• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (11)

جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (11)
د. أيمن محمود مهدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/2/2017 ميلادي - 12/5/1438 هجري

الزيارات: 16823

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (11)


أدرك الصحابةُ الكرامُ رضوان الله عليهم مكانةَ السُّنة النبوية المطهَّرة، وعرَفوا قدرها، واستوعبوا النصوص الآمرة بتبليغ العلم، وأحَبُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًّا شديدًا، فازدادوا قربًا من النبي صلى الله عليه وسلم، واستماعًا لأحاديثه، وتطبيقًا لها، ونقلوها إلى مَن بعدهم على أحسن ما يكون النقل.


والناظر في كتب العلم يُدرِك بوضوح أن للصحابة رضوان الله عليهم جهودًا جبَّارة في خدمة الحديث النبوي، استطاعوا عن طريقِها أن يحفظوا سُنةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ينقلوها إلى الأجيال التالية غضَّةً طرية، كما أرادها الله عز وجل ورسولُه صلى الله عليه وسلم، واستطاعوا أن يصِلوا إلى هذه النتيجة عن طريق جهود ضخمة، ولقد أثمرت هذه الجهود حفظَ السُّنة في الصدور، وفهمَها بالعقول، وتدوينها في الكتب، ونشرها وإذاعتَها بين الناس، وتطبيقَها في كل مجالات الحياة.


وسأذكرُ أبرز هذه الجهود، التي يتبيَّن من خلالها الجهدُ الذي بذلوه من أجل خدمة السُّنة، والطريقة التي اتَّبعوها من أجل صيانتها والحفاظ عليها.

الحادي عشر: وضع وسائل مُتَنَوِّعة للتأكُّد مِن صدق الراوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الصحابة رضوان الله عليهم كلُّهم عدولٌ كما أسلفنا، وهم فيما بينهم محلُّ ثقةٍ وتقدير، ولم يكن يُكذِّب بعضُهم بعضًا في الرواية، بل كانوا يَسْمَعون الحديث مِن النبي صلى الله عليه وسلم تارةً، ويَسْمعونه من أصحابه تارةً أخرى، فيروونه عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

فهذا ابنُ عباس رضي الله عنه يروي حديث: ((الرِّبا في النَّسِيئَة))، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رُوجِع فيه، قال: أخبرني به أسامة بن زيد رضي الله عنه.[1]

ويروي ابنُ عباس رضي الله عنه حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الجَمْرَةَ)، عن أخيه الفضل بن العباس رضي الله عنه.[2]


وهذا أبو هريرة رضي الله عنه يَقُصُّ يقول في قصصه: (مَنْ أَدْرَكَهُ الفَجْرُ جُنُبًا، فَلَا يَصُمْ)، فبلغ ذلك عائشةَ وأمَّ سلمة رضي الله عنهما، فكلتاهما قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ ثُمَّ يَصُومُ)، فلما بلغ ذلك أبا هريرة رضي الله عنه قال: أهما قالتَاه؟ هما أعلم، ثم رَدَّ أبو هريرة رضي الله عنه ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس رضي الله عنه، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعتُ ذلك مِن الفضل رضي الله عنه، ولم أسمَعْه من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فرجع أبو هريرة رضي الله عنه عما كان يقول في ذلك.[3]


والأمثلة على هذا كثيرةٌ، ولكن هذا لم يمنَعْهم من التثبُّت في قَبول الأخبار؛ حرصًا على الضبط والإتقان حين التحديث، وخشيةَ وقوع الراوي في الخطأ أو النسيان، وقد وضعوا لذلك وسائل عديدة؛ من أشهرها:

1- استحلاف الراوي على صدق روايته:

قال الذهبي في ترجمةِ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان إمامًا عالِمًا مُتَحَرِّيًا في الأخذ؛ بحيث إنه يستحلف مَن يحدِّثه بالحديث.[4]

ثم نقل عنه أنه قال: كنتُ رجلًا إذا سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا، نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدَّثني أحدٌ من أصحابه استحلفتُه، فإذا حلف لي صدَّقتُه...، الحديث.[5]

قال ابن قتيبة: أفما ترى تشديد القوم في الحديث، وتوقِّي مَن أمسك؛ كراهية التحريف، أو الزيادة في الرواية أو النقصان.[6]

قلت: لم يكن الاستحلاف عامًّا عند الصحابة، بل كان لزيادة التوقِّي والتأكُّد في بعض الأوقات، ومن بعض الأشخاص.


2- طلب شاهد على الرواية:

وهذه أمثلة على ذلك:

أ‌- قال الذهبي: كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أوَّلَ مَن احتاط في قَبول الأخبار.[7]

روى ابن شهاب عن قبيصة بن ذُؤيب قال: جاءت الجدَّةُ إلى أبي بكر رضي الله عنه تسأله ميراثها، فقال: ما لكِ في كتاب الله تعالى شيءٌ، وما علمتُ لكِ في سُنة نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فارجِعي حتى أسأل الناس، فسأل الناسَ، فقال المغيرةُ بن شُعبة رضي الله عنه: حضرتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السُّدُسَ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: هل معك غيرُك؟ فقام محمد بن مَسْلمة رضي الله عنه، فقال مثلَ ما قال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه؛ فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه.[8]

ولم يكن ذلك شكًّا في المغيرة رضي الله عنه ولا ردًّا لخبره، بل توقُّفٌ حتى يأتيَه ما يُؤيِّد هذا الخبرَ ويشهد له؛ زيادةً في التثبُّت والاحتياط.


ب‌- وعن أبي سعيدٍ الخدْري رضي الله عنه قال: كنتُ في مجلسٍ من مجالس الأنصار؛ إذ جاء أبو موسى رضي الله عنه كأنه مذعورٌ، فقال: استأذنتُ على عمر رضي الله عنه ثلاثًا، فلم يُؤْذَن لي، فرجَعتُ، فقال: ما منعك؟ قلتُ: استأذنتُ ثلاثًا، فلم يُؤذَنْ لي فرجَعتُ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا استَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَلْيَرْجِعْ))، فقال: والله لتُقيمَنَّ عليه بيِّنة، أمنكم أحدٌ سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟فقال أُبَي بن كعب رضي الله عنه: واللهِ لا يقوم معك إلا أصغرُ القوم، فكنتُ أصغر القوم، فقمتُ معه، فأخبرتُ عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك.[9]

ولم يكن ذلك شكًّا في أبي موسى رضي الله عنه ولا ردًّا لخبره، بل توقُّفٌ حتى يأتيَه ما يؤيِّد هذا الخبر ويشهد له؛ زيادةً في التثبُّت والاحتياط.

ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: خَفِيَ عَلَيَّ هذا مِن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهاني عنه الصَّفْقُ بالأسواق.[10]

وقال أُبَي بن كعب رضي الله عنه له: يا بن الخطاب، لا تكوننَّ عذابًا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر رضي الله عنه: سبحان الله! إنما سمعتُ شيئًا فأحببتُ أن أتثبَّت.[11]


ج- عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ))، قال مالك: قال ابن شهاب: ففحص عن ذلك عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ))، فأجلى يهودَ خيبر.[12]

 

وإنما كان هذا من أبي بكرٍ رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه؛ لإشعار الناس بخطورة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لئلَّا يستهينوا بها، ولئلَّا يجترئ غيرُ الصحابة رضوان الله عليهم، فيقولوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل، ويُدْخِلُوا في حديثه صلى الله عليه وسلم ما ليس منه؛ ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى رضي الله عنه: أَمَا إنِّي لم أَتَّهِمْك، ولكن خشيتُ أن يتقوَّل الناسُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم[13].

 

ولقد اشتَهَر منهج عمر رضي الله عنه في التثبُّت والاحتياط في نقل السُّنة بين الصحابة والتابعين، حتى قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: إيَّاكم وأحاديث إلا حديثًا كان في عهد عمر رضي الله عنه؛ فإن عمر رضي الله عنه كان يُخيف الناس في الله عز وجل.[14]


3- التأكُّد من حفظ الراوي بطلب سماع الحديث منه مرةً أخرى، أو بسؤاله، أو بمراجعة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ للتأكُّد من ضبطه:

فقد يسمع الصحابيُّ الحديثَ من صحابيٍّ مثله، فيستغرب معناه، أو يستغرب مِن حفظه، أو من شيءٍ آخر، فيسأله بعد فترةٍ من الزمن؛ ليتأكَّد من حفظه للحديث، وهذه أمثلة على ذلك:

1- عن عروة بن الزبير قال: قالَتْ لي عائشة رضي الله عنها: يا بن أختي، إن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه مارٌّ بنا إلى الحج، فالقه، فاسأله؛ فإنه حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علمًا كثيرًا، قال: فلقيتُه، فساءلتُه عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال عروة: فكان فيما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لا ينتزِعُ العلمَ مِن الناس انتزاعًا، ولكن يقبِضُ العلماء، فيرفع العلم معهم، ويُبقِي في الناس رؤوسًا جُهَّالًا، يفتونهم بغير علم، فيَضِلُّون ويُضِلُّون)).

قال عروة: فلما حدَّثتُ عائشة رضي الله عنها بذلك، أَعْظَمَتْ ذلك، وأنكرَتْه، قالت: أَحَدَّثَكَ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال عروة: حتى إذا كان قابِلٌ، قالت له: إن ابن عمرو رضي الله عنه قد قَدِم فالقه، ثم فَاتِحْهُ حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم، قال: فلقيتُه، فساءلتُه، فذكره لي نحو ما حدَّثني به في المرة الأولى، قال عروة: فلمَّا أخبرتُها بذلك قالت: ما أحسبه إلَّا قد صدق، أراه لم يزِدْ فيه شيئًا، ولم ينقص.[15]

وليس معنى هذا أنها اتَّهمَتْه في روايته للحديث، لكنها خافت أن يكون اشتبه عليه، أو قرأه من كتب الحكمة، فتوهَّمه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كرَّره مرةً أخرى وثبت عليه، غلب على ظنها أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم[16].


2- وحدَّث عمرو بن عبَسَة رضي الله عنهيومًا بحديثٍ طويلٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه: يا عمرو بن عَبَسَة، انظر ما تقول، في مقامٍ واحدٍ يُعْطَى هذا الرجل؟ فقال عمرو رضي الله عنه: يا أبا أمامة، لقد كبِرَتْ سِنِّي، ورقَّ عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجةٌ أن أكذب على الله عز وجل، ولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرَّةً أو مرَّتين أو ثلاثًا حتى عدَّ سبع مرات، ما حدَّثتُ به أبدًا، ولكني سمعتُه أكثر من ذلك[17].

 

وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنه قال له رجلٌ من بني ليث: إن أبا سعيد الخدري رضي الله عنهيأثِرُ هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب عبدالله رضي الله عنه، ونافعٌ معه، حتى دخل على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،فقال: إن هذا أخبرني أنك تُخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الوَرِق بالوَرِق إلا مِثلًا بمِثل، وعن بيع الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، فأشار أبو سعيد رضي الله عنهبإصبعيه إلى عينيه وأذنيه، فقال: أبصَرَتْ عيناي، وسمِعَتْ أذناي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تبيعوا الذَّهبَ بالذهب، ولا تبيعوا الوَرِقَ بالوَرِقِ، إلا مثلًا بمثل، ولا تُشِفُّوا[18] بعضه على بعض، ولا تبيعوا شيئًا غائبًا منه بناجزٍ، إلا يدًا بيدٍ))[19].


3- أراد مروان بن الحكم - والي المدينة - أن يختبر قوَّةَ حفظ أبي هريرة رضي الله عنه؛ نظرًا لكثرة الأحاديث التي يرويها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففعل ما حدَّث به أبو الزُّعَيْزِعَة كاتب مروان، قال: دعا مروان بن الحكم أبا هريرة رضي الله عنه، فأقعدني خلف السرير، وجعل يسأله، وجعلتُ أكتب، حتى إذا كان عند رأس الحولِ، دعا به فأقعده وراء الحجاب، فجعل يسأله عن ذلك، فما زاد ولا نقص، ولا قدَّم ولا أخَّر.[20]

ولهذا قال الإمام الذهبي مُعَلِّقًا على هذه القصة: هكذا فليَكُنِ الحفظُ.[21]

 

4- عن سِماك رضي الله عنه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إِنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ كَذَّابِينَ))، قال: فقلتُ له: أنت سمعتَ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.[22]

 

5- لَمَّا قدِم عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه من اليمن ببُدْنِ النبي صلى الله عليه وسلم، وجد فاطمة رضي الله عنها ممن حلَّ، ولبِسَتْ ثيابًا صبيغًا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا، قال: فكان عليٌّ رضي الله عنه يقول بالعراق: فذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحَرِّشًا على فاطمة رضي الله عنها للذي صَنَعَتْ، مستفتيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرَتْ عنه، فأخبرتُه أني أنكرتُ ذلك عليها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((صَدَقَتْ، صَدَقَتْ)).[23] [24]


وهذا لا يعني أنهم كانوا يشترطون هذه الشروط في كل الروايات، بل كانوا يَقبَلون الحديث إذا رواه واحدٌ، إذا لم يعلموا معارِضًا له، وثبت عندهم أن راويَه حافظٌ، وأن معناه مشهورٌ بينهم، وهذا موجودٌ في معظم السُّنن؛ ولذلك كانوا يَقبَلون الأحاديث من هذا النوع، دون الحاجة إلى شيء من ذلك، وما رُوي عنهم بخلاف ذلك إنما كان لمصلحةٍ اقتضَتْه، ولم يكن منهجًا عامًّا دائمًا في كل الروايات.

والأمثلة التي ذكرتُها تدلُّ دلالةً بيِّنة على تحرِّي الصحابة رضوان الله عليهم، وتُظْهِرُ ما كانوا عليه من التثبُّت والتدقيق في قَبول الأخبار؛ صونًا لها من التحريف، وصيانةً لها من التبديل، وليس في تمحيصهم للرواية وتشدُّدهم في قَبولها ما يُفيد أنهم كانوا يُكَذِّبون ناقلَ الحديث، بل كانوا يَخْشَون الخطأَ في النقل، والغلطَ في الحفظ، والوهمَ في الضبط، فلا يُؤدَّى الحديثُ على وجهه الصحيح.



[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مِثلًا بمِثل، 3/ 1217، رقم: 1596.

[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب النزول بين عرفة وجَمْع، 3/ 607، رقم: 1670، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب إدامةِ الحاجِّ التلبيةَ حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر، 2/ 931، رقم: 1281، كلاهما بلفظه.

[3] أخرجه مسلم في صحيحه بلفظه، كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جُنُب، 2/ 779، رقم: 1109، وأخرجه بنحوه: البخاري في صحيحه، كتاب الصوم، باب الصائم يصبح جنبًا، 4/ 170، رقم: 1925، 1926.

[4] تذكرة الحفاظ؛ للذهبي 1/ 10.

[5] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، 2/ 87، رقم: 1521، والترمذي في سننه، كتاب تفسير القرآن، باب من سورة آل عمران 5/ 10، رقم: 3017، كلاهما بلفظه، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/ 33، رقم: 2404، وأحمد في مسنده بنحوه 1/ 165، رقم: 2، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وقال ابن حجر: هذا الحديث جيد الإسناد؛ تهذيب التهذيب 1/ 284، قلت: إسناده حسن؛ فيه أسماء بن الحكم الفزاري، صدوق، ومدار الحديث عليه، وباقي رجاله ثقات؛ تقريب التهذيب 1/ 47، رقم: 441.

[6] تأويل مختلف الحديث؛ لابن قتيبة صـ: 40.

[7] تذكرة الحفاظ 1/ 2.

[8] أخرجه أبو داود في سننه بلفظه، كتاب الفرائض، باب في الجدة، 3/ 121، رقم: 2894، وأخرجه بنحوه: الترمذي في سننه، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجدة، 4/ 32، رقم: 2107، 2108، وابن ماجه في سننه، كتاب الفرائض، باب ميراث الجدة، 2/ 909، رقم: 2724، ومالك في الموطأ، كتاب الفرائض، باب في ميراث الجدة صـ: 407، وأورده الألباني في ضعيف سنن أبي داود، رقم: 617، وضعيف سنن الترمذي صـ: 237، رقم: 370، وضعيف سنن ابن ماجه صـ: 218، رقم: 595، قلت: إسناده ضعيف؛ لأنه منقطع؛ لأن قبيصة لم يُدرِك أبا بكر رضي الله عنه.

[9] أخرجه البخاري في صحيحه بلفظه، كتاب الاستئذان، باب التسليم والاستئذان ثلاثًا، 11/ 28، رقم: 6245، ومسلم في صحيحه بنحوه، كتاب الآداب، باب الاستئذان، 3/ 1694، رقم: 2153.

[10] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الآداب، باب الاستئذان، 3/ 1696، رقم: 2153.

[11] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الآداب، باب الاستئذان، 3/ 1696، رقم: 2153.

[12] أخرجه مالك في الموطأ مرسلًا بلفظه، كتاب الجامع، باب ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة صـ: 680، والحديث في الصحيحين من رواية ابن عباس رضي الله عنه؛ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجزية والموادعة، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، 6/ 312، رقم: 3168، ومسلم في صحيحه، كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، 3/ 1257، رقم: 1637، كلاهما بلفظ: ((أخرِجُوا المشركين من جزيرة العرب)).

[13] أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الاستئذان، باب الاستئذان صـ: 734 وإسناده منقطع؛ لأنه من رواية ربيعة بن عبدالرحمن عن غير واحد من العلماء، وقد وصله الشيخان من طريق عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير بدون الجملة الأخيرة؛ انظر تخريج الحديث في الصفحة السابقة.

[14] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، 2/ 718، رقم: 1037.

[15] أخرجه مسلم في صحيحه بلفظه، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه، وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان، 4/ 2059، رقم: 2673، والبخاري في صحيحه بنحوه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنة، باب ما يُذكر من ذمِّ الرأي وتكلُّف القياس 13/ 295، رقم: 7307.

[16] شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 225.

[17] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه، 1/ 569، رقم: 832.

[18] أي لا تُفَضِّلوا، والشَّفُّ: النُّقصان أيضًا؛ فهو من الأضداد، يقال: شَفَّ الدِّرهمُ يَشِفُّ، إذا زَادَ وإذا نَقَص، وأشَفَّه غيره يُشِفُّه؛ النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 435.

[19] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب الربا، 3/ 1208، رقم: 1584.

[20] أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر أبي هريرة رضي الله عنه، 3/ 510، وقال: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح.

[21] سير أعلام النبلاء، 2/ 598.

[22] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، 4/ 2239، رقم: 2923.

[23] أصل التحريش: الإغراء، والمراد به هنا: أن يظهر له ما يقتضي عتابها؛ راجع: النهاية في غريب الحديث 1/ 354.

[24] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، 2/ 888، رقم: 1218.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (7)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (8)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (9)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (10)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (12)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (13)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (14) نقد المرويات أو المتون
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (15)

مختارات من الشبكة

  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (6)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضوان الله عليهم في خدمة السنة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود الصحابة رضي الله عنهم في تدوين السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود المرأة في خدمة السنة (مشروع خطة رسالة للماجستير)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تعقيب على بحث جهود الأمة في خدمة القرآن الكريم من خلال مفهوم السنن الإلهية (PDF)(كتاب - موقع د. محمد بريش)
  • جهود أبي هريرة في خدمة القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب