• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نعمة العافية (خطبة)
    الدخلاوي علال
  •  
    تفاءل أيها المسلم..
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الفرق بين الرجل والمرأة في الصلاة
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    ثناء الأنبياء على الله تعالى (5) ثناء يعقوب ويوسف على الله ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الإجماع لا ينسخ نصا من الكتاب والسنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    لا تغضب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    منزلة منيفة، ودرجة عالية رفيعة
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    شرح حديث عائشة: "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع ...
    سماحة الشيخ ابن عثيمين
  •  
    أسماء سورة الفاتحة
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    عناية ابن كثير بالمصطلحات
    مبارك بن حمد الحامد الشريف
  •  
    خطبة عن الفساد المالي
    رافع العنزي
  •  
    حديث: أحل الذهب والحرير لإناث أمتي
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    آداب السفر لمن أراد السفر (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    تقديم العقل والتشبه باليهود
    زهراء بنت عبدالله
  •  
    صور من حوار الرسول لليهود
    أ. د. عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

ولكل درجات مما عملوا

ولكل درجات مما عملوا
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/5/2016 ميلادي - 29/7/1437 هجري
زيارة: 11016

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولكلٍّ درجاتٌ ممَّا عَمِلوا

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، هَذِهِ الدُّنيَا بما فِيهَا مِن أَموَالٍ مُكَدَّسَةٍ وَقَنَاطِيرَ مُقَنطَرَةٍ، وَبما عِندَ النَّاسِ فِيهَا مِن مَقَايِيسَ مُعتَمَدَةٍ، تَتَفَاوَتُ بها أَقدَارُهُم وَتَختَلِفُ مَرَاتِبُهُم، وَيَتَكَبَّرُ بَعضُهُم بِسَبَبِهَا عَلَى بَعضٍ وَيَتَفَاخَرُونَ، إِنَّمَا هِيَ كُلُّهَا في الحَقِيقَةِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ. يَعمَلُ الإِنسَانُ في دُنيَاهُ وَيَكدَحُ وَيَشقَى، مِن أَجلِ تَحصِيلِ مَنَافِعَ قَلِيلَةٍ ضَئِيلَةٍ، تُسَاعِدُهُ عَلَى البَقَاءِ حَيًّا طُولَ سَفَرِهِ الَّذِي قَدَّرَ اللهُ لَهُ مُدَّتَهُ، ثُمَّ يَعُودُ بَعدَ ذَلِكَ بِلا اختِيَارٍ مِنهُ إِلى رَبِّهِ، وَيُرَدُّ إِلى مَولاهُ وَخَالِقِهِ، لِيُجزَى بما عَمِلَ وَكَسَبَ، وَلِيَرَى مَا أَسلَفَ وَقَدَّمَ، وَمَهمَا كَانَ الإِنسَانُ في هَذِهِ الدُّنيَا غَنِيًّا عَظِيمًا جَلِيلاً، فَإِنَّهُ قَد يَكُونُ في الآخِرَةِ فَقِيرًا حَقِيرًا صَغِيرًا، إِذَا وَقَفَ بِجَانِبِ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ حَصَّلُوا الدَّرَجَاتِ العَالِيَةَ في الجَنَّةِ، بِسَبَبِ اشتِغَالِهِم بِالعِبَادَاتِ وَتَنوِيعِهِمُ الطَّاعَاتِ، وَاستِكثَارِهِم مِنَ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّهُ لَيَأتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيَامَةِ لا يَزِنُ عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " وَمَن بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لم يُسرِعْ بِهِ نَسَبُهُ " أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ هَذِهِ المَقَايِيسَ الدُّنيَوِيَّةَ الحَقِيرَةَ، تَذُوبُ يَومَ القِيَامَةِ وَتَذهَبُ، وَلا يَبقَى إِلاَّ العَمَلُ الصَّالِحُ الَّذِي بِهِ تَتَفَاوَتُ الدَّرجَاتُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 132] نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَبما قَدَّمُوا، وَلَيسَ مِمَّا ظَنُّوا وَأَمَّلُوا، وَلِكُلِّ عَامِلٍ مَنَازِلُ وَمَرَاتِبُ يُبَلِّغُهُ اللهُ إِيَّاهَا وَيَجزِيهِ بها، إِنْ خَيرًا فَخَيرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، قَالَ - سُبحَانَهُ - ﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 35 - 41] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - :﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [طه: 74 - 76] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 18 - 20] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 18 - 21] وَإِنَّمَا جَعَلَ اللهُ - تَعَالى - الجَنَّةَ دَرَجَاتٍ؛ لأَنَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - حَكَمٌ عَدلٌ لا يَظلِمُ أَحَدًا، وَلا يَهضِمُ عَامِلاً عَمَلاً، وَلأَنَّ عِبَادَهُ غَيرُ مُتَسَاوِينَ في الأَعمَالِ، فَمِنهُم مَن يَقتَصِرُ عَلَى الفَرَائِضِ وَيُحَافِظُ عَلَيهَا، فَهُوَ مِن أَهلِ الجَنَّةِ مَا دَامَ صَادِقًا في أَدَائِهَا كَمَا أُمِرَ إِخلاصًا وَاتِّبَاعًا، وَلَكِنَّهُ أَقَلُّ دَرَجَةً مِمَّن شَمَّرَ وَجَدَّ وَاجتَهَدَ، وَسَابَقَ وَسَارَعَ وَاستَبَقَ الخَيرَاتِ، فَحَافَظَ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَتَزَوَّدَ مِنَ النَّوَافِلِ، وَضَاعَفَ العَمَلَ وَضَرَبَ في كُلِّ بَابٍ مِنهُ بِسَهمٍ، فَهَذَا تَعلُو في الجَنَّةِ دَرَجَاتُهُ، وَتَعظُمُ بِحَسَبِ عَمَلِهِ حَسَنَاتُهُ، بَل وَعَلَى حَسَبِ عَمَلِهِ يَكُونُ قَبلَ ذَلِكَ وُقُوفُهُ في مَوقِفِ العَرضِ، ثم مَشيُهُ عَلَى الصِّرَاطِ وَوُرُودُهُ الجَنَّةَ، ثم تَرَقِّيهِ في الدَّرَجَاتِ وَسُكَنَاهُ الغُرُفَاتِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ أُدنِيَتِ الشَّمسُ مِنَ العِبَادِ، حَتَّى تَكُونَ قِيدَ مِيلٍ أَوِ اثنَينِ، فَتَصهَرُهُمُ الشَّمسُ، فَيَكُونُونَ في العَرَقِ بِقَدرِ أَعمَالِهِم، فَمِنهُم مَن يَأخُذُهُ إِلى عَقِبَيهِ، وَمِنهُم مَن يَأخُذُهُ إِلى رُكبَتَيهِ، وَمِنهُم مَن يَأخُذُهُ إِلى حِقوَيهِ، وَمِنهُم مَن يُلجِمُهُ إِلجَامًا " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصدُرُونَ عَنهَا بِأَعمَالِهِم، فَأَوَّلُهُم كَلَمحِ البَصرِ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَحُضرِ الفَرَسِ، ثُمَّ كَالرَّاكِبِ في رَحلِهِ، ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ ثُمَّ كَمَشيِهِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَفَي الحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي رَوَاهُ الحَاكِمُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " فَيُعطِيهِم نُورَهُم عَلَى قَدرِ أَعمَالِهِم، فَمِنهُم مَن يُعطَى نُورَهُ مِثلَ الجَبَلِ العَظِيمِ يَسعَى بَينَ يَدَيهِ، وَمِنهُم مَن يُعطَى نُورَهُ أَصغَرَ مِن ذَلِكَ، وَمِنهُم مَن يُعطَى مِثلَ النَّخلَةِ بِيَدِهِ، وَمِنهُم مَن يُعطَى أَصغَرَ مِن ذَلِكَ، حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُم رَجُلاً يُعطَى نُورَهُ عَلَى إِبهَامِ قَدَمَيهِ، يُضِيءُ مَرَّةً وَيُطفَأُ مَرَّةً، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَّمَ قَدَمَهُ، وَإِذَا أُطفِئَ قَامَ، فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدرِ نُورِهِم " وَفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَحَّهُ الأَلبَانيُّ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرآنِ: اِقرَأْ وَارتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنتَ تُرَتِّلُ في الدُّنيَا، فَإِنَّ مَنزِلَتَكَ عِندَ آخِرِ آيَةٍ تَقرَأُ بها " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلا أَدُلُّكُم عَلَى مَا يَمحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرَفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " إِسبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثرَةُ الخُطَا إِلى المَسَاجِدِ، وَانتِظَارُ الصَّلاةِ بَعدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ أَهلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءَونَ أَهلَ الغُرَفِ مِن فَوقِهِم كَمَا يَتَرَاءَونَ الكَوكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ في الأُفُقِ مِنَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ؛ لِتَفَاضُلِ مَا بَينَهُم " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، تِلكَ مَنَازِلُ الأَنبِيَاءِ لا يَبلُغُهَا غَيرُهُم! قَالَ: " بَلَى وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا المُرسَلِينَ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِن بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِن ظَاهِرِهَا " فَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الأَشعَرِيُّ: لِمَن هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: " لِمَن أَطَابَ الكَلامَ، وَأَطعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَالحَاكِمُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ الجَنَّةَ دَرَجَاتٌ بِحَسَبِ الإِكثَارِ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَاجتِنَابِ السَّيِّئَاتِ، وَأَفضَلُ تِلكَ الدَّرَجَاتِ هِيَ الفِردَوسُ الأَعلَى، فَمَن أَرَادَ سُكنَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ العَلِيَّةِ، فَلْيَستَمِعْ إِلى صِفَاتِ سَاكِنِيهَا، وَلْيَتَّصِفْ بها وَلْيُحَافِظْ عَلَيهَا لِينَالَ تِلكَ الدَّرَجَةَ بَعدَ رَحمَةِ اللهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 11].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنُحَافِظْ مَا استَطَعنَا عَلَى هَذِهِ الأَعمَالِ الجَلِيلَةِ وَالصِّفَاتِ النَّبِيلَةِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 32 - 37].

♦ ♦ ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَحِينَمَا نَرَى جُزءًا مِن عَالَمِنَا الإِسلامِيِّ في رَغَدٍ مِنَ العَيشِ وَرَفَاهِيَةٍ وَسَعَةٍ، وَأَمنٍ وَخِصبٍ وَاطمِئنَانٍ وَدَعَةٍ، وَآخَرِينَ في فَقرٍ وَعَوَزٍ وَقِلَّةِ ذَاتِ يَدٍ، أَو قَد تَسَلَّطَ الأَعدَاءُ عَلَيهِم فَأَذَاقُوهُم سُوءَ العَذَابِ وَآذَوهُم، وَأَخرَجُوهُم مِن دِيَارِهِم وَشَرَّدُوهُم، فَإِنَّنَا يَجِبُ أَن نَعلَمَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَجرِي لِحِكَمٍ عَظِيمَةٍ يَعلَمُهَا اللَّطِيفُ الخَبِيرُ - سُبحَانَهُ -، وَلَيسَ لِشَيءٍ مِمَّا نَظُنُّهُ مِن مَقَايِيسِنَا الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، فَمَا وُجُودُ الغِنى وَالتَّرَفِ وَالأَمنِ في قَومٍ بِدَلِيلٍ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ لَهُم وَتَفضِيلِهِ إِيَّاهُم عَلَى مَن سِوَاهُم، وَلا ابتِلاءُ آخَرِينَ بِالفَقرِ وَالمَسكَنَةِ وَالخَوفِ وَالجُوعِ لِكَونِهِ - تَعَالى - لم يَرضَ عَنهُم أَو لم يُحِبَّهُم، وَلَكِنَّ الجَمِيعَ مُبتَلَونَ، وَعَلَى كُلٍّ وَاجِبٌ بِحَسَبِ حَالِهِ، فَمَن كَانَ في النَّعمَاءِ وَالسَّرَّاءِ فَوَاجِبُهُ الشُّكرُ، وَمَن كَانَ في البَلاءِ وَالضَّرَّاءِ فَعَلِيهِ الصَّبرُ، وَمَن كَانَت هَذِهِ حَالَهُ وَاستَغفَرَ رَبَّهُ وَتَابَ مِن ذَنبِهِ، فَهُوَ السَّعِيدُ حَقًّا، غَيرَ أَنَّ لِمَنِ ابتُلِيَ بِالشَّرِّ في هَذِهِ الدُّنيَا وَهُوَ مُؤمِنٌ صَابِرٌ مَزِيدُ رِفعَةٍ عِندَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ بِسَبَبِ ابتِلائِهِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا يُصِيبُ المُؤمِنَ مِن شَوكَةٍ فَمَا فَوقَهَا إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ بها دَرَجَةً أَو حَطَّ عَنهُ بها خَطِيئَةً " رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَلا فَلا يَيأَسَنَّ أَحَدٌ مَهمَا ابتُلِيَ في نَفسِهِ أَو مَالِهِ أَو أَمنِهِ أَو وَطَنِهِ أو غَيرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ العَاقِبَةَ لَهُ عِندَ اللهِ، وَلا سِيَّمَا أُولَئِكَ المُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللهِ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 95، 96] وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَن يُدخِلَهُ الجَنَّةَ جَاهَدَ في سَبِيلِ اللهِ أَو جَلَسَ في أَرضِهِ الَّتي وُلِدَ فِيهَا " قَالُوا: أَفَلا نُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: " إِنَّ في الجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللهُ لِلمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللهِ، مَا بَينَ الدَّرَجَتَينِ كَمَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ، فَإِذَا سَأَلتُمُ اللهَ فَاسأَلُوهُ الفِردَوسَ؛ فَإِنَّهُ أَوسَطُ الجَنَّةِ وَأَعلَى الجَنَّةِ؛ وَفَوقَهُ عَرشُ الرَّحمَنِ، وَمِنهُ تَفَجَّرَ أَنهَارُ الجَنَّةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • دعهم يعملوا
  • تفسير آية: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات}
  • أيها المسلمون.. اعملوا

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • { ولكل وجهة هو موليها }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • احلقوا كله أو اتركوا كله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مؤسسة إسلامية تدعم مئات المتضررين من فيروس كورونا جنوب لندن
  • 113 مسلما جديدا في قرية دوبون وامادو شمال غانا
  • إصدار العدد السادس من مجلة لتعارفوا الدعوية
  • مسلمون يطلقون مبادرة لمساعدة الأسر المتضررة من كورونا في أمريكا
  • مسلمو مدينة كانتربري يساعدون الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا
  • بناء مدرسة إسلامية ومسجدان ومسلمون جدد في جامبيا ومدغشقر
  • دورة قرآنية افتراضية بعنوان من الظلمات إلى النور
  • بدء توزيع ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإسبانية في إسبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1442هـ / 2021م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/6/1442هـ - الساعة: 10:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب