• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير الربع الثاني من سورة النحل

رامي حنفي محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2016 ميلادي - 12/12/1437 هجري

الزيارات: 10116

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [*]

تفسير الربع الثاني من سورة النحل


الآية 30، والآية 31، والآية 32:  ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ يعني: وإذا سُئِلَ المؤمنون المُتَّقون: ﴿ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ﴾ على محمد صلى الله عليه وسلم؟ ﴿ قَالُوا ﴾: ﴿ خَيْرًا ﴾ أي أنزَل عليه الخير والهدى، ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا ﴾: يعني إنَّ للمحسنين - الذين اتقوا ربهم وعبدوه بما شَرَع، ودَعوا الناس إلى توحيده -، هؤلاء لهم في الدنيا (حَسَنَةٌ) أي حياةً طيبة في الدنيا، ﴿ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ ﴾ أي: ولَنعيم الدار الآخرة ﴿ خَيْرٌ ﴾ لهم وأعظم من الدنيا وما فيها، ﴿ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ في الآخرة، وهي ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ أي جنات الخلود، التي ﴿ يَدْخُلُونَهَا ﴾ فلا يَخرجون منها أبدًا، ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾: أي تجري الأنهار مِن تحت أشجارها وقصورها، ﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ﴾ أي يَطلبونَ فيها كل ما تشتهيه أنفسهم، مِمَّا لَذَّ وطابَ من المطاعم والمشارب والملابس والمراكب وغير ذلك، مِمَّا لم يَخطر على قلب بَشَر من النعيم، (وهذا هو مُنتهَى الإكرام، إذ كَون العبد يَجد كل ما يَشتهي ويَطلب هو نعيمٌ ليس بعده نعيم) ﴿ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ﴾ وهم ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ﴾: أي تقبض الملائكة أرواحهم وقلوبُهم طاهرة من الكفر والشِرك، ﴿ يَقُولُونَ ﴾ أي تقول لهم الملائكة: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ﴾ مِن كل خوف وحزن وتعب ﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ من الإيمان والعمل الصالح والتوبة (لأنّ المتقين كانوا إذا وقعوا في ذنبٍ: سارَعوا بالتوبة، كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ *  أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾، فلذلك ماتوا وهم مغفورٌ لهم، (واعلم أنه تعالى وَصَفَ الجنة بأنها: (دار المتقين)، باعتبار أنهم أهلها والجديرون بها).


الآية 33، والآية 34:  ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ ﴾: يعني هل يَنتظر هؤلاء المشركون ﴿ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ لتقبض أرواحهم وهم على الكفر، ﴿ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ﴾ بعذابٍ عاجل يُهلكهم - أو بقيام الساعة - وساعتها سيُؤمنون؟!، ﴿ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾: يعني كما كَذَّبَ هؤلاء المشركون مِن قومك، فكذلك كَذَّبَ الكفار مِن قبلهم، فنزل بهم العذاب، ﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ ﴾ بإهلاكهم ﴿ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ بالكفر والمعاصي، فبذلك استحقوا العذاب، ﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا ﴾: أي فنزلتْ بهم عقوبة ذنوبهم التي عملوها ﴿ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ أي: وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يَسخرون منه، فلم يستطيعوا الفرار.


♦ واعلم أنّ مناسبة هذه الآية لِمَا قبلها: أنّه تعالى لَمَّا أخبر عن العذاب الذي نَزَلَ بالمُكَذِّبين السابقين، وأخبر عن حال تَوَفِّي الملائكة لهم وللمؤمنين، قال - مُنكِراً على كفار مكة عدم مُسارعتهم إلى الإيمان -: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ﴾.


الآية 35: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾: ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ ألاَّ نُشرك به، وألاَّ نُحَرِّم شيئاً مِن عند أنفسنا: ﴿ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ (وهذا جهلٌ منهم بحكمة ربهم وبسُنَّتِهِ في كَوْنِه، مِن هداية مَن اتَّبع أسباب الهدى وإضلال مَن اتَّبع أسباب الضلال).


♦ وقد رَدَّ سبحانه عليهم - في آيةٍ أخرى - بقوله: ﴿ قُلْ  هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ﴾؟ يعني هل عندكم عِلمٌ صحيح - فيما حَرَّمتم من الأنعام والزروع، وفيما زعمتم مِن أنّ اللهَ قد شاءَ لكم الشِرك ورَضِيَهُ منكم - فتُظهِروهُ لنا؟!  ﴿ إِنْ تَتَّبِعُونَ  إِلَّا  الظَّنَّ  وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾: أي: ما أنتم  إلا تَكذبون في هذا الظنّ، الناتج عن التخمين واتّباع الآباء بغير دليل.


﴿ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ أي: كذلك احتَجَّ الكفار السابقون بمِثل هذا الاحتجاج الباطل - وهم يَعلمون أنهم كاذبون - فإنّ الله تعالى قد أمَرَهم ونهاهم، ومَكَّنَهم من القيام بما كَلَّفهم به، وجعل لهم قوة ومَشيئة تصدر عنها أفعالهم، فلذلك بَطلَ احتجاجهم بالقضاء والقدر مِن بعد إنذار الرُسُل لهم ﴿ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾؟ (والاستفهام للنفي) أي ليس على الرُسُل إلا التبليغ الواضح لِمَا كَلَّفهم اللهُ به.


الآية 36: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ﴾ آمِرًا لهم ﴿ أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ وحده ﴿ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾: أي اتركوا عبادة غير اللهِ تعالى (مِن الشياطين والأصنام والأموات وغير ذلك)، ﴿ فَمِنْهُمْ ﴾ أي مِن هذه الأمم ﴿ مَنْ هَدَى اللَّهُ ﴾ أي هداهُ اللهُ تعالى فاتَّبَعَ المُرسَلين، ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ﴾ أي: ومنهم المُعاند الذي اتَّبع طريق الضَلال، فوجبتْ عليه الضَلالة، فلم يُوَفِّقه الله، فإن كنتم أيها المشركون في شَكٍّ مِن ذلك: ﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ﴾ ﴿ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ أي كيف كانت نهايتهم، لتَعتبروا.


♦ واعلم أنّ الطاغوت هو كل ما يَعبُدُه الناس مِن دون اللهِ تعالى، بشرط أن يكون هذا الطاغوت راضياً عن عبادة الناس له، لأنّ عيسى عليه السلام لم يكن راضياً عن عبادة النصارى له.


الآية 37: ﴿ إِنْ تَحْرِصْ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ عَلَى هُدَاهُمْ ﴾ أي على هداية هؤلاء المشركين ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ ﴾ أي فاعلم أنّ اللهَ ﴿ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ ﴾ فلا يَقدر أحَدٌ أن يَهدي مَن أضله الله، لأنّ إضلال اللهِ تعالى يكونُ على سُنَن ثابتة، لا تَقبل التبديل والتغيير، (ومِن هذه السنن: تفضيلهم الدنيا على الآخرة، والضلال على الهدى، والانقياد للشهوات على الانقياد للحق)، ﴿ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ يَمنعون عنهم عذابَ اللهِ تعالى (إذاً فلا تُهلِكْ نفسك حُزناً عليهم، فما عليك إلا البلاغ).


الآية 38، والآية 39، والآية 40: ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ﴾ أي: وأقسم هؤلاء المشركون باللهِ تعالى - بأغلظ الأيمان - أنّ اللهَ لن يَبعث مَن يَموت بعدما صارَ تراباً، فرَدَّ سبحانه عليهم بقوله: ﴿ بَلَى ﴾ أي سيَبعثهم اللهُ تعالى، وبهذا وَعَدَ ربكم ﴿ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا ﴾ الوفاء به، ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ أي لا يَعلمون قدرة اللهِ على إحياء مَن بدأ خَلْقهم أول مرة.


♦ واعلم أنّ المشركين كانوا يَحلفون بآلهتهم وآبائهم في الأمور التافهة، وأما إذا كان الأمر عظيماً: أقسَموا باللهِ تعالى.


♦ وسوف يَبعث اللهُ جميع العباد يوم القيامة ﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ﴾ حقيقة البعثِ ﴿ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴾ ﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ﴾ حينما حَلفوا أنه لا بَعْثَ ولا جزاء، بل، إنّ أمْرَ البَعث يَسيرٌ علينا، فـ ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ أي فإذا هو كائنٌ موجود.


الآية 41، والآية 42: ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ ﴾ أي والذين هاجروا في سبيل اللهِ طَلَباً لرضاه، وتركوا ديارهم وأموالهم مِن أجْله تعالى ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾ وعُذَّبوا: ﴿ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ﴾: أي لَنُسكِننَّهم في الدنيا دارًا حسنة (والمقصود بها هنا: المدينة المنورة)، وكذلك فإنّ كل مَن هاجر في سبيل الله، فإنّ اللهَ تعالى يُوفي له بهذا الوعد، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾ أي سعةً في العيش والرزق، ﴿ وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ ﴾ - لأنّ ثوابهم فيها هو الجنة - ﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾: (هذه الجُملة لتشجيع المُتباطئين عن الهجرة) أي لو كان المتخلفون عن الهجرة يَعلمون - يَقيناً - ما أعَدَّهُ اللهُ في الجنة للمهاجرين في سبيله، ما تخلَّفَ أحدٌ منهم.


♦ ومِن صفات هؤلاء المهاجرين أنهم هم ﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا ﴾ على أوامر اللهِ تعالى - وإن كانت مُخالِفةً لِهَواهم - ﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ أي: وعلى ربهم وحده يَعتمدون، فبذلك استحقوا هذه المَنزلة العظيمة.


الآية 43، والآية 44: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ ﴾) - أيها الرسول - ﴿ إِلَّا رِجَالًا ﴾ أي رُسُلاً من الرجال (لا من الملائكة)، وكنا ﴿ نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾ لِيُبَلِّغوا رسالات ربهم للناس، وإن كنتم - يا مشركي قريش - لا تُصَدِّقونَ بذلك ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾: أي اسألوا أهل الكتب السابقة، ليُخبروكم أنّ الأنبياء كانوا بَشَرًا وليسوا ملائكة ﴿ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.


♦ واعلم أنّ هذه الآية عامة في كل مسألة من مسائل الدين - إذا لم يكن عند الإنسان عِلمٌ منها - أن يَسأل مَن يَعلمها مِن العلماء المُتمكنين في العلم.


♦ ولقد أَرْسَلْنا الرُسُل السابقينَ ﴿ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ أي بالدلائل الواضحة على وجوب عبادة اللهِ وحده، ﴿ وَالزُّبُرِ ﴾ أي: وأرسلناهم بالكتب السماوية لهداية الناس، ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾: أي وأنزلنا إليك القرآنَ أيها الرسول، لتُوَضِّح للناس ما خَفِيَ مِن مَعانيه وأحكامه، (ويُحتمَل أن يكون المقصود بالذِّكر هنا: السُنّة، لأنها هي المُوَضِّحة لمعاني القرآن)، ولِذا فالراجح أنَّ المقصود بالذِكر هنا: (جميع الشريعة) أي القرآن والسُنَّة، لأنّ القرآن لن يتم إيضاح مَعانيه إلا بالسُنَّة، ﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ أي: ولِكَي يَتدبروا القرآن - بعد أن بَيَّنتَ لهم مَعانيه - فيَهتدوا به.


الآية 45، والآية 46، والآية 47: ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ ﴾: يعني هل أَمِنَ الذين مَكَروا المَكرات السيئات (فالسيئات وَصْف للأفعال الماكرة التي مَكَروها، مِن محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم، ومِن الشرك والتكذيب وتعذيب المؤمنين)، (واعلم أنّ هذا يَشمل أيضاً كل مَن يُصِرّ على المعاصي ولا يتوب منها)، أفأمِنَ هؤلاء ﴿ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ ﴾ كما فعل بقارون؟، ﴿ أَوْ ﴾ هل أَمِنوا أن ﴿ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ أي مِن مكانٍ لا يتوقعونه؟، ﴿ أَوْ ﴾ هل أَمِنوا أن ﴿ يَأْخُذَهُمْ ﴾ العذاب ﴿ فِي تَقَلُّبِهِمْ ﴾ أي: وهم يَتقلبون في أسفارهم وأشغالهم؟، ﴿ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾: أي فلن يُعجِزوا اللهَ تعالى إذا أرادَ أخْذَهم وإهلاكهم، ﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ ﴾ يعني: وهل أَمِنوا أن يأخذهم اللهُ ﴿ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾ أي في حال خوفهم مِن أخْذِهِ لهم (وذلك في حال توقعهم بنزول العذاب لوجود علاماته)، ويُحتمَل أن يكون المعنى: (أن يُهلكهم واحداً بعد الآخر أو جماعة بعد أخرى (يعني يأخذ القرية فتخاف القرية الأخرى وهكذا، حتى لا يَبقى منهم أحد)، ﴿ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ إذ لولا رأفته ورحمته: لأَذاقهم عذابه دونَ أن يُمهلهم للتوبة.


♦ واعلم أنّ التقلب: هو الحركة (ذهاباً وعودة) مِن أجل السعي في شئون الحياة (مِن تجارةٍ وعمل وسفر وغير ذلك).


الآية 48: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا ﴾: يعني ألم يَنظر هؤلاء الكفار ﴿ إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾ له ظِلّ - كالشَجَر وغيره - إذ ﴿ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ﴾: أي تميلُ ظلالها يَمينًاً وشمالاً (تبعًا لحركة الشمس نهارًا والقمر ليلاً)، فتكون ﴿ سُجَّدًا لِلَّهِ ﴾ بظلالها، ﴿ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾ أي: وهي تحت تسخيره وتدبيره وقهره.


الآية 49، والآية 50: ﴿ وَلِلَّهِ ﴾ وحده ﴿ يَسْجُدُ ﴾ كُلُّ ﴿ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ ﴾ تدبّ على وجه الأرض(حتى الكافر، فإنه - وإن لم يَسجد للهِ تعالى عبادةً - فإنه يَسجد له بخضوعه لأحكامه الجارية عليه - مِن غِنىً وفقر، وصحةٍ ومرض وغير ذلك - ولا يقدر أن يَرُدّها).


﴿ وَالْمَلَائِكَةُ ﴾ يَسجدون للهِ تعالى ﴿ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ عن عبادته (وقد خَصَّ سبحانه الملائكة بالذِّكر - من بين مخلوقاته - لشَرَفهم وكثرة عبادتهم)، فهُم ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ﴾ أي يَخافون ربهم الذي هو فوقهم بالذات والقهر وكمال الصفات ﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ فلا يَستطيعونَ أن يَعصوا ربهم، (وفي الآية إثبات صفة العُلُوّ والفوقية للهِ تعالى على جميع خلقه، كما يَليقُ بجلاله وكماله، إذ هو تعالى فوق كل شيء، ذاتاً وسُلطاناً وقهراً).

 



[*] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

- واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الربع الأول من سورة النحل
  • تفسير الربع الثالث من سورة النحل
  • تفسير الربع الرابع من سورة النحل
  • تفسير الربع الخامس من سورة النحل

مختارات من الشبكة

  • تفسير الربع الأخير من سورة النحل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الخمر والميسر (الربع الرابع عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: واذكروا الله في أيام معدودات (الربع الثالث عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الأهلة (الربع الثاني عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب (الربع الحادي عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: إن الصفا والمروة من شعائر الله (الربع العاشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: سيقول السفهاء من الناس (الربع التاسع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم (الربع الثامن من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ما ننسخ من آية أو ننسها (الربع السابع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ولقد جاءكم موسى بالبينات (الربع السادس من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
7- جزاكم الله خيراً
رامي حنفي - مصر 22-09-2016 03:42 PM

أشكركم على هذه الردود والمشاركات الجميلة، كما أتقدم بخالص الشكر لجميع الإخوة الكرام القائمين على الموقع وجزاهم الله عنا خير الجزاء

6- دعاء لجميع العاملين بموقع الألوكة الكريم
shokry - Egypt 18-09-2016 02:00 PM

جزاكم الله خير الجزاء على هذا التفسير الجميل، وجعله الله في ميزان حسناتكم اللهم آمين

5- مشاركة في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ ﴾
om hala - الكويت 18-09-2016 01:40 PM

معنى هاجروا أي: تركوا الوطن والأهل والقرابة، كما تركوا السيئات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن المهاجر هو مَن هجر ما نهى الله عنه
ومعنى: في الله أي: لأجل الله إذ بدار الكفر لا يتمكنون من عباده الله تعالى فإذا هاجروا تمكنوا فكانت هجرتهم إذا لله أي لعبادته التي خلقهم من أجلها.

4- تعليق
عفاف سعيد عبد الهادي - مصر 17-09-2016 02:29 PM

أعمال القلوب والجوارح سبب في دخول الجنة وليست ثمناً لها لغلائها، وإنما الأعمال تزكي النفس وتطهر الروح وبذلك يتأهل العبد لدخول الجنة

3- مشاركة
mervat - Egypt 17-09-2016 02:10 PM

قوله تعالى: (يقولون سلامٌ عليكم ادخلوا الجنة) يُحتمل أن يكون هذا هو قول ملك الموت وأعوانه أي ادخلوا الجنة اليوم بأرواحكم ويوم القيامة بأجسادكم، واللهُ أعلم بما قبلها، والله أعلم

2- دعاء
معاذ - مصر 16-09-2016 05:06 PM
جزاكم الله خيرا والقائمين على الموقع على هذا التفسير البسيط
1- بارك الله فيك
عصام محمد فكرى - مصر 16-09-2016 04:05 PM
رجاء الاستمرار بهذا الأسلوب السلس البسيط البعيد عن التعقيد كل يكون مفهوم العامه وجعل الله أعمالكم فى ميزان حسناتكم وبارك الله فيك
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب