• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

رسائل عجلى مع بدء العام الدراسي (خطبة)

عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/10/2016 ميلادي - 29/12/1437 هجري

الزيارات: 26100

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رسائل عجلى مع بدء العام الدراسي[1]

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1]، ﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:71-72].


أما بعد: فإن أصدق القول كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الناس، لقد كانت أول كلمة نزلت من الوحي على سمع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: هي كلمة العلم ووسائله، والامتنان الرباني على الإنسان به، فقال تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1-5]. فذكر تعالى الأمر بالقراءة مرتين، ووصف نفسه بتعليم الإنسان ما لم يعلم بأداة العلم وهي القلم، الذي أقسم به وسمى سورة باسمه وهي سورة القلم، فقال: ﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم: 1].


عباد الله، إن الله تعالى خلق الإنسان أميًا لا يقرأ ولا يكتب، ثم أعطاه الله تعالى وسائل العلم وهي السمع والأبصار والأفئدة، فقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل:78].


فراح الإنسان الصغير بعد ذلك يتلقى معلومات الحياة ابتداء من البيت من أبيه وأمه ومن حوله، إلى أن بدأ يميز فأُرسل إلى خارج البيت لتلقي العلوم المتنوعة التي تحتاج إلى مزيد من التخصص والجهد والوقت وجمع الفكر.


والأبوان الحريصان على الخير لولدهما يدفعانه إلى التعلم ولو رأياْ منه الكراهة والبكاء في أول أمره؛ لما يعلمان من فائدة العلم له في مستقبله.


فالعلم النافع نور ينير النفوس والقلوب، وثمر شهي يغذّي الفهوم والعقول، ونبراس ضياءٍ يبصّر الإنسان بطريقه الصحيح في دروب حياته المختلفة.


وهو كذلك عنوان تقدمِ الأمم والشعوب إذا ما زاد واتسع، وأثمر وأينع؛ فكل أمة يعرف ازدهارها ورقيها بتقدمها العلمي، واتساعها المعرفي، وفي مقابل ذلك: يمثّل شيوع الجهل في مجتمع من المجتمعات علامةً واضحة على تأخر ذلك المجتمع وتخلّفه.


إن ديننا الإسلامي الحنيف هو دين العلم والمعرفة الشاملة دينًا ودنيا؛ ففي كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الصحيحة نصوصٌ متكاثرة تُثني على العلم وأهله، وتحث على الحرص عليه، وتذم الجهل وأهله، وتكشف عن آثاره السيئة على الفرد والمجتمع.


وحينما نقول: "العلم النافع" فنعني به كل علم مباح فيه نفع للمسلم في دينه أو دنياه، فالعلم بشريعة الله تعالى على رأس العلوم النافعة؛ لأنه يسلك بالإنسان طريق النجاة في الدنيا والآخرة.


وكذلك العلوم الدنيوية المتنوعة التي تفيد الإنسان في حياته، فتجلب له المصالح المباحة، وتدفع عنه المضار الواقعة أو المتوقعة، وتسهم في بناء عقله وبدنه وحياته، كل ذلك يدخل في نطاق العلم النافع.


وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشارة لأهل التعليم النافع من المسلمين -أيًا كان هذا العلم النافع- الذين يخلّفون وراءهم علمًا يُنتفع به بعد مماتهم إما مقروءاً، وإما مسجلاً، وإما مدونًا في عقول الناس ، تقول هذه البشارة-كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له).


عباد الله، لقد مرت كيفية تعليم العلم وإيصاله إلى المتعلمين بمراحل متعددة في حياة الإنسان، حتى استقر الأمر في عصرنا الحاضر على الدراسة النظامية القائمة على نظام معين في كيفية التعليم ووسائله وزمنه، وجعل مكان تلقي العلم على هذا النظام: المدارس، والمعاهد، والجامعات.

مع بقاء بعض الطرق العتيقة النافعة كالمساجد والمراكز والأربطة لتعليم العلوم الدينية وبعض العلوم الدنيوية.


أيها المسلمون، ها نحن اليوم على نقف مشارف استقبال عام دراسي جديد، يؤوب فيه الطلاب إلى مدارسهم بعد قضاء الإجازة الصيفية.

يعود الطلاب إلى محاضن التعليم رغم ضيق العيش، وشدة البلاء، وكثرة تبعات الدراسة على الآباء الفقراء؛ ليكون ذلك رسالة عملية لعشاق الجهل، وأعداء العلم بأن الناس يحبون التعلم والتعليم، ويكرهون البقاء بلا علم، ولو كان في طريق ذلك لقاءُ المشقات، ومواجهة صلابة الصعوبات.


فمن قرأ في كتب سير العلماء من هذه الأمة سيجد أن كثيراً منهم ما بلغوا تلك الرتب العلمية العالية إلا بعد تجاوز عقبات كأْداء، وتحمّلِ صنوفٍ من البلاء، حتى قالوا-بعد أن عرفوا-: "لن تتعلم حتى تتألم".


إن أعداء أمتنا الإسلامية لا يريدون لأهلها أن يتقدموا علميًا، بل يحبون أن يبقى الجهل المتنوع هو السمة البارزة للمسلمين، ولهم في تلك الرغبة المقيتة أعمالٌ هم لها عاملون.


أيها الأحبة الكرام، فمع هذا البزوغ العلمي في هذا العام لابد من بعث رسائل مذكّرة لأعمدة العملية التعليمية، تذكّر الغافل، وتعلّم الجاهل، وتنبّه الناسي، وتوقظ الساهي.


والعملية التعليمة الناجحة لا تقوم على ركن واحد، بل على أركان متعددة، هي: الأسرة، والطالب، والمدرسة، والمدرس، والمجتمع، فلكل واحد واجباته تجاه هذه الغاية الحميدة.


فالرسالة الأولى: رسالة للأسرة التي هي الكَم الذي يطلع منه الطالب، وهي المدرسة الأولى والمحضن العلمي الأول الذي يتلقى فيه التلميذ دروسه الأولى، فنقول: إن الأسرة التي تريد النجاح العلمي لأولادها لابد أن تحسن التربية العلمية والأخلاقية لهم قبل أن ترسلهم إلى المدرسة، حيث تقوم بتربيتهم فعلاً وقولاً على الأعمال الطيبة، والأخلاق الحسنة، وحبِّ العلم والتعلم، واحترام المعلمين، وحسن التعامل معهم.


ومن مفردات ذلك: أن تعوِّدهم على الصلاة، والتحلي بالصدق والأمانة، والكلام الطيّب البعيدِ عن السباب والشتم، والألفاظ البذيئة.


وأن تغرس فيهم الحرص على العلم والجِد والاجتهاد في الدراسة، وتلقنهم أن دينهم وأمتهم ينتظران نجاحهم؛ ليقوموا بخدمة الدين والأمة والمجتمع بعلومهم وعقولهم.


وعلى الأسرة كذلك: أن توعز إليهم بمرافقة الزملاء الصالحين الجادين في دراستهم، وأن تحذرهم من مجالسة رفقاء السوء المهملين لدراستهم، السيئةِ أخلاقُهم.

وأن تربيهم على لزوم الآداب الحسنة مع مدرسيهم، وإدارة مدرستهم، ومع الناس جميعًا.

وإذا كانت بنتًا أن تربَى على الحشمة والعفاف والحياء، والابتعادِ عن جليسات الشر البعيدات عن الأدب والحياء.

وعليها كذلك أن تهيأ الأجواء المناسبة المساعدة على التحصيل العلمي المتقدم بقدر استطاعتها.


كما أن عليها بعد ذلك: أن تتابع الخطى العلمية والعملية لنشأها؛ لتدفع عند التعثر، وتصحح عند الخطأ، وتعين عند الحاجة.


ومن يقرأ في سير بعض العلماء كمالك والشافعي وسفيان الثوري وغيرهم يرى دور الأسرة في التقدم العلمي الذي وصلوا إليه، رحمهم الله تعالى.


أيها الأحبة الفضلاء، وأما الرسالة الثانية فهي إلى أبنائنا وإخواننا الطلاب، وبناتنا وأخواتنا الطالبات، فنقول لهم: أنتم -أيها الجيل الصاعد- البذرةُ الطيبة التي يُنتظر نماؤها وثمرتها، وأنتم معقد آمال أُسركم ومجتمعكم وأمتكم؛ لتصلحوا حاضرهم ومستقبلهم بنجاحكم العلمي الحقيقي، فكونوا عند حسن ظن الجميع.

وذلك يأتي بقيامكم بأسباب النجاح العلمي.

فعليكم-أيها الصباح المشرق- أن تعلموا أن أعظم عون لكم على دراستكم: أن تحافظوا على طاعة الله تعالى عملاً بالأوامر واجتنابًا للنواهي، وأن تكونوا بارين بوالديكم، بعيدين عن عقوقهم، وجرِّ المشقة إليهم.


وبعد ذلك ما أجملَ أن تكونوا حريصين على التعلم الصادق: تذاكرون دروسكم باهتمام، وتحفظون ما يُحفظ باعتناء، وتستمعون لمعلميكم بإنصات، وتوسعون المدارك العقلية لديكم بالاطلاع العلمي خارج المدرسة لتعضدوا ما تتلقونه فيها.


فإذا جاء موعد الامتحان -وأنتم على ذلك الاهتمام- كنتم غير خائفين من الاختبار، وصرتم واثقين عند دخولكم قاعات الامتحان؛ لكونكم قد أخذتم بأسباب النجاح بعد التوكل على الله تعالى.


وما أحسنَ أن تكونوا على أدب جم، واحترام وتقدير لمن يعلمكم، منصتين متواضعين، لا يرى منكم إلا أطيب الأفعال، ولا يسمع منكم إلا أفضل الأقوال.


قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " تعلموا العلم، وعلموه الناس، وتعلموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه، ولمن علمتموه، ولا تكونوا جبابرة العلماء؛ فلا يقوم جهلكم بعلمكم"[2].


وقال الشافعي رحمه الله: "كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحًا رفيقًا؛ هيبة له؛ لئلا يسمع وقعها".

وقال الربيع رحمه الله: "والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ؛ هيبة له"[3].

أما الطلاب الذين لا يحترمون مدرّسيهم فهم ناكرون للجميل، جاحدون للنعمة، مضرون لأنفسهم، ولزملائهم. قال الشاعر:

إنّ المعلم والطبيب كلاهما
لا ينصحان إذا هما لم يُكرَما
فاصبر لدائك إن جفوتَ طبيبه
واصبر لجهلك إن جفوت معلّماً[4].


وما أجمل أن يكون الطالب ذا أخلاق حسنة مع زملائه، مهذَّب اللسان، بعيداً عن الإيذاء، يختار من بين الزملاء للصداقة والملازمة أهلَ الجد والأدب، ويعرض عن جلساء السوء علمًا وخلقًا.


فإن الطالب قد يكون في بدء أمره حسن الأخلاق، حريصًا على التعلم حتى إذا خالط رفقاء السوء ذهب خُلقه وحرصه، ، واستبدل الذي هو أسوء بالذي هو أحسن.


وأكرمْ بأولئك الطلاب الحريصين على أوقاتهم الذين لا يضيعونها في القيل والقال، والعكوف أمام شاشات التلفاز أو الجوال، أو في مقاهي الإنترنت أو غيرها، بل يستغلون أوقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع، ومنه مراجعة دروسهم، وأداء واجباتهم المدرسية.


أيها المسلمون، والرسالة الثالثة أوجهها إلى إدارة المدرسة من مدير ووكيل ومشرفين وغيرهم فأقول: أنتم -أيها المسؤولون- تؤدون رسالة عظيمة، وتقومون بواجب كبير، فأنتم للمدرسة قادتها، وصِمَام أمانها، ومرتكَز نجاحها، وسبل تقدم الحركة التعليمية فيها؛ فإنما الجسد بالرأس-وأنتم الرأس-، فإذا صلح الرأس صلح الجسد.


فاتقوا الله في هذه الولاية التي ولاّكم الله إياها؛ فالطلبة والمدرسون أمانة في أعناقكم، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عند الله عن رعيته.


فقوموا بحق هذه الوظيفة التي شرفتم بها: فاجمعوا بين الحزم واللين، والشدة والرحمة في الحق، والنصح والمثابرة على ما فيه مصلحة الدراسة وأهلها.

واضبطوا سير العملية التعليمية بضوابط ترضي الله تعالى، وتنفع الطلاب في حاضرهم ومستقبلهم.

وابذلوا ما تستطيعون من الأسباب والوسائل التي تعين المدرسين على تحسين الأداء التعليمي، ويساعد الدارسين على تلقي العلم، والاستفادة منه.

واستعينوا بالله واصبروا وصابروا وأخلصوا، وتقربوا إلى الله تعالى بهذا العمل الذي تؤدونه، وأبشروا؛ فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله العليم الأكرم، الذي علّم بالقلم، علَّم الإنسان مالم يعلم، والصلاة والسلام على النبي الأعظم وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

أيها الإخوة الأفاضل، والرسالة الرابعة أرسلها إلى المعلم، والأستاذ، والمدرس، والمربي، فأقول: أيها المعلم الفاضل، أنت النجم المشرق في أفق العلوم، والدليل الهادي في متاهات الفهوم، والقاعدة الراسخة التي قام عليها بناء الحياة الراقية المتنوعة، أنت الذي تربّى بين يديك صُنَّاعُ الحياة وبُناتها، على اختلاف تخصصاتهم، وتعدد مجالات أعمالهم.


أنت -أيها المعلم- أستاذ الحياة وضياؤها، ومنطلَق تقدمها وازدهارها، فلك حقٌ في عنق كل مبدع، ودَين في رقبة كل نافع للناس بعمل تلقاه بالتعلم.

وتحسب أنك جِرْم صغيـ  ♦♦♦ ـرٌ وفيك انطوى العالم الأكبر


فما أعظمَ أن تعرف شرف المهنة التي تقوم بها، وعلوَّ شأن الخدمة التي تقدمها لأمتك ودينك ومجتمعك.

لقد حُمِّلت أمانة عظيمة، يجب عليك القيام بحقها؛ فقد بعث إليك الآباءُ والأمهات بثمرات أفئدتهم، وفلذات أكبادهم،؛ كي تربيهم وتعلمهم، وأودعوا عندك وديعة مستقبلهم، فلا تنسَ المسؤولية على هذه الأمانة والوديعة.


أيها المعلم الفاضل، إن التدريس أمانة توجب عليك حسن الأداء بإتقان مادتك، ومعرفتك العميقة بها، وحسن تحضيرها، وجودة إلقائها لطلابك حسب استطاعتك.

كما أن لتلاميذك حق المحافظة على وقت الحصة الدراسية فيما ينفعهم، وعدم تضييعها، والانشغال عنها فيما لا يعود عليهم بالفائدة.

إن على المعلم أن يكون قدوة لطلابه في أفعاله وأقواله، فسلوكه وأخلاقه لها أثر كبير بينهم، فكم من طالب ظل على خير في مستقبله تلقاه عن معلمه في سنواته الدراسية الأولى.

وإن من العجب: أن يأمر بعض المدرسين الطلاب ببعض الأعمال أو الخصال الحميدة وهم بعيدون عنها!، ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة:44].


وكما قيل:

يا أيها الرجل المعلِّمُ غيرَه
هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى
كيما يصح به وأنت سقيم
ونراك تصلح بالرشاد عقولَنا
أبداً وأنت من الرشاد عديم
فابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يُقبل ما تقول ويهتدى
بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلق وتأتيَ مثله
عارٌ عليك إذا فعلت عظيم[5].


إن من سمات المعلم الناجح: أن يتواضع لطلبته من غير ذل، وأن يعدل بينهم في التعامل من غير ميل، وأن يكون حسن الأخلاق، قريبًا من الطلاب يعالج مشكلاتهم ويشاركهم في طموحاتهم الخيّرة، ويفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم.


كما عليك -أيها المعلم الكريم - أن لا تنسى أنك في عمل من أعمال الخير الذي تنال به الأجر والثناء عند الله تعالى، وعند كرام خلقه إذا احتسبته.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته، وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليُصلّون على معلم الناس الخير)[6].


وليكن قدوتك في تعليمك المعلّمَ الأول في هذه الأمة: نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم ؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -فبأبي هو وأمي- ما رأيت معلّمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني، ولا شتمني قال: ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن) [7].


أيها الأحباب الكرام، رسالة أخيرة أوجهها إلى المجتمع كله فأقول: إن التعلم والتعليم عمل عظيم يحتاج إلى تعاون جميع شرائح المجتمع في إنجاحه، وتشجيع أهله، ومد يد العون إليه، كل حسب قدرته وتخصصه؛ لأن نجاح رسالة التعلم والتعليم يعود خيره على المجتمع بأسره.


وحينما تخفق العملية التعليمية فإن آثارها السيئة المتنوعة ستعود على المجتمع كله بالفساد والإفساد.


فعلى الحكومات في بلاد المسلمين مسؤولية عظيمة في إنجاح التعليم، وعلى الأغنياء والموسعين أن يتحسسوا الأسر الفقيرة التي لديها أولاد في المدارس فيقدموا لها المساعدة التي تعين على بقاء أولادها في المدارس، فكم من أسرة عجزت عن إكمال تدريس أولادها؛ لعجزها عن تحمل تبعات الدراسة، أو لحاجتها إلى تفرغهم للعمل من أجل سد حاجة تلك الأسرة من القوت، والحاجات الضرورية للعيش.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح.

هذا وصلوا وسلموا على النبي الهادي...



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 1/ 1/ 1438هـ، 30/ 9/ 2016م.

[2] جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر (1/ 135).

[3] تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، لابن جماعة الكناني (ص: 41).

[4] التمثيل والمحاضرة، للثعالبي (ص: 38).

[5] المستطرف (1/ 48).

[6] رواه الترمذي، وهو صحيح.

[7] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العام الدراسي الجديد.. أمل وألم
  • وقفات مع بدء العام الدراسي الجديد (خطبة)
  • مدرسة الاعتبار (خطبة)
  • وبدأ العام الدراسي الجديد (خطبة)
  • الوصايا السلفية للمتعلم والمعلم والأسرة في ابتداء العام الدراسي
  • العام الدراسي الجديد: آمال متدفقة وآفاق متجددة
  • استقبال العام الدراسي وفضل العلم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • نماذج من رسائل النبي للملوك (5) رسائل أخرى(مقالة - ملفات خاصة)
  • رسائل إلى المواهب الصاعدة: رسالة إلى حنان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة مجموع فيه ثلاث رسائل أولها رسالة في الرسم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أربع رسائل في الاجتهاد والتجديد للإمام السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رسائل ووقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسالة إلى أختي المسلمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • رسائل وتوصيات بمناسبة العام الدراسي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة رسائل للشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الجمعة: فوائد وتنبيهات، ويليها سبع رسائل (WORD)(كتاب - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • كلمة (رسالة أو الرسالة) - تأملات(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب