• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

تفسير: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها...)

تفسير القرآن الكريم


تاريخ الإضافة: 12/2/2017 ميلادي - 15/5/1438 هجري

الزيارات: 88497

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها)


♦ الآية: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.

♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (259).

♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ أو كالذي مرَّ على قرية ﴾ عطفٌ على المعنى لا على اللفظ كأنه قال: أرأيت الذي حاجَّ أو كالذي مرَّ وهو عزيز ﴿ على قرية ﴾ وهي إيليا ﴿ وهي خاوية ﴾ ساقطةٌ مُتهدِّمةٌ ﴿ على عروشها ﴾ أي: سقوفها ﴿ قال: أنى يحيي هذه الله ﴾ أَيْ: من أين يُحيي هذه الله ﴿ بعد موتها ﴾ يعمرها بعد خرابها؟! استعبد أَنْ يفعل الله ذلك فأحبَّ الله أن يُريه آيةً في نفسه في إحياء القرية ﴿ فأماته الله مائة عام ﴾ وذلك أنه مرَّ بهذه القرية على حمارٍ ومعه ركوة عصيرٍ وسلةُ تينٍ فربط حماره وألقى الله عز وجل عليه النَّوم فلمَّا نام نزع الله عز وجل روحه مائة سنةٍ فلمَّا مضت مائة سنةٍ أحياه الله تعالى وذلك قوله: ﴿ ثمَّ بعثه ﴾ ﴿ قال كم لبثت ﴾ كم أقمت ومكثت ها هنا؟ ﴿ قَالَ: لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ ﴾ أَي: التِّين ﴿ و ﴾ إلى ﴿ شرابك ﴾ أي: العصير ﴿ لم يتسنَّه ﴾ أَيْ: لم يتغيَّر ولم ينتن بعد مائة سنةٍ وأراه علامة مكثه مائة سنةٍ ببلى عظام حماره فقال: ﴿ وانظر إلى حمارك ﴾ فرأى حماره ميتًا عظامه بيضٌ تلوح ﴿ ولنجعلك آية للناس ﴾ الواو زائدة والمعنى: لبثتَ مائة عامٍ لنجعلك آيةً للنَّاس وكونه آيةً أَنْ بعثه شابًّا أسود الرَّأس واللِّحية وبنو بنيه شِيبٌ ﴿ وانظر إلى العظام ﴾ أَيْ: عظام حماره ﴿ كيف نُنْشِزُها ﴾ أَيْ: نحييها يقال: أَنشرَ اللَّهُ الموتى وقرىء: ﴿ ننشزها ﴾ أَيْ: نرفعها من الأرض ونشوز كلِّ شيءٍ: ارتفاعه ﴿ ثم نكسوها لحمًا فلما تبيَّن له ﴾ شاهدَ ذلك ﴿ قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قدير ﴾ أَيْ: أعلم العلم الذي لا يعترض عليه الإِشكال وتأويله: إنِّي قد علمت مُشاهدةً ما كنت أعلمه غيبًا.

♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ ﴾، وَهَذِهِ الآية مسوقة عَلَى الْآيَةِ الْأُولَى، تَقْدِيرُهُ: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ في ربه ﴾، وَإِلَى الَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ؟ وقيل: تقديره: هل رأيت كالذي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ؟ وَهَلْ رأيت كالذي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ؟ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْمَارِّ، فَقَالَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ عُزَيْرُ بْنُ شَرْخِيَا، وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: هُوَ أَرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا، وَكَانَ مِنْ سِبْطِ هَارُونَ وَهُوَ الْخَضِرُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ كَافِرٌ شَكَّ فِي الْبَعْثِ، وَاخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ، فَقَالَ وَهْبٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ: هِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ دَيْرُ سَابِرَ أَبَادَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: مسلم أباد، وَقِيلَ: دَيْرُ هِرَقْلَ، وَقِيلَ: هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي أَهْلَكَ اللَّهُ فِيهَا الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ، وَقِيلَ: هِيَ قَرْيَةُ الْعِنَبِ وَهِيَ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ﴿ وَهِيَ خاوِيَةٌ ﴾: سَاقِطَةٌ، يُقَالُ: خَوِيَ الْبَيْتُ بِكَسْرِ الْوَاوِ يَخْوِي، خَوًى مَقْصُورًا إِذَا سَقَطَ، وَخَوَى الْبَيْتُ بِالْفَتْحِ خَوَاءً مَمْدُودًا إِذَا خَلَا، ﴿ عَلى عُرُوشِها ﴾: سُقُوفِهَا، وَاحِدُهَا عرش، وقيل: وكل بِنَاءٍ عَرْشٌ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ السُّقُوفَ سَقَطَتْ ثُمَّ وَقَعَتِ الْحِيطَانُ عَلَيْهَا، قالَ ﴿ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها ﴾؟ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِرْمِيَاءَ إِلَى نَاشِيَةَ بْنِ أَمُوصَ ملك بني إسرائيل ليسدّده في ملكه، ويأتيه بالخير مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَعَظُمَتِ الْأَحْدَاثُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَرَكِبُوا الْمَعَاصِيَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى إِرْمِيَاءَ أَنْ ذَكِّرْ قَوْمَكَ نِعَمِي وعرّفهم أحداثهم وركوبهم معصيتي، وَادْعُهُمْ إِلَيَّ، فَقَالَ إِرْمِيَاءُ: إِنِّي ضَعِيفٌ إِنْ لَمْ تُقَوِّنِي، عَاجِزٌ إِنْ لَمْ تُبَلِّغْنِي، مَخْذُولٌ إِنْ لَمْ تَنْصُرْنِي، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وجلّ: أنا ألهمك ما تقول، فَقَامَ إِرْمِيَاءُ فِيهِمْ وَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ فِي الْوَقْتِ خُطْبَةً بَلِيغَةً طَوِيلَةً بَيَّنَ لَهُمْ فِيهَا ثَوَابَ الطَّاعَةِ وَعِقَابَ الْمَعْصِيَةِ، وَقَالَ فِي آخِرِهَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى: وَإِنِّي أَحْلِفُ بِعِزَّتِي لَأُقَيِّضَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً يَتَحَيَّرُ فِيهَا الحليم وَلَأُسَلِّطَنَّ عَلَيْهِمْ جَبَّارًا فَارِسِيًّا أُلْبِسُهُ الْهَيْبَةَ وَأَنْزِعُ مِنْ صَدْرِهِ الرَّحْمَةَ يَتْبَعُهُ عَدَدٌ مِثْلُ سَوَادِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِرْمِيَاءَ: إِنِّي مَهْلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِيَافِثَ، وَيَافِثُ مِنْ أَهْلِ بَابِلَ، وَهُمْ مِنْ وَلَدِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا سَمِعَ إِرْمِيَاءُ ذَلِكَ صَاحَ وَبَكَى وَشَقَّ ثِيَابَهُ وَنَبَذَ الرَّمَادَ عَلَى رَأْسِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ اللَّهُ تَضَرُّعَهُ وَبُكَاءَهُ نَادَاهُ يَا أَرْمِيَاءُ أَشَقَّ عَلَيْكَ ما أوحيت إليك من إهلاكهم؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَبِّ، أَهْلِكْنِي قَبْلَ أَنْ أَرَى فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا لَا أُسَرُّ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي لَا أُهْلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَكُونَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ مِنْ قِبَلِكَ، فَفَرِحَ إِرْمِيَاءُ بِذَلِكَ وَطَابَتْ نَفْسُهُ، فَقَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَ مُوسَى بِالْحَقِّ لَا أَرْضَى بِهَلَاكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ أَتَى الْمَلِكَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَكَانَ مَلِكًا صَالِحًا فَاسْتَبْشَرَ وَفَرِحَ، فَقَالَ: إِنْ يُعَذِّبْنَا رَبُّنَا فَبِذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ عَفَا عَنَّا فَبِرَحْمَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَبِثُوا بَعْدَ الْوَحْيِ ثَلَاثَ سِنِينَ لَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا مَعْصِيَةً وَتَمَادِيًا فِي الشَّرِّ، وَذَلِكَ حِينَ اقْتَرَبَ هَلَاكُهُمْ فَقَلَّ الْوَحْيُ، وَدَعَاهُمُ الْمَلِكُ إِلَى التَّوْبَةِ فتمادوا في غيِّهم، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُخْتَنَصَّرَ فَخَرَجَ فِي سِتِّمِائَةِ أَلْفِ رَايَةٍ يُرِيدُ أَهْلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا فَصَلَ سَائِرًا أَتَى الْمَلِكَ الْخَبَرُ فَقَالَ لِإِرْمِيَاءَ: أَيْنَ مَا زَعَمْتَ أَنَّ الله أوحى إليك أن لا يهلك بني إسرائيل إلا بأمرك، فَقَالَ إِرْمِيَاءُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَأَنَا بِهِ وَاثِقٌ، فَلَمَّا قَرُبَ الْأَجَلُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَى إِرْمِيَاءَ مَلَكًا قَدْ تَمَثَّلَ لَهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ لَهُ إِرْمِيَاءُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَتَيْتُكَ أَسْتَفْتِيكَ فِي أَهْلِ رَحِمِي، وَصَلْتُ أَرْحَامَهُمْ وَلَمْ آتِ إِلَيْهِمْ إِلَّا حُسْنًا وَلَا يَزِيدُهُمْ إِكْرَامِي إِيَّاهُمْ إِلَّا إِسْخَاطًا لِي، فأفتني فيهم، فقال: أَحْسِنْ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ وَصِلْهُمْ وَأَبْشِرْ بِخَيْرٍ، فَانْصَرَفَ الْمَلَكُ فَمَكَثَ أَيَّامًا ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ فِي صُورَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَعَدَ بين يديه، فَقَالَ لَهُ إِرْمِيَاءُ: مَنْ أَنْتَ؟ قال: أنا الرجل الذي أتيتك أستفتيك فِي شَأْنِ أَهْلِي، فَقَالَ لَهُ إِرْمِيَاءُ: أَمَا طَهُرَتْ أَخْلَاقُهُمْ لَكَ بعد؟ فقال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَعْلَمُ كَرَامَةً يَأْتِيهَا أحد من الناس إلى رَحْمَةً إِلَّا قَدَّمْتُهَا إِلَيْهِمْ وَأَفْضَلَ من ذلك، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ إِرْمِيَاءُ عَلَيْهِ السلام: ارجع فأحسن إليهم واسأل اللَّهَ الَّذِي يُصْلِحُ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ أن يصلحهم لك، فانصرف الْمَلِكُ، فَمَكَثَ أَيَّامًا وَقَدْ نَزَلَ بُخْتَنَصَّرُ وَجُنُودُهُ حَوْلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِأَكْثَرِ مِنَ الْجَرَادِ فَفَزِعَ مِنْهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ مَلِكُهُمْ لِإِرْمِيَاءَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيْنَ مَا وَعَدَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: إِنِّي بِرَبِّي وَاثِقٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ الْمَلِكُ إِلَى إِرْمِيَاءَ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى جِدَارِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَضْحَكُ وَيَسْتَبْشِرُ بِنَصْرِ ربّه الَّذِي وَعَدَهُ، فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ إِرْمِيَاءُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا الَّذِي أَتَيْتُكَ فِي شَأْنِ أَهْلِي مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ: أَلَمْ يَأْنِ لَهُمْ أَنْ يُفِيقُوا مِنَ الَّذِي هُمْ فِيهِ؟ فَقَالَ الْمَلِكُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ يُصِيبُنِي مِنْهُمْ قَبْلَ الْيَوْمِ كُنْتُ أَصْبِرُ عَلَيْهِ، فَالْيَوْمَ رَأَيْتُهُمْ فِي عَمَلٍ لَا يُرْضِي اللَّهَ، فَقَالَ النَّبِيُّ: عَلَى أَيِّ عَمَلٍ رَأَيْتَهُمْ؟

قَالَ: عَلَى عَمَلٍ عظيم من سخط الله، فغضبت لله وَأَتَيْتُكَ لِأُخْبِرَكَ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا إِلَّا مَا دَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهِمْ لِيُهْلِكَهُمْ، فقال أرمياء: يا مالك السموات وَالْأَرْضِ إِنْ كَانُوا عَلَى حَقٍّ وَصَوَابٍ فَأَبْقِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى عَمَلٍ لَا تَرْضَاهُ فَأَهْلِكْهُمْ، فَلَمَّا خرجت الكلمة من في إِرْمِيَاءَ أَرْسَلَ اللَّهُ صَاعِقَةً مِنَ السَّمَاءِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَالْتَهَبَ مكان القربان نارًا، وَخُسِفَ بِسَبْعَةِ أَبْوَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ إِرْمِيَاءُ صَاحَ وَشَقَّ ثِيَابَهُ وَنَبَذَ الرَّمَادَ عَلَى رأسه، وقال: يا مالك السموات والأرض أين ميعادك الذي وعدتني به، فَنُودِيَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلَّا بِفُتْيَاكَ وَدُعَائِكَ، فَاسْتَيْقَنَ أرمياء عليه السَّلَامُ أَنَّهَا فُتْيَاهُ وَأَنَّ ذَلِكَ السائل كان رسول ربّه، فَطَارَ إِرْمِيَاءُ حَتَّى خَالَطَ الْوُحُوشَ، وَدَخَلَ بُخْتَنَصَّرُ وَجُنُودُهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَوَطِئَ الشَّامَ وَقَتَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أَفْنَاهُمْ وَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ أَمَرَ جُنُودَهُ أَنْ يَمْلَأَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ تُرْسَهُ تُرَابًا فَيَقْذِفَهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَفَعَلُوا حتى ملؤوه، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا مَنْ كَانَ فِي بُلْدَانِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فاجتمع عنده صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَاخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعِينَ أَلْفَ صَبِيٍّ فَقَسَمَهُمْ بَيْنَ الْمُلُوكِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ، فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ غِلْمَةٍ، وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الْغِلْمَانِ دَانْيَالُ وَحَنَانْيَا، وَفَرَّقَ مَنْ بَقِيَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثَلَاثَ فِرَقٍ فَثُلُثًا قَتَلَهُمْ وَثُلُثًا سَبَاهُمْ وَثُلُثًا أَقَرَّهُمْ بِالشَّامِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ الْأُولَى الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ ببني إِسْرَائِيلَ بِظُلْمِهِمْ فَلَمَّا وَلَّى عَنْهُمْ بُخْتَنَصَّرُ رَاجِعًا إِلَى بَابِلَ وَمَعَهُ سَبَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ أَقْبَلَ إِرْمِيَاءُ على حمار له ومعه عَصِيرُ عِنَبٍ فِي رَكْوَةٍ وَسَلَّةُ تِينٍ حَتَّى غَشَى إِيلِيَاءَ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا وَرَأَى خَرَابَهَا قَالَ: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها، وَقَالَ الَّذِي قَالَ: إِنَّ الْمَارَّ كَانَ عُزَيْرًا وَإِنَّ بُخْتَنَصَّرَ لَمَّا خَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَقَدِمَ بسبي بني إسرائيل بابل كَانَ فِيهِمْ عُزَيْرٌ وَدَانْيَالُ وَسَبْعَةُ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ دَاوُدَ، فَلَمَّا نَجَا عُزَيْرٌ مِنْ بَابِلَ ارْتَحَلَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ حَتَّى نَزَلَ دَيْرَ هِرَقْلَ عَلَى شَطِّ دِجْلَةَ، فَطَافَ فِي الْقَرْيَةِ فَلَمْ يَرَ فِيهَا أَحَدًا وَعَامَّةُ شَجَرِهَا حَامِلٌ، فَأَكَلَ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَاعْتَصَرَ مِنَ الْعِنَبِ فَشَرِبَ مِنْهُ وَجَعَلَ فَضْلَ الْفَاكِهَةِ فِي سَلَّةٍ وَفَضْلَ الْعَصِيرِ فِي زِقٍّ، فَلَمَّا رَأَى خَرَابَ الْقَرْيَةِ وَهَلَاكَ أَهْلِهَا قَالَ: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها، قَالَهَا تَعَجُّبًا لَا شَكًّا فِي الْبَعْثِ. رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ وَهْبٍ. قَالَ: ثُمَّ رَبَطَ إِرْمِيَاءُ حِمَارَهُ بِحَبْلٍ جَدِيدٍ فَأَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ النَّوْمَ فَلَمَّا نَامَ نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ الرُّوحَ مِائَةَ عَامٍ، وَأَمَاتَ حِمَارَهُ، وَعَصِيرُهُ وَتِينُهُ عِنْدَهُ فَأَعْمَى اللَّهُ عَنْهُ الْعُيُونَ فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ، وَذَلِكَ ضُحًى وَمَنَعَ اللَّهُ السِّبَاعَ وَالطَّيْرَ لَحْمَهُ فَلَمَّا مَضَى مِنْ مَوْتِهِ سَبْعُونَ سَنَةً أَرْسَلَ اللَّهُ مَلِكًا إِلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ يُقَالُ له: نوشك، فقال له: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَنْفِرَ بِقَوْمِكَ فَتُعَمِّرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَإِيلِيَاءَ حَتَّى يَعُودَ أَعْمَرَ مَا كَانَ، فانتدب الملك ألف قَهْرَمَانٍ مَعَ كُلِّ قَهْرَمَانٍ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ عَامِلٍ وَجَعَلُوا يُعَمِّرُونَهُ، فَأَهْلَكَ اللَّهُ بُخْتَنَصَّرَ بِبَعُوضَةٍ دَخَلَتْ دِمَاغَهُ، وَنَجَّى اللَّهُ مَنْ بَقِيَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَمْ يَمُتْ بِبَابِلَ منهم أحد، وَرَدَّهُمْ جَمِيعًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَنَوَاحِيهِ وَعَمَّرُوهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَثُرُوا حَتَّى عَادُوا عَلَى أَحْسَنِ مَا كانوا عليه قبل، فَلَمَّا مَضَتِ الْمِائَةُ أَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ عَيْنَيْهِ وَسَائِرُ جَسَدِهِ مَيِّتٌ ثُمَّ أَحْيَا جَسَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى حِمَارِهِ فَإِذَا عِظَامُهُ مُتَفَرِّقَةٌ بِيضٌ تَلُوحُ، فَسَمِعَ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِي فَاجْتَمَعَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَاتَّصَلَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، ثُمَّ نُودِيَ: أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَكْتَسِي لَحْمًا وَجِلْدًا فَكَانَتْ كَذَلِكَ، ثُمَّ نُودِيَ أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَحْيَا فَقَامَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَنَهَقَ، وَعَمَّرَ اللَّهُ إِرْمِيَاءَ فَهُوَ الَّذِي يَرَى فِي الْفَلَوَاتِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ﴾، أَيْ: أَحْيَاهُ،﴿ قالَ كَمْ لَبِثْتَ ﴾، أَيْ: كَمْ مَكَثْتَ؟ يُقَالُ: لَمَّا أَحْيَاهُ اللَّهُ بَعَثَ إِلَيْهِ مَلِكًا فَسَأَلَهُ: ﴿ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْمًا ﴾، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَاتَهُ ضُحًى فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَأَحْيَاهُ بَعْدَ مِائَةِ عَامٍ فِي آخِرِ النَّهَارِ قبل غيبوبة الشمس، فقال: كَمْ لَبِثْتَ؟ قَالَ: لَبِثْتُ يَوْمًا وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَرَأَى بَقِيَّةً مِنَ الشَّمْسِ، فَقَالَ: ﴿ أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴾، بَلْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ له الْمَلِكُ: ﴿ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ ﴾، يَعْنِي: التِّينَ، وَشَرابِكَ، يَعْنِي: الْعَصِيرَ، ﴿ لَمْ يَتَسَنَّهْ ﴾ أَيْ: لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَكَانَ التِّينُ كأنه قطف من ساعته، والعصير كأنه عصر من سَاعَتِهِ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: كَأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ السُّنُونَ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ لَمْ يَتَسَنَّ بِحَذْفِ الْهَاءِ فِي الْوَصْلِ، ﴿ وَكَذَلِكَ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90]، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْهَاءِ فِيهِمَا وَصْلًا وَوَقْفًا، فَمَنْ أَسْقَطَ الْهَاءَ فِي الْوَصْلِ جَعَلَ الْهَاءَ صِلَةً زَائِدَةً، وَقَالَ: أَصْلُهُ يَتَسَنَّى، فحذف الياء في الجزم وَأَبْدَلَ مِنْهُ هَاءً فِي الْوَقْفِ، وقال أبو عمرو: وهو مِنَ التَّسَنُّنِ، بِنُونَيْنِ، وَهُوَ التَّغَيُّرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾ [الحجر: 26 و28 و33]، أي: متغيّر، فعوّضت من أحد النُّونَيْنِ يَاءً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ﴾ [الْقِيَامَةِ:33]، أي: يتمطّط، وقوله: ﴿ وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ﴾ [الشَّمْسِ: 10]، وأصله: دسسها، وَمَنْ أَثْبَتَ الْهَاءَ فِي الْحَالَيْنِ جَعَلَ الْهَاءَ أَصْلِيَّةً لَامَ الْفِعْلِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ أَصْلَ السَّنَةِ السَّنْهَةَ، وَتَصْغِيرُهَا سُنَيْهَةٌ، والفعل من المسانهة، وَإِنَّمَا قَالَ: لَمْ يَتَسَنَّهْ وَلَمْ يثنه مع غيره مَعَ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ شَيْئَيْنِ ردا للمتغيّر إلى أقرب اللفظين به، وَهُوَ الشَّرَابُ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْآخَرِ، وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ، فنظر إليه فَإِذَا هُوَ عِظَامٌ بِيضٌ، فَرَكَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِظَامَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فَكَسَاهُ اللَّحْمَ وَالْجِلْدَ وَأَحْيَاهُ وهو ينظر، وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ، قِيلَ: الْوَاوُ زَائِدَةٌ مُقْحَمَةٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أُدْخِلَتِ الْوَاوُ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ لِفِعْلٍ بَعْدَهَا مَعْنَاهُ: وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً أَيْ عِبْرَةً وَدَلَالَةً عَلَى الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، قَالَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ عَادَ إِلَى قَرْيَتِهِ شَابًّا وَأَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ شُيُوخٌ وَعَجَائِزُ، وَهُوَ أَسْوَدُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها، قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ: نَنْشُرُهَا بِالرَّاءِ، مَعْنَاهُ: نُحْيِيهَا، يُقَالُ: أَنْشَرَ اللَّهُ الميت إنشارا وأنشره نشورا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ ﴾ [عَبَسَ: 22]، وَقَالَ فِي اللازم: وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك: 15]، وقال الْآخَرُونَ بِالزَّايِ، أَيْ نَرْفَعُهَا مِنَ الأرض، ونردها إلى أماكنها مِنَ الْجَسَدِ، وَنُرَكِّبُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَإِنْشَازُ الشَّيْءِ: رَفْعُهُ وَإِزْعَاجُهُ، قال: أَنْشَزْتُهُ فَنَشَزَ، أَيْ: رَفَعْتُهُ فَارْتَفَعَ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ، فَقَالَ الأكثرون: إنه أَرَادَ بِهِ عِظَامَ حِمَارِهِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَا عُزَيْرًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: انْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ قَدْ هَلَكَ وَبَلِيَتْ عِظَامُهُ، فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رِيحًا فَجَاءَتْ بِعِظَامِ الْحِمَارِ مِنْ كُلِّ سَهْلٍ وَجَبَلٍ، وَقَدْ ذَهَبَتْ بِهَا الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ، فَاجْتَمَعَتْ فَرُكِّبَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَهُوَ يَنْظُرُ فَصَارَ حمارا من عظام ليس فيه لَحْمٌ وَلَا دَمٌ، ثُمَّ نَكْسُوها لَحْمًا، ثم كسى العظام لحمًا، فَصَارَ حِمَارًا لَا رُوحَ فِيهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ مَلَكٌ يَمْشِي حَتَّى أَخَذَ بِمَنْخَرِ الْحِمَارَ فَنَفَخَ فِيهِ، فَقَامَ الْحِمَارُ وَنَهَقَ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَقَالَ قَوْمٌ: أَرَادَ بِهِ عِظَامَ هذا الرجل، ذلك أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُمِتْ حِمَارَهُ بَلْ أَمَاتَهُ هُوَ، فَأَحْيَا اللَّهُ عَيْنَيْهِ، وَرَأْسَهُ وَسَائِرَ جَسَدُهُ ميت، ثُمَّ قَالَ لَهُ: انْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ فَنَظَرَ فَرَأَى حِمَارَهُ قَائِمًا واقفا كهيئة يَوْمَ رَبَطَهُ حَيًّا لَمْ يَطْعَمْ وَلَمْ يَشْرَبْ مِائَةَ عَامٍ، وَنَظَرَ إلى الزمة فِي عُنُقِهِ جَدِيدَةً لَمْ تَتَغَيَّرْ، وتقرير الْآيَةِ: وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَانْظُرْ إلى عظامك كيف ننشزها، هذا قول قتادة والضحّاك وفي الآية تقديم وتأخير وتقديرها: وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ، وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا، وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ، وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ كَعْبٍ وَالضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، والسدي عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمَّا أَحْيَا اللَّهُ تَعَالَى عُزَيْرًا بَعْدَ مَا أَمَاتَهُ مِائَةَ سَنَةٍ رَكِبَ حِمَارَهُ حَتَّى أَتَى مَحَلَّتَهُ فَأَنْكَرَهُ النَّاسُ، وأنكر هو الناس، وأنكر منازله، فانطلق على وهم منه حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَمْيَاءَ مُقْعَدَةٍ قَدْ أَتَى عَلَيْهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً كَانَتْ عَرَفَتْهُ وَعَقَلَتْهُ، فَقَالَ لَهَا عُزَيْرٌ: يَا هَذِهِ هَذَا مَنْزِلُ عُزَيْرٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ هَذَا مَنْزِلُ عُزَيْرٍ وَبَكَتْ، وَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ يَذْكُرُ عزيرا، فقال لها: فَإِنِّي أَنَا عُزَيْرٌ، قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ فَإِنَّ عُزَيْرًا قَدْ فَقَدْنَاهُ منذ مِائَةِ سَنَةٍ لَمْ نَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ، قَالَ: فَإِنِّي أَنَا عُزَيْرٌ إن الله تعالى أَمَاتَنِي مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ بَعَثَنِي، قَالَتْ: فَإِنَّ عُزَيْرًا كَانَ رَجُلًا مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ وَيَدْعُو لِلْمَرِيضِ وَلِصَاحِبِ العاهة فيبرأ، فادع الله أن يردّ عليّ بَصَرِي حَتَّى أَرَاكَ، فَإِنْ كُنْتَ عُزَيْرًا عَرَفْتُكَ، فَدَعَا رَبَّهُ وَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى عَيْنَيْهَا فَصَحَّتَا وَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ: قُومِي بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَطْلَقَ اللَّهُ رِجْلَيْهَا فَقَامَتْ صَحِيحَةً فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكَ عُزَيْرٌ، فَانْطَلَقَتْ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُمْ فِي أَنْدِيَتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ، وَابْنٌ لِعُزَيْرٍ شَيْخٌ كَبِيرٌ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبَنُو بَنِيهِ شُيُوخٌ فِي الْمَجْلِسِ، فَنَادَتْ هَذَا عُزَيْرٌ قَدْ جَاءَكُمْ فَكَذَّبُوهَا، فَقَالَتْ: أَنَا فُلَانَةٌ مَوْلَاتُكُمْ، دَعَا لِي رَبَّهُ فَرَدَّ عَلَيَّ بَصَرِي وَأَطْلَقَ رَجْلِي، وَزَعَمَ أَنَّ اللَّهَ كَانَ أَمَاتَهُ مِائَةَ سَنَةٍ ثم بعثه، قال: فَنَهَضَ النَّاسُ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ فَقَالَ وَلَدُهُ: كَانَ لِأَبِي شَامَةٌ سَوْدَاءُ مِثْلُ الْهِلَالِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَكَشَفَ عَنْ كَتِفَيْهِ فَإِذَا هُوَ عُزَيْرٌ والشامة بين كتفيه، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ: لَمَّا رَجَعَ عزير إلى قريته، وَقَدْ أَحْرَقَ بُخْتَنَصَّرُ التَّوْرَاةَ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ اللَّهِ عَهْدٌ بَيْنَ الْخَلْقِ فَبَكَى عُزَيْرٌ عَلَى التَّوْرَاةِ، فَأَتَاهُ مَلَكٌ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَسَقَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَمَثُلَتِ التَّوْرَاةُ فِي صَدْرِهِ فَرَجَعَ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ، وَبَعَثَهُ نَبِيًّا فَقَالَ: أَنَا عُزَيْرٌ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، فَقَالَ: إِنِّي عُزَيْرٌ قَدْ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَيْكُمْ لِأُجَدِّدَ لَكُمْ تَوْرَاتَكُمْ، قَالُوا: أَمْلِهَا عَلَيْنَا فَأَمْلَاهَا عَلَيْهِمْ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَقَالُوا: مَا جَعَلَ اللَّهُ التوراة في صدر رجل بعد ما ذَهَبَتْ إِلَّا أَنَّهُ ابْنُهُ، فَقَالُوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَسَتَأْتِي الْقِصَّةُ بتمامها فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ عِيَانًا، قالَ أَعْلَمُ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ مَجْزُومًا مَوْصُولًا عَلَى الْأَمْرِ عَلَى مَعْنَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: اعْلَمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ أَعْلَمُ بِقَطْعِ الْأَلِفِ وَرَفْعِ الْمِيمِ عَلَى الْخَبَرِ عَنْ عُزَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ: أَعْلَمُ، أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

تفسير القرآن الكريم





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • تفسير: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منع الاتجار بالأشخاص(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تفسير: (المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف أو نذر استحب لوليه قضاؤه(مقالة - ملفات خاصة)
  • من طار إلى حلقه ذباب، أو غبار، أو فكر فأنزل، أو احتلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • هل يجوز لرجل أن يغسل أمه أو زوجته أو المرأة أن تغسل زوجها أو أباها؟(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • من باع بيته أو ثيابه أو غير ذلك من أجل كتاب أو كتب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من ألف كتابا من أجل ملك أو أمير أو غيره أو أهداه وحصل له مال(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب