• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تبديد الخوف من المستقبل المجهول (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    عظة مع انقضاء العام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العلي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من فوائد الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن محمدا رسول الله صلى الله ...
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (16)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    مناجاة
    دحان القباتلي
  •  
    قاعدة الخراج بالضمان (PDF)
    عمر عبدالكريم التويجري
  •  
    خاطرة: ((شر الناس منزلة عند الله))
    بكر البعداني
  •  
    من مائدة السيرة: بدء الوحي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    همسة حاضر في ذكرى غائب
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    واو الحال وواو المصاحبة في ميزان التعريف
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    خطبة: أهمية طلب العلم في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

حديث عن العطاء

حديث عن العطاء
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/3/2017 ميلادي - 20/6/1438 هجري

الزيارات: 132816

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث عن العطاء

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في عَصرٍ تَنَامَت فِيهِ المَادِّيَّةُ، وَطَغَت عَلَى النُّفُوسِ النَّظرَةُ الفَردِيَّةُ، وَاشتَدَّتِ الأَثَرَةُ وَكَادَ الإِيثَارُ يَختَفِي مِن حَيَاةِ العَامَّةِ، وَصَارَ كَثِيرُونَ يُحِبُّونَ أَنفُسَهُم أَكثَرَ مِمَّا يَنبَغِي، وَأَصبَحَ المَرءُ لا يُفَكِّرُ إِلاَّ في الأَخذِ وَحِيَازَةِ مَا تُحِبُّهُ نَفسُهُ، مُلتَفِتًا عَنِ الآخَرِينَ غَيرَ مُهتَمٍّ بهم، صَارَ مِنَ الضَّرُورِيِّ الحَدِيثُ عَن خُلُقٍ مِن أَخلاقِ المُتَّقِينَ وَالعُظَمَاءِ، ذَلِكُم هُوَ البَذلُ وَالعَطَاءُ وَالسَّخَاءُ.

 

وَمَعَ أَنَّ الشُّحَّ غَالِبٌ عَلَى النُّفُوسِ كَمَا قَالَ - سُبحَانَهُ -: " وَأُحضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ " إِلاَّ أَنَّهَا حِينَ تَستَقِيمُ القُلُوبُ عَلَى الإِيمَانِ، وَتَمتَلِئُ الجَوَانِحُ بِالرَّغبَةِ فِيمَا عِندَ الرَّحِيمِ الرَّحمَنِ، فَإِنَّ أَخلاقَ النُّفُوسِ حِينَئِذٍ تَتَغَيَّرُ وَتَتَبَدَّلُ، فَيَحُلُّ فِيهَا العَطَاءُ مَحَلَّ المَنعِ، وَالإِيثَارُ مَكَانَ الأَثَرَةِ، وَالجُودُ بَدَلاً مِنَ البُخلِ، وَيَقوَى فِيهَا حُبُّ الخَيرِ لِلآخَرِينَ وَإِرَادَتُهُ لهم، حتى لَرُبَّمَا فَاقَ حُبَّ النَّفسِ عِندَ بَعضِ الأَجوَادِ الكِرَامِ، تَخَلُّقًا مِنهُم بِخُلُقِ الإِسلامِ، الَّذِي دَعَا إِلى مَحَبَّةِ الخَيرِ لِلآخَرِينَ، حَيثُ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: "لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ".

 

وَحِينَ يُذكَرُ العَطَاءُ وَالإِيثَارُ وَيُمدَحُ أَهلُهُ، يَتَبَادَرُ إِلى الأَذهَانِ نَوعٌ وَاحِدٌ مِنَ العَطَاءِ، فَتَتَصَوَّرُ العُقُولُ يَدًا مَمدُودَةً تَبذَلُ المَالَ بِسَخَاءٍ، أَو كَرِيمًا يَدعُو النَّاسَ إِلى مَوَائِدِ الطَّعَامِ في صُبحٍ وَمَسَاءٍ، وَايمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ نَوعًا عَظِيمًا مِنَ الجُودِ، اشتَهَرَ بِهِ رِجَالٌ في القَدِيمِ وَالحَدِيثِ، فَخُلِّدَت أَسمَاؤُهُم وَذُكِرَت أَفعَالُهُم، وَمَا زَالَ النَّاسُ يَمدَحُونَهُم وَيُثنُونَ عَلَيهُم بِخَيرٍ وَيَدَعُونَ لَهُم، فَإِنَّهُ لَيسَ هُوَ المَعنى الوَحِيدَ لِلعَطَاءِ، فَقَد يَتَكَلَّفُهُ أَقوَامٌ لِمَصَالِحَ قَرِيبَةٍ، أَو طَلَبًا لِمَدحٍ أَو خَوفًا مِن ذَمٍّ، في حِينِ أَنَّ نُفُوسَهُم تَنطَوِي عَلَى شُحٍّ عَظِيمٍ، وَفي صُدُورِهِم مِنَ الضِّيقِ وَالحَرَجِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، مِمَّا تَكشِفُهُ الأَيَّامُ في مَوَاقِفِ الحَيَاةِ المُتَعَدِّدَةِ، الَّتي تَتَبَيَّنُ فِيهَا مَعَادِنُ الرِّجَالِ وَتُبلَى أَخبَارُهُم، وَيَتَمَيَّزُ صِدقُهُم مِن كَذِبِهِم، وَيَنجَلِي فِيهَا المَعنى الحَقِيقِيُّ لِلعَطَاءِ، وَقَد قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّكُم لَن تَسَعُوا النَّاسَ بِأَموَالِكُم، وَلَكِنْ يَسَعُهُم مِنكُمُ بَسطُ الوَجهِ وَحُسنُ الخُلُقِ " رَوَاهُ أَبُو يَعلَى وَالبَزَّارُ وَقَالُ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ لِغَيرِهِ.

 

إِنَّ ثَمَّةَ جَوَانِبَ كَثِيرَةً وَمَوَاقِفَ عَدِيدَةً، يَظهَرُ فِيهَا العَطَاءُ وَيَبرُزُ السَّخَاءُ، وَيُعرَفُ بها جُودُ النُّفُوسِ وَيُمَيَّزُ كَرَمُهَا، فَتَعلِيمُ النَّاسِ الخَيرَ، وَقَضَاءُ حَاجَاتِهِم، وَحُسنُ الخُلُقِ مَعَهُم وَالتَّوَاضُعُ لَهُم، وَالصِّدقُ في الوَعدِ وَالوَفَاءُ بِالعَهدِ، وَالدُّعَاءُ لِلآخَرِينَ بِصِدقٍ، وَالعَفوُ عَنِ الإِسَاءَةِ وَالصَّفحُ عَنِ الخَطَأِ وَتَنَاسِي الزَّلاَّتِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَلِينُ الجَانِبِ مَعَ الأَقَارِبِ، وَالإِحسَانُ إِلى الجَارِ وَإِكرَامُ الضَّيفِ، وَالتَّلَطُّفُ لِلزَّوجَةِ وَالعَطَفُ عَلَى الأَبنَاءِ، وَالتَّخفِيفُ عَلَى العُمَّالِ وَالخَدَمِ وَالأُجَرَاءِ، وَزِيَارَةُ المَرضَى وَمُوَاسَاتُهُم، وَخِدمَةُ المُوَظَّفِ لِمُرَاجِعِيهِ بِأَرِيحِيَّةٍ وَتَيسِيرُ أُمُورِهِم، كُلُّ ذَلِكَ عَطَاءٌ وَأَيُّ عَطَاءٍ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " تَبَسُّمُكَ في وَجهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَأَمرُكَ بِالمَعرُوفِ وَنَهيُكَ عَنِ المُنكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرشَادُكَ الرَّجُلَ في أَرضِ الضَّلالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الأَذَى وَالشَّوكِ وَالعَظمِ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفرَاغُكَ مِن دَلوِكَ في دَلوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَن عَاشَ حَيَاتَهُ وَهُوَ لا يُفَكِّرُ إِلاَّ في الأَخذِ فَحَسبُ، فَلا وَاللَّهِ مَا عاشَهَا وَلا أَحَسَّ بِطَعمِهَا وَلا ذَاقَ أَحلَى مَا فِيهَا، وَإِنَّمَا يَعِيشُ المَرءُ الحَيَاةَ بِجَمَالِهَا وَيَذُوقُ لَذَّتَهَا، إِذَا كَانَ بِحَقٍّ مِن أَهلِ العَطَاءِ.

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ حَيَاتَنَا الدُّنيَا قَصِيرَةٌ جِدُّ قَصِيرَةٍ، وَمِن وَرَائِهَا حَيَاةُ جَزَاءٍ مُمتَدَّةٌ طَوِيلَةٌ، فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن أَن يَستَبِدَّ بِنَا الشُّحُّ وَتَستَوليَ عَلى قُلُوبِنَا الأَثَرَةُ وَالبُخلُ، غَيرَ مُنتَبِهِينَ إِلى أَنَّهُ ﴿ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ﴾ [محمد: 38] وَأَنَّنَا حِينَ نَبخَلُ فَإِنَّنَا نَحرِمُ أَنفُسَنَا فُرَصَ الاِستِثمَارِ الحَقِيقِيِّ في أَغلَى مَا نَملِكُهُ مِن أَوقَاتٍ وَقُوَّةٍ، وَمَا أُوتِيَنَاهُ مِن مَالٍ أَو جَاهٍ، ثُمَّ لا نَشعُرُ إِلاَّ وَكُلُّ هَذِهِ المُكتَسَبَاتِ قَد تَسَلَّلَت مِن بَينِ أَيدِينَا وَابتَعَدَت عَنَّا، وَنَحنُ لم نُقَدِّمْ مَا يَنفَعُنَا في قُبُورِنَا، وَيَذكُرُنَا النَّاسُ بِسَبَبِهِ بِالخَيرِ بَعدَ مَمَاتِنَا، فَيَدَعُونَ لَنَا وَتَتَضَاعَفُ بِهِ حَسَنَاتُنَا، وَنَنجُو في أُخرَانَا.

 

إِنَّ عَلَينَا إِذَا أَرَدنَا حَيَاةً هَنِيَّةً وَمِيتَةً سَوِيَّةً، وَعَيشًا سَعِيدًا وَأَثَرًا بَعِيدًا، أَن نَزِيدَ عَطَاءَنَا في الخَيرِ، وَنُضَاعِفَ خُطُوَاتِنَا في البِرِّ، وَأَن نَتَخَلَّصَ مِنَ البُخلِ وَنَخلَعَ ثِيَابَ الشُّحِّ، وَنُنَقِّيَ قُلُوبَنَا مِنَ الأَثَرَةِ وَحُبِّ الذَّوَاتِ، وَنَزدَادَ شُعُورًا بِأَنَّ لِمَن حَولَنَا حَاجَاتٍ كَمَا أَنَّ لَنَا حَاجَاتٍ، فَنُفسِحَ لَهُم فُرَصًا مِن أَوقَاتِنَا، وَنُعطِيَهُم شَيئًا مِن أَموَالِنَا، وَنَهَبَ لُهُم الحُبَّ وَالوُدَّ، وَنُغدِقَ عَلَيهِم مِنَ الحَنَانِ وَالعَطفِ، وَنُسعِدَهُم بِالعَفوِ وَالصَّفحِ، وَنَجُودَ عَلَيهِم وَنُشعِرَهُم بِقِيمَتِهِم، وَنُعطِيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَنُؤثِّرَ عَلَى أَنَفُسِنَا؛ فَذَلِكَ طَرِيقُ الفَلاحِ، قَالَ - تَعَالى - في مَدحِ الأَنصَارِ: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

♦ ♦ ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ لِلعَطَاءِ لَذَّةً لا يَطعَمُهَا إِلاَّ مَن أَعطَى ثم أَعطَى ثم أَعطَى، غَيرَ مُنتَظِرٍ مِنَ النَّاسِ جَزَاءً وَلا شُكُورًا، أَجَلْ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّهُ لا يَبلُغُ امرُؤٌ حَقِيقَةَ العَطَاءِ وَهُوَ لا يُعطِي إِلاَّ مَن أَعطَاهُ، وَلا يُحسِنُ إِلاَّ لِمَن أَحسَنَ إِلَيهِ، وَلا يَصِلُ إِلاَّ مَن وَصَلَهُ، فَذَاكَ في الحَقِيقَةِ مُكَافِئٌ قَدِ استَوفى حَقَّهُ مِنَ النَّاسِ، فَوَجَبَ عَلَيهِ حَقُّهُم بِلا مَنٍّ مِنهُ وَلا تَكَرُّمٍ، وَإِنَّمَا المُعطِي عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ مَن وَصَلَ مَن قَطَعَهُ، وَأَعطَى مَن حَرَمَهُ، وَعَفَا عَمَّن ظَلَمَهُ، بَل وَأَحسَنَ إِلى مَن أَسَاءَ إِلَيهِ،،،،

لَيسَ الكَرِيمُ الَّذِي يُعطِي عَطِيَّتَهُ
عَلَى الثَّنَاءِ وَإِنْ أَغلَى بِهِ الثَّمَنَا
بَلِ الكَرِيمُ الَّذِي يُعطِي عَطِيَّتَهُ
لِغَيرَ شَيءٍ سِوَى استِحسَانِهِ الحَسَنَا


أَيُّهَا الإِخوَةُ، لا يَملِكُ إِنسَانٌ أَن يَكُونَ مِعطَاءً عَلَى الحَقِيقَةِ، حَتَّى يَشمَلَ بِعَطَائِهِ كُلَّ مَن حَولَهُ مِن أَقَارِبَ وَأَبَاعِدَ، وَمُوَافِقِينَ وَمُخَالِفِينَ، وَأَولِيَاءٍ وَأَعدَاءٍ، وَأَمَّا حِينَ يُعطِي بَعضًا وَيَحرِمُ بَعضًا، وَيَجُودُ في مَوضِعٍ دُونَ آخَرَ، وَيُقبِلُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَيُعرِضُ عَمَّن يَشَاءُ، فَاعلَمْ أَنَّهُ لم يَعرِفِ الجُودَ الحَقِيقِيَّ، وَإِنَّهَا لَمُفَارَقَةٌ عَجِيبَةٌ، أَن يَتَكَلَّفَ المَرءُ الأَخلاقَ الحَسَنَةَ مَعَ النَّاسِ وَيَكُونَ مَعَهُم مُتَسَامِحًا، ثُمَّ يَترُكَ وَالِدَيهِ وَرَاءَهُ يَبكِيَانِ شُحَّ نَفسِهِ عَلَيهِمَا، وَيَشكُوَانِ ضِيقَ صَدرِهِ مَعَهُمَا، مُفَارَقَةٌ غَرِيبَةٌ أَن يَبَرَّ المَرءُ زُمَلاءَهُ وَأَصدِقَاءَهُ، ثُمَّ يَحتَجِبَ دُونَ رَحِمِهِ مِن أَعمَامٍ أَو أَخوَالٍ، تَنَاقُضٌ وَاضِحٌ أَن يَتَحَمَّلَ المَرءُ الزَّلاَّتِ وَلَو كَبُرَت مِمَّن لَهُ عِندَهُم حَاجَةٌ، ثُمَّ يَمكُثَ السِّنِينَ الطِّوَالَ حَامِلاً عَلَى قَرِيبٍ أَو نَسِيبٍ أَو صِهرٍ أَو جَارٍ؛ لأَنَّهُ لا يَرجُوهُ في دُنيَاهُ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللَّهَ وَلْنَحذَرْ شُحَّ النُّفُوسِ وَضِيقَ العَطَنِ وَحَرَجَ الصَّدرِ، وَلْنَستَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ العَدُوِّ اللَّدُودِ، وَلْنَتَقَرَّبْ إِلى الرَّحِيمِ الوَدُودِ، فَإِنّنَا مَهْمَا نُعْطِ مَن حَولَنَا، وَنَحتَسِبِ الأَجرَ فِي إِسعَادِ الآخَرِينَ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ في الحَقِيقَةِ أَخذٌ لأَثمَنِ مَا عِندَ أُولَئِكَ مِن خَالِصِ دُعَائِهِم وَصَادِقِ ثَنَائِهِم، وَمَحَبَّةِ قُلُوبِهِم وَرِضَا نُفُوسِهِم، وَقَبلَ ذَلِكَ وَبَعدَهُ نَنَالُ مَحَبَّةَ الرَّحمَنِ وَدُخُولَ الجِنَانِ ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾ [الليل: 5، 11].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خير العطاء وأوسعه
  • معاني العطاء
  • التربية بالعطاء
  • أدرك ما لا يترك
  • عطاء غير مجذوذ

مختارات من الشبكة

  • مضادات حيوية في الحياة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فعل الخيرات ومفاهيم إعجازية للعطاء والوقاية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العطاءات الربانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 20/3/1434 هـ - فضل العطاء والسخاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحت شعار الصدقة إفطار خيري لمسلمات القرم يعزز قيم العطاء(مقالة - ملفات خاصة)
  • من واجبات المربي والمعلم (4): العدل في العطاء بين الأبناء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لذة العطاء .. يؤتي الحكمة من يشاء(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • كن إيجابيا في الحياة تكن فاعلا في العطاء (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عظمة العطاء والجود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كن إيجابيا في الحياة تكن فاعلا في العطاء (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/12/1446هـ - الساعة: 17:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب