• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

المنهج الدعوي المستفاد من عوامل النصر في بدر

د. أمين الدميري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/3/2017 ميلادي - 25/6/1438 هجري

الزيارات: 7778

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنهج الدعوي المستفاد من عوامل النصر في بدر

 

تبيَّن مما سبق أن النصر في بدرٍ كان تحقيقًا لإرادة الله عز وجل، ونفاذًا للقضاء الإلهي، وهو أن تكون ذاتُ الشوكة للمسلمين، وأن يُذِل الله تعالى أهلَ الشرك والعناد؛ إحقاقًا للحق وإبطالًا للباطل، فالله عز وجل هو القادر على كل شيء، يقول للشيء كن فيكون، بسبب ظاهر أو خفي، أو بغير سبب ابتداءً، لكنه سبحانه وتعالى في هذه الغزوة جعَل مِن وراء ذلك النصرِ أسبابًا ومقدِّمات يجب على المسلمين أن يدرسوها ويفهموها، ويستخلصوا منها الدروس والعِبَر، وأن يستخلصوا منها مناهجَ يسيرون عليها، ويقتفون آثارها، خصوصًا الدعاة منهم.

 

المنهج الدعوي المستفاد من (عوامل النصر في بدر) ما يلي:

ما يتعلق بالمنهج:

لا شك أن غزوة بدرٍ تُمثِّل مرحلةً جديدة من مراحل الدعوة الإسلامية، فقد تميزت هذه المرحلة بما يلي:

1- أنه أصبح للمسلمين دولةٌ، تتمثل في: الأرض، وهي المدينة المنورة، والشَّعبِ (أو الأمَّة)، وهم المهاجرون والأنصار، وقائدٍ (أو حاكم)، وهو النبي صلى الله عليه وسلم.

2- أنه تحتَّم على المسلمين الدفاع عن أنفسهم وعن دعوتهم ضد أي اعتداءٍ.

3- فرض القتال كوسيلةٍ جديدة فرضها الله عز وجل لإحقاق الحق وإبطال الباطل، ولإعزاز المسلمين وإذلال الكافرين.

 

وإذا احتكمنا إلى قوانين الحرب المعتادة، فإنه في هذه المعركة يستحيل أن يكون النصر للمسلمين؛ بسبب قلة العدد والعتاد، وعدمِ الاستعداد الكافي للمواجهة، فضلًا عن تحقيق النصر، ومع هذا تحقق النصر - بفضل الله عز وجل - الذي هيَّأ عوامل النصر؛ ومنها ما يلي:

1- النعاس.

2- المطر.

3- إنزال الملائكة والوحي إليهم بما يفعلون.

4- رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم.

5- تغيير الرؤية البصرية.

 

وهذه العوامل هي آياتٌ من آيات الله عز وجل؛ منها ما هي آيات إنسانية، ومنها ما هي آيات كونية، ومنها ما يتعلق بالأمور الغيبية، والحديثُ عن هذه الآيات ما هو إلا أحدُ مناهج الدعوة الإسلامية؛ وبيانها كما يلي:

‌أ- الآيات الإنسانية: وتتمثل في النُّعاس، والرؤيا المنامية، والرؤية البصرية.

‌ب- الآيات الكونية: وتتمثَّل في المطر.

‌ج- الملائكة والوحي إليهم بما يفعلون (وهي من أمور الغيب).

 

أ - الآيات الإنسانية:

وهي الآيات التي تتحدَّث وتُبيِّن عظمة خلق الله في الإنسان، قال تعالى: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21]، وقال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ﴾ [الروم: 20]، ومن الآيات الإنسانية التي جاء ذكرها في السورة الكريمة:

1 - النعاس: والنُّعاس هو الفتور الذي يعقبه النوم، أو هو السِّنَة الأولى قبل النوم، وهو النوم الخفيف لا المستغرق، وقد يغلب النُّعاس على الإنسان عقيب التعبِ أو السهر، أو بسبب قلة النوم، وقد جعل الله تعالى النوم سببًا لراحة العقل والحواسِّ والبدن، وهو آيةٌ من آيات الله عز وجل، جعلها نعمةً وصفة مميزة للإنسان وملازمة له؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [الروم: 23]، فالنُّعاس ظاهرة إنسانية، وأمر معتاد في الإنسان يعتريه بعد بذلِ جهد أو تعب أو سهر أو قلة نوم، ثم هو مِن مقدمات النوم استجابة لمطالب البدن والحواس الإنسانية، وهذا أمر مألوف ومعتاد، لكن غير المألوف وغير المعتاد هو ذلك النعاس الذي غشي المسلمين يوم بدر؛ لما يلي:

• أن النُّعاس غشِيهم جميعًا وفي وقت واحد، وهذه آية من الآيات التي تدل على أنه فعل الله تعالى وإرادته؛ ليزيل عنهم الخوف، ويتحقق الأمان النفسي، والراحةُ البدنية والاستجمام.

• أنه كان نُعاسًا ولم يترتب عليه نوم؛ لأن المعتاد أن النعاس غالبًا يعقبه النوم؛ لأنهم لو ناموا لهجم عليهم المشركون وهم نائمون.

• أنه كان يستحيل عليهم النُّعاس في ظل هذه الظروف الصعبة؛ فهم على وشك اللقاء مع العدو المتربِّص بهم، فكان النعاس آيةً من آيات الله، وفي هذا يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي: (والوسيلة الأساسية لاستعادة التوازن الكيميائي المناسب للإنسان هي أن نريح الجسم، وتتفاعل مواد الجسم مع نفسها ويعود طبيعيًّا؛ ولذلك نجد الإنسان حين يسهر كثيرًا ويذهب إلى النوم يشعر برجلَيْه وقد "خدلت"، وهذا نتيجة عجز مواد الجسم عن التفاعل الذي تحتاجه نتيجة اليقظة، وهذه كلها مسائل لا إرادية، بدليل أن الإنسان يرغب أحيانًا في أن ينام، ويتحايل على النوم فلا يأتيه؛ لأن النوم من العمليات المختصة بالحق سبحانه وتعالى، وهو آيةٌ من آيات الله عز وجل، ومن ضمن الآيات العجيبة) [1].

 

2 - الرؤيا المنامية:

قال تعالى: ﴿ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الأنفال: 43]، والآية الكريمة تشير إلى أن الرؤيا حقٌّ؛ لأنها من الله عز وجل، فهو الذي أَراه، وأنها مبشِّرة بالنصر، وعامل مؤثِّر في اجتماع الكلمة واستبعاد التنازع والفشل.

 

غير أن الآية الكريمة بيَّنت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى المشركين أقلَّ مما هم في واقع الأمر، فما معنى التقليل هنا؟ هل حقيقته أم نتيجته؟

يقول الدكتور مصطفى زيد:

(فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامِه أن الكفار قليل، وبفضل هذه الرؤيا اجتمعَتْ كلمة المسلمين على القتال، فسلِموا من الخوف ومن التنازع، ولكن كيف تقع هذه الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن رؤيا الأنبياء صادقة؟ إنه صلى الله عليه وسلم قدَّر عدد المشركين بألف، وأخبر بهذا العدد أصحابه، وأن هذا التقدير لم يختلف بعد الرؤيا، فالقلة إذًا لم تُقصد حقيقتها؛ وإنما قُصدت نتيجتها، وهي الضعف، ويبدو أنهم أوَّلوا رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم - وقد أخبرهم بأنه رأى الكفار في منامه قليلًا، لا أنهم قليل في الواقع - بأن بلاء الكفار سيكون قليلًا، وأن كيدهم سيكون ضعيفًا، فتجرَّؤوا وقويت قلوبهم) [2].

 

وعلى هذا، فرؤيا النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين قليلًا، إنما هو آية من آيات الله عز وجل من نواحٍ متعددة؛ منها:

الناحية الأولى: حقيقة القلة، وفيها احتمالان:

الأول: أن عدد المشركين في الواقع ألف، وأراه الله عز وجل أحجامهم أقل مما هم عليه.

الثاني: أن الله تعالى بشَّره بنزول ألف من الملائكة يضاف إلى عدد المسلمين، وهم يزيدون على الثلاثمائة، فيكون جيش المسلمين مُكوَّنًا من ألف من الملائكة وثلاثمائة ويزيد من المسلمين، والمشركون ألف، وبهذا يفوق جيش المسلمين على جيش المشركين بثلاثمائة ويزيد، ويكون المسلمون كثرة، والمشركون قلة.

 

الناحية الثانية: أن المراد بالقلة هو المحصلة والنتيجة؛ أي: كأنهم قلة أو كالقلة في قتالهم وبلائهم.

الناحية الثالثة: أن يكون المراد بالقلة هي رؤيتهم في حالة هزيلة لا يستطيعون قتالًا ولا نزالًا لشدة ضعفهم، وفي كل الأحوال كانت الرؤيا آيةً من آيات الله عز وجل التي أيَّد الله تعالى بها نبيَّه صلى الله عليه وسلم والمسلمين.

 

ب - أن هذه الرؤيا كانَتْ من بشارات النصر، كما كانت حافزًا وعاملًا من عوامل تثبيت قلوب المسلمين؛ كي يلقَوا عدوَّهم وهم واثقون من النصر.

غير أن النبوة قد ذهبت ولم يبقَ منها إلا المبشِّراتُ، وهي الرؤيا الصالحة، وهي آية من آيات الله عز وجل في النفس الإنسانية، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لم يبقَ من النبوة إلا المبشِّراتُ))، قالوا: وما المبشراتُ؟ قال: ((الرؤيا الصالحة))[3].

 

يقول ابن القيم:

(وأما رؤيا غير الأنبياء، فتُعرَض على الوحي الصريح، فإن وافقتْه، وإلا لم يُعمل بها، فإن قيل: فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة أو تواطأت؟ قلنا: متى كانت كذلك، استحال مخالفتُها للوحي، بل لا تكون إلا مطابقةً له، منبِّهة عليه، ومنبهة على اندراج قضية خاصة في حكمه، لم يعرف الرائي اندراجها فيه، فيتنبَّه بالرؤيا على ذلك، ومَن أراد أن تصدق رؤياه، فليتحرَّ الصدق، وأكل الحلال، والمحافظة على الأمر والنهي، ولينَمْ على طهارة كاملة مُستقبِل القبلة، ويذكر الله حتى تغلبه عيناه، فإن رؤياه لا تكاد تكذب ألبتة)[4].

 

ولقد كان لرؤيا عاتكة بنت عبدالمطلب شأنٌ قبيل غزوة بدر، وكانت رؤيا صحيحة، ورواها ابن هشام، قال: قال ابن إسحاق: (وقد رأَتْ عاتكة بنت عبدالمطلب قبل قدوم ضمضم مكةَ بثلاث ليالٍ - رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبدالمطلب، فقالت له: يا أخي، والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفزعَتْني، وتخوَّفت أن يدخل على قومك منها شرٌّ ومصيبة، فاكتُمْ عني ما أحدِّثك به، فقال لها: وما رأيتِ؟ قالت: رأيتُ راكبًا أقبل على بعيرٍ له، حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته: ألا انفروا يا لَغُدُر لمصارعكم في ثلاثٍ، ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تَهْوِي حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضَّت (تفتت)، فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دارٌ إلا دخلتها منها فلقةٌ، قال العباس: والله إن هذه لرؤيا، وأنتِ فاكتميها، ولا تذكريها لأحد، وانتشرت الرؤيا في قريش، قال العباس: فغدوتُ لأطوف بالبيت وأبو جهل بن هشام في رهطٍ من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا بني عبدالمطلب، متى حدثت فيكم هذه النبيَّة؟ أما رضيتم أن يتنبأ رجالُكم حتى يتنبأ نساؤكم؟ قد زعمَتْ عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يك حقًّا ما تقول فسيكون، وإن تمضِ الثلاث ولم يكن من ذلك شيء، نكتبْ عليكم كتابًا أنكم أكذب أهل بيت في العرب، قال العباس: فغدوتُ في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة، وأنا حديدٌ مغضب، وأبو جهل خارج نحو باب المسجد يشتدُّ، وإذا هو قد سمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري، وهو يصرخ ببطن الوادي واقفًا على بعيره وقد شق قميصه، وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة! (أي الإبل التي تحمل البز والطيب)، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوثَ الغوثَ! فتجهز الناس سراعًا)[5]، وفي هذا - أيضًا - دليل على صحة رؤيا الكافر[6].

 

ومِن هنا، فعلى الداعي أن يسلك منهج القرآن الكريم في الدعوة إلى الله، في بيان ألوان الإعجاز، وإبراز الآيات الإنسانية لمعرفة الله عز وجل وتوحيده.

 

ب - الآيات الكونية:

وهي الآيات التي تُبيِّن قدرة الله وعظمته في خلق الكون، كالسموات والأرض وما فيها من نجوم وكواكب، والشمس والقمر، وغير ذلك؛ كالسحاب والمطر والهواء، والليل والنهار وتعاقبهما، فإن منهج القرآن الكريم في الدعوة إلى الله عز وجل يدعو إلى النظر والتفكير في هذه الآيات، وهي الطريق إلى معرفة الله عز وجل، قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190].

 

ومن الآيات الكونية في السورة الكريمة: المطر، قال تعالى: ﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾ [الأنفال: 11]، وتُشير الآية الكريمة إلى أن تنزيل المطر من السماء كان له فوائد وأهداف، هي: التطهير، وذهاب رجز الشيطان، والربط على القلوب وتثبيت الأقدام، بَيْدَ أن المطر آيةٌ من آيات الله عز وجل جعله سببًا للنماء ولسقي النبات والإنسان والحيوان، قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الفرقان: 48 - 50].

 

أما أن يكون المطر عاملًا من عوامل النصر في بدر، فتلك آيةٌ أخرى تحمل معانيَ كثيرة؛ منها: أن هذا الكون مسخَّر لله عز وجل، والظواهر الكونية مسخَّرة أيضًا تحت قهر الله تعالى وسلطانه، وهذه الظواهر تسير وَفْقَ نظامٍ محكم ثابت، وقد تكون رحمة وقد تكون عذابًا، فالمطر آية من آيات الله، وجندٌ من جنوده، قد يخدم الإنسان، وقد يضرُّه أو يُهلِكه؛ فقد أهلك الله عز وجل قومَ نوح عليه السلام - لما كذَّبوه - بالماء النازل من السماء، والمتفجِّر من ينابيع الأرض، قال تعالى: ﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾ [القمر: 11، 12].

 

وقد يكون المطرُ للخير والنماء، وإحياء الأرض بعد موتها أو جدبها، وتلك آية أخرى، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فصلت: 39]، والمطر الذي نزل يوم بدر كان خادمًا ومُعينًا، وعاملًا من عوامل نصر المسلمين، وفي ذات الوقت كان مخذِّلًا وعائقًا وعاملًا من عوامل هزيمة الكافرين، والمطرُ هو المطر، والأرض هي الأرض، والزمان هو الزمان، وتلك آيةٌ من آيات الله عز وجل.

 

والثبات عند المواجهة وفي ساحة القتال من أهمِّ عوامل النصر، وكان تثبيت الله عز وجل للمسلمين المقاتلين في بدر بثلاثة أمور:

الأول: المطر.

الثاني: الملائكة ﴿ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الأنفال: 12].

الثالث: أمرهم بالثبات، كما في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45].



[1] تفسير الشعراوي: (خواطر حول القرآن الكريم)، ص 4594، طبع أخبار اليوم.

[2] سورة الأنفال عرض وتفسير، مكتبة دار العلوم، ط5، 1975م، ص 175.

[3] مختصر صحيح البخاري؛ للزبيدي، كتاب التعبير، باب المبشرات، ص 453 (مرجع سابق).

[4] مدارج السالكين - مرجع سابق، ج1، ص 59.

[5] السيرة النبوية، ج2، ص 181، (والبز: الثياب والأمتعة).

[6] راجع: روح المعاني، ج7، ص 349.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ليلة بدر
  • بين يدي بدر

مختارات من الشبكة

  • مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة العاشرة: أضواء على المنهج العقدي في وصايا لقمان)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • المنهج التاريخي: نشأته وتقاطعاته مع المنهج الوصفي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المنهج التاريخي عند المؤرخين العراقيين في القرن الثالث الهجري: المنهج الحولي والموضوعي نموذجا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سيد المناهج (المنهج الوصفي)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المنهج الدعوي المستفاد من آيات الجنوح إلى السلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة السادسة: تابع منهج الإمام الطبري في التفسير)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • المنهج التاريخي والمنهج المقارن في الدراسات الصوتية والصرفية العربية الحديثة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • منهج لم الشتات (المنهج المقارن)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب