• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

ستر المسلم

محمد الطايع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/3/2010 ميلادي - 28/3/1431 هجري

الزيارات: 249386

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ستر المسلم

 

إن الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أمَّا بعد:
فقد قال تعالى: ﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [النساء: 148]، فكلُّ ما كان سيِّئًا من القول، فالجهر به لا يحبُّه الله عزَّ وجلَّ؛ لأن هذا فيه نشرٌ للرذيلة بين العباد، فإذا أَذنَب شخصٌ ذنبًا أو ارتكَبَ كبيرةً؛ كأنْ قتَل نفسًا بغير حق، أو زنا أو سرق، فبابُ التوبة مفتوح للعبد؛ لقول النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((إنَّ الله يبسُط يدَه بالليل ليتوب مسيءُ النهار، ويبسُط يدَه بالنهار ليتوب مسيءُ الليل، حتى تطلُع الشمسُ مِن مَغربها))[1].
تعريف الستر:
الستر لغة: تغطية الشيء، وستَر الشيءَ يستُرُه سترًا؛ أي: أخفاه، وتستَّر؛ أي: تغطَّى، وفي الحديث: ((إن الله حَيِيٌّ سِتِّير يحبُّ الحياء والستْر))[2]؛ أي: مِن شأنِه وإرادته حبُّ الستر والصوْن لعباده، ويُقال: رجل ستور وسِتِّير؛ أي: عفيف[3].
الستر اصطلاحًا: ستْر المسلم: هو تغطية عيوبه، وإخفاء هناته[4]، وعرَّفه ابنُ حجر رحمه الله عند شرح قوله صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((مَن سَتَرَ مسلمًا))[5] قائلًا: "أي: رآه على قبيحٍ فلم يُظهِره؛ أي: للناس، وليس في هذا ما يقتضي تَرْكَ الإنكار عليه فيما بينه وبينه، ويحمل الأمر في جواز الشهادة عليه بذلك على ما إذا أنكَر عليه ونصحه فلم ينتهِ عن قبيحِ فعلِه ثم جاهَر به، كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء، فلو توجَّه إلى الحاكم وأقرَّ لم يمتنع ذلك، والذي يظهر أن الستر محلُّه في معصية قد انقضَتْ، والإنكار في معصية قد حصل التلبُّس بها، فيجب الإنكار عليه، وإلا رفَعَه إلى الحاكم، وليس مِن الغيبة المحرَّمة، بل مِن النصيحة الواجبة"[6].
وعرَّفه النووي رحمه الله بأنه: "الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممَّن ليس هو معروفًا بالأذى والفساد"[7].
حثُّ الإسلامِ على الستر على المسلمين:
لقد كثرَت النصوصُ التي تحثُّ على ستر المسلم، وتحذِّر مِن تتبُّع عوراته وزلَّاته لِيُفضَح بين الناس، مِن ذلك:
1- قوله صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((مَن ستَر مسلمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامة))[8].
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((مَن ستَر عورةَ أخيه المسلمِ، سَتَرَ اللهُ عورتَه يومَ القيامة، ومَن كشفَ عورةَ أخيه المسلم، كشفَ اللهُ عورتَه حتى يفضحه بها في بيته))[9].

وقد رُوِي عن بعض السلف أنه قال: أدركتُ قومًا لم يكُن لهم عيوب، فذكروا عيوبَ الناس، فذكر الناس عيوبهم، وأدركتُ قومًا كانت لهم عيوب، فكفُّوا عن عيوب الناس فنُسِيت عيوبهم.

وشاهِدُ هذا حديث أبي بَرْزَةَ رضِي الله عنه، عن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم؛ أنه قال: ((يا معشر مَن أسلم بلسانه ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تُعَيِّروهم، ولا تتَّبعوا عوراتهم؛ فإنه مَن يتبع عثراتِ أخيه المسلمِ يتبع اللهُ عورتَه، ومَن يتبع اللهُ عورتَه يفضحه ولو في جوف رَحْلِه))[10].

ومعنى الستر هنا عامٌّ لا يتقيَّد بالستر البدني فقط، أو الستر المعنوي فقط، بل يشملهما جميعًا، فمَن ستَر مسلمًا ستَرَه الله في الدنيا والآخرة؛ ستَر بَدَنه كأن رأى منه عورة مكشوفة فستَرَها، أو رأتِ امرأة شيئًا مِن جسدِ أختِها مكشوفًا غيرَ منتبهةٍ إليه فغطَّتْه، وستَره معنويًّا فلم يُظهر عيبَه، فلم يسمح لأحدٍ أن يَغتابه ولا أن يَذمَّه، مَن فعل ذلك ستَرَه الله في الدنيا والآخرة، فلم يفضحه بإظهار عيوبه وذنوبه.

بل بلغتْ عناية الإسلام بهذا الجانب الاجتماعيِّ الراقي إلى الحثِّ على أن يستر المظلومُ عن الظالم، جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية"[11]: "قال العلماء: إنه يجب على المسلم أن يستُر أخاه المسلم إذا سأله عنه إنسانٌ ظالمٌ يريد قتله، أو أخذ ماله ظلمًا، وكذا لو كان عنده أو عند غيره وديعةٌ وسأل عنها ظالمٌ يريد أخْذَها، يجب عليه ستْرُها وإخفاؤها، ويجب عليه الكذب بإخفاء ذلك، ولو استحلَفَه عليها لزمَهُ أن يحلف، ولكن الأحوط في هذا كله أن يُوَرِّيَ، ولو ترَك التورية وأطْلق عبارة الكذب، فليس بحرامٍ في هذه الحال[12].

واستدَلُّوا على جواز الكذب في هذه الحال بحديث أم كلثوم رضي الله عنها: أنها سمعت رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم يقول: ((ليس الكذَّاب الذي يُصلِح بين الناس فيُنمي خيرًا، أو يقول خيرًا))[13].
الله سِتِّير يحبُّ الستر:
والله سبحانه وتعالى "سِتِّير" يحب الستر والصون على عباده، قال السيوطي رحمه الله: "يعني: أن الله تعالى تارِكٌ للقبائح، ساتِرٌ العيوب والفضائح"[14]، وقال الطيبي رحمه الله: "يعني: أن الله تبارك وتعالى تارِك للقبائح، ساتر للعيوب والفضائح، يحبُّ الحياء والتستر مِن العبد؛ لأنهما خصلتان تُفْضِيَان به إلى التخلُّق بأخلاق الله تعالى"[15].
وهو أوَّل معافاة الله عزَّ وجلَّ لعبده؛ كما أخرج أبو نعيم عن بلال بن يحيى العبسي الكوفي مرسلًا، قال: "إنَّ معافاة الله العبدَ في الدنيا أن يستر عليه سيئاتِه"[16].

ثم يتمُّ اللهُ نعمته على هذا العبد؛ كما قال النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((لا يَستُر اللهُ على عبدٍ في الدنيا إلا ستَرَه اللهُ يوم القيامة))[17].
وقال صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((إنَّ الله يُدنِي المؤمنَ، فيضع عليه كَنفَهُ ويستُره، فيقول: أتعْرِف ذنبَ كذا؟ أتعرف ذنبَ كذا؟ فيقول: نعم، أي رب، حتى إذا قرَّره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلَك قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم؛ فيُعطَى كتابَ حسناتِه))[18].
من متطلَّبات هذا الستر:
أنْ يستر عليه ذنْبَه في الدنيا:
أجمع العلماءُ على أنَّ مَن اطَّلع على عيبٍ أو ذنبٍ أو فجورٍ لمؤمن مِن ذوي الهيئات، أو نحوهم ممَّن لم يُعرَف بالشر والأذى، ولم يشتهر بالفساد، ولم يكن داعيًا إليه؛ كأن يَشرب مسْكرًا أو يزني أو يفجر متخوِّفًا متخفيًا غير مُتهتِّك ولا مجاهر - يُندَب له أن يستُره، ولا يكشِفه للعامَّة أو الخاصَّة، ولا للحاكم أو غير الحاكم[19]؛ كما قال صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((مَن عَلِمَ مِن أخيه سيئة فسترها عليه، ستر الله عليه يوم القيامة))[20].

وخصوصًا إذا كان ممَّن يُنسَب لأهل الدِّين، والطعنُ فيه طعنٌ في الإسلام، والعيبُ عليه عيبٌ في أهل الإسلام، وقد قال صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((أقِيلوا ذوي الهيئاتِ عثراتهم إلا الحدود))[21].

وقال فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي: "يُستحبُّ السترُ مطلقًا على مرتكِب المعصية الموجِبة للحد قبل الرفع إلى الإمام"[22].

لكن المجاهر بالمعصية له شأن آخر، قال العلماء: "وأمَّا المجاهر والمتهتِّك فيستحبُّ ألا يستر عليه، بل يظهر حاله للناس حتى يجتنبوه، وينبغي رفْع أمْره للقاضي حتى يُقيم عليه ما يَستحقُّه"؛ لأن سترَ مثل هذا الرجل أو المرأة يُطمعه في مزيدٍ مِن الأذى والمعصية، وإذا كانت غيبة المسلمين حرامًا، فإن هذا الرجلَ قد أباح للناس أن يتكلَّموا في شأنه بمجاهرته، فأجاز العلماء غيبةَ المجاهر بفِسْقه أو ببدعتِه، كالمجاهر بشُرب الخمر وغيره، وكما قال الإمام أحمد رحمه الله: "إذا كان الرجُل معلِنًا بفِسْقه فليس له غيبة"[23].

لكن العلَّامة النووي رحمه الله أشار إلى أن غيبتَه فيما جاهَر فيه فقط، ويُهتَك فيما جاهَر فيه، ويُحذَّر مِن شأنه، وأمَّا هجرُه، فإذا كان يرتدِع به فيجب الهجر، والهجر بالمقاطعة وعدم الكلام، وعدم الزيارة وعدم السلام عليه.

قال الإمام أحمد رحمه الله: "ليس لِمَن يسْكر ويُقارف شيئًا مِن الفواحش حُرمة ولا صِلة إذا كان معلِنًا مكاشفًا"[24].
أن يستر على مَن غسَّله من الأموات:
قال صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((مَن غسَّل ميتًا فكتم عليه، غفر الله له أربعين مرة"[25].
ألَّا يتتبَّع عورات المسلمين:
فإنَّ تتبُّع عوراتِ المسلمين علامةٌ من علامات النفاق، ودليلٌ على أن الإيمان لم يستقرَّ في قلب ذلك الإنسان الذي همُّه أن ينقِّب عن مساوئ الناس ليُعلنها بين الملأ، كما تقدَّم في الحديث؛ لأن الأصل في المسلم أن يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه.
أن يخلص له النصيحة والدعاء بالهداية:
أن يدعو له بالاستقامة والصلاح، وأن ينصحه في السر، فهذا أَحْرَى لقبول النصيحة؛ كما قال الإمام الشافعي رحمه الله [26]:
تَعَمَّدْنِي بِنُصْحِكَ فِي انْفِرَادِي        وَجَنِّبْنِي النَّصِيحَةَ فِي الجَمَاعَهْ
فَإِنَّ  النُّصْحَ  بَيْنَ  النَّاسِ  نَوْعٌ        مِنَ التَّوْبِيخِ لَا أَرْضَى اسْتِمَاعَهْ
وَإِنْ خَالَفْتَنِي وَعَصَيْتَ  قَوْلِي        فَلَا تَجْزَعْ إِذَا لَمْ  تُعْطَ  طَاعَهْ
دواعي الستر على الناس:
تذكُّر المرء عيوب نفسه:
الاشتغال بعيوب الناس سببٌ في فضح عيوب المشتغِل، والسكوت عن عيوب الناس سببٌ في ستر الله للعبد، ومَن نظَر لعيوب نفسه شغلتْه عن عيوب الناس؛ قال صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((يُبصِر أحدُكم القَذَى في عين أخيه، وينسَى الجذع في عينِه))[27].

قال الشاعر[28]:
إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَلِيمًا مِنَ الأَذَى        وَذَنْبُكَ   مَغْفُورٌ   وَعِرْضُكَ    صَيِّنُ
فَلَا  يَنْطَلِقْ  مِنْكَ   اللِّسَانُ   بِسَوْءَةٍ        فَلِلنَّاسِ   سَوْءَاتٌ   وَلِلنَّاسِ    أَلْسُنُ
وَعَيْنُكَ  إِنْ   أَبْدَتْ   إِلَيْكَ   مَعَايِبًا        لِقَوْمٍ فَقُلْ:  "يَا  عَيْنُ  لِلنَّاسِ  أَعْيُنُ"
التفكُّر في فضل الستر على الناس:
عن أبي هريرة رضِي الله عنه: عن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم قال: ((لا يَستُر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستَرَه اللهُ يوم القيامة))[29].
وعنه رضِي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((مَن ستَر مسلمًا ستَرَه اللهُ في الدنيا والآخرة))[30].
وقال صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((مَن رأى عورةً فسترها، كان كمَن أحيا موءودةً مِن قبرها))[31].

قال محمد آبادي رحمه الله: "المعنى: مَن عَلِمَ عيبًا أو أمرًا قبيحًا في مسلم، وقال العزيزي: أي: خصلة قبيحة مِن أخيه المؤمن، ولو معصية قد انقضَتْ ولم يتجاهَر بفعلها ((كان كمَن أحيا))؛ أي: كان ثوابه كثواب مَن أحيا ((موءودة))؛ بأن رأى أحدًا يريد وَأْدَ بنتٍ فمَنَع أو سعَى في خلاصها ولو بحيلة، وقيل: بأن رأى حيًّا مدفونًا في قبرٍ فأخرج ذلك المدفون مِن القبر كيلا يموت، قال المناوي رحمه الله[32]: وجْه الشَّبَه: أن الساتر دفَع عن المستور الفضيحة بين الناس التي هي كالموت، فكأنه أحياه، كما دفع الموت عن الموءودة مَن أخرجها مِن القبر قبل أن تموت"[33].
التفكر في مغبَّة فضح الناس:
عن ابن عباس رضي الله عنهما: عن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم، قال: ((مَن ستَر عورةَ أخيه المسلم، ستَر اللهُ عورتَه يوم القيامة، ومَن كشف عورةَ أخيه المسلم، كشف اللهُ عورته حتى يفضحه بها في بيته))[34].
عدم الستر على العاصي قد يدفعه لمزيدٍ من المعصية:
قال شقيق بن إبراهيم رحمه الله: "استِتْمامُ صلاحِ عملِ العبدِ بستِّ خصال: تضرُّعٌ دائم وخوف مِن وعيده، والثاني: حُسْن ظنِّه بالمسلمين، والثالث: اشتغاله بعيبه ولا يتفرَّغ لعيوب الناس، والرابع: يستُر على أخيه عيبَه ولا يُفشي في الناس عيبَه؛ رجاء رجوعه عن المعصية واستصلاحِ ما أفسَده مِن قبل، والخامس: ما اطَّلع عليه مِن خسَّةٍ عَمِلَها استعظَمَها؛ رجاء أن يرغب في الاستزادة منها، والسادسة: أن يكون صاحبُه عنده مصيبًا"[35].
عدم الستر قد يَنشر السوء:
فكشف هذه العورات والعيوب والتحدُّث بما وقع منه قد يؤدِّي إلى غيبة محرَّمة، وإشاعةٍ للفاحشة، قال بعض العلماء[36]: "اجتهِد أن تَستُر العصاة؛ فإنَّ ظهور معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام، وأولى الأمورِ ستْر العيوب".
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير"[37].
ستر المؤمن على نفسه:
ثم إنَّ مِن أبغضِ المخالفات لهذا الستر فضْح الإنسانِ نفسَه؛ كما قال صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((كلُّ أمَّتي معافًى إلا المجاهرين، وإنَّ مِن المجاهَرة أن يَعمل الرجُل بالليل عملًا، ثم يُصبح وقد ستره اللهُ، فيقول: عمِلتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يَستُره ربُّه، ويُصبح يكشِف سترَ اللهِ عنه))[38].


فيندب للمسلم إذا وقعتْ منه هفوة أو زلَّة أن يَستر على نفسه، ويتوب بينه وبين الله عز وجل، وألَّا يَرفع أمْره إلى السلطان، ولا يكشفه لأحدٍ كائنًا ما كان؛ لأن هذا مِن إشاعة الفاحشة التي توعَّد فاعلها بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ [النور: 19]، ولأنه هتكٌ لستر اللهِ سبحانه وتعالى، ومجاهَرة بالمعصية[39]؛ قال النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((اجْتَنِبوا هذه القاذورة، فمَن ألَمَّ فليستترْ بستر الله وليتُبْ إلى الله؛ فإنَّ مَن يُبدِ لنا صفحتَه نُقِم عليه كتابَ الله))[40].

الخلاصة:
1- يحبُّ اللهُ سبحانه وتعالى الستر على الخلْق، ويأمُر به.
2- فضل الستر على المسلمين عظيم، وهو سبب لستر الله في الدنيا والآخرة.
3- النهي عن تتبُّع عورات المسلمين والتجسُّس عليهم.
4- عقوبة مَن فعَل ذلك أن الله يفضحه ويُظهِر للناس ما يستره عنهم.
5- الستر على المخطئ أحيانًا يكون مِن سبل الحفاظ على استقرار المجتمع، وحمايته مِن الرذيلة.
6- الأمْر بالستر لا يَشمل الدعاة للفجور، ومَن يظنُّ تأثُّر العامَّة به.
7- أحقُّ الناس بالستر على المسلم نفسُه، فلا يجاهر بالمعصية، ولا يفضح نفسَه بمعصيةٍ ستَرَها الله عليه.
8- استحباب إقالة ذوي الهيئات عثراتهم ما لم تَبلُغ حدًّا.

والحمد لله الذي تتمُّ بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى أتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.



[1] أخرجه مسلم (4/ 2113، رقم 2759).
[2] أخرجه أحمد (4/ 224، رقم 17999)، وأبو داود (4/ 39، رقم 4012)، والنسائي (1/ 200، رقم 406).والبيهقي (1/ 198، رقم 908).
[3] "مقاييس اللغة" (3/ 132)، و"مفردات الراغب" (229)، و"الصحاح" (2/ 677)، و"النهاية" (2/ 341)، و"لسان العرب" (4/ 343- 345).
[4] "الترغيب والترهيب"؛ للمنذري (3/ 237).
[5] سيأتي تخريجه.
[6] "فتح الباري" (5/ 97).
[7] "شرح النووي على صحيح مسلم" (16/ 135)، وانظر: "الآداب الشرعية" (1/ 235).
[8] أخرجه البخاري (2/ 862، رقم 2310)، ومسلم (4/ 1996، رقم 2580).
[9] أخرجه ابن ماجه (2/ 850، رقم 2546).
[10] أخرجه الترمذي (4/ 378، رقم 2032) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقال: حسَن غريب، أخرجه الطبراني (11/ 186، رقم 11444)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال الهيثمي (8/ 94): رجاله ثقات.
[11] "الموسوعة الفقهية الكويتية" (24/ 171).
[12] "القوانين الفقهية" (ص 434)، "دليل الفالحين" (4/ 382)، و"الأذكار"؛ للإمام النووي (ص 580).
[13] أخرجه البخاري (2/ 958، رقم 2546)، ومسلم (4/ 2011، رقم 2605).
[14] "شرح سُنن ابن ماجه" (1/ 275).
[15] "مرقاة المفاتيح" (2/ 137)، و"حاشية السندي على سُنن النسائي" (1/ 200).
[16] أورده الحافظ في "الإصابة" (1/ 364، ترجمة 828) وعزاه للحسن بن سفيان في الوحدان وأبى نعيم، وقال: قال أبو نعيم: أراه العبسي الكوفي صاحب حذيفة، قلتُ: وهو كما ظن؛ فإن حبيب بن سالم معروف بالرواية عنه، وهو تابعي معروف حتى قيل: إن روايته عن حذيفة مرسَلة.
[17] أخرجه مسلم (4/ 2002، رقم 2590).
[18] أخرجه البخاري (2/ 862، رقم 2309)، ومسلم (4/ 2120، رقم 2768).
[19] "الموسوعة الفقهية الكويتية" (24/ 169).
[20] أخرجه الطبراني (17/ 349، رقم 962)، قال الهيثمي (1/ 134): رجاله رجال الصحيح، وأخرجه أيضًا: أحمد (4/ 104، رقم 17001)، والرافعي (3/ 93).
[21] أخرجه أبو داود (4/ 232، رقم 4377)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم 638)، و"صحيح الجامع" (رقم 1185)، و(ذوو الهيئات): هم أهل المروءة والصلاح الذين لا يُعرفون بالشر، (عثراتهم): زلَّاتهم.
[22] "الفقه الإسلامي وأدلته" (7/ 464).
[23] "الآداب الشرعية" (1/ 261)، و"غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (1/ 83)، وانظر: "حاشية رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار" (6/ 409).
[24] "الآداب الشرعية" (1/ 252)، و"غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (1/ 200).
[25] أخرجه البيهقي في "الكبرى" (3/ 395)، الطبراني (1/ 315 رقم 929)، قال الهيثمي (3/ 21): رجاله رجال الصحيح، والحاكم (1/ 505، رقم 1307) وقال: صحيح على شرط مسلم.
[26] "ديوان الإمام الشافعي" (1/ 63).
[27] أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1/ 207، رقم 592)، وابن حبان (13/ 73، رقم 5761)، والقضاعي (1/ 356، رقم 610)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 311، رقم 6761)، وابن المبارك (ص 70، رقم 212)، وصحَّحه الألباني في "صحيح الجامع" (8013).
[28] "لباب الآداب"؛ لأسامة بن منقذ (1/ 102)، "تاريخ النور السافر عن أخبار القرن العاشر" (1/ 362)، و"شذرات الذهب في أخبار من ذهب" (3/ 350)، و"السحر الحلال في الحكم والأمثال" (1/ 110).
[29] أخرجه مسلم (4/ 2002، رقم 2590).
[30] أخرجه عبد الرزاق (10/ 228، رقم 18936)، وأحمد (4/ 104، رقم 17000)، وابن أبى الدنيا في "قضاء الحوائج" (ص 95، رقم 113)، والخطيب (13/ 155).
[31] أخرجه البخاري في "الأدب" (1/ 266، رقم 758)، وأبو داود (4/ 273، رقم 4891)، والحاكم (4/ 426، رقم 8162) وقال: صحيح الإسناد، والبيهقي (8/ 331، رقم 17387)، والنسائي في "الكبرى" (4/ 307، رقم 7281)، والطبراني (17/ 319، رقم 883).
[32] "فيض القدير" (6/ 130)، وانظر: "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 417).
[33] "عون المعبود" (5/ 168).
[34] سبق تخريجه.
[35] "حلية الأولياء" (8/ 66).
[36] "الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية" (1/ 441)، و"جامع العلوم والحكَم" (1/ 340)، و"ذيل طبقات الحنابلة" (1/ 111).
[37] "جامع العلوم والحكَم" (1/ 82)، و"غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (1/ 84).
[38] أخرجه البخاري (5/ 2254، رقم 5721)، ومسلم (4/ 2291، رقم 2990).
[39] "دليل الفالحين" (2/ 29)، و"الآداب الشرعية" (1/ 267)، و"الأذكار"؛ للإمام النووي (ص 567)، و"جواهر الإكليل" (2/ 289)، و"مغني المحتاج" (4/ 150).
[40] أخرجه الحاكم (4/ 425، رقم 8158).والبيهقي (8/ 330، رقم 17379)، قال المناوي (1/ 155): قال الحاكم: على شرطهما، وتعقَّبه الذهبي فقال: غريب جدًّا، لكنه في "المهذب" قال: إسناده جيِّد، وصحَّحه ابن السكن، وذكره الدارقطني في "العلل" وصحَّح إرساله.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استر ما ستره الله عليك
  • الستر

مختارات من الشبكة

  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (18)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (20)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسماء الله الحسنى (الغفور)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل من ستر عورة مسلما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعريف بالجن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • سلسلة أسباب الفوز بستر الله جل جلاله (8)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ستر المسلمين (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: الستر على المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
أبو لقمان الجزائري - الجزائر 23-08-2015 02:31 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقكم الله أجمعين لما يحب ويرضى
لا تنسوني من صالح دعائكم
وجزاكم الله خيرا

3- اللهم استرنا بسترك الذي لا ينكشف
خالد محمود 19-04-2015 02:26 PM

اللهم استر علينا بسترك وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم استر علينا وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم

2- بارك الله بكم
ميمي - السعوديــة 17-03-2010 07:51 PM
ياستير أستر عيوبنا واغفر ذنوبنا وارحمنا برحمتكم
بارك الله بكم
1- بوركتم
عباس - السعودية 16-03-2010 04:14 PM
بارك الله فيكم وجزاكم خيراً على المقال الرائع
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب