ما رواه مسلم من طريق البصريين عن معمر بن راشد

ما رواه مسلم من طريق البصريين عن معمر بن راشد

• حديث ((تُشَدُّ الرِّحالُ إلى ثلاثة مساجد...)).

أخرجه مسلم[1] من طريق عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة.

توبع معمر عن الزهري: تابعه سفيانُ بن عيينة، وأخرج حديثه مسلم[2]، ولفظه: (( لاتُشَدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد... )).

• حديث (( من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس... )).

أخرجه مسلم[3]من طريق معتمر بن سليمان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، عن أبي هريرة.

و (معتمر بن سليمان[4]) بصري، يحتاج إلى من يتابعه معمر، وقد تابعه عبد الله بن المبارك، وأخرج حديثه مسلم[5].

• حديث (( تَفْضُل صلاة في الجميع على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين درجة ))...

أخرجه مسلم[6]من طريق عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

توبع معمر عن الزهري، تابعه مالك بن أنس، وأخرج حديثه مسلم[7].

وخالفهما شعيب، فقال: عن الزهري قال: أخبرني سعيد وأبو سلمة، أن أبا هريرة... الحديث أخرجه مسلم[8]أيضاً.

ومثل هذا الاختلاف موجود عند البخاري في حديث آخر، وصنيع الشيخين يقتضي أن الطريقين صحيحان، وأن هذا الاختلاف ليس بقادح؛ لأن الزهري كثير الشيوخ، وهو محمول على أن الحديث سمعه من شيخين[9]، والله أعلم.

• حديث (( أوتروا قبل أن تصبحوا )).

أخرجه مسلم[10]من طريق عبد الأعلى، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.

توبع معمر عن يحيى، تابعه شيبان بن عبد الرحمن، وأخرج حديثه مسلم[11].

• حديث: (( من شهد الجنازة حتى يُصَلَّى عليها فله قيراط... )).

أخرجه مسلم[12]من طريق عبد الأعلى وعبد الرزاق كلاهما عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.

وخولف معمر: فرواه يونس، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة. أخرجه مسلم[13] أيضاً.

ولهذه المخالفة نظائر تقدمت، وهي غير قادحة؛ لذا قال الدارقطني[14]: (( القولان محفوظان )).

• حديث: (( مامن مولودٍ يُولَدُ إلا نَخَسَهُ الشيطانُ فيَسْتَهِلُّ صارخاً... )).

أخرجه مسلم[15]من طريق عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة.

وتوبع عبد الأعلى: فرواه عبد الرزاق عن معمر، وتوبع معمر: فرواه شعيب عن الزهري، وقرن مسلم بين الطريقين في إسناد واحد[16].

• حديث: (( ما من مولودٍ إلا يُولَدُ على الفِطْرةِ... )).

أخرجه مسلم[17]من طريق عبد الأعلى وعبد الرزاق، كلاهما عن معمر، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة.

وأخرجه أيضاً[18]من طريق الزبيدي، عن الزهري، به.

فهذه متابعتان: الأولى لعبد الأعلى عن معمر، والثانية لمعمر عن الزهري.

وما تقدم أحد الأوجه لهذا الحديث عن الزهري، وله أوجه أخرى ذكرها الدارقطني[19]، ثم قال: (( ويشبه أن تصح الأقاويل )).

• حديث: نهى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح عن متعة النساء.

أخرجه مسلم[20]من طريق ابن عُليّة، عن معمر، عن الزهري، عن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني، عن أبيه.

و (ابن عُلَيَّة) هو إسماعيل بن إبراهيم البصري[21]يروي عن معمر، وقد توبع معمر: تابعه سفيان بن عيينة، وصالح بن كَيْسان، عن الزهري[22]به، والحديثان أخرجهما مسلم.

• حديث: (( لاتَزالُ المسألةُ بأحدِكُم حتى يَلْقَى اللهَ وليس في وجهه مُزْعةُ لحمٍ )).

أخرجه مسلم[23]من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وإسماعيل بن إبراهيم، عن معمر، عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه.

هذا حديث من رواية اثنين من أهل البصرة: عبدِ الأعلى وإسماعيلَ بنِ إبراهيم، عن معمر.

وفي مسلم[24] متابعة لشيخ معمر: عبدِ الله بن مسلم، تابعه عبيد الله بن أبي جعفر، عن حمزة، عن أبيه.

• حديث: (( ليس الكذابُ الذي يُصْلِحُ بين الناس ويقولُ خيراً... )).

أخرجه مسلم[25]من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن معمر، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط.

وتوبع معمر عن الزهري: تابعه يونس بن يزيد، وصالح بن كيسان، وحديثهما عند مسلم[26].

ورواه عمرو بن فائد الأسواري[27]، عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة.

قال الدراقطني[28]: (( ووهم فيه على معمر، والصواب عن معمر وغيره، عن الزهري، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة )) أي: بمثل ماتقدم عند مسلم.

• حديث: (( لايُقِيمَنَّ أحدُكم أخاه ثم يجلس في مجلسه )).

أخرجه مسلم[29]من طريق عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر.

توبع عبد الأعلى عن معمر: تابعه عبد الرزاق، وأخرج حديثه مسلم[30].

• حديث: أن رجلاً اطَّلع من جحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم... (في النهي عن النظر في بيوت الآخرين).

أخرجه مسلم[31]من طريق عبد الواحد، عن معمر، عن الزهري، عن سهل بن سعد.

وتوبع معمر، عن الزهري: تابعه الليث، ويونس، وسفيان، وأحاديثهم عند مسلم[32].

• حديث (( إنَّ هذا الوَجَعَ أو السَّقَمَ رِجْزٌ... )) يعني: الطاعون.

أخرجه مسلم[33]من طريق عبد الواحد، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أسامة بن زيد.

وتوبع معمر، عن الزهري: تابعه يونس، وأخرج حديثه مسلم[34].

• حديث: (( لاتباغضوا ولا تحاسدوا... )).

أخرجه مسلم[35]من طريق يزيد بن زُريع، عن معمر، عن الزهري، عن أنس.

وتوبع يزيد بن زريع: تابعه عبد الرزاق، عن معمر، وقرن مسلم بينهما في إسناد واحد.

وتوبع معمر: فرواه مالك، ومحمد بن الوليد، ويونس، وسفيان، أربعتهم عن الزهري[36].

• حديث (( لايكون اللعّانون شفعاء ولاشهداء يوم القيامة )).

أخرجه مسلم[37]من طريق معتمر بن سليمان، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء.

وتوبع معتمر بن سليمان: تابعه عبد الرزاق، عن معمر، وقرن مسلم بينهما في إسناد واحد.

وتوبع معمر: تابعه حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، وأخرج حديثه مسلم[38].

• حديث (( مثل المؤمن كمثل الزرع... )).

أخرجه مسلم[39]من طريق عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة.

وتوبع عبد الأعلى: فرواه عبد الرزاق، عن معمر، وأخرج حديثه مسلم[40].

• حديث: (( احتجَّتِ الجنَّةُ والنارُ... )).

أخرجه مسلم[41]من طريق أبي سفيان محمد بن حُميد، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة.

وأخرجه عبد الرزاق[42]، عن معمر، عن همام بن مُنبِّه، عن أبي هريرة، مرفوعاً.

ثم قال: (( قال معمر: وأخبرني أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله )).

وهذا يدل على أن الحديث عند معمر على وجهين: وصل عبد الرزاق أحدهما، وعلَّق الثاني الذي وصله أبو سفيان محمد بن حميد أولاً.

فأما مسلم[43] فقد أخرجه من الطريقين، وأما البخاري[44]فقد اقتصر على طريق عبد الرزاق، ولعل صنيعه هذا من قبيل ترجيح رواية غير البصريين عن معمر على رواية البصريين عنه، والله أعلم.

وبعد، فهذه ثمانية وثلاثون حديثاً من رواية البصريين عن معمر، اشتمل عليها أصح كتب السنة: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وقد التزم الشيخان في إخراجها غالباً بشرط موافقة غير البصريين، فقد احتوى الكتابان على متابعات مختلفة لواحد وثلاثين حديثاً من تلك الأحاديث: كانت المتابعة في ستة عشر حديثاً منها لمعمر، وهي الأحاديث ذات الأرقام الآتية: (2، 5، 7، 8، 9، 12، 15، 18، 19، 22، 24، 25، 29، 31، 33، 34)، وخمسة أحاديث كانت المتابعة فيها لتلميذه البصري، وهي (13، 23، 26، 32، 37)، وسبعة أحاديث كانت متابعاتها للشيخ والتلميذ معاً، وهي: (1، 4، 17، 27، 28، 35، 36)، وجاءت المتابعة في حديث رقم (30) لشيخ معمر، وفي حديث رقم (10 و 14) للتابعي، كما اشتملت عشرة أحاديث مما تقدم على أكثر من متابعة، وهي: (4، 8، 13، 14، 17، 27، 28، 31، 33، 35).

وجاء حديث (20، 21) وهما عند البخاري بدون متابعة، أولهما معلق، والثاني متابعة، فليس لهما حكم الأحاديث المسندة في الكتاب.

وجاءت المتابعة عند البخاري في حديث (11) غير قوية؛ لأنها من رواية بصري عن معمر أيضاً، فذكرت له متابعة من (( صحيح مسلم )) تحقق الشرط المطلوب.

وأشار البخاري في الحديث رقم (6) إلى المتابعة ولم يسندها، وقد أخرجتها مسندة من (( السنن الكبرى )) للبيهقي.

وذكر الحديث المتقدم برقم (16) بدون متابعة، وأوردت نقولاً عن عدد من الأئمة تقويه وترجحه.

وأخرج الشيخان حديث (3)، ومسلم فقط حديث (38)، بدون متابعة وفي سنديهما مخالفةلروايات أخرى عندهما، وقد أوردت عن الأئمة مايبرر مثل تلك المخالفة ويجعلها غير قادحة.

وهذه النتيجة تُعَرِّفنا بجهود أئمة الحديث عموماً، وبجهود الإمامين الجليلين البخاري ومسلم خصوصاً، وتوقفنا على المنهجية والدِّقَّة عندهما، وتزيدنا اطمئناناً بالصحيحين من خلال مراعاة شروط قبول رواية كل من أخرجا له، والالتزام بإخراج أصح الأحاديث المسندة.