• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

خطبة عن أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه

د. عطية بن عبدالله الباحوث

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2017 ميلادي - 24/4/1438 هجري

الزيارات: 30896

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أبو عبيدة عامر بن الجراح

 

الخطبة الأولى

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاس اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

 

أما بعد:

إسلامه:

أسلم أبو بكر وخرج داعية إلى الله وكان ممن أسلم من نريد في هذه الخطبة أن نعطر بسيرته أسمعانا أسلم مبكراً قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وكان ممن هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية وصبر على الأذى واعتنق الإسلام معتقداً وعملاً صالحاً حمل الإسلام بين جنبيه وحفظه أمانة صادقة تمشي على الأرض فلقبه صلى الله عليه وسلم: (أمين هذه الأمة) أنه أبو عبيده عامر بن الجراح.

 

ومن حسن إسلامه وقوة عزيمته أنه ثَبَتَ في أُحُدٍ مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين انهزم الناس وقد غارت في وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم حلقتان من حلق المغفر فلما أقبل الصديق يريد أن ينتزعها قال له: أقسم عليك أن تترك لي فتركه فخشي أبو عبيدة على رسول الله إن اقتلعهما بيده أن يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعض على أولاهما بثنيته عضاً قوياً فاستخرجها ووقعت ثنيته ثم عض على الأخرى بثنيته الثانية فاقتلعها فسقطت ثنيته الثانية وسلَّم ولكن ثَغْرَهُ حَسُنَ بذهابهما، حتى قيل: "ما رُؤيَ هَتْمٌ قَطُّ أحسن من هَتْم أبي عُبَيْدَة" سير أعلام النبلاء.

 

هذه التضحية بثنيته فما كان الجزاء من رسول الله إلا أن بشره بالجنة في جملة العشرة فقال: ((وأبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ في الجنَّةِ) صحيح.

 

مواقف تاريخية له في الإسلام:

نزلت فيه وفيمن كان حاله كحاله آيات مباركات تتلى إلى يوم القيامة، وذلك أنه شارك هو في بدر مع رسول الله وحزبه وشارك أبوه مع حزب اللات والعزى فما الذي جرى؟ يقول عبدِ اللهِ بنِ شوذبٍ: "جعل والدُ أبي عبيدةَ يتصدَّى لأبي عبيدةَ يومَ بدرٍ فيحيدُ عنه، فلما أكثَرَ قَصَدَه فقتلَه فنزلتْ: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المجادلة: 22] قال ابن حجر إسناده جيد.

 

يا له من مقام يخر أمامه حصن النفاق وشرذمة الخيانة، وترتفع فيه راية الولاء والبراء ونصرة دين الله، أبو عبيده حاد احتراماً وتقديراً للرحم الذي جاء الإسلام فما زاده إلا شداً ولا زاده إلا عبودية وأجراً، لكن عندما يكون نسب الدين ونسب الدنيا في لحظات مفاصلة فنسب الدين أجل وأعظم وله السطوة والقوة لأن به عز الإسلام وعزة المسلمين.

 

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ..... حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى مَاءٍ بِأَرْضِ جُذَامٍ، يُقَالُ لَهُ: السَّلاسِلُ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ ذَاتَ السَّلاسِلِ، فَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ خَافَ فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِدُّهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ حِينَ وَجَّهَهُ: لا تَخْتَلِفَا. فَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ حَتَّى إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّمَا جِئْتُ مَدَدًا لِي. فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَا عَمْرُو، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قَالَ لِي: "لا تَخْتَلِفَا"، وَأَنْتَ إِنْ عَصَيْتَنِي أَطَعْتُكَ. قَالَ: فَأَنَا أَمِيرٌ عَلَيْكَ، وَإِنَّمَا أَنْتَ مَدَدٌ لِي. قَالَ: فَدُونَكَ، فَصَلَّى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِالنَّاسِ". مال إلى تحسينه ابن حجر.

 

انظر رحمك الله إلى الإخلاص لله ولكتابه ولرسوله ومنهاجه يتجسد في مواقف هذا الإمام العظيم، فليسمع أصحاب المناصب والكراسي أن المنصب والكرسي إن لم يكن لله فهو إلى الردى والبوار والعار، والمنصب إن لم يزدك قرباً من الله فليس لك منه إلا زهرة الحياة الدنيا وعند الله تجتمع الخصوم، والمنصب الذي لا يحقق الهدف ولا المقصود ولا ينفع محتاج ولا يغيث ملهوف فهو منصب النفاق زينته مطامع النفس.

 

(لا تختلفا): الكلمة التي وقعت في سمع الصحابة لا يزال صداها يصل إلى قلب كل موحد، إلى ضمير كل مصلح، إلى إنسانية كل منصف، لم يشرخ الأمة وينهي طاقاتها ويبدد سلطانها إلا الاختلاف.

 

مناقبه:

حديث: ((جاء العاقبُ والسيدُ، صاحبا نجرانِ، إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.......قالا: إنا نعطيك ما سألتَنا، وابعثْ معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعثْ معنا إلا أمينًا. فقال: (لأبعثنَّ معكم رجلًا أمينًا حقَّ أمينٍ). فاستشرف له أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: (قُمْ يا أبا عبيدةِ بنِ الجراحِ). فلما قام، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (هذا أمينُ هذهِ الأمةِ). البخاري (4380).

 

إن الأوسمة إنما توضع على صدور الرجال تشريفاً وتكريماً لهم في الدنيا والله أعلم بمن يستحق الشرف، أما أوسمة النبي صلى الله عليه وسلم فهي أوسمة صدق وعدل وخيري الدنيا والآخرة، وقد حمل أبو عبيدة أعظمها شرفاً وأزكاها عند الله، كيف لا يعطيها النبي أبا عبيده وهو الذي قال فيه وقال فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((نِعْمَ الرجل أبو عُبَيْدَة بن الجَرَّاح)) صححه الحاكم.

 

ما كان الصحابة يسعون ويسابقون إلا لنيل بركة ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم وشهاداته الصادقة فهذا عمر بن الخطاب عندما طلب أهل اليمن الأمين قال: "ما تعرضتُ للإمارة، وما أحببتها، غير أنَّ ناسًا من أهل نَجْرَان أتوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فاشتكوا إليه عاملهم؛ فقال: ((لأبعثن عليكم الأمين)). قال عمر: فكنتُ فيمَن تطاول؛ رجاء أن يبعثني، فبعث أبا عُبَيْدَة"؛ أخرجه الحاكم وصحَّحه، ووافقه الذَّهبيُّ.

 

وبعد تولي عمر الخلافة حفظ لأبي عبيدة هذه المنقبة فقد ولاه الأمارة وأعطاه القيادة العامة بل وقد أحبه حباً عظيماً حتى قال يومًا لجلسائه: تمنوا، فتمنّوا، فقال عمر: "لكني أتمنَّى بيتًا ممتلئًا رجالاً مثل أبي عُبَيْدَة بن الجَرَّاح" قال الذهبي في التلخيص: "على شرط البخاري ومسلم".

بل قد رشحه أبو بكر لأن يكون الخليفة بعد رسول الله فقال في سقيفة بني ساعدة: (قَدْ رَضِيْتُ لَكُم أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ).

الولاية لا يستحقها إلا من جمع بين ركني الولاية: القوة والأمانة.

 

تطبيقه للدين:

أبو عبيده لم يفارق خياله ولا وجدانه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ولا هديه ومنهجه، وتشوقت نفسه للحوق به فكان على نهجه من ترك للدنيا والتقلل منها ليخف الحمل وتسير النفس إلى الله سيراً سريعاً، وقد تعرض لأبي عبيده ليرى أخاه على ما يحب ويرضى.

 

فعَنْ مَالِكٍ: ((أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بهَا. قَالَ: فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ هَذَا)) ابن سعد في الطبقات.

 

رموا بالدنيا خلف أظهرهم فملكوا الدنيا والآخرة، أنهم الصحابة الكرام الذين تعلموا من المعلم الأول كيف يكون العلم والعمل، أبو عبيده لا يعرف أن هذا امتحان من عمر لكنه يعرف أنه ابتلاء من رب عمر فكان يتعامل بإيمانه وصدقه لا بهوى النفس ونزعاتها إنهم الصحابة يا كرام.

 

ولما نزل عمر الشام ورى ما فتحت من زهرة الدنيا كان ولا بد أن يرى أين وصلت الدنيا في قلوب قواده حتى يضع الأمر في ميزانه الصحيح.

 

فعن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ حِيْنَ قَدِمَ الشَّامَ، قَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِكَ. قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ عِنْدِي؟ مَا تُرِيْدُ إِلاَّ أَنْ تُعَصِّرَ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ. قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئاً، قَالَ: أَيْنَ مَتَاعُكَ؟ لاَ أَرَى إِلاَّ لِبْداً وَصَحْفَةً وَشَنّاً، وَأَنْتَ أَمِيْرٌ، أَعِنْدَكَ طَعَامٌ؟ فَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى جَوْنَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا كُسَيْرَاتٍ، فَبَكَى عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ قُلْتُ لَكَ: إِنَّكَ سَتَعْصِرُ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَكْفِيْكَ مَا يُبَلِّغُكَ المَقِيْل. قَالَ عُمَرُ: غَيَّرَتْنَا الدُّنْيَا كُلَّنَا، غَيْرَكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ)). أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.

 

يريد عمر أن يرى الإسلام تطبيقاً عملياً في بيت أمير الشام، إن ما وجده عمر أوقف الزمن لحظات في ذهنه وأعاد له ذكريات الحبيب المصطفى، وتذكر الطريق الذي سلكه فوجد أبا عبيده حاملاً لواء العز والشرف سايراً على الطريق ما وقف وما حاد ولا انتكس فبكى عمر بمشاعر اختلطت جميعاً ويتهم نفسه بالنقص وحاشاه أن يكون ليرفع من مقام أخيه فهؤلاء هم الصحابة.

أقول ما سمعتم واستغفروا الله إن الله غفور رحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أعطانا من نعمة الجزيل وارشدنا إلى الحق المبين وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وصلى الله وسلم على البشير النذير صاحب الغرة والتحجيل صلى الله عليه صلاة وسلام دائمين إلى يوم الدين أما بعد:

موته:

خرج المجاهد الصابر المحتسب إلى الشام مجاهداً وكان قدر الله أن يصاب الناس بمرض الطاعون روى الذهبي: أنَّ وَجَعَ عمواس كان معافىً منه أبو عبيدة وأهله، فقال: «اللهم نصيبَك في آل أبي عبيدة»، فخرجتْ بأبي عبيدة في خنصره بثرة، فجعل ينظر إليها، فقيل له: «إنها ليست بشيء»، فقال: «أرجو أن يبارك الله فيها، فإنه إذا بارك في القليل كان كثيراً» واقسم أبو عبيده: (إني ما أحب أن لي بها حمر النعم).

 

وأراد عمر إنقاذه من الموت بفعل أسباب ذلك فأراد له حيلة فكتب إليه إذا أتاك كتابي ليلاً فإني أعزم عليك ألا تصبح حتى تركب إلي، و إن أتاك نهاراً فإني أعزم عليك ألا يمسي حتى تركب إلي، فلما أخذ أبو عبيدة الكتاب قال: قد علمت حاجة أمير المؤمنين إلي فهو يريد أي يستبقي ما ليس بباق، ثم كتب اليه يقول: يا أمير المؤمنين أني قد عرفت حاجتك إلي وإني في جند من المسلمين ولا أجد بنفسي رغبة عن الذي يصيبهم ولا أريد فراقهم حتى يقضي الله في وفيهم أمراً... فإذا أتاك كتابي هذا فحلني من عزمك وائذن لي بالبقاء، فلما قرأ عمر الكتاب بكى حتى فاضت عيناه فقال له من عنده لشدة ما رأوه من بكائه: أمات أبو عبيدة يا أمير المؤمنين قال: لا ولكن الموت منه قريب.

 

• مات أبو عُبَيْدَة، فقام معاذٌ في الناس، فحثَّهم على التوبة، ثم قال: إنكم أيها الناس قد فُجعتم برجلٍ، والله ما أزعم أني رأيتُ من عباد الله عبدًا قطُّ أقلَّ غمزًا، ولا أبرَّ صدرًا، ولا أبعدَ غائلةً، ولا أشدَّ حبًا للعاقبة، ولا أنصحَ للعامَّة منه؛ فترحَّموا عليه رحمه الله، ثم اصحروا للصلاة عليه، فو الله لا يلي عليكم مثلُه أبدًا.

 

اللهم ارحم أبا عبيده رحمة واسعة، اللهم إنا نشهدك على محبة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام البررة اللهم احشرنا معهم يا أكرم الأكرمين.

اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا عيبا إلا أصلحته، ولا حاجة لنا من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضى ولنا فيها صلاح إلا يسرتها وقضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث اللهم اصلح لنا شأننا كله ولاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك

اللهم اكف المسلمين كيد الكفار ومكر الفجار وشر الأشرار وشر طوارق الليل والنهار يا عزيز يا غفار

اللهم ألقنا بالصالحين وادخلنا جنة النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا

اللهم إنا نسألك لولاة أمورنا الصلاح والسداد اللهم كن لهم عونا وخذ بأيديهم إلى الحق والصواب والسداد والرشاد ووفقهم للعمل لما فيه رضاك وما فيه صالح العباد والبلاد

اللهم صلّ وسلم على النبي المصطفى والرسول المجتبى وعلى آله وأصحابه معادن التقوى وينبوع الصفا صلاة تبقى وسلاما يترى عدد ما ذكر الذاكرون وغفل الغافلون وسبح المسبحون

اللَّهُمَّ؛ هَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الْإِجَابَةُ، وَهَذَا الْجُهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

سبحان ربِّنا رب العزَّة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سيرة أبي عبيدة بن الجراح
  • خطبة عن أبي عبيدة بن الجراح

مختارات من الشبكة

  • أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين رضي الله عنها وعن أبيها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تراجم الشعراء (الخنساء – العباس بن مرداس - أمية بن أبي الصلت - زهير بن أبي سلمى - عنترة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة فوائد أبي محمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان أبي الشيخ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حديث أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت (ج1، 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • بدائع الفوائد تأليف الإمام أبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شجاعة سعد بن أبي وقاص وعلي بن أبي طالب(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مخطوطة الجزء الأول من حديث أبي الحارث الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء فيه حديث أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي الحديد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء الاعتكاف وحديث أبي بكر بن بجيج والجزء الثاني من أمالي أبي القاسم بن بشران(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الترجمة الصحيحة للقاضي أبي شجاع أحمد بن الحسن الأصفهاني صاحب متن أبي شجاع (434 - بعد 500)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب