• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

أحكام غير المسلمين في الزكاة من خلال المدونة للإمام مالك

عبدالله العلوان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/8/2017 ميلادي - 22/11/1438 هجري

الزيارات: 24478

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام غير المسلمين في الزكاة

من خلال المدونة للإمام مالك


العنصر الأول: زكاة أموال العبيد والمكاتبين.

العنصر الثاني: إخراج زكاة الفطر على العبيد والمكاتبين.

العنصر الثالث: تعشير أهل الذمة.


العنصر الأول: زكاة أموال العبيد والمكاتبين:

فرض الله الزكاة على المسلمين لتطهير نفس الغني من البخل والجشع، وتطهير نفس الفقير من الحقد والحسد والإحساس بالحرمان، بل هي عند المسلمين ركن من أركان الإسلام، وتعطى لأصناف معينة من الناس، لتحقيق العدالة الاجتماعية داخل الدولة، وتتشكل هذه الأخيرة من مجموعة مواطنين مختلفين في الدين، إذ منهم المسلم ومنهم غير ذلك، فهل غير المسلمين مخاطبون بالزكاة في أموالهم؟ كما يختلف حال المكاتب والعبيد هل عليهم زكاة في أموالهم بعد مرور الحول؟

 

قال سحنون(240هـ) -رحمه الله تعالى- قلت: ما قول مالك في أموال المكاتبين والعبيد وأمهات الأولاد، أعليهم صدقة في عبيدهم وفي حروثهم وفي ناضهم وفيما يديرون للتجارة زكاة؟ فقال: لا، قلت: وهذا قول مالك؟، قال: نعم هو قول مالك. قال: وقال مالك: ليس عليهم إذا عتقوا وأموالهم في أيديهم زكاة، حتى يحول الحول على أموالهم التي في أيديهم من يوم عتقوا.

 

قال: وقال مالك: ليس في مال العبد والمكاتب والمدبر وأم الولد والمدبرة زكاة، لا في أموالهم ولا في مواشيهم ولا في حروثهم، قال: وقال مالك: ليس في أموال العبد زكاة لا على السيد ولا على العبد، قلت: أرأيت إن قبض الرجل مال عبده، أيزكيه مكانه أم حتى يحول الحول عليه؟ فقال: لا زكاة على السيد فيه حتى يحول عليه الحول من يوم قبضه، قلت: وهذا قول مالك. قال: نعم[1].

 

وعليه فلا زكاة على العبد ولا على المكاتب فيما يملكون ولا على السيد الذي يملكهم، حتى يحول الحول من أول يوم اعتقوا فيه، وروي عن ابن وهب وابن المهدي خلاف ذلك، حيث أجازوا للعبد والمكاتب المسلم إخراج الزكاة بعد إذن سيده، قال ابن وهب "وأخبرني رجال من أهل العلم عن جابر بن عبد الله وسليمان بن يسار وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح وعبد الرحمن الأعرج وعمر بن عبد العزيز، ويحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي سلمة وابن قسيط مثله، وحدثني عن ابن مهدي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: ليستأذن مولاه فإن أذن له زكاه"[2].

 

وهو القول نفسه ذهب إليه ابن المهدي حيث قال "عن صخر بن جويرية عن نافع عن عبد الله بن عمر قال: ليس على العبد في ماله زكاة، ولا يصلح له أن يعطي شيئا من ماله إلا بإذن سيده، ولا يتصدق إلا أن يأكل بالمعروف أو يكتسي أو ينفق على أهله إن كان له أهل.

قال ابن مهدي وأخبرني رجال من أهل العلم، أن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب أنهم قالوا: ليس على المكاتب في ماله زكاة كما يروى عنه قول آخر عن سفيان الثوري عن عمرو بن ميمون عن أبيه، أن جدته مرت على مسروق بالسلسلة وهي مكاتبة فلم يأخذ منها شيئًا"[3].

 

أما مذهب الإمام مالك فقال سحنون " قلت: فهل يؤخذ من عبيد المسلمين إذا اتجروا أو مكاتبيهم الزكاة؟ فقال: لا، قلت: وهو قول مالك؟، قال: نعم"[4].

إذا لا زكاة على العبيد ولا على المكاتبين، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وطرح مسألة دفع مسمسألة لة دفع الزكاة من غير المسلمين (العبيد والمكاتبين) لأنهم يعيشون في بلاد الإسلام.

 

وبعد هذا يمكن أن نتساءل هل تدفع زكاة المسلمين إلى غير المسلمين ما إدموا في بلاد الإسلام وهم فقراء؟، وذهب الإمام مالك رحمه الله إلى عدم إعطائهم شيئا من الزكاة فقال سحنون " وقال مالك: ولا يعطى من الزكاة مجوسي ولا نصراني ولا يهودي ولا عبد، وكما لا يعتق في الكفارات غير المؤمنين فكذلك لا يطعم منها غير المؤمنين، وقد قال: لا يعتق في الكفارات إلا مؤمنة (ربيعة)، و(عطاء) مؤمنة صحيحة. وقال نافع وربيعة: لا يطعم من الزكاة نصراني ولا يهودي ولا عبد، إلا أن نافعا لم يذكر اليهودي ولا العبد"[5].

 

وعليه فمذهب مالك في هذه المسألة المنع من إعطاء الزكاة لغير المسلمين، كما بين قوله أنه أيضا لا تعطى الزكاة لبناء المساجد، وإنما لمستحقيه من الأصناف الثمانية من المسلمين، والمؤلفة قلوبهم من غير المسلمين داخل في هذه الأصناف، ومن مات وهو غير مسلم فلا تجزئه أن يعطى من زكاة في كفنه لأن الصدقة إنما هي للفقراء والمساكين ومن سمى الله، فليست للأموات ولا لبنيان المساجد.

 

فبعد الوقوف على هذه المسالة اتضح عموما أن زكاة المسلمين لا تدفع إلى غير المسلمين، إلا ما كان على سبيل الصدقة، ومن فسر قوله ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [التوبة: 60][6]، (المساكين) جعل هذا اللفظ خاصا بأهل الكتاب كالإمام القرطبي رحمه الله الذي ذهب إلى هذا القول معتبرا أن المساكين هم أهل الكتاب أما المسلمون فيسمون بالفقراء قال "حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عمر بن نافع قال: سمعت عكرمة في قوله ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [التوبة: 60]، قال: لا تقولوا لفقراء المسلمين "مساكين"، إنما "المساكين"، مساكين أهل الكتاب"[7].

 

لكن يروى أن هذا التفسير من جهة أبو بكر العبسي في السند مجهول كما قال الذهبي (ت748هـ) -رحمه الله تعالى- " قلت هذا ليس بصحيح أبو بكر العبسي عن عمر مجهول[8].

ويمكن دفع هذه الزكاة لغير المسلمين إذا صادف الزمان خلو المسلمين من مستحقي الزكاة جاز دفعها لغير المسلمين، عملا بالقول القائل يجوز دفعها لغير المسلمين، فحينئذ الميسور لا يسقط بالمعسور، فإذا تعسر إيجاد مسلم مستحق للزكاة دفعت لمن تيسر وجوده من غير المسلمين، كما أن حال الاضطرار يختلف عن حال السعة، ويستحب أن تحرى في ذلك من يرجوا إسلامه وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف " قال حدثنا جرير، عن ليثعن مجاهد، قال " لا تصدق على يهودي ولا نصراني إلا أن لا تجد غيره"[9].

 

واختلف العلماء أيضاً في مسالة الرقاب التي سنعالجها على ما ورد فيها من كلام الفقهاء والمفسرين في بيان معنى الرقاب، ونبدأ بالإمام الطبري رحمه الله الذي قال"والصواب من القول في ذلك عندي، قول من قال:عنى بالرقاب في هذا الموضع، المكاتبون، لإجماع الحجة على ذلك، فإن الله جعل الزكاة حقاً واجباً على من أوجبها عليه في ماله يخرجها منه، لا يرجع إليه منها نفع من عرض الدنيا، ولا عِوض، والمعتق رقبة منها راجع إليه ولاء من أعتقه، وذلك نفع يعود إليه منها"[10].

 

فدل قول القرطبي على أن الرقاب المقصود بهم هم المكاتبون، وإذا كان المقصود بالرقاب هم المكاتبون جاز إعطاء الزكاة لهم كما ورد في الآية الكريمة، وهو نفس القول الذي ذهب إليه ابن كثير (ت774هـ) - رحمه الله تعالى- معتبرا أن الرقاب هم المكاتبون، حيث قال "وأما الرقاب فروي عن الحسن البصري، ومقاتل بن حيان، وعمر بن عبد العزيز، وسعيد بن جبير، والنخعي، والزهري، وابن زيد، أنهم: المكاتبون، وروي عن أبي موسى الأشعري نحوه، وهو قول: الشافعي، والليث رضي الله عنهما، وقال ابن عباس والحسن: لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة، وهو مذهب أحمد ومالك، وإسحاق، أي: إن الرقاب أعم من أن يعطى المكاتب، أو يشتري رقبةً فيعتقها استقلالاً"[11].

 

ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله قولا عن السلف في تفسير الآية حيث قال "وقد اختلف السلف في تفسير قوله تعالى ﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ [البقرة: 177] فقيل: المراد شراء الرقبة لتعتق، وهو قول ابن القاسم عن مالك، واختيار أبي عبيد، وأبي ثور، وإسحاق، وإليه مال البخاري، وابن المنذر، وقال أبو عبيد: أعلى ما جاء فيه قول ابن عباس وهو أولى بالاتباع، وأعلم بالتأويل، وروى ابن وهب عن مالك: أنها في المكاتب، وهو قول الشافعي، والليث، والكوفيين، وأكثر أهل العلم، ورجحه الطبري، وفيه قول ثالث: أن سهم الرقاب يجعل نصفين: نصف لكل مكاتب يدعي الإسلام، ونصف يشترى بها رقاب ممن صلى وصام أخرجه ابن أبي حاتم وأبو عبيد في الأموال، بإسناد صحيح عن الزهري أنه كتب ذلك لعمر بن عبد العزيز"[12].

 

العنصر الثاني: إخراج زكاة الفطر عن العبيد والمكاتبين:

لقد مر معنا في العنصر الذي قبل هذا أنه لا زكاة على العبد ولا على المكاتب ولا على سيده، كما أنه لا تعطى زكاة المسلمين لغير المسلمين، إلا إذا حقق المسلمون حد الكفاية ولم يعد أحد في حاجة وكان معهم غير مسلمين مساكين لا يجدون ما يسدون به حاجتهم جاز إعطاؤهم شيئًا من الزكاة.

أما زكاة الفطر فالأمر مخالف لما ورد في الزكاة عموما، حيث نجد الإمام مالك لا يوجب زكاة الفطر على المكاتب ولا على العبد، لكن يوجبها على سيده قال سحنون"وقال مالك: على الرجل أن يؤدي زكاة الفطر عن مكاتبه ولا يؤدي المكاتب عن نفسه"[13].

 

فما دام المكاتب لا يؤدي الزكاة عموما فإنه لا يؤدي زكاة الفطر، لكن سيده يؤدي عنه، وإن كانوا شركاء في العبد فكل واحد يؤدي بالنسبة التي يستحقها من العبد، وإن كانوا متساوين في القسمة فيه أدى كل واحد عنه النصف، قال" وسألنا مالكا عن العبد يكون بين الرجلين كيف يخرجان عنه زكاة الفطر؟ فقال: يخرج كل واحد منهما نصف صدقة الفطر[14]، فالسيد يؤدي عن العبد حتى لو كان العبد به جنون أو جذام أو نحوه، وهذا هو قول مالك في المدونة قلت: أرأيت من كان له عبد أعمى أو مجنون أو مجذوم أيؤدي عنهم زكاة الفطر؟ فقال: نعم، قلت: وهذا قول مالك؟، قال: سئل مالك عن أهل البلاء من العبيد، هل يعتقون على ساداتهم لما أصابهم من البلاء مثل الجذام والعمى ونحوه؟ فقال: لا يعتقون، فلما قال لنا مالك لا يعتقون علمنا أن عليهم فيهم صدقة الفطر، ولم نشك في ذلك ولم نسأله عنه بعينه لأنا سمعناه يقول في عبيده: عليه فيهم الصدقة إلا في المشركين منهم"2.


فدل قول مالك هنا أن زكاة الفطر واجبة على السيد مهما كان حال العبد والمكاتب، كما هي واجبة عليه في حالة إذا اشتراه للتجارة إذا كان مسلما، حيث قال " قلت: هل علي في عبيدي الذين اشتريت للتجارة زكاة الفطر؟ قال: نعم، قلت: وهو قول مالك؟ قال: نعم إن كانوا مسلمين"[15].

فقوله هنا إن كانوا مسلمين فيه دلالة على أن غير المسلم لا تجب عليه فيه الزكاة، وإذا كان هذا العبد آبق مما يرجو حياته ورجعته فإنه يؤدى عنه، وإذا كان عكس ذلك فلا يؤدى عنه لقول مالك " إذا كان قريبا يرجو حياته ورجعته فليؤد عنه زكاة الفطر، وإن كان قد طال ذلك ويئس منه فلا أرى أن يؤدي عنه.

وإذا كان العبد من مال القراض فنفقته على مال القراض وهو قول أشهب بن عبد العزيز "وإذا بيع رقيق القراض نظر، فإن كان فيهم فضل نظر كم ذلك الفضل فإن كان يكون ربع المال أو ثلثه وقراضهم على النصف فقد صار للعامل نصف ربع العبد وهو ثمنه أو نصف ثلثه وهو سدس العبد، فيكون عليه من زكاة الفطر بقدر الذي صار له من العبد لأنه قد كان به شريكا يومئذ.

وإذا بيع هذا العبد يوم الفطر فإن زكاته تقع على الذي ابتاعه على قول مالك في المدونة "أراه على الذي ابتاعه إن كان ابتاعه يوم الفطر، ثم رجع عنه فقال: أراه على البائع ولا أرى على المبتاع فيه شيئا لأن الزكاة قد وجبت على البائع قبل أن يبيعه، قال: وهو أحب قول إلي.

وإذا أسلم قبل عيد الفطر بيوم أو أكثر أدى عن نفسه، ولو أسلم قبل طلوع الشمس يوم عيد الفطر استحب له أن يؤدي الزكاة أما الأضحى فيضحي عن نفسه قال مالك " من أسلم قبل طلوع الفجر من يوم الفطر استحب له أن يؤدي زكاة الفطر، قال: والأضحى عندي أبين، أن ذلك عليه يعني الأضحية"[16].

 

العنصر الثالث: تعشير أهل الذمة.

حثنا ديننا الحنيف على عدم الظلم سواء بين المسلمين أو مع غير المسلمين، بل حرمه الله تعالى على نفسه قبل أن يحرمه على عباده، كما جاء في الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا..."[17]، وتأسس المجتمع الإسلامي على العدل ونصرة المظلوم كيفما كانت ديانته، وعاش في كنفه اليهود بعهد مع المسلمين وكان صلى الله عليه وسلم في غاية الحلم معهم والسماحة في معاملتهم ولم يعتدوا عليهم بل عاشوا في هناء وأمان حتى نقضوا العهد وخانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما من يعيشون بين المسلمين يحترمون قيمهم ومجتمعهم فلهم الضمان النبوي، وشدد النبي صلى الله عليه وسلم على من اعتدى عليهم، حيث روي أنه قال "ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة"[18]. كما شدد في الوعيد على من هتك حرمة دمائهم فقال صلى الله عليه وسلم "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما"[19].

 

كما دعانا إلى حسن التعامل مع أهل الذمة، ومجادلتهم بالتي هي أحسن، وإخراج العشر من تجارتهم ووردت فيها سبع عشرة مسألة من المسائل التي بين فيها الإمام مالك حكم غير المسلمين فيها، كما بين وقت التعشير والمقدار في بعض المسائل، لأنه ليس كل أهل الذمة من التجار يؤدون العشر، وذلك باختلافهم من حال إلى حال.

 

قال سحنون: "أرأيت النصراني إذا اتجر في بلدة من أعلاها إلى أسفلها ولم يخرج من بلاده إلى غيرها؟ فقال: لا يؤخذ منهم شيء ولا يؤخذ من كرومهم ولا من زروعهم ولا من ماشيتهم ولا من نخلهم شيء، فإذا خرج من بلدة إلى غيرها من بلاد المسلمين تاجرا لم يؤخذ منه مما حمل قليل ولا كثير حتى يبيع"[20].

 

فدل هذا الكلام على أن التاجر النصراني ليس عليه عشر في تجارته ما لم يخرج من بلاد المسلمين وما لم يبع، لأن قوله حتى يبيع فيه دلالة على أن بعد البيع أصبح واجبا عليه العشر وليس لهم أن يأخذوا منه شيئا إذا خرج من عندهم بحال ما دخل عليهم ولم يبع في بلادهم شيئا ولم يشتري عندهم شيئا، فإن كان قد اشترى عندهم شيئا بمال ناض كان معه أخذ منه العشر مكانه من السلعة التي اشترى حين اشترى.

 

وقال صاحب المعونة "وإذا اتجروا في البلد أقروا على المقام فيه لم تعرض لهم ولم نطالبهم بعشر ولا غيره، لأن عقد الذّمّة لهم يقتضي إباحة التصرف في موضع إقامتهم وما يكون في حكمه من البلدان"[21].

فدل قوله على عدم فرض العشر على تجارتهم لأنهم أصلا يؤدون الجزية وعليه فلا عشر عليهم في تجاراتهم، ويؤخذ منهم العشر إذا اتجروا إلى غير البلد الذي به من أقاليم الإسلام وآفاقه أخذ منهم العشر بعد أن يحصل لهم غرضهم الذي أرادوه من بيع وشراء، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم "ليس على المسلمين عشور إنما العشور على اليهود والنصارى"[22]، ولأنه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ من القبط العشر، ومضى عليه الأئمة بعده ولم يخالف عليه، ولأنه عقد الذِّمَّة لم يوجب لهم التقلب في بلادنا وأقاليمنا، فإذا تصرفوا فيها كان لهم حكم يزيد على تصرفهم في بلادهم[23].

 

فقال سحنون " أرأيت إن هو باع ما اشترى بعدما أخذ منه العشر حين كان اشتراه، أيؤخذ من ثمنه أيضا العشر؟، قال: لا ولو أقام عندهم سنين بعد الذي أخذوا منه أول مرة يبيع ويشتري لم يكن عليه شيء"[24].

وروي عنه أيضا قال وسئل مالك عن النصراني، يكري إبله من الشام إلى المدينة أيؤخذ منه في كرائه العشر بالمدينة إذا دخلها؟.

قال: لا قلت: فإن أكرى من المدينة إلى الشام راجعا، أيؤخذ منه العشر بالمدينة إذا أكراها؟ فقال: نعم.

 

فدل هذا القول على أن النصراني إذا تاجر في بلاد المسلمين ولم يخرج منها لم يفرض عليه العشر، أما إن كان راجعا فيؤخذ منه العشر.

أما الحربي الذمي إذا دخل بلاد المسلمين فله حكم آخر كما قال مالك في المدونة "قلت: أرأيت الذمي إذا خرج بمتاع إلى المدينة فباع بأقل من مائتي درهم، أيؤخذ منه العشر؟ فقال: نعم، قلت: فيؤخذ منه مما قل أو كثر؟ فقال: نعم.

 

وعليه فيستفاد من هذا الكلام أن الذمي إذا باع في المدينة فإن عليه العشر دون النظر إلى مبلغ البيع، ودل على هذا قوله(فيؤخذ منه مما قل أو كثر؟ فقال: نعم).

وهو نفس الحكم يطلق على عبيد أهل الذمة إذا اتجروا في بلاد المسلمين فإن عليهم العشر كذلك كما قال مالك " إذا تجر عبيد أهل الذمة أخذ منهم كما يؤخذ من ساداتهم قال: وقال مالك: إذا تجر الذمي أخذ منه العشر من كل ما يحمل إذا باعه من ثمنه، بزا كان أو غيره من العروض على ما فسرت لك.

 

وإلى هذا ذهب ابن وهب (ت197هـ) - رحمه الله تعالى- حيث قال"...عن عمارة بن غزية، حدثهما عن ربيعة: إن عمر بن الخطاب قال لأهل الذمة الذين كانوا يتجرون إلى المدينة: إن تجرتم في بلادكم فليس عليكم في أموالكم زكاة، وليس عليكم إلا جزيتكم التي فرضنا عليكم، وإن خرجتم وضربتم في البلاد وأدرتم أموالكم أخذنا منكم وفرضنا عليكم كما فرضنا جزيتكم، فكان يأخذ منهم من كل ما جلبوا من الطعام نصف العشر كلما قدموا به من مرة، ولا يكتب لهم براءة كما يكتب للمسلمين إلى الحول، فيأخذ منهم كلما جاءوا وإن جاءوا في السنة مائة مرة ولا يكتب لهم براءة بما أخذ منهم، وهو مذهب سحنون وعلي بن زياد، حيث قال سحنون وقد روى علي بن زياد " في تجار أهل الحرب العشر"[25].

 

وعليه يكون تعشير أهل الذمة إن اتجر في بلده لم يطالب بشيء وإن اضطرب في بلاد الإسلام أخذ منه العشر كلما دخل ولو مرارا في السنة.



[1] المدونة: للإمام سحنون، ج1، ص145.

[2] المدونة الكبرى: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)، ج1، ص307، دار الكتب العلمية الطبعة الأولى، 1415هـ 1994م.

[3] المدونة الكبرى: للإمام مالك، ج1، ص307، بتصرف.

[4] المدونة: للإمام سحنون، ج1، ص145.

[5] المدونة الكبرى: للإمام مالك، ج1، ص346.

[6] سورة التوبة، الآية 60.

[7] جامع البيان في تأويل القرآن: ج14، ص308.

[8] ميزان الاعتدال في نقد الرجال: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، (ج4، ص494)، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1382 هـ 1963 م.

[9] المصنف في الأحاديث والآثار: أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى: 235هـ) المحقق: كمال يوسف الحوت، (ج2، ص401)، مكتبة الرشد – الرياض، الطبعةالأولى، 1409.

[10]جامع البيان في تأويل القرآن: ج 14، ص317.

[11] تفسير القرآن العظيم (ابن كثير): ج4، ص168.

[12] فتح الباري شرح صحيح البخاري: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، (ج3، ص 332)، دار المعرفة بيروت 1379.

[13] المدونة: للإمام سحنون، ج1، ص185.

[14] المدونة الكبرى: للإمام مالك، ج1، ص358.

[15] المدونة الكبرى: للإمام مالك، ج1، ص386.

[16] المدونة الكبرى: للإمام مالك، ج1، ص388.

[17] صحيح المسلم: باب البر والصلة والآداب رقم الحديث 2577.

[18] سنن أبي داود: أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ)،المحقق: شعَيب الأرنؤوط محَمَّد كامِل قره بللي، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في تعشير أهل الذمة، (رقم ح 3052)، دار الرسالة العالمية، الطبعة الأولى، 1430 هـ 2009 م

[19] صحيح البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب إثم من قتل معاهدا، رقم الحديث 3166.

[20] المدونة: للإمام سحنون،ج1، ص161.

[21] المعونة على مذهب عالم المدينة: أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي (المتوفى: 422هـ)، المحقق: حميش عبد الحقّ،ج1، ص446.

[22] السنن الكبرى أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ)، المحقق: محمد عبد القادر عطا، (ج9، ص211)، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنات، الطبعة الثالثة، 1424 هـ 2003 م.

[23]المعونة على مذهب عالم المدينة: ج1، ص448.

[24] المدونة: للإمام سحنون،ج1 ص161.

[25] المدونة: للإمام سحنون، ج1، ص162.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ملخص لأحكام الزكاة بأسلوب بسيط
  • أحكام الزكاة
  • تعليم أحكام الزكاة للأطفال
  • من أحكام الزكاة
  • الإعجاب بغير المسلمين والتشبه بهم
  • الزكاة ركن الإسلام الثالث (خطبة)
  • حكم استقدام غير المسلمين إلى جزيرة العرب
  • مسألة في حكم إعطاء الزكاة للسائل القوي إذا ادعى الفقر
  • حكم السفر إلى بلاد غير المسلمين لأجل السياحة
  • السفر إلى بلاد غير المسلمين لقضاء شهر العسل
  • الهدي النبوي في حسن المعاملة مع غير المسلمين
  • أداء الزكاة طريق الفلاح

مختارات من الشبكة

  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الحج أحكام يوم التشريق(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مخطوطة أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة أحكام النساء على النصف من أحكام الرجال(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • مصارف الزكاة من خلال آية التوبة: دراسة تحليلية (WORD)(كتاب - موقع مثنى الزيدي)
  • تأصيل الموازنات بين الأحكام المتعارضة من خلال السنة النبوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أحكام زكاة الفطر من كتاب عمدة الأحكام (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • برنامج تثقيفي للأطفال المسلمين خلال العطلة الشتوية بتتارستان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • استمرار زيادة أعداد المسلمين في غانا خلال شهر رمضان(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب