• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
  •  
    من مائدة الحديث: فضل التفقه في الدين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول

د. أمين الدميري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/6/2017 ميلادي - 25/9/1438 هجري

الزيارات: 32276

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنفال: 41].

 

لقد صدق الله تعالى وعدَه؛ إذ وعدهم إحدى الطائفتين أنها لهم، فقد جاء في مطلع السورة الكريمة - بعد التذكير بالخروج من بيته صلى الله عليه وسلم وفريقٌ ممن خرج معه كارهون -: ﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال: 7، 8].

 

وفي قوله تعالى في الآية الكريمة: ﴿ أَنَّهَا لَكُمْ ﴾ إشارةٌ إلى أن الأمر لا جدال فيه، وأنه محقَّق، وقد قضي فيه وتحقق، وها هي ذات الشوكة إحدى الطائفتين، قد غنمها المسلمون، وها هو الحكم مفصلًا بعد أن كان مجملًا في أول السورة الكريمة، وها هي الغنائم قد أحلَّها الله تعالى إكرامًا لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ولأمة الإسلام؛ لتكون عونًا لها على مواصلة الجهاد في سبيل الله، ليكون الدين كل الدين لله.

 

روى البخاري رحمه الله تعالى عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أُحلَّت لي الغنائمُ)).

وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تكفَّل الله لمَن جاهد في سبيله، لا يخرجه إلا الجهادُ في سبيله، وتصديق كلماته، بأن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة)).

وعن أبي هريرة أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (((إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده، لتنفقن كنوزهما في سبيل الله))[1].

يقول ابن حجر: (اختص الله هذه الأمة بحل الغنيمة، وكان ابتداء ذلك من غزوة بدر، وفيها نزل قوله تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ [الأنفال: 69]، فأحلَّ الله لهم الغنيمة)[2].

 

دلالة موضع الآية الكريمة في سياق السورة الكريمة:

الآية الكريمة تتوسَّط السورة تقريبًا - وجاءت بعد قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الأنفال: 39، 40]، وقد تولَّى المشركون ولم يقبَلوا عرض الانتهاء عن الكفر وعن قتال المسلمين، لما قال لهم قبل هاتين الآيتين: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأنفال: 38].

 

وها هي أموالهم وأسلحتهم قد غنِمها المسلمون، وكانت عليهم حسرةً، وهُزموا شر هزيمة، وصدق وعد الله وتحقَّق، وقُتل منهم مَن قُتل، وأُسر مَن أسر، وفر الباقون هاربين عائدين إلى مكة خزايا متحسِّرين، وترَكوا ما ترَكوا غنيمةً للمسلمين، وعند ذلك سأل المسلمون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الحكم فيها: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ﴾ [الأنفال: 1]، وبعد أن تم معالجة قضية قائمة، وهي اختلاف وجهات النظر فيمَن هو الأحق بها، وبعد ما يقرب من أربعين آية - نزل الحكم مفصلًا: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ ﴾ [الأنفال: 41].

 

كذلك فإن الآية الكريمة تكاد تقسم السورة شطرين متماثلينِ[3]، بينهما كثير من أوجه الشبه والتماثل، ويظهر ذلك فيما يلي:

1- بدأ الشطر الأول بذكرِ الأنفال، وبدأ الشطر الثاني بذكر الغنائم، وكان الحكم في الأول مجملًا، وفي الثاني مفصلًا.

 

2- في مطلع الشطر الأول حديثٌ عن مقدمات الغزوة، والحديث عن وعد الله بأن لهم إحدى الطائفتين، وهي ذات الشوكة، وإرادة الله تعالى إحقاق الحق وإبطال الباطل[4]، وفي الشطر الثاني وصفٌ دقيق لوقائع المعركة من حيث مواقعُ المسلمين ومواقع المشركين، وتغيير الرؤية البصرية لدى الفريقين[5].

 

3- في الشطر الأول ذكر رجز الشيطان ووسوسته للمؤمنين[6]، وفي الشطر الثاني ذكر تزيين الشيطان أعمال الكافرين ونكوصه على عقبيه وتولِّيه عنهم[7].

 

4- في الشطر الأول ذكر الملائكة والوحي إليهم بما يفعلون، بالضرب فوق الأعناق وضرب كل بَنان[8]، وفي الشطر الثاني ذكر الملائكة وهم يضربون وجوه الكافرين وأدبارهم عند الوفاة[9].

 

5- في الشطر الأول أمر بعدم التولِّي عند الزحف وعدم تولية الأدبار[10]، وفي الشطر الثاني أمر بالثبات عند اللقاء[11].

 

6- وفي الشطر الأول وصف المشركين بأنهم شرُّ الدواب وأنهم لا يعقلون؛ أي: لا يسمعون سماعَ تفهم، ولا يستجيبون، بل يُعرِضون[12]، وفي الشطر الثاني وصف المشركين بأنهم شر الدواب فهم كفار ينقضون العهد في كل مرة ولا يتَّقون[13]، فقد ناسب وصفهم في الأول بالصُّم البكم الذين لا يعقلون؛ لما سيأتي من أمر الاستجابة، كما ناسب وصفهم في الثاني بنقضهم العهود؛ لما سيأتي من أحكام التعامل مع معسكر الكفر كالحرب والتشريد والنبذ.

 

وهكذا حتى يمكن القول بأن النصف الأول من السورة يعدُّ مقدمة وذكرًا لمبررات الغزوة وأهدافها، ويعد النصف الثاني نتائج الغزوة، وبيان أحكام التعامل مع معسكر الكفر، كحكم الغنائم والأسرى والموالاة، وبهذا جمعتِ السورةُ الكريمة بين أحكام السِّلم والحرب، وأن الهدف الأساس لهذه السورة الكريمة هو إقرار السلم المسلح؛ كما سيتبين بإذن الله تعالى[14].

 

معنى الغنائم:

لغةً: جاء في مادة (غنم) غنَّمه الله: نفَّله، وغنمه فاغتنم، واغتنم السلامة وتغنَّمها[15].

ويقول القرطبي: الغنيمة في اللغة ما ينال الرجل والجماعة بسعي، والمغنم والغنيمة بمعنًى، يقال: غَنِمَ القوم غُنمًا، واعلَم أن الاتفاق حاصل على أن المراد بقوله تعالى: ﴿ غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنفال: 41] مالُ الكفار، إذا ظفِر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر، ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص، ولكن عُرْف الشرع قَيَّد اللفظ بهذا النوع، وسمَّى الشرعُ الواصلَ مِن الكفار إلينا من الأموال باسمينِ: غنيمة وفيئًا، فالشيء الذي يناله المسلمون مِن عدوهم بالسعي وإيجاف الخيل والرِّكاب، يسمى غنيمة، ولزِم هذا الاسم هذا المعنى حتى صار عُرفًا[16]، (والفيء ما كان بغير سَعْي).

وعلى هذا، فإن قوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنفال: 41]، هو الإجابة المفصَّلة المبيِّنة لحكم الأنفال من حيث مصارفُها وأنصبتُها، فكانت الأنفالُ هي الغنائمَ[17].

 

قسمة الغنائم:

قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [الأنفال: 41].

ذكرتِ الآية الكريمة أن خُمُسَ الغنائم يُوزَّع أسداسًا كما يلي:

1- لله عز وجل.

2- للرسول صلى الله عليه وسلم.

3- لذي القُربى.

4- اليتامى.

5- المساكين.

6- ابن السبيل.

وعلى هذا، فإن السُّدُسَ الأول (لله عز وجل)، يُصرَف على الكعبة، وقال البعض: يُرَد على ذوي الحاجات؛ كما ذكر القرطبي[18].

 

على أن قوله تعالى: ﴿ فَأَنَّ لِلَّهِ ﴾، قد يفهم منه أنه استفتاح كلام للتبرُّك، كما ذكر ابن كثير وغيره[19]، فيُوزَّع الخُمُس أخماسًا، وذكر ابن كثير (عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سريَّة فغنِموا، خمَّس الغنيمة، فضرب ذلك الخمس في خمسة، ثم قرأ: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 41]، "فأنَّ لله خُمُسَه": مفتاح كلام، فجعل سهم الله وسهم الرسول صلى الله عليه وسلم واحدًا)[20].

 

ويقول ابن حجر: (والأكثر على أن اللام في قوله ﴿ َلِلرَّسُولِ ﴾ للمِلْك، وأن للرسول خُمُسَ الخُمُسِ من الغنيمة، وأنه قبل فرض الخُمُسِ كان يعطي الغنيمةَ للغانمين بحسب ما يؤدِّي إليه اجتهاده، فلما فُرِض الخُمُسُ تبيَّن للغانمين أربعةُ أخماس الغنيمة ولا يشاركهم فيها أحد، وإنما خُصُّ النبي صلى الله عليه وسلم بنسبة الخُمُس إليه، إشارة إلى أنه ليس للغانمين فيه حق، بل هو مفوَّض إلى رأيه، وكذلك إلى الإمام بعده، واللام في قوله تعالى: ﴿ لِلَّهِ ﴾ للتبرك)[21].

 

أما الأربعة الأخماس، فيقول القرطبي:

(فالذي عليه عامة أهل العلم أنه يسهم للفارس سهمان، وللراجِلِ سهم)[22]، فكأن المقاتل على فرس له سهم، ولفرسه سهم؛ ذلك لأن الخيل تُمثِّل عصب سلاح المركبات في ذلك الوقت، بل إلى قيام الساعة، فسهمُ الفرس ينفق على العناية به من مأكل ومشرب وتجهيز وتدريب وغير ذلك، (وسيأتي مزيد كلام عن الخيل عند الحديث عن إعداد العُدَّة ﴿ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾ [الأنفال: 60]، هذا وتفاصيل أحكام الخمس والأربعة الأخماس وأقوال الأئمة فيها - مرجعه إلى كتب الفقه.

 

الإيمان والأحكام:

في الشطر الثاني من الآية الكريمة، وهو قوله تعالى: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنفال: 41] - بيان أن حكم توزيع الغنائم مرتبطٌ بالإيمان بالله، ولا شكَّ أن العَلاقة وطيدةٌ بين الإيمان وقَبول الأحكام، وبين الإيمان والاحتكام إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكثيرًا ما يكون الربط بين إقامة الحكم والإيمان، فشرط الإيمان إقامة الأحكام؛ كما في نص الآية، والآيات في كتاب الله عز وجل كثيرة، وخصوصًا في السورة الكريمة، فتقوى الله عز وجل وإصلاحُ ذات البَيْن وطاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم - شروطٌ للإيمان، وبراهين على وجوده؛ قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1]، كذلك فقد جعل الله تعالى أداء الخُمُس من الغنائم، وألَّا يستأثر الغانمون بالغنائم كلها، وأن يكون تقسيمها وتوزيعها حسب حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - شروطًا للإيمان؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ﴾ [الأنفال: 41]، إذًا فشرط الإيمان وعلامته هو إقامة الحكم وتنفيذه.

 

وقد بوَّب البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه بابًا سماه (باب أداء الخُمُس من الإيمان)[23]، وبابًا آخر سمَّاه (أداء الخُمُس من الدين)[24]، وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدِم وفدُ عبدالقيس، فقالوا: يا رسول الله: إنَّا هذا الحيَّ من ربيعةَ، بيننا وبينك كفَّارُ مُضَر، فلسنا نصل إليك إلا في الشهر الحرام، فمُرْنا بأمرٍ نأخذ به وندعو إليه مَن وراءنا، قال: ((آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع؛ الإيمان بالله: شهادة أن لا إله إلا الله - وعقد بيده - وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تؤدوا لله خُمُس ما غنمتم، وأنهاكم عن الدُّبَّاء، والنَّقير، والحَنْتَم والمزفَّت - وربما قال: المقيَّر -))[25].

 

يقول ابن حجر: (إنهم سألوا عن الأعمال التي يدخُلون بها الجنة، وأُجيبوا بأشياء؛ منها أداء الخُمُس، والأعمالُ التي تُدخِل الجنة هي أعمال الإيمان، فيكون أداء الخمس من الإيمان)[26].

 

والآيات في كتاب الله عز وجل كثيرةٌ تُؤكِّد أن الإيمان ليس دعوى بلا برهان، والبرهان على الإيمان هو الاحتكام إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والرضا بحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].

وقد رضِي الصحابة رضي الله عنهم بحكم الله، وقبِلوه، وطابت به وبالغنائم نفوسُهم، وعادوا بالرزق الكريم والأجر الكبير.

 

يوم الفرقان:

سمى الله عز وجل يوم بدر بيوم الفرقان: ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ [الأنفال: 41].

يقول ابن كثير: (ويوم بدر يُسمَّى "يوم الفرقان"؛ لأن الله أعلى فيه كلمةَ الإيمان على كلمة الباطل، وأظهَر دينه، ونصر نبيَّه صلى الله عليه وسلم وحِزبَه، وهو أول مشهدٍ شهِده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهزَم الله المشركين، وقتل منهم زيادة على السبعين، وأسر منهم مثل ذلك)[27]، فكان يوم الفرقان بدايةَ عهدٍ جديد، وبزوغ فجر جديد للإسلام والمسلمين، كما كان حدًّا فاصلًا بين مرحلتينِ:

الأولى: هي مرحلة الاستضعاف والاضطهاد، والطرد والتعقب، وقد لازمها الصبر والصفح، والانتظار والترقب.

 

وكانت الثانية هي مرحلة ردِّ العدوان، والدفاع عن الدعوة، ودحر المعتدين، ومَن تُسوَّل له نفسه أن يهاجم المسلمين، أو يصد عن سبيل الله ويفتن الناس بسبب إسلامهم، ليكونوا أحرارًا في اختيار عقديتهم وممارسة شعائر دينهم ومناسكهم، ولتسير الدعوة في طريقها بلا عقبات، ولا معوقات، وقد قطع الله ألسنة الإعلام المضاد الداعي إلى أباطيل (اسفنديار) وأحاديث رستم، ليسمع كلام الله ويكون الدين كله لله.



[1] فتح الباري، ج6، ص 166، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أحلت لكم الغنائم)).

[2] المرجع السابق.

[3] أشار إلى ذلك الأستاذ سيد قطب في ظلال القرآن، ج3، ص 1515.

[4] سورة الأنفال (5 - 8).

[5] سورة الأنفال (42 - 44).

[6] سورة الأنفال (11).

[7] سورة الأنفال (48).

[8] سورة الأنفال (12).

[9] سورة الأنفال (50).

[10] سورة الأنفال (15).

[11] سورة الأنفال (45).

[12] سورة الأنفال (22 - 23).

[13] سورة الأنفال (55 - 56).

[14] (عند الحديث عن إعداد القوة والجنوح إلى السلام في الباب الثالث بإذن الله تعالى).

[15] أساس البلاغة، الزمخشري، مادة (غنم).

[16] تفسير القرطبي، ج4، ص 2840.

[17] وقد سبق بيان معنى الغنيمة والفيء والأنفال والفرق بينها

[18] تفسير القرطبي، ج4، ص 2849.

[19] تفسير ابن كثير، ج2، ص 311.

[20] المرجع السابق. وانظر فتح الباري، ج6، ص164.

[21] فتح الباري، ج6، ص 164.

[22] تفسير القرطبي، ج4، ص 2854.

[23] فتح الباري، ج1، ص 106.

[24] المرجع السابق، ج6، ص 158.

[25] المرجع السابق، والحنتم: الجرة، الدباء: القرع اليابس، والنقير: النخلة ينقر فيها فيتخذ وعاء، والمزفَّت: ما طُلِي بالزفت، والمقيَّر: ما طلي بالقار؛ وانظر: مختار الصحاح، وأساس البلاغة.

[26] فتح الباري، ج1، ص109.

[27] تفسير ابن كثير، ج2، ص301 - 313.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاستهلال في سورة الأنفال: السؤال والجواب ( يسألونك )
  • موضوعات سورة الأنفال
  • حقائق وغايات في سورة الأنفال
  • معنى الأنفال
  • سؤال الصحابة عن الأنفال

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب