• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

شهر رمضان بركات ونفحات ورحمات (خطبة)

شهر رمضان بركات ونفحات ورحمات (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/6/2017 ميلادي - 8/9/1438 هجري

الزيارات: 27710

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شهر رمضان

بركات ونفحات ورحمات


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

عباد الله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ،...".[1]، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصوموه.

أتانا شهر رمضان الذي قال الله فيه سبحانه وتعالى مخاطبا أحبابه المؤمنين، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

فلستم أيها المسلمون بدعا من الأمم، جئتم بشيء جديد، أو اختصصتم بمزية من الصيام، وإنما هذا الصيام كتب على من كان قبلنا بكيفية تختلف عما نفعله نحن.

الصيام معناه الإمساك والامتناع هذا في اللغة، قال العلماء: (صامت الخيل عن الجري، أي أمسكت وتوقفت وامتنعت)، أما في الشرع؛ فمعناه (إمساك مخصوص، في وقت مخصوص، إلى أجل مخصوص، بكيفية مخصوصة)، كل ذلك منضبط، إمساك عن الطعام والشراب والجماع والمشهيات والشهوات والملذات التي كانت مباحة قبل ذلك، إمساك عنها من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، كل يوم، حتى ينتهي شهر رمضان، في وقت مخصوص الليلة يتراءون الهلال، ويبدأ رمضان من الليلة من غروب الشمس، وتبدأ أحكامه من الليلة.

 

فمن أحكامه؛ قيامُ رمضان التراويح في هذه الليلة، ومن أحكامه تلاوة القرآن يا أهل القرآن، ابدأ من الليلة من عند غروب الشمس، يبدأ رمضان.

وهذه الليلة في صبيحتها وقبل أذان الفجر نتسحر، كل هذا ولم نصُم شيئًا ولا ساعة؛ لأن رمضان يبدأ بغروب الشمس، وينتهي بغروب شمس آخر يوم منه، وتنتهي أحكامه ليلة العيد، فليلة العيد مع أنَّا صمنا ذلك اليوم، وإذا غربت شمسه لا توجد صلاة تراويح، ولا سحور في تلك الليلة، ومن قرأ القرآن فقد قرأه قبل ذلك في رمضان انتهى الأمر، فمن قرأ في تلك الليلة يكون قد قرأ في غير رمضان، هذا هو رمضان.

 

فالأمم السابقة كانت تصوم، لكنّ صومَهم أحيانا يكون عن الكلام: ﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾ [مريم: 26]، فلا يتكلمون إلا بذكر الله سبحانه وتعالى، أما كلام البشر ومخاطبتهم فلا؛ هذا صيامهم، ونحن منهيون عنه، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم عن الكلام أو السكوت إلى الليل، يعني طيلة النهار ساكت، ما ينبغي، حدث الناس وكلمهم، لا نتشبه بالأمم السابقة في هذه الجزئية، نتشبه بهم في الصيام عموما كما أمر الله، أمرهم الله بذلك لهم ذلك، أمرهم الله بغير ذلك، فلنا أن نأتمر بما أمر الله، أن نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 183]، ما قال: يا أيها المسلمون، ولا قال: يا أيها الناس، ناداكم بأحسن صفة يحبها فيكم؛ صفة الإيمان، الإيمان بالله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم ﴾ [البقرة: 183]، بمعنى فرض، أي أوجب الله وفرض علينا ﴿ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183]، وحتى لا نحزَن، لأننا كلفنا بما فيه فيه مشقة وتعب، وما شابه ذلك، قال سبحانه: ﴿ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، هذه عبادة كعبادة الصلاة، كعبادة الحج، نشترك مع من كان قبلنا في أصلِها لكن نختلفُ في كيفيتها.

 

لذلك هذه الأمم التي قبلنا؛ كلُّ خير فيها صُفِّي لهذه الأمة، جاءنا مصفًّى خالصًا؛ لأنه ليس بعدنا أمة!

فهذه الأمة؛ الله سبحانه وتعالى يختارها ويصطفيها، نحن آخرُ الأمم، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء، وخاتم الرسل، فكلّ ما كان من خير في تلك الأمم، فيه شوائب، فيه صعوبات، وما شابه ذلك، صُفِّي لهذه الأمة، فصلاتنا أحبُّ صلاة إلى الله، وصيامنا أحبُّ صيام إلى الله، وحجُّنا إلى بيت الله الحرام، وزكاتنا وتطوعاتنا هي محبوبة عند الله، اختار الله هذه العباداتِ لهذه الأمة؛ لأنه يحب من أُرسِلَ إلى هذه الأمة، يحبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم، فاختاره خليلا كما اختار إبراهيم عليه السلام خليلا، الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم خليلا، واصطفى أمته من بين الأمم، لذلك أنتم الآخرون في الدنيا، السابقون يوم القيامة، تسبقون إلى أبواب الجنة قبل غيركم من الأمم إن شاء الله، لكن استمسكوا بهدي نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

في هذا الصيام؛ تمتنع عن اللذات والملذات التي كانت حلالا، لذلك يا عباد الله! اختار الله الصحابة رضي الله تعالى عنهم في أمور منها الصيام أول الأمر، فكان صيامهم أول الأمر أنهم يفطرون عند غروب الشمس، ويمتنعون عن الطعام والشراب، والجماع وما شابه ذلك. فإذا نام أحدهم في توقيت معين، عند النوم يبدأ الإمساك، فإذا أفطرت بعد المغرب ونمت، فيكون قد بدأ صومك من جديد، وإذا صليت المغرب ونمت ولم تأكل شيئا فابقَ إلى أربع وعشرين ساعة أخرى.

 

لذلك كان في ذلك مشقة على المسلمين، وأمر صعب عليهم، فبعضهم كان يجامع أهله من تلك الليلة، كما ثبت عن عمر رضي الله تعالى عنه عندما رجع بعد صلاة العشاء يريد أهله - وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَفْطَرَ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى يُصْبِحَ -، قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَرَادَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَتْ: (إِنِّي قَدْ نِمْتُ) فَظَنَّ أَنَّهَا تَعْتَلُّ؛ فَأَتَاهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَرَادَ الطَّعَامَ، فَقَالُوا: حَتَّى نُسَخِّنَ لَكَ شَيْئًا، فَنَامَ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187][2].


ما معنى: (إني نمت؟) مُنِعت عن المتع واللذائد، والطعام والشراب، (فظن أنها تعتل) ما معنى تعتل؟ يعني تأتي بالأسباب والعلل حتى لا يقربها في تلك الليلة، فلم يقتنع بتعللها فواقعها، ثم علم صدقها، فذهب إلى النبي يشكو حاله، وإذا بمن سبقه بنفس القضية، ونفس الحادث، فجاء التخفيف من الرحمن الرحيم، ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187].

 

عَرَّفَ بداية الصوم والإمساك ونهايته، والنوم ليس له شأن في ذلك، نسخ هذا الأمر تخفيفا ورحمة على هذه الأمة.

بالله عليكم! لو بقي هذا الحكم ساري المفعول علينا في هذا الزمان؛ كيف يكون حالنا؟ إذا كان بعض الشباب الأقوياء والرجال الأشداء من المسلمين يفطر في رمضان مع هذا التخفيف، فكيف لو كان كما كان في عهد الصحابة أول الأمر رضي الله تعالى عنهم؟ لكنها رحمة الله وتيسيره على الأمة.

 

والصيام فيه مشقة، وفيه تعب، وفيه ألم الجوع، وألمُ العطش، وألم التعب، ومع ذلك خفَّف الله عن من لم يستطع؛ عن المريض والمسافر، وعن كبير السن ونحوهم.

الآن يشكوا الناس وطلبة المدارس من الامتحانات، ويبحثون عن الفتاوى والمرخصات، ويجدون!!

 

لكنَّ الحقيقة أن الاختباراتِ والامتحاناتِ المدرسيةَ والجامعيةَ ليست سببا يبيح الإطار في نهار رمضان! أن تقدم الامتحان ليس عذرا للإفطار يا طالب الثانوية! ليس عذرا لك، فمتى تفطر يا طالب الامتحانات في وقت الامتحانات؟

تسحَّر، اقرأ، ذاكر، توجه إلى الامتحان الله يعينك، فإن حصل لك طارئ أثناء النهار، ما استطعت أن تصوم فأفطر، هنا اليسر وهنا السهولة، انوِ الصيام من الليل، لا تنوِ الإفطار، فإن حصل ما يمنعك عن ذلك فمعَك عذرُك الشرعي، لا طاقة لك بالصيام.

 

أما إن كان لك طاقة، وإنما هو الكسل والتكاسل فلا، ليس عذرا من أعذار الإفطار الدراسة، والتلاوة وما شابه ذلك، وإنما يجوز لك الإفطار لعذر آخر طرأ لك؛ كالضعف أو عدم القدرة على المشي، أو إرهاق شديد.

حضر عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه إحدى بناته، وكانت حاملا، وإذا بها والظاهر أنه كان وقت حر شديد، وكانت صائمة وفي أثناء النهار يغمى عليها، ويرش عليها الماء، تصور الحامل ينزل دمها إلى (9)، يعني ضعف شديد، فماذا في وسط النهار قال لها ابن عمر؟ قال لها: أفطري وأطعمي، تفطر وتطعم عن كل يوم أفطرته، - وهذا نص الرواية عن نافع قال: (كانت بنت لابن عمر، تحت رجل من قريش، وكانت حاملا، فأصابها عطش في رمضان، فأمرها ابن عمر؛ أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا)[3].


أما طالب العلم فهو شابٌّ وقويٌّ فما ينبغي له أن يفطر، إلاَّ إن حدث له في النهار شيء فعليه عدة من أيام أخر.

لذلك يا عباد الله! هذا الصوم فيه طاعة لرب العالمين، وفيه امتثال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي صام وأمر بالصيام، وفي الصيام حِكَمٌ عظيمةٌ جدًّا.

 

فهذه المعدة التي هي طوال العام لم تتوقف لحظة عما يلقى فيها، من شراب وطعام، على ثلاث وجبات، وما بين ذلك أنتم أعلم به، فجاء الصوم تدريبا لها، وراحة لها، تطلب الطعام فلا يأتيها إلا في وقت معين، فالمعدة كما قال الأطباء القدماء: (بيت الداء، والحمية رأس الدواء)، والحمية هي الامتناع عن الأطعمة والأشربة مؤقتا، لذلك هذه المعدة تحتاج إلى راحة.

 

وأنت في طعامك وشرابك، تأكل لا تشعر بجائع ولا فقير، وفي شهر رمضان تشعر به، فتقدم له ما تيسّر من مال الله الذي أعطاك سبحانه وتعالى.

في رمضان هذا يختلف عن بقية الشهور بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين، فإذا كان شهر رمضان نفطر في الليل، فالمضربون عن الطعام من الأسرى متى يفطرون يا عباد الله؟ أكثر من ثلاثين يوما على هذه الحال، فلنتذكرهم ولو بدعوة صالحة.

 

صوم رمضان فيه عبرة وحكمة؛ بأن هذه النفس يكون لها رياضة وتدريب على أشياء هي متعودة عليها، فتمتنع عنها، يرى الطعام والشراب، ويفتح الثلاجة، وتقوى الله تمنعه من تناول شيء منها، وإن لم يرَه أحد من البشر، ولا كاميرا خفية ولا غيره، عنده مراقبة في الداخل، ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

 

عبدَ الله المسلمَ المؤمن! هذه آيات الصيام ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187] في أول الآيات، وفي آخرها، فالتقوى مخافة الله في السر والعلن.

رمضان شهر فضيل، لو أنني تكلمت عن فضائله من الآن إلى يوم العيد، ولم أنزل عن هذا المنبر، ولم تخرجوا إلى بيوتكم لما أعطيناه حقه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وعلى من اهتدى بهداه إلى يوم الدين أما بعد؛

لو حلفت بالله العظيم أيمانا مغلظة ما كنت حانثا في ماذا؟ في ما يكون في رمضان، من أول ليلة رمضان إلى ليلة العيد؛ ما يكون فيه من نزول البركات من السماوات، والرحمات والنفحات الربانية، أقول والله لو أن لها ظلاًّ وأجساما، هذه البركات والرحمات؛ لأظلمت الأرض لم نرَ شيئا من كثرة وكثافة بركاتها النازلة من عند رب الأرض والسماوات، فاغتنموا تلك الرحمات والنفحات يا عباد الله.

 

لذلك يناد المنادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، أنت الذي تريد الخير، وتصلي في غير رمضان قياما، وتصلي الضحى، وسنة الوضوء، والتطوعات لا تنسَ شهر رمضان، أقبل يا باغي الخير.

وأنت يا من تصوم؛ أمسك لسانك، أنت أيضا عما حرم الله، حتى عن الكلام الذي لا فائدة فيه، يا باغي الخير أقبل.


وأنت يا من تتصدق في غير رمضان؛ أين جودك في رمضان، حتى يبارك لك الله في نفسك، ومالك وأهلك، وفي صالح أعمالك.

يا باغي أقبل! يا من تصلحون بين الناس، كثروا جهودكم وكثفوها في رمضان؛ لأن نكون أمة واحدة، لا اختلاف بيننا، فشهر رمضان شهر توحيد هذه الأمة، أسأل الله أن يجمع المشرق في فلسطين على المغرب، نسأل الله أن يجمع الضفة على غزة، وأن نكون يدا على من سوانا اللهم آمين.

 

يا أهل رمضان، في شهر رمضان: يا باغي الشر أقصر، فسحة كبيرة جدا، ومناسبة عظيمة لمن يقترف المحرمات في غير رمضان، أن يتوقف عنها في رمضان، فرصة عظيمة جدا، يا من تشرب الترامال وغيرها من المخدرات والمسكنات أقصر، يا من تتفرج على المسلسلات المحرمات، والأفلام وما فيها من إباحيات في غير رمضان، تبْ إلى الله! يا باغي الشر أقصر.


يا من خاصمت صاحبك وأخاك، وهجرتهم ارجع لئلا يقال لك: (أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا)[4].

البركات النازلات كالمطر، وأكثر من المطر، تنزاح هذه البركات يمنة ويسرة عن أمثال هؤلاء الذين لم يقصروا عن الشر، وبقوا على المخاصمة مع إخوانهم وأهليهم وعشيرتهم.

 

رمضان شهر عظيم، فيه خيرات عظام، وفيه ليلة خير من ألف شهر، شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنان، لم يغلق منها باب منذ الليلة الأولى، ليلا ونهارا تبقى مفتحة لا يغلق منها باب.

وأبواب النيران تبقى مغلقة منذ الليلة الأولى، ولا يفتح منها باب إلى مغيب شمس آخر يوم من رمضان، اغتنموا هذه الفرص يا عباد الله.

 

فلنغتنمها في طاعة الله، في زيارة الأرحام والأقارب والأصدقاء والجيران، في تفقد الأرامل والمساكين وأصحاب الحاجات، والجود في رمضان ضاعفه يا عبد الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود ما يكون، وكان أجود ما يكون في رمضان، في رمضان يزيد جوده، فيا من تدفع درهما في غير رمضان لله، ادفع في رمضان درهمين وثلاثة ضاعف حتى يضاعف لك الأجر والثواب، التسبيحة تضاعف، والركعة تضاعف، والعمرة في رمضان جزى الله من منعنا من العمرة في رمضان بما يستحق، نتركه لله، العمرة في رمضان تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

يعني العمل الصالح في رمضان يتضاعف أجره، والسيئة في رمضان ماذا تفعل في صاحبها؟ لا نريد أن نتكلم عنها، أقلعوا عن السيئات، واستمعوا للملكين يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.

نشتاق والله إلى الجنة، والشوق إلى الجنة يحتاج إلى عمل، وإلى نية خالصة لله عز وجل، والعمل أن يكون صالحا على هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فصلوا عليه؛ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسلميا.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يارب العالمين.

اللهم فك أسر المأسورين، وسجن المسجونين، ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المديني، وأغنِ فقراءنا وفقراء المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فَرَّجته، ولا دَينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما يارب العالمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم... وأقم الصلاة؛ ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].



[1] (س) (2106).

[2] (د) (506).

[3] إسناده صحيح، من إرواء الغليل (4/ 20).

[4] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النفحات الإيمانية في الدروس الرمضانية
  • في رمضان تتنزل الرحمات وتكثر النفحات (بطاقة)

مختارات من الشبكة

  • شهر رمضان شهر مبارك وشهر عظيم(مقالة - ملفات خاصة)
  • في رحاب شهر الخيرات(مقالة - ملفات خاصة)
  • وأقبل شهر رمضان شهر القرآن(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل شهر رمضان في القرآن والسنة: رمضان شهر الرحمة والغفران والعتق من النار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استقبلوا شهر رمضان بالصلح مع الله(مقالة - ملفات خاصة)
  • رمضان شهر الخيرات وموسم البركات والنفحات شهر تفتح فيه أبواب الجنة
    (مقالة - ملفات خاصة)
  • استعراض الصحف الإيطالية لشهر رمضان 2014 في إيطاليا(مقالة - ملفات خاصة)
  • رمضان فضله وفوائده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من خصائص رمضان: شهر معظم عند المسلمين صالحهم وطالحهم، وزكاة الفطر خاصة بصيام شهر رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • شهر رمضان في الكتاب والسنة، وأحاديث منتشرة عن شهر رمضان ولا تصح(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب