• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

من الأخلاق الذميمة: سوء الظن

من الأخلاق الذميمة: سوء الظن
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/1/2017 ميلادي - 2/4/1438 هجري

الزيارات: 34094

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من الأخلاق الذميمة

(سوء الظن)


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب:70، 71].

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين يارب العالمين.

 

عباد الله؛ ومما يقرب إلى النار سوء الظن بإخوانك المسلمين، صفة ذميمة وخلق ذميم، ومن أسوأ الأخلاق أن يسيء المسلم الظن بأخيه المسلم.

 

لذلك الله سبحانه وتعالى نهى عن هذا الأمر وعن هذه الصفة وعن هذا الخلق في كتابه، فقال مخاطبا أحبابه بأحبّ صفة إليه سبحانه يجدها فيهم، صفة الإيمان، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، وَقَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾ [النور: 11، 12].

 

فالمسلم يحسن الظنّ بأخيه المسلم، هذا الأصل، لكن إن حدثت أمور أخرى تجعل الإنسان يظنّ السوء بأخيه المسلم فليُبْقِ هذا الظن خبيئا في الصدر، خبِّئه في صدرك لا تظهره، كما سنعلم أن سوء الظن يؤاخذ عليه الإنسان إذا عمل به وإذا أظهره، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ". (خ) (4849)، (م) 28- (2563)، (د) (4917)، (حم) (7333).

 

قَالَ أَبُو عِيسَى: قَالَ سفيان الثوري: الظَّنُّ ظَنَّانِ، -أي نوعان من الظن- فَظَنٌّ إِثْمٌ، وَظَنٌّ لَيْسَ بِإِثْمٍ، فَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي هُوَ إِثْمٌ، فَالَّذِي يَظُنُّ ظَنًّا وَيَتَكَلَّمُ بِهِ، وَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي لَيْسَ بِإِثْمٍ، فَالَّذِي يَظُنُّ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِه. أ.هـ،-.

هكذا قال السلف رحمهم الله في تفسير الظن؛ لأن ليس كل الظن إثم، لكن بعض الظن يكون إثما.

 

فـقول سفيان رحمه الله يصدِّقُه قولُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الظن؛ أنه أكذب الحديث، فهذا فيه دليل على أن الظنَّ الذي فيه إثمٌ هو الظنُّ الذي يُعْرَبُ عنه بالحديث والفعل والكلام، وليس مجرد الوساوس التي تخطر على قلب الإنسان، ولا يكاد يسلم منها أحد.

 

عباد الله؛ الظن إذا كان من علية القوم ربما يفسد الأمم، ويفسد الدول، ويفسد المجتمعات، إذا ساء الظن بعموم الناس؛ يعني إذا كان من الرؤساء والحكام والمسئولين؛ إذا كان منهم سوء الظن لرعاياهم ومواطنيهم وشعوبهم أفسدهم، فتفسد الدولة بذلك، وتفسد الأمة بذلك، نسأل الله السلامة، روى أبو دواد بسنده، عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ". (د) (4889)، (حم) (23866)، انظر صَحِيح الْجَامِع (1049)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (2343).

الأمير الذي هو ولي الأمر؛ الذي تولى أمر من تولى أمرهم، يبحث عن الريبة، ثم يظهرها لهم، فيعاقبهم بها يفسدهم.

 

-أَيْ: إِنَّ الْأَمِير إِذَا اِتَّهَمَهُمْ -أي الرعية- وَجَاهَرَهُمْ بِسُوءِ الظَّنّ فِيهِمْ، أَدَّاهُمْ ذَلِكَ إِلَى اِرْتِكَاب مَا ظُنَّ بِهِمْ فَفَسَدُوا. قَالَ الْمَنَاوِيُّ -رحمه الله-: وَمَقْصُود الْحَدِيث؛ حَثُّ الْإِمَام عَلَى التَّغَافُل وَعَدَمِ تَتَبُّع الْعَوْرَات. عون المعبود (10/ 415).

 

واعلم أن سوء الظن يهدم العلاقات الاجتماعية إذا كان من الناس ومن الأفراد فيما بينهم، هذه تفسد العلاقات بين الناس إذا كثر فيهم سوء الظن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: (مَا يَزَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَتَظَنَّى، حَتَّى يَصِيرَ أَعْظَمَ مِنَ السَّارِقِ). (خد) (1289)، وانظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد (979)

أي: يتظنن، قال في القاموس: (التظني): إعمال الظن، وأصله -من- التظنن.

 

فالذي يُسرق منه شيء فيظن في الناس، ويبقى يظن ويتهم هذا، ثم تظهر براءته، ثم يتهم هذا، ثم تظهر براءته، ويتهم هذا، ثم تظهر براءته، وإذا به يحصل منه جرم أعظم من السارق، قال ابن مسعود: (مَا يَزَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَتَظَنَّى، حَتَّى يَصِيرَ أَعْظَمَ مِنَ السَّارِقِ).


وروى البخاري ومسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي). (مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا).

 

وفي رواية: (مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا)، (مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ"). (خ) (2391)، (4968)، (6287)، (م) (127)، (جة) (2044).

 

وساوس الصدر هذه معفو عنها إن شاء الله تعالى، فقط وساوس الصدر التي تؤاخذ بها وساوس الكفر بالله عز وجل، ووساوس الإلحاد إذا ظهرت على الإنسان كفر بها، وإلاّ؛ يخشى عليه إن بقيت فيه، فالوساوس كالسوس، الوساوس للإنسان كالسوس في الأخشاب تهلكها بعد مدة.

 

ففي الحديث؛ -أَنَّ الْعَفْو عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْأُمَّة، وَالْمُصِرُّ عَلَى الْكُفْرِ -إنسان لا يريد الكفر، لكن يأتي في صدره الكفر هذا معفو عنه وإن جاءته الوساوس، أما ما يصر على الكفر فهذا ليس بمسلم أصلا والعياذ بالله- لَيْسَ مِنْهُمْ، -وكذلك الذي في قلبه معصية، يحب أن يعصي وأن يفعل ما لم تتقدم معصية قبل ذلك، فلا يحاسب على ما في نفسه- وَبِأَنَّ الْمُصِرَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ الْآثِمِ مَنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَمَلُ الْمَعْصِيَة، لَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْ مَعْصِيَةً قَطُّ، وَأَمَّا الرِّيَاءُ وَالْعُجْبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَكُلُّهُ مُتَعَلِّق بِالْأَعْمَالِ. (فتح)-.

 

أما عِلَاجُ سُوءِ الظَّنّ - يا عباد الله - فباجتناب كثير من الظن، اجتنب كثيرا من الظن، إذا اجتنبت الكثير من الظن اجتنبت السيء من الظن، فنجوت بأمر الله سبحانه وتعالى، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حَسَدْتُمْ فلَا تَبْغُوُا، وَإِذَا ظَنَنْتُمْ فلَا تُحَقِّقُوا". الكامل لابن عدي (4/ 315)، انظر الصَّحِيحَة (3942).

 

( إِذَا حَسَدْتُمْ) أَيْ: إذا تمنيتم زوالَ نعمةِ اللهِ على من أنعم عليه، -من عباد الله سبحانه وتعالى.

(فلَا تَبْغُوُا) أَيْ: لا تعتدوا وتفعلوا بمقتضى التمنِّي، -أن تزول هذه النعمة عن عبد من عباد الله سبحانه وتعالى- فمَن خَطَر له ذلك -في قلبه؛ يتمنى زوال النعمة عن أخيه المنعَم عليه-، فليبادر -في قلبه- إلى استكراهه، كما يكره ما طُبِع عليه من حب الـمَنْهيَّات، -بعض الناس يحبّ المنهيات! لكنّه يستكرهها؛ لأن الله يبغضها، والدين يحرمها، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر منها، فهو وإن جاءه حبّ مثل هذه المنهيات من الشهوات المحرمة، ونحو ذلك فهو يستكرهها.

 

أما إذا كان يريد أن تزول النعمة عن كافر أو فاسق يستعين بها على المحرمات، فلا مانع من تمني ذلك، فالذي يستعين بنعم الله على ما حرم الله لا مانع من تمني زوالها، والسعي في زوالها عنه حتى لا يعصى الله- نعم إن كانت النعمة لكافر أو فاسق يستعين بها على المحرمات، فلا.

 

(وَإِذَا ظَنَنْتُمْ) أَيْ: إذا ظننتم سوءا بمن ليس محلًّا لسوء الظن به.

(فلَا تُحَقِّقُوا) أَيْ: فلا تحققوا ذلك باتباع موارده -تتلصص وتبحث، وتريد أن تثبت عليه هذه التهمة التي وصلتك، الله أعلم من صادق أم من كاذب- وتعملوا بمقتضاه، -فقد- قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾. [الحجرات: 12].

 

ومَن أساء الظن -يا عباد الله! قد يحدث من بعض الناس، يسيء الظن- بمَن ليس محلًّا لسوء الظن به، دلَّ على عدم استقامته في نفسه، -هذا الذي يسيء الظن في إنسان لا يستحق أن يساء به الظن، هذا دل سوء هذا، على عدم استقامته في نفسه، هو أصلا واقع فيما يغضب الله سبحانه وتعالى- كما قيل: إذا ساء فعلُ المرء ساءتْ ظنونُه، -إذا ساء فعل المرء؛ يظن أن كل الناس مثله، نسأل الله السلامة- وصَدَّقَ -هو- ما يعتادُه مِن توهُّمٍ، والظنُّ أكذبُ الحديث.

 

هذا إذا ظن إنسان بمن ليس أهلا للظن، لكن بعض الناس هو أهل للظن، يأتي لنفسه بما يظنه الناس فيه ظن السوء، قال المناوي:-

 

أما من هو محلٌّ لسوء الظن به، فيُعامل بمقتضى حاله كما يدل له الخبر: (الحزم سوء الظن)، وخبر: (من حَسُنَ ظَنُّه بالناس، طالت ندامتُه). فيض القدير (1/ 424).-

 

من حَسُنَ ظَنُّه بالناس؛ أي الذين لا يستحقون الظنّ الحسن، يحسن الظنّ بهم هذا طالت ندامته؛ لأنه سيفاجأ بأمور ليس كما ظنّ هو، لكنّ المسلم يحسن الظنّ بأخيه المسلم.

 

وعلى المؤمن؛ عليَّ وعليك وعلى كل مؤمن أن لا يجلب لنفسه سوء الظنّ، بأفعال أو أقوال أو حركات أو ما شابه ذلك، ربما تودي به إلى أن يَظنّ به غيره ظنّ السوء، وإذا وقع منه ما يشبه ذلك، إذا وقع ما يجعله يُساء الظن به، فعليه أن يبيّن ذلك ويوضحه؛ حتى لا يقع إخوانك -في الدين والإيمان والإسلام- يقعوا في سوء الظن بك، فيعاقبهم الله سبحانه وتعالى، وأنت بريء من ذلك، لكنك سبب لذلك، أبعد هذه التهمة عن نفسك وعن إخوانك، مصداق ذلك ما ورد في البخاري ومسلم، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ -ابن أخطب رضي الله تعالى عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا). (خ) (3281)، (فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ). (خ) 2035، (فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا). (خ) 3281، (وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ). (خ) (2038)، (فَتَحَدَّثْتُ عِنْدَهُ سَاعَةً). (خ) (2035)، (ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ)، -أي أردت أن أرجع إلى بيتي- (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعِي لِيَقْلِبَنِي)، -(لِيَقْلِبَنِي) أَيْ: يَرُدَّنِي إِلَى بَيْتِي، وَفِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِد مَعَهَا لِتَبْلُغ مَنْزِلهَا، ...- (وَكَانَ مَسْكَنِي فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ). -أي بعيدا عن المسجد.

 

(فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا)، -الوقت وقت ظلام، لكنهما عرفا النبي صلى الله عليه وسلم لخروجه من المسجد، ولعل هناك بعض المصابيح التي تعطي بعض الضياء خارج المسجد، فعرفا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيا معه امرأة، والمسألة ما بعد العشاء فهذه قد تودي بشكّ في القلب وسوء الظن، من هي المرأة التي مع النبي صلى الله عليه وسلم في ظلمة الليل؟،- (فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عَلَى رِسْلِكُمَا"). (خ) (3281)، -أَيْ: عَلَى هِينَتِكُمَا فِي الْمَشْي، فَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ تَكْرَهَانِهِ. (فتح).

 

لماذا أردتما الفرار من أمامي؟ ما شيء يستحق هذا!- ("هَذِهِ زَوْجَتِي"). (م) (2174)، ("صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ"، -يعني ليست امرأة غريبة- (فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ!) -(سُبْحَان الله) -وهنا- حَقِيقَةً تُنَزِّه اللهَ تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ مُتَّهَمًا بِمَا لَا يَنْبَغِي، أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ التَّعَجُّب مِنْ هَذَا الْقَوْل -من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني لماذا تقول هذه زوجتك، هل نحن نشك فيك؟ لا نشك فيك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم-. عون المعبود (5/ 357)- (وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ). (خ) (2035).

 

وفي رواية (م) 23- (2174)، عن أنس: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَعَ إِحْدَى نِسَائِهِ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَدَعَاهُ) ...: (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَنْ كُنْتُ أَظُنُّ بِهِ فَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ بِكَ)، -يعني لو شككت في جميع الناس لا أشك فيك يا رسول الله- (فَقَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ"). (خ) (2039)، (م) (2175).

 

هذا الذي خوف النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه، ويبين لهم حتى لا يكون في قلوبهم شيء، لماذا؟ لأن الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، ما معناه؟

 

(يجري من ابن آدم مجرى الدم)- -قِيلَ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ، -فعلا يجري من ابن آدم مجرى الدم-، وَأَنَّ الله تَعَالَى أَقَدَرَهُ عَلَى ذَلِكَ، -يدخل في الإنسان ويخرج منه.

 

وَقِيلَ: هُوَ عَلَى سَبِيل الِاسْتِعَارَة مِنْ كَثْرَةِ إِغْوَائِهِ، وَكَأَنَّهُ لَا يُفَارِقُ كَالدَّمِ، فَاشْتَرَكَا فِي شِدَّة الِاتِّصَال وَعَدَمِ الْمُفَارَقَةِ. (فتح الباري).

فالشيطان لا يفارق الإنسانَ كما لا يفارقه الدم جسمه.

 

قال صلى الله عليه وسلم:- ("وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا"). (خ) (3101)، (م) (2175)، -شيئا، هذا الشيء لو اتهما النبي صلى الله عليه وسلم أو ظنا في أنفسهما تهمة للنبي صلى الله عليه وسلم أو ساءا الظن به لكفرا، اتهام النبي بأي صفة من الصفات الرذيلة أو الصفات الساقطة أو ما شابه ذلك، أي صفة أو سوء الظن به في هذه الأمور كفر والعياذ بالله، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فخشي عليهم من ذلك أن يقذف الشيطان في قلوبهما شيئا.

 

رَوَى الْحَاكِمُ -في مستدركه- أَنَّ الشَّافِعِيَّ -رحمه الله- كَانَ فِي مَجْلِس اِبْن عُيَيْنَةَ، فَسَأَلَهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيث -"وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا؟"- فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّمَا قَالَ لَهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِمَا الْكُفْرَ إِنْ ظَنَّا بِهِ التُّهْمَةَ، فَبَادَرَ إِلَى إِعْلَامِهِمَا نَصِيحَةً لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَقْذِفَ الشَّيْطَانُ فِي نُفُوسهمَا شَيْئًا يَهْلِكَانِ بِهِ.

 

وَفِي الْحَدِيث؛ ... بَيَانُ شَفَقَتِهِ صلى الله عليه وسلم -وعطفه وحنانه- عَلَى أُمَّتِهِ، وَإِرْشَادُهِمْ -رضي الله تعالى عنهم- إِلَى مَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ الْإِثْمَ.

 

وَفِيهِ التَّحَرُّزُ -والبعد والتجنب والحذر- مِنْ التَّعَرُّضِ لِسُوءِ الظَّنِّ، وَالِاحْتِفَاظِ مِنْ كَيَدِ الشَّيْطَانِ.

والحديث فيه- الِاعْتِذَار للآخرين -بين ما عندك حتى لا يبقى في قلوبهم شيء من ناحيتك-، قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: وَهَذَا مُتَأَكِّدٌ فِي حَقِّ الْعُلَمَاء وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلًا يُوجِبُ سُوءَ الظَّنِّ بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِيهِ مَخْلَصٌ؛ -بينه وبين نفسه فيه مخلص، لكن بين الناس لا يدرون عنك، ولا يعرفون مخلصك هذا-؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ إِلَى إِبْطَال الِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِمْ.

 

وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاء: يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ -الذي حكم على بعض المتهمين في قضية ما، في تهمة ما-؛ أَنْ يُبَيِّن لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَجْهَ الْحُكْم إِذَا كَانَ خَافِيًا، نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ،.. (فتح الباري)- حتى لا يقال: هذا الحكام ظالم، أو حكم بين الناس مواراة، أو ما شابه ذلك، أو حكم عليّ لأنه أخذ رشوة،... يبين له الحكم حتى ينفي عنه التهمة...

 

واجتنابا للظنّ بالمسلم نأخذ بالأسباب، إذا كان هناك معاملات نتعامل بها مع الناس ونخشى أن نسيء بهم الظن، فلا تكفي الأمانة في هذا، لابد من أخذ الحيطة والحذر، وأخذ الأسباب التي يُرفع بعدها سوء الظن، لذلك إن كان عندك من يشتغل أو يعمل من خادم أو عامل أو نحوه ووكلته بأمر ما، فلابد من أن تعرف ما لك من مال، فتعدّه عدًّا، ولكن إذا سلمته دكانا أو ما شابه ذلك لا يذهب إلى ذهنك سوء الظن به إذا نقص المال؛ لأنك ما عددته ولا عرفته، نقص بسبب من الأسباب وهو بريء من هذا، فتكون التهمة.

 

كذلك بعض الناس يأخذ المال كالمهر مثلا ولا يعده، أمّن من أعطاه، وبعد مدة عدّه ووجده قليلا، ناقصا كذا وكذا، لماذا أمّنت أوّلا وخوّنت ثانيا، ابتعد عن سوء الظن يا عبد الله، فالأمر بالمفارقة، إذا صار فراق بين الناس بعد عقد وما شابه ذلك انتهى الأمر، فلذلك يقول السلف الصالح رحمهم الله، ومنهم سلمان الفارسي رضي الله عنه قَالَ: (إِنِّي لَأَعُدُّ الْعُرَاقَ عَلَى خَادِمِي مَخَافَةَ الظَّنِّ). (خد) (128).

 

الخادم الذي يعمل عنده، ويذبح ذبيحة، ويأتي إلى العظام التي ليس عليها لحم فيعدها كم عظمة؟ حتى إذا قدمها يعرفها أنها هي لا يشك في هذا الخادم.

وورد في الأدب المفرد، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ -من السلف الصالح رحمه الله- قَالَ: (كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْتِمَ عَلَى الْخَادِمِ، وَنَكِيلَ، وَنَعُدَّهَا، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَعَوَّدُوا خُلُقَ سُوءٍ)، -وهذا لهم هم-، (أَوْ يَظُنَّ أَحَدُنَا ظَنَّ سُوءٍ). (خد) (127).

 

وهذه تكون كثيرا بين الأصدقاء والأحباب، أولها أمانة ويقول: أنا أخوِّنك يا فلان، وآخرها خصام، أنا أمنت وأنا فعلت، لا يا أخي تحتاج المسألة إلى ضبط وربط، وإبعاد لسوء الظن عن النفس.

توبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى من اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

ونعوذ بالله من سوء الظن، ونعوذ بالله من الظن السيء، فعلينا أن نحسن الظن ولا نسيئه، خصوصا إذا كانت بيننا علاقات حسنة، وأحسن وأفضل العلاقة العامة علاقة الدين والإسلام والإيمان، وأخصّ منها علاقة المجتمع، والفرد مع أسرته الزوجة مع زوجها، والزوج مع زوجته.

 

سوء الظن إذا بدأ في الأسرة يفكِّكها وتصبح غير مترابطة، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم بيّن لنا أدبا عاليا، وأدبا رفيعا راقيا في هذه المسألة، وكانت التي وقع عليها هذا الأمر عائشة رضي الله تعالى عنها، من غيرتها ظنت برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذهب إلى امرأة أخرى فأدبها النبي صلى الله عليه وسلم كما سنعلم من حديث مسلم وأحمد بن حنبل، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: (قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله تعالى عنها: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟! قُلْنَا: بَلَى! قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي، انْقَلَبَ) -أَيْ: رَجَعَ مِنْ صَلَاة الْعِشَاء -إلى البيت على عادته-. شرح سنن النسائي (5/ 377).

 

(فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا"). (م) (974)، (س) (3963)، -(أَجَافَهُ) أَيْ: أَغْلَقَهُ -أي الباب، بدون ضجة-، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم فِي خُفْيَة لِئَلَّا يُوقِظهَا وَيَخْرُجَ عَنْهَا، فَرُبَّمَا لَحِقَهَا وَحْشَةٌ فِي اِنْفِرَادِهَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل. شرح النووي (3/ 401).

 

(قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ). (م) (2815)؛ -لأن لها ضرائر ولها صويحبات أخريات، زوجات للنبي صلى الله عليه وسلم، هل ذهب إلى واحدة منهن، فقالت:- (فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي)، -التقنُّع: تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره، -وغطت كل رأسها إلا عيناها حتى ترى الطريق-، والإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن.

 

(ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ) -(الْبَقِيع): مَقْبَرَة الْمُسْلِمِينَ بالمدينة-. (فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)، -ماذا يفعل؟ يدعو للأموات، يدعو لأهل البقيع- (ثُمَّ انْحَرَفَ، فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ، فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ، فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ) -الْإِحْضَار: -هو نوع من- الْعَدْوُ و -فيه شدة- الجري.

 

(فَسَبَقْتُهُ) -أي سبقت النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت- (فَدَخَلْتُ، فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ اضْطَجَعْتُ، فَدَخَلَ فَقَالَ: "مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً؟!" -(حَشْيَا) أَيْ مُرْتَفِعَة النَّفْس مُتَوَاتِرَته، -مرتفعة البطن- كَمَا يَحْصُل لِلْمُسْرِعِ فِي الْمَشْي، -ثم يجلس ليستريح وهذا لأن النفس يدخل ويخرج بسرعة والبطن متحركة-. شرح سنن النسائي (3/ 278)، وَقَوْله: (رَابِيَة) أَيْ: مُرْتَفِعَة الْبَطْن. شرح النووي (3/ 401).

 

(فَقُلْتُ: لَا شَيْءَ، قَالَ: "لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ")، -يأتي الخبر من اللطيف الخبير- (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي .. فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: "فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟!" (السَّوَادُ) أَيْ: الشَّخْص. (قُلْتُ: نَعَمْ). (م) (974)، (س) (3963)، (قَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟") -أصابتك الغيرة؟- (فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟). (م) (2815)، -يعني معي عذري أن أغار عليك، يغار مثلي على مثلك.

 

(قَالَ: "أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟!") -الْحَيْف بِمَعْنَى الْجَوْر -والظلم-؛ أَيْ: بِأَنْ يَدْخُلَ الرَّسُولُ فِي نَوْبَتِك عَلَى غَيْرِك، وَذِكْرُ اللهِ لِتَعْظِيمِ الرَّسُولِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَ بِدُونِ إِذْنٍ مِنْ الله تَعَالَى، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ -بين النساء- عَلَيْهِ وَاجِبٌ، إِذْ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ جَوْرًا إِلَّا إِذَا كَانَ وَاجِبًا. شرح سنن النسائي (3/ 278).

 

(فَقُلْتُ) -تقول عائشة رضي الله تعالى عنها-: (مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، نَعَمْ!) -أي جاء هذا الظن في نفسي- (فَلَهَدَنِي) -اللَّهْد: الدَّفْعُ الشَّدِيدُ فِي الصَّدْر، وَهَذَا كَانَ تَأدِيبًا لَهَا -من النبي صلى الله عليه وسلم- مِنْ سُوءِ الظَّنِّ. شرح سنن النسائي (3/ 278)- (فَلَهَدَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي). (م) (974)، (س) (3963).

 

وهذا تأديب أيضا لنا نحن حتى لا يقع منا مثل الذي وقع منهم، فالصحابة تقع منهم أشياء؛ الله قادر على أ ن يعافيهم منها، لكن تقع منهم حتى يكونوا لنا مثالا وقدوة وأحكاما نأخذها منهم.

 

(ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: "أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟!" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟! قَالَ: "نَعَمْ!" قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ!" قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: "نَعَمْ، وَلَكِنَّ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ"). (م) (2815)، (س) (3960).

 

أسلم شيطان النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: (فلا يأمرني إلا بخير)، والنبي صلى الله عليه وسلم سلم من شر شيطانه، ليس كبقية القرناء، قرناء السوء، من الشياطين معنا، هؤلاء لم يسلموا، شيطاني وشيطانك يا عبد الله! لم يسلموا، لكن شيطان النبي صلى الله عليه وسلم قد أسلم، فلذلك لا يؤمر صلى الله عليه وسلم حتى من شيطانه وقرينه لا يؤمر إلا بخير.

 

هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله في كتابه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يارب العالمين.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم انصرنا على القوم الكافرين.

اللهم وحد صفوفنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم اسقنا غيثا مغيثا، غدقا طبقا، مجللا هنيئا مربعا، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا هدم ولا غرق ولا بلاء ولا فتنة، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

وأنت يا مؤذن أقم الصلاة؛ ﴿...إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾. [العنكبوت:45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سوء الظن
  • سوء الظن ( حقيقته وخطره )
  • سوء الظن
  • سوء الظن (خطبة)
  • خاطرة عن سوء الظن
  • جملة من الأخلاق المحمودة والمذمومة
  • سوء الظن (خطبة)
  • سوء الظن وخطره على الفرد والمجتمع (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تدبر آية الأخلاق: 70 هداية قرآنية مستنبطة من آية الأخلاق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بذور الأخلاق للناشئين – 30 خلقا من أجمل وأروع الأخلاق التي يربى عليها الناشئة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حصن الأخلاق: جملة من الأخلاق الواردة في القرآن والسنة (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • تقديم سوء الظن على حسن الظن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحلي المعلم والمتعلم بمكارم الأخلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأخلاق الإسلامية(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • ظن السوء (2) المنافقون وظن السوء(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الخلف وسوء الأخلاق في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • حسن الظن واجتناب سوء الظن(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • حسن الخلق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب