• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    دروس وأسرار من دعاء سيد الاستغفار
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    حكم الأضحية
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    خطبة حجة الوداع والدروس المستفادة منها (خطبة)
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك (الإخلاص طريق الخلاص)
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل يوم النحر
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    تخريج حديث: إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تحفة الرفيق بفضائل وأحكام أيام التشريق (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العزيز، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    إمساك المضحي عن الأخذ من الشعر والظفر في عشر ذي ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

غيث القلوب

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/12/2016 ميلادي - 4/3/1438 هجري

الزيارات: 10831

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غيث القلوب


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، حِينَمَا تُجدِبُ القُلُوبُ وَتُقفِرُ الصُّدُورُ، وَيَضعُفُ الإِيمَانُ وَيَتَبَلَّدُ الشُّعُورُ، وَتَتَجِّهُ مَعَ ذَلِكَ سِهَامُ العَدُوِّ إِلى النُّحُورِ، فَإِنَّ ذِكرَ اللهِ - تَعَالى - هُوَ خَيرُ مَا شُغِلَت بِهِ الأَوقَاتُ وَعُمِرَت بِهِ السَّاعَاتِ، وَأَجَلُّ مَا أُغِيثَت بِهِ القُلُوبُ وَسُقِيَ بِهِ زَرعُ الإِيمَانِ فِيهَا  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُم فِئَةً فَاثبُتُوا وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾  [الأنفال: 45] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾[الأحزاب: 41 - 43] إِنَّهُ لَيسَ أَحَدٌ مِنَّا في هَذَا الزَّمَانِ إِلاَّ وَهُوَ يُحِسُّ بِقَسوَةٍ في قَلبِهِ وَضَعفٍ في نَفسِهِ، وَيَشعُرُ أَنَّهُ بِحَاجَةٍ إِلى العَودَةِ إِلى رَبِّهِ، خَاصَّةً مَعَ انتِشَارِ الفِتَنِ وَكَثرَةِ وُرُودِهَا عَلَى القُلُوبِ، وَمَا يُحِيطُ بِنَا وَنَرَاهُ في بِلادٍ لَيسَت عَنَّا بِبَعِيدَةٍ مِن رَفعِ العَافِيَةِ وَحُلُولِ البَلاءِ، فَهَل ذَكَرنَا اللهَ – تَعَالى - كَثِيرًا لِيُثَبِّتَنَا؟! هَل سَبَّحنَاهُ بُكرَةً وَأَصِيلاً لِيُخرِجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ؟! إِذَا نَزَلَتِ النَّوَازِلُ وَأَلَمَّتِ المُلِمَّاتُ، وَأَحَاطَت بِالمُؤمِنِينَ الشَّدَائِدُ وَالمُشكِلاتُ، كَانَ ذِكرُ اللهِ هُوَ حِصنَهُم الَّذِي بِهِ يَلُوذُونَ، وَكَهفَهُم الَّذِي إِلَيهِ يَأوُونَ، وَرِيَاضَ جَنَّتِهِمُ الَّتي فِيهَا يَتَقَلَّبُونَ، وَرُؤُوسَ أَموَالِهِمُ الَّتي بها يَتَّجِرُونَ، بِهِ يَستَدفِعُونَ الآفَاتِ وَيستَكشِفُونَ الكُرُبَاتِ، وَتَهُونُ عَلَيهِم البَلايَا وَالمُصِيبَاتُ، فَيَنقَلِبُ حَزِينُهُم ضَاحِكًا مَسرُورًا، وَيَعُودُ ذَاكِرُهُم مَذكُورًا، قَالَ – تَعَالى - : ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152] وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ اللهُ أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي، وَإِن ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبرًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا وَإِن أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَعِندَ التِّرمِذِيِّ وَالنَّسَائيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ : " إِنَّ اللهَ أَوحَى إِلى يَحيَى بنِ زَكَرِيَّا بِخَمسِ كَلِمَاتٍ أَن يَعمَلَ بِهِنَّ وَيَأمُرَ بَني إِسرَائِيلَ أَن يَعمَلُوا بِهِنَّ... " الحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَ : "وَآمُرُكُم بِذِكرِ اللهِ كَثِيرًا، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ العَدُوُّ سِرَاعًا في أَثَرِهِ حَتَّى أَتى حِصنًا حَصِينًا فَأَحرَزَ نَفسَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ العَبدُ لا يَنجُو مِنَ الشَّيطَانِ إِلاَّ بِذِكرِ اللهِ".


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ شَرَفَ الذِّكرِ وَعُلُوَّ مَنزِلَتِهِ، وَعَظِيمَ فَضلِهِ وَبَالِغَ أَثَرِهِ، وَحَاجَتَنَا إِلَيهِ مَعَ سُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ وَمُضَاعَفِ أَجرِهِ، لَتَدعُونَا أَن نَكُونَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ – تَعَالى - كَثِيرًا، وَأَلاَّ نَكُونَ مِنَ المُفَرِّطِينَ الغَافِلِينَ، غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ طَرِيقًا تُوصِلُ سَالِكَهَا إِلى هَذَا الشَّرَفِ العَظِيمِ، مَن وَجَدَ نَفسَهُ عَلَيهَا فَهَنِيئًا لَهُ، وَإِلاَّ فَلْيُدرِكْهَا وَلْيُلزِمْ نَفسَهُ إِيَّاهَا، وَإِنَّ أَبرَزَ عَلامَاتِ تِلكَ الطَّرِيقِ – أَيُّهَا المُؤمِنُونَ – هِيَ الصَّلَوَاتُ الخَمسُ، نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ - خَمسُ صَلَوَاتٍ وَلَيسَت أَربعًا وَلا ثلاثًا، خَمسُ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ، بَأَدَائِهَا وَالمُحَافَظَةِ عَلَيهَا في بُيُوتِ اللهِ مَعَ المُؤمِنِينَ، يَتَبَيَّنُ لِلمَرءِ مَوقِعَهُ في طَرِيقِ أَهلِ الذِّكرِ الصَّادِقِينَ، ذَلِكُمُ الطَّرِيقُ الطَّوِيلُ الَّذِي يَبدَأُ مِنَ المَسَاجِدِ، وَتَكتَنِفُهُ خَيرُ الأَعمَالِ عِندَ اللهِ وَأَزكَاهَا وَأَهَمُّهَا وَأَولاهَا  ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبصَارُ ﴾ [النور:  37 - 36]. " أَجَلْ – أَيُّهَا المُؤمِنُونَ – إِنَّ مَن حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمسِ بِأَركَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا، وَأَكمَلَ خُشُوعَهَا وَطُمَأنِينَتَهَا، وَأَتَى بِالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قَبلَهَا وَبَعدَهَا، فَقَد نَالَ أَكبَرَ نَصِيبٍ مِن ذِكرِ اللهِ – تَعَالى – ذَلِكُم أَنَّ الصَّلاةَ تَشتَمِلُ عَلَى أَنوَاعٍ عَدِيدَةٍ مِنَ الذِّكرِ، قِرَاءَةً وَدُعَاءً وَتَمجِيدًا، وَتَكبِيرًا وَتَسبِيحًا وَتَحمِيدًا، مَعَ حُضُورِ قَلبٍ وَخُضُوعٍ وَتَذَلُّلٍ وَخُشُوعٍ، وَلِذَا كَانَ الذَّمُّ مُتَّجِهًا إِلى المُنَافِقِينَ المُتَكَاسِلِينَ عَنِ الصَّلاةِ بِقِلَّةِ ذِكرِهِم للهِ فِيهَا، قَالَ – تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142] وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – فِيمَن يُؤَخِّرُ صَلاةَ العَصرِ إِلى اصفِرَارِ الشَّمسِ قَبلَ الغُرُوبِ : " تِلكَ صَلاةُ المُنَافِقِ؛ يَجلِسُ يَرقُبُ الشَّمسَ، حَتَّى إِذَا كَانَت بَينَ قَرنَيِ الشَّيطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَربَعًا لا يَذكُرُ اللهَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَبَعدَ أَدَاءِ الصَّلاةِ مَعَ الجَمَاعَةِ، فَإِنَّ لِلذَّاكِرِينَ رَوضَةً أُخرَى لا يَفُوتُهُم فِيهَا اقتِطَافُ أَزهَارِ الذِّكرِ وَجَنيُ ثِمَارِهِ، وَمَحَطَّةً يَتَزَوَّدُونَ فِيهَا مِن وَقُودِ الذِّكرِ، حَيثُ يَجلِسُونَ في مَسَاجِدِهِم وَأَمَاكِنِ صَلاتِهِم مُحتَسِبِينَ، وَيَتَلَبَّثُونَ وَلا يَستَعجِلُونَ، وَيَطمَئِنُّونَ حَتَّى يَأتُوا بِالأَذكَارِ الوَارِدَةِ في دُبُرِ الصَّلاةِ، تَرَى أَحَدَهُم ثَانِيًا رِجلَهُ مُطَأطِئًا رَأسَهُ، يَعقِدُ بِيَدِهِ التَّسبِيحَ وَالتَّحمِيدَ وَالتَّكبِيرَ وَالتَّهلِيلَ، ثم يُتبِعُهُ بِقِرَاءَةِ آيَةِ الكُرسِيِّ وَالمُعَوِّذَاتِ، لا يَلتَفِتُ إِلى غَيرِ ذَلِكَ وَلا يَتَطَلَّعُ إِلَيهِ، وَلا يَشغَلُ قَلبَهُ بِغَيرِهِ وَلا يَتحَرَّكُ لِسَانُهُ بِسِوَاهُ، يُرَدِّدُ أَذكَارَهُ بِخُشُوعٍ وَتَأنٍّ وَتَفَكُّرٍ؛ غَيرَ مُلتَفِتٍ إِلى المُتَهَاوِنِينَ المُستَعجِلِينَ، الَّذِينَ يُسرِعُ أَحَدُهُم في الانصِرَافِ وَيَسعَى خَارِجًا مِنَ المَسجِدِ، دُونَ أَن يَأتِيَ بِالأَذكَارِ وَلا يَحظَى مِن مَلائِكَةِ الرَّحمَنِ بِاستِغفَارٍ، وَلَكَأَنَّمَا كَانَ في سِجنٍ فَفُتِحَ لَهُ البَابُ فَفَرَّ وَوَلَّى هَارِبًا.


وَفي آنَاءِ اللَّيلِ وَأَطرَافِ النَّهَارِ، سَاعَاتٌ وَلَحَظَاتٌ يَستَثمِرُهَا المُؤمِنُ في تِلاوَةِ كِتَابِ رَبِّهِ، وَإِلاَّ فَإِنَّ كُلَّ لَحظَةٍ وَحَرَكَةٍ وَالتِفَاتَةٍ، هِيَ مَجَالٌ خِصبٌ لِذِكرِ اللهِ، وَفُرصَةٌ لِتَرطِيبِ اللِّسَانِ بِهِ، فَلِخُرُوجِ المُسلِمِ مِن مَنزِلِهِ ذِكرٌ وَلِدُخُولِهِ ذِكرٌ، وَلِرُكُوبِهِ سَيَّارَتَهُ ذِكرٌ، وَعِندَ دُخُولِ الخَلاءِ ذِكرٌ، وَفي حَالِ الخُرُوجِ ذِكرٌ، وَإِذَا أَرَادَ أَن يَتَوَضَّأ ذَكَرَ اللهَ، وَإِذَا فَرَغَ مِن وُضُوئِهِ ذَكَرَ اللهَ، وَإِذَا لَبِسَ ثَوبًا جَدِيدًا جَاءَ بِمَا وَرَدَ في ذَلِكَ، وَعِندَ نَومِهِ ذِكرٌ وَفي قِيَامِهِ ذِكرٌ، وَقَبلَ الأَكلِ ذِكرٌ وَبَعدَهُ ذِكرٌ، بَل حَتَّى في تَقَلُّبِهِ في فِرَاشِهِ وَإِتيَانِهِ أَهلَهُ ثَمَّةَ ذِكرٌ وَدُعَاءٌ، وَإِذَا هُوَ حَرِصَ عَلَى تِلكَ الأَذكَارِ وَدَاوَمَ عَلَيهَا وَاستَوعَبَ أَوقَاتَهُ بها، وَلم يُضَيِّعْ فُرصَةً في ذَلِكَ أَو يُهمِلْهَا؛ كَانَ حِينَئِذٍ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ - تَعَالى – كَثِيرًا، فَهَدَاهُ اللهُ وَكَفَاهُ وَوَقَاهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِن بَيتِهِ فَقَالَ : بِسمِ اللهِ تَوَكَّلتُ عَلَى اللهِ وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، يُقَالُ لَهُ حَسبُكَ، هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنهُ الشَّيطَانُ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – : " إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِندَ دُخُولِهِ وَعِندَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيطَانُ : لا مَبِيتَ لَكُم وَلا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَم يَذكُرِ اللهَ عِندَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيطَانُ : أَدرَكتُمُ المَبِيتَ، وَإِذَا لم يَذكُرِ اللهَ عِندَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيطَانُ : أَدرَكتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنُرَطِّبْ أَلسِنَتَنَا بِذِكرِهِ لِتَطمَئِنَّ قُلُوبُنَا  ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكرِ اللهِ أَلا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28] وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن أَن نَكُونَ مِمَّنِ ﴿ استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ فَأَنسَاهُم ذِكرَ اللهِ أُولَئِكَ حِزبُ الشَّيطَانِ أَلا إِنَّ حِزبَ الشَّيطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ ﴾  [المجادلة: 19] ﴿ إِنَّ المُسلِمِينَ وَالمُسلِمَاتِ وَالمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَالقَانِتِينَ وَالقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالخَاشِعِينَ وَالخَاشِعَاتِ وَالمُتَصَدِّقِينَ وَالمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالحَافِظِينَ فُرُوجَهُم وَالحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].


♦ ♦ ♦ ♦

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ ذِكرَ الله بِأَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَأَمُّلَ مَعَانِيهَا، وَالثَّنَاءَ عَلَيهِ بها وَتَوحِيدَهُ بِمُقتَضَاهَا نَوعٌ عَظِيمٌ جَلِيلٌ مِن أَنوَاعِ الذِّكرِ، وَمِنَ السَّبعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ رَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَت عَينَاهُ، وَثَمَّةَ نَوعَانِ آخَرَانِ عَظِيمَانِ قَد يَحصُلُ فِيهِمَا التَّقصِيرُ، أَلا وَهُمَا ذِكرُ الأَمرِ وَالنَّهيِ وَالحَلالِ وَالحَرَامِ، وَذِكرُ الآلاءِ وَالنَّعمَاءِ وَالإِحسَانِ، فَاذكُرُوا اللهَ بِفِعلِ مَا أَمَرَ بِهِ، وَاذكُرُوهُ بِالانتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنهُ، وَاذكُرُوهُ بِشُكرِ نِعَمِهِ وَحِفظِهَا؛ فَإِنَّهُ كَمَا تَحيَا الأَرضُ بِنُزُولِ الغَيثِ فَتَهتَزُّ وَتَربُو وَتُنبِتُ مِن كُلِّ زَوجٍ بَهِيجٍ، فَإِنَّ القُلُوبُ تَحيَا بِذِكرِ اللهِ فَتَصفُو وَتَطِيبُ، وَمِن ثَمَّ تَصلُحُ الجَوَارِحُ وَتَستَقِيمُ عَلَى الطَّاعَةِ. قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَثَلُ الَّذِي يَذكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا كثير مع التبذير ولا قليل مع حسن التدبير
  • حياة القلوب
  • غيث
  • إلانة القلوب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • غيث القلوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة نزول الغيث ( نقد غيث الأدب الذي انسجم في شرح لامية العجم للصفدي )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • غصون رمضانية (15) أيادي الندى(مقالة - ملفات خاصة)
  • السحب والغيوم والغيث في ديوان: يا ساكنة القلب للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نعمة الغيث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغيث... واللغو(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • نور الأمل وغيث الحياة: رحلة في جوهر المساعدة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استجابة الله تعالى لدعائه بنزول الغيث وانقشاعه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غيث الأدب الذي انسجم في شرح لامية العجم لصلاح الدين الصفدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام...)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 0:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب