذابها، فما نار الدنيا إلا كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: "إن ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم"، قالوا: يا رسول الله، إن كانت لكافية!، قال: "قد فضلت عليها بتسعٍ وستين جزءًا، كلهن مثلها حرها"، متفق عليه، ورواه أحمد وابن حبان والبيهقي، فزادوا فيه: "وضُربَتْ بالبَحْرِ مرَّتَيْنِ، ولولا ذلك ما جَعل الله فيها منفَعةً لأَحَدٍ".

فهذا الكلأ والماء والنار، والناس فيها شركاء، لعظيم حاجتهم لها في الدنيا، هي من أدلة بعثهم بعد الموت، كما نبّه عليه ابن كثير.

 

﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ (74)

فنزه ربك الذي ربّاك بنعمه العظيمة السابغة، وهداك لما فيه سعادتك:

أ‌- تسبيح المنزه له من كل نقص؛ نسبه إليه الجاحدون.

ب‌- وتسبيح المتعجب من آثار قدرته، الدالة على تناهي عظمته.

ت‌- وتسبيح الشاكر له، الذي جعل في نعمه؛ نفعًا لعباده في دنياهم، وهدايةً لهم إلى ما ينفعهم في أخراهم.

ث‌- وتسبيح المقتدي بجميع من يسبحه في سماواته وأرضه.

 

فسبحانه خلق بقدرته العظيمة الأشياء المختلفة المتضادة، ماء السحاب العذب الزلال البارد، وماء البحار الملح الأجاج، وخلق النار النافعة، والنار المحرقة المهلكة، وخلق من نطفة بالية إنسانًا حيًا سويًا، ومن بذرة يابسة نباتًا حيًا طريًا.

فنزه ربك العظيم الذي ملأ الأكوان كلها عظمة؛ بقلبك ولسانك وجوارحك، فهو المستحق؛ لأن يشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، ويطاع فلا يعصى.

 

ونزِه الذي أنزل هذا القرآن، فجعل فيه:

أ‌- ذكر الأحوال المرققة للقلوب، الزاجرة للنفوس.

ب‌- وذكر الأدلة الصادعة بالحق، الزاجرة عن الضلال والحيرة.

 

وبعد هذه الأدلة الواضحة التي يعيشونها في حياتهم اليومية لم يبق إلا الإقسام، فجاء الإقسام بعد هذه الدلائل العظام، قال تعالى مبينًا أن إحكام الكون المنظور دليلٌ على صدق الكتاب المسطور:

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ (75)

فليس الأمر كما تزعمون أن القرآن سحر أو كهانة، وأُقسِم على ذلك بمواقع النجوم في السماء؛ بمواقع طلوعها وغروبها، وما يحدثه الله تعالى مع تلك التغييرات العلوية من المنافع العظيمة للعباد.

 

﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ (76)

وإن هذا القسم الذي أقسمتُ به لقسمٌ عظيم، لو تعلمون عظمته؛ لعظمتم المقسم به عليه، تفسير ابن كثير (7/544).

 

﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ (77)

وجواب هذا القسم العظيم: أن القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم جمع جميع صفات العظمة والنفع:

أ‌- فهو كريمٌ بمن أنزله، وكريمٌ بما احتوى، وهو كريمٌ بما يرشد إليه من معالي الأفعال والأقوال والأخلاق.

ب‌- وهو كثير الخير، غزير العلم، كل خير وعلم يستنبط منه.

ت‌- وليس هو بمفترى على الله، ولا بقول مجنون أو كاهن، ولا بمختلق من أساطير الأولين.

 

﴿ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ﴾ (78)

كُتب وحُفِظ في لوح:

أ‌- مصون عن الشياطين، لا قدرة لهم على تغييره، أو استراقه.

ب‌- معظم عند الله وعند ملائكته في الملأ الأعلى؛ لما له من النفاسة والعلو.

 

﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ (79)

وليس القرآن كما زعم كفار قريش تنزلت به الشياطين، بل لا يمسه ولا يصل إليه إلا المطهّرون؛ من الملائكة الكرام البررة، قال تعالى: ﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾ [الشعراء: 210 - 212].

قال الفراء: "لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به"، تفسير ابن كثير (7/545).

 

﴿ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ (80)

لأنه منزلٌ ممن ربى الخلائق "بنعمه الدينية والدنيوية، ومن أجل تربية ربى بها عباده إنزاله هذا القرآن، الذي قد اشتمل على مصالح الدارين، ورحم الله به العباد رحمةً لا يقدرون لها شكورًا"، تفسير السعدي، ص(836).

 

﴿ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ﴾ (81)

أ‌- فكيف بكم أيها الكفار بهذا القرآن تكذبون، ولا تصدقون.

ب‌- وكيف بكم أيها المسلمون بهذا القرآن تختفون وتتوارون، وحقه تعلنون به وتصرحون.

 

﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ (82)

ثم كيف بكم أيها الكفار تجعلون حظكم من كتاب الله، وشكركم لنعمته هذه أنكم به تكذبون!.

وفي تفسير الطبري (23/153): "وقد ذُكر عن الهيثم بن عدّي: أن من لغة أزد شنوءة: ما رزق فلان: بمعنى ما شكر".

 

﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴾ (83)

لكن ستنكشف الحقائق إذا بلغت الروح الحلق حال احتضار أحدكم، وبدت عليه ملامح الموت، وذاق شدته؛ كما في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ﴾ [القيامة: 26 - 28].

 

﴿ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ﴾ (84)

وصرتم من حوله تنظرون إليه نظرة الهلع والعجز، وهو يكابد سكرات الموت، وأنتم عاجزون عن صنع أيّ شيء له، مرعبون من مصيره الذي سيلاقيه.

 

﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴾ (85)

وملائكتنا أقرب إلى صاحبكم منكم، ولكنكم لا ترونهم، ونحن أعلم بمصيره وجزائه؛ كما قال في الآية الأخرى: ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 61، 62].

 

﴿ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴾ (86) ﴿ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ (87)

فهلا أرجعتم روحه إلى جسده بعد أن سلبناها منه إن كنتم تستطيعون أن تمنعونا من محاسبته، وإن كنتم صادقين أنكم لا تجازون بعد الموت على أعمالكم، بل عندها تبكتكم الحجة، وتعلمون صدق ما وعدكم به الرسل.

 

وأنتم عند الاحتضار - كحالكم في دار القرار المذكور في أول السورة - على ثلاثة أصناف:

﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ (88)

الصنف الأول: صنف السابقين المقربين، الذين فعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وفضول المباحات.

 

﴿ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ﴾ (89)

فهؤلاء يجدون عند الاحتضار راحة في قلوبهم، ورائحة طيبة من حولهم، ورحمة من ربهم، ويبشرون عندها بجنان ينعمون فيها بغاية أنواع النعيم والملذات؛ من نعيم الروح والجسد؛ بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فتكاد الأرواح تطير من هذه البشارة فرحًا وسرورًا.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما نسمة المؤمن طائر يعلق - أي يأكل - في شجر الجنة؛ حتى يبعثه الله إلى جسده يوم يبعثه"، أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه.

 

﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ (90)

والصنف الثاني: أصحاب اليمين، وهم الذين أدّوا الواجبات وتركوا المحرمات، وإن حصل منهم تقصير في بعض الحقوق التي لا تخل بتوحيدهم وإيمانهم، فتقول الملائكة لأحدهم عند احتضاره:

 

﴿ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ (91)

سلام لك، فأنت سالمٌ من العذاب والسخط، قال قتادة وابن زيد: سلِم من عذاب الله، وسلَّمت عليه ملائكة الله؛ كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].

تقول له ملائكة الرحمة: "أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنتِ تعمرينه، اخرجي إلى روح وريحان، ورب غير غضبان".

 

﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ﴾ (92)

والصنف الثالث: أصحاب الشمال، وهم الذين كذبوا بالحق، وضلوا عن الهدى.

 

﴿ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ﴾ (93)

فضيافتهم - بعد أكلهم الزقوم - ماء قد تناهى إلى أشد درجات الحرارة، فيصهر ما في بطونهم والجلود.

 

﴿ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴾ (94)

ولهم بعد هذه الضيافة أن يعذبوا في نار الجحيم، التي تغمرهم من جميع جهاتهم، فيذوقوا عذابها ونكالها.

 

﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ﴾ (95)

إن هذا الخبر لهو الحق الواقع فلا محيد عنه، واليقين النافذ فلا شك فيه.

 

﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ (96)

فنزه الله:

أ‌- المحسن إليك بما خصّك به من نعمة اتباع هذا القرآن.

ب‌- والذي ملأت عظمته جميع الأقطار والأكوان.

 

عما يقوله الجاحدون لربهم، ولكتبه، ولرسله، ولجزائه.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، متفق عليه.

قال البقاعي (19/249): "وقد انطبق آخر السورة على أولها في الإخبار بالبعث، وتصنيف الخلائق فيه إلى الأصناف المذكورة في أولها أيّ انطباق".

 

تم تفسير سورة الواقعة، ولله الحمد والمنة





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الزركشي لآيات من سورة الواقعة
  • تفسير سورة الواقعة
  • تدبر سورة الواقعة
  • أضواء حول سورة الواقعة (خطبة)
  • لوامع الأنوار في شرح صحائح الأخبار لشمس الدين ابن الموصلي
  • مواعظ من سورة الواقعة

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة مشكل الصحيحين المستخرج من مطالع الأنوار ومن مشارق الأنوار (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مشكل الصحيحين المستخرج من مطالع الأنوار ومن مشارق الأنوار (الجزء الأول)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مشكل الصحيحين المستخرج من مطالع الأنوار ومن مشارق الأنوار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مشكل الصحيحين المستخرج من مطالع الأنوار ومن مشارق الأنوار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عندما أخبرنا كابتن الطائرة أن تلك الأنوار هي أنوار الحرم(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة نور الأنوار شرح المنار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة منهاج العلماء الأحبار في تفسير أحاديث كتاب الأنوار (الجزء الثاني)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة منهاج العلماء الأحبار في تفسير أحاديث كتاب الأنوار (الجزء الأول)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأنوار البهية في سورة الكهف الجلية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نور على نور (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب