• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حديث: مره فليراجعها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق الانسان (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    إرشاد الأحباب إلى ما به يحصل تهوين المصاب
    الدخلاوي علال
  •  
    مصطلح (حسن الرأي فيه) مرتبته، وأثره في الحكم على ...
    د. وضحة بنت عبدالهادي المري
  •  
    خطبة: الصداقة في حياة الشباب والفتيات
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حين تمر بنا القبور دون شواهد
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أهمية الأوقاف وضرورة المشاريع الاستثمارية الوقفية ...
    د. أبو عز الدين عبد الله أحمد الحجري
  •  
    سورة الإخلاص
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    شدة المقت الإلهي: تحليل لغوي وشرعي لآية "كبر مقتا ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    فضل (الصدق) وأثره على الفرد والمجتمع
    محمد الساخي
  •  
    من مائدة الفقه: الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    {يردوكم على أعقابكم}
    د. خالد النجار
  •  
    مبدأ التخصص في الإسلام (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    نجاح موسم الحج بفضل الله وبرحمته (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات ...
    سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
  •  
    اشتراط الحول والنصاب في الزكاة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

السفر المحرم

السفر المحرم
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/7/2017 ميلادي - 24/10/1438 هجري

الزيارات: 10321

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السَّفَرُ المُحَرَّمُ

 

الحمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ، الرحمنِ الرحيمِ، مالكِ يومِ الدِّينِ، لا عِزَّ إلَّا في طاعتِه، ولا سَعادةَ إلَّا في رِضاه، ولا نَعِيمَ إلَّا في ذِكرِه، الذي إذا أُطيعَ شَكرَ، وإذا عُصيَ تابَ وغَفرَ، والذي إذا دُعيَ أجابَ، وإذا استُعيذَ به أَعاذَ.

وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورَسولُه، صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعدُ:

فإنَّه ما مِن وَصيَّةٍ أيُّها المؤمنونَ أبْلَغُ ولا مِن أَمْرٍ أَعظمُ مِنقولِ اللهِ- جَلَّ وعَلا - ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2].

 

يقولُ أَحدُ الشَّبابِ: كنتُ في مَرحلةِ المراهقةِ فصاحبتُ آنذاك صُحبةً سيِّئةً، ورُفقةً فاسدةً فسافرتُ إلى الحَرَامِ، وفعلتُ كلَّ شيءٍ يُغضِبُ اللهَ - عَزَّ وجَلَّ -، عاقرتُ المحرَّماتِ، وعاشرتُ في الحرَامِ، وشَربتُ الحرَامَ...

يقولُ: وفي مَرةٍ مِن المرَّاتِ تعرَّفتُ على صديقةٍ عاهرةٍ، فعاشرتُها في الحرَامِ وبعدَ فترةٍ انقطعَتْ، اتَّصلْتُ عليها فلم تَرُد، بحثتُ عنها فلم أَجدْها، وبعدَ أيَّامٍ اتَّصلَتْ عليَّ أحدُ الجِهاتِ الأَمْنيَّةِ وأخبروني بأنْ أذهبَ إليهم، فلمَّا ذهبتُ إليهم سَألوني هل تعرفُ فلانةً وما عِلاقتُك بها؟ فقلتُ: نعم، أَعرفُها وعلاقتي بها سَطحيَّةٌ، ولم أُخبرْهم الحقيقةَ.

 

قالوا لي: هل عاشرتَها مِن قَبلُ؟ فقلتُ: لا، لمْ أُعاشِرْها، وكَذبتُ عليهم، ثُمَّ سألتُهم لِمَ تسألون؟ قالوا: لأنَّها مُتغيِّبةٌ، واكتشفنا أنَّها مُصابةٌ بمرضِ «الإيدز»، وأنَّها عَاشرتْ رجالًا ونَقلَتْ إليهم المرضَ، ونخشى أنْ تنقلَه إلى آخرين، فإذا عَلِمتَ عنها شيئًا أَبلِغْنا.

يقولُ الشَّابُّ: ما استطعتُ أنْ أنامَ تلكَ اللَّيلةَ، وظللتُ أيَّامًا مُتردِّدًا، هل أذهبُ للطَّبيب والفحوصات أمْ لا؟ وأخيرًا حملتُ نفسي وذهبتُ إلى الطَّبيبِ، وهناك أخبرتُهم أنِّي أريدُ أنْ أُجريَ تحليلَ «الإيدز»، فأخبروني أنَّ النَّتيجةَ تظهرُ بعد عشرةِ أيَّامٍ.

 

فقلتُ لهم: ألَا يُوجدُ سَبيلٌ أسرعُ مِن هذا؟

قالوا: لا؛ لأنَّنا نرسلُها إلى الخارجِ ثُمَّ تأتي، وبعدما تأتي نُخبرُك بالنَّتيجةِ.

يقول الشَّابُّ: وبعدَ مُرورِ سَبعةِ أيَّامٍ وكلُّ يومٍ يمرُّ علي كسَنَةٍ بعدَ هذا كلِّه لم أَشعُرْ إلَّا وأنَا أَتَّصلُ عليهم: معكم فُلانٌ الفُلانيُّ هل ظَهرتْ نتيجةُ التَّحليلِ؟ فقالوا: لا بَعدُ.

 

وهكذا اليومُ الثَّامنُ والتَّاسعُ أَتَّصلُ ويكونُ نَفْسُ الرَّدِّ، فلمَّا كان اليومُ العاشرُ اتَّصلتُ عليهم وسألتُهم هل ظهرتْ النَّتيجةُ؟ قالوا: نعم. قلتُ لهم: ما هي؟ قالوا: لا نستطيعُ أنْ نُخبرَكَ، تعالى واستلِمْها. قلتُ لهم: لا أستطيعُ أنْ أصبرَ، ولا تحملُني رِجلِي إليكم، وأتوسَّلُ إليهم، وأستَحلِفُهم باللهِ. قالوا: لا نستطيعُ، النَّتيجةُ عندَ الطَّبيبِ، وهو مَن سيخبرُك بها. يقولُ الشَّابُّ: فلَمْ أَدْرِ كيفَ أذهبُ إليهم؟ وكيفَ تحملُني رِجْلَاي.

 

يقولُ: ركِبتُ سيَّارتي وذهبتُ إليهم، ولا أدري كيفَ أَوصَلتْني السَّيارةُ، ثم صعدتُ السُّلَّم وأنا أذكر خطواتي إلى الآن، فكأنَّما أُحاوِلُ جَبلًا أَحملُه، فأخبرتُهم في الاستقبالِ أنِّي عندي مَوعدٌ، فأخبروني بأنْ أنتظرَ دَوري، فجلستُ في الانتظارِ وأنَا أنظرُ إلى النَّاسِ وأَتَصَفَّحُ قَسَمَاتِ وُجُوهِهم، فمِنهم مَنْ يحاورُ رَفيقَه، ومِنهم مَن يضحكُ، ومِنهم مَن يبتسمُ، على ما بهم من أمراضٍ، إلَّا أنَا أبكي بداخلي ويعتصرُني الألمُ، حتى جاءَ دَوري ودخلتُ إلى الطَّبيبِ ولا أدري كيفَ دخلتُ ولا كيفَ جلستُ! فقال ليَ الطَّبيبُ: أنت فُلانٌ. قلتُ: نعم. وجَعلَ يُقلِّبُ الأوراقَ وأَنَا أستغيثُ باللهِ أنْ يكتبَ لي عُمْرًا آخرَ، وبينَ أنَا على هذه الحالِ إذْ قالَ ليَ الطَّبيبُ: الحمدُ للهِ، النَّتيجةُ سَلبيَّةٌ، ليسَ فيكَ هذا المرضُ. يقول الشَّابُّ: فسجدتُ للهِ شاكرًا عندَ الطَّبيبِ، ومِن بعدِها ما تَركتُ الصَّلاةَ في المساجدِ، ولا فعلتُ حرامًا، ولا مشيتُ إلى حرامٍ، وما فعلتُ فاحشةً قَطُّ، كأنَّ اللهَ أعطاني عُمرًا آخرَ.

 

عبادَ اللهِ: يَتهافَتُ الشَّبابُ في أيَّامِ الإجازاتِ على وَكالاتِ السَّفرِ لِيُسافروا إلى تلك البلدانِ التي تَعُجُّ بالمنكراتِ، وتَزخرُ بالفواحشِ، لا أقولُ الشَّبابَ فحَسْب بل ربما بعضُ كِبارِ السِّنِّ.

ذهبوا لتلك الأماكنِ لا للبحثِ عن الأجواءِ العَليلةِ أو المناظرِ الخَلَّابةِ، وإنما جعلوا ذلك مَطِيَّةً إلى التَّحرُّرِ مِن الواجباتِ، وارتكابِ المُحرَّماتِ، وتَعاطِ المُسْكِرَاتِ والمخَدِّرَاتِ، والوقوعِ في جرائمِ الفواحشِ ومزالقِ العِلاقاتِ المحرَّمةِ...

 

فكَمْ تَحسَّرنا ونتحسَّرُ على هؤلاءِ الذين يُسافرونَ أَصِحَّاءَ نُشطاءَ، فيعودونَ عَبرَ بَوَّاباتِ الإيدزِ والمخدِّراتِ، بل قدْ يعودُ بعضُهم وقد انسلخَ مِن عقيدتِه ناقِمًا عليها، وتَمرَّدَ على دينِه وأهلِه.

تُفيدُ الإحصائيَّاتُ - أيُّها الإخوة - أنَّ عَددَ المصابينَ بمرضِ الإيدزِ في العالَمِ يزيدُ على خمسةٍ وثلاثينَ مليونَ شَخصٍ، ومِن المؤسفِ أنَّ الأعدادَ في ازدِيادٍ مستمرٍ على الرَّغمِ مِن تَحسُّنِ الخَدَماتِ الطِّبيَّةِ واكتشافِ العقاقيرِ والأدويَةِ، تعلمون لماذا- أيُّها الإخوة -؟

 

إنَّها عقوبةُ اللهِ- عَزَّ وجَلَّ -، وَصدقَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -حيث قال: «لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا». أخرجَه ابنُ ماجه والحاكمُ، وصحَّحَه الألبانيُّ.

ففي هذه البلدانِ المُنْفَتِحةِ - عِبادَ اللهِ - يقعُ على دِينِ المَرءِ ما يقعُ مِن ضَعفِ واعْوِجَاجِ الدِّيانَةِ، وإلْفِ المنكراتِ، وانتكاسِ الفِطَرِ السَّليمةِ، بسببِ إدامةِ النَّظرِ إلى مظاهرِ التَّبرُّجِ والسُّفورِ، فيألفُها القلبُ، وتَنعَقِدُ عليها الجوارحُ، وتُصبِحُ أَمْرًا مُعتادًا لا تُنكرُه النُّفوسُ.

 

ولهذا أَفتَى أهلُ العِلمِ بعدمِ جوازِ السَّفرِ إلى بلادِ تلك البلاد إلَّا لِضرورةٍ، أو حاجةٍ مُلِحَّةٍ، شريطةَ أنْ يأمنَ على دينِه وعقيدتِه.

ومِن مَخاطرِ السَّفرِ إلى تلك البلدانِ: الخطرُ الأمْنيُّ؛ جرائمُ تُرتكبُ؟ وأموالٌ تُنتَهبُ؟ ونُفوسٌ تُقتلُ وتُختَطفُ؟.. حتى أصبحتِ الجريمةُ في أكثرِ البلدانِ جريمةً مُنَظَّمَةً، تقومُ بها عصاباتٌ مُدرَّبةٌ تستهدِفُ السَّائحينَ وتَبْتَزُّ أموالَهم.

 

ومِن المخاطرِ: الخطرُ الاقتصاديُّ؛ بالإسْرافِ والتَّبذيرِ، أو الإنفاقِ المُحرَّمِ..، فقدْ ذَكرَتْ جَريدةُ الجزيرةِ أنَّ إنفاقَ السُّعوديينَ في السِّياحةِ الخارجيَّةِ لامسَ المئةَ مليارِ ريالٍ، وثَمَّةَ إحصاءاتٌ عالميَّةٌ تُفيدُ أنَّ السُّياحَ السُّعوديين هم الأكثرُ إنفاقًا على السِّياحةِ في العالَمِ، وذلك بحسبِ أرقامٍ حكوميَّةٍ، حيثُ يُنفقُ السَّائحُ السُّعوديُّ سِتَّةَ أضعافِ ما يُنفقُه السَّائحُ الغَربيُّ، كما ذكرتْ ذلك الجريدةُ نفسُها.

 

فَيَا مَن عَقدَ النيَّةَ على السَّفرِ للحرامِ، أو على سَفرٍ يعلمُ أنَّه لن يَسلمَ فيه مِن الحرامِ، نقول: اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، واخشَ اللهَ في أيِّ أرضٍ نزلْتَ، وتَذَكَّرْ أخي أنَّ هذه الأرضَ التي تمشي عليها، وتسافرُ إليها، ستتكلَّمُ يومَ القيامةِ، وتشهدُ لكَ أو عليكَ في المحكمةِ الإلهيةِ، قالَ اللهُ ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة: 4]، وكذلك الجوارحُ تشهدُ والملائكةُ يشهدون، وكفى باللهِ شهيدًا.

 

أَلمْ يَتفكَّرْ أولئكَ، أن الزِّنا يُعتبرُ مِن أَكبرِ الكبائرِ وأقبحِها، وأَعظمِ الذنوبِ وأفحشِها بعدَ الشِّركِ والقَتلِ، وهو رِجسٌ، وفاحشةٌ وجريمةٌ مُوبِقَةٌ، تنفرُ منها الطبائعُ السَّليمةُ، وهو ضَلالٌ في الدِّينِ وفسادٌ في الأخلاقِ، وانتهاكٌ للحُرُمَاتِ والأعراضِ، واستهتارٌ بالشَّرفِ والمُرُوءةِ.

 

إنَّ الشَّرائعَ السَّماويةَ كلَّها - يا عبادَ اللهِ - قدِ اجتمعتْ على تحريمِه، وإنزالِ العُقوبةِ بالزُّناةِ والزَّواني، ولم يُبَحِ الزِّنا في أيِّ شَريعةٍ لأيِّ رسولٍ مِن رُسُلِ اللهِ - تعالى -.

إنَّ ظهورَ الزِّنا - يا عبادَ اللهِ - مِن أَماراتِ خَرابِ العالَمِ، وفَسادِ نِظامِ الكَونِ، وقُرْبِ قيامِ السَّاعةِ، قال صلى الله عليه وسلم: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا،...»، رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

 

ومِن خطورةِ الزِّنا أنَّه سببٌ في رفعِ الإيمانِ عن الزَّاني والزَّانية حالَ زِناهما، فعندَ إقدامِ الزَّاني على الزِّنا وعندَ قيامِه به، في هذه الحالةِ يرتفعُ الإيمانُ فوقَ رأسِه، فهو بلا إيمانٍ، ففي هذه الحالةِ انتفى الإيمانُ مِن قلبِه وجوارحِه حتى يَترُكَ هذه المعصيةَ، - عِياذًا باللهِ مِن ذلك -، فكيفَ إذا جاءَ مَلَكُ الموتِ، لتنفيذِ أَمرِ اللهِ وقَبضِ الأرواحِ، والزُّناةُ والزَّواني في هذه الحالةِ التي تُغضِبُ جبَّارَ السَّمواتِ والأرضِ، كيفَ سيكونُ المصيرُ؟

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ،...»، مُتَّفقٌ عليه.

 

ورتَّبَ اللهُ على مُرتكِبِ الزِّنا حَدًّا صَارِمًا قاسيًا لا شفاعةَ فيه، فجعلَ المُحصَنَ المتزوِّجَ منهما، عقوبتَه قِتلةً شَنيعةً، رَجمًا بالحجارةِ حتى يموتَ، حتى يجدَ الألمَ في جميعِ الجسدِ الذي تَلَذَّذَ بالحرامِ، فإن لم يكنْ مُتزوِّجًا فقد نجى مِن الرَّجمِ نَعَمْ، لكنَّ مصيرَه إلى الجَلْدِ والسَّجَنِ؛ لِيحصُلَ بذلك الارتداعُ والابتعادُ عن هذه الفاحشةِ القبيحةِ.

 

أمَّا عقوبتُه في البَرْزَخِ بعدَ الموتِ، وقبلَ أنْ يَقومَ النَّاسُ لِربِّ العالمين، فشيءٌ خطيرٌ تحارُ العقولُ أنْ تتخيَّلَه، إنَّه الحَرْقُ في التَّنُّورِ، ففي صحيحِ البخاريِّ قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلمَ -:«رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي، فَأَخْرَجَانِي...، قَالاَ: انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ، أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟...، قالا:.. هُمُ الزُّنَاةُ». فيا لله، ما أعظمَ عذابَهم وأشدَّ بؤسَهم، أمَّا في الآخرةِ، فالعذابُ أَشدُّ وأَنْكَى وأَعظمُ وأَخزَى، والعِقابُ أكثرُ ألمًا وإيْلَامًا، قالَ جلَّ وعلا:﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ [الفرقان: 68، 69].

 

قالَ الإمامُ أحمدُ بنُ حَنبلٍ - رحمه الله -: "ولا أعلمُ بعدَ قَتلِ النَّفْسِ ذَنبًا أعظمُ مِن الزِّنا".

وقالَ المُنْذِرِيُّ - رحمه الله -: "صَحَّ أنَّ مُدمِنَ الخمرِ إذا ماتَ لَقِيَ اللهَ كعابدِ وَثَنٍ، ولا شَكَّ أنَّ الزِّنا أشدُّ وأعظمُ مِن شُرْبِ الخمرِ".

نسألُ اللهَ - تعالى - أنْ يهديَ ضَالَّنَا، ويَردَّه إليه رَدًّا جميلًا، إنَّه على كلِّ شيءٍ قديرٌ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

 

الخطبةُ الثَّانيةُ

الحمدُ للهِ فَاضَلَ بينَ الرَّغباتِ، وجَعَلَ هِمَّةَ الصَّالحينَ في الباقياتِ، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ يرفعُ مَن يشاءُ الدرجاتِ، ويُكَفِّرُ الخطيئاتِ.وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليهِ وعلى آلهِ وأصحابِه ذَوي الهِمَمِ العالياتِ.

 

أمَّا بعدُ:

فاتَّقوا اللهَ أيُّها المؤمنونَ، وقُوا أنفسَكم شَرَّ الزِّنى، فإنَّه كانَ فاحشةً وساءَ سبيلًا، احفظوا أبصارَكم وجوارحَكم عمَّا يدعو إليه شياطينُ الإنسِ والجِنِّ ويُزَيِّنوه لكم، بادِروا إلى الزَّواجِ- إنِ استطعتُم -فإنَّه أَغَضُّ لِلبصرِ وأَحْصَنُ لِلفَرْجِ، وتَذَكَّروا ما أَعدَّه اللهُ لعبادِه المتَّقينِ، مِن الجِنَانِ والنَّعيمِ والفَوزِ بِرضَا اللهِ الكريمِ، تفكروا في عقوبةَ العاصينَ وما أعدَّه اللهُ لهم مِن العذابِ وبئسَ المصيرِ، ذَهَبتِ اللَّذاتُ وبَقيتِ الحسراتُ.

 

وهذا يقتضي أيها الأخوة البعدَ عن المواضعِ التي يُحتملُ فيها الوقوعُ في الزِّنا، وهي مواطنُ الفِتنَةِ والشَّهواتِ؛ كالبلادِ المُنْحَلَّةِ، وأماكنِ الاختلاطِ والتَّبرُّجِ والسُّفُورِ، والبعدَ عمَّا يُثيرُ الغَرائزَ والشَّهواتِ، مِن أَغَانٍ مَاجِنَةٍ، وأفلامٍ عاهرةٍ، وصوَرٍ عاريةٍ، ومقاطعَ مُخِلَّةٍ ساقطةٍ، فإنَّ مَن أَتَى هذه المواطنَ فتحرَّكَتْ شهوتُه، أَزَّه الشَّيطانُ أَزًّا على إتباعِ هذه الخطوةِ خطوةً أُخرى، حتى يقعَ في الزِّنا، وما كانَ يظنُّ لأوَّلِ وَهْلَةٍ أنْ يَصِلَ إلى ما وَصَلَ إليه، ولكِنَّها خطواتُ الشَّيطانِ التي حذَّرنا اللهُ - تعالى - منها ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ ﴾[النور: 21].

 

صلُّوا يا عبادَ اللهِ وسَلِّمُوا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أحكام السفر وآدابه (1)
  • آداب السفر
  • السفر أحكام وآداب
  • الإسلام والسفر
  • حديث السفر
  • من وحي السفر
  • خلاف العلماء في مدة السفر
  • لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب

مختارات من الشبكة

  • من أقوال السلف في السفر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب السفر لمن أراد السفر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سفر المرأة للحج بدون محرم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خيرني زوجي بين أولادي وبين السفر للعمل(استشارة - الاستشارات)
  • السفر ( معنى - أقسام - فوائد – عيوب )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • آداب السفر لمن كان على سفر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث: ليس من البر الصيام في السفر(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم السفر إلى بلاد غير المسلمين لأجل السياحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث دعاء السفر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما يتفرع على الرخصة (مقالات في الرخصة والعزيمة - 10)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/12/1446هـ - الساعة: 17:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب