• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الأسرى والمعتقلون: تعريف وحقوق في الشريعة الإسلامية

الأسرى والمعتقلون: تعريف وحقوق في الشريعة الإسلامية
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2017 ميلادي - 7/11/1438 هجري

الزيارات: 24381

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأسرى والمعتقلون

تعريفٌ وحقوقٌ في الشريعة الإسلامية


الحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله على نعمة السنة، والحمد لله على نعمة هذا الدين، وهذا القرآن الذي قال الله فيه: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41، 42].

 

فلو أنَّ هؤلاء الذين وضعوا هذا القانون الدوليَّ والإنسانيَّ قرؤوا القرآن والسنة، واطلعوا على كتب السيرة النبوية، والتواريخ الإسلامية، لما احتاجوا إلا إلى تنظيم ما ورد فيها، وترقيمِها وترتيبِها، ولما أتعبوا أنفسهم البشرية، في كتابة وتأليف القوانينِ الإنسانية.

إنّ ديننا الحنيفَ قد سبق جميع القوانينَ الوضعيةِ، بمئات السنين في الإحسان إلى الأسرى والمعتقلين، في قوله سبحانه: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 8، 9].

 

ومن ذلك النِّهيُ عن قتل من لم يقاتل من الشيوخ والعبيد، والعمّال والأطفال والنِّساء، فقد (وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ»). رواه البخاري (3015) صحيح مسلم (1744).

 

وعندما وقف صلى الله عليه وسلم (عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ). فَقَالَ: «مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ!» -وأمر خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وهو على المقدمة أ،- «.... لا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلا عَسِيفًا». أبو داود (2669) والسنن الكبرى للنسائي (8/ 27) (8571). [والعسيفُ: الأَجيرُ، والعَبْدُ الـمُسْتَعَانُ به.. ]. القاموس المحيط (2/ 411).

وكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوصي أمراء الجيوش فيقول: "... اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا،...". (م) 3- (1731).

 

وكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ: "اخْرُجُوا بِسْمِ اللَّهِ، تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، لَا تَغْدِرُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تُمَثِّلُوا، وَلا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ، وَلا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ". (حم) (2728)، ضعيف لضعف ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، وشيخه دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، الذي لا يروي عن عِكْرِمَةَ إلا المنكرات.

 

قال الشوكاني: [قَوْلُهُ: (وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ)، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ مَنْ كَانَ مُتَخَلِّيًا لِلْعِبَادَةِ مِنْ الْكُفَّارِ كَالرُّهْبَانِ؛ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ ضَرِّ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْمَقَالُ الْمُتَقَدِّمُ؛ لَكِنَّهُ مُعْتَضِدٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ، بِجَامِعِ عَدَمِ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ وَهُوَ الْمَنَاطُ، وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَاتِلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرَادَتْ قَتْلَهُ، وَيُقَاسُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ الْجَامِعِ مَنْ كَانَ مُقْعَدًا أَوْ أَعْمَى أَوْ نَحْوَهُمَا؛ مِمَّنْ كَانَ لَا يُرْجَى نَفْعُهُ وَلَا ضَرُّهُ عَلَى الدَّوَامِ]. نيل الأوطار (7/ 292).

 

وإليكم تعريف الأسير والمعتقل:

1- الأسير: كلمة مأخوذة من [الأسر، -أي- الشدّ بالقدّ، -أي بالحبل- وسُمِّي كلُّ مأخوذ مقيَّدٍ أسيرا وإن لم يكن مشدودا بذلك، ويتجوّز به فيقال: أنا أسير نعمتك]. التعاريف للمناوي (ص: 61)

[يقال: أسرت الرجل أَسْرا وإسارا؛ فهو أسير ومأسور، والجمع أَسرى وأُسارى]. (أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء)، للقونوي الرومي الحنفي (المتوفى: 978هـ) (ص: 67).

ويقال للأسير: العاني، وفي الحديث: "فُكُّوا العَانِيَ، يَعْنِي: الأَسِيرَ،... ". (خ) (3046).

 

فالأسير: هو من وقع في أيدي العدوِّ؛ أثناء الحرب أو القتال، وجُلِب إلى أرض أحد طرفي النزاع، لا حول له ولا قوة. قال الماوردي: [الْأَسْرَى: هُمْ الْمُقَاتِلُونَ مِنَ الْكُفَّارِ إذَا ظَفَرَ الْمُسْلِمُونَ بِأَسْرِهِمْ أَحْيَاءً...]. الأحكام السلطانية للماوردي (ص: 207).

 

والمعتقَل: مأخوذ من الاعتقال وهو في اللغة مأخوذ من [اعتقلتُ الشاة، إذا وضعتَ رجلَها بين فخذك أو ساقك لتحلبها. واعْتَقَلَ رمحه، إذا وضعه بين ساقه وركابه. واعْتُقِلَ الرجلُ: حُبِسَ. واعْتُقِلَ لسانه، إذا لم يقدر على الكلام]. (الصحاح) للجوهري (5/ 1772)

[واعْتُقِل: حُبِس. وعَقَلَه عَنْ حَاجَتِهِ، يَعْقِله وعَقَّله وتَعَقَّلَهُ واعتَقَلَه: حَبَسَه]. (لسان العرب) لابن منظور (11/ 459).

 

فالمعتقَل هو من قبض عليه وأُودِع السجن، وليس هو بالأسير، بل بعد البحث وجدت أن المعتقل في السير والتاريخ الإسلامي غالبا لا يكون من غير المواطنين، بل المعتقل مواطن يخالف أنظمة الدولة وقوانينها، فمن قُبض عليهم من اللصوص وقطاع الطرق، والخوارج والمتهمين الأبرياء، إذا ألقي عليهم القبض وأودعوا السجن، لا يقال عنهم: أسرى، بل معتقلون.

 

والمعتقَل؛ يطلَق ويراد به الإنسان المقبوض عليه، والجمع المعتقلون.

ويطلق ويراد به مكان الاعتقال، والجمع المعتقلات.

والاعتقال هو الحبس. وقد تكون كلمات (الأسير، والمعتقل، والمسجون، من ناحية اللغة كلها بمعنى.

 

حقوق الأسرى والمعتقلين

في الشريعة الإسلامية

لا بد من مقدمةٍ قبل الدخول في الكلام على حقوق الأسرى والمعتقلين في الشريعة الإسلامية، وكلها من باب العطف والإحسان والرحمة والشفقة، وهي منبثقة من هذه الآية:

﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8].

ونادى أسيرٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ (النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ)، فَقَالَ: (إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي)، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذِهِ حَاجَتُكَ".... (حب) (4859).

 

قال الإمام أبو زهرة رحمه الله تعالى:

[ولقد امتنع عليه صلى الله عليه وسلم النومُ عندما أُسِر عمُّه العباسُ بن عبد المطلب في غزوة بدر، فكان يبكى لأنينه، وهنا في هذه القضية، يبدو أمران يظهران متناقضين:

أولهما: ألـَمُه؛ لأنّ عمَّه وحبيبَه العباسَ قد أُسِر، ويذوقُ مرارةَ الأسر يشفق عليه، ويشتد الأسى عليه.

 

وثانيهما: العدالة المقررةُ الثابتةُ التى تسوِّى بين الناس في النتائج، إذا تساووا في الأسباب الموجبة لهذه النتائج المؤدية إليها، وإنَّ الجمعَ بين دواعي الشفقة وموجباتِ العدل؛ عسير على -نبينا- محمد عليه الصلاة والسلام.

 

وإن الشفقةَ ودواعيَها، والحرصَ على الواجبِ والعدل، ليتجلَّى فى أمرِ زوج ابنته، فإنّه كان أسيرا فى غزوة، فلم يُعْفِه من واجب الفداء، ورَفَضَ أنْ يَفكَّ أسرَه إلا بفداء، فأرسلت زوجُه زينبُ بنتُ محمدٍ عليه الصلاة والسلام -ورضي الله عنها- إلى أبيها تفدي زوجها بحِلْيَةٍ عندها، كانت أهدتها إليها فى عرسها أمُّها خديجةُ -رضي الله عنها-؛ أعزُّ النساء على محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، عندئذ التقت أمورٌ كلُّها تؤثِّرُ فى القلب الشفيقِ، فى الرجل العادل.

ففيه الشفقة على ابنته، وفيه الذكرى لأوفى النساء له وأبرِّهنّ به، وأحناهُنّ عليه، وأعزِّهِنّ عنده.

 

وفيه ما يجب عليه من عدلٍ غيرِ مفرِّق بين أسيرٍ وأسير، فهنا التكليفُ الشاقُّ، والإحساسُ القويُّ، فمحمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- يبكى من فرط ما جاش فى نفسه من ذكرَى، وما يدعوه الواجب.

فيجمعُ أصحابَ الحقِّ في الفداء؛ وهم الغزاة المجاهدون، ويعرِض عليهم النظرَ فى واجبه، والرفقَ بإحساسِه، وما هو بالذى يفرض عليهم الرأيَ.

 

فيكون الرأيُ من أصحاب الحقِّ فيه؛ أن يعيدوا الحِلْيَةَ إلى صاحبتها.

وهنا نجد محمدا عليه الصلاة والسلام يجمع بين شفقة الأبوَّة، وذكرى الزوجِ البارَّةِ الحانيةِ العطوفِ، والواجبِ العادلِ الذى عليه أن يؤديَه.

وإنَّ شفقَتَه الأبويَّة التى لا تتعارض مع الواجب؛... يعارضها واجب من العدالة، والتسوية بين الناس...]. (خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي زهرة (المتوفى: 1394هـ) (1 /194، 195).

إنَّ الإسلام فاقَ القانونَ الدوليَّ الوضعيَّ؛ وسبقَه في أمور شتى، لو اطلع عليه من وضع هذا القانون الإنساني الدولي، لكفاهم مؤنة البحث والتحري.

 

ففي الإسلام المجازاةُ بالفضل، والعفوِ عن الأسرى دون مقابل، فقد عفا عن جماعة من الأسرى، وعن جماعة من النِّساء وقعن في الأسر، فمن ذلك:

عفوُه صلى الله عليه وسلم دون مقابل عن السَّفَّانةَ بنتِ حاتم؛ أختِ عدي بن حاتم الطائي رضي الله تعالى عنها وعن أخيها، التي وقعت في الأسر في سرية عليِّ رضي الله عنه إلى هدم صنم طيء [فقدم بها علَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في سبايا -وأسرى- من طيِّء فحبسها أياما ثم مَنَّ عليها، وأعطاها نفقة وكسوة، وردَّها إلى مأمنها، فأشارت على أخيها عديُّ بن حاتم بالقدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم]. تاريخ دمشق لابن عساكر (69/ 204).

 

[وقد تقيَّد المسلمون بهذه المبادئ في معاملة الأسرى، ولم تمنعهم غلظةُ قريش وتاريخُ التعذيب الطويل من أن يكونوا منصفين، وأن يلتمسوا أي سبب للإفراج عن أسرى الأعداء.

فقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم تحريرَ أسرى بدر مقابل تعليمهم لأبناء المسلمين.

 

كما أن أعدادا كبيرةً من قبيلة هوازن سقطوا أسرى المسلمين في معركة حنين، ثم أُخلِي سبيلُهم بعد توقف القتال. (البخاري) (3144).

وفي غزوة بني المصطلق وقع في أسرِ المسلمين مئاتُ الأسرى، وقد أفرج عنهم جميعًا بدون فدية. (أبو داود) (3931).

 

وحين أُسِرَ الهرمزان؛ -أحد قادة الفرس بعد القادسية، ونقل إلى المدينة- أَفرَجَ عنه الخليفة عمر رضي الله عنه فاعتنق الإسلام بإرادته، وعاش حرًّا في أرجاء المدينة؛ على منحةٍ مالية من بيت مال المسلمين]. حقوق الإنسان والقضايا الكبرى. (بحث بقلم: معالي الأستاذ كامل إسماعيل الشريف، قدم في الندوة العالمية لحقوق الانسان في الاسلام المنعقدة في روما بإيطاليا بتاريخ: 19/ 11 /1420هـ، الموافق 25/ 2 /2000م).

وقصة إسلام الهرمزان رواها (ش) (33402)، بسند صحيح كما قال الألباني في (صحيح موارد الظمآن) تحت حديث: (1430)، وانظر ترجمته في (الإصابة) لابن حجر.

 

وفي مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد السابع في مقال (الحقوق الدولية في الإسلام) إعداد: فضيلة الشيخ محمد علي التسخيري، جاء ما يلي، أنقله بتصرف يسير، قال:

وتتفق كتب الأحاديث، والتاريخ، والمغازي، على أنه صلى الله عليه وسلم كان يمنُّ على الأسرى، فيطلقُهم دونما فدية، أو مع فدية، ويبادلهم بأسرى المسلمين:

فمن المشهورات قولته صلى الله عليه وسلم المشهورة لأهل مكة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". (الطبري: 3/ 61). -وضعفه في الضعيفة (1163) والمعنى صحيح؛ فقد أطلق سراحهم دون مقابل-.

 

وهبط ثمانون من أهلِ مكة، من جبال التنعيم -صباحًا- على النبيّ صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، ولكنه أسرَهم دون حرب، ثم أطلق سراحهم. (نيل الأوطار: 8/ 140، 141؛ ومشكاة المصابيح: (ص: 245) فما بعدها؛ ومناقب ابن شهر أشوب: 1/ 73؛ وحياة الصحابة: 2/ 37).

وقد أرسل رجالاً إلى نجد، وعادوا إليه بأسير من بني حنيفة، يُدعى ثمامةَ بنَ أثال، وأوثقوه إلى المسجد، فأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم. (السنن الكبرى: 9/ 88؛ وصحيح البخاري: 1/ 125؛ ومشكاة المصابيح: ص 342؛ ومسند أبي عوانة: 4/ 157).

 

وقد أطلقَ سراح مجموعة من أسرى بدر، شريطة أن يعلِّمَ كلٌّ منهم مسلمًا القراءة والكتابة. (المستدرك، للحاكم: 3/ 23؛ ونيل الأوطار: 8/ 144؛ ومصنف عبد الرزاق: 5/ 352).

ومنّ على أسرى هوازن في حنين -بعد القسمة- وطلب من المسلمين أن يطلقوا سراح أسراهم. (نصب الراية: 3/ 406؛ ومشكاة المصابيح: ص 345؛ والطبري: 3/ 87 - 89؛ وصحيح البخاري: 3/ 193، و9/ 89 منه).

 

وهذا امتثالٌ لأمرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُكُّوا العَانِيَ"، يَعْنِي: الأَسِيرَ، "وَأَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ ". (خ) (3046).

وقد عاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً؛ لأنه مَرَّ بأسيرات يهوديات -خيبريات- على أجساد أعزائهن، قائلاً له: "أَنُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ يَا بِلالُ! حَتَّى تَمُرَّ بِامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَتْلَى رِجَالِهِمَا؟!". (الكامل) (2/ 221)، (والطبري) (3/ 14)، و(سيرة ابن هشام) (3/ 351)، (البداية والنهاية) ط إحياء التراث (4/ 224).

 

قال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: [أَوْجَبَتِ الشَّرِيعَةُ قِتَال الْكُفَّارِ، وَلَمْ تُوجِبْ قَتْل الْمَقْدُورِ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ، بَل إِذَا أُسِرَ الرَّجُل مِنْهُمْ فِي الْقِتَال أَوْ غَيْرِ الْقِتَال؛ مِثْل أَنْ تُلْقِيَهُ السَّفِينَةُ إِلَيْنَا، أَوْ يَضِل الطَّرِيقَ، أَوْ يُؤْخَذَ بِحِيلَةٍ فَإِنَّهُ يَفْعَل بِهِ الإِمَامُ الأصْلَحَ]. (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) ص: (193) ط الثانية 1951م.

 

• ويمكننا أن نلخّص أهمّ هذه الحقوق للأسر والمعتقلين بالنقاط التالية:

أولاً: العطف والرحمة بالأسير:

ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى من بدر فرَّقهم بين أصحابه، وقال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بهم خيرًا"[1].

وكان أبو عزيز بن عمير، أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمِّه، في الأسارى، قال أبو عزيز: (مرَّ بي أخي مصعبُ بن عمير، ورجل من الأنصار يأسرني)، فقال: (شدَّ يديك به، فإن أمَّه ذاتُ متاع، لعلها تفديك).

 

قال أبو عزيز: (فكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدَّموا غداءهم وعشاءهم؛ خصوني بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، فأستحيي فأردها فيردها عَلَيَّ ما يمسها). (البداية والنهاية: 3/ 306؛ والطبري: 4/ 460؛ وآثار الحرب: ص 405).

 

وقال أبو العاص بن الربيع: (كنت مستأسرًا مع رهط من الأنصار جزاهم الله خيرًا كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثرونا بالخبز وأكلوا التمر، والخبز عندهم قليل، والتمر زادهم حتى أن الرجل لتقع في يده الكسرة فيدفعها إليَّ، وكان الوليد بن المغيرة يقول مثل ذلك ويزيد، قال: وكانوا يحملوننا ويمشون). (تاريخ دمشق) لابن عساكر (ج67/ ص9).

وقد روي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث الأسارى من المشركين ليُحْفظوا، وليُقام بحقِّهم). الإمام الرازي في تفسيره: (30/ 245).

 

ثانيًا: توفير الطعام والشراب المناسبين للمعتقلين والأسرى:

قول الله عز وجل: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8]... -وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، رَجُلاً مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ،... فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ، قَالَ: يَا (مُحَمَّدُ!) فَأَتَاهُ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟»... قَالَ: (إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَأَسْقِنِي). قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ».. ]. مسلم (1641).

[وَفِي الْحَدِيثِ؛ مَشْرُوعِيَّةُ إجَابَةِ الأَسِيرِ إذَا دَعَا، وَإِنْ كَرَّرَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ، وَالْقِيَامُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ]. نيل الأوطار (7/ 360).

 

ثالثًا: وجوب تأمينِ المكان المناسب للعيش من ظلٍّ ونحوه: وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم... [فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ مَا احْتَرَقَ النَّهَارُ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ: "لا تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ، وَحَرَّ السِّلاحِ، قَيِّلُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا"، فَقَيَّلُوهُمْ حَتَّى أَبْرَدُوا،... وَقَدْ كَانَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَحْمَالِ التَّمْرِ فَنُثِرَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَكَانُوا يَكْدُمُونَهَا كَدْمَ الْحُمُرِ]. (شرح السير الكبير) لمحمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي (المتوفى: 483): (ص: 1029) رقم: (1900).

وجَاءَ فِي الصَّحِيحَ أن رُبِط (ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الـمَسْجِدِ). (البخاري) (462).

 

رابعًا: توفير اللباس اللائق بالأسير: وهو ما يستفاد من عموم الإحسان بهم، وما طبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة للعباس رضي الله عنه..، -عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى، وَأُتِيَ بِالعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ قَمِيصًا، فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ).


(فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ). قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: (كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ). صحيح البخاري (3008).

قال العيني: [وَفِيه كسْوَة الأُسَارَى، وَالإِحْسَان إِلَيْهِم، وَلا يتركون عُرَاة؛ فتبدو عَوْرَاتهمْ، وَلا يجوز النّظر إِلَى عورات الْمُشْركين]. عمدة القاري (14/ 257).

 

خامسًا: احترام الأسير ذي المرتبة والمكانة في قومه، ومراعاة كرامته ومنزلته: وهذا ما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعله مع -السفَّانة- ابنة حاتم طيء. (الطبري: 3/ 112، 113: البداية والنهاية: 5/ 64)...، فهي من عِلية القوم، حيث أكرمها وأطلق سراحها.

وهذا سيد بني حنيفة أحد ملوك اليمامة يقع أسيرا، ثم يطلق سراحه، فقد بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: (ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ) سَيِّدُ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الـمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟!» قَالَ: (عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ)، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، قَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ». البخاري (2422)، مسلم (1764).

 

تمكين الأسرى من الاغتسال وغسل الثياب: وهذه من الحقوق الإنسانية التي أقرتها الشريعة الإسلامىة، ففي حديث "أطلقوا ثمامة". أخرج الْبَزَّار...: (فَأمره النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَن يغْتَسل بِمَاء وَسدر)، وَفِي بعض الرِّوَايَات: (أَن ثُمَامَة ذهب إِلَى المصانع فَغسل ثِيَابه واغتسل). عمدة القاري (4/ 237).

 

وفي رواية: (فَحلّه وَبعث بِهِ إِلَى حَائِط أبي طَلْحَة، فَأمره أَن يغْتَسل، فاغتسل وَصلى رَكْعَتَيْنِ). (كشف المشكل من حديث الصحيحين) لابن الجوزي (3/ 417).

وعند أحمد: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذْهَبُوا بِهِ إِلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ". (حم) (8037). قَالَ: (فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى بِئْرِ الْأَنْصَارِ، فَغَسَلُوهُ، فَأَسْلَمَ،...). (حم) (7361).

 

سادسًا: توفير الدواء والعلاج اللازم:

وذلك بمقتضى عموم الإحسان: وقد نُقل أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالمنِّ على جرحى الكفار وإطلاقِ سراحهم. (كشف الأستار: 2/ 288).

وذُكِرَ عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنه -[أَمَرَ بِالْجَرْحَى مِنْ بَيْنِهِمْ فَإِذَا هُمْ أَرْبَعُمِائَةٍ، فَسَلَّمَهُمْ إِلَى قَبَائِلِهِمْ لِيُدَاوُوهُمْ...]. البداية والنهاية ط إحياء التراث (7/ 320)- أهـ بتصرف من مجلة مجمع الفقه الإسلامي (الحقوق الدولية في الإسلام) إعداد فضيلة الشيخ محمد علي التسخيري، عضو مجمع الفقه الإسلامي.

 

سابعا: تخفيف القيد وتوسعة الوثاق حتى لا يؤذي: تقييد الأسير حتى لا يفرّ لا خلاف فيه، ولكن تضييق القيد وشده حتى يؤذي أو يؤلم فهذا ليس مشروعا ومخالف للإنسانية، عن مقسم قال: (لـمَّا ُأسر العبّاس -رضي الله عنه- في الأسارى يوم بدر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنينه وهو في الوثاق، جعل النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام تلك الليلة، ولا يأخذه نوم، ففطن له رجل من الأنصار)، فقال: (يا رسول الله! إنك لتؤرق منذ الليلة!) فقال: "العباس أوجعه الوثاق فذلك أرقني". قال: (أفلا أذهب فأرخي عنه شيئا؟!) قال: "إن شئت فعلت ذلك من قبل نفسك". فانطلق الأنصاري فأرخى عن وثاقه، فسكن وهدأ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم). مصنف عبد الرزاق تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي (5/ 353) رقم (9729).

 

قال القسطلاني: [فأرخى وثاقه، وفعل ذلك بالأسرى كلِّهم، ذكره أبو عمر، وصاحب الصفوة]. (المواهب اللدنية بالمنح المحمدية) (1/ 516)، وانظر (تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس) لحسين بن محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري (المتوفى: 966هـ)، (رحمة للعالمين) للمنصور فوري (ص: 339).

 

وقال في موضع آخر: [إن العباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم كان قد اشترك في الحرب مُكرَهًا، كما تقول الروايات الموثوق بها، ولكن العدالة النبوية لم ترض بأن تفرِّق بينه وبين الأسرى الآخرين، وقد بلغت الرحمة والرأفة بالنبي صلى الله عليه وسلم مبلغا؛ حتى أنه صلى الله عليه وسلم لم يرتح ولم ينم إلا بعد ما بلغه أن جميع الأسرى قد ارتاحوا، وهكذا صدق عليه صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128] وخاصة في حقِّ الأعداء المتعطشين لدمائه، ودماء المسلمين]. رحمة للعالمين (ص: 660).

 

ثامنا: عدم تعذيبهم ولا التمثيل بهم: لقد انتشرت عبر التاريخ حوادث تعذيب الأسرى بتقطيع الأيدي والأرجل، وصلم الآذان، وجدع الأنوف، وفقء العيون، ما تستحي منه الإنسانية، وترفضه الشرائع السماوية، خصوصا في شريعتنا الإسلامية، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ). (س) (4047)، (ن) (3510)، (حم) (19857)، (هق) (19863). (الـمُثْلة): جدع الأطراف، أو قطعها، أو تشويهها تنكيلا.

 

وكان رضي الله عنه (ينهى عن المثلة، ولو بالكلب العقور). [2]

عَنْ ابْنِ عُمَرَ: (لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَثَّلَ بِالحَيَوَانِ). (خ) (5515). فكيف من مَثَّل بالإنسان؟!!

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه (قَالَ: "اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا"). (م) 3- (1731)، (ت) (1617)، (حم) (23028).

 

في الختام: أقول أنا فؤاد أبو المنذر العبد الفقير إلى رضا الله وعفوه:

وعليه فقد سبق الإسلام كلَّ القوانين في هذا المجال وغيره، ولذلك نطالب كلَّ المؤسسات الدولية الضغطَ على الجانب الإسرائيلي، وإلزامَه بتطبيقِ القوانينِ الدوليةِ الإنسانية، وما جاء في الشرائع السماوية بحقوق الأسرى الفلسطينيين.

 

• الواقع الفلسطيني والقانون الدولي الإنساني إلى أين؟!

1- واقع المستوطنات، وهو زرعُ الوحداتِ السكنيةِ من طرف النزاع المستولي قهرا على الطرف الآخر على حساب أراضيه وممتلكاته.

 

2- جدارُ الفصل العنصري، الذي جزّأ أراضي المغلوب على أمرهم، وشتَّت شمل عائلاتهم، وعطّل مصالحَهم، وأعاق النهضة العمرانية والزراعية والصناعية.

 

3- الاعتداء على الطواقم الصحية، وسيارات الإسعاف، رغم وجود علامات تميزهم وتعرف بهم، مما أدّى إلى إعاقة أعمالهم الإنسانية.

 

4- إعاقة الوصول إلى الجرحى في الوقت المناسب، وتأخير وصولهم إلى المصحات والمستشفيات، مما أدى في كثير من الأحيان إلى موت الجرحى، أو اعتقالهم.

 

5- الاعتداء على الدفاع المدنيِّ وسياراته، وتأخيرُه عن أداء مهامِّه ساعاتٍ وأحيانا أياما، مما كان له الأثر الكبير في الخراب والدمار والموت.

 

6- حُمَّى الحواجزِ، وقطعُ الطرق على المواطنين، فتَسبب ذلك في إيقاف عجلة الحياة؛ فالجرحى الذين ينزفون، والحوامل اللائي في حاجة إلى عيادات الولادة، وأصحابُ الأعمال والمهن المهمة؛ تقف الحواجزُ حواجزُ وعثراتٌ دون الوصول في الوقت المطلوب.

 

7- وأخيرا بل هو أوَّلاً: معاملة الأسرى والتي أوصت كلُّ الشرائع السماوية، والقوانين والأعراف الدولية بحماية حقوقهم، والحفاظُ على معاملتهم معاملةً إنسانية، نجدُ أسرانا في شدّةٍ من العيش، وقسوةٍ في المعاملة، محرومون من أبسط حقوقهم، كالتطبُّب والتداوي، واستخدامِ شتى الوسائل الممنوعة معهم، ومنها وضع الزجاج على النوافذ الشبكية، فمنعوهم من ملامسة ذويهم، ثم تطوَّر الأمر إلى المنع من زيارتهم..

 

إننا نُدين هذه الإجراءات القمعية، والتعسفية والوحشية، بحق أبناء شعبنا ونسائه، ومرضاه وجرحاه وأسراه، كما نطالب المجتمع الدوليَّ، ومنظمات حقوق الإنسان، بالضغط على دولة إسرائيل المحتلة، وإجبارِها على تطبيق القوانين والمعاهدات الدولية الخاصة بحماية المدنيين وقت الحروب، بما فيها معاهدة جنيف الرابعة، والقانون الدولي الإنساني.

 

• خاتمة:

إنها سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين، [وعبر تاريخ دولةِ الإسلام؛ كان يعيش في داخلَها غيرُ المسلمين في مراحل قوتها وضعفها، فلم يُجبروا على تركِ معتقداتهم، أو يُكرَهوا على الدخول في الإسلام، والقاعدة العظمى في الإسلام؛ أن ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، ولذا فقد عاش الذمِّيون -من يهود ونصارى- وغيرهم في كنف دولة الإسلام، دون أن يتعرض أحد لعقائدهم ودياناتهم.

 

إن الإسلام لم يقم على اضطهاد مخالفيه، أو مصادرة حقوقهم، أو تحويلهم بالكُرِه عن عقائدهم، أو المساس الجائر لأموالهم وأعراضهم ودمائهم، وتاريخ الإسلام في هذا المجال أنصعُ تاريخ على وجه الأرض، -شهد بذلك القاصي والداني حتى غير المسلمين-.

ومن المقرّر عند الفقهاء؛ أنه لو أُكرِه أحدٌ على الإسلام فإنه لا يصح إسلامه!]. (سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين) د. عبد الله بن إبراهيم اللحيدان.

 

وإليكم ما نصّ عليه القانون الدولي الإنساني في (اتفاقية جنيف الأولى) في المادة (12) من الفصل الثاني: المرضى والجرحى: [يجب في جميع الأحوال احترامُ وحماية الجرحى والمرضى؛ من أفرادِ القواتِ المسلحةِ وغيرهم؛ من الأشخاص المشار إليهم في المادة التالية.

وعلى طرف النزاع الذي يكونون تحت سلطته؛ أن يعاملهم معاملةً إنسانية، وأن يُعنى بهم دون أيَّ تمييزٍ ضارٍّ على أساس الجنس أو العنصر، أو الجنسية أو الدين، أو الآراء السياسية، أو أي معايير مماثلة أخرى.

 

ويحظر بشدة أيُّ اعتداء على حياتهم، أو استعمال العنف معهم، ويجب على الأخصّ عدم قتلهم أو إبادتهم، أو تعريضهم للتعذيب، أو لتجاربَ خاصّة بعلم الحياة، أو تركِهم عمداً دون علاجٍ أو رعايةٍ طبية، أو خَلْقِ ظروفٍ تعرضهم لمخاطرِ العدوى بالأمراض، أو تلوُّث الجروح.

 

وتُقرَّر الأولوية في نظام العلاج على أساس الدواعي الطبية العاجلة وحدها...

وعلى طرف النزاع الذي يضطر إلى ترك بعض الجرحى أو المرضى لخصمه؛ أن يترك معهم بقدر ما تسمح به الاعتبارات الحربية، بعض أفراد خدماته الطبية، والمهمات الطبية للإسهام في العناية بهم].



[1] حديث: "اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَى خَيْرًا". تاريخ الإسلام ت بشار (1/ 73)، وانظره رقم (832) في ضعيف الجامع.

[2] (طب) (1 /9 /2- 11/2)، انظر (إرواء الغليل) للألباني (6/ 74) ح (1640).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأسرى
  • الأسرى في الإسلام

مختارات من الشبكة

  • معاملة الأسرى في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم أخو المسلم.. وقضية الأسرى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقف الأسرى في التاريخ الإسلامي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • زيارات الأسرى: الواقع والآلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هل يدعو الإسلام لقتل الأسرى؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن معاملة الأسرى ورسل الأعداء في الحروب النبوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن خلق النبي مع الأسرى المشركين (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التنشئة الاجتماعية للفتيات وعلاقتها بتنمية مهارات الحياة الزوجية لديهن من منظور العلاج الأسرى(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • الأسرى يدفعون الاضطهاد بالإضراب المرابطون يدافعون بضرب الرقاب(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حال الأسرى وذويهم في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب