• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (15)

جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (15)
د. أيمن محمود مهدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/2/2017 ميلادي - 29/5/1438 هجري

الزيارات: 21062

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (15)


أدرك الصحابةُ الكرامُ رضوان الله عليهم مكانةَ السُّنة النبوية المطهَّرة، وعرَفوا قدرها، واستوعبوا النصوص الآمِرة بتبليغ العلم، وأحَبُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًّا شديدًا، فازدادوا قربًا من النبي صلى الله عليه وسلم، واستماعًا لأحاديثه، وتطبيقًا لها، ونقلوها إلى مَن بعدهم على أحسن ما يكون النقل.

 

والناظر في كتب العلم يُدرِك بوضوح أن للصحابة رضوان الله عليهم جهودًا جبَّارة في خدمة الحديث النبوي، استطاعوا عن طريقِها أن يحفظوا سُنةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ينقلوها إلى الأجيال التالية غضَّةً طرية، كما أرادها الله عز وجل ورسولُه صلى الله عليه وسلم، واستطاعوا أن يصِلوا إلى هذه النتيجة عن طريقِ جهود ضخمة، ولقد أثمرت هذه الجهود حفظَ السُّنة في الصدور، وفهمَها بالعقول، وتدوينها في الكتب، ونشرها وإذاعتَها بين الناس، وتطبيقَها في كل مجالات الحياة.

 

وسأذكرُ أبرز هذه الجهود، التي يتبيَّن من خلالها الجهدُ الذي بذلوه من أجل خدمة السُّنة، والطريقة التي اتَّبعوها من أجل صيانتها والحفاظِ عليها.

 

الخامس عشر

كتابة الحديث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته

القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع، ولقد تنافَس الصحابة رضوان الله عليهم في حفظِه في الصدور، وكتابته على الرقاع والحجارة والجِلد، وغير ذلك، حتى جُمِع في مصحفٍ واحد بعد ذلك.

ورغم أهمية السُّنة، وحرص الصحابة رضوان الله عليهم على حفظها وصيانتها، فإنها لم تُدوَّن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تدوينًا رسميًّا كما دُوِّن القرآن، بل صحَّ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن كتابتِها؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تكتُبوا عني، ومَن كتب عني غيرَ القرآن، فليَمْحُه، وحدِّثوا عني ولا حرج، ومَن كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوَّأ مقعده من النار))[1].


وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أنهم استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في أن يكتبوا عنه، فلم يأذن لهم)[2]، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابَه عن كتابة الحديث في هذا الوقت؛ لعدة أسباب؛ من أهمها:

1- الخوف من اختلاط القرآن بالسُّنة، فمِن الممكن أن تختلط بعضُ أقوال النبي صلى الله عليه وسلم الموجَزة الحكيمة بالقرآن، سهوًا مِن غير عمد، وذلك خطر على القرآن، ويفتح بابَ الشك فيه، خاصة أنهما مِن الممكن أن يُكتبَا في صحيفة واحدة.

2- خشية انشغالهم بالسُّنن عن القرآن، ولم يحفظوه بعدُ.

3- قلَّة عدد الكتَّاب، والاحتياج إليهم لكتابة القرآن.


وقد جاءت أحاديثُ كثيرةٌ تثبت جواز الكتابة، بل ووقوعها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقيام بعض الصحابة رضوان الله عليهم بذلك؛ ومِن أشهر هذه الأحاديث:

1- عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهقال: كنتُ أكتب كل شيء أسمعُه مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهَتْني قريشٌ، وقالوا: أتكتبُ كل شيء تسمعه، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بأصبعه إلى فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((اكتُبْ، فوالَّذي نفسي بيده ما يخرُج منه إلا حقٌّ))[3].


2- عن أبي جُحيفة قال: قلتُ لعلي رضي الله عنه: هل عندكم كتابٌ؟ قال: لا، إلا كتاب الله، أو فهمٌ أُعطِيَه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفـة، قال: قلتُ: فما في هذه الصحيفـة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يُقتَل مسلمٌ بكافر[4].


3- عن أبي هريرة رضي الله عنهقال: ما مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثًا عنه مني، إلا ما كان من عبدالله بن عمرو رضي الله عنه؛فإنه كان يكتب ولا أكتب[5].


4- وعن أبي قبيل قال: كنا عند عبدالله بن عمرو بن العاص، وسئل: أي المدينتين تفتح أولًا: القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبدالله بصندوق له حلق، قال: فأخرَج منه كتابًا، قال: فقال عبدالله: بينما نحن حولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب؛ إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ المدينتين تفتح أولًا: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مدينة هرقل تفتح أولًا))؛ يعني قسطنطينيَّة"[6].


5- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لَمَّا فَتَح الله على رسولِه صلى الله عليه وسلم مكةَ، قام في الناسِ فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن الله حبس عن مكةَ الفيل، وسلَّط عليها رسولَه والمؤمنين...))، الحديث، فقام أبو شاه - رجل من أهل اليمن - فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتبوا لأبي شاه))، قلت للأوزاعي: ما قوله: اكتبوا لي يا رسول الله؟ قال: هذه الخطبة التي سمِعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم[7].


6- عن ابن عباس رضي الله عنهقال: لَمَّا اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعُه، قال: ((ائتوني بكتابٍ أكتب لكم كتابًا لا تضلُّوا بعده))، قال عمر رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتابُ الله حسبنا، فاختَلَفوا، وكثر اللغط، قال صلى الله عليه وسلم: ((قُوموا عنِّي، ولا ينبغي عندي التنازع))، فخرج ابن عباس رضي الله عنهيقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه[8].


والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد جاء عن الصحابة ما يفيد كتابتهم للحديث، أو سماحَهم لمن يكتب عنهم، بل أمرهم بالكتابة أحيانًا؛ ومن ذلك:

1- قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قيِّدوا العلم بالكتاب[9].

ولا يعارض هذا ما جاء عن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه- إن صح - أنه أراد أن يكتب السُّنن، فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفِق عمر رضي الله عنهيستخير الله عز وجل فيها شهرًا، ثم أصبح يومًا وقد عزم الله عز وجل له، فقال: إني كنتُ أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قومًا كانوا قبلكم، كتبوا كتبًا فأكَبوا عليها، وتركوا كتاب الله تعالى، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدًا[10].


لأن الذي نُقل عن عمر رضي الله عنهمحمولٌ على:

أولًا: خوفه أن يُتَّخَذ مع القرآن كتاب يضاهَى به.

ثانيًا: خوفه أن يتَّكِل الكاتب على ما كتب، فلا يحفظ[11]، فتضعفَ مَلَكة الحفظ التي تميَّز بها العرب.

ثالثًا: خوفه أن تقع هذه الكتب في أيدي مَن لا يفهمها، أو يضعها في غير موضعها، ويؤكد هذا ما جاء عن أبي نضرة قال: قُلْنا لأبي سعيد رضي الله عنه: لو كتبتُم لنا، فإنا لا نحفظ؟ قال: لا نكتبكم، ولا نجعلُها مصاحف، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّثنا فنحفظ، فاحفظوا عنا كما كنا نحفظ عن نبيِّكم[12].

2- وعن معن قال: أخرَج إليَّ عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود كتابًا، وحلف لي أنه خطُّ أبيه رضي الله عنه بيده[13].

3- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قيِّدوا العلم بالكتاب[14].

4- وعن سعيد بن جُبير قال: كنت أكتب عند ابن عباس رضي الله عنه في صحيفة، وأكتب في نعلي[15].

وقال أيضًا: كنت أجلس إلى ابن عباس رضي الله عنه فأكتب في الصحيفة حتى تمتلئ، ثم أقلب نعليَّ، فأكتب في ظهورهما[16].

فالنهي عن الكتابة كان لأسبابٍ خاصة، ولظروف وملابسات خاصة، فلما زالت أسبابُ النهي، انعقَد الإجماع على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على مَن خشي عليه النسيان ممن يتعيَّن عليه تبليغ العلم[17].


وهناك تعارضٌ واضح بين الأحاديث الناهية عن كتابة الحديث، والأحاديث التي تبيحها، وقد حاول العلماء الترجيح أو التأليف والتوفيق بينها بعدَّة أوجه:

1- قال بعض العلماء: النهي متقدِّم والإذن متأخِّر؛ فالأول منسوخ والثاني ناسخ، واستدلوا على ذلك بأن حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتبوا لأبي شاه متأخِّرٌ؛ لأنه كان عام الفتح سنة ثمانٍ من الهجرة، وكذلك إخبار أبي هريرة رضي الله عنهأن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهكان يكتب - متأخرٌ؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنهقدم المدينة سنة سبع من الهجرة، ونقل ذلك بعد إسلامه.

2- وقيل: النهي خاصٌّ بمَن خُشِي منه الاتِّكال على الكتابة دون الحفظ، والإذن لمن أمن منه ذلك.

3- وقيل: النهي خاص بوقت نزول القرآن؛ خشية اختلاطه بالسُّنة، والإذن في غير ذلك.

4- وقيل: النهي خاص بكتابة القرآن والسُّنة في صحيفة واحدة، وجائز فيما دون ذلك.

5- النهي خاص بمَن لا يؤمن عليه الغلط والخلط بين القرآن والسُّنة، أما الإذن، فهو خاص بمن أمن عليه ذلك[18].


5- ومِن الأقوال الوجيهة والجديرة بالاحترام في هذا الموضوع ما قاله الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله قال: "وأعتقد أنه ليس هناك تعارض حقيقي بين أحاديث النهي وأحاديث الإذن، إذا فهِمنا النهي على أنه نهي عن التدوين الرسمي كما كان يُدوَّن القرآن، وأما الإذن، فهو سماح بتدوين نصوص من السُّنة لظروف وملابسات خاصة، أو سماح لبعض الصحابة الذين كانوا يكتبون السُّنة لأنفسهم، والتأمل في نص حديث النهي قد يؤيِّد هذا الفهمَ؛ إذ جاء عامًّا مخاطبًا فيه الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا"[19].


قال ابن الصلاح:

اختلف الصدر الأول رضوان الله عليهم في كتابة الحديث، فمنهم مَن كره كتابة الحديث والعلم وأمَروا بحفظه، ومنهم مَن أجاز ذلك، ثم ذكر بعض مَن رُوي عنه كراهة الكتابة، ومَن روي عنه إباحة الكتابة، ثم قال: ولعله صلى الله عليه وسلم أذِن في الكتابة عنه لمَن خُشِي عليه النسيان، ونهى عن الكتابة عنه مَن وثق بحفظه مخافةَ الاتِّكال على الكتاب، أو نهى عن كتابة ذلك حين خاف عليهم اختلاط ذلك بصحف القرآن العظيم، وأذن في كتابته حين أمن من ذلك.


ثم قال: ثم إنه زال ذلك الخلافُ، وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الآخرة[20].


وقال الذهبي: انعقد الإجماع بعد اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم على الجواز والاستحباب لتقييد العلم بالكتابة، والظاهر أن النهي كان أولًا؛ لتتوفر هممهم على القرآن الكريم وحده، وليمتاز القرآن الكريم بالكتابة عما سواه من السنن النبوية، فيؤمَن اللبس، فلما زال المحذور واللبس، ووضح أن القرآن لا يشتبه بكلام الناس، أذن في كتابة العلم[21].


قال ابن القيم: قد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الكتابة والإذن فيها، والإذن متأخِّر، فيكون ناسخًا لحديث النهي؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة الفتح: ((اكتبوا لأبي شاه))؛ يعني: خطبته التي سأل أبو شاه كتابتَها، وأذِن لعبدالله بن عمرو رضي الله عنهفي الكتابة، وحديثه متأخِّر عن النهي؛ لأنه لم يزل يكتب، ومات وعنده كتابته، وهي الصحيفة التي كان يسمِّيها الصادقة، ولو كان النهي عن الكتابة متأخرًا، لمحاها عبدالله رضي الله عنه؛ لأمرِ النبي صلى الله عليه وسلم بمَحْوِ ما كُتِب عنه غير القرآن، فلما لم يَمْحُها وأثبتها، دلَّ على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها، وهذا واضح.


ثم قال: وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابةِ غير القرآن في أول الإسلام؛ لئلا يختلط القرآن بغيره، فلما عُلِم القرآن وتميَّز، وأُفرِد بالضبط والحفظ، وأُمنت عليه مفسدة الاختلاط، أذِن في الكتابة، وقد قال بعضهم: إنما كان النهي عن كتابة مخصوصة، وهي: أن يجمع بين كتابة الحديث والقرآن في صحيفة واحدة؛ خشية الالتباس، وكان بعض السلف يكره الكتابة مطلقًا، وكان بعضهم يُرخِّص فيها حتى يحفظ، فإذا حفِظ محاها، وقد وقع الاتفاق على جواز الكتابة وإبقائها، ولولا الكتابة ما كان بأيدينا اليوم من السُّنة إلا أقل القليل[22].


وهكذا اتَّضح لنا مِن خلال العرض السابق ما بذله الصحابة رضوان الله عليهم من جهود ضخمة، بُغْيةَ الحفاظ على السُّنة النبوية المطهرة، وحفظًا لها من الضياع، رضي الله عنهم وأرضاهم، وألحقنا بهم في الفردوس الأعلى بمنِّه وكرمه، آمين.



[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب التثبُّت في الحديث، وحكم كتابة العلم 4 / 2298، رقم: 3004.

[2] أخرجه الدارمي بلفظه في مقدمة سننه، باب مَن لم ير كتابة الحديث 1 / 131، رقم: 451، وأخرجه بنحوه: الترمذي في سننه، كتاب العلم، باب ما جاء في كراهية كتابة العلم 4/ 303، رقم: 2674، وأورده الألباني في صحيح الترمذي 2 / 339، رقم: 2147، قلتُ: إسناد الدارمي صحيح ورجاله ثقات، وإسناد الترمذي صحيح لغيره، فيه سفيان بن وكيع، صدوق؛ تقريب التهذيب 1/ 217، رقم: 2530، وقد تابعه في الرواية عن ابن عيينة أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهلالي، وهو ثقة مأمون؛ تقريب التهذيب 1/ 48، رقم: 448.

[3] أخرجه أبو داود في سننه بلفظه، كتاب العلم، باب في كتاب العلم 3/ 317، رقم: 3646، وأخرجه بنحوه: الدارمي في مقدمة سننه، باب مَن رخص في كتابة العلم 1/ 136، رقم: 484، وأحمد في مسنده 6/ 68، رقم: 6510، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، والحاكم في المستدرك، كتاب العلم 1/ 105 وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، أصل في نسخ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله، صـ: 1/ 99، رقم: 303، قلت: إسناده صحيح ورجاله ثقات.

[4] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب كتابة العلم 1/ 246، رقم: 111.

[5] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب كتابة العلم 1/ 249، رقم: 113.

[6] أخرجه أحمد في مسنده بلفظه 6/ 202، رقم: 6645 وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي قبيل، وهو ثقة؛ مجمع الزوائد 6/ 219، ورواه بنحوه: الدارمي في مقدمة سننه، باب مَن رخص في كتابة العلم 1/ 137، رقم: 486، وابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد 4/ 225، رقم: 19546، وصححه الألباني السلسلة الصحيحة 1/ 8.

[7] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة؟ 5/ 104، رقم: 2434.

[8] أخرجه البخاري في صحيحه بلفظه، كتاب العلم، باب كتابة العلم 1/ 251، رقم: 114، ومسلم في صحيحه بنحوه، كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه 3/ 1256، رقم: 1637.

[9] أخرجه الدارمي في مقدمة سننه، باب من رخص في كتابة العلم 1/ 138، رقم: 497، والخطيب في تقييد العلم صـ: 87، 88، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله صـ: 102، رقم: 308، والحاكم في المستدرك، كتاب العلم 1/ 106 وصححه ووافقه الذهبي، وابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الأدب، باب من رخص في كتاب العلم 5/ 314، رقم: 26418، قلت: إسناده ضعيف؛ فيه عبدالملك بن عبدالله بن أبي سفيان، ذكره ابن حبان في الثقات ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وفيه ابن جريج، وهو مدلس، وقد صرح بالسماع عند الرامهرمزي؛ المحدث الفاصل صـ: 358.

[10] أخرجه عبدالرزاق في مصنفه، كتاب الجامع، باب كتاب العلم 11/ 257، رقم: 20484، والخطيب البغدادي في تقييد العلم صـ: 49، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله، صـ: 90، رقم: 272، وهو ضعيف؛ لأن عروة لم يصح له سماع من عمر رضي الله عنه؛ تهذيب التهذيب 5/ 548، وقد أخرجه الخطيب في تقييد العلم، صـ: 49 عن معمر عن الزهري عن عروة عن ابن عمر رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه، فاتصل وصح سنده، والله أعلم.

[11] راجع: جامع بيان العلم وفضله صـ: 96.

[12] أخرجه الدارمي في مقدمة سننه، باب من لم ير كتابة الحديث 1/ 133، رقم: 471، والخطيب في تقييد العلم صـ: 36، 37، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله، صـ: 89، رقم: 269، وابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الأدب، باب مَن كان يكره كتاب العلم 5/ 315، رقم: 26431، وإسناده صحيح، ورجاله ثقات.

[13] أخرجه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله صـ: 102، رقم: 310، وابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الأدب، باب مَن رخص في كتاب العلم 5/ 314، رقم: 26420، قلت: إسناده صحيح ورجاله ثقات.

[14] أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب العلم 1/ 106 وصححه، ووافقه الذهبي، وتقييد العلم للخطيب البغدادي صـ: 26، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله صـ: 103، رقم: 620، قلت: إسناده ضعيف؛ مداره على عبدالله بن المثنى الأنصاري، وهو صدوق كثير الغلط؛ تقريب التهذيب 1/ 310، رقم: 3664.

[15] أخرجه الدارمي في مقدمة سننه بلفظه، باب مَن رخص في كتابة العلم 1/ 138، رقم: 500، والخطيب في تقييد العلم بنحوه صـ: 102، قلت: إسناده حسن؛ فيه جعفر بن أبي المغيرة، صدوق يهم، ومدار الحديث عليه؛ تقريب التهذيب 1/ 91، رقم: 1003.

[16] أخرجه الدارمي في مقدمة سننه، باب مَن رخص في كتابة العلم 1/ 139، رقم: 501، والخطيب في تقييد العلم صـ: 102، قلت: إسناده كسابقه.

[17] راجع: فتح الباري 1/ 246، علوم الحديث؛ لابن الصلاح صـ: 181، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث؛ لابن كثير صـ: 176.

[18] راجع: فتح الباري 1/ 251، والسنة ومكانتها في التشريع الإسلامي صـ: 61.

[19] السنة ومكانتها في التشريع صـ: 61.

[20] علوم الحديث؛ لابن الصلاح صـ: 181 - 183.

[21] سير أعلام النبلاء 3/ 80.

[22] مختصر سنن أبي داود؛ للمنذري، ومعه معالم السنن للخطابي ومعه تهذيب الإمام ابن قيم الجوزية، 5/ 245.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (11)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (12)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (13)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (14) نقد المرويات أو المتون
  • جهود الصحابة رضي الله عنهم في تدوين السنة

مختارات من الشبكة

  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (9)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (8)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (6)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب