• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مدة الإقامة التي تقطع السفر إذا نواها

د. علاء شعبان الزعفراني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/8/2017 ميلادي - 16/11/1438 هجري

الزيارات: 39121

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مُدَّةُ الإقامةِ التي تَقطَعُ السَّفَرَ إذا نواها

 

اتفق العلماء على أن المسافر إذا عاد على بلده، أو توطن في بلد آخر فإنه يعتبر مقيمًا وينقطع عنه حكم السفر[1].

كما اتفق الجمهور على أن من لم يجمع النية على إقامة محددة، كمن يقول اليوم أخرج أو غدًا أخرج، فإن حكم السفر لا ينقطع عنه وإن طالت مدة إقامته[2].

 

أما إذا نوى الإقامة مدة معينة، فقد اختلف العلماء في مقدار مدة الإقامة التي إذا نواها المسافر اعتبر مقيما وأتم الصلاة على أقوال كثيرة تصل إلى ثمانية عشر قولاً[3]، لكن المشهور منها أربعة أقوال.

القول الأول: أن المسافر إذا نوى الإقامة مدة أربعة أيام قصر الصلاة، وإن نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام لزمه الإتمام، وضابطه أن من نوى الإقامة أكثر من عشرين صلاة لزمه الإتمام.

وهذا القول هو المشهور من مذهب الحنابلة[4].

 

واستدلوا بالدليل الآتي:

♦ أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قدم لصبح رابعة من ذي الحجة، فأقام بمكة الرابع والخامس والسادس والسابع، وخرج على منى في الثامن، وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام.

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ...»[5].

وقَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ[6].

 

فالنبيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ في صَبِيحَةِ ليلةٍ رابعةٍ من ذي الحجة، بعد أن صلى فجر اليوم الرابع من ذي الحجة بذي طوى، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «بَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذِي طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ»[7].

وخروجه من مكة إلى منى كان بعهد أن صلى الفجر يوم الثامن بمقر إقامته بالأبطح، فعَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، "أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى"، قُلْتُ: "فَأَيْنَ صَلَّى العَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالأَبْطَحِ"، ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ[8].

 

ففي الحديث يَحكي عبدُ العزيزِ بنُ رُفَيْعٍ أنَّه سَألَ أَنَسَ بنَ مَالِك رضي الله عنه أن يُخبِرَه بشَيء عقَلَه، أي: فَهِمَه وفَقهَه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فسَألَه عن مكانِ صلاةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الظُّهرَ والعَصرَ يوم التَّرويةِ، أي: يوم الثَّامن من ذي الحِجَّة، فأجابَه: بِمنًى، ثمَّ سألَه عن مكانِ صلاةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم يوم النَّفر، أي: الرُّجوع من مِنًى، فأجابه: بالأبطحِ وهو الْمُحَصَّب، ثمَّ أخبَرَه بأن يَفعَل كما يَفعَل أُمراؤُه، أي: صلِّ حيثُ يُصلُّون، وفيه إشارةٌ إلى الجَوازِ، وأنَّ الأُمراءَ إذ ذاك ما كانوا يُواظِبون على صَلاةِ الظُّهر ذلك اليومَ بمكانٍ مُعيَّن.

فيكون مجموع صلواته في هذه الأيام عشرين صلاة.

 

ووجه الدلالة من هذه الأحاديث: أن أقصى مدة نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجزم إقامتها هي إقامته تلك الأربعة أيام، وذلك لعلمه صلى الله عليه وسلم أنه يخرج من منى يوم الثامن. فمن أجمع الإقامة فوق هذه المدة لزمه الإتمام عملاً بالأصل في حق المقيم وهو الإتمام[9].

 

ونوقش هذا الاستدلال من عدة أوجه:

الوجه الأول: عدم التسليم بأن هذه المدة هي أقصى مدة قصر أقام النبي صلى الله عليه وسلم يقصر الصلاة فيها[10]، فقد ثبت في حديث جابر: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ»[11].

وعَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: "غَزَوْنَا خُرَاسَانَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّا لَمُحَاصِرُونَ حِصْنًا مِنْ حُصُونِ حَارِزْمَ، وَأَقَمْنَا سَنَتَيْنِ نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ"[12].

 

الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عازمًا على الإقامة في مكة حتى يقضي نسكه، وإنما يتم له ذلك في عشرة أيام[13]، كما في حديث أنس المتقدم رضي الله عنه[14].

 

ونوقش: بأن أنسًا رضي الله عنه حسب إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ومنى وعرفة، ولا شك أن انتقاله من مكة إلى منى، ومن منى إلى عرفة، ثم رجوعه إلى منى قاطع لحكم الإقامة، فإن كل انتقال هو في الحقيقة إنشاء لسفر جديد[15].

 

ويناقش: أن كل ما ذكر من أماكن هي داخل مكة وليس لها حكم إنشاء سفر جديد، فالمسافة بين مكة والمدينة في حدود الأربعمائة وخمسين كيلومترًا، ومنى ومزدلفة وعرفة كلها في مكة ومنى ومزدلفة داخل حدود الحرم، وعرفات خارج الحرم، والمسافة بينها أي عرفة ومنى ومزدلفة وبين الحرم بضع كيلومترات، وأبعدها عرفة ثم مزدلفة، ثم منى، فمنى تبعد عن المسجد الحرام سبعة كيلومترات تقريبا ومزدلفة تبعد عن المسجد الحرام عشرة كيلو مترات تقريبًا، وعرفات تبعد في حدود العشرين كيلومترا، والمسافة بين عرفات ومزدلفة في حدود سبعة كيلومترات. وعليه فلا يكون هذا إنشاء لسفر جديد على قول من يقول بتحديد المسافة بالعرف أو بالكيلومتر.

 

الوجه الثالث: أن غاية ما دلت عليه تلك الأدلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في المدة المذكورة، ولكن لا دليل فيها أنه لو زاد عليها بأن قدم في اليوم الثالث أو الأول لم يقصر[16].

 

الوجه الرابع: لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للأمة من قدم مكة قبل اليوم الرابع فليتم، ولو كانت شريعة الله أن من قدم قبل اليوم الرابع من ذي الحجة إلى مكة لزمه أن يتم لوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيّنه لدعاء الحاجة للبلاغ والتبيين، فلما لم يبين ولم يقل للناس من قدم قبل اليوم الرابع فليتم علم أنه لا يلزمه الإِتمام، فيكون هذا الحديث دليلاً على أنه لا يلزم الإِتمام من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام[17].

 

القول الثاني: أن المسافر إذا نوى الإقامة ثلاثة أيام قصر الصلاة، فإن نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر أتم الصلاة.

وهذا قول: المالكية[18]، والشافعية[19]، ورواية عند الحنابلة[20].

 

واستدلوا بالأدلة الآتية:

1- ما جاء من حديث جابر وابن عباس رضي الله عنهم في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الرابع وخرج إلى منى يوم الثامن، كما تقدم في دليل القول الأول.

ووجه الاستدلال: أن المدة التي مكثها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة جازمًا الإقامة ثلاثة أيام، ولم يحتسب اليوم الذي دخل فيه واليوم الذي خرج فيه لانشغاله بالسفر والاستعداد له فيهما، فيكون قد أقام ثلاثة أيام صحاحًا[21].

 

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أنه لو سلم بعدم احتساب يوم الثامن لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة ضحى، فلا يسلم عدم احتساب اليوم الرابع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة صبيحة اليوم الرابع وأقام بقية النهار وهو معظم اليوم، فلا وجه لعدم احتسابه[22]. كما أن عدم احتساب أحد اليومين دليل على احتساب الآخر.

 

الوجه الثاني: أن غاية ما دل عليه تلك الأدلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في المدة المذكورة، ولكن لا دليل على أنه لو زاد عليها بأن قدم في اليوم الثالث أو الأول لم يقصر الصلاة[23].

 

الدليل الثاني: عن العلاء بن الحضري قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا»[24].

ووجه الاستدلال: أن المهاجرين قد منعوا من العودة للإقامة بمكة، ورخص لهم بالإقامة ثلاثة أيام، فعلم منه أن الثلاثة أيام ليست بإقامة. وأن من زاد على الثلاثة صار مقيمًا ولزمه إتمام الصلاة[25].

ونوقش هذا الاستدلال: بأن غاية ما يدل عليه الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم منع المهاجرين من الإقامة بمكة فوق ثلاثة أيام لعلمه أن الثلاثة أيام بعد النسك كافية لقضاء الحاجات، وليس فيه لإشارة ولا دلالة على المدة التي إذا أقامها المسافر أتم[26].

 

القول الثالث: أن المسافر إذا نوى الإقامة مدة خمسة عشر يومًا فأكثر أتم الصلاة، وإن نوى دون ذلك قصر.

وهذا قول الحنفية[27].

 

واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية:

الدليل الأول: عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً سَرَّحَ ظَهْرَهُ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ»[28].

وفي لفظ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «إِذَا كُنْتَ مُسَافِرًا، فَوَطَّنْتَ نَفْسَكَ عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَأَتْمِمِ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي مَتَى تَظْعَنُ فَأَقْصِرْ»[29].

 

ووجه الاستدلال: أن التقدير بخمسة عشر يوما، تحديد لا مجال للرأي فيه فلابد أن يكون صادرًا عن توقيف، فيكون قول الصاحب فيه كالخبر[30].

ونوقش: أن قول الصحابي يكون حجة لو لم يرد عنه أو عن غيره ما يخالفه، وبخصوص مسألتنا فقد ورد عن ابن عمر نفسه، وعن ابن عباس رضي الله عنهم ما يخالف التحديد بخمسة عشر يومًا.

 

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «إِذَا أَجْمَعْتَ أَنْ تُقِيمَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ»[31].

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا»[32].

 

الدليل الثاني: أن مدة الإقامة أو السفر لا سبيل على إثباتها عن طريق القياس، وإنما سبيلها النص أو الإجماع، وحيث لا نص في التحديد، فقد حصل الاتفاق على أن خمسة عشر يومًا تعد إقامة، وما دونها مختلف فيه، فيؤخذ بما هو محل اتفاق[33].

ونوقش: بعدم التسليم بأن الخمسة عشر يومًا محل اتفاق، فقد قيل بأكثر من ذلك، كما مر قريبًا عن ابن عباس، أنه حدد الإقامة بتسعة عشر يومًا، كما قيل بأن المسافر أبدًا ما لم يجمع الاستيطان ببلد[34].

 

القول الرابع: أنه لا حد لأكثر مدة الإقامة للمسافر، بل له الترخص بالقصر والفطر وأنه مسافر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن.

وهذا اختيار ابن تيمية[35].

 

واستدل -رحمه الله- بالأدلة الآتية:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ ﴾ [النساء: 101] فقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [النساء: 101] عام يشمل كل ضارب، ومن المعلوم أن الضرب في الأرض أحيانًا يحتاج إلى مدة طويلة بحسب حاجته.

قال الله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ ﴾ [المزمل: 20] فالذين يضربون في الأرض للتجارة مثلاً، هل يكفيهم أن يقيموا أربعة أيام فأقل في البلد؟

 

ربما يكفيهم وربما لا يكفيهم، فالتاجر قد يكفيه يوم واحد، وقد يتأخر أربعة أيام أو خمسة أيام أو عشرة أيام، وقد يطلب سلعة لا تحصل له في أربعة أيام؛ لأنه يجمعها من هنا وهناك.

الدليل الثاني: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «الصَّلاَةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاَةُ الحَضَرِ»[36].

 

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ»[37].

وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع للمسافر أن يصلي إلا ركعتين، ولم يحد السفر بزمان أو بمكان ولا حد الإقامة أيضًا بزمن محدود، فيقصر كل مسافر وإن طالت مدة إقامته[38].

 

الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام مددًا مختلفة يقصر فيها:

عن جابر: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ»[39].

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ»[40].

 

ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر مدة مقامه، مع علمه أن حاجته في الموضعين مما لا ينقضي في أربعة أيام أو نحوها، ولم يخبر أصحابه أنه لو أقام أقل أو أكثر لأتم الصلاة، فدل على أن من فارق محل إقامته مسافرًا، ولم يجمع الاستيطان أنه مسافر، وإن طالت مدة مكثه، وأن التحديد بمدة لا دليل عليه[41].

 

وأقام في مكة عام حجة الوداع عشرة أيام يقصر الصلاة، فعن أنس يَقُولُ: " خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ، قُلْتُ: أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا"[42].

لأنه أضاف أيام الحج إلى الأيام الأربعة، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة في يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وخرج في اليوم الرابع عشر من ذي الحجة، فتكون إقامته عشرة أيام.

 

ففي حديث أنس أنهم خرَجوا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مُسافرين مِن المدينةِ إلى مكَّةَ، فظلَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي الصَّلاةَ قصرًا ركعتينِ ركعتينِ حتَّى رجَع إلى المدينةِ مرَّةً أخرى، وقد ظلُّوا ماكثين في مكَّةَ عشَرةَ أيَّامٍ، ولم يترُكِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَصْرَ الصَّلاةِ مدَّةَ إقامتِه بمكَّةَ، فظَلَّ على الرُّخصةِ حتَّى بعد وُصولِه المكانَ الَّذي خرَج إليه، ورغمَ طُولِ المُدَّةِ؛ فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَدَعْ قَصْرَ الصَّلاةِ، وظلَّ آخِذًا برُخصةِ اللهِ سبحانه وتعالى الَّتي رخَّص له طُولَ سَفرِه.

 

الترجيح:

الذي يظهر من مجموع الأحاديث أنه لا توقيت للقصر بشيء من المدة المختلفة التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره في بعض المواطن، مثل إقامته في مكة وتبوك، فإن ذلك واقع على ما اقتضاه الحال من الحاجة إلى تلك المدة فهي إقامات وقعت اتفاقًا، وما وقع اتفاقًا لا يصح أن يكون حدًا كما هو معلوم، وهذا ما فهمه عنه بعض الصحابة رضي الله عنهم، فهذا ابن عمر رضي الله عنه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، وكان يقول: "إذا أزمعت إقامة أتم"[43].

 

فقد بقي ابن عمر هذه المدة يقصر؛ لأنه لم يقصد الإقامة بل كان مكرهًا عليها؛ لأنه حاصره الثلج فمنعه من السفر، ودل قوله ذلك على أن المسافر يقصر ما لم يعزم على الإقامة.

وبهذا يتم الجمع بين ما اختلف من الروايات في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم، وأن الصواب أن مدة الإقامة غير محددة بأيام معينة[44].

 

وأيضًا كيف نقول: من نوى الإِقامة ستًا وتسعين ساعة فله أن يقصر، ومن نوى الإِقامة ستًا وتسعين ساعة وعشر دقائق فليس له أن يقصر؛ لأن الأول مسافر والثاني مقيم، أين هذا التحديد في الكتاب والسنّة؟

والصلاة كما نعلم أعظم أركان الإِسلام بعد الشهادتين فكيف نقول للأمة: إنَّ هذا الرجل الذي نوى إقامة ست وتسعين ساعة وعشر دقائق لو قصر لكانت صلاته باطلة؟

فمثل هذا لا يمكن أن يترك بلا بيان، وترك البيان في موضع يحتاج إلى بيان يعتبر بيانًا، إذ لو كان خلاف الواقع والواجب لبين.

 

وعليه فالمسافر مسافر ما لم ينوِ واحدًا من أمرين:

1- الإِقامة المطلقة.

2- أو الاستيطان.

والفرق: أن المستوطن نوى أن يتخذ هذا البلد وطنًا، والإِقامة المطلقة أنه يأتي لهذا البلد ويرى أن الحركة فيه كبيرة، أو طلب العلم فيه قوي فينوي الإِقامة مطلقًا بدون أن يقيدها بزمن أو بعمل، لكن نيته أنه مقيم لأن البلد أعجبه إما بكثرة العلم وإما بقوة التجارة أو لأنه إنسان موظف تابع للحكومة وضعته كالسفراء مثلاً، فالأصل في هذا عدم السفر؛ لأنه نوى الإِقامة فنقول: ينقطع حكم السفر في حقه.

 

أما من قيد الإِقامة بعمل ينتهي أو بزمن ينتهي فهذا مسافر، ولا تتخلف أحكام السفر عنه.

ثم إننا إذا تأملنا القول بأنه تنقطع أحكام السفر إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام وجدنا هذا القول متناقضًا.

 

ووجه التناقض: أنه في الجمعة في حكم المسافرين، وفي غير الجمعة في حكم المقيمين، فمثل هذه الأمور تحتاج إلى دليل وتوضيح، ولهذا ما أحسن قول صاحب المغني رحمه الله لما ذكر أن تحديد السفر بالمسافة مرجوح قال: "إن التقدير بابه التوقيف، فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد، سيما وليس له أصل يرد إليه، ولا نظير يقاس عليه، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر، إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه"[45].

 

أي: أنه حد من حدود الله يحتاج إلى دليل، فأي إنسان يحدد شيئًا أطلقه الشارع فعليه الدليل، وأي إنسان يخصص شيئًا عمّمه الشارع فعليه الدليل، لأن التقييد زيادة شرط، والتخصيص إخراج شيء من نصوص الشارع، فلا يحل لأحد أن يضيف إلى ما أطلقه الشارع شرطًا يقيده[46].

 

أخيرًا: كما نرى من الخلاف المتقدم يظهر أن هذه المسألة من المسائل الاجتهادية لعدم وجود نص صريح سالم من المعارض، وعليه فمن أخذ بتحديد الإقامة بأربعة أيام فله سلف في ذلك من الجمهور، وفي ذلك احتياط كما تقدم، ومن رأى أن المرجع في ضبط الإقامة غلى العرف -وهو المرجح- كضابط السفر فحسن، ولا يؤثر على هذا الاعتبار أن الناس يختلفون عرفًا في تحديد الإقامة؛ لأننا نقول:

أن اختلاف الناس لا يلغي الاعتداد بالعرف، وإلا لم يرد الشارع الناس إليه في مسائل كثيرة.

أن أهل العلم بالشرع وواقع الحياة هم الذين يحددون ما يُختلف فيه.

وما قد يشكل يُرجع فيه إلى الأصل وإلغاء الوصف الطارئ.

 

أما الذين يقيمون خارج بلادهم للدراسة أو لغيرها مما يستدعي إقامتهم في تلك البلاد مدة طويلة فهؤلاء على القول الراجح يجب عليهم الإتمام والصيام، وليس لهم حكم المسافر.

أما على القول بأن المدة أربعة أيام فالأمر واضح، وأما على القول بأن المرجع في تحديد الإقامة إلى العرف فلا ريب أن هؤلاء مقيمون بقطع السفر، ووجود نية الإقامة المستمرة مدة طويلة على أن ينتهي من دراسته، ولصلاحية المكان الذي قصدوه للإقامة، وكل منهم معه جميع مصالحه مما يحتاجه المقيم، ومنهم من تكون معه زوجته وأولاده، وهذه أوصاف المقيم لا المسافر، وعلى هذا فالقول أنهم يتمون ولا يقصرون، ويصومون ولا يفطرون قوي جدًا، بل هم أكثر استقرارًا ممن كان في البحر معه امرأته وجميع مصالحه، ومع ذلك قال الإمام أحمد عنه: "إنه عندي لا يقصر"[47].



[1] انظر: فتح القدير (2/ 36)، وشرح الخرشي (2/ 61)، ونهاية المحتاج (2/ 242)، والمبدع (2/ 115).

[2] انظر: المبسوط (1/ 266)، وشرح الخرقي (2/ 62)، والمجموع (4/ 241)، وكشاف القناع (1/ 512)، ومجموع الفتاوى (24/ 17).

وقال الترمذي في السنن (2/ 434): "أجمع أهل العلم على أن المسافر يقصر ما لم يجمع إقامة وإن أتى عليه سنون".

[3] انظر: البناية (3/ 19)، والمقدمات الممهدات (390).

[4] انظر: الفروع (2/ 63)، والإنصاف (5/ 70)، والمغني (3/ 147-148)، والمبدع (2/ 113)، وكشاف القناع (1/ 512).

وفي رواية في المذهب اختارها ابن قدامة ووصفها ابن رجب بأنها المذهب أن المدة التي يلزم المسافر الإتمام إذا نوى الإقامة فيها ما كان أكثر من إحدى وعشرين صلاة.

ووجه هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر يوم دخوله مكة فيها، فتكون مجموع الصلوات التي صلاها بمكة إحدى وعشرين صلاة. إلا أن حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- صريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فجر الرابع بذي طوى ثم دخل مكة، أخرجه البخاري (1573).

انظر: المغني (3/ 148)، والإنصاف (5/ 69)، ومجموع الفتاوى (24/ 141).

[5] متفق عليه: أخرجه البخاري (1564)، ومسلم (1240).

[6] أخرجه مسلم (1216).

[7] متفق عليه: أخرجه البخاري (1574)، ومسلم (1259).

[8] متفق عليه: أخرجه البخاري (1653)، ومسلم (1309).

[9] انظر: مسائل الإمام أحمد برواية الكوسج (409)، والمغني (3/ 150)، وشرح الزركشي (2/ 157)، وشرح مختصر الخرقي لابن البناء (1/ 435).

[10] انظر: مجموع الفتاوى (24/ 136).

[11] أخرجه أبو داود (1235). وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (437): رواته ثقات إلاّ أنّه اختلف في وصله. يشير إلى قول أبي داود قبه: "غير معمر لا يُسنده"، والمعنى أنه لم يرو هذا الحديث متصلاً إلا معمر بن راشد، وقد خالفه علي بن المبارك فرواه عن يحيى بن ابي كثير، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 454).

قال النووي في الخلاصة (2/ 734): "الحديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولا يقدح فيه تفرد معمر، فإنه ثقة حافظ، فزيادته مقبولة".

وهذا فيه نظر لأمرين:

الأول: أن أبا داود أراد بقوله: "غير معمر لا يسنده" إعلال الحديث، ولا يخفى على مثله –وهو من أئمة هذا الفن- أن معمرًا ثقة، ومع ذلك أعله بالتفرد بالوصل، فالرد عليه بأن معمرًا ثقة لا يكفي.

الثاني: أن الظاهر عند التأمل ترجيح رواية علي بن المبارك وهي الإرسال؛ لأن روايته عن يحيى بن أبي كثير مقدمة على رواية غيره، حاشا رواية هشام الدستوائي والأوزاعي، قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح: "علي بن المبارك ثقة، كانت عنده كتب، بعضها سمعها من يحيى بن ابي كثير، وبعضها عرض" كما في مسائل الإمام أحمد (2/ 439). وقال ابن عدي في الكامل (5/ 181-182): "ولعلي أحاديث، وهو ثبت في يحيى مقدم عليه".

[12] أخرجه سعيد بن مصور في سننه (2/ 264/ ح2581).

[13] انظر: فتح القدير (2/ 36)، ونصب الراية (2/ 184).

[14] متفق عليه: أخرجه البخاري (1653)، ومسلم (1309).

[15] انظر: شرح الزركشي (2/ 443).

[16] انظر: مجموع الفتاوى 024/ 138).

[17] انظر: الشرح الممتع (4/ 377).

[18] انظر: المقدمات الممهدات (1/ 157)، ومواهب الجليل (2/ 503)، وشرح الخرشي (2/ 62)، والتمهيد (4/ 377)، والمنتقى (1/ 266)، وبداية المجتهد (1/ 326)، والذخيرة (2/ 360)، وعقد الجواهر الثمينة (1/ 152)، وحاشية العدوي (1/ 323).

[19] انظر: الحاوي الكبير (2/ 371)، والمجموع (4/ 244)، ونهاية المحتاج (2/ 254)، والتهذيب (2/ 303)، وفتح العزيز (2/ 212-213).

[20] انظر: شرح الزركشي (2/ 443-444)، والفروع (2/ 63)، والمبدع (2/ 114)، والكافي لابن قدامة (1/ 452)، والمغني (3/ 148)، والإنصاف (5/ 72).

[21] انظر: الأم (1/ 164)، والاستذكار (2/ 244).

[22] انظر: الاستذكار (2/ 244)، والجوهر النقي على سنن البيهقي (3/ 149).

[23] انظر: مجموع الفتاوى (14/ 138).

[24] متفق عليه: أخرجه البخاري (3933)، ومسلم (1352).

[25] انظر: الاستذكار (2/ 244)، والحاوي الكبير (2/ 372)، وشرح الزركشي (2/ 444).

[26] انظر: البناية على الهداية (3/ 21)، والمحلى (5/ 24).

[27] انظر: بدائع الصنائع (1/ 97)، والمبسوط (1/ 236)، وفتح القدير (2/ 35)، وتبيين الحقائق (1/ 211)، ومجمع الأنهر (1/ 162)، ورد المحتار (2/ 135).

[28] أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4343).

[29] أخرجه محمد بن الحسن في الآثار (188). وقال عقبه: قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهِ نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

[30] انظر: بدائع الصنائع (1/ 97)، وفتح القدير لابن الهمام (2/ 35)، وتبيين الحقائق (1/ 211).

[31] أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4342).

[32] أخرجه البخاري (1080).

[33] انظر: أحكام القرآن للجصاص (3/ 235-236).

[34] انظر: المحلى (5/ 23)، ومجموع الفتاوى (24/ 142).

[35] انظر: مجموع الفتاوى (2/ 18، 137)، والفروع (2/ 64)، والإنصاف (5/ 75)، وحاشية الروض المربع (2/ 390).

وقد جاء النقل عن ابن تيمية –رحمه الله- بما يوافق المشهور من مذهب أحمد، فقد سئل –رحمه الله- عن رجل مسافر على بلد ومقصوده أن يقيم مدة شهر أو أكثر فهل يتم الصلاة أم لا؟ فأجاب: "إذَا نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِالْبَلَدِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا قَصَرَ الصَّلَاةَ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ. فَإِنَّهُ أَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَفِيهِ نِزَاعٌ. وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ" الفتاوى الكبرى (1/ 149). لكن المشهور عنه هو القول الرابع.

[36] متفق عليه: أخرجه البخاري (1090)، ومسلم (685).

[37] أخرجه مسلم (687).

[38] انظر: مجموع الفتاوى (24/ 18).

[39] أخرجه أبو داود (1235). وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (437): رواته ثقات إلاّ أنّه اختلف في وصله. يشير إلى قول أبي داود قبه: "غير معمر لا يُسنده"، والمعنى أنه لم يرو هذا الحديث متصلاً إلا معمر بن راشد، وقد خالفه علي بن المبارك فرواه عن يحيى بن ابي كثير، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 454).

قال النووي في الخلاصة (2/ 734): "الحديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولا يقدح فيه تفرد معمر، فإنه ثقة حافظ، فزيادته مقبولة".

وهذا فيه نظر لأمرين:

الأول: أن أبا داود أراد بقوله: "غير معمر لا يسنده" إعلال الحديث، ولا يخفى على مثله –وهو من أئمة هذا الفن- أن معمرًا ثقة، ومع ذلك أعله بالتفرد بالوصل، فالرد عليه بأن معمرًا ثقة لا يكفي.

الثاني: أن الظاهر عند التأمل ترجيح رواية علي بن المبارك وهي الإرسال؛ لأن روايته عن يحيى بن أبي كثير مقدمة على رواية غيره، حاشا رواية هشام الدستوائي والأوزاعي، قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح: "علي بن المبارك ثقة، كانت عنده كتب، بعضها سمعها من يحيى بن ابي كثير، وبعضها عرض" كما في مسائل الإمام أحمد (2/ 439). وقال ابن عدي في الكامل (5/ 181-182): "ولعلي أحاديث، وهو ثبت في يحيى مقدم عليه".

[40] أخرجه البخاري (1080).

[41] انظر: مجموع الفتاوى (24/ 18، 136)، وزاد المعاد (3/ 14).

[42] أخرجه البخاري (1081).

[43] أخرجه أخرجه عبد الرزاق (2/ 533)، وسنده لين، وأخرجه البيهقي (3/ 152) من طريق آخر، وقال الحافظ في الدراية (1/ 212): إسناده صحيح. وانظر: الخلاصة (2/ 734).

[44] انظر: منحة العلام في شرح بلوغ المرام (3/ 477).

[45] المغني لابن قدامة (3/ 109).

[46] الشرح الممتع (4/ 378-379).

[47] مسائل الإمام أحمد لأبي داود (74).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آداب السفر
  • السفر إلى الله
  • السفر: منح ومحن
  • السفر في الإجازات
  • السفر إلى بلاد الكفار

مختارات من الشبكة

  • القول في انقطاع القصر إذا عزم المسافر على الإقامة مدة معلومة (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • فضل الإقامة والدعاء بين الأذان والإقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلام العلامة عمر الشماع الحلبي عن العلامة جلال الدين السيوطي في عيون الأخبار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أخطاء إقامة الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مدة الحمل (أكثر مدة الحمل من القرآن)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • القول المعتمد في الدين والمعتقد للاستغاثة بمدد مدد!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح جامع الترمذي في السنن (باب ما جاء في أن الإقامة مثنى مثنى)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • خطر الإقامة بين ظهراني الكفار مع العجز عن عبادة الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإلمام بمعنى قول الفقهاء الأعلام: من نوى الإقامة فوق أربع لزمه الإتمام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطورة الإقامة الدائمة في بلاد غير المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب