• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

إن ليل الظلم لن يستمر (خطبة)

ياسر عبدالله محمد الحوري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2016 ميلادي - 25/10/1437 هجري

الزيارات: 30271

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إن ليل الظلم لن يستمر

 

الحمد لله ناصر المظلومين ومنجي المستضعفين، الحمد لله قاصم الجبابرة والمتكبرين ومهلك الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، وصفِّيُهُ من خلقه وحبيبه، الرحمة المهداة والنعمة المسداة، أرسله الله رحمة للعالمين.

 

أما بعد: فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ * وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [إبراهيم: 13 - 15].

 

أيها المسلمون:

إنَّ الظلمَ من الأمراض الفتاكة، والجرائم البشعة، التي انتشرت في أواسط المجتمعات، حتى هلك إثر ذلك أفرادٌ وجماعات، وسحقت بسببه شعوبٌ، وأبيدت أُمم، وسلبت خيرات، ونزعت بركات. ويكفينا إذا أردنا أن نعرف خطورته أن نعلم أن الله جل جلاله حرَّمه على نفسه، وجعله محرَّماً بين عباده، ومن أجل مكافحته وعلاج المرضى بدائه وإزالته واستئصاله؛ بعث الله الرسل، وأنزل الكتب، وأوضح السبل، قال سبحانه إرشاداً لعباده وتذكيراً: ﴿ وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 19] وقال: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه: 112].

 

معاشر المسلمين:

لقد حذر الباري جل في علاه من هذا الداء المستفحِل، فقال: (يا عبادي إنِّي حرمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، إنها دعوة للتطهر من أدران الظلم بجميع أنواعه، في حق العباد وحق المعبود، جاءت في سياق الامتداح للذين سمت نفوسهم، وتطهرت أرواحهم من براثِن الشرك ومستنقعات الرذائل: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].

فوَاعَجَبَاً كَيْفَ يَعصِي الإِلَه
أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الجَاحِدُ
وَللهِ فِي كُلِّ تَحْرِيكَةٍ
وَفِي كُلِّ تَسْكِينَةٍ شَاهِدُ
وَفِي كُلِّ شِيءٍ لَهُ آيَةٌ
تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الوَاحِدُ

 

إنّ الظلم والطغيان هو الديوان الذي لا يتركه الله حتى يقتصَّ من الظالم للمظلوم؛ فمرتع الظلم وخيم، وعاقبته سيئة، وجزاءُ صاحبه البوار وخراب الدار، ولو بغى جبلٌ على جبلٍ لدُّكَ الباغي منهما.

 

عن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: لما رجعت مهاجرةُ الحبشةِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا تخبروني بأعجب ما رأيتم في أرض الحبشة؟ فقال فتيةٌ منهم: بلى يا رسول الله، بينما نحن يوماً جلوسٌ إذ مرت عجوزٌ من عجائزهم تحمل على رأسها قُلةً من ماء، فمرت بفتًى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها، فخرت المرأة على ركبتيها وانكسرت قُلَّتُها، فلما قامت التفتت إليه وقالت له: سوف تعلم يا غادر إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، سوف تعلم ما أمري وأمرُك عنده غداً، قال صلى الله عليه وسلم: صدقت، كيف يقدِّسُ اللهُ قوماً لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم؟

أَمَا وَاللهِ إِنَّ الظُّلْمَ شُؤْمٌ
وَمَا زَالَ الْمُسِيءُ هُوَ الظَّلُومُ
إِلَى الدَّيَّانِ يَوْمَ الدِّينِ نَمْضِي
وَعِنْدَ اللهِ تَجْتَمِعُ الْخُصُومُ
سَتَعْلَمُ فِي الْحِسَابِ إِذَا الْتَقَيْنَا
غَدًا عِنْدَ الْمَلِيكِ مَنْ الظَّلُومُ
تَنَامُ وَلَمْ تَنَمْ عَنْكَ الْمَنَايَا
تَنَبَّهْ لِلْمَنِيَّةِ يَا نَؤُومُ
لَهَوْتَ عَن الْفَنَاءِ وَأَنْتَ تَفْنَى
وَمَا حَيٌّ عَلَى الدُّنْيَا يَدُومُ
تَرُومُ الْخُلْدَ فِي دَارِ الْمَنَايَا
وَكَمْ قَدْ رَامَ غَيْرُكَ مَا تَرُومُ
سَلِ الأَيَّامَ عَنْ أُمَمٍ تَقَضَّتْ
سَتُخْبِرُكَ الْمَعَالِمُ وَالرُّسُومُ

ذُكِر عن أبي بكر الوراق أنه قال: "أكثر ما ينزع الإيمانَ من القلب: ظلم العباد".

 

أعوان الظَّلمة:

إنَّ من ألدِّ خصوم البشرية وأعداء الإنسانية، هم جلساء الظلمة وبطانتهم وأعوانهم، الذين يحققون للظالم رغباتِه، ويوصلونه إلى طموحاته وأمنياته، يحسنون القبيح ويقبِّحون الحسن، يزينون له الباطل ويسترون الحق، يحجبون الفضيلة ويعينون على الرذيلة، يقرِّبون السفهاء ويُبعدون العقلاء.

 

ولذا: نعى القرآن على أمثال أولئك الأعوان:

﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [هود: 113].

 

فكيف بمن أعانهم على ظلمهم؟ أو كان أداةً من أدوات الظلم والطغيان لقمع الحق؟

وتأمل يا عبد الله إلى قول ربك وهو يبين مصارع الطغاةِ وأعوانِهم، وأنهم لا يستطيعون أن يقدموا عذراً ولا مبرراً وهم الذين كانوا يثبِّتُون أوتاد الظلم ليخلُدَ في الأرض، قال تعالى حكايةً عن فرعون وحرسه وقواته الخاصة به:

﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴾ [القصص: 39 - 42].

 

مهما قدموا من مبررات فلن يسلموا، وصدق الله: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [الزخرف: 54].

والشعب لو كان حراً ما استخف به ♦♦♦ فردٌ ولا عاث فيه الظالم النهمُ

 

عَن ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ».

وَقَالَ سَعِيدُ بنُ الْمُسَيِّبَ: لا تَمْلَؤُا أَعْيُنَكُمْ مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ إِلاَّ بالإِنْكَارِ مِنْ قُلُوبِكُمْ لِئَلا تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ.

 

وَقَالَ مَكْحُولُ الدِّمَشْقِي: يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الظَّلَمَةُ وَأَعْوَانُ الظَّلَمَةِ؟ فَمَا يَبْقَى أَحَدٌ مَدَّ لَهُمْ حِبْرًا أَوْ حَبَّرَ لَهُمْ دَوَاةً أَوْ بَرَى لَهُمْ قَلَمًا فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلاَّ حَضَرَ مَعَهُمْ، فَيُجْمَعُونَ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ فَيُلْقَوْنَ فِي النَّارِ.

 

وَجَاءَ رَجُلٌ خَيَّاطٌ إلى سُفْيَانِ الثَّوْرِي، وقيل للِإمام أحمد، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أخِيطُ ثِيَابَ السُّلْطَانِ هَلْ أَنَا مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: أَنْتَ مِنَ الظَّلَمَةِ أَنْفُسِهِمْ وَلَكِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ مَنْ يَبِيعُ مِنْكَ الإِبْرَةَ وَالْخُيُوط.

 

عاقبة الظلم:

في الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلِتْه".

فهيهات أن ينجوا الظلومُ وخلفه ♦♦♦ سهامُ دعاءٍ من قسيِّ ركوعِ

 

أيها المسلمون:

لقد ساق لنا القرآن نماذجَ وأمثلةً لمن استكبروا في الأرض، وطغوا وبغوا، وعاثوا فيها الفساد، وساموا شعوبهم أمر الشقاء والعذاب.. كيف كانت عاقبتهم؟ ما أخبار قُرُوشِهم وعروشِهم؟

 

استمع إلى قول الحقِّ - تعالى شأنُه وتقدست أسماؤه -: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 6 - 14]، لنتذكر جيداً: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].. ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].

 

أيها المصلون الراكعون الساجدون: إنَّ ليل الظلم لن يستمر، وثوب العار سوف يتمزق، وشمس الحق سوف تشرق، وأعداءُ الله مهما مكروا فإنَّ الله سيستدرجهم من حيث لا يعلمون ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ [الأعراف: 183].

 

يقول صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرجلَ لترفعُ له يومَ القيامةِ صحيفةٌ حتى يرى نفسه أنَّه ناجٍ فما تزالُ مظالمُ بني آدم تتْبعه حتى ما يبقى له حسنة، ويحمل عليه من سيئاتهم".

 

﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ﴾ [الكهف: 29]، وقال: ﴿ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الإنسان: 31]، وقال: ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]، وقال: ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 59] وقال: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ ﴾ [هود: 102]، وقال: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].

 

أيها الأحبة الكرام:

♦ إنَّ عصابة الظلم والطغيان في كل مكانٍ وزمان، تُحسن تقديم المبررات والأعذار، حتى يوم القيامة يظنون أنه سينجيهم تذرُّعهم بـ: ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾ [الأحزاب: 67]. وأين كانت عقولكم إذن؟.. أما كنتم تقرؤون قوله تعالى: ﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ [القيامة: 14، 15]؟

 

لكن الباري يبين لنا خزي أولئك القوم بقوله: ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 25].

فيا ويح أهلِ الظلمِ و الفحشِ والعدا ♦♦♦ إذا أقبلت يومَ الحسابِ جهنمُ

 

دخل طاووس بن كيسان على هشامِ بن عبد الملك فقال له: إنَّي أُحذِّرُك يوم الأذان، فقال هشام: وما يوم الأذان؟ قال طاووس: ﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 44]، فصعق هشام بن عبد الملك.

قال بعض السلف: لا تظلمنَّ الضعفاء فتكون من شرار الأقوياء.

فكم قد رأينا ظالماً متمرداً ♦♦♦ يرى النجم تيهاً تحت ظل ركابه

 

قال شريحٌ القاضي: سيعلم الظالمون حق من انتقصوا، إنَّ الظالمَ لينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النَّصر والثواب..!!

يا أحبابنا: لقد أخبرنا - صلى الله عليه وسلم - عن امرأةٍ "دخلت النَّار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".

 

فكيف بمن يصادر حقوق أمة، ومقدرات شعب؟

كيف بمن يحارب الناس في رزقهم وقوت يومهم؟

كيف بمن يضيق على الناس الخناق، ويجعلهم في خلاف وشقاق؟

والله.. والله.. والله: لن يفلتوا أبداً من بين يدي الجبار جل جلاله، لا في الدنيا ولا في الآخرة.

﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].

قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه... أما بعد:

فيا أيها المؤمنون:

إنّ الظلم كلما زاد واستشرى، فإنه مؤذِنٌ بزواله: ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴾ [الحاقة: 11].. ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 59].. ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 103].

 

رحم الله ابن تيمية، فقد صاغ قاعدةً نورانية في حفظ الحضارة الإنسانية: "إن الله لينصر الدولةَ العادلةَ ولو كانت كافرة، ويهدم الدولةَ الظالمةَ ولو كانت مسلمة، وتلك سنة من سنن الله، ثم تلا: ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل: 52]، فالظلم مؤذن بالزوال، والعدل طريق الخلود والبقاء.

 

وليتذكرَ الملوك قول ملك الملوك: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 42 - 46].

 

اللهم أصلح من في صلاحه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، وللبلاد والعباد، ونسألك أن تبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، ونسألك أن تجعلنا من الذين يقولون بالحق وبه يعدلون، ونسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وتتوب علينا، اللهم هب لنا توفيقاً إلى الرشد، وقلوباً تتقلب مع الحق، وألسنة تتحلى بالصدق، ونطقاً يؤيد بالحجة، وعزائم تقهر الهوى، اللهم أسعدنا بالهداية، وتولنا فيمن توليت، ولا تضلنا بعد الهدى يا ذا العلا، وصلِّ على محمدٍ وآله ومن تلا..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقد خاب من حمل ظلما (خطبة)
  • أظلم الناس (خطبة)
  • الظلم ظلمات يوم القيامة: ظلم النفس (خطبة)
  • تحريم الظلم
  • تحريم الظلم وبيان فضل الله على العباد
  • الظلم ظلمات

مختارات من الشبكة

  • ظاهرة الظلم فاجعة كبرى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن حديث (يا عبادي إني حرمت الظلم) وأنواع من الظلم 28-4-1435هـ(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: الظلم ظلمات يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من موانع محبة الله عبدا (الظلم)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أنيس المظلومين (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنيس المظلومين (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم في ميزان الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم ظلمات يوم القيامة (ظلم العباد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 17/6/1432 هـ - عواقب الظلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم ظلمات يوم القيامة (عاقبة الظالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب